قال: قال أمير المؤمنين صلّى اللّه عليه: إنّ اللّه عزّ و جلّ واحد أحد تفرّد في وحدانيّته، ثمّ تكلّم بكلمة صارت نورا، ثمّ خلقني من ذلك النور، ثمّ تكلّم بكلمة أخرى فصارت روحا فأسكنه في ذلك النور، فأنا روح اللّه عزّ و جلّ و كلمته، فما زلت في ظلّ عرشه حيث لا شمس و لا قمر و لا سماء و لا هواء و لا أرض و لا ماء، و لا ليل و لا نهار، و لا ملك و لا جنّ و لا إنس، و إنّ اللّه قد أخذ ميثاقي مع ميثاقه في الذرّ الأوّل، و إنّ لي الكرّة بعد الكرّة، و الرجعة بعد الرجعة، و أنا صاحب الكرّات و الرجعات، و صاحب الآيات و الدلالات و العجائب و النقمات، و أنا قرن من حديد، و أنا أبدا جديد، و أنا عبد اللّه و خليفة اللّه، و أنا أمين اللّه و خازنه، و أنا عيبة سرّه و حجابه و رحمته و صراطه و ميزانه.
و أنا الحاشر إلى اللّه، و أنا كلمة اللّه، و أنا عين اللّه الناظرة، و أنا يد اللّه القادرة، و أنا قوّة اللّه الغالبة، و أنا غلبته القاهرة، و أنا الصراط المستقيم و أنا النبأ العظيم، و أنا اسم اللّه العليّ و مثله الأعلى، و أنا صاحب الجنّة و النار أسكن أهل الجنّة بالجنّة، و أسكن أهل النار بالنار، و إليّ روح أهل الجنّة، و إليّ عذاب أهل النار، و إليّ مرجع الخلق جميعا، و إياب الخلائق إليّ بعد الفناء، و إليّ حساب الخلق جميعا.
أنا الأوّل و أنا الآخر، و أنا الظاهر و أنا الباطن، و أنا بكلّ شيء عليم، و أنا الشاهد، و أنا الحاضر، و أنا الغائب، و أنا الحجّة على أهل السماوات و الأرض، و أنا الذي احتجّ اللّه تعالى بي عليكم في ابتداء خلقكم، و أنا الذي علمت المنايا و البلايا و الوصايا و فصل الخطاب، و أنا صاحب العصا و الميسم و الخاتم، و أنا الذي أجريت السحاب و الرعد و البرق، و جعلت النور و الظلمة، و أجريت الرياح و البحار و النجوم و الشمس و القمر.
و أنا الذي أهلكت عادا و ثمود و أصحاب الرسّ و قرونا بين ذلك كثيرا، و أنا الذي أذللت الجبّارين و المتكبّرين، و أنا صاحب مدين و مهلك فرعون و منجي موسى بن عمران، و أنا الذي أرسلت الطوفان على قوم نوح، و أنا الذي أحصيت كلّ شيء عددا، و أنا فعّال لما أريد، و أحكم ما أشاء بحول اللّه تعالى و قوّته، و لا حول و لا قوّة إلّا باللّه العليّ العظيم، و أنا مع هذا كلّه عبد من عباد اللّه عزّ و جلّ.
يا معشر الناس، سلوني قبل أن تفقدوني، ثمّ نزل صلّى اللّه عليه عن المنبر و انصرف.
📚 المناقب الكتاب العتيق ١١٥