***
كان بسجلماسة أيام ارتحلنا إليها للقراءة، زمان الصبا:
شجرة يقال لها (الشجرة الخضراء).
مشهورة في تلك البلاد، وفي سائر بلاد القبلة، وهي قدر الزيتونة أو السدرة الكبيرة، وورقها يقرب من ورق السدر.
وسبب شهرتها أنها غريبة الشكل، دائمة الخضرة، وغريبة في محلها؛ لأنها في البلد، وليست من شجر البلد، وهي منفردة، ليس معها شجر أصلاً.
وكانت نابتة خارج سور المدينة الخالية، بينه وبين النهر، قبالة الرصيف الذي يُعبر عليه لناحية الزلاميط، ويقال: إن ذلك باب من أبواب تلك المدينة، والله أعلم.
ثم إن الأستاذ الفاضل: أبا يزيد عبد الرحمن بن يوسف الشريف، بعث إليها جماعة من الطلبة؛ فقطعوها!! وكان ذلك يوم الخميس، وكنت جئت من ناحية المراكنة ذلك اليوم، قصداً إلى سوق الخميس، فلما بلغتُ إلى الشجرة، وجدت الطلبة، حين بلغوا إليها بقصد قطعها؛ فقعدت حولها أنظر.
فلما انفصل أهل السافلة من السوق، وكانت طريقهم؛ كان كل من يمر، فيراها تقُطع:
يصيح، ويتأسف، ويقول: ما فعلت لكم المسكينة؟!
وكان أهل سجلماسة لما استغربوا أمرها، يزورونها، ولا سيما النساء، فيكثرون عليها من تعليق الخيوط، ويطرحون الفلوس أسفلها، وربما تغالت النساء في تعظيمها والتنويه بشأنها، حتى يسمينها باسم امرأة صالحة، كالسيدة فاطمة، ونحو ذلك.
فلهذا أمر الأستاذ المذكور بقطعها، وكأنه يرى أنها صارت (ذات أنواط)؛
كما قال الشيخ أبو العباس المرسي رضي الله عنه.
فذكرناها نحن للتنبيه على ذلك، فإن عوام الناس أكثروا عليها منذ عقلنا، حتى كانوا ينسبون إليها من ترهات الأراجيف، نحو قولهم: قالت الشجرة الخضراء: (هذا زمان السكوت، من قال يموت).
فليعلم الناظر أنها إنما هي شجرة، لا تضر ولا تنفع، ولا تبصر ولا تسمع، ومثلها أحق أن يقطع.
ومن هذا نسيت شجرة بيعة الرضوان حتى لم يثبت عليها الصحابة الذين كانوا تحتها فضلاً عن غيرهم، وذلك مخافة أن تعبد ...
وكانت بقرب تاغية مقام الشيخ أبي يعزي شجرة من أحجار يقال له: البقرة.
وكل ذلك حقيق بالإزالة، غير أن العالِم: سيفُه لسانُه، وما وراء ذلك إنما هو لأهل الأمر، ومن له قدرة على الأمر".
أبو علي "اليوسي"، في "محاضراته".
أيوووووووه
المرسي أبو العباس .. طلع "وهابي" ... "يا مينز"!!