(يا مُمتحنةُ، امتحنكِ الله الذي خلقكِ)🌸🌼
:
✽ نقرأ في زيارة الصدّيقة الكُبرى فاطمة الزهراء "صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليها" هذهِ العبارة التي هي في افتتاحيّة زيارتها الشريفة:
(يا مُمتحنةُ، امتحنكِ الله الذي خلقكِ قبل أن يخلُقكِ فوجدكِ لِما امتحنكِ صابرة..).
• ما المُراد مِن (المُمتحنة) في زيارة الصدّيقة الكُبرى "صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليها"..؟!
وبعبارةٍ أُخرى: ما المُراد مِن الامتحان بالنسبة للزهراء..؟!
الجواب عن هذا التساؤل:
تعبيرُ المُمتحنة مأخوذ مِن الامتحان.. والإمتحان يأتي على معنيين:
• يأتي بمعنى الاختبار
• ويأتي بمعنى الاصطفاء.
عِلْماً أنّ الاختبار هُو وسيلةٌ أيضاً تُوصِلنا إلى الاصطفاء.. فالأُستاذُ في المدرسة أو الجامعة يستطيعُ أن يصطفي ويختار ويُميّز أفضلَ تلامذتهِ مِن خلالِ الاختبار.
لكن حين نقول: فاطمة مُمتحنة.. فليس المقصودُ أنَّ فاطمة "صلواتُ الله وسلامهُ عليها" مرَّتْ بدور مِن أدوار الاختبار،
وعليه فلا بُدّ أن يكونَ المُراد مِن (الامتحان) هُنا في زيارة الزهراء هُو المعنى الثاني للامتحان وهو (الاصطفاء) وليسَ (الاختبار).
فحِين نُخاطبها "صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليها": (يا مُمتحنةُ) يعني: يا مُصطفاة.. فالإمتحانُ تارةً يكونُ اختباراً، وتارةً يكون اصطفاء.
حتّى في عامّةِ المؤمنين الامتحان يكونُ لهم في بعْض الأحيان: تارةً اختبار، وتارةً اصطفاء..
مثلاً: في الأحاديثُ المعصوميّةُ الشريفة التي وردتْ عن أهل بيت العصمة "صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليهم" والتي تقول:
(إنّ حديثنا صَعِبٌ مُستصعَبٌ ذَكوانٌ أجردٌ شريف لا يحتملهُ إلّا ملكٌ مُقرّب أو نبيٌ مُرسل أو عبدٌ امتحنَ اللهُ قلبهُ للإيمان..)
الملائكةُ فيهم (المُقرّبون وغير المُقرّبين)، والملائكة المُقرّبون لهم أكثرُ مِن اصطفاء..
وكذلك الحالُ بالنسبة للأنبياء.. ففي الأنبياء (مَن هُو مُرسل، وفيهم مَن ليس بِمُرسل) والأنبياء المُرسلون أيضاً لهم أكثر مِن اصطفاء.
وبالمثل المؤمنون أيضاً مُصطَفون، كما تقول كلماتُ أهل البيت "عليهم السلام": (أو عبدٌ امتحن الله قلبه للإيمان..)
معنى "امتحنَ الله قلبهُ للإيمان" أي اختارَ قلبَهُ للإيمان، أو اصطفى قلبه للإيمان..
فلا يُوجد اختبار هُنا.. كما جاءَ في سورة الحُجرات {إنّ الذين يغضّون أصواتهم عند رسول الله أُولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرةٌ وأجر عظيم}
لا يُوجد اختبار هنُا..
معنى {امتحن قلوبهم للتقوى} أي: اختارَ قُلوبهم واصطفاها للتقوى.. فالامتحانُ بمعنى الاصطفاء والاختيار واضح في هذهِ الآية وواضح في الأحاديث الشريفة..
عِلماً أنّ الاصطفاء لا يكونُ إلّا للذوات التي تحمل مِن المواصفات ومِن الكمالات ومِن الأوصاف ما يجعلها مُستغنيةً عن الاختبار.
فحين نُخاطب الصدّيقة الكُبرى "صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليها" في زيارتها الشريفة (يا مُمتحنة) يعني: يا مُصطفاة.
وهذا المضمون بيّنتهُ الصدّيقةُ الزهراء "صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليها" في خُطبتها وهي تتحدّث عن أبيها #خاتم_الأنبياء "صلّى الله عليه وآله" فتقول:
(وأشهدُ أنّ أبي مُحمّداً عبدهُ ورسوله، اختارهُ وانتجبه قبل أن أرسله، وسمّاهُ قبل أن اجتباه، واصطفاه قبل أن ابتعثه، إذْ الخلائق بالغَيب مَكنونة، وبستْر الأهاويل مَصونة، وبنهاية العدم مقرونة).
الكلام هو هو.. فنفس المضمون الذي جاءَ في العبارات المُقتطفة مِن زيارتها الشريفة هُو نفْس المضمون الوارد في خُطبة الزهراء في حديثها عن أبيها المُصطفى "صلّى اللهُ عليه وآله".
.
🌸🌼 يا زهراء 🌼🌸
[ الشيخ الغزي ]