حسّ سليم @hs_slm Channel on Telegram

حسّ سليم

@hs_slm


page: facebook.com/Bon.sens.S

حسّ سليم (Arabic)

تعتبر قناة "حسّ سليم" على تطبيق تيليجرام وجهة مثالية لكل من يبحث عن المعلومات والنصائح الصحية الشاملة. يمكنكم متابعة آخر الأخبار والتحديثات في عالم الصحة واللياقة البدنية من خلال هذه القناة الرائعة. بفضل محتواها الفريد والمفيد، ستجد في "حسّ سليم" كل ما يلزم لتحسين نمط حياتك عن طريق الاهتمام بصحتك ورعاية جسمك. يتضمن المحتوى المنشور على القناة نصائح غذائية، تمارين رياضية، معلومات عن الأمراض المختلفة، والكثير من المقالات المفيدة. كما يمكنك التفاعل مع متابعين آخرين وتبادل الخبرات والتجارب من خلال قناة "حسّ سليم". فلا تتردد في الانضمام إلينا اليوم لتكون جزءًا من هذه الجماعة النشطة التي تهتم بالصحة واللياقة البدنية. تابعوا حساب الفيسبوك الخاص بنا على facebook.com/Bon.sens.S للحصول على المزيد من المعلومات والمحتوى المميز.

حسّ سليم

11 Feb, 19:40


ستصل طلقة إلى رأس العاهل الأردني قبل وصول أول مُهجر إلى الأردن، وهو أعلم الناس بهذا.

حسّ سليم

10 Feb, 20:37


موقف بعض العراقيين من أحمد الشرع غير منطقي أبدًا، إلا إذا وضعته ضمن ردة فعل العوام التي تنطلق من خطابات “لبيك يا زينب” و”يا ثارات الحسين” وبقية السردية المتكررة منذ 14 قرنًا، أو ضمن ردة فعل الطبقة المسيسة منهم التي لم تتقبل ما حدث في سوريا لأنه كسر المحور الإيراني. عدا ذلك، فلا وجود لأي منطق، بما في ذلك الحديث عن تاريخ لا يعرفون عنه سوى تصنيف عام، يربط الشرع بداعش.
لو أن هناك جهة ينبغي عليها توجيه رسالة شكر للشرع، فهي العراق، ولو أن هناك جهة يحق لها، من وجهة نظرها، اعتباره “مؤامرة صهيو-أمريكية”، فهي داعش (وأنصارها يقولون ذلك فعلًا). الرجل كان من بين من ساهموا في تفكيكها، وانشق عنها وحاربها عندما كانت في أوج قوتها.
الذي يؤكد أكثر أن القضية لم تتعلق يومًا بداعش ولا هم يحزنون. النظام السوري الذي قاتلوا من أجله هو نفسه من كان يسهل عبور المقاتلين الذين انضموا إلى المقاومة العراقية والقاعدة ثم داعش. وفي وقت من الأوقات ساءت علاقتهم معه، لكن لاحقًا أتى الرضا الإيراني، وهذا يغفر لك ما تقدم وما تأخر من ذنبك.
وغير المنطقي أكثر هو من لا يرى—ربما لأنه يعتقد أنه مركز الكون—أن السوريين يرون داعش والإرهاب هما النظام السابق والميليشيات التي تدفقت من العراق ولبنان وغيرها. الأمر أشبه—مع الفارق طبعًا—بإسرائيلي يتوقع من فلسطيني أن يعتبر النازية الشرَّ الأعظم في التاريخ.

حسّ سليم

09 Feb, 16:26


هذه playlist لمحاضرات بالإنجليزية أو مع ترجمة بالإنجليزية

https://youtube.com/playlist?list=PLMDQXkItOZ4II_sYvh0BevIBwmm7fvuHL&si=jiDExmrXnL6N-xg3

حسّ سليم

09 Feb, 16:22


المهتم بحدود النمو الاقتصادي بسبب محدودية الموارد الطبيعية من معادن ووقود أوحفوري، يمكنك أن تشاهد محاضرات أو تقرأ كتب Jean-Marc Jancovici وهو مهندس ومختص في الطاقة، و Philippe Bihouix مختص في الموارد المعدنية. أغلب محاضراتهم وكتبهم باللغة الفرنسية، لكن بعضها بالإنجليزية أيضا.
الاستماع لهم شيء ممتع بالنسبة لي، خاصة Jancovici، لأنك ستجد معلومات لن تجدها في مكان آخر عن الأسس التي تقوم عليه الثورة الصناعية والحياة المعاصرة، خاصة في المدن. وحتى أسلوبه في الحديث مريح ولا تجد فيه مواعظ البيئيين الذين لا يرتاحون له كثيرًا بسبب موقفه من الطاقة النووية.

حسّ سليم

09 Feb, 10:00


نصف الصفحات ومواقع اليمين الأمريكي التي يديرها "آريون" من مومباي يمرون حاليا بصدمة عاطفية.

حسّ سليم

08 Feb, 22:02


ملاحظة: الرأسمالية بمعنى "السوق الحر" و"الملكية الخاصة" ليس نظاماً طارئاً على البشرية، بل هي السائد في كل العصور، والتجار لم يكونوا في الماضي أقل جشعًا (فكرة جشع التجار في حد ذاتها خاطئة). لكن الطارئ فعلا هو الثورة الصناعية التي قلبت الهرم السكاني من 10٪؜ سكان مدن إلى 60٪؜، وهذا من الأسباب الرئيسية لتفكك المجتمعات التقليدية وما ترتب على ذلك.

حسّ سليم

08 Feb, 21:32


قبل أن تتمنى زوال أي أيديولوجيا أو نظام يجب أن تحرص أولا على أن تكون مدركا تماما للأسباب التي تدفعك إلى ذلك، لأن الكثيرين يعارضون أشياء وهم لا يريدون سواها.

من هؤلاء الناس من تجد في كلامهم نقمة على النظام الاقتصادي المعاصر أو ما يسمى "الرأسمالية". ينتقدون هذا النظام بأبشع الأوصاف الممكنة مثل "الرأسمالية المتوحشة" أو "الرأسمالية المستغلة"، وعندما تسألهم عن سبب محدد لنقمتهم عليه لا تجد لدى أغلبهم أسبابا تتجاوز ازدياد الفقر واستغلال البشر، أي مجرد انتقاد اشتراكي كلاسيكي.
إن كنت من هذا الصنف الذي يعتقد أن الحياة يمكن أن تكون مثالية فدعني إذاً أصدمك بهذا: الاستغلال طبيعة بشرية كانت كذلك دائما وستبقى، أما الفقر فهو في أدنى مستوياته عبر التاريخ إذا نظرنا للعالم بشكل عام (هذا إذا كانت همومك إنسانية). قد يقول أحدكم "لا تقارن بين فقراء اليوم وفقراء الماضي لأن مفهوم الفقر قد تغير" وهذا صحيح، مفهوم الفقر قد تغير كثيرا، لكنه تغير لأن الظروف المادية للبشر قد تحسنت وأصبحت معايير فقير اليوم تنافس معايير أغنياء الماضي. في بريطانيا مثلا كانت الأسرة فيها منذ القرن 15 إلى غاية الحرب العالمية الأولى تنفق 80٪؜ من دخلها على الطعام فقط، سنة 1957 انخفضت النسبة إلى نسبة 33٪؜، وأصبحت حاليا 15٪؜، مع العلم أن الطعام أصبح أكثر تنوعا بفضل توفر اللحوم والفواكه والكماليات التي ازدادت بشكل مهول. كل هذا راجع إلى الثورة الصناعية والعولمة الاقتصادية والرأسمالية التي تدفع كل ذلك بأقصى قوة مما جعل بلوغ البشرية 7 مليارات نسمة أمرا ممكنا.

لكن الانتقادات التي توجه للرأسمالية ليست كلها اشتراكية، حتى وإن كان الصوت الاشتراكي هو الأعلى والأكثر انتشارا بسبب بريقه ومثاليته الجذابة إلى درجة تجعل الناس تتصور أنه لا يوجد سواه. أما في الحقيقة فبالإضافة إليه هناك انتقادان أساسيان للرأسمالية أحدهما اجتماعي (رجعي/محافظ) والآخر بيئي.

الانتقاد الاجتماعي موجه ضد النزعة الفردانية لدى الرأسمالية (وخاصة الرأسمالية المعولمة) وتفكيكها لكل الروابط الإنسانية والنظم الاجتماعية التقليدية من أسرة ودين وتقاليد ووطن وأمة ..إلخ. الرأسمالية تجرف كل شيء أمامها وهي تسعى وراء الفرد الذي يجد نفسه في حالة اغتراب وضياع ولا يواسيه إلا الاستهلاك، لهذا تجده ناقما أشد النقمة على الرأسمالية لكنه لا يعرف لماذا.

الانتقاد البيئي يمكن إيجازه في انتقاد فكرة "النمو" التي تقوم عليها الرأسمالية.

لكن أين المشكلة مع النمو؟

أولا ينبغي فهم ضرورة النمو للرأسمالية.
ذكر الفيلسوف الاشتراكي جون كلود ميشيا في أحد لقاءاته الصحفية معلومة لها أهميتها الرمزية في فهم حاجة الاقتصاد المعاصر للنمو. يقول ميشيا (والعهدة عليه) إنه بعد سقوط جدار برلين سارعت شركات الأجهزة الكهرومنزلية الغربية لشراء نظيراتها في ألمانيا الشرقية وإغلاقها لأنها كانت تقدم منتوجات تدوم طيلة الحياة، بمعنى أنك تذهب للمحل وتشتري خلاطا واحدا سيبقى معك طيلة حياتك. قد تقول: "إذن الشركات الرأسمالية تخدعنا وتتعمد تصنيع منتجات تتعطل بسرعة" وهذا صحيح تماما، لكن في المقابل يجب أن تعرف ثمن ذلك، لأن تلك الشركات في ألمانيا الشرقية كانت تعمل وفق منظومة اشتراكية لا تجعل من النمو هدفها الأساسي مما يجعل نظامها الاقتصادي في حالة ثبات دائم نسبيا والسلع فيه غالية الثمن. وإن كنت ستشتري خلاطا واحدا في حياتك فأنت في كل الأحوال غير قادر على شراء غيره لأن البطالة ستكون أكثر انتشارا والرواتب متدنية لأن الاقتصاد الصناعي سواءً كان اشتراكيا أو رأسمالية يفضل زيادة الاستهلاك، وبتباطؤ الاستهلاك تتراجع كل مؤشرات الاقتصاد.

ما علاقة كل ذلك بالبيئة؟

بالنسبة لبضعة أجيال فإن النمو الاقتصادي يعني الرخاء والوفرة والاستمتاع بالاستهلاك، لكن هذه الأجيال لا تنتبه إلى أن هذه الرأسمالية في جوهرها نظام اقتصادي ريعي مثلها مثل اقتصادات الدول النفطية لكنها أكثر تعقيدا من مجرد استخراج البترول وبيعه.
سيقول أحدهم: "يا إلهي ماذا تقول، هل حدث لعقلك شيء؟"
سأجيبك: تشترك الرأسمالية مع الاقتصادات الريعية في كونها تعتمد أساسا على موارد طبيعية محدودة، وكل السياسات والنظريات الاقتصادية لديها تنطلق من فكرة تؤخذ كبديهية (إما لعدم اكتراث أو لإيمان أعمى لا دليل عليه بأن التكنولوجيا تستطيع حل كل المشاكل) وهي أن الموارد غير محدودة وبالتالي يمكن الاستمرار بالنمو وإنتاج سلع رخيصة إلى ما لا نهاية. وهذا غير صحيح مهما ازداد تفاؤل المتفائلين وشمل الكون كله، ففي لحظة معينة لا بد من الاصطدام بجدار نضوب الموارد وعندها ستكون الحياة أصعب حتى من الأزمنة التي سبقت الثورة الصناعية. قد يكون هذا النظام نعمة على بطون المعاصرين، لكن باستمراره في تجاهل محدودية الموارد ستلعنه كل الأجيال القادمة إلى الأبد. ولا تختلف في هذا المصير النظم الاشتراكية التي وإن كانت أكثر عقلانية بكثير في استنزاف الموارد إلا أنها تظل ضمن النسق الصناعي.

حسّ سليم

08 Feb, 21:32


نفس التصور المغلوط تجده حول الرأسمالية، حيث يُعتقد أن الرأسمالية "المتوحشة" زادت البشر فقرا وفاقمت من المجاعات، وهذا غير صحيح أبدا، وإن كنت تريد انتقادها من هذا الباب فستخسر بالضربة القاضية.

حسّ سليم

07 Feb, 23:07


عندما يُقال إن تراجع الهيمنة الأمريكية يؤدي إلى ازدياد الحروب والصراعات في العالم، فإن البعض يستنكر هذا الطرح، وكأن معناه أن الولايات المتحدة قوة خيرية تعمل على إحلال السلام من منطلق طهارتها الأخلاقية. لكن هذا فهم مغلوط للفكرة، لأن المسألة لا تتعلق بحسن نية الدولة المهيمنة ورغبتها في الإيثار، وإنما بآليات عمل القوة والنظام الذي تفرضه أي قوة مهيمنة على مجال سيطرتها. سواء كانت هذه القوة هي الولايات المتحدة أو ألمانيا النازية أو دولة جنكيز خان، فإن الحد من الصراعات بين المهيمن عليهم شرط ضروري لحماية مصالحها ودوام هيمنتها.

في أي نظام سياسي أو اجتماعي، سواء كان ذلك على مستوى الدول أو العصابات أو الشركات أو القبائل أو حتى الأسرة، فإن وجود سلطة مهيمنة قوية يفرض درجة من الاستقرار، حتى لو كان هذا الاستقرار قائماً على القسر أو التهديد بالقوة، بل لا يقوم الاستقرار في الغالب إلا بهذا. فالهيمنة تعني وجود قوة مركزية قادرة على فرض النظام، وتحديد قواعد اللعبة، وإجبار اللاعبين الآخرين على الالتزام بها. هذه الحقيقة لا ترتبط بنوع النظام المهيمن، سواء كان ديمقراطياً أو شمولياً أو دكتاتورياً أو حتى وحشياً. فالتاريخ يثبت أن جنكيز خان، رغم دمويته المفرطة، فرض نظاماً مستقراً ضمن حدود إمبراطوريته. كذلك الأمر بالنسبة للإمبراطورية الرومانية، التي فرضت حالة سلام واستقرار في البحر المتوسط خلال فترة Pax Romana بفضل نشر قواتها في أرجاء الإمبراطورية. وينطبق الشيء نفسه على الهيمنة البريطانية خلال القرن التاسع عشر، التي عُرفت بـ Pax Britannica، حيث فرضت نوعاً من السلم الأوروبي بفضل سيطرة بريطانيا على الطرق البحرية.

وعليه، حينما تتراجع الولايات المتحدة عن دورها المهيمن كشرطي العالم، لا يعني ذلك أن العالم سيصبح أكثر سلاماً، كما يتصور البعض، بل العكس تماماً. فالدول والقوى الصاعدة ستسعى إلى ملء الفراغ أو استعادة مناطق نفوذ كانت ممنوعة عليها، ما يؤدي إلى صراعات على النفوذ، وإعادة ترسيم حدود القوة، ومحاولات من الأطراف المختلفة لفرض توازنات جديدة.

لهذا لم يشهد العالم عبر تاريخه مستوى من السلم بين القوى الدولية كما شهده منذ الحرب العالمية الثانية (هناك فترات سلم أخرى لها نفس الأسباب، لكنها كانت أقصر)، وذلك إلى حد كبير بسبب الهيمنة الأمريكية. ويمكنك أن تحدد إلى أي مدى هذه الهيمنة في تراجع من خلال تزايد حجم الصراعات المسلحة في العالم.

يضاف إلى ذلك عوامل أخرى غير الهيمنة الأمريكية، مثل صعود الدولة الحديثة (الدولة الوطنية) والردع النووي، وعدم الجدوى الاقتصادية للحروب وتزايد التبادل التجاري بين الدول. لكن هناك عاملاً إضافياً يذكره البعض كثيرًا على أنه العامل الرئيسي مدفوعين يتحيزات أيديولوجية، حيث يُقال إن السبب الرئيسي للسلم الحالي هو تزايد عدد الدول الديمقراطية (الليبرالية)، وإن الديمقراطيات لا تتحارب فيما بينها، وكأن الأمر مرتبط بفضيلة خاصة بالديمقراطية الليبرالية. بينما الحقيقة أن السبب وراء هذا السلم بينها يكمن في درجة الهيمنة الأمريكية العالية عليها، أو بعبارة أخرى: العصا الأمريكية الغليظة تمنعها من ذلك.

ماذا بعد الإقرار بكل هذا؟

هنا نصل إلى لب الموضوع وخلاصته: هل هذا السلم الأمريكي يستحق أن يكون مهيمناً عليك؟ تماماً مثل السؤال: هل الخوف من الجوع يستحق أن تكون عبداً؟ لأن الحر فقط هو من قد يجوع، أما العبد فله دائماً سيد يطعمه ويؤويه.

حسّ سليم

07 Feb, 14:15


عند كل حدث كبير تتفجر الحنكة الشعبوية بسؤالين:

1- "لكن لماذا في هذا الوقت بالذات؟" هذا السؤال التلقائي لا تطرحه الذهنية المؤامراتية من باب عدم استبعاد أي احتمال، بل لأنها تعتقد أن كل شيء يحدث في هذا العالم هو نتيجة قرار محسوب بدقة، ولا مجال للصدفة والعبث. وبالتالي، إذا أجبت عن سؤال "التوقيت"، فستصل إلى إجابة عن سؤال "لماذا؟"، الذي سيقودك بدوره إلى السؤال الثاني حول "من؟".

2- "من المستفيد؟" ابحث عن المستفيد من الحدث، تعرف من يقف خلفه، هذه القاعدة، التي أخذها الناس من الأعمال البوليسية، قد يستخدمها المحقق كرأس خيط وإحدى القرائن التي قد توصله إلى الجاني، لكنها ليست في أي حال من الأحوال دليلًا قاطعًا على شيء، فقد يكون الفاعل آخر المستفيدين، وربما يخرج من الحدث متضررًا. ومثال على ذلك قصة اللقاحات خلال وباء كوفيد؛ فمجرد أن شركات الأدوية استفادت لا يعني أبدًا أنها تقف خلف الوباء كما قيل وقتها.

حسّ سليم

06 Feb, 20:08


المتابع للقناة منذ سنوات يعلم جيدًا ما هو موقفها من الشعوب، كل الشعوب في العالم، والسعي وراء توعيتها. الشعوب مجرد قطعان تحركها النخب (سلطة/معارضة) من خلال غرائزها وحاجاتها الأساسية، ولا يسعها إلا أن تكون على هذا الحال، وبالتالي أي محاولة لتوعيتها هي مجرد مضيعة للوقت. ولا يتوقع منها “الوعي” إلا بعض اليساريين والشعبويين أو السلطة الفاشلة، وعندما يخيب ظنهم فيها، ودائمًا يخيب، يلعنونها ويلقون كل اللوم عليها. بشكل ما، عدم توقع شيء من الشعوب هو موقف رحيم بها.

حسّ سليم

06 Feb, 19:44


على فكرة، لا يختلف الأمر كثيرا لدى الشعبوية الغربية، فهي الأخرى عبارة كومة نظريات مؤامرة وتخوين وشيطنة للسلطة باعتبارها تريد تدمير الدولة والشعب.

حسّ سليم

06 Feb, 18:34


واحدة من أزمات المشهد السياسي في الدول العربية هي غلبة الطابع الشعبوي، المرتبط عضويًا بنظريات المؤامرة التي تُستعمل لتفسير كل شيء، سواء لدى الموالاة أو المعارضة، مع تصور مطلق للخير والشر يجعل كل شيء إما أبيض او أسود. أما الموالاة الشعبوية، فهي مرصودة بما يكفي وموضع للسخرية والتندر لدى كل عاقل، بسبب أسلوبها المبالغ في التهريج. وعلى العكس، تحظى المعارضة الشعبوية بتجاهل، بل وفي الغالب بدعم من طبقة المعارضة المثقفة، التي هي نفسها شعبوية إلى حد كبير. وفي كثير من الأحيان، يتحدد مقدار مكانتك داخلها تبعًا لقدرتك على رفع سقف الشعبوية أكثر من غيرك.

تقوم سردية الموالاة الشعبوية على تنزيه السلطة وتقديسها، بحيث لا يمكن أن تقع في الخطأ، وأي خلل في البلاد فمرده حتمًا إما إلى مؤامرة تقودها قوى معادية من الداخل والخارج تسعى للعبث بالوطن –وقد يحدث هذا فعلاً– أو إلى مشكلة في الشعب الذي ليس على مستوى حكمة السلطة ولم يستطع مواكبة قراراتها العبقرية.

أما سردية المعارضة الشعبوية، فتستند إلى الآليات نفسها لنظرية المؤامرة، لكنها تُستعمل بشكل معكوس؛ إذ يتم شيطنة السلطة وجميع مؤسسات الدولة بشكل كامل، بحيث لا يمكن أن يصدر عنها خير، وكل قرار تتخذه يُفسَّر على أنه يهدف إلى إفساد البلاد والعباد، لأنها –بحسب هذا التصور– سلطة ومؤسسات خائنة بطبعها، ووجودها محصور فقط في خدمة مصالح أفرادها ومصالح قوى أجنبية. فبمجرد أن ترفع هذه الأخيرة السماعة وتتصل بها، تملي عليها الأوامر والسلطة تنفذ فورًا. ولهذا، لا يمكن للسلطة أن تصطدم بتلك القوى الأجنبية، وأي حديث عن إمكانية الصدام معها ليس سوى مسرحية غايتها إلهاء الشعب (ونظرية الإلهاء في حد ذاتها تستحق مناقشة). وحتى إن حدث صدام حقيقي، فسيُقال إنه مجرد تمثيلية، وبعد الهزيمة سيُقال إنه كان مخططًا من قبل السلطة لتدمير البلد.

بعبارة أخرى، تعتمد المعارضة الشعبوية على تحليلات العجائز في جلسة قروية بعد الظهيرة حول كراهية أو محبة زوجات أبنائهن، بدلًا من التساؤل حول كيفية اتخاذ هذه السلطة أو تلك قراراتها –التي قد تكون خاطئة– وفقًا للتوازنات الدولية والعسكرية والمصالح “الوطنية” كما تراها هي، بالإضافة إلى منطلقاتها الأيديولوجية. ولكن بما أن السلطة، في نظرهم، خائنة وعميلة بطبيعتها –وقد يكون بعض أفرادها كذلك بالفعل– فإن أي محاولة لفهم قراراتها بموضوعية تُعد مضيعة للوقت، ومن يحاول فعل ذلك لا بد من أن يُوصم فورًا بـ”التطبيل للسلطة”. ومع أن أبسط تفكير عقلاني لا بد أن ينتهي إلى لا منطقية هذه الشعبوية، لأن وجود السلطة في حد ذاته مرتبط ببقاء الدولة وتماسك البلد، وأي مكاسب وطنية هي –غالبًا– مكسب للسلطة أيضًا وتدعيم لها. ويكفي النظر إلى انتحار السلطة السورية السابقة، التي فصلت بين بقائها وبقاء البلد، ورفعت شعار “الأسد أو نحرق البلد”.

لكن هذه الشعبوية ليست حكرًا على المشهد السياسي العربي، بل نجد مثلها في الدول الغربية، حيث تعيش حاليًا إحدى أزهى عصورها، وهي المصدر الأساسي لمعظم نظريات المؤامرة التي نعرفها. وهناك أيضًا تُخَوِّن المعارضة السلطة وتشيطنها، باعتبارها تتعمد تدمير الدولة والشعب والحضارة الغربية.

إذا كان لا بد من الاختزال في تفسير القرارات السياسية، فإن عوامل مثل الغباء والخوف والجهل أقدر على تفسيرها من نظريات مؤامرة تليق بالعجائز وكهول المقاهي. يضاف إلى هذا التخلي عن أسطورة تعشش في أذهان الموالاة والمعارضة على حد سواء، تفترض ضمنًا أن الدولة تستطيع تحقيق أي شيء تريده، بشرط تحييد عامل اليد الخفية أو العمالة. ووفقًا لهذا الوهم، بمجرد التخلص من هذين العاملين، ستتحول البلاد إلى جنة على الأرض وقوة عظمى بين الدول.

حسّ سليم

06 Feb, 01:48


ليس من المستبعد في الفترة القادمة أن تجد العلمانيين الليبراليين في سوريا يتحدثون عن نافذة أوفيرتون، بدعوى أن السلطة الجديدة دفعت بالطيف السياسي نحو اليسار، بحيث تحول من كان يُعتبر من اليمين الراديكالي إلى يمين معتدل أو ربما إلى الوسط. ومن الشواهد على هذا فرحتهم لمجرد كون زوجة الشرع محجبة فقط وليست منتقبة وليس له عدة زوجات، وبعضهم تقريبا أخذ يمتدح حجابها بوصفه حجاب سوري عادي للإشارة إلى أنه زي وطني.

