:
✦ نقرأ في سورةِ الكهف: {وإذ قُلنا للملائكةِ اسجدوا لآدمَ فسجدوا إلّا إبليسَ كان مِن الجِنِّ ففسَق عن أمرِ ربّه أفتتّخِذونهُ وذُرّيتَهُ أولياءَ مِن دوني وهم لكُم عدوٌّ بئس للظالمين بدلا* ما أشهدتُهم خَلْقَ السماواتِ والأرضِ ولا خَلْقَ أنفُسِهِم وما كنتُ مُتّخِذَ المُضلّينَ عَضُدا}
• لاحظوا قولَهُ: (وما كُنتُ مُتّخِذَ المُضِلّين عَضُدا)
الآيةُ تتحدّثُ عن الظالمين كما بيّنت الآية السابقة،
وتقولُ بأنّ اللهَ تعالى لم يُشهِد الظالمين خلْقَ السماواتِ والأرضِ ولا خَلْقَ أنفُسِهم،
يعني أنّهُم ما كانوا موجودين قبل خَلْقِ السماواتِ والأرض ولا كانوا موجودين قبلَ خَلْقِ أنفُسِهم حتّى يكونوا شهوداً..وهذا يعني أنّ هناك فئةً أشهدَها اللهُ خلْقَ السماواتِ والأرض..وإلّا لا معنى لتخصيصِ الحديثِ عن الظالمين إذا كان اللهُ لم يُشهد أحداً مِن خلْقِهِ على الإطلاق خَلْقَ السماواتِ والأرض
هناك ذواتٌ خلقها اللهُ تعالى وأشهدها خلْقَ السماواتِ والأرض..يعني أنّ هذه الذواتَ كانت موجودةً قبل خَلْقِ السماواتِ والأرض، وهي حقائقُ أهلِ البيتِ القادسةِ الّذين هُم مظاهِرُ أسماءِ اللهِ تعالى ومجْمَعُ أسمائهِ وصفاتِهِ،
وهذا المضمون بيّنته أحاديثُ العترة
• ثمّ تقول الآية: {وما كُنتُ مُتّخِذَ المُضِلِّينَ عَضُدَا}
المُضلّون هُم الظالمون، ويُقابِلُهم الهادون كما في قولِهِ تعالى: {إنّما أنتَ مُنذِر ولكُلِّ قومٍ هاد}
ونبيُّنا يقول: (أنا المُنذِرُ وعليٌّ الهادي، وكُلُّ إمامٍ هادٍ للقرنِ الّذي هو فيه)
فالهادون الّذين هُم في مُقابل المُضلّين هُم الأئمّةُ"صلواتُ اللهِ عليهم"
فالباري لم يتّخذ المُضلّين عَضُداً لكنّهُ اتّخذ أهلَ البيتِ عَضُداً..كما نقرأُ في دعاءِ إمامِ زمانِنا الّذي يُستحَبُّ قراءتُهُ كُلِّ يومٍ في رجب، نقرأُ فيه هذه العباراتِ الّتي تتحدّثُ عن حقائقِ أهلِ البيتِ النوريّة فتقول:
(لا فرقَ بينك وبينها إلّا أنّهُم عبادُك وخلقُك،فتقُها ورَتْقُها بيدِك بَدؤُها مِنك وعَودُها إليك أعضادٌ وأشهاد)
معنى العبارة:
يعني أنّ الحقائقَ النُوريّةَ القادسةَ لأهلِ البيتِ الّتي خَلَقها اللهُ قبلَ خَلْقِ الكائنات..هذه الحقائقُ لا فرقَ بينها وبين اللهِ تعالى سِوى أنّها ذواتٌ مخلوقة..فتقُها ورتْقُها بيدهِ تعالى، بدؤها مِنهُ وعودُها إليه،
يعني أنّ عِلْمَ هذه الحقائق هو عِلْمُ الله،
وطهارتُها طهارةُ الله،
وولايتُها على هذا الوجودِ ولايةُ الله،
