" يوجد في كثير من الجوامع الكبيرة أناسٌ يفتاتون على الإمام الراتب ، أي : يتقدمون بالصلاة جماعة عليه قبل أن تقام له ، فيختزلون من الجامع ناحية يؤمون بها أناساً على شاكلتهم ، رغبة في العجلة ، أو حباً في الانفراد للشهرة .
وقد اتفقت الحنابلة والمالكية على تحريم أن يُؤم في مسجد قبل إمامه الراتب... وكره ذلك الشافعية ، وأفتى ابن حجر بمنعه بتاتاً، وصرح الإمام الماوردي من الشافعية بتحريم ذلك في مسجد له إمام راتب ، وكره ذلك الحنفية .
ولا يخفى أن ما ينشأ عن هذا الافتئات من المفاسد يقضي بتحريمه ؛ لأنه يؤدي إلى التباغض والتشاجر ، وتفريق كلمة المسلمين ، والتشيع والتحزب في العبادة ، ومضادة حكمة مشروعية الجماعة من الاتحاد والتآلف والتعارف والتعاون على البر والتقوى .
فإن في تقسيمها تناكر النفوس ، وتبديل الأنس وحشة ، إلى مفاسد أخرى تنتهي إلى قريب الأربعين مفسدة ، وقد جمعت في حظر ذلك رسالة سميتها (إقامة الحجة على المصلي جماعة قبل الإمام الراتب من الكتاب والسنة وأقوال سائر أئمة المذاهب) ، فليحذر من هذه البدعة الشنيعة ".
[جمال الدين القاسمي، إصلاح المساجد عن البدع والعوائد، 78-79 ]