حسّ سليم

06 Feb, 01:42


على سيرة نافذة أوفيرتون، كان تحريكها في الغالب من اختصاص اليسار، وهذا ما وصفه المؤرخ الفرنسي ألبرت ثيبوديه في بداية القرن العشرين بحركة "اليسرنة" (Sinistrisme)، حيث كانت تظهر حركات يسارية أكثر راديكالية، فتدفع من كان يُعتبر الأكثر راديكالية سابقًا نحو اليمين، مما يغير شكل الطيف السياسي. فمَن كان في اليسار ينتقل إلى الوسط، ومَن كان في الوسط يتحول إلى اليمين، بينما يتحول اليمين إلى يمين متطرف.

حاليًا، ما يجري في أوروبا هو حركة في الاتجاه الآخر لنافذة أوفيرتون، حيث تُدفع تيارات اليمين الراديكالي نحو اليسار بعد ظهور حركات أكثر تطرفًا، فيصبح ما كان يُعتبر يمينًا متطرفًا مجرد يمين معتدل، بأفكار أكثر اعتدالًا وقابلة للنقاش.

حسّ سليم

06 Feb, 00:35


لا أحد يستطيع أن يجزم بما يفكر فيه ترامب وإدارته حقيقة، هل هو جاد فعلًا في تصريحاته حول جزيرة غرينلاند وكندا ومضيق بنما وأخيرًا غزة؟
إن كان جادًا حقًا، وبلا شك توافقه في ذلك إدارته، فمن المستبعد حتى أنه كان يعرف شيئًا اسمه جزيرة غرينلاند قبل بضع سنوات، فهذا يعني انهيار النظام الدولي الحديث، الذي تشكّل تدريجيًا منذ اتفاقية ويستفاليا، وسيشهد العالم مرة أخرى حروبًا وصراعات لا ندري كم ستستمر ليتشكل نظام عالمي جديد بشرطي جديد (قد يكون هو نفسه الحالي).

أما إذا لم يكن جادًا، وهو الاحتمال الأرجح حاليًا، فنحن أمام محاولة لتحريك “نافذة أوفيرتون” (Overton window)، وهي الإطار الذي يحدد مدى تقبّل أو رفض أي فكرة سياسية. وفقًا لهذا النموذج، نجد في أقصى اليسار واليمين الأفكار غير القابلة للتفكير، وبالتوجه نحو المنتصف نجد الأفكار الراديكالية أولاً، ثم المقبولة، فالمعقولة، ثم الشعبية، وأخيرًا المعتمدة رسميًا. وهذا يعني أن صانعي القرار أمامهم طريقتان لتغيير الأفكار السائدة: إما الدفع التدريجي نحو اتجاه معين، أو إحداث صدمة عبر طرح أفكار مستفزة وغير قابلة للنقاش، ومع الإصرار عليها، تتحول الأفكار الراديكالية إلى خيارات معقولة.

على سبيل المثال، إذا كانت أقصى عقوبة في دولة ما هي السجن 25 عامًا، وأراد سياسي إعادة العمل بعقوبة السجن المؤبد، فإن الطريقة الأكثر فعالية لتحقيق ذلك هي الدعوة إلى إعادة عقوبة الإعدام. وهذا ربما ما يسعى إليه ترامب، فمن خلال طرح مطالب تبدو متطرفة ومستحيلة، يصبح ما كان يُعتبر راديكاليًا خيارًا مطروحًا وقابلًا للنقاش.

حسّ سليم

04 Feb, 13:37


صحيح أن أحمد الشرع بدأ شبابه بالهجرة إلى العراق للمشاركة في مقاومة الاحتلال الأمريكي، وهو أمر متوقع من شخص نشأ في عائلة محافظة ذات توجه قومي (ناصري). ومن الطبيعي أن يجد الشخص الذي يخوض مثل هذه المغامرة المجهولة نفسه متورطًا في تيارات قد لا يختارها في الظروف العادية. وهذا ما يفسر ابتعاده التدريجي عن تلك التيارات كلما أتاحت له الفرصة ذلك على مدى 14 عامًا. ومع ذلك، وبعد مسيرة حافلة امتدت لعشرين عامًا، نلاحظ في هيئته وخطابه وأسلوب تعامله مع الضيوف، بالإضافة إلى ما نعرفه عن حياته الشخصية، وخاصة مرونة مواقفه واهتمامه البالغ بالتنمية الاقتصادية، نفس السمات وأسلوب التفكير لدى البرجوازية الدمشقية المحافظة التي نشأ وسطها.

حسّ سليم

02 Feb, 18:47


الترجمة: أحذركم، لو حاولتم إطلاق النار علي، فسأطلق النار على نفسي.

حسّ سليم

02 Feb, 14:46


الذي يميز الدولة الحديثة عن الكيانات السياسية التي سبقتها هو مفهوم السيادة الوطنية المرتبطة بحدود معترف بها دولياً (لا بد لها من الاعتراف الدولي). هذا المفهوم بدأ بالتبلور مع معاهدة وستفاليا عام 1648، التي أرست مبدأ سيادة الدول في أوروبا على أراضيها وحقها نظريًا في إدارة شؤونها الداخلية دون تدخل خارجي. ورغم أن الحدود السياسية كانت موجودة قبل ذلك، فإن وستفاليا مثّلت نقطة تحول في تنظيم العلاقات بين الدول، حيث أصبح الاعتراف بالسيادة، ثم الاعتراف بالحدود الدولية في القرن 19، أساساً للنظام الدولي المعاصر.

مع مرور الوقت، تطور هذا النظام ليخلق مفاهيم مثل الوطنية، التي تعني الولاء للوطن ككيان متعالي يتجاوز الروابط الشخصية أو القبلية أو الدينية. كما أصبح للدولة طابع غير شخصي، حيث تُدار شؤونها من خلال مؤسسات بيروقراطية، مع احتكارها لحق استخدام العنف المشروع، كما أوضح ذلك ماكس فيبر. وأدى ذلك إلى مركزية الإدارة وتعزيز فكرة الدولة ككيان موحد ومستقل.

لكن هذا لا يعني اختفاء الخلافات الحدودية، التي هي في حد ذاتها فكرة حديثة وجزء من العلاقات الدولية المعاصرة، حيث يتم التعامل معها أولاً عبر القنوات الدبلوماسية والقانونية، ثم الحروب المباشرة كما كان يحدث في العصور السابقة، التي لم تكن تعرف فكرة الحدود الصارمة كما هي اليوم؛ فحدود الدولة أو الإمبراطورية كانت غالباً تنتهي حيث تتوقف قوتها، دون الحاجة إلى ترسيم دقيق أو اعتراف من أحد، ولم يكن احتلال دولة ما لأراضي دولة أخرى يستدعي الاستنكار لدى أي كان، كما لم يكن هناك ذلك الموقف الأخلاقي المعاصر ضد الاستعمار. الاستثناء الوحيد لهذه المرونة الحدودية كان الدول ذات الحدود التي تفرضها الجغرافيا، مثل الدول الجزرية كاليابان، التي فرضت عليها طبيعتها الجغرافية حدوداً واضحة.

ولأن كل نظام في العالم يحتاج لشرطي مهيمن يضمن استقراره ولو نسبيا، كانت الولايات المتحدة منذ الحرب العالمية الثانية، وبالأخص بعد تفكك الاتحاد السوفييتي، هي شرطي النظام الدولي المعني باستقراره لضمان هيمنته من خلال هذا النظام.
لكن عندما يبدأ هذا الشرطي نفسه بتهديد سيادة الدول على أراضيها، ويتلاعب بالحدود كيفما يشاء، كما يهدد بذلك ترامب أو كما حدث مع غزو العراق، فإن هذا النظام الدولي كله يصبح مهددًا بالسقوط، وانفلات الصراعات بين الدول بحيث لن يستطيع الشرطي التحكم بها، وبالتالي ستخرج الأمور عن سيطرته.

حسّ سليم

02 Feb, 09:59


لا شيء يُضعف القوة مثل الإفراط في استعمالها، فكلما استعملتها أكثر، دفعت عددًا أكبر من الآخرين إلى إيجاد سُبلٍ للتغلب عليها، إذ لا خيار لهم غير ذلك. هذا ما حدث مع كثير من الدول التي فُرضت عليها عقوبات اقتصادية، حيث لم تجد سبيلاً آخر سوى تطوير نفسها، لأنه لا خيار لها سوى ذلك، لتتمكن من الالتفاف على العقوبات. بشكل ما، أسدت الولايات المتحدة خدمة لبعض الدول بفرض العقوبات عليها. كما يقول المثل الشعبي: “ما لا يقتلك يُسمِّنك.”

لكن ما يفعله ترامب غير منطقي، على الأقل ظاهريًا، ويتجاوز فرض العقوبات على الآخرين إلى معاقبة الذات، لأن الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة في العالم التي تحتاج إلى الواردات أكثر من الصادرات، لأن منتجها الأول هو طباعة الدولار، وما لم يبع الآخرون سلعهم لها، سينتهي ما يعرف بـ “امتياز الدولار” (Exorbitant privilege)، الذي يسمح للولايات المتحدة بطباعة الدولار كما تشاء تقريبًا دون الخوف من التضخم، لأن العالم بأسره هو من سيتحمل امتصاص ذلك التضخم. وعلى عكس الفكرة السائدة عن الديون الأمريكية الضخمة، فهي ليست معضلة اقتصادية ما دامت هذه الديون بالدولار، ويمكن أن تستمر نظريًا في الازدياد إلى ما لا نهاية، ما دام العالم بحاجة للدولار في تعاملاته الدولية… المهم، الله يقوي شيطانه.

حسّ سليم

01 Feb, 22:26


سبحان الله، 14 سنة من الحرب والتطهير الإثني الواضح، لم يستعمل فيها هذا المرصد هذه اللغة. (من له علم بغير هذا يخبرني)

حسّ سليم

01 Feb, 21:38


الكتلة الاقتصادية الكبرى الوحيدة التي التزمت بالسوق الحر، ومنع الاحتكار، والحد من تدخل الدولة لدعم شركاتها هي الاتحاد الأوروبي. وهذا من الأسباب الرئيسية للتأخر التكنولوجي الكبير للاتحاد مقارنةً بالصين والولايات المتحدة، بالرغم من امكانياته الكبيرة نظريًا. ففي الوقت الذي كانت تنشأ فيه وحوش تكنولوجية في الصين والولايات المتحدة تبتلع السوقين المحلي والدولي، كان الاتحاد الأوروبي، بسذاجة، يقطع رؤوس كل الشركات التي تحاول أن تنمو أكثر من غيرها، بدعوى المنافسة العادلة.

حسّ سليم

31 Jan, 21:57


من المميزات – السلبية أحيانًا – لدى السنة في المنطقة العربية عدم وجود هوية سنية، بخلاف الأقليات المذهبية والدينية في المنطقة، التي تمتلك ما يشبه القومية الدينية غير المرتبطة بالإيمان. فمثلًا، نجد أن الملحد الشيعي أو المسيحي أو الدرزي يحافظ في الغالب على ولائه لقوميته الدينية، على عكس الملحد السني، الذي غالبًا ما يتجرد تمامًا من انتمائه السني بمجرد تركه لما كان يؤمن به من الناحية الإسلامية، بل قد يتحول إلى عدو لهم ويتحالف مع أسوأ أعدائهم.

هذا الفرق بين السنة وبقية المجموعات له أسبابه بلا شك، والتي تعود في الغالب إلى كون السنة يمثلون الأغلبية وحكام المنطقة تاريخيًا، وبالتالي نجد نوعًا من الاطمئنان في نفسيتهم. هذا الاطمئنان هو ما يرثه الملحد السني، بخلاف الأقليات التي بطبيعتها تطوِّر آليات لحماية نفسها وضمان بقائها كمجموعة دينية، ومن هذه الآليات التربية على الخوف والريبة والمظلومية لترسيخ العصبية تجاه القومية الدينية، وليس تجاه الدين فقط، على عكس السنة الذين لا تجد عندهم في الغالب سوى العصبية تجاه الدين، فإن ذهب الإيمان به، ذهبت معه العصبية. بشكل ما، الملحد السني أكثر صدقًا نحو معتقداته الأيديولوجية من ليبرالية وإنسانوية وعلمانية.

يمكنك أن تجد الظاهرة نفسها في الغرب، حيث يفقد الملحد المسيحي في الغالب كل انتماء للمسيحيين، في حين لا ينقص غالبًا الإلحاد شيئًا من انتماء الملحد اليهودي لليهود وتراثهم.

حسّ سليم

31 Jan, 18:38


السردية العلمانية الليبرالية في سوريا تقوم حاليًا على:

• النظام السابق لم يكن قائمًا على أساس طائفي.
• ما جرى خلال الحرب لم يكن عملية تطهير طائفي ضد العرب السنة.
• فصائل المعارضة والسلطة الحالية طائفية، وارتكبت وترتكب جرائم طائفية.

هذه العناصر الثلاثة لا بد منها للحفاظ على اتساق السردية العلمانية الليبرالية، التي تفترض أن من قد يتعرض للاضطهاد هم الأقليات فقط، ولا يمكنها أن تكون الجلاد، إذ إن الأغلبية وحدها يمكن أن تكون كذلك. وبالتالي، ينبغي تقديم ضمانات للأقليات حتى لا تتعرض للاضطهاد. من هنا يكتسب العلماني الليبرالي شرعيته في الحكم، وينصِّب نفسه حاكمًا وحكمًا منذ الثورة الفرنسية.

لكن الحالة السورية، التي لم نشهد لها مثيلًا في العالم الغربي، تشكل قلقًا حقيقيًا للأيديولوجيا العلمانية الليبرالية، لأنها تقلب المعادلة، فتضع الأغلبية في موقع الضحية، والأقلية في موضع الجلاد. وهذا يعني أن من سيحتاج إلى ضمانات هو الأغلبية، مما يؤدي إلى فقدان العلماني الليبرالي لكل مبررات وجوده، لأنه لا يعرف سبيلًا إلى السلطة إلا بالركوب على قضية الأقليات بوصفها ضحية تحتاج إلى الحماية.

فما هو الحل بالنسبة له إذن؟
الحل الوحيد هو الإنكار، مهما بدا ذلك سخيفًا.

حسّ سليم

29 Jan, 20:31


هذا الكلام يزداد دقة في حالة الرجل، أما المرأة، فهناك دائما نزعة اجتماعية لحمايتها والتضامن معها –وهذا جيد– لأنها تعتبر ضعيفة ولا تتحمل مسؤولية عدم الزواج. أما الرجل الذي لا يتزوج ولا ينجب فهو منبوذ جدا، وتنظر الناس إليه دائما بعين الريبة، لأنه يعتبر مسؤول عن عدم زواجه، وهذا أيضا جيد، لأنه نوع من الضغط الاجتماعي على الرجال حتى يتحملوا المسؤولية.

حسّ سليم

29 Jan, 13:46


بما أن المواضيع الأخيرة تتناول الديموغرافيا وغزة:
إذا فشل التهجير القسري/الطوعي لأغلبية سكان غزة، وبغض النظر عن أي تهجير جزئي قد يحدث—وأراه حتميًا نظرًا إلى الدمار الذي لحق بالقطاع—وكانت هناك إعادة إعمار معقولة، فسيحدث انفجار سكاني غير مسبوق في غزة. ذلك لأن هذا ما يحدث غالبًا خلال الصراعات وفي مراحل إعادة البناء بعد الحروب المدمرة. سيكون هناك ما يشبه “جيل البومر” في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية.
قد يبدو هذا غريبًا، لكن في كثير من الأحيان يكون تجويع البشر وتدمير البنى التحتية دافعًا لهم إلى الإنجاب أكثر، فهذه إحدى آليات البقاء لدى الإنسان.

حسّ سليم

29 Jan, 09:43


في كل دول العالم، والدول الفقيرة بشكل خاص، من لا ينجب قد يستمتع بشبابه ويعيش حياة سهلة وممتعة، لكن مع الشيخوخة، وفي ظل تزايد معدل الأعمار، سيختم حياته بعيشة الكلب حرفيًا، وإذا كان فقيرا، فحتى الكلب المشرد سيشفق عليه.

حسّ سليم

29 Jan, 09:25


معدل الأعمار في الدول العربية:

• الأعلى عمرًا: دول الخليج مثل الإمارات، قطر، والكويت، حيث يتجاوز متوسط العمر 77-80 عامًا.

• المتوسط: دول مثل المغرب، تونس، الجزائر، ومصر، حيث يتراوح بين 72-76 عامًا.

• الأقل: دول تعاني من اضطرابات مثل اليمن، السودان، وسوريا، حيث ينخفض إلى 65-70 عامًا.

حسّ سليم

29 Jan, 08:47


هذا مجرد مثال لما سيكون عليه الحال

حسّ سليم

29 Jan, 08:41


للأسف، حتى الآن، لا توجد مناقشة للآثار المترتبة على تباطؤ الإنجاب لدينا ودخول مرحلة الشيخوخة. وما يزال الخطاب العام قائمًا على معطيات تجاوزها الزمن ولم تعد موجودة، إذ لا يزال يتحدث عن “المجتمع الشاب” والخصوبة العالية. والناس إما يناقشون سبل تحديد النسل باعتباره حلًّا اقتصاديًّا سحريًّا، أو يسخرون من أوروبا بوصفها تضم مجتمعات هرمة، مردّدين هراء اليمين المتطرف حول “الاستبدال العظيم”.

رغم كل شيء، تمتلك أوروبا بنية تحتية قوية، وتكنولوجيا عسكرية ومدنية متطورة، وثروات مالية ضخمة تستطيع من خلالها التخفيف - إلى حد ما - من مشكلة الشيخوخة. أما نحن، فلا نملك شيئًا مماثلًا؛ فلا توجد مرافق صحية معتبرة، ولا رعاية منزلية لكبار السن، كما أن الشوارع والمباني غير مشيدة بما يتناسب مع احتياجاتهم. حتى اختصاص طب الشيخوخة (geriatrics) غير موجود، ولا نعرف عنه شيئًا.

هذا يعني أن كبار السن في دولنا مضطرون للاعتماد شبه الكامل على أبنائهم، وفي ظل التراجع الحاد في معدلات الخصوبة، سيعاني الجيل الحالي من الأطفال كثيرًا في المستقبل عند رعاية آبائهم، بخلاف الأجيال السابقة، حيث كان عدد الأبناء أكبر، ومتوسط عمر الآباء أقل. وفي هكذا ظرف، ينبغي توقع إزدياد حالات سوء معاملة الأبناء لأبائهم وأمهاتهم والتخلي عنهم.

وهذا مجرد جانب واحد من المسألة، دون الخوض في تبعات أخرى مثل الانكماش الاقتصادي، وتراجع الحصيلة الضريبية، وتزايد تكاليف الرعاية الصحية، وعجز صناديق التقاعد، وهو ما سيؤدي إلى رفع سن التقاعد، وبالتالي ستضطر الأجيال القادمة للعمل لسنوات أطول مع تقليل الأجور التقاعدية لسد العجز، كل هذا قد يدفع الشباب أكثر نحو الهجرة، ما سيزيد أكثر من النزيف الديموغرافي. إضافة إلى ذلك، هناك الجانب العسكري، حيث تعتمد السياسات الدفاعية - في ظل تأخر التكنولوجيا العسكرية - بشكل كبير على حجم الكتلة السكانية.

كما أن بعض الدول العربية قد تشهد موجات هجرة كبيرة إليها، قد تخرج عن السيطرة وتتسبب في اضطرابات سياسية واجتماعية، كما هو الحال مع الهجرات الإفريقية نحو بلدان المغرب العربي (يكفي النظر إلى ما يحدث في تونس)، التي تسعى أوروبا إلى تحويلها إلى “شرطي حدود”، وجعلها وجهة للهجرة بدل أن تكون مجرد منطقة عبور، مع الأخذ في الاعتبار انتشار أيديولوجية الأفروسنتريك، التي تعتبر سكان شمال إفريقيا محتلين.
كذلك الأمر بالنسبة لبعض دول الخليج، التي قد تصبح — أو ربما أصبحت بالفعل — مناطق نفوذ هندي.

حسّ سليم

26 Jan, 13:25


لا أدري لماذا يتصرف البعض وكأن الحرب قد انتهت، ويسارعون بيقين تام لوصفها إما بالنصر أو الهزيمة، في حين أن كل شيء يشير إلى أن الحرب ما تزال مستمرة. حتى مع افتراض أن وقف إطلاق النار سيستمر ولن تتراجع عنه إسرائيل، فقد تكون الحرب قد انتقلت فقط إلى مرحلة جديدة بأدوات أخرى غير الوسائل العسكرية. فنحن إلى حد الآن لا نعرف ما هو مصير إعادة الإعمار الذي قد يكون له تأثير كبير على سلطة حماس في حال قررت إسرائيل تجميده، وهو ما قد يستمر لسنوات. وسيظل بذلك الناس في قطاع مدمر تمامًا وخالٍ من كل شروط الحياة الأساسية. وهذا يأخذنا إلى قضية التهجير الذي يصفونه بالطوعي، والذي قد يدخل مصر والأردن في مواجهة مباشرة مع إسرائيل. هذا عدا أننا لا نعرف بعد شكل التبعات المباشرة وغير المباشرة على إسرائيل في المنطقة والعالم على المدى الطويل بسبب هذه الحرب.

حسّ سليم

25 Jan, 22:53


إن كنت لا تهتم إلا برفع معدّل الخصوبة بأي ثمن، حتى لو كلّفك ذلك التخلي عن كل القيم أو الأيديولوجيات، فلا يوجد نموذج أفضل من النموذج الإسرائيلي. هذه الدولة، التي تعي أن معركتها الأولى ديموغرافية، مستعدة لفعل كل ما يلزم لجعل اليهود ينجبون، بغض النظر عن حجم التناقضات التي تقع فيها.

فهي من جهة دولة ليبرالية للغاية مع اليهود العلمانيين، حيث تسمح وتشجع كل ما يساعدهم على الإنجاب، حتى لو شمل ذلك تأجير الأرحام وتبنّي الشواذ للأطفال. ومن جهة أخرى، تدعم أكثر المجتمعات انغلاقًا في العالم، مثل الحريديم، وتوفر لهم كل أشكال الدعم المالي والقانوني ليتمكنوا من الإنجاب بحرية، مما يؤدي إلى وصولهم إلى أحد أعلى معدلات الخصوبة في العالم: 6.6.

يمكن القول، بشكل ما، إن دور المجتمع الإسرائيلي العلماني يتمثل في العمل ودفع الضرائب والقتال، بينما يقتصر دور المجتمع المتديّن على الإنجاب. وهذا سبب الحساسية الكبيرة بينهما، ولو لا العدو المشترك لما كان تواجدهم تحت سلطة دولة واحدة ممكنا.

معدلات الخصوبة في إسرائيل:

• الحريديم: 6.6 (يمثلون حوالي 13% من السكان)
• المتديّنون: 4 (يمثلون حوالي 12% من السكان)
• اليهود العلمانيون: 1.9 (يمثلون حوالي 45% من السكان)
• اليهود عموماً: 3 (يمثلون حوالي 74% من السكان)
• المسلمون: 3 (يمثلون حوالي 20% من السكان)
• المسيحيون: 1.8 (يمثلون حوالي 2% من السكان)
• الدروز: 2 (يمثلون حوالي 2% من السكان)

حسّ سليم

25 Jan, 20:32


من الأمور التي تبدو من مفارقات الديموغرافيا أن الدول غير المتقدمة ذات الأسرة التقليدية هي الأعلى من حيث الخصوبة، بينما الدول التقدمية في أغلب جوانب حياتها، لكنها ما تزال تحافظ على نوع من التقاليد عندما يتعلق الأمر بالأسرة، تقع في آخر الترتيب من حيث الخصوبة.

من الأمثلة على هذه المفارقة دول مثل اليابان وكوريا الجنوبية، التي تعاني من أقل معدل خصوبة في العالم (اليابان: 1.1 - كوريا الجنوبية: 0.7). هذه الدول محافظة جدًا أسريًا، ونسبة المواليد خارج إطار الزواج فيها قليلة جدًا مقارنة بالدول المتقدمة الأخرى (اليابان: 2٪ - كوريا الجنوبية: 1.9٪). في المقابل، نجد دولًا مثل فرنسا والسويد، حيث النسبة الأعلى من المواليد خارج إطار الزواج (فرنسا: 62٪ - السويد: 55٪)، تسجل معدلات خصوبة أعلى (فرنسا: 1.8 - السويد: 1.7).

هذا يعني أنه عند حد معين من التقدم الاقتصادي والتقدمية الاجتماعية، تصبح عوامل مثل التحرر الجنسي والحقوق النسوية وSingle Mother محفزات على الإنجاب، لكن خارج إطار الزواج. فأي امرأة ترغب في إشباع غريزة الأمومة لديها لن تجد موانع اجتماعية تمنعها من تحقيق ذلك بأي طريقة تختارها، كما أنها تحظى بتمييز إيجابي أكبر في العمل يساعدها على الإنجاب.

هذا الموضوع يشبه نوعًا ما التفاوت بين الذكور والإناث في التخصصات التكنولوجية والعلمية STEM، حيث نجد في الدول الفقيرة التي لا تتوافر فيها مساواة في التعليم بين الجنسين، تفوقًا للذكور من حيث العدد في تلك التخصصات (وهو أمر بديهي). أما في الدول الفقيرة التي تحقق مساواة بين الجنسين في التعليم، نجد تفوقًا واضحًا للإناث. لكن في الدول المتقدمة، التي توفر “مساواة” أكبر بشكل عام، نجد التفوق العددي للذكور يعود مرة أخرى.

