الكتاب جيد جدًا، سلك كاتبه طريقة هجرها غالب المتأخرين، مع أنها أدلّ على مذهب كلّ صاحب مقالة.
فعادة المتأخرين أن يجعلوا كلام المتأخر أصلاً يفرّعون عليه.
والصواب أن يُكتَنه مقصود المتقدّم من كلامه نفسه ثم يُعرض كلام المتأخرين عليه.
ومن أوثق أسباب التوفيق في هذا النحو من الكتابة أن لا يكتفي الباحث بخبر هنا وأثر هناك، أو أن يحمل كلام المتقدّم على حملِ المتأخّر ولسانه. وإنما الصواب أن يعمد إلى جمع المادة على وجه الاستيعاب المتيسر، بحصر مقولات الإمام نفسه (موضوع البحث) وضبطها وتحديد دلالاتها في كلّ موضعٍ موضع، والاستعانة بجملة القرائن المتاحة له في مساره لتعيين مقصوده وموقفه، ومن أقوى تلك القرائن كلام مشيخته وأقرانه وأصحابه، فيجمع كل ذلك كذلك ويعتبر بعضه ببعض إلى أن يورثه هذا الصنع يقينًا بالمقصد الذي هو نتيجة بحثه.
وقد سار الشيخ أحمد - وفّقه الله - هذه السيرة في هذا البحث فأجاد وأفاد جزاه الله خيرا