هذا هو معنى لا فرقَ بينك وبينها إلّا أنّهم عبادُك وخلقُك،
اللهُ تعالى أفاض على هذه الحقائقِ النوريّةِ صِفاتِ جمالِهِ وجلالِهِ..فلا فرق بينها وبين اللهِ سِوى أنّها حقائقُ مخلوقة كما يقولُ الدعاءُ الرجبي
• ثمّ يقولُ الدعاء في وصفِ حقائقِ أهلِ البيت: (أعضادٌ وأشهاد) هذه أوصافٌ لوجودِهم على الأرض
اربطوا بين هذه العبارة وبين قولِهِ تعالى: {وما كنتُ مُتّخِذَ المُضلّينَ عَضُدا}
فالمُضلّون ليسوا أعضاداً ولا أشهاداً،
أمّا أهلُ البيتِ فهُم أعضادٌ للهِ تعالى وأشهادٌ بنصِّ الدعاء الرجبي
إلى أن يقول الدعاء:
(فبِهِم ملأتَ سماءك وأرضك حتّى ظهر أن لا إلهَ إلّا أنت)
الدعاءُ هُنا يتحدّثُ عن الوجهِ الباطنِ لمحمّدٍ وآلِ محمّد..وإلّا فإنّهم"صَلَواتُ اللهِ عليهم" في الوجهِ الظاهرِ يأخذون حيّزاً محدوداً مِن الأرض وهو ما يظهرُ لنا،
فهل أنّ ما يظهرُ لنا يُمثّلُ تمامَ الحقيقة؟
قطعاً لا.. الأشياءُ المحدودةُ الترابيّةُ لا تظهرُ لنا على حقيقتِها..فما نراهُ مِن هذه الكائناتِ المحدودة (الشجرِ والحجرِ والبهائم والبشر) ما نراهُ مِنها هو بحسبِ ما نستطيعُ رؤيتَه..أمّا الحقيقةُ فهي أكبرُ مِن ذلك،
فإذا كان هذا الحالُ يجري مع كُلِّ هذه الأُمورِ الصغيرة..فكيف يكونُ الكلام مع محمّدٍ وآلِ محمّدٍ إذاً؟!
قطعاً حقيقتُهم هي أعظمُ وأعظمُ مِمّا نراه
• قولُ الدعاء: (فبِهِم مَلأتَ سماءك وأرضك) أي بمحمّدٍ وآلِ محمّدٍ ملأتَ سماءك وأرضك،
وعمليّةُ المَلءِ هذه جرت عِبرَ مقاماتِ أهلِ البيت الّتي لا حدودَ لها،
فالدعاء يتحدّث عن مقاماتِ أهلِ البيت وعن تجلّياتِهم في كُلِّ طبقةٍ مِن طبَقاتِ الوجود،
فأهلُ البيتِ لهم مَظاهرُ وتجلّياتٌ في عوالم الوجود..ملأ اللهُ تعالى بها السماواتِ والأرض بحيث لا يُوجدُ مجالٌ لأبوابٍ أُخرى تُوصِلُ إليه سُبحانه،
فأهلُ البيتِ هُم البابُ المُبتلى به الناس
(فبِهِم ملأتَ سماءك وأرضَك حتّى ظهر أن لا إلهَ إلّا أنت)
هذه هي الشهادةُ العظمى، وهذا هو التوحيد
فالشهادةُ تعني حضور..والشهادةُ العظمى تعني حُضورَ حقائق أهلِ البيتِ النوريّة في كلِّ طبقاتِ الوجود..وهذا نفس المضمون الّذي نقرؤهُ في دعاء كُميل: (وبأسمائك الّتي ملأت أركانَ كُلِّ شيء)
فهذه الأسماء الّتي ملأت أركانَ كُلِّ شيء هي حقائقُ أهلِ البيت
تتمةُ الموضوع على #الرابط التالي
https://www.facebook.com/share/p/18AVC1PKN9/
#الثقافة_الزهرائية