وكأن المجتمع المحافظ والمجتمع التقدمي لا يمكن أن يجتمعا، وإذا اجتمعا، فسينتجان مجتمعًا ممسوخًا. فإما أن تكون مجتمعًا محافظًا أو أن تكون مجتمعًا تقدمي.

حسّ سليم

25 Jan, 14:35


هناك خرافتان شائعتان حول الديموغرافيا في العالم العربي لم يتمكن الزمن حتى الآن من تجاوزهما. الأولى خرافة تنتشر بين العوام في المقاهي وصفحات “اضغط على F1”، ومفادها أن عدد الإناث يفوق بكثير عدد الذكور، والدليل على ذلك: “انظر إلى الشارع، إنهن في كل مكان”. وهذا بالطبع غير صحيح، إذ إن النسب بين الجنسين متساوية.

أما الخرافة الثانية، فهي أكثر انتشارًا بين “النخب” (إذا جاز لنا وصفهم بذلك)، وتتمثل في الاعتقاد بأن الأسر العربية تنجب أعدادًا كبيرة من الأطفال. هذه الفكرة، رغم أنها كانت صحيحة في الماضي، إلا أنها حاليًا مجرد فكرة متحجرة لم يتم تحديثها منذ أكثر من 40 عامًا على الأقل. الحقيقة أن معدل الخصوبة في معظم الدول العربية اليوم بعيد جدًا عن أوهام الثمانية أو العشرة أطفال التي ما زالت تسيطر على أدمغة النخب البرجوازية. فمعدل الخصوبة في أغلب الدول العربية يتراوح بين 2 و3 أطفال لكل امرأة، مع وجود دول يقل فيها هذا المعدل أو يرتفع قليلًا.

فعلى سبيل المثال، مصر، التي تعد أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان، ويجري فيها جدل لا يتوقف حول خفض الخصوبة وكأنه حل سحري للمشاكل الاقتصادية، تشهد حاليًا معدل خصوبة يبلغ 2,54 طفل لكل امرأة. في الجزائر، المعدل 2.65، وفي العراق 2,9، بينما في سوريا 2.7، والسعودية 2.8. أما بعض الدول العربية، فقد انخفضت معدلات الخصوبة فيها إلى ما دون معدل الإحلال العالمي (2.3 طفل لكل امرأة، أو 2.1 في الدول المتقدمة)، ما يعني أنها دخلت رسميًا مرحلة الشيخوخة. على سبيل المثال: تونس 1.82، لبنان 1.7، والمغرب 1.95.

قد يتساءل البعض: لماذا إذًا تستمر زيادة السكان حتى في الدول ذات معدل الخصوبة المنخفض عن معدل الإحلال؟

الإجابة تكمن في أن معدل الخصوبة ليس العامل الوحيد المؤثر في زيادة عدد السكان. يجب أخذ عامل آخر في الاعتبار، وهو ارتفاع متوسط الأعمار، الذي شهدت الدول العربية ارتفاعًا ملحوظًا فيه. على سبيل المثال، اليابان تراجع معدل الخصوبة فيها إلى ما دون معدل الإحلال عام 1974، لكن عدد سكانها لم يبدأ في الانخفاض إلا عام 2011. أي أن الأمر استغرق 37 عامًا حتى انعكس هذا التراجع في الخصوبة على عدد السكان، رغم أن معدل الخصوبة في اليابان اليوم منخفض جدًا (1.2).

كثير من الناس، وخاصةً السياسيين المتذاكين، يعتقدون أن الدولة قادرة على التحكم بكل شيء، وهندسة المجتمع كيفما تشاء ومتى تشاء. لكن هذا ليس دقيقًا دائمًا، خاصة عندما يتعلق الأمر بالتحكم في معدلات الإنجاب. قد تتمكن دولة من أن تفرض على السكان خفض الإنجاب من خلال سياسات قد تصل حد التغريم والسجن، لكنها لا تستطيع إجبار الناس على الإنجاب. الصين مثال واضح على ذلك، إذ فرضت سياسة الطفل الواحد، التي كانت واحدة من أكثر السياسات فشلًا في تاريخها، رغم أن معدلات الإنجاب في الصين كانت أصلاً تتجه للتراجع بشكل كبير قبل تطبيق هذه السياسة. انتهى الأمر حاليًا بالحكومة الصينية إلى أن تتوسل المواطنين للإنجاب، لكن دون جدوى. هذا الفشل تشهده جميع الدول التي تحاول رفع معدلات الخصوبة، حتى مع تقديم كل أشكال الحوافز والامتيازات.

في المقابل، تجد من هم في دول فقيرة يعتقدون أنه باستطاعتهم التحكم بالإنجاب وكأنه حنفية مياه يمكنهم فتحها وغلقها متى شاؤوا، فيخفضوا الإنجاب متى شاؤوا ثم يوقفونه عند المستوى الذي يشاؤون، وبدل أن يفكروا في التراجع شبه الحتمي للإنجاب، والكوارث الاجتماعية والاقتصادية والجيوسياسية الناجمة عنه، تجدهم يهولون من الأمر ويعصرون بقايا أدمغتهم ليجدوا طريقة لتخفيض الخصوبة التي هي أصلًا في تراجع مستمر حتى دون تدخل مباشر من أحد، كل ذلك بدعوى حجج اقتصادية يمكننا أن نجد مثلها أو أسوأ منها في حالة دخول البلاد مرحلة الشيخوخة وما يترتب على ذلك في دول لا تملك الموارد المالية والتكنولوجية والعسكرية لتغطية العجز الشبابي القادم لا محالة.

في الواقع، إن كانت الدول المتقدمة والغنية تعاني من تبعات انخفاض الخصوبة، فهي ستكون أشد بكثير على الدول الفقيرة التي لا تملك سوى الخصوبة العالية ليكون لها فرصة للمنافسة اقتصاديًا وجيوسياسيًا، خاصةً إذا عرفت كيف تستعملها في عالم بحاجة للإنجاب. يمكن تشبيه ذلك بالعائلات الريفية، التي ترى في الأطفال رأس مالها الأساسي وضمانها الوحيد للمستقبل. رغم صعوبة إعالة عدد كبير من الأطفال، فإن غيابهم يجعل الأمور أكثر صعوبة، حيث تعتمد هذه العائلات على الأطفال كيد عاملة وللدفاع عن مصالحها وأرضها.

حسّ سليم

22 Jan, 14:05


تتصرف الدولة الفرنسية كدولة بلطجية منذ اعتقال الجزائر للكاتب بوعلام صنصال لأسباب لا علاقة لها بفرنسا. هذا الأخير، وهو كاتب جزائري فرانكوفوني في العقد السابع من عمره، لم يحصل على الجنسية الفرنسية إلا منذ بضعة أشهر. ومع ذلك، أدّى توقيفه إلى دخول الحكومة الفرنسية، ومعها اليمين المتطرف، في حالة من الهستيريا الكاملة، ترافقها حملة إعلامية شبه حربية لا موضوع لها ليل نهار، ودون مبالغة، سوى الجزائر التي تتهم بأنها تريد إذلال فرنسا بكل الطرق.

لكن لماذا كل هذه الهستيريا بسبب كاتب جزائري لم يمضِ على تجنيسه سوى أقل من عام؟

بوعلام صنصال يُعدُّ من الأقلام التي يمكن وصفها بالمرتزقة. دوره يتمثل في إسماع اليمين المتطرف ما يريد سماعه عن المسلمين عموماً والجزائريين خصوصاً، والدعوة لغلق المساجد وحظر الحجاب، وله علاقات جيدة مع “الدولة الزرقاء”. لهذا السبب يُعتبر، إلى جانب ثلاثة أو أربعة كتاب آخرين، الطفل المدلل لدى اليمين المتطرف، وخبير الإسلام الأول، لمجرد أنه من أصل مسلم: “أصله مسلم، وبالتالي يعرف عمّا يتحدث”، أو كما يقال"وشهد شاهد من أهلها"، وكأن كل مسلم هو فقيه عصره.

ولكن لماذا وُصفت فرنسا بالدولة البلطجية؟

منذ اعتقال صنصال، بدأت السلطات الفرنسية بإعتقال بعض المؤثرين الجزائريين على مواقع التواصل الاجتماعي، بطريقة واضح فيها جدًا التصيد. معظم هؤلاء المؤثرين هم أشخاص حمقى أو مهرجون، ولو تم اعتقالهم في سياقات أخرى لكان الأمر موضع ترحيب. لكن ما يحدث هنا لا يمكن وصفه إلا بعمليات اختطاف على طريقة عصابات أمريكا اللاتينية، بهدف ابتزاز الجزائر وإجبارها على إطلاق سراح صنصال.

المثير في الأمر، هو أنه من المفترض أن لدى النظام الفرنسي معرفة جيدة بطبيعة النظام الجزائري. فكيف يتخيل أنه قادر على إجباره على التراجع، حتى لو اعتقل الآلاف؟ بل إن هذا التصعيد لن يؤدي إلا إلى زيادة إصراره أكثر.

على أي حال، العلاقة بين فرنسا والجزائر كانت لتتوتر بشكل حتمي مع وصول اليمين المتطرف إلى الحكم أيديولوجيًا وسياسيًا نوعا ما. ذلك لأن هذا التيار لم يبتلع استقلال الجزائر حتى الآن، ولا يزال يحمل حساسية مفرطة تجاه كل ما يتعلق بها.

حسّ سليم

20 Jan, 23:38


في الثقافة الشعبية، يُقال دائمًا بما معناه: “لا تسخر من أحد، فقد يحدث معك مثله وربما أسوأ”. ويبدو أن هذا ما حدث حرفيًا مع أحفاد عصر التنوير من العلمانيين واليسار الليبرالي. فقد كانوا دائمًا يسخرون من الجدل البيزنطي في القرون الوسطى الذي ناقش مسألة: هل الملائكة ذكور أم إناث؟ ومع أن هذه المسألة كانت هامشية جدًا، ولم يتوقف عندها اللاهوتيون إلا في بضع سطور، إلا أن أبناء عصر التنوير اتخذوها لزمن طويل مثالًا على ما اعتبروه سفاهة عقول خصومهم مقارنة برقي عقولهم وما يناقشونه من قضايا.

لكن عجلة الزمن دارت، وانتهى الأمر بهؤلاء إلى جعل مسألة: هل البشر ذكور وإناث؟ من القضايا المركزية في الحضارة بأسرها، بدءًا من رأس هرمها، ومرورًا بأعرق جامعاتها، ووصولًا إلى دور الحضانة. ويا ليتهم توصلوا إلى نتيجة واضحة؛ بل استقروا على أن الأمر مفتوح إلى ما لا نهاية. وكان لا بد أن يأتي شخص مثل ترامب ليعيدهم بالعصا إلى بدهيات لم يخطر ببال اللاهوتيين في القرون الوسطى مناقشتها حتى في حديثهم مع أنفسهم، فما بالك بتحويل التشكيك فيها إلى “علم” قائم بذاته يُسمى “دراسات النوع الاجتماعي”، ويمكنك أن تحصل فيه على درجة الدكتوراه عليها ختم هارفارد وستانفورد.

حسّ سليم

18 Jan, 22:47


بعكس الدول، حركات المقاومة هي مشروع ينتهي تلقائيا بإعلان النصر أو الهزيمة. لهذا لا نعرف حركة مقاومة أقرت بالهزيمة ثم استمرت.

ملاحظة: الحديث عن حركات المقاومة وليس المقاومة، فقد تموت حركة مقاومة وتنهض غيرها.

حسّ سليم

18 Jan, 22:22


هناك أمر يجب أخذه في الاعتبار: لم يحدث أن أقرت أي حركة مقاومة بالهزيمة إلا وانتهت وحُلت تلقائيًا. لذلك، إذا كنت ترغب في استمرار أي مقاومة، فعليك التغاضي عن خطاب المكابرة بشأن الهزيمة (على فرض أنها هزيمة) والاكتفاء بالمطالبة باستخلاص العِبر. أما إذا كنت تريد نهايتها بالكامل، فذلك أيضا خيار ممكن. لكن بينهما لا وجود لحل وسط.

حسّ سليم

18 Jan, 13:48


أظن أن أي جزمٍ بشكلٍ قاطعٍ حول نتائج الحرب في غزة هو تسرُّعٌ وقفزٌ في الهواء، لأننا لم نطَّلع بعد على النتائج المباشرة، وبالتأكيد لم نطَّلع على غير المباشرة.
حاليًا، لسنا متأكدين مما إذا كان وقف إطلاق النار دائمًا فعلاً أم مجرد وقفٍ مؤقتٍ تستعيد إسرائيل خلاله الأسرى، ثم تعود للحرب. ولا داعي لأن يتحدث أحدٌ عن ضمانات، لأن الضامن الوحيد للاتفاق هو ترامب، ولا أظن أن هناك عاقلاً يمكنه الجزم بما يمكن أن يصدر عن دماغ هذا الشخص.
كما أن موضوع التهجير ما يزال قائمًا حتى لو توقفت الحرب فعلاً، لأن القطاع شبه مدمر، والبنية التحتية لم تعد موجودة، أي أن القطاع لم يعد صالحًا للعيش. الأمر قد يدفع الناس، التي لن تجد مسكنًا أو تعليمًا أو علاجًا أو عملًا، للبحث عن سبلٍ للهجرة. وهذه هي غاية تدمير القطاع إلى جانب الانتقام. والحكومة الإسرائيلية تحدثت صراحة عن هذا تحت اسم: الهجرة الطوعية.
في المقابل، لا نعلم شيئًا عن النتائج غير المباشرة. لا نعلم، مثلًا، كيف سينتهي الأمر مع الشرق الأوسط الجديد الذي تشكل بعد حرب غزة. ولا نعلم مدى الأذى الذي تعرضت له إسرائيل داخليًا وخارجيًا.

حسّ سليم

18 Jan, 08:15


بما أن الجميع يدلي برأيه في تعريف النصر والهزيمة، سأقدم تعريفي الخاص، وهو الإجابة على سؤال بسيط يُوجَّه إلى الطرفين في أي حرب أو صراع كان:

لو أتيح لك الرجوع بالزمن، هل كنت ستتخذ نفس القرار الذي انتهى إلى حرب؟

من لا يستطيع القول بأن الذي حدث يستحق العناء هو المنهزم، أما إذا كانت إجابتهما متشابهة، فالنتيجة تعادل.

حسّ سليم

17 Jan, 23:30


توفي منذ أيام “جون ماري لوبان”، أحد أبرز رموز أقصى اليمين الفرنسي. هذا الرجل لعب حتى سنوات قريبة دور “الشيطان” في الساحة السياسية الفرنسية، بسبب اتهامه بالعنصرية، ومناهضة الهجرة (الزينوفوبيا)، والأهم من ذلك معاداة السامية. ومع ذلك، يمكن لأي متابع للإعلام الفرنسي أن يلاحظ تغير نبرة الحديث عنه بعد وفاته (علمًا أنه كان قد انسحب من الحياة السياسية قبل ذلك)، وكأن هناك نوعًا من التغاضي عن مواقفه القديمة.

ربما يبدو منطقيًا التسامح مع مواقفه التي اعتُبرت عنصرية أو معادية للهجرة، خاصة وأن هذه الأفكار أصبحت شائعة في الخطاب الإعلامي والسياسي حاليًا، بل وهناك شبه منافسة حول من يرفع سقف تلك المواقف أكثر. لكن، كيف يمكن أن يُغفر له معاداته للسامية؟

قبل عقود، عندما كان لوبان لا يزال ناشطًا سياسيًا، كانت معاداة السامية تُعدّ الجريمة الكبرى. إلا أن من يتابع النقاشات السياسية الفرنسية والغربية اليوم سيلاحظ تحولًا جوهريًا في هذا السياق؛ إذ حلت معاداة إسرائيل مكان معاداة السامية كمعيار للقبول أو الرفض. اليوم، يمكن أن تكون معاديًا للسامية كما تشاء ما دمت تتبنى موقفًا داعمًا لإسرائيل.

من هنا نفهم الحلف الذي نشأ في السنوات الأخيرة بين اليمين المتطرف، الذي كان معاديًا للسامية تقليديًا، وبين أنصار إسرائيل والتيار الصهيوني، بناءً على مصلحة مشتركة: العداء للمسلمين. هذا يوضح أن مواقف اليمين المتطرف (الغوييم) من غزة وفلسطين تحركها في الأساس اعتبارات متعلقة بالشأن الأوروبي الداخلي بالدرجة الأولى.

في المقابل، أصبح أقصى اليسار المناهض لإسرائيل (جزء من اليسار وليس كله) في موقع “الشيطان” لدى الإعلام والطبقة السياسية، حيث يُتهم بمعاداة السامية. لكن القصد الحقيقي من هذا الاتهام هو معاداته لإسرائيل.

جدير بالذكر أن “جون ماري لوبان” كان يتخذ موقفًا سلبيًا من إسرائيل، شأنه شأن معظم رموز اليمين المتطرف ما قبل التصهين. لكن يبدو أن هذا الموقف قد تم التغاضي عنه من أجل ابنته التي بذلت جهودًا كبيرة لتغيير صورة الحزب الذي ورثته عنه، ورفع “الشيطنة” عنه.

حسّ سليم

16 Jan, 20:56


لو أن ما جرى في سوريا من إبادة جماعية وتطهير إثني للأغلبية على يد أقليات ذات لاهوت مؤسس على المظلومية، وبالتالي الحقد، قد حدث في أوروبا، لرأينا هناك ثورة في النظريات السياسية ينتج عنها، على الأقل، إعادة موازنة لفكرة “حماية الأقليات” من خلال طرح سؤال: “كيف نحمي الأغلبية؟” حتى لا تُستغفل مرة أخرى بشعارات الأخوة الوطنية. وإن كنت أظن أن أوروبا ستختار، في مثل هذا الوضع، وبالنظر إلى تاريخها، الإبادة ومحاكم التفتيش؛ فهي تاريخيًا شعوب تكره التعددية (لا تلام على ذلك) ولديها نزعات إبادية قوية.

فقد أخرجت الأندلسيين جميعهم أو أجبرتهم بالقوة على التحول إلى المسيحية (بما في ذلك سكان شبه الجزيرة الإيبيرية الأصليين الذين أسلموا)، وطاردت أبناء العم دون توقف لقرون حتى انتهى بهم الأمر في الأفران. وأنهى تقريبا فرعها الأمريكي وجود الهنود الحمر في القارة. كما ضاق صدرها حتى من أبناء جلدتها ومن نفس الديانة، لكنهم اختاروا مذاهب أخرى (هرطقات) غير الكاثوليكية، فلم تترك منهم فردًا واحدًا، إلى أن فرضت البروتستانتية نفسها بعد حروب طويلة. وبالتالي، فإن أوروبا لم تعرف تاريخيًا معنى التعددية إلا في الفترة الأخيرة، ومن الواضح أن صبرها عليها قد بدأ ينفد بعد تجربة 70 سنة فقط، رغم أنه لم يحدث فيها أن كانت السلطة في بيد الأقليات، قد تكون لهذه الأقليات لوبيات قوية، لكنها لم تصل إلى درجة الحكم المباشر الذي يهدد الأغلبية.

ملاحظة: لا تكن أحمق وتعتقد أن القصد هو أن الإبادة هي الحل، بل القصد هو أن من هرعوا الآن لنجدة الأقليات كانوا سيتعاملون بطريقة أخرى تماما لو حدث معهم الذي حدث مع السوريين.

حسّ سليم

16 Jan, 00:06


على سيرة الاستحقاقية لدى الأثرياء، تذكرت معلومة مرت علي منذ أشهر، تقول أنه حسب إحدى الدراسات، الأشخاص الذين يعتقدون أنهم بنوا ثرواتهم بذكائهم وتعبهم (غالبا الحقيقة ليست كما يتصورونها) أقل تبرعا بالمال من الذين لا يعتقدون ذلك، لإيمانهم بأنه رزق من الله أو لأنهم ورثوه أو يعتقدون أن الحظ قد حالفهم ..إلخ

حسّ سليم

15 Jan, 21:17


في هذه الحياة هناك قوانين تسري على الجميع وعلى كل الأيديولوجيات والمعتقدات. هذه القوانين يجب أولاً فهمها بتجرد بمعزل عن حسن النية وقوة الإيمان وامتلاك الحق، فلا يكفي أن تكون محقا لتكسب أي صراع. لهذا أعتبر أن مشكلتي الأولى مع المثاليين، لأنهم يرفضون فكرة وجود قوانين وأسباب.
وهنا يمكننا أن نذكر موقف عمر بن الخطاب في صلح الحديبية عندما سأل النبي: "ألسنا على الحق وهم على الباطل؟" هنا أعتبر أن موقف عمر كان مثاليا، ومتجاهلا للقوانين ولحقيقة أنه لا يكفي أن تكون على حق لتكسب أي صراع، بل الأمر أعقد من ذلك. مع عدم التقليل من أهمية همة الناس وقوة إيمانها، فذلك بلا شك عامل موثر جدا في الصراعات، لكن لوحده لا يكفي.

حسّ سليم

15 Jan, 20:30


هذا لمن كان يتسائل عن كيف يمكن أن يساهم الفساد أحيانا في النمو الاقتصادي. لكنه ليس موجها لمن يفهم الكلام حسب أهواءه، ويظن أن القصد هو أن الفساد ضروري للاقتصاد أو ذلك الذي لا يتوقف عند كلمة "أحيانا" ويعلق وكأن المتحدث جعلها قاعدة.

https://youtu.be/s4C1xiyGaGs?si=P1H5QDSG6EzkZBys

حسّ سليم

15 Jan, 18:14


أي شخص يمكن أن يصبح مليارديرًا "نظريًا" إلا من يقرأ كتب "كيف تصبح مليارديرًا" أو السير الذاتية للمليارديرات. ذلك لأن الملياردير في الغالب لن يخبرك بالطريقة الحقيقية التي أصبح بها ثريًا. ليس لأنه يكذب، فهو غالبًا يعتقد أنه صادق فيما يقوله، لكن لأنه يحب أن يتصور عن نفسه فكرة معينة ويرسم تصورًا مثاليًا عن كيفية تكوين ثروته. يعتقد عادةً أن ما حققه هو حصيلة ذكائه واجتهاده غير الاعتيادي، وبالتالي يستحق ثروته أكثر من غيره. أما العوامل الأخرى، مثل القدر الذي وضعه في المكان المناسب في الوقت المناسب، أو ما ورثه واكتسبه من بيئته من رأس مال اقتصادي وثقافي واجتماعي ورمزي، فهي تقلق شعور الاستحقاق لديه. ولهذا السبب، تراه يميل للحديث عن استيقاظه يوميًا في الخامسة صباحًا أو عن غسله للسيارات في مراهقته، دون أن يدرك أن هناك عوامل أخرى ساهمت في نجاحه.

الأمر نفسه ينطبق على من يعتقد أن المعمّرين يمتلكون أسرارًا لعمرهم الطويل. قد يقول أحدهم إن السر يكمن في المشي يوميًا لمسافات طويلة، بينما يدعي آخر أن السر هو في الامتناع عن أكل اللحم، وثالث يؤكد أن السر في تناول اللحم حصريًا، ورابع يرى أن تناول السكريات هو السبب (وقد سمعت ذلك فعلاً). قد تكون هذه العوامل ذات تأثير، لكنها بالتأكيد ليست السبب الوحيد، فالأمر أعقد بكثير مما يُختصر في نصيحة واحدة. وما ينفع شخصًا قد لا ينفع آخر، فضلًا عن أن هناك عوامل خارجة عن السيطرة لا يمكن تغييرها.

النقطة الأساسية هنا هي أن الناس يستريحون للأفكار البسيطة والوصفات السحرية. وكلما تعقدت الأمور، شعروا بالارتباك والضياع. من هنا، مثلًا، قد ينظر شخص إلى الولايات المتحدة، فيراها الدولة الأقوى، فيظن أن شعاراتها الليبرالية هي سر قوتها. ثم ينظر آخر إلى الصين، وينبهر بقوتها وتنظيمها، فيعتقد أن شعاراتها الشيوعية سياسيًا هي السبب. ورغم أن الشيوعية نقيض الليبرالية، فإن كلا الدولتين تملكان القوة. وهذا ينطبق على جميع "الوصفات السهلة"، التي في الواقع تشبه الشعارات الانتخابية، ولا تصل حتى مستوى البرامج الانتخابية، مثل القول بأن "العلمانية هي الحل" أو "الإسلام هو الحل". لكن حل ماذا؟ وكيف؟ وكأن تبني العلمانية سيجعل الدولة تنضم فورًا إلى مجموعة السبع، أو أن تطبيق الشريعة سيمنحها القدرة على تصنيع صواريخ فرط صوتية وتقنيات شبه الموصلات الدقيقة.

هذا لا يعني عدم تبني نماذج حياتية أو الدفاع عنها بقوة، سواءً كانت إسلامية أو ليبرالية أو شيوعية أو أي كانت. الفكرة هي تجنب الاعتقاد بوجود وصفات جاهزة تنتظر فقط من يطبقها لكل كل المشاكل. العدالة، مثلًا، قد تكون ضرورية، لكنها وحدها لا تجعل الدولة عظيمة؛ فقد تكون دولتك أعدل دولة في العالم، ومع ذلك يعاني شعبها من الفقر. أو قد تعتقد أن المساواة هي الحل، لكن دولتك الأكثر مساواة قد تظل متأخرة تكنولوجيًا في مستوى العصور الوسطى. أو قد تقول أن الحل هو إنهاء الفساد، بعض الاقتصاديين يقولون بأن الفساد قد يكون أحيانا عامل تنمية اقتصادية.

إذا بعد كل هذا يخطر على بالك سؤال: "ما هو الحل؟" فأنا أقدم لك اعتذاري عن ظهور هذا المنشور أمامك.

حسّ سليم

11 Jan, 16:34


النجاح النسبي لليمين المتطرف والشعبوي ضد حركات الشذوذ الجنسي، وخاصة التحول الجنسي، لم يكن سببه إقناع الناس بلا أخلاقية الشذوذ الجنسي، بل من خلال عرض ما سيُفعل بأبنائهم وكيف يتم حشو أدمغتهم. قبل ذلك، لم يكونوا مكترثين كثيرًا، بما في ذلك المحافظون منهم، لأن الناس، في الغالب، تعتقد أنها استثنائية، وتتصرف على أساس أن النيران التي تلتهم بيت الجار لن تصل إليهم. لكن عندما شاهدت حجم البروباغندا على شاشات أطفالها ومدارسهم، بدأت تشعر بالرعب.

حسّ سليم

11 Jan, 14:39


لا تنجح الأيديولوجيات من خلال إقناع الناس بصحة مزاعمها، بل من خلال إقناعهم بأن مصالحهم مرتبطة بها.
عندما تنظر، مثلًا، إلى اليمين المتطرف والشعبوي في الغرب، ستجد أن خطابه ظل طويلًا على الهامش، لأنه كان خطابًا منعزلًا عن مصالح الناس، وبالأخص عن النخبة الاقتصادية التي تمتلك المال والإعلام. في المقابل، كان التقدميون مرتبطين كليًا بحاجات الاقتصاد الغربي في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، وهو الاقتصاد الذي كان يتفوق بشكل ساحق على بقية العالم. ونتيجة لذلك، كان هدفه الأساسي الوصول إلى أسواق جديدة دون قيود، ما أدى إلى نشوء تزاوج بين “المجتمع المفتوح” (العولمة الثقافية) و”السوق المفتوح” (العولمة الاقتصادية).

حاليًا، نشهد انقلابًا جزئيًا في هذا المشهد، وربما سينتهي إلى انقلاب كامل في المستقبل، نتيجة ظهور منافسين اقتصاديين جدد للغرب. لم يعد السوق المفتوح الوضع الأمثل لشريحة كبيرة من “البلوتوقراطية” (حكم الأثرياء)، إذ أصبحت مصالحهم مرتبطة بالحمائية وتقييد السوق لصالحهم. التحالف الحالي بين دونالد ترامب وإيلون ماسك هو مثال على التزاوج الجديد بين ما يمكن وصفه بـ”المجتمع المحافظ” و”السوق المحافظ”. إيلون ماسك، الذي كان يسخر من ترامب قبل سنوات، أصبح الآن يرى مصلحته في تقييد السوق المفتوح وخفض الضرائب محليًا لمواجهة المنافسين من الشركات الصينية. في المقابل، حصل ترامب على دعم مالي وإعلامي واسع من ماسك وغيره. ويحدث الأمر ذاته في أوروبا، حيث أدى التزاوج بين رأس المال واليمين المتطرف والشعبوي إلى حصول الأخير على مساحة إعلامية ودعم مالي لم يكن يحلم به في السابق.

أما على المستوى الشعبي، فقد تم إقناع عامة الناس (بغض النظر عن صحة هذه المزاعم) بأن السبب في تدهور مستوى معيشتهم هو المهاجرون الذين يستولون على وظائفهم، وخاصة على المساعدات الاجتماعية الممولة من ضرائبهم المرتفعة. هذا النوع من الخطاب هو ما يفهمه الناس فعلًا، وليس خطاب الهوية التقليدية الذي لا يتبنونه إلا كغلاف رومانسي. فالحقيقة أن تلك الهوية التقليدية أصبحت جثة ميتة، وهم أول من تخلّى عنها.

ملاحظة: المنشور ليس حول إيلون ماسك أو ترامب بل حول ظاهرة تتجاوز كل العصور.

حسّ سليم

11 Jan, 13:26


أغبى مشهد في سوريا منذ 12/08، فإن كان نتيجة للفوضى فلا بد من التعامل معه بشدة ومع كل من يعيش في عالم مواز ويرغب في تحويل سوريا لمركز أوهامه التي لا تأتي إلا بالخراب. وإن كان نتيجة لتسامح مقصود معه، فنحن إذًا أمام سلطة جديدة حمقاء، ولن تعمر طويلاً، لأنها لا تتعظ من غيرها الذين سبقوها في تصدير الثورات ثم لم يجنوا من ذلك سوى عداوات مجانية لا طائل منها.

حسّ سليم

10 Jan, 20:04


البريكست يُعد مثالًا بارزًا على عيوب الديمقراطية غير المقيدة، حيث مُنح الشعب حق الاختيار، بقرار من حزب المحافظين وبضغط من الشعبويين، في قضية مصيرية تمس اقتصاد وسياسة البلد الإقليمية. النتيجة كانت أن الناس اختاروا الاستماع إلى شخصية شعبوية مثل نايجل فاراج، الذي أقنعهم بأن الاتحاد الأوروبي هو سبب جميع مشكلاتهم، بحجة أنه يسلب بريطانيا سيادتها، وأن استعادتها ستفتح أبواب النعيم. لعب فاراج على وتر مناهضة “الأوليغارشية” التي تُتهم بالتسلط على الشعب دون مراعاة مصلحته، وقدم الخروج من الاتحاد الأوروبي كحل لإنهاء تدفق المهاجرين إلى بريطانيا، مروجًا لفكرة وجود “تآمر أوروبي” ضدها.

لكن النتائج جاءت مخالفة لتلك التوقعات إلى درجة جعلت بقية الشعبويين في أوروبا يتخلون عن فكرة الخروج من الاتحاد؛ فقد ازدادت الهجرة مقارنة بما كانت عليه قبل البريكست، وحدث انكماش اقتصادي غير مسبوق، وتدهورت القدرة الشرائية، خاصة في المناطق التي صوتت لصالح الخروج. كما أصبحت بريطانيا تتوسل الحفاظ على بعض الاتفاقيات التجارية مع الاتحاد الأوروبي.

المكسب الوحيد الملموس في الوقت الحالي كان “استعادة السيادة”، وهو ما يعتبر إنجازًا لمن كان ذلك هدفه الرئيسي. أما غالبية الناس الذين ندموا على قرارهم لم يكونوا معنيين بالسيادة بحد ذاتها، بقدر ما اعتقدوا أنها ستقود إلى تحسين مستوى معيشتهم. وعندما لم يتحقق ذلك، تجاهلوا موضوع السيادة، وأصبحوا يتمنون العودة إلى الاتحاد الأوروبي.

هذا لا يعني أن البريكست قد لا يتحول إلى خيار صائب في المستقبل البعيد. كل شيء ممكن، ولا يمكننا التنبؤ بمسار التاريخ. ما قد يبدو كارثيًا أو عظيمًا اليوم قد يتحول إلى العكس على المدى الطويل. لكن القضية تكمن في مدى حكمة الاعتماد الكامل على قرارات الشعب في مسائل مصيرية، خاصة وأن الجماهير يمكن التلاعب بها بسهولة، ومزاجها يتغير بسرعة، ثم نفترض أن لها الوعي الكافي للاختيار، لكنها لا تملك الوعي الكافي لتحمل مسؤولية ذلك الاختيار (لسبب ما، تذكرت النسوية).

مع ذلك، لا يعني هذا أن النخب معصومة من الخطأ، فهي أيضًا قد تتخذ قرارات كارثية رغم كفاءتها النظرية. لكن، من حيث المبدأ، تظل النخب، وبغض النظر عن توجهها الأيديولوجي، هي أقدر على اتخاذ قرارات صائبة مقارنة بجماهير مندفعة بنزعاتها الآنية وغاية سعيها هو زيادة راتبها للشهر الجاري أو ما يمكنها شراءه في موسم التخفيضات القادم.

إذن، لماذا تحافظ النخب على المنظومة الديمقراطية إذا كانت في النهاية ستقيدها؟

1. لأنها الطريقة الأنسب لحل مشكلة التنافس على السلطة واختيار الحكام، مع ضمان تقييد هؤلاء بمبادئ عليا ذات سيادة.
2. لأنها تعمل كصمام أمان ضد الانفجارات الثورية أو الاضطرابات الشعبية.

حسّ سليم

09 Jan, 20:57


يجب دائمًا أن نضع في أذهاننا، عند حديث الدول الغربية ومن يصنفون أنفسهم كـ”ديمقراطيين” في الدول العربية عن الديمقراطية، أن المقصود بها ليس أبدًا الديمقراطية بمعناها الحرفي الموروث عن اليونان: “حكم الشعب”، بل المقصود بها هو “الديمقراطية الليبرالية”، والتي تعني عمليًا أحقية الشعب في اختيار حكامه، لكن السيادة تكون للمبادئ الليبرالية. لذلك نسمع أولئك “الديمقراطيين” يرددون كثيرًا عبارات مثل: “الديمقراطية ليست مجرد صندوق” أو “الديمقراطية ليست حكم الأغلبية”، لأن الديمقراطية في أذهانهم لا تأتي إلا مقترنة بالليبرالية. أي أنك يمكنك أن تختار من تشاء من أي توجه كان، ما دام الذي تختاره سيلعب في النهاية ضمن القواعد الليبرالية مثل: المساواة المطلقة*، حماية الأقليات*، الحريات الفردية*، حقوق الإنسان*. وبالتالي تكون الانتخابات مجرد آلية إجرائية لحل معضلة اختيار الحاكم، وليس لمنح الشعب السيادة المطلقة.

من هنا تفهم جانب طبيعة الصراع السياسي الحالي في الغرب، والجدل الحاصل بين الليبراليين والشعبويين الذين يناضلون من أجل تجاوز المبادئ الليبرالية وإعادة السيادة للشعب أو، بتعبير آخر، الديمقراطية.

لكن لا ينبغي أن تكون لدينا أوهام حول الديمقراطية؛ فحتى هؤلاء الشعبويون سينتهي بهم المطاف، إن تمكنوا، إلى منح السيادة لمبادئ تعلو حكم الشعب. لأن باستثناء التجمعات البشرية الصغيرة والدول المجهرية، فإن الديمقراطية التامة مستحيلة. ولا يمكن الاعتماد كليًا على الشعب، الذي تحكمه نزعاته الفردية المتقلبة ويسهل توجيهه من قبل قوى الدعاية، في بناء دول مستقرة والحفاظ عليها.


*إن كنت منبهرًا بمثل هذه المصطلحات، فأنت في القناة الخطأ.

حسّ سليم

09 Jan, 19:47


اليسار في كل العالم هو توجه أيديولوجي يعادي القوة ومظاهرها ويعتبر أي قوة استبدادا، وهذا يعطينا فكرة عن نفسية اليسار المشابهة لنفسية العبيد (أخلاق العبيد) التي تقدس الضحية وتجعل منها أيديولوجيا. ومن هذا المنطلق يعادي اليسار الأغلبية دائما سواء أغلبية قومية أو دينية أو جنسية،

وبالتالي ستحظى الأقليات والاستثناءات دائما بدعمه لأنها بطبيعتها مضطهدة ومهددة بالفناء حتى لو كانت في موقع قوة

ولهذا يعارض اليسار الديمقراطية الصرفة (رغم ادعائه الديمقراطية) التي تفهمها حرفيا كما جاءت من عند الإغريق "حكم الشعب"، ويعتبر ذلك استبدادا للأغلبية، ومنه يجب تقييد الديموقراطية بمجموعة شروط ليبرالية لتصبح "ديمقراطية ليبرالية" ليس الحكم فيها حقيقة للشعب بل لتلك الشروط (الحكم للشريعة الليبرالية).

ولهذا سيفضل دائما استبدادا يحكم باسم تلك الشروط على أي ديموقراطية تتجاهلها.. من أجل حماية الأقليات التي لابد أن تكون رائعة وطيبة وينبغي على الجميع مدحها ليل نهار وطلب رضاها لكونها هي الثروة الوطنية.
حتى في الحالات التي تخالف فيه بوضوح قيم أو ممارسات أقلية ما قيم وممارسات اليسار، فسيتجاهلها او يجد طريقة يربط تلك القيم بقيم الأغلبية.

حسّ سليم

06 Jan, 19:44


تخيل بلدًا يحكمه دين رسمي. هذا الدين له آلهة، وميثولوجيا، ولاهوت، ومعابد، ورهبان، وطقوس رسمية ترعاها الدولة. ومع ذلك، فإن قوانينه ومبادئه تتطابق مع مبادئ النموذج الغربي المعلنة، مثل المساواة، وحقوق الإنسان، والحريات الجنسية التي تتزاحم في الشارع.

وفي المقابل، هناك بلد آخر لا يحكمه أي دين بالمعنى التقليدي. بلد علماني جدًا، لا يفسح أي مجال للمظاهر الدينية، ولا مكان فيه لما يسمى “الخرافة” أو “الجهل المقدس”. ومع ذلك، فإن قوانينه ومبادئه تناقض مبادئ النموذج الغربي؛ فلا مساواة فيه، ولا اعتبار لحقوق الإنسان، ومن الأفضل لك ألا تعربد كثيرًا في الشارع (شيء قريب من كوريا الشمالية).

أي بلد تعتقد أن العلماني سيختار؟ حتمًا ودون أدنى شك، سيختار البلد الأول. لماذا؟ لأن المسألة لم تكن يومًا متعلقة بالعلمانية وفصل الدين عن الدولة في حد ذاته. العلمانية ليست سوى واجهة دعائية للنموذج الغربي بأيديولوجيته التي تسعى لأن تكون السيادة لها، لهذا سيكون من الصعب جدا، وربما من المستحيل، أن تجد علمانيًا يفكر خارج الإطار الأيديولوجي الغربي.
بذلك نكون أمام نوعين أساسيين من العلمانيين في الواقع:

• علماني عامي، لا يدري ما يتحدث عنه، ويردد فقط ما يسمعه دون أن يكون قادرًا على تمييز المفاهيم عن بعضها البعض، وهذا مرفوع عنه القلم.
• وعلماني يدرك جيدًا ما هي العلمانية، ويفهم أنها مجرد أداة لتمكين نموذج معين له أيديولوجياته، وليست هدفًا في حد ذاته، لكنه لا يصرح بذلك، فهو بلا شك مخادع.

حسّ سليم

06 Jan, 18:22


يردد العلمانيون بدون توقف بأن العلمانية هي مجرد مبدأ، هذا المبدأ يتلخص في فصل الدولة عن الدين. في حالة إذا ما رضينا باعتبارها فعلاً كذلك وتجاوزنا ذلك التعريف المختزل لها، فهي ستكون مثل مبدأ الفصل بين السلطات. عندما تُحدث أي شخص عن الفصل بين السلطات فلن يخطر على باله أي تصور ما عنها، سوى أنها منح كل سلطة استقلاليتها عن بقية السلطات. وكذلك ما يجب تخيله عن العلمانية لو كانت فعلاً مجرد مبدأ للفصل بين الدين والدولة.

لكن هل حقاً عندما يتحدث العلمانيون عن العلمانية لا يتضمن حديثهم أي تصور لطبيعة ومضمون تلك العلمانية؟ هل يتصورونها فعلاً كعلبة فارغة لا تشترط سوى أن لا يدخلها الدين؟

إذا نظرنا للواقع ومجمل ما يطرحه العلمانيون فسنجد بأن لهم تصوراً واضح لما يجب أن تملئ به علبة العلمانية. لنأخذ كمثال إحدى الجدالات التي تطفو إلى السطح بين الحين والآخر عن مسألة الفرق في الميراث بين الجنسين. يرفض العلمانيون القاعدة التي تعطي للذكر حصة الأنثيين بدعوى أنها قانون ديني يمس بمبدأ الفصل بين الدين والدولة، لكن ماذا لو اقترحت جهة ما أن تكون القسمة للذكر حصة ثلاث إناث أو أربع مثلاً؟ لن يمس ذلك مبدأ العلمانية فهي ليست قسمة مستمدة من الدين، هل سيتقبلها العلمانيون؟ طبعاً لن يتقبلوها ويستحيل أن تخطر على بالهم من الأساس وسيفضلون دائماً النسخة الدينية عليها، لأن العلبة ليس حقاً فارغة وهي مليئة بالأيديولوجيات والمعتقدات وإحداها بلا شك هي المساواة بين الجنسين وفكرة المساواة المطلقة بشكل عام. إدعاء أن العلمانية هي مجرد مبدأ هو محاولة خداع تقوم بها أيديولوجيا تدعي الحياد أمام القيم.

وإذا ما تحدثنا عن العلمانيين العرب فسيكون الأمر أقل تعقيداً معهم، لأن العلمانية بالنسبة لهم تعني بكل بساطة القانون الغربي. العلماني العربي ذلك "المفكر الحر" عاجز تماماً عن تخيل أي نموذج خارج النموذج الغربي. بالنسبة له لا يهم إذا كان القانون ديني أو غير ديني، المهم هو مدى تطابقه مع ما تطرحه الليبرالية الغربية. العلماني العربي لا يدعو للعلمانية بل للنموذج الليبرالي الغربي الذي يسميه نفاقاً "إرث الإنسانية".

#أديان_علمانية
#حياد_مزيف

حسّ سليم

05 Jan, 23:27


المثالي يفهم الواقع كما يريده هو، فيضيع الممكن تحت دعوى السعي نحو ما يجب أن يكون.

الانتهازي يفهم الواقع كما هو، فيتمسك به دون اكتراث لما يجب أن يكون.

البراغماتي يفهم الواقع كما هو، فيتمسك بالممكن وعينه على ما يجب أن يكون.

حسّ سليم

05 Jan, 18:06


من المعروف عن المثاليين أنهم، كالأطفال، يجيدون التنظير السهل حول “كيف يجب أن يكون الحال”، دون التفكير في حقيقة هذا الحال، وما هو الحال الممكن فعليًا. لهذا، لا يصلون أبدًا إلى شيء، ويظل الوضع على ما هو عليه، بل كثيرًا ما يزداد سوءًا. العالم بالنسبة لهم بسيط، أشبه بعالم الأطفال: أخيار في مواجهة أشرار. الأخيار يجب أن يختاروا الخير، والأشرار سيختارون الشر حتمًا. كل شيء يبدو واضحًا وبديهيًا.
لكن الحياة ليست مثالية بهذا الشكل، والبشر أكثر تعقيدًا من أن تُفسَّر أفعالهم من خلال توقعات ناجمة عن تصنيفات مبسطة. ولو لم يكن الأمر كذلك، لانتهى التاريخ منذ زمن بعيد.

حسّ سليم

05 Jan, 16:31


من يدقق في الأطراف المشاركة في حربَي 1967 و1973، لا بد أن يلاحظ اختلافًا في مدى الدور الذي لعبته دول الخليج؛ حيث انخرطت الأخيرة في حرب 1973 بشكل أكثر وضوحًا مقارنة بحرب 1967. لا يعني هذا أن الدور الخليجي كان حاسمًا في نتيجة الحربين، لكننا هنا بصدد مناقشة الأسباب التي جعلت دول الخليج تقدم مساندة أكبر للسادات مقارنة بعبد الناصر.

لماذا نجح السادات فيما فشل فيه عبد الناصر؟

من المعروف أن حقبة عبد الناصر شهدت توترًا وحربًا غير معلنة بينه وبين دول الخليج، وتحديدًا السعودية، ابتداءً من عام 1962، بعد أن كانت العلاقة بينهما جيدة إلى حد كبير. السبب يعود إلى رغبة عبد الناصر في تصدير نموذج الجمهورية الذي كان يمثل “التقدمية” إلى الملكيات التي كانت تمثل “الرجعية”، الأمر الذي جعل دول الخليج تنظر إلى عبد الناصر باعتباره خطرًا داهمًا، خاصة مع الحرب اليمنية التي شارك فيها الجيش المصري بشكل مباشر لإسقاط الملكية في اليمن. في المقابل، انحازت المملكة العربية السعودية إلى الملك اليمني الزيدي (ألا يذكرك هذا بشيء؟). وبالتالي، كان من البديهي من وجهة نظر سعودية ألا تكترث كثيرًا بمصير عبد الناصر أمام “تلك الدولة”، لأن الأخيرة لم تكن تشكل لها خطرًا داهمًا كما كان الحال مع عبد الناصر.

أما السادات، فقد اتخذ مقاربة أخرى في السياسة الخارجية مع الدول العربية، لم يكن من ضمنها تصدير الثورة الجمهورية أو قلب أنظمة الحكم فيها، مما جعل دول الخليج أكثر ارتياحًا نحوه. ونتيجة لذلك، أصبحت أكثر استعدادًا لتقديم المساعدة في مواجهة “تلك الدولة”، لأنها لم تعد تشعر بأنها مخيرة بين بقائها وتقديم هذه المساعدة.

بنفس المبدأ، يمكن فهم شكل الاصطفاف في الشرق الأوسط ما بعد الثورة الإيرانية وحتى الآن. فقد بدأت دول الخليج تشعر بتهديد وجودي من محاولة تصدير الثورة الجمهورية إليها مرة أخرى، ولكن هذه المرة بطابع محافظ بدلًا من الطابع التقدمي. ثم تبنّت إيران شعار القضية الفلسطينية (بغض النظر عن صدقها في ذلك)، وشيئًا فشيئًا بدأت دول الخليج تنحاز إلى “تلك الدولة”، خاصة بعد الانسحاب الأمريكي. بل إن بعضها أصبح في تحالف شبه صريح معها بناءً على مبدأ مواجهة عدو مشترك. الاستثناء الخليجي هنا نوعًا ما هو قطر، لكنها استثناء لنفس الأسباب؛ فحتى لو اعتبرت قطر إيران مصدر تهديد لها، فإن السعودية تمثل بالنسبة لها التهديد الأخطر، خصوصًا خلال فترة أزمة الخليج (2017-2021).

الفكرة هنا ليست لتبرير موقف هذه الدولة أو تلك، بل محاولة لفهم سلوك الدول والجماعات السياسية وحتى الأفراد في الحياة العادية، وكيف يفكرون بعيدًا عن إطلاق الأحكام، التي لابد أن لا يلغيها هذا الفهم. فأنت، كصاحب قضية نبيلة ومع افتراض صدقك في هذا المسعى، لا بد أن تفهم كيف يفكر من تفترض أنهم معنيون بقضيتك. لا يمكنك أن تهدد وجود ومصالح الدول المعنية بالأمر في سبيل قضيتك، أو أن تبيد الناس المعنية وتنكل بهم بدعوى تحقيق غايتك النبيلة، ثم تتوقع منهم تجاوبًا إيجابيًا مع ما تدعيه، وإلا تتعجب من اختيارهم لأسوء الخيارات. باستثناء إذا كنت قادرًا على فرض ذلك عليهم بالقوة بحيث لا يمكن لأحد أن يصُدك، وإلا فعليك أن تجعل قضيتك متوافقة مع مصالح تلك الدول/الأفراد، أو على الأقل لا تتعارض معها. مثل حيوان تحاول حشره في زاوية؛ إن وجد منفذًا للإفلات منك فسيفعل حتمًا، وإلا عليك إيجاد طريقة أخرى غير محاصرته، مثل إغرائه بالطعام.

حسّ سليم

31 Dec, 20:09


ليس من باب الدفاع عن الاحتفال برأس السنة أو معارضته، وإنما من أجل تصحيح فكرة خاطئة شائعة بين الناس حول رأس السنة (1 يناير/جانفي)، حيث يعتقد الكثيرون أنه مناسبة مسيحية، بل ويظن بعضهم أنه يوم ميلاد المسيح في التقاليد الغربية، وهذا غير صحيح. في الواقع، 1 يناير هو رأس السنة منذ ما قبل الميلاد، وقد جعله الرومان كذلك بقرار إداري بحت، لا علاقة له بالمعتقدات الدينية. أما اليوم الذي يحمل خلفية دينية فهو 25 ديسمبر، الذي يُعتبر يوم ميلاد المسيح في التقاليد الغربية، وقبل ذلك كان عيدًا وثنيًا لدى الرومان يُعرف بـ”ساتورناليا”، ثم قامت الكنيسة الغربية بتبنيه وإضفاء الطابع المسيحي عليه، كما فعلت مع العديد من المناسبات الوثنية القديمة.

إذن، إذا كنت تعارض هذا الاحتفال من منطلق كونه جزءًا من الثقافة الغربية، فهذا مفهوم، ولكن من المهم الإشارة إلى أنه ليس مناسبة دينية بالمعنى الذي يتصوره البعض

حسّ سليم

30 Dec, 17:23


جون إي دوغلاس، عميل سابق في مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI)، يُعدّ من رواد علم النفس الجنائي. وضع أسس تحليل السلوك الإجرامي من خلال مقابلات مع القتلة المتسلسلين لفهم طريقة تفكيرهم والدوافع وراء أفعالهم، مما أتاح له إنشاء ملفات شخصية ساهمت في حل قضايا معقدة واعتقال قتلة آخرين. وثّق دوغلاس جهوده المبتكرة في كتابه “Mindhunter”، الذي أصبح أساسًا لمسلسل يحمل الاسم نفسه مع بعض البهارات النتفلكسية.

لكن الأمر لم يكن سهلاً بالنسبة لدوغلاس وفريقه في وحدة العلوم السلوكية، ليس فقط بسبب متطلبات العمل في حد ذاته، بل أيضًا بسبب التعامل مع الموقف الأخلاقي العام تجاه أبحاثهم. إذ كان كثيرون يرون أن دراساتهم تُبرر الجرائم البشعة بحجة أن مرتكبيها ضحايا لبيئتهم أو لنوازع داخلية خارجة عن إرادتهم. ولم تبدأ هذه الاتهامات بالتراجع إلا عندما أثبتت الأبحاث نتائج ملموسة لا يمكن تجاهلها، مما دفع الناس إلى تجاوز هذه المعضلة الأخلاقية في نظرهم.

هذه المعضلة التي واجهها دوغلاس هي مثال على ما يعانيه كثير ممن يحاولون فهم حقيقة الأمور. فكثير من الناس –وهذا لن يتغير– يعتقدون أن محاولة فهم دوافع الأفعال المنبوذة تعني رفع الحكم الأخلاقي عنها. وهذا ما نراه فعلاً من كثير من اليساريين الليبراليين. ما يجعل الباحث عن الفهم بين نارين: من جهة انغلاق ذهن الذين يتهمون نتائجه بالتبرير لعدم استيعابهم أهمية فهم حقيقة الأشياء كما هي للتعامل معها بالطريقة الصحيحة، ومن جهة أخرى فرط انفتاح الذهن إلى درجة سقوط ما بداخله لدى الذين يستعملون نتائج من يحاول مجرد الفهم للتبرير وإلغاء الأحكام الأخلاقية.

ليست الغاية من معاقبة المجرم هي تحقيق العدالة فقط، بل هي أيضا وسيلة للحد من الجريمة. ولذلك، من الضروري، خاصة لصاحب القرار، أن يفهم كيف يفكر المجرم وما الذي دفعه إلى ارتكاب جريمته. ليس بغرض تبرير أفعاله أو تخفيف العقوبة عنه، بل لفهم أمثاله وكيفية التعامل معهم، وربما التنبؤ بما قد يقومون به في المستقبل.

غاية هذا المنشور لا تقتصر على علم الجرائم فقط، فهو مجرد مثال، بل تمتد إلى جميع الظواهر البشرية، سواء كانت اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية أو حتى علاقات دولية. فمن الضروري دائمًا السعي لفهم دوافع الناس وخياراتهم، ولا يكون هذا إلا من خلال الفصل بين فهم الأشياء على حقيقتها والحكم عليها، دون الالتفات إلى ذهن متزمت أو آخر ساقط.

حسّ سليم

29 Dec, 21:43


الوضع حاليا:

حسّ سليم

29 Dec, 17:46


إذا واصل أحمد الشرع نهجه في فرض سلطة مركزية، وبعد الانتهاء من بقايا النظام السابق، فلن يكون مستبعدًا أن يدخل في صراع قد يُستعمل فيه السلاح ضد فصائل المعارضة.
يقول إنه يريد دمج كل الفصائل في الجيش. حاليًا، ليس لديه خيار آخر، أولًا لأنه لا يوجد بديل جاهز لهم في الوقت الراهن، وثانيًا لاحتوائهم وجعلهم تحت سلطة الدولة.
لكن ما لا نعرفه هو كيف سيتم هذا الدمج: هل سيكون دمجًا لهم كمجموعات تحت قيادة ما يشبه البارونات؟ هذا يعني احتمالية اندلاع اقتتال داخلي (في عالم مثالي، يمكنك استبعاد هذا الاحتمال). أم سيتم دمجهم كأفراد؟ الخيار الثاني أيضا لا يخلو من عيوب (نجد مثلها في الخيار الأول)، لأن الثوريين، حتى كأفراد، يصعب التعامل معهم ودمجهم في جيش نظامي، بسبب طبيعتهم التي لا تتقبل الطاعة واحترام التراتبية، وهما أمران لا بد منهما في الجيوش النظامية. فالجندي يمكن أن يتصف بكل شيء إلا الثورية، لهذا تفضل الجيوش تجنيد الشباب اليافع الذي لم يسبق له خوض الحروب والصراعات ليكون بمقدورها صقلهم وفق عقيدة الجيش واحترام التراتبية.

يقال إن الثورات تأكل أبناءها، وفي الحقيقة، ينبغي على الثورات أن تأكل أبناءها، وإلا فلن يستقر الحال.

حسّ سليم

29 Dec, 15:22


هناك ثلاثة أمور على الأقل لدى أحمد الشرع تستحق الاحترام من الناحية السياسية، وتوضح أسباب تغلبه:

• تفكيك الفصائل في إدلب وتوحيدها تحت قيادة واحدة، باستخدام السياسة والقوة.
• موقفه الإيجابي تجاه روسيا، رغم كل ما فعلته في سوريا.
• فور دخوله دمشق، ودون تردد أو ادعاء الزهد في الحكم، توجه إلى القصر الجمهوري وبدأ التصرف كرئيس جمهورية وكأن الأمر بديهي، وعين حكومة دون الانخراط في أي جدال عقيم مع أحد، بما في ذلك فصائل المعارضة الأخرى

حسّ سليم

24 Dec, 15:38


الدول بشكل عام، ودولة المؤسسات بشكل خاص، هي كيان براغماتي إلى أبعد الحدود. تعتبر مسألة الحفاظ على بقائها الأولوية الرئيسية بالنسبة لها، ومن أجل ضمان هذا البقاء، هي مستعدة للتضحية بكل شيء تقريبًا لتحقيق ذلك. قد تضحي بأي شخصية فيها مهما علا منصبه، وقد تبتر أجزاءً من مؤسساتها دون تردد لتحافظ على ما تبقى منها. كما قد تتخلى عن كثير من شعاراتها وقيمها المعلنة، ولو مؤقتًا، فما جدوى تلك القيم والشعارات بالنسبة لها إذا سقطت الدولة كلها أو تضررت مصالحها الحيوية؟ وبالتأكيد، قد تتخلى عن حلفائها وكأنها لم تعرفهم يومًا إذا شعرت بأنهم أصبحوا عبئًا ثقيلًا لا تقدر على حمله.

في الأشهر الأخيرة، قدمت إيران عرضًا نموذجي لهذه البراغماتية تحت مسمى “الصبر الاستراتيجي”. فقد تركت أقرب حلفائها يواجهون مصيرهم، وغالبًا غضت الطرف عن الاغتيال المحتمل لرئيسها أثناء عودته من أذربيجان*. كما تخلت عمليًا عن شعارات مثل “وحدة الساحات” و”محور الممانعة”، وكأنها لم تكن، والتزمت الصمت العسكري طويلًا أمام ضرب حرسها الثوري. كل مشاركتها في الحرب الحالية لم تتجاوز الرد على المساس المباشر بسيادتها، من خلال هجمات محسوبة تهدف إلى ردع العدو دون الانزلاق إلى حرب شاملة ترى أنها غير مؤهلة لخوضها، بغض النظر عن المزاعم المعتادة حول قدرتها على “حرق تلك الدولة خلال ساعة ونصف”.

كانت صواريخها تعبر أجواء الأردن، الذي يعتقد أن ذلك سيورطه في حرب لا قبل له بها، لأن “تلك الدولة” ستعتبر غض الطرف عن هذه الصواريخ تواطؤًا، مما يمنحها ذريعة لضرب الأردن المجاور، بعكس إيران البعيدة. وإذا حدث ذلك فلن تسارع إيران لمساعدته وهي لم تساعد حتى أقرب الحلفاء إليها. الموقف نفسه تكرر مع دول الخليج، التي هددتها إيران بدفع الثمن في حال سكوتها عن مرور طائرات “تلك الدولة” عبر أجوائها، لينتهي الأمر بمرور الطائرات عبر أجواء الحليف السوري/الروسي ثم العراق.

*أذربيجان، رغم أنها دولة شيعية، تعد أقرب حليف لـ”تلك الدولة” في المنطقة والحديقة الخلفية لاستخباراتها. إلا أن عصبيتها الأولى قومية، مما يجعلها تميل نحو تركيا، في حين اصطفت إيران مع أرمينيا المسيحية، التي باتت تُحسب على المعسكر الغربي.

حسّ سليم

22 Dec, 16:01


معنى “دولة المؤسسات” لا يرتبط بالفساد أو العدالة أو الاستبداد أو ترتيب المؤسسات، بل يُختزل في مقولة يرددها أحيانًا السياسيون: “دولة لا تزول بزوال الرجال”. إنها دولة لا تسقط بسقوط أجزاء منها، حتى وإن كانت هذه الأجزاء تحتل قمة هرم السلطة. وجودها غير مرتبط بأسرة أو قبيلة أو أقلية معينة، لأنها متجذرة في المجتمع ككل أو في غالبيته، دون أن يعني ذلك رضا الأغلبية بشكل كامل.

لكن المشكلة أن البعض، عندما يسمع عبارة “دولة المؤسسات”، يذهب ذهنه مباشرة إلى تصور مرتبط بالدول المتقدمة، كما هو الحال مع العلماني الذي يسمع عبارة “دولة علمانية”، فلا يستطيع أن يتصور شيئًا آخر سوى ألمانيا أو كندا، مع أن أغلب الدول العلمانية ليست كما يتوهم.

الأمر نفسه ينطبق على مفهوم “دولة الرفاه”. عندما يُقال “دولة رفاه”، ربما لا يتبادر إلى أذهان الأغلبية سوى دول مثل سويسرا أو السويد، مع أن دولة الرفاه مفهوم أوسع من ذلك. الفارق يكمن في أن هناك دول رفاه غنية وأخرى فقيرة. لكن من حيث الجوهر، لا فرق بينهما. الاختلاف بينهما في المستوى وليس في الأساس: إحداهما قد تقدم رعاية صحية جيدة بالمجان أو بسعر معقول، بينما تقدم الأخرى رعاية صحية أيضا مجانية أو شبه مجانية لكن بجودة أقل. ومع ذلك، تظل تقدم خدمات صحية لسكانها، وهو ما يميز دولة الرفاه.

بغض النظر عن طبيعة الدولة أو أشكالها، من الأخطاء الشائعة عند المقارنة بين الأشياء إلغاء جوهرها المشترك بسبب اختلاف الشكل، أو إلغاء العناصر غير الجوهرية تماما بدعوى التشارك في الجوهر.
الفروق بين أول سيارة صُنعت في الثلاثينات وسيارة “بوغاتي” الحديثة لا تُحصى، ومع ذلك، كلاهما لهما جوهر واحد: "سيارة"، دون أن يعني ذلك أن الأولى قد تنافس الثانية في السرعة والقوة والأمان. والفرق بين أول حاسوب اخترع والحاسوب الكمومي الحديث يفوق التصور، ومع ذلك، كلاهما لهما جوهر واحد: "حاسوب"، دون أن يعني ذلك أن الأول قد ينافس الثاني.

حسّ سليم

21 Dec, 20:59


نظرًا لغياب دولة المؤسسات في سوريا، وبالتالي غياب الدولة العميقة بمعناها المؤسسي، فإن هذا لا ينفي احتمال ظهور ما يشبه ثورة مضادة يقودها المستفيدون اقتصاديًا من النظام السابق، بالإضافة إلى الموالين له (وخاصة من الأقليات) وأولئك الذين لديهم مشكلات أيديولوجية مع الحكام الجدد (حزب الباليه). غالبا ستبدأ هذه المكونات خلال الفترة القادمة في تشكيل أحزاب، ومنظمات “مجتمع مدني”، وإطلاق حملات إعلامية، وليس من المستبعد أن تقوم باغتيالات. ومع ذلك، فإن كل هذه الجهود تبقى بلا قيمة في ظل غياب قوة قسرية على الأرض، مما يجعل مصيرهم مرتبطًا بمدى دعم القوى الأجنبية الفاعلة في الميدان.

حتى الآن، لم تحسم هذه القوى، وخاصة الولايات المتحدة، موقفها من الحكام الجدد. فهي تسعى للتأكد من المسار السياسي الذي سيتبنونه عمليًا تجاه إسرائيل، والتواجد الروسي، بالإضافة إلى شعاراتهم الأيديولوجية المعتادة التي تُستخدم كأدوات ابتزاز، مثل قضايا الأقليات وحقوق المرأة. كما أن هناك عاملًا مهمًا آخر يتمثل في وحدة سوريا، حيث تهتم القوى الدولية بوجود دولة مركزية قوية لمنع الصراعات والفوضى التي قد تنجم عنها تداعيات غير متوقعة على المدى الطويل، التي قد يكون أقلها تجارة السلاح.

حسّ سليم

21 Dec, 18:20


تذكرت هذا المنشور بمناسبة ما حدث في ألمانيا وتعليقات البعض الذين شعروا بالإحراج من أفكاره

حسّ سليم

21 Dec, 18:20


أعداء الصوابية السياسية

في الغرب، ومن وجهة نظر اليسار الليبرالي، الذي يمثل أقصى درجات الشر لأنه يمثل الأغلبية وهوية البلد، هو الرجل الأبيض المسيحي السوي جنسياً وبالأخص رب الأسرة من الطبقة الوسطى... كل من هو خارج هذا التصنيف ينتمي تلقائياً لمجموعات مضطهدة: الشوا_ذ، المرأة، أولاد العم، السود، المسلمين، المهاجرين وكل الأقليات العرقية والدينية.
في الشرق الأوسط نجد نفس المنظومة لدى اليسار الليبرالي، الشر الأعظم الذي يمثل هوية الأغلبية هو الرجل العربي المسلم والسوي (من الأفضل يكون سني لكن ليس بالضرورة)... كل شر في هذا العالم في نظر الليبرالي لابد أن يكون لصاحب هذه التصنيفات دورٌ ما فيه بشكل أو بآخر.

على سبيل المثال:

- إذا قام عربي غير مسلم بفعل ما فالمشكلة تكمن في كونه عربي وليس في دينه

- إذا قام مسلم غير عربي بفعل ما فالمشكلة تكمن في كونه مسلم وليس في قوميته

- إذا قام شرق أوسطي غير عربي وغير مسلم بفعل ما فالسبب في كونه من البقعة الموبوءة وليس بسبب قوميته أو دينه

إذا قام شخص ما من خارج الشرق الأوسط وغير عربي وغير مسلم لكنه مسيحي بفعل ما فالسبب هو الديانات الإبراهيمية

- إذا قام شخص ما من خارج الشرق الأوسط وغير عربي وغير مسلم وغير إبراهيمي لكنه رجل بفعل ما فالسبب هو الرجال

- إذا قام شخص ما من خارج الشرق الأوسط وغير عربي وغير مسلم وغير إبراهيمي وغير رجل بفعل ما فالسبب هو الإنسانية... ويضيف عليها: يا رب نيزك يريحنا من البشر

حسّ سليم

20 Dec, 14:26


قبل أن تتهور في عالمك النظري وتحاول إسقاط التجربة السورية على غيرها، يجب أولًا أن تفهم طبيعة الدولة في ذلك البلد. سوريا لم تكن بها يومًا دولة مؤسسات، بل هي دولة أقلية طائفية، وبقاء هذه الدولة مرتبط ببقاء هذه الطائفة في السلطة. كما لا توجد بها دولة عميقة على الشكل الذي يتصوره البعض، وإن قلنا بوجودها، فهي الطائفة نفسها. الأمر مختلف تمامًا مع بلدان أخرى في المنطقة، مثل تركيا ومصر وإيران، التي مهما كان موقفك من سياساتها وأسلوب حكمها، فهي دول مؤسسات لا تقوم على أسرة أو قبيلة أو طائفة فتنهار بانهيارهم. ومحاولة فهمها من خلال فهم سوريا هو تسطيح لا يخدم سوى تغذية أوهام منفصلة عن الواقع.

حسّ سليم

20 Dec, 14:06


بالنسبة للمثاليين والثوريين الراديكاليين، قمة الانحطاط والبذاءة هي البراغماتية. هذا المصطلح، في أذهانهم، له لون أحمر وقرون طويلة. هذا حال المثالية دائمًا؛ البراغماتية في نظرها إما انهزامية أو انتهازية.

حسّ سليم

20 Dec, 13:29


هذا النوع من السفاهة هو وبال على الناس وعلى أصحابها، الذين لا يتعلمون ولا يتعظون من تجاربهم أو من تجارب غيرهم. منهجهم هو انتقاء ما يناسبهم من الأشياء دون أي اعتبار للواقع وسياقاته وتوازناته. مثل كل المثاليين، والأناركيين، والثوريين الراديكاليين، يعتقدون أنه يكفيهم ملعقة وسكين وبعض الإرادة ليحققوا المستحيل. لهم انتصارات عظمى في الساحات النظرية، يطيحون بأكبر الرؤوس فيها بجرة قلم، لكنهم في النهاية لا يحصلون حتى على دكان بقالة في الواقع.

حسّ سليم

19 Dec, 22:16


بالنسبة لكثير من المعاصرين، وربما أغلبهم، يُمثّل الرسام النمساوي مقياسًا ومضرب مثل لكل شر. فهو، بالنسبة لهم، الشر المطلق الذي لا يمكن أن يصدر عنه خير. حتى عندما يتعلق الأمر بقوانينه التي كانت تعتبر سابقة لزمنها وخيرًا محضًا لدى المعاصرين، من حماية الحيوانات والبيئة والأمومة والرعاية الصحية وحقوق العمال، فإن أي محاولة للإشارة إلى هذا “الخير” لا يصحبها النبش عن نوايا سيئة خلفه ومحاولة الخداع تُعدّ، في نظرهم دائمًا، محاولة للدفاع عنه، وبالتالي رفع صفة الشر المطلق عنه. فالشر عندهم، مثل الخير، مطلق لا يمكن أن يجتمع مع نقيضه في جوف واحد، ولا مجال بينهما للنسبية، رغم ادعائهم الشديد للنسبية، لكنهم، في الحقيقة، نسبيون فقط عندما يتعلق الأمر بالآخرين.

ولهذا، ترى بعضهم يستهجن بشدة اتهام من كانوا ضحايا النمساوي في الأمس بالإبادة الجماعية اليوم، وعدا تصورهم أن من يأخذ صفة الضحية والمظلومية في نظرهم فهو بطبيعته خير، فستجد أن الحجة التي تتردد دائمًا على ألسنتهم هي أن “ضحايا النمساوي ديمقراطيون”. وبما أن الديمقراطية تمثل الخير وفريق الخير، فإنهم يرون أنه من غير المنطقي أن يصدر عنها شر، إلا خطأً وبنية حسنة في ظروف قاهرة، خاصة وأن الديمقراطيات الحديثة تشكلت حول صدمة إبادة جماعية: كيف لدولة ديمقراطية أن ترتكب إبادة جماعية وهي الجريمة التي منحت النمساوي صفة الشر المطلق؟ هذا مستحيل!!

هذا التصور الحدي للوجود بين خير مطلق وشر مطلق بالمعنى الشيطاني (evil) له جذوره في المعتقدات المثنوية، وبالأخص الغنوصية، التي نجدها غالبًا تزدهر بين الأقليات الدينية التي تشعر بالاغتراب عن العالم نتيجة الاضطهاد والتهميش، اللذين يجعلانها تجد ضالتها في التصور الغنوصي (كثير منها تشترك أيضًا في محورية فكرة "المخلص" لنفس السبب).

لهذا لا نجد هذا التصور عن الخير والشر لدى كل الثقافات. فهو، مثلًا، غريب جدًا عن ثقافات أقصى شرق آسيا. كذلك بالنسبة للثقافة الإسلامية، على الأقل بالنسبة للنسخة المبكرة لها، حيث نجد مفهوم “الحق والباطل”، وهو مفهوم أقرب لمفهوم “الصواب والخطأ” أو “الجيد والسيء”، وهي كلها مفاهيم تترك دائمًا المجال لنوع من النسبية دون ميوعة. وهذا ما نجده في الحديث المعروف: “إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق”، الذي يعبر بوضوح عن أن الصراع ليس صراعًا بين خير مطلق وشر مطلق. لكن مع الزمن، دخلت بعض المفاهيم الغنوصية على الثقافة الإسلامية من خلال الأقليات التي أوت إليها، كغيرها، لتفسير العالم، كما فعلت من قبل ذلك اليهودية بعد تدمير الهيكل و”الشتات”، ثم لاحقًا المسيحية، التي ينبغي دائمًا أن نتذكر أن حمضها النووي تشكل خلال قرونها الأولى التي اتسمت بالاضطهاد قبل أن تصبح دين الأغلبية والسلطة، ثم قامت بتوريث تلك الجينات إلى الأيديولوجيات الحديثة، وبالتالي إلى أغلب المعاصرين الذين يعتقدون بوجود قوى خير مطلق في حالة صراع دائم ضد قوى شر مطلق (محور الخير ومحور الشر).

ولأن الشر “شيطاني” ولا يمكن التسامح أو التعايش معه، فلا بد من إبادته واجتثاثه من هذا العالم (التقدمية) لتسود “الإنسانية”، التي ليست سوى زعم سفسطائي بأن الإنسان خير بطبعه. رغم أننا نرى أن ليست كل تصرفات البشر خيرة، بل ربما أغلبها ليست كذلك. وبدل أن يكون الاستنتاج من هذا أن الإنسان خير وشر في آن واحد، الأمر الذي لا يقدرون عليه، يتم تجريد ذلك الفعل وصاحبه من صفة الإنسانية. ولك أن تتخيل ما يمكن فعله بمن يُجرّد من صفة الإنسانية.

حسّ سليم

13 Dec, 16:11


عند مناقشة موضوع الأقليات أو أي مجموعة بشرية كانت، ينبغي علينا الحرص دائمًا على التمييز بين الجانب السياسي لهذه الأقليات والجانب الشخصي أو الفردي. ذلك لأن أغلبية البشر غير مسيسين في حياتهم اليومية، ولا يتعاملون بناءً على انتمائهم إلى هذه المجموعة أو تلك. ولهذا نجد غالبًا تفاوتًا واضحًا بين سلوكهم كأفراد والتصور العام للمجموعة التي ينتمون إليها.

لذا نسمع أحيانًا من يقول: “أعرف الكثير من أفراد تلك الأقلية أو ذلك الدين أو المذهب أو البلد، وأغلبهم أناس طيبون”. قد يكون هذا صحيحًا، وليس مجرد وهم من قائلي هذه العبارة أو تمثيل بارع من أولئك الأفراد، لأن أغلبية الناس يتسمون بسلوك “عادي” في الأوقات العادية. وحتى أولئك الذين يُشار إليهم بـ”شعب الله المختار”، رغم كل التصورات المسبقة عنهم، قد تجد أنك قادر على التعايش مع كثير منهم وبناء صداقات جيدة.

ولكن، عندما يتعلق الأمر بالصراع السياسي، قد يدفع الكثير من الأفراد، ربما بفعل غريزة البقاء ودون وعي، إلى الانصهار في المجموعة وتفعيل موروثها الجمعي. وهذا ما يفسر قول البعض: “لقد كانوا جيراننا؛ ندخل بيوتهم ويدخلون بيوتنا، ونشاركهم أفراحهم وأحزانهم ويشاركوننا أفراحنا وأحزاننا. لكن فجأة، مع بداية الصراع السياسي، أصبحوا يريدون قتلنا أو التبليغ عنا”.

السبب وراء ذلك هو ازدواجية الشخصية لدى البشر؛ إذ توجد شخصية سياسية ذات انتماء معين وذهنية خاصة بها، وأخرى عادية تهتم بالحياة اليومية الهادئة. ومع ذلك، هذا لا يعني أن جميع الناس يتصرفون بهذه الطريقة أو أنهم متساوون في الدرجة. فهناك من يتمتع بشخصية صدامية وواعية بانتمائها بشكل دائم، وهناك من يظل غير مكترث بانتمائه حتى في أصعب الظروف.

هذا الموضوع يقودنا إلى الحديث عن تصورنا الحدي لمفهوم الخير والشر وعجزنا عن تصور التقاء الخير والشر في موضع واحد، وهو ما نتحدث عنه لاحقًا.

حسّ سليم

08 Dec, 15:56


عدد التماثيل في سوريا تثير الدهشة؛ فتكاد تجد في كل شارع تمثالًا أو على الأقل جدارية لأحد أفراد الأسرة. لا يمكن وصف هذا الأمر إلا بأنه “cult” مشابه لما نجده في الإمبراطورية الرومانية أو مصر القديمة، حيث كانت عبادة الملك جزءًا من الديانة الرسمية، ومن أجلها تم اضطهاد المسيحيين، باعتبار أنهم رفضوا عبادة الإمبراطور imperial cult.

حتى بغض النظر عن البعد الطائفي للنظام، كيف يمكن أن يُقال إنه نظام علماني! كيف يكون علمانيًا وهو يمتلك ميثولوجيا كاملة تتضمن كل السلالة.

حسّ سليم

08 Dec, 03:33


أظن أن بقاء رئيس الوزراء مؤشر على وجود تنسيق حقيقي بين المعارضة والمؤسسات، وإن كان الأمر ليس كذلك، فسيتحدد شكل ما سيحدث من طريقة التعامل مع أمثاله من البيروقراطية والمؤسسات، ومن التمييز بين الدولة ونظام الأقليات.

حسّ سليم

08 Dec, 00:06


من حق الناس أن يفرحوا بسقوط نظام الأقليات في سوريا، الذي عمر طويلاً، خصوصًا عندما تكون هذه الأقليات تحمل حقدًا لا تسعه الأرض، ناتجًا عن عُقد مظلومية قد يعود عمرها إلى مئات السنين.
مشكلة الأقليات التي رضعت من فكرة المظلومية لزمن طويل، حتى أصبحت وكأنها جزء من تكوينها الجيني، أنك لا تستطيع طمأنتها مهما فعلت؛ إذ ستبقى دائمًا تشعر بالريبة تجاهك وتتوقع منك الأسوأ في أي لحظة. لذلك، عندما تتاح لها فرصة الحكم، سواء بسبب غفلة من الأغلبية وثقتها الزائدة بنفسها أو نتيجة تدخل خارجي، فإنها تمعن في الاستبداد بحقد شديد، وكلما زاد استبدادها، زاد خوفها من الأغلبية. وحتى عندما يحدث انقلاب ديموغرافي يجعل تلك الأقلية أغلبية، فإنها لا تتخلص من عقدة المظلومية بين ليلة وضحاها، وتحتفظ دائمًا بنفس ردّات الفعل والريبة التي نشأت عليها، والتي ستظل تتوارثها لزمن طويل.

حسّ سليم

06 Dec, 21:15


مال الليبرالي التنويري – أينما وُجد – هو الأقليات؛ فهو يعتاش على مآسيها ويتلذذ بعذاباتها. وإن لم يجدها – وهذا ما يتكرر معه كثيرًا – اصطنعها. وإن عجز عن ذلك – رغم إبداعه في خلق المظلوميات – سيشعر أنه بلا جدوى ودون هدف في الحياة، كَبَطَل سباقات فورمولا 1 في مضمار سباق للكلاب، فيُصاب بحالة ذهول وهستيريا جنونية تجعله، تقريبًا، يعاتب “الأغلبية” على تقصيرها في اضطهاد “الأقليات”، ويكاد يتوسل إليها ألا تخيب ظنه فيها، بل يكاد يقول: أنسيتم ما فعلوه بكم؟

حسّ سليم

06 Dec, 14:32


الخبر: للمرة الأولى، “محمد” هو الاسم الأكثر شعبية بين الذكور (بريطانيا 2023).

هذا الخبر، الذي ينتشر كالنار في الهشيم منذ البارحة، هو النموذج المثالي لما تحدثنا عنه في آخر منشور حول الديموغرافيا و”الاستبدال العظيم”، وحول ما يجري من تضليل وتهويل للأرقام على يد اليمين الأوروبي، ثم يتلقف ذلك الكثير من الناس عندنا بنوع من الانتشاء دون تدقيق للمضمون، لمجرد أن ذلك يدغدغ بعض الأماني عندهم.

الأكاذيب نوعان: نوع هو كذب صرف لا يتضمن أي قدر من الحقيقة، وهذا يسهل التعامل معه نوعًا ما. ونوع آخر يستند إلى معلومة صادقة، الأمر الذي يجعل المتلقي لا ينتبه إلى كم الأكاذيب والتضليل المحيط بتلك المعلومة. وهذا النوع يصعب جدًا التعامل معه. الخبر الذي أمامنا ينتمي إلى النوع الثاني؛ فهو يتضمن معلومة صادقة لا ريب فيها، وهي أن اسم “محمد” يتصدر قائمة الأسماء، ولكن قول ذلك بهذه الطريقة مضلل جدًا لأنه يوحي للناس وكأن المواليد المسلمين هم الأكثر عددًا، وهذا غير صحيح.

من المعروف أن المسلمين يكثرون من تسمية أبنائهم باسم “محمد”، بخلاف غير المسلمين في بريطانيا، الذين لا يركزون كثيرًا على اسم محدد. ولتبسيط الأمر، يمكن القول: من بين كل 100 أسرة مسلمة، تختار 20 منها اسم “محمد” لابنها، في حين أن أكثر الأسماء شيوعًا بين 1000 أسرة غير مسلمة لا يتعدى رقم 15 مرة. بالتالي، من الطبيعي أن يتصدر اسم “محمد” قائمة الأسماء الأكثر شعبية دون أن يعكس ذلك انقلابًا ديموغرافيًا.

وما يؤكد هذا، ولا تجد تركيزًا عليه لأنه يتنافى مع الدعاية المراد نشرها، ثلاثة أمور:

الأول: اسم “محمد” هو الاسم الوحيد من خلفية إسلامية في قائمة الأسماء العشرة الأكثر شعبية، مما يعكس الطابع الاستثنائي لهذا الاسم.

الثاني: عدد المواليد الذين أُطلق عليهم اسم “محمد” في عام 2023 لا يتعدى 4600 رضيع، بينما يبلغ العدد الإجمالي للمواليد في العام نفسه 600 ألف، أي أن نسبة من يحملون اسم “محمد” لا تتجاوز 0.76%.

الثالث: لا نجد أي اسم من خلفية إسلامية في قائمة أسماء الإناث. فهل امتنعت أرحام المسلمات في بريطانيا عن إنجاب الإناث، أم أنهن يُوأدن؟! الإجابة بسيطة: المسلمين، مثل بقية السكان، لا يفضلون اسمًا أنثويًا بعينه.

لذلك، إذا كان لا بد من اعتبار قائمة الأسماء الأكثر شعبية مؤشرًا ديموغرافيًا، فلا بد من النظر إلى قائمة أسماء الإناث فهي أقرب للحقيقة الكاملة.

حسّ سليم

30 Nov, 00:14


كثيرون عندنا، وربما كنت منهم، يرددون بحماسة وانتشاء أحيانا نظريات اليمين الأوروبي عن “الاستبدال العظيم” وانقراض الأوروبيين بسبب الهجرة، وكأن الأمر قد حُسم وانتهى. في الحقيقة، تتضمن هذه النظريات كثيرًا من التهويل والتضليل المتعمد، بغية نشر الرعب وحشد الناس، ويكفي تذكر ما كان يقال قبل سنوات عن سنة 2025. هذا لا يعني أنه إذا استمرت الهجرة لعقود طويلة لن يحدث استبدال، لكن المقصود أن ذلك لن يحدث غدا أو بعد عقدين، وأن الأمور لن تُترك لتصل إلى ذلك الحد.

يضاف إلى ذلك فكرة خاطئة عن الأوروبيين تنتشر كثيرًا عندنا، مفادها أن هؤلاء الأوروبيين هم مجرد “مخنثين” يتجنبون الصراع. ربما يكون هذا الوصف صحيحًا في المدن الكبرى، لكن خارجها هناك عالم آخر. لن يسمح الأوروبيون لأنفسهم بأن يتحولوا إلى أقلية، حتى لو سالت أنهار من الدماء، وهذا ما سيحدث عاجلًا أم آجلًا إذا لم تتوقف الهجرة، خاصة في حال استمرار الركود الاقتصادي.

حاليًا، في أغلب أوروبا، التيار الأكثر تمددًا هو المعادي للمهاجرين أو لأبناء المهاجرين من خارج أوروبا (غير البيض)، حتى لو عاشوا هناك لعدة أجيال. خطاب هذا التيار ومصطلحاته لم تعد من الطابوهات المحظورة، بل أصبحت عادية جدًا ومقبولة في الإعلام، بل نجدها حتى على ألسنة اليسار ويسار الوسط، بعض هؤلاء تبنوا سياسات طاردة للمهاجرين لا يحلم بها حتى أقصى اليمين في دول أخرى، كما هو الحال مع الحزب الاشتراكي في الدنمارك ونظيره في السويد. أما أقصى اليسار، فهو في حالة تراجع شديد وربما شبه انقراض، وأصبح يُعامل كعدو داخلي وطابور خامس، بينما بدأ أقصى اليمين بالخروج من هذه الدائرة.

نستسهل كثيرًا الحديث عن الانهيار الديموغرافي في أوروبا وعواقبه، وهو حقيقة لا شك فيها. الأوروبيون في حالة حيرة حول كيفية التعامل مع هذا الانهيار دون الوقوع في تناقضات أيديولوجية واجتماعية، ودون الحاجة للهجرة. لكن هذا كله لا ينبغي أن ينسينا أن تراجع الخصوبة هو السمة السائدة في كل مناطق العالم، باستثناء إفريقيا جنوب الصحراء وبعض مناطق الصراع، وأن العديد من بلداننا تقف على قنبلة ديموغرافية قد تنفجر في العقود القادمة، بسبب ارتفاع معدل الأعمار ووقوفها على عتبات مستوى الإحلال أو توجهها نحوه، مع التراجع الشديد في الإنجاب -بعكس ما يتخيله الكثيرون- الناجم عن التمدن، والتكلفة العالية لتربية الأولاد من الناحية المالية والنفسية، وتأخر سن الزواج لأسباب اقتصادية واجتماعية، وأحيانًا قانونية، وازدياد معدلات الطلاق بشكل غير مسبوق. ما يعني أن مجتمعاتنا ستتحول إلى مجتمعات مسنة، يعجز فيها الشباب عن تحمل مسؤولية جيل آبائهم، كما هو الحال في أوروبا، لكن دون دول غنية وتتمتع بقدرات تكنولوجية عالية قادرة على التخفيف من وطأة ذلك من الناحية الاجتماعية والعسكرية.

حسّ سليم

27 Nov, 16:59


توضيح: لا علاقة لهذا أبدا بالمنشورات الأخيرة.

حسّ سليم

27 Nov, 16:32


من آليات الدفاع النفسية:
تلاحظ أن نمط حياته غير صحي، فتحذره من أنه إذا استمر على هذا الحال، فسوف يمرض ما لم يتدارك نفسه قبل فوات الأوان. لكنه يقابل تحذيرك بالصمت والتجاهل، لأن القوة في نظره لا تتحدث. مع مرور الوقت، تبدأ أعراض المرض في الظهور عليه، ورغم إحساسه بها، يصرّ على تجاهلها. تحاول تنبيهه مرة أخرى، لكنه هذه المرة يرد بسخرية أو غضب. وفي النهاية، يستفحل المرض في جسده ويتوغل في كل خلية من خلاياه، ويصبح غير قادر على إنكاره أو تجاهله. عندها، حتى نظراتك سيعتبرها شماتة.

حسّ سليم

26 Nov, 22:52


معلومة إضافية لتوضيح إلى أي مدى قد يصل التدين الإجرائي.
خلال واقعة الجهيمان -مرة أخرى- استُدعي خمسة ضباط فرنسيين من قوات التدخل السريع للدرك للإشراف على العمليات. ولكن دخول مكة المكرمة والحرم المكي محظور على غير المسلمين، فكيف لهم أن يشرفوا على العمليات؟ وفقًا لشهادة أحد الضباط الفرنسيين المشاركين، بول بريل (Paul Barril)، أُقيمت مراسم سريعة لاعتناق الإسلام، تم خلالها تلقين الضباط الشهادتين، ليصبح بمقدورهم دخول مكة... سهلة جدًا، لكنكم تحبون التعقيد.

حسّ سليم

26 Nov, 20:53


النماذج الدينية:
إذا انتقلنا إلى الأديان، وبالتحديد الأديان الثلاثة الرئيسية بالنسبة لنا، وهي اليهودية والمسيحية والإسلام، فسنجد ثلاثة نماذج متباينة:

1- النموذج اليهودي: هو النموذج الذي نجد تعبيرًا عنه في القرآن الكريم من خلال قصة أصحاب السبت، أي ذلك الذي يركز كثيرًا على الجانب الإجرائي إلى درجة الإهمال الكامل أحيانًا للمقاصد. أو بتعبير آخر، هو النموذج الذي يستعمل الجانب الإجرائي للالتفاف على المقاصد من خلال الالتزام الحرفي بالنص، ويسهل ملاحظة هذا حتى لدى الأرثوذكس منهم، حيث نجد مثلًا المرأة المتزوجة التي ينبغي عليها تغطية شعرها، وهي تضع شعرًا مستعارًا بوصفه غطاءً للشعر، وهو نظريًا فعلًا كذلك، وتكون بهذا قد حققت ما يتطلبه الجانب الإجرائي من النص. وإذا اعترض أحدهم على ذلك باسم المقاصد وروح النص، سيقول لك الحاخام الذي أفتى لها بذلك: أين الدليل الصريح من النصوص المرجعية على حُرمة تغطية الشعر بشعر مستعار؟ وهكذا الحال مع الكثير من الأمثلة المشابهة، مثل الاستعانة بغير يهودي أو بمؤقت كهربائي يوم السبت لتشغيل الأجهزة الكهربائية أو لإشعال النار لأن اليهودي غير مسموح له بذلك، أو عندما يرتدون قفازات يوم السبت للإمساك بأشياء محرّم عليهم لمسها يوم السبت مثل القلم، أو عندما يؤجر المزارع منهم أرضه لغير يهودي في السنة السابعة لأن الشريعة اليهودية تفرض عليه ترك أرضه لترتاح كل سبع سنوات.
عندما تنظر إلى التراث الذي يتعامل مع النصوص من زاوية الإجراءات فقط دون المقاصد، تفهم لماذا هذا الشعب معروف بحبه لمهنة المحاماة، التي تعتمد كثيرًا على البحث عن الثغرات في النصوص وإيجاد الخلل الإجرائي لكسب القضية.

2. النموذج المسيحي: المسيحية، بشكل عام، تُعد نقيضًا لليهودية، ومن ذلك تركيزها على المقاصد المتمثلة في بعض القيم المثالية دون إيلاء اهتمام كبير للإجراءات التنفيذية. هذا التركيز على المقاصد يؤدي إلى مرونة تأويل النصوص، وبالتالي ينتهي الأمر إلى نوع من الميوعة، ولهذا لم تعتمد أوروبا كثيرا عليها، حتى في القرون الوسطى، في وضع القوانين وتسيير شؤون المدينة، واحتاجت للاعتماد على القانون الروماني والموروث اليوناني.
هذه السمة المسيحية هي من بين ما ورثته عنها الأيديولوجيات الحديثة، لهذا فإن فهم هذا النموذج قد يُفسر لك جانبا من حنق بعض التنويريين العرب على الجوانب الإجراءات الدقيقة للنصوص الدينية، لأنهم، كما شرحنا ذلك كثيرا، “مسيحيون دون يسوع”.

3- النموذج الإسلامي: الإسلام أقرب في هذا الباب ما يكون لنموذج القوانين الوضعية المعاصرة، التي تحاول -نظريا على الأقل- تحقيق توازن بين حماية المقاصد واحترام الإجراءات. ويمكننا أن نضرب الكثير من الأمثلة على هذا، مثل تحريم نكاح التحليل الذي يحترم الإجراءات لكنه يهدف إلى الالتفاف على المقاصد من الطلاق البائن. أو الذي يأكل بعد دقيقة من فجر يوم صيام أو قبل دقيقة من مغربه. لا نستطيع أن نقول إنه لم يحترم الغاية من صوم النهار، فلا أحد يعتقد أن الدقيقة الواحدة تُنقص من النهار شيء يذكر، لكن تلك الدقيقة لها أهميتها من الناحية الإجرائية، والعبث بها سيفتح بابًا لن يُغلق. أو كشخص مثلًا امتنع تمامًا عن نواقض الصيام طيلة النهار، لكنه قضاه كله نائمًا من الفجر إلى المغرب. من الناحية الإجرائية، ما فعله سليم تمامًا، لكن ماذا عن المقاصد؟
لكن هذا لا يمنع من وجود تيارات إسلامية تميل إلى هذا الجانب أو ذاك، فتيار الإسلام الليبرالي والحداثي مثلًا يفضل دائمًا الحديث عن المقاصد للالتفاف على الإجراءات. في المقابل، هناك تيار آخر كثيرًا ما يفضل التركيز على الإجراءات ليهمل المقاصد، كالذين يقولون بجواز مظاهر البذخ في الحج بدعوى عدم وجود نص صريح يمنع ذلك، رغم أن البذخ في حد ذاته مكروه على الأقل في الإسلام، ومن باب أولى أن يكون كذلك في الحج مع كل شعائره التي تدعو بوضوح إلى التواضع وترك الترف المعتاد.

حسّ سليم

26 Nov, 20:53


في القوانين الوضعية والأديان التشريعية، يقوم النص عادة على ركنين أساسيين، لا يسقط أحدهما دون أن يلحق به الآخر: المقاصد، التي تمثل روح القانون أو ما يُعرف عند الرومان بـ “أسباب التشريع” (Ratio legis). والآخر هو الإجراءات التنفيذية، التي تضمن تحقيق هذه المقاصد على أرض الواقع. إن إهمال أحد هذين الركنين يؤدي إلى اختلال المنظومة التشريعية برمتها: فالتركيز على الإجراءات وحدها بشكل حرفي يجعل من القانون قوقعة فارغة دون غاية، بينما يؤدي التمسك بالمقاصد فقط إلى فتح باب التأويل بلا ضوابط، مما يُفضي إلى العبثية وتفريغ النص من محتواه، وبالتالي ضياع المقاصد كذلك في النهاية.

لهذا، عندما يصدر المشرّع مثلًا قانونًا جديدًا خاصًا بالإدارة، فإنه غالبًا لن يُطبّق من قِبل الأخيرة إلا بعد صدور مرسوم تنفيذي يحدد بالتفصيل كيفية تطبيق القانون، حتى لا تسيء الإدارة فهم الغاية منه، ويُطبَّق دون تعسف وعلى الوجه الصحيح الذي أراده المشرّع. وأحيانًا تصطدم الإدارة أو القضاء بحالات طارئة وغير معهودة لم تشملها الصيغة الإجرائية، فيحتاج الأمر لاجتهادات فقهاء القانون والمحاكم العليا للتعامل مع تلك الحالات في ضوء مقاصد المشرّع.

على سبيل المثال، عندما يرغب المشرّع في الحد من سرعة المركبات على الطرقات بهدف التخفيف من حوادث المرور، وهذا ما نصفه بالمقاصد أو أسباب التشريع. لكن مجرد ذكر “الحد من السرعة” كمقصد تشريعي لا يكفي، ويتعين على صاحب الاختصاص إصدار مرسوم تنفيذي يُبيّن لإدارة الطرقات المدنية والأمنية حدود السرعة القصوى المسموح بها بدقة. فلا يجوز مثلًا أن تُكتب على الإشارة “حوالي 80 كم/سا”، بل لا بد أن تُحدَّد السرعة بشكل دقيق ولا ينبغي السماح بتجاوزها، مهما بدا التجاوز طفيفًا. فلا يقول أحدهم: “لا فرق بين 80 و83 كم/سا”، رغم أنه نظريًا محق ولا يتعارض كلامه مع مقاصد المشرّع. لكن فتح باب النسبية هنا والعبث بالإجراءات بدعوى عدم مخالفة روح القانون سينتهي إلى انهيار هذه الأخيرة، لأنه سيأتي بعد ذلك من سيقول: “لا فرق بين 83 و86”، وهكذا حتى يتم تفريغ القانون من محتواه.

وعلى هذا النحو يمكن إسقاط هذا المثال على جميع المجالات، مثل القضاء، الذي قد يرد دعوى لمجرد “خلل إجرائي”، أو الإدارة التي قد ترفض ملفًا بسبب نقص بسيط فيه أو تجاوز طفيف للآجال المسموح بها. ورغم أن هذا الأمر قد يبدو عبثيًا أحيانًا، خاصة عندما يتعلق الأمر بنا كأفراد، إلا أنه ضروري جدًا لتجنب ما هو أسوأ: الفوضى. وهو ما يمكن أن نُسمّيه: شرًّا لا بد منه. مثل بروتوكولات المستشفيات التي ينبغي على الطبيب الالتزام بها، والتي قد تكون سببًا في تعطيل تقديم المساعدة لبعض المرضى في الوقت المناسب. لكن وجودها يحمي أرواحًا أكثر، ويوفر للأطباء الحماية التي بدونها سينهار النظام الصحي… يتبع

حسّ سليم

23 Nov, 00:25


في جميع الأديان والحضارات، ارتبط الحج دائمًا بنوع من التقشف والتجرد من رفاهية الحياة اليومية، لأن مقصد الحاج من رحلته هو الإله أو الآلهة. وبالتالي، يجب عليه التواضع أمامه. فعلى سبيل المثال، في الأولمبياد الإغريقي، الذي كان في جوهره حجًا لتعظيم زيوس، كان الإغريق يشاركون في المنافسات الرياضية وهم عراة تمامًا. قد يرى البعض في هذا الفعل بذاءة أو قلة حياء، لكن الهدف من ذلك كان التجرد أمام الإله، حيث ينبغي أن يقف الجميع أمامه دون أي شيء قد يرمز إلى مكانتهم الاجتماعية. وبهذا، كان الحجاج يتنافسون على قدم المساواة، دون معرفة من هو النبيل ومن هو المزارع.

الفكرة ذاتها نجدها في الحج الإسلامي، حيث يرتدي الحجاج إزارين أبيضين فقط دون أي ملابس مخيطة ودون عطر، لأنهم يقفون أمام الإله الذي يتساوى أمامه الجميع (هي الحالة الوحيدة التي يمكن أن يتساوى فيها البشر). ويوم القيامة أيضًا، يقف الناس جميعًا عراة دون تمييز.

لكن عندما يتحول الحج إلى “سياحة دينية”، كما هو الحال في مكة حاليًا، فإنه لا يختلف كثيرًا عن أي نوع آخر من السياحة التي تهدف إلى الترفيه. يصبح البذخ جزءًا طبيعيًا منها، فنجد الفنادق الفاخرة والأجنحة الرئاسية التي تُحدد أسعارها حسب الموسم وقربها وإطلالتها على الحرم، تمامًا كما تُحدد أسعار الغرف حسب الإطلالة على برج إيفل في باريس أو تاج محل في الهند (أسعارها متقاربة). الأجواء التي تُقدم في مكة اليوم قد تغري حتى غير المسلمين بعيشها، ولو كان ذلك مسموحًا لتوافد الآلاف منهم إليها. فلماذا يتعجب البعض من ازدحام الراقصات ومؤثرات الإنستغرام فيها كل عام، وهي من ناحية الترفيه السياحي أصبحت تقدم ما تقدمه أي وجهة سياحية أخرى؟

حسّ سليم

20 Nov, 15:37


كثيرون عندنا لا يميزون كثيرا بين الأرستقراطية والبرجوازية، وتجدهم يعتقدون أن الأرستقراطية تعني الثروة والمال، وهي في الحقيقة ليست كذلك أبدا حتى وإن كان لدى كثير منها المال والممتلكات. الأرستقراطية في الأساس لا تستمد مكانتها من المال مثل البرجوازية بل من القتال والمقدس أولا ثم النسب لاحقا، لهذا فهي لا تمقت شيئًا أكثر من البرجوازية، لأنها تعتبرها سوقية وبلا قيم أو مبادئ، والأمر فعلا كذلك عموما.
ومن أجل توصيل الفكرة سنأخذ بنو هاشم قبل الإسلام الذين كانوا يمثلون أشرف بيت في مكة، لكنهم لم يتجاوزوا غيرهم بالمال، وأبو طالب الذي كان سيد قريش كان معروف عنه قلة المال.
وحاليا نعيش في عصر برجوازي وأغلب أمراضه ورذائله هي من نتاج البرجوازية، أما الأرستقراطية فهي تقريبا غير موجودة أو على الأقل مهمشة، لأن الناس في عصر برجوازي لا تحترم سوى المال، وبالتالي قيمتك من قيمة المال الذي تحوزه لا من فضائل تتصف بها.

حسّ سليم

19 Nov, 17:50


كل ما سبق لا يعني أن السلطة في السعودية ستقوم بمحاربة المظاهر الدينية اليومية أو ستغير من خطابها الديني العام، لأن هذا الأمر كذلك يتعارض مع مصلحة السلطة التي تستفيد من الأماكن المقدسة التي تمنحها قوة ناعمة في العالم الإسلامي، بالإضافة إلى الاستفادة الاقتصادية من ذلك، ويكفي رؤية كيف تم تحويل مكة عمرانيا إلى مدينة مشابهة للاس فيغاس مع تفاوت طبقي لم يُعرف في تاريخ الحج.
بعبارة أخرى، الفكرة حاليا هي اللعب على الحبلين بقدر الإمكان لخلق سعودية بوجهين.

حسّ سليم

19 Nov, 14:26


كنت قد ترجمت ونشرت هذا المقطع قبل أكثر من خمس سنوات، وهو لشارل سان برو (Charles Saint-Prot)، جيوسياسي فرنسي يُعتبر من بقايا جيل أقصى اليمين المحافظ قبل التحول إلى الصهيونية. يُعرف بميوله المؤيدة للعرب، وهو ملاحق منذ سنة بتهمة معاداة السامية.

المقطع يعود إلى يناير 2017، أي قبل شهور من تعيين ولي العهد الجديد، وقبل سنوات من تفاجؤ الناس بالسياسة السعودية الجديدة نحو “الانفتاح” من هيئة الأمر بالمعروف إلى هيئة الترفيه. ما يطرحه سان برو هنا ليس سبقًا ينفرد به، لكنه غالبًا ما يغيب عن أذهان الناس، الذين قد يعتقدون أن السياسة الجديدة طارئة على المملكة، وجاءت نتيجة التصورات الأيديولوجية لولي العهد الحالي أو ربما نتيجة مخططات اقتصادية جديدة فقط. في الواقع، هذا التوجه “الجديد” كان الأصل داخل العائلة المالكة، بينما كانت السياسات المحافظة التي استمرت لبضعة عقود مجرد استثناء فرضته الخشية من تصدير الثورة الإيرانية (تصدير النظام الجمهوري) ثم حادثة الجهيمان.
بمعنى آخر، فترة المحافظة في المملكة كانت نتيجة حسابات سياسية حتى قبل أن يولد ولي العهد الحالي. هذا لا يعني أن المجتمع السعودي كان يتصنع المحافظة، بل على العكس، لأنه لم يكن يتصنع، اختارت القيادة تبني النهج المحافظ لتتماشى مع المزاج العام آنذاك.

حسّ سليم

19 Nov, 14:26


تاريخ المقطع يناير 2017

حسّ سليم

19 Nov, 00:23


خلال السبعينيات، بدأت السعودية تشهد نوعًا من “الانفتاح” الثقافي والاجتماعي، خاصة مع تراجع تهديد الثورات الجمهورية التقدمية ووفاة عبد الناصر، الذي كان يغذيها أيديولوجيًا وسياسيًا، وحتى عسكريًا أحيانًا، في ما يمكن أن نسميه صراع الجمهوريات والملكيات في المنطقة العربية. لكن ذلك الهدوء لم يدم طويلًا حتى جاءت صدمة الثورة الإيرانية، التي لم تكن ثورة جمهورية فحسب، بل أيضًا محافظة. ولم يمر على نجاحها سوى بضعة أشهر حتى بدأت تظهر آثارها على السعودية من خلال حادثة جهيمان، الذي استولى على الحرم المكي وجعل نواقيس الخطر تدق في قصور المملكة مرة أخرى. عندها توقفت عجلة التقدمية واتجهت نحو الاتجاه المعاكس تمامًا كما لم يحدث من قبل؛ فأطلقت يد التيار المحافظ في المملكة ووسعت من صلاحيات وقدرات هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأغلقت دور السينما، وحُظر الاختلاط… إلخ.

مع مرور السنوات، تراجع خطر انتقال عدوى الثورة الإيرانية (تصدير الثورة) بسبب إعراض الناس عنها كنموذج ملهم يُحتذى به، حيث أصبحت في نظرهم، خاصة بعد ما يسمى الربيع العربي، مجرد مشروع إيراني/طائفي توسعي في المنطقة. وبالتالي، لم يعد هناك، من وجهة نظر السعودية، تهديد تخشاه من جانب الثورة الإيرانية كثورة جمهورية محافظة، سوى إيران نفسها. ونتيجة لذلك، لم يعد هناك ما يمنع من أن تعود “حليمة” إلى عادتها القديمة. و”حليمة” تشعر أنها قد أضاعت سنوات طويلة من عمر شبابها، ولا بد أن تعوّض عن ذلك سريعًا. الأمر الذي جعلها في الفترة الأخيرة، مثل كل من يعتقد أنه بحاجة إلى تعويض ما فاته، تعربد كما لا تجرؤ على ذلك أيٌّ من قريناتها الثوريات سابقا اللاتي تحولن إلى نوع من المحافظة والهدوء. حليمة جعلت من “العربدة” غاية وجودها، ولا ترى في المستقبل مشروعًا سوى تحويل مسكنها إلى أكبر كازينو في المدينة، وكأنها تقول: “اليوم خمر وغدًا كذلك خمر”.

المفارقة الغريبة هنا أن عجلة التقدمية في السعودية عادت تسير نحو “الأمام” بتسارع شديد، في الوقت الذي يشهد فيه العالم تباطؤًا نسبيًا من هذه الناحية، وبنفس الوتيرة الحالية، قد ينتهي الأمر بهذه العجلة إلى التوقف تمامًا، وربما السير في الاتجاه المعاكس إذا توفرت الظروف السياسية والاقتصادية. ما يجعلنا نقول إن السعودية حاليًا هي فعلاً كما يُقال: “كالذي يسير إلى الحج والناس عائدة منه”.

حسّ سليم

13 Nov, 20:06


نسمع كثيراً مقولة أن اللغة مجرد أداة تواصل، وهذا ربما صحيح عندما تُستعمل في التواصل اليومي بين الناس، لكن دورها في الواقع أوسع بكثير من مجرد أداة، خاصةً عندما نتحدث عن اللغات التي لها تراث واسع من الإنتاج الديني والفلسفي والأدبي. وإن صح تشبيهها بشيء، فهي أشبه بالعلب، وكل علبة لها مضمونها الخاص. قد ينتقل بعض المحتوى من علبة إلى أخرى من خلال الترجمة، لكن يبقى دائماً لدى كل واحدة منها هيكلها الأساسي الخاص بها. وتتحدد سعة مدارك ومعارف كل إنسان “نظرياً” بعدد العلب التي يستطيع فتحها، لهذا يعد إتقان أكثر لغة جزء من رأس المال الثقافي (راجع منشور عن بيير بورديو للاطلاع على أنواع رؤوس الأموال).

العربية، مثلاً، مكتبتها تحوي تراثاً دينياً وأدبياً وفلسفياً خاصاً بها، وغالب من لا يقرأون إلا باللغة العربية لا بد أن يتأثروا بذلك؛ فتجد عندهم ثقافة إسلامية واسعة يتأثرون بها حتى وإن كانوا مسيحيين، لأن ذلك هو غالب المتاح أمامهم. لكن هناك أيضا فئة قسم الترجمة، وهؤلاء يعيشون تحت رحمة المترجمين وما يختارونه لهم. وغالباً ما تكون الكتب المختارة للترجمة ذات طابع يساري واشتراكي، لذا يغلب على طبقة المعرّبين، من الفئة التي تعتمد على الترجمة، الطابع اليساري والاشتراكي مع نفَسٍ لائكي وتنويري فرنسي لا يقتصر على المغرب العربي فقط، لكن غالب سكان المشرق العربي لا يدركون مدى تأثير الفرنكوفونية على الثقافة والتحديث عندهم، وأن رواد النهضة العربية وأول الحداثيين كانوا من الفرانكوفونيين. وما زالت آثار هذه النهضة باقية في المثقفين الحاليين، حتى دون أن يعرف أحدهم كلمة فرنسية سوى بونجور وكرواسون. كما أن جزءاً كبيراً من المصطلحات والتعبيرات في اللغة العربية المعاصرة هو ترجمة حرفية من الفرنسية.

بالنسبة للفرنسية، فهي كما قلنا سابقاً تحمل بداخلها تراثاً تنويرياً لائكيا قوياً جداً، ومعروف عنه العداء الشديد للدين والنزوع نحو المساواة والاشتراكية، وهذا ما يُترجم كثيراً إلى اللغة العربية. لكن هناك أيضاً في الفرنسية (ولدى الكاثوليك عموماً) تراث رجعي ومن الثورة المضادة، يكاد يكون مجهولاً لدى المكتبة العربية، ويبدأ من بدايات القرن التاسع عشر مع جوزيف دو ماستر، مروراً برينيه غينون، وجاك بانفيل، وجورج بيرنانوس، وموريس بارس، وموريس بارداش، وصولاً إلى اليمين الجديد. ولهذا نجد أن الفرانكوفونيين في العالم العربي تغلب عليهم النزعة لائكية، ومواقفهم من الدين متشددة.

أما الإنجليزية، فيغلب على محتواها الطابع الليبرالي، ويميل دائماً إلى الحديث عن الحريات وتعدد الثقافات، وهذا أيضاً يمكن ملاحظته عند الأنغلوفونيين العرب من الشباب (على الأقل هذا ما ألاحظه في بلادي، مع الشباب الجديد الميّال نحو الإنجليزية بدلاً من الفرنسية). فتجد لدى إحداهم مثلاً خليطاً عجيباً بين الحجاب والدفاع عن حقوق الملونين، تماماً كما قد تجد ذلك عند البروتستانت.

هناك بُعد آخر للغة غير رأس المال الثقافي، وهو بُعد رأس المال الرمزي، إذ تلعب اللغة دور محدد طبقي. فالطبقة البرجوازية (والأرستقراطية في الماضي) تفضل استعمال لغة مختلفة عن الطبقات الأخرى، لتُميز نفسها وتترك مسافة بينها وبين تلك الطبقات، مما يُضفي عليها نوعاً من البرستيج. بالنسبة لها، التحدث بلغة مختلفة عن لغة البلد يلعب دوراً مشابهاً تماماً لشراء ساعة رولكس أو ملابس لويس فويتون؛ فلا الأولى هدفها معرفة الوقت، ولا الثانية هدفها تغطية الجسد، بل هي محددات طبقية تمنح صاحبها رأس مال رمزي يسمح له بالاندماج في الطبقة البرجوازية والارتقاء داخلها. كذلك الأمر بالنسبة للغة، التي تكون أحياناً مجرد مفتاح لدخول بيئة طبقية معينة يحرص كل فرد بداخلها على ألا يتحدث كعامة الناس حتى لا يبدو سوقياً، والأفضل من ذلك هو إتقان اللغة الأجنبية بلكنتها الأصلية. فتجد الواحد منهم يحرص على أن يتعلم ابنه على يد معلم يكون متحدثاً أصلياً (Native Speaker) ليأخذ عنه اللكنة، التي تُعد بالنسبة لهم أكثر أهمية من تعلم قواعد اللغة الصحيحة، لأن ذلك هو ما سيفتح له الأبواب لاحقاً نحو شبكة اجتماعية برجوازية (رأس المال الاجتماعي) يمكنه الاعتماد عليها في التوظيف والدراسة وكل ما سيحتاجه في حياته.
وإن لم يجدوا سبيلاً إلى لغة أجنبية، فعلى الأقل يحاولون التميز من خلال لكنة متميزة في نفس لغة أهل البلد. وهذا أمر لا يقتصر على البرجوازية فقط بل يشمل سكان المدن عموماً والعواصم خصوصاً، الذين يحاولون دائماً التميز في لكنتهم عن بقية المناطق، مما يمنحهم أيضاً نوعاً من رأس المال الرمزي.

حسّ سليم

12 Nov, 18:56


ثمة نوع من الاستهانة باللغة لدى كثير من الناس، باعتبارها مهارة تُكتسب فطريا وبسهولة، حيث يكفي أن يتعلم الطفل الأبجدية، ثم القراءة والكتابة، مع بعض قواعد النحو والصرف، ثم ينتقل بعد ذلك إلى المواد العلمية الأكثر أهمية، مثل الفيزياء والعلوم، وبالأخص الرياضيات. فمثلًا، الرياضيات مادة لا بد منها لتنمية المنطق السليم والتفكير المجرد، لكن لا يمكن الوصول إلى ذلك ما لم يكن الطفل متحكمًا باللغة في الأساس، وليس مجرد الطلاقة في القراءة والخط الجيد؛ بل لا بد أيضًا أن يكون قادرًا على فهم النصوص التي توضع أمامه فهمًا حقيقيًا، بمعنى أن يكون قادرًا على ربط الأفكار ببعضها البعض. وهذا يأتي من خلال تحليل النصوص، لكن المشكلة مع المناهج والمعلمين أنهم يلقون النصوص على الطلبة ثم يطلبون منهم تحليلها أو تلخيصها دون مناقشة عامة لمضمون تلك النصوص في الصف بأكمله. يبقى كل طالب وحيدًا أمام النص الذي أمامه، ثم يأتي المعلم ليضع له ما يستحق من علامة أو ملاحظة، في حين أن الطالب بحاجة إلى مناقشة جماعية للنص ليستمع إلى آراء غيره ويأخذ عنهم زوايا رؤية مغايرة في تحليل النصوص -وبالتالي للعالم- ما كانت لتخطر على باله.

هذا لا يعني أن الطالب ينبغي عليه أن يفهم كل نص يُعرض عليه، فهناك بالتأكيد نصوص صعبة قد تحتاج إلى شروح من أهل الاختصاص، وأحيانًا حتى الشروح تحتاج إلى شروح. لكن أن تجد طالبًا جامعيًا غير قادر على فهم نصوص بمستوى مقالات الجرائد، فهذه مشكلة. وليست المشكلة هنا التي يواجهها في صعوبة المصطلحات، فالجميع قد تصادفه كلمات لا يعرف معناها، ويكفي بحث بسيط على غوغل لتجاوز ذلك، لكن المشكلة تكمن في عدم فهم نصوص حتى بعد الإحاطة بمعاني الكلمات. وأحيانًا تكون المشكلة في التسرع وعدم التدرج، فتجد أحدهم يريد أن ينتقل فجأة من كتب مثل نظرية الفستق وفن اللامبالاة إلى كتب ليو شتراوس، ثم يشكو من الصعوبة.

حسّ سليم

11 Nov, 23:32


من خلال قراءة التعليقات لسنوات على هذه الصفحة، خاصة بعدما كثر فيها عدد المتابعين للأسف، لاحظت مدى الصعوبة التي يواجهها الكثيرون في فهم ما يقرؤونه هنا أو في أي مكان آخر. بعضهم بسبب القدرات المحدودة، وهؤلاء معذورون ولا عتب عليهم، كما يقول المثل الشعبي: “هذا ما حلبت البقرة”. أما البعض الآخر، فمشكلته كانت في التعليم وضعف ما يقدم في مادة اللغة، وتحديداً من حيث تحليل النصوص ومناقشتها، لا من حيث قواعد اللغة. فقد يكون أحدهم منضبطاً في القواعد ولا يخلط أبداً بين الضمة والفتحة، لكن لديه مشكلة في تحليل النصوص.

المشكلة الأولى تكمن في عدم فهم الغاية من استعمال الأمثلة والتشبيهات؛ فكثيرون لا يستوعبون الفرق بين ضرب المثال وعقد المقارنة. بحيث لو ضربت مثلاً بشيء لتوضيح الفكرة، فهم لا يتعاملون معه على أنه مجرد وسيلة لإيصال فكرة معينة من خلال جزئية محددة، بل يتعاملون مع الأمر على أنه عقد مقارنة شاملة بين حالتين، ثم يسرحون في مناقشة المثال وكأنه هو الموضوع. كأن تقول مثلاً: “فلان وجهه كالشمس”. لن يفهموا من ذلك أنك تحاول أن تقول إن فلاناً له وجه مشرق، بل سيقولون: “كيف تقول عن وجه فلان إنه كالشمس وأنت تعلم أن وجهه ليس جرمًا سماويًا، كما لا يحتوي على الهيدروجين والهيليوم”، وهكذا يدخلك في متاهة تفاصيل ليشرح لك إلى أي مدى المشبه مختلف عن المشبه به. (هذا لا ينفي أن البعض قد يضرب مثلاً بشيء في غير محله).

المشكلة الثانية هي عدم فهم المغزى الحقيقي من النصوص؛ بحيث يبدو وكأن البعض لا يرى النص كاملاً، بل تبدو لهم النصوص كخربشات سوداء على خطوط مستقيمة، لكن وسط هذه الخربشات تبرز في أعينهم كالمصابيح كلمة أو كلمات مفتاحية بشكل واضح وملون. هذه الكلمات المفتاحية تفعل مناطق محددة في أدمغتهم، فتقوم بإصدار تعليق جاهز للخروج في كل مرة تصل إليها تلك الكلمات المفتاحية بشكل تلقائي. مثلاً، قد تكتب نصاً عن الجبال، وأثناء حديثك عنها تذكر كلمة “بحر”. هذه الكلمة بالنسبة لهم قد تكون كلمة مفتاحية تفعل في أدمغتهم منطقة مخصصة للتونة، لأن التونة تعيش في البحر، وبالتالي يبدو لهم من المنطقي أن يتحدثوا عن التونة، في حين تبقى أنت تضرب أخماسا في أسداس لتفهم كيف أوصله ما كتبته إلى التونة. وهذا شيء مشابه لما كنا نراه في المدارس، وخاصة في امتحانات اللغات الأجنبية، حين تجد أحدهم أمام خيارات الأسئلة المتعلقة بالنص، يبحث عن الخيار الذي يشترك أكثر مع النص في الكلمات، فيكون الخيار الذي يضم كلمات أكثر من النص هو الخيار الصحيح بالنسبة له.

المشكلة الثالثة هي التعامل مع ما هو مكتوب من خلال نبرة الحديث؛ فإن تحدثت عن موضوع ما بنبرة لم يتعودوا عليها من قبل فسيتعاملون مع ما قرأوا على أنه موجه ضدهم أو ضد افكارهم، حتى وإن لم يكن الأمر كذلك في الواقع، لأنهم يميزون العدو من الصديق فقط من خلال النبرة لا من خلال ما يقوله. فإن تحدثت مثلاً عن حدثٍ أو شخصية أو دولة ما بنوع من التحليل البارد دون المصطلحات التي يتوقعونها عادة، فسيكون ما تقوله مثل راية حمراء أمام ثور يستفزه اللون الأحمر ولا يدري لما يستفزه (هنا يقفز إليك من لديه المشكلة الأولى ليقول: في الحقيقة الذي يستفز الثور هي الحركة وليس اللون الأحمر)
يمكنك أن تشتم هؤلاء كما تشاء وستلاقي منهم الترحيب ما دمت تحسن التحكم في نبرة الحديث واستعمال المصطلحات المناسبة لهم، لكن لو شعروا بوجود صوت نشاز في كلامك، فستكون ردة فعلهم وكأنك تشتمهم، وإن كان في ذلك الكلام تهكم أو سخرية فأنت تتعمد شتم أمهاتهم.

حسّ سليم

09 Nov, 19:41


مع العلم، مجتمعات السود واللاتينيين في الولايات المتحدة أكثر تدينا، لو لم تكن كذلك لرأينا العجب

حسّ سليم

09 Nov, 18:50


قد تندهش عندما تعلم أن نسبة المتحولين جنسياً بين السود واللاتينيين في الولايات المتحدة تفوق تلك الموجودة بين البيض. فبين كل 1000 شخص من السود أو اللاتينيين، يوجد 8 متحولين، مقارنةً بـ5 متحولين بين البيض. ومع ذلك، فإن العدد الإجمالي للبيض المتحولين يبقى أعلى، وهو أمر طبيعي نظراً لأنهم يشكلون النسبة الأكبر من السكان.

السؤال هنا هو: لماذا؟

قد يكمن السبب في عاملين رئيسيين:

أولاً، تفكك الأسر: عندما نتحدث عن تفكك الأسر، فنحن عملياً نتحدث عن غياب الأب، إما بسبب الطلاق أو بسبب الأم العزباء. وفي حالة السود واللاتينيين، نسبة غياب الأب، وبالأخص لدى السود، عالية جداً مقارنةً بالبيض. حوالي 60٪ من الأطفال السود لا يعيشون مع كلا الأبوين، مقابل 32٪ لدى اللاتينيين و21٪ لدى البيض. وهذه الفوارق لها حتماً أسبابها، مثل الوضع الاجتماعي، والسكن في الريف أو المدينة …إلخ.

ثانياً، التوزيع الجغرافي: عامل الريف/الحضر لا يؤثر على تفكك الأسر فقط، بل يؤثر أيضاً على احتمال التوجه نحو التحول الجنسي أو أي انحراف جنسي آخر حتى مع عدم وجود تفكك أسري؛ فالمدينة تشجع على النزعة الفردانية وتعرض الأشخاص أكثر للأيديولوجيات المغذية لتلك الانحرافات. وفي الولايات المتحدة، نسبة البيض في الريف أعلى من نسبتهم الوطنية العامة وأقل من ذلك في المدن، حيث يمثل البيض 66٪ من سكان البلاد، لكنهم يمثلون 78٪ من سكان الريف و57٪ من الحضر، مقابل تركيز أكبر للسود واللاتينيين في المدن.

لكن ربما لو قمنا بتحييد تأثير عوامل غياب الأب والتوزيع الجغرافي، ستكون النسب معاكسة تماماً.

حسّ سليم

08 Nov, 17:50


قاعدة: عامة البشر من جميع القوميات والأديان والأيديولوجيات، يتبعون أولًا من «يشعرون» أنه سيملأ موائدهم ويحمي أطفالهم ويوفر لهم الأمان. بعد هذه الثلاثة، ينقسم الناس حول القيم والانتماءات والأفكار.

ما ساعد ترامب في الانتخابات الأخيرة هو إدراكه لهذه القاعدة بغريزته وحدسه، في حين أن تجاهل الديمقراطيين لها، واستعانتهم بالتذاكي والتفكير النخبوي والمغرور كالعادة، هو من الأسباب الرئيسية لنتائج الانتخابات الأمريكية الأخيرة التي صوت فيها كثير من أبناء الأقليات العرقية لصالح ترامب. أوباما في أحد التجمعات الانتخابية كان يتساءل بتعجب: “لماذا قد يصوت السود واللاتينيون لصالح ترامب الذي يشتمهم ويقول عنهم كذا وكذا؟” سؤال يبدو منطقيًا جدًا، لكن الحزب الديمقراطي تمسك بالقيل والقال ولعب على العصبية العرقية وترك القاعدة الأساسية لجمع الناس، لأن اللاتيني وإن لم يرحب بما يقوله ترامب عن المهاجرين اللاتينيين، فهو أقل ترحيبًا بالاقتصاد في ظل الديمقراطيين وبرامجهم حول التحول الجنسي للأطفال وحماسهم الليبرالي الذي ذهب بعيدًا وتجاوز قدرة الناس على التسامح.

الخلاصة من هذا، وبغض النظر عن الانتخابات الأمريكية، عندما تكون صاحب قضية يمكنك أن تجمع حولك قلة مؤمنة بما تقوله ومستعدة للذهاب معك إلى النهاية مهما كانت النتيجة. لكن، ما لم يشعر عامة الناس أن قضيتك تخدم مصالحهم المباشرة أو على الأقل لا تهددها، فلا تتوقع منهم اتباعك مهما كانت درجة صواب قضيتك. هذا هو الخطأ الذي يقع فيه دائما من يعتقدون أن نجاح قضاياهم مرتبط بزيادة وعي الناس وعقلانيتهم، وعندما يصطدمون بالواقع، يسخطون على الناس بدلاً أن يلوموا جهلهم لطبيعة البشر.

حسّ سليم

10 Oct, 20:02


الملعقة:
فكرة المنشور السابق تتلخص في التالي:
– لا تحكم على قرار ما من خلال النتائج فقط (ركز جيدا مع "فقط").
– لا تحكم على قرار ما دون فهم سياقه وما هو متاح في لحظته.
– لا توافق قرارا ما ثم تأتي بعد ذلك لتتنصل منه، وكأنك كنت ستفعل غير الذي كان (في بعض المواقف يعتبر هذا نفاق).
– إن كنت في الأساس غير مهتم بقضية ما فلا قيمة لأحكامك، هو مجرد تذاكي أو إدعاء للطهارة.
– كل ما سبق لا يعني أن ظروف أي قرار تنفي عنه الخطأ، لكن الظروف توضح لما إتخذ صاحب القرار ذلك القرار.
– لا أحد يستطيع التحكم في مجرى التاريخ، فأفضل قرار في وقته قد يتحول إلى أسوء قرار، وأسوء قرار في وقته قد يتحول إلى أفضل قرار، والأمثلة على هذا من التاريخ لا تنتهي.

حسّ سليم

10 Oct, 15:42


عندما قتل جساس كليب، فرح بذلك كثير من قومه من بني شيبان، لأن كليبًا أذلهم وضيّق عليهم معيشتهم إلى حد تجويعهم. لكن ذلك أدى إلى نشوب حرب دامت 40 سنة، أسرف فيها المهلهل في القتل حتى كاد يُبيد بني شيبان وأحلافهم من بكر، الأمر الذي جعل كثيرًا ممن ابتهجوا بقتل كليب في البداية ينقلبون على فعل جساس، ويضعون كل اللوم عليه بوصفه السبب في مآسيهم، لا على ما فعله كليب ثم أخوه المهلهل ببني شيبان وبني بكر عمومًا. وتناسوا بذلك أنهم فرحوا أشد الفرح بفعل جساس يوم وقوعه، وأي واحد منهم كان يمكن أن يكون هو جساس، لأنهم كانوا متفقين على أن ذلك هو المخرج الوحيد وفق المعطيات المتوفرة آنذاك، بعد أن أغلق كليب كل باب للحل وأصر على رأيه. ولا أحد منهم كان يتصور أو يخطر على باله أن المهلهل سيشترط بعد ذلك عودة أخيه حيًا.

