𝕿𝖍𝖊 𝕿𝖗𝖎𝖚𝖒𝖕𝖍𝖆𝖓𝖙

"الإنسان المعاصر يلهث بنهم لاستهلاك المزيد والمزيد، وعلاوة على ذلك، يحاول بإلحاح أن يعوض فراغه الداخلي وعجزه عن بناء دعائم خارجية (الصورة الجسدية، الملابس، الممتلكات والمقتنيات) لإخفاء هذا الفراغ الداخلي. إن رجل التقليد لم يتردد في اليقين بأن في انفصاله عن الروابط التي يمثلها اللاوعي والدنيوية والمادية يكمن أساس حريته الحقيقية، فهل من الصعب أن يدرك أن التعلق بالمادة والقوى اللاعقلانية لا ينتج عنها سوى التعاسة وعدم الرضا والشقاء والقلق اللامتناهي والتبعية الاستعبادية، وأن هذا التعلق هو السبب الأكبر في الانتشار الطاغي الحالي للوجود المضطرب؟".

- إدوارد ألكانتارا، تأملات ضد الحداثة (2013).

"إن الرجال العظماء، مثلهم مثل الحقب العظيمة، هم مادة متفجرة تراكمت فيها طاقة هائلة؛ وكان شرطهم المسبق دائماً، تاريخياً ونفسياً، أن يسبقهم تجميع وتراكم واقتصاد وحفظ طويل - أي أنه لم يكن هناك انفجار كبير منذ زمن طويل - فإذا كان التوتر في الكتلة قد بلغ من الشدة مبلغاً عظيماً فإن أقل حافز عرضي يكفي لاستدعاء ”العبقرية“