هذا الحال يشرح وضع الخطاب المزدوج، حين يجري اتخاذ الزهد السياسي مبدأ مقدسًا لا بدافع حكمة سياسية، بل ضمن استدلال جبري يسخِّر الدين لإعادة إنتاج الحياد تجاه الحياة العامة باعتباره فضيلة، متخذًا مواقف أكثر قطعية بناء على أحداث تاريخية، بشكل جبري، مع أن الحسين نفسه مارس السياسة لآخر يوم في حياته، وفي حين لم تنجح ثورته، تحول ذلك إلى آلية لتحويل الهزيمة إلى لحظة مجمدة لتضحى قدرًا إلهيًا على كل مسلم.
بل إن صيغة الاحتجاج والتي تبدو فاضحة، هي في الحقيقة وجه مغاير للغة التنفير عن النقاش السياسي، ذلك الذي تجده متفشيًا في أوساط اشتهرت بنقد (التصوف) لكن صاغت مواقفها من العالم بتبني خطاب العزلة والزهد السياسيين، وهي اللغة التي تراكمت على مر السنين فوجدت في مختلف الأوساط حضورًا، كالتي تدار في بعضها تحت عبارة (من السياسة ترك السياسة).
[١] التصوف، يوسف زيدان، ص٧٦.