لكن أن يأتي شيباني مكلوم بعد زمن، مدفوعًا بعواطفه التي يمكن تفهمها من خلال العواطف أيضًا، لجعل قرار جساس يبدو غير عقلاني في لحظته، وهو كان موافقًا له، فهذا حكم بأثر رجعي يستطيع حتى الأطفال استنتاجه. وحتى جساس كان سيفكر ألف مرة قبل الإقدام على ذلك لو كانت لديه كرة سحرية تخبره بالمستقبل، خاصة وأنه هو نفسه قُتل في بدايات الحرب. وهناك طبعًا المتذاكي الذي سيتظاهر وكأنه لم يكن سعيدًا وموافقًا يوم مقتل كليب. وللأسف، لم تكن توجد وقتها مواقع تواصل تسجل ما قاله الجميع في ذلك اليوم ما لم يحذفوه. بالإضافة طبعًا إلى البكري الذي كان ضد جساس منذ البداية، ليس لأنه كان يخشى العواقب كما يحب أن يُظهر نفسه، بل لأنه كان راضيًا بحياة قومه وضد قتل كليب في حد ذاته مهما كانت التبعات.

بعد 40 سنة، انتصر البكريون وانتهت الحرب بتفرق التغلبيين ورحيلهم عن الديار (كان يمكن ألا يحدث هذا وتكون النهاية مأساوية لبكر). السؤال هنا: ما هي النتيجة الحقيقية في هذه القصة، وما هو رأي الأجيال التي وُلدت بعد الحرب؟ هل سيكون: يا ليت جساسًا لم يفعل فعلته، أم من الجيد أنه فعل ذلك وإلا كنا الآن نعيش في ذل وجوع تحت حكم التغلبيين؟

إذًا، هناك دائمًا معضلة في تعامل البشر مع الماضي، إذ يحكمون على أحداث وقرارات معينة من خلال نتائجها فقط (وقد تكون النتائج غير نهائية) لا من خلال سياقها أيضًا، وكأن أحدهم كان يقينًا سيفعل غير الذي تم فعله. وإذا كان موافقًا في الأساس ثم انقلب (تغيير الرأي والاعتراف بالخطأ ليس عيبًا، العيب في التنصل منه)، فهو إما مكلوم يفضفض أو ثرثار يستسهل التذاكي. وفي كل الأحوال، لا جدوى من رأيهما لأن الذي حدث قد حدث ولا يمكن العودة عنه.

هذا لا يعني أنه لا توجد قرارات خاطئة في التاريخ أو لا ينبغي الحكم عليها بالخطأ، لكن يجب الاعتدال في الحكم وفهم الظروف. وإلا، فإنه من السهل على أي أحد القول بأن نابليون والرسام الألماني مغامران أحمقان قد أخطآ في غزو روسيا بعد أن تبينت النتائج، ومن السهل الحكم على مديري إنتل ونوكيا وكوداك بأنهم حمقى غير مغامرين لأنهم رفضوا تبني أفكار كانت تبدو مخاطرها عالية.

حسّ سليم

08 Oct, 19:48


« يصرخ المعتدي: "إنهم يذبحونني!" حيلة قديمة قدم موسى. »

— لويس-فرديناند سيلين (1937)

حسّ سليم

02 Oct, 20:55


وقبل فترة كانت ملتزمة بقواعد الاشتباك مع الحزب. قصة الثيران الثلاث حرفيا.

حسّ سليم

01 Oct, 20:53


القصد من هذا المنشور أن ضربة اليوم كانت قوية وأعادت الأمور إلى نوع من التعادل، مع التنبيه إلى أن القادم سيكون أكثر خطورة (ضربات الترجيح). لكن البعض لا يفهم سوى بالملعقة.

حسّ سليم

01 Oct, 20:23


14 أفريل

حسّ سليم

01 Oct, 20:23


من يدعون أنها مسرحية صنفين، صنف المطبعين بفخر وهؤلاء لا يمكنك فهم سيكولوجيتهم إلا من خلال مثال العا**ة التي ترمي بقية النساء بالنفاق والعـ** المتخفي (أحيانا هذا صحيح) لتبدو في النهاية هي الصادقة وصاحبة المبدأ، هذا السلوك لا بد منه بالنسبة لهذا الصنف للحفاظ على نوع من الاستقرار النفسي. ونوع ثان ضد التطبيع بصدق وفي نفس الوقت ضد ما فعلته إيران بالمنطقة فاختلطت الأمور عليه لرؤيته العالم على أنه إما أبيض أو أسود.

ندع جانبا الصنف الأول، أنت الذي يعتقد أنها مسرحية ومجرد تمثيلية وضد التطبيع حقا، من تعتقد أنهم يخدعون بهذه التمثيلية، هل يخدعون الصنف الأول أم يحاولون خداعك أنت؟ وإن كنت أنت المستهدف بهذه الخدعة فمن أجل ماذا؟ ما الذي يضيفه موقفك ومعك 200 مليون آخرين في الواقع؟

هذه الحنكة الشعبوية سببها أن الناس لا تستوعب أنه في العلاقات الدولية ليس هناك فريق للخير يضم كل الأخيار مقابل فريق للشر يضم كل الأشرار، وبالتالي يكون الصراع بين شرين أو عدوين لهم هو أمر مستحيل، وإن حدث فهو مجرد خدعة بصرية حتى وإن كان لا يدري أحد ما الجدوى منها. يضاف إلى هذا وهم شعبوي يجعل الناس تعطي نفسها أهمية أكثر مما تستحق، سواءً في المسائل الوطنية أو الدولية يعتقد هؤلاء أن الحكومات الوطنية والأجنبية ترتعد خوفا من موقف الرأي العام وكل ما تفعله هو من أجل إلهائه وخداعه حتى لا يستيقظ ويبطش بها.

هذا لا ينفي أنه قد تجري أحيانا تمثيليات حتى بين أشد الدول عداوة في ما بينها، لكن ليس بمنطق المقاهي بل الذي يحدث هو تنسيق محدود لغاية مشتركة، وإيران بمشروعها التوسعي الحالي في المنطقة لا يسعها إلا أن تصطدم بإسرائيل بغض النظر عن طبيعة النظام، وتركيا كذلك لو فكرت في مد نفوذها مرة أخرى في المنطقة كما حاولت في وقت من الأوقات، ستصطدم بإيران وإسرائيل بلا شك، وكذلك أي دولة ذات طموح إمبراطوري ومهما كان شكل أيديولوجيتها.

خلاصة الكلام، وحتى تريح رأسك من البحث في نوايا الدول، أنظر لما يحدث على أنه دائما رغبة في تحقيق مصالح وطنية، قد لا يكون هذا دقيقا دائما، لكن في غالب الأحيان الأمر كذلك، وما تفعله إيران أو السعودية أو الأردن أو مصر كله بدافع المصلحة الوطنية أولا، قد تختلف في تقدير تلك المصلحة وتعتبر أن السياسة المتبعة خاطئة، لكن ما يحدث ليس من باب الرغبة في العمالة لأحد لدى البعض، وليس من باب الطهارة الثورية لدى البعض الآخر، كلهم على استعداد لفعل أي شيء لتحقيق ما يعتبرونه مصالح وطنية في إطار الممكن والمتاح أمامهم، وقد فعلوا ذلك كلهم في وقت من الأوقات بما في ذلك مدعي الطهارة منهم. هذا لا يعني تبني موقف عدمي تتساوى فيه كل المواقف بل تبني موقف مبني على فهم الواقع كما هو لا على أوهام، فتختار مساندة فريق ما وأنت غير مهتم بصدقه أو كذبه بل تنظر إلى أين توجهه مصالحه.

حسّ سليم

01 Oct, 20:03


بعد مراجعة فكرية عميقة تقرر تحويل القناة إلى إذاعة "صوت طهران" (على وزن صوت القاهرة) إرضاءً لبعض المتابعين، منذ الغد سنبدأ المنشورات بـ: هنا طهران.

حسّ سليم

01 Oct, 19:27


وكأنه هدف التعادل في الوقت الضائع، والمباراة تتجه نحو ضربات الترجيح.

حسّ سليم

30 Sep, 09:38


من المعروف عن السياسة الصينية أنها حتى سنوات قريبة كانت تتبع إستراتيجية مستمدة من التقاليد الصينية القديمة، توصي بتجنب المواجهة قبل اكتمال جميع عناصر القوة، بما في ذلك تجنب الجعجعة وتوزيع التهديدات يمينا وشمالا لتجنب لفت الأنظار، وقد أثبتت هذه السياسة نجاحها إلى حد كبير.
في المقابل، يتبع الغرب إستراتيجية الإحتواء ومحاولة استباق خطر التهديدات المحتملة من خلال منع اكتمال عناصر قوة المنافسين قبل أن تصبح تهديدًا حقيقيًا، وذلك من خلال تضخيم قوتهم وإظهار الخوف منهم، وربما منحهم بعض الانتصارات البسيطة هنا وهناك من أجل استدراجهم وحشد الجبهة الداخلية. هذا الأمر قد يدفع بعض الخصوم إلى الغرور والاستهانة بالغرب، مما يجعلهم يتصورون أنهم قادرون فعلاً على المواجهة، ليجدوا أنفسهم في النهاية واقعين في فخ عدم الجاهزية أثناء المواجهة الحقيقية.
عندما تجد الخطاب والتحليلات السياسية الغربية تتحدث عنك بطريقة قد تشعرك بالفخر، فالواجب عليك أن تشعر بالريبة بدل ذلك.

حسّ سليم

29 Sep, 15:52


من مميزات الغرب التي يحسد عليها أحيانا، والتي نقع كثيرا في فخ تصديقها، مبالغته الشديدة في تقدير الواقع الحالي والمخاطر المستقبلية وقوة خصومه، الأمر الذي يمنحه يقظة جيدة أمام ما يحدث أو ما سيحدث. طبعا ينبغي أن لا يؤخذ الغرب هنا ككتلة واحدة لها نفس الاهتمامات بنفس تعريف الخطر والعدو، بل كتيارات مختلفة كل واحدة منها لها تصوراتها، لكن الذي يجمعها كلها، خاصة بعد تراجع الأمال التقدمية، هو أسلوب التخويف والتهويل –هذا أفضل أسلوب لحشد الناس– بحيث يعتقد كل تيار وكأن العدو/الخطر الوجودي (النهاية) على الأبواب وأن المسألة مسألة وقت بتاريخ محدد في كثير من الأحيان، فيقال مثلا بحلول سنة 2050 (مثلا) سيصبح مناخ الأرض غير صالح للحياة أو أن المهاجرين يصبحون هم الأغلبية أو أن الدولة الفلانية غير الغربية ستصبح رقم واحد في العالم …إلخ، مع العلم أنه قد تجد نفس التقديرات قبل 25 أو 50 سنة عن سنة 2025 مثلا أو قبلها سنة 2000. أو تجدهم مثلا يبالغون كثيرا في قوة العدو (قد يكون عدو داخلي مثل الباطرياركية) الذي قد يكون أضعف من أن يشكل خطرا داهما، ومع ذلك يتعاملون معه وكأنه البعبع الذي يوشك أن يلتهمهم. هذا لا يعني أن هذه التقديرات خاطئة تماما، لكنها تحمل دائما جرعة مبالغ في حجمها أو في زمانها.

هذه النزعة نحو نبوءات نهاية العالم بتواريخ محددة ليست جديدة على الغرب بل عمرها ألفين سنة. منذ ميلاد المسيح إلى اليوم يمكنك أن تجد عشرات النبوءات والتواريخ ليوم القيامة، ولأن العلمنة لا تزيل ثقافة عمرها ألفين سنة بجرة قلم فإنها تظل راسخة في اللاوعي، فتجد نفس الأسلوب ما يزال على حاله، صحيح أنه لم يعد يؤمن بيوم القيامة بالمعنى الديني لها لكنه ما يزال دائما يترقب قدومها أو كما قالت إحداهن في إحدى البرامج السياسية: نشعر أن هناك شيئا ما سيقع علينا في أي لحظة، لكننا لا ندري ما هو.

المؤسف بالنسبة لنا هو أننا كثيرا ما نبالغ في تصديق هذه الهيستيريا التي تصيب الغرب في تقديره للواقع والمستقبل ولقوة خصومه (مرة أخرى حسب اختلاف التوجه) لأنها تناسب ما نتمناه ونغفل عن كونها آلية دفاعية لحشد الناس وليست مجرد رأي موضوعي حتى لو كان صحيحا جزئيا.

ملاحظة: إذا كنت تريد أن تقول أن هذا التهويل نجده لدى كل الأمم فأنت لم تكتشف الماء الساخن، طبعا هناك كل شيء ونقيضه لدى الجميع، لكن الحديث هنا عن النسبة والتركيز.

حسّ سليم

29 Sep, 13:52


منذ 7 أكتوبر، لم يكن لدى تلك الدولة سوى هدف واحد، وهو استعادة صورة الردع أمام البعيد قبل القريب. الردع هو أهم ما تملكه هذه الدولة، لأنها، بخلاف كل دول العالم، لا تملك جذورًا ديموغرافية أو تاريخية على الأرض التي تقوم عليها سوى بعض القصص التوراتية البائدة. من أجل هذا، قامت بتسوية غزة بالأرض حرفيًا، لكن كل ما فعلته حتى الآن لاستعادة صورة الردع لا يُقارن بما حققته للأسف خلال بضعة أسابيع في لبنان. حالة النشوة لدى أولئك الناس والتطبيل في الإعلام الغربي ليس لها مثيل منذ 1967، خاصة من ناحية العمل الاستخباراتي الذي تضرر كثيرًا في 7 أكتوبر. ومثل حرب 67، يعود الفضل الأول في ذلك إلى صورة النمر من ورق للعدو (حزب الله) التي غذتها تلك الدولة قبل غيرها، لهذا تعشق خطاب الجعجعة وتدميرها، وهي سياسة يتبعها الغرب عموما الذي يميل دائما إلى المبالغة في قوة أعداءه من أجل ضمان أقصى حد من الحشد داخليا وتعظيم صورة النصر لاحقا، وهو فخ يقع فيه كثيرا خصوم الغرب الذين يتوهمون أحيانا القوة لديهم أكثر من اللازم، وكذلك بالنسبة لضعف الغرب. (منشور سابق تحدث عن هذا)

حسّ سليم

28 Sep, 18:54


وقع حزب الله في خطأين قاتلين لأي حركة "مقاومة":

- ترك القرار النهائي بيد جهة أخرى، بغض النظر عن درجة قربها أو تحالفها، وفي حالة الحزب نتحدث عن إيران.
- تبني سلوك وتنظيم الجيوش النظامية، وهو الفخ الذي وقع فيه الحزب على ما يبدو بسبب الحرب السورية.

حسّ سليم

28 Sep, 13:36


لماذا لم يفعلوا ذلك؟ لأنه يعني إمكانية دخول الحزب في الحرب الحقيقية، الأمر الذي لم يكن مناسبا لإسرائيل في ذلك الوقت بسبب معارك غزة. لهذا نقول أن الحزب ضيع على نفسه الوقت المناسب لدخول الحرب.

حسّ سليم

28 Sep, 12:28


مثل المنشار الكهربائي، إما أن تمسكه بيد واثقة أو تتركه، أما اليد المترددة فلن تقطع سوى أصابعها.

حسّ سليم

27 Sep, 15:21


منذ سنوات وروسيا تضغط على مالك تطبيق تلغرام، "بافل دوروف"، ليرفع السرية عن بيانات المستخدمين في تطبيقاته، لكن كل ما حققته لا يقارن بسرعة وفعالية الغرب (فرنسا) في إخضاع دوروف لضغوطه. وذلك على الرغم من أن روسيا تقدم دائمًا كبلد لا يكترث بالحريات ويستخدم طرقًا عنيفة ضد مواطنيه مثل التصفية الجسدية، مقابل الغرب، أرض الحريات واحترام الخصوصية.

ما يميز الدول الغربية والمتقدمة عمومًا عن غيرها ليس اتساع مجال الحريات لديها، بل قدرتها على تحقيق نفس أهداف غيرها (القمع) بشكل أكثر فعالية من خلال استخدام أقل قدر من العنف. فالدول لا تستخدم العنف كهواية سادية، بل كوسيلة لتحقيق أهدافها، وكلما احتاجت الدولة لاستخدام المزيد من العنف ولتشديد العقوبات، كان ذلك مؤشرًا على فقدانها السيطرة على مواطنيها. لذلك، فإن الدول المتقدمة لا تحتاج إلى العنف إلا في مجالات ضيقة، لأنها تسيطر بشكل كامل على حياة الأفراد من خلال التكنولوجيا، والتمدن على حساب الريف، والتحكم في الوسائل التعليمية والإعلامية والثقافية، والهندسة الاجتماعية. والأهم من ذلك كله هو دولة الرفاه الاقتصادي التي تجعل حياة الأفراد أكثر سهولة مقابل تقليص استقلاليتهم تجاه من يسيطر عليها. نجد هذا حتى في العلاقات الدولية، حيث تستخدم المعونات كأدوات هيمنة وابتزاز. المثال الأوضح على هذا هو الصين، التي تحولت خلال عقود قليلة من دولة تفرط في استخدام العنف إلى دولة رفاه تملك تكنولوجيا عالية تمكنها من التحكم في كل جوانب حياة المواطنين. يكفي أن تخصم بعض النقاط من الأفراد الذين لا يتصرفون وفقًا لما تريده حتى تردعهم، فمجرد حرمان أحدهم من ركوب القطارات، على سبيل المثال، كافٍ لتحويل حياته المدنية إلى جحيم دون الحاجة إلى دهسه بالدبابة كما كان يحدث في الماضي.

هذا لا يمنع وجود متمردين على المنظومة، لكنهم في الغالب مجرد ذئاب وحيدة ومنعزلة يمكن التحكم في مدى تأثيرها على الكتلة الرئيسية التي تُعطى من خلال الانتخابات وتعدد وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي وحرية الاستهلاك والمتعة، إحساسًا بأنها كانت حرة في الاختيار، في حين أنها لم تختر سوى من بين ما هو متاح لها.
لمن يحب هذا النوع من التشبيهات، الأمر مثل دور الأب والأم. الأب أكثر قسوة وشدة في التعامل مع الابن، لكنه يترك دائما مسافة معه تتيح للابن أن يستقل بذاته، في حين أن الأم تغرق الابن بالرعاية والحنان، لكن هذا يرافقه تحكم تام بشؤون الابن إلى أدق التفاصيل.

قد يُقال: ما المشكلة في هذا؟ يا ليت العالم كله كذلك لنستمتع ونعيش حياة سهلة!

في الحقيقة، لا مشكلة في هذا، فما قلناه إلى الآن هو وصف لحال وليس حكم، لأن أغلب البشر لا يريدون سوى ذلك، ولا يتحدثون عن الحريات، بما في ذلك الحريات السياسية، إلا لأنهم يعتقدون أنها ستزيد من متعتهم ورفاهيتهم. أما الحرية كالتي تحدث عنها مثلا سيوران فهي ليست من بين خياراتهم: «حاول أن تكون حرًا وستموت جوعا»، ولن يتغير هذا أبدا إلا لدى من يتوهم أن الطبيعة البشرية قابلة للتغيير. ولو كان بمقدور كل دول العالم الحديثة، مهما كان توجهها الأيديولوجي، أن تتحكم في مواطنيها كما تفعل الدول المتقدمة، لما ترددت في ذلك للحظة، فهي لا تتمنى سوى ذلك. وسيكون مواطنوها أسعد الناس بها (بعض دول الخليج مثال على ذلك)، لكنها عاجزة اقتصاديًا وتكنولوجيًا عن تحقيق ذلك، فتجدها تستعمل قمع الفقراء: العنف.
المشكلة تكمن في تسمية الأشياء بغير مسمياتها، لأن مشكلة أغلب مدّعي الحريات ليست في القمع بغية سلب الإرادة، بل في وسائل القمع، هل هي عنيفة أم لا، ولأي غرض تُستخدم؟ في حين أن القمع يُعرف بنتائجه لا بوسائله.


« التقليص التدريجي للحرّيات لدى بعض الشعوب هو ناتج عن شيخوختها بنفس القدر عمّا هو ناتج عن النظم السياسية الديكتاتورية، على الرغم من بعض مظاهر التحلّل والإباحية التي قد توهم هذه الشعوب بامتلاك الحرية. هذا التقليص في الحريات يشكّل أحد الأعراض المنذرة بمجيء مرحلة الانحطاط، التي لم تستطع أي حضارة في العالم أن تنجو منها حتى الآن
— غوستاف لوبون.

حسّ سليم

26 Sep, 12:14


هل سمعت من قبل عن مقاتل يحارب من أجل الدفاع عن درعه؟

حسّ سليم

22 Sep, 16:54


تشغل الرأي العام الفرنسي حاليًا قضيتان.
الأولى هي محاكمة رجل يدعى دومينيك بيليكو (67 سنة)، بدأت قضيته عام 2020 عندما قُبض عليه وهو يلتقط صورًا من تحت التنانير في أحد مراكز التسوق. أثناء تفتيش منزله والبحث في حاسوبه الشخصي عن صور أخرى متعلقة بهذه الهواية، اكتشفت الشرطة هواية أكثر انحرافًا: عشرات الفيديوهات التي تظهر زوجته وهي فاقدة للوعي أثناء مضاجعة رجال لها بحضور زوجها.
خلال عشر سنوات، كانت الزوجة تتعرض للاغتصاب دون أن تكون على علم أو تشعر بما يحدث، باستثناء بعض الصداع والتعب اللذين عجز الأطباء عن تفسيرهما. كان الزوج شديد الحرص على أدق التفاصيل، ويجيد التلاعب النفسي بها حتى لا تشعر بشيء. كان يتعرف على "الضيف" المناسب عبر الإنترنت، ثم يدعوه إلى البيت وفق بروتوكول محدد: يجب أن يركن سيارته بعيدًا عن المنزل، وألا يستخدم أي عطر، وأن ينسحب فورًا عند ظهور أدنى حركة من الزوجة. تمكنت الشرطة من الوصول إلى 51 متهمًا من أصل 90.

القضية الثانية تتعلق بتقديم بعض النساء شهادات عن تعرضهن للاعتداء الجنسي من قبل كاهن محبوب لدى الفرنسيين، سواء كانوا مسيحيين أو غير مسيحيين، ويدعى "آبي بيار"، الذي توفي عام 2007. وقد اعترف بابا الفاتيكان بأن الكنيسة كانت على علم بذلك منذ عام 1959 على الأقل، ووصف الأب بيار بأنه "خاطئ فظيع".

الغرض من ذكر هاتين القضيتين ليس إسعاد من يفرحون بكل ما يثبت الانحطاط الفرنسي أو الغربي، بل للوقوف عند نظرة المعاصرين إلى "الإنسان". هؤلاء يتصورون أن من يقدم على مثل هذه الأفعال هو بالضرورة "وحش" غير آدمي، وكأن ما فعله الزوج أو الكاهن فعل غير إنساني بطبيعته. هذا الأمر يعبر عن رغبة دائمة لدى المعاصرين في تبرئة الإنسانية من الشر (الإنسانوية) وغلق أي نقاش حول ذلك بوصف كل من يحيد بالوحش (لا تقلقوا، هذا وحش وليس إنسان)، في حين أن ما قاموا به فعل إنساني بحت ولا يتعارض مع الجوانب الخيرة لديهم.
هذه التناقضات تسبب ارتباكًا ذهنيًا لدى أبناء عصرهم الذين لا يستوعبون اجتماع ما يبدو لهم تناقضات أخلاقية في شخص واحد. بالنسبة لهم، الإنسان إما أن يكون شبه ملاك مع أخطاء بسيطة (حسب قاعدة "أنت حر ما لم تضر")، أو ملاكًا طاهرًا إذا كان ضحية، وما لم يكن أحدا منهما فهو "وحش" لا بد أن يقصى من الإنسانية. في حين أن السياق التقليدي وغير الحداثي يرى أن الشر أصيل في الإنسان مثله مثل الخير وربما أكثر منه، لأجل هذا يلح على وضع الحدود والقيود التي ينظر إليها أبناء عصرهم على أنها "المؤامرة" ومصدر الشر في الإنسان، فإذا حررنا الإنسان من هذه القيود فإنه سيبدع وسيحسن الاختيار حتما، فيتحول المجتمع إلى مجتمع مثالي، الأفراد فيه عقلاء وأحرار وتساوون كما هو في أذهانهم، ثم يصابون بالدهشة عندما يكتشفون أنهم قد حرروا الوحوش - والحماقة - أكثر من الملائكة، فتجدهم بعد ذلك يحاولون اكتشاف العجلة من جديد بأصعب الطرق.

ذلك الزوج كان شخصًا عاديًا جدًا، وزوجًا وأبًا مهتمًا بأسرته (في أغلب الوقت على الأقل)، بحيث لم يشك فيه حتى أقرب الناس إليه. ضيوفه أغلبهم أناس عاديون مثل الذين قد تصادفهم كل يوم، مهندسون، وصيادلة، وآباء. أما الأب بيار، فقد كرس حياته للأعمال الخيرية ومساعدة المشردين واللاجئين، وكأنه النسخة الفرنسية من الأم تيريزا (التي ظهرت لها أيضًا جوانب أخرى بعد موتها). ورمز الشر بالنسبة للمعاصرين كان فنانا مرهف الإحساس، محبا للموسيقى، ومعروفا بعطفه على الحيوانات، فهل كل هؤلاء هم وحوش أم هم بكل بساطة: بشر؟