الصوت الأول صوت عميل ومنافق وسهل كشفه وكشف رموزه بالنظر في تاريخهم الفكري وشبكات مصالحهم وولاءاتهم السياسية .. ده يجب علينا جميعا مواجهة خطابه ورموزه والاشتباك معهم وإضعاف سردياتهم بلا تعاطف، وبلا هوادة .. وهذا الصوت لامم حثالات الخليقة من كل طيف (أنظمة، ثورات مضادة، أمنجية، صهاينة عرب، ذباب إلكتروني، وطنجية .. إلخ).
الصوت التاني وده المهم بالنسبة لي؛ هو الصوت الخارج من نفس أرضيتنا وتاريخه وحاضره شاهد بنصرة قضايانا (مع وجود تفصيلات داخل هذا الفصيل) .. من الخطر الشديد اللي يضر بنا جميعا هو التعامل بقسوة وتخوين لهؤلاء، لا هو من العقل ولا هو من الدين ولا هو من المصلحة البراجماتية البحتة .. وأحسب إنه وصول بعض الناس لآفاق مسدودة على الصعيد الفكري والنفسي في هذا الوضع المأساوي صار شيء مفهوم ومتفهم وإن كان خطأ بل كارثي، كلنا مجمعون أنا في حال لا نحسد عليه مطلقاً ولا يمكن لأحد الادعاء بأنه لديه مخرج أو رؤية لما يجب أن تكون عليه الأمور.
الشاهد إنه هذا الصوت يُناقش، ويُفند كلامه، ويُتعاطى معه بجدية .. حتى لا ينفرط عقدنا مع الوقت، وحتى تتغول بيننا أخلاقيات التخوين والبذاءة وتفاقم الفجوات بيننا في وقت نحن أحوج ما فيه لجمع الكلمة والتسامي على الخلاف.
وعلينا دائماً ألا ننسى أن ما أوقعنا في هذه الحيرات واليأس العميق هو فراغنا عن العمل .. عجزنا .. أننا لم نكن على قدر الحدث .. أننا غير فاعلون .. هذه الحيرة والتيه كلها ضريبة فقدنا للمشروع، للعمل، لتوجيه كل هذا الغضب تجاه العدو .. علينا أن نواجه أنفسنا بهذا دائما.
وأحسب أن هذا ليس كلاماً عاطفياً ولا تكراراً لبديهيات .. لكن هو تذكير لأن ما يحصل الآن من عنف وخشونة غير مبررة في النقاشات هو أمر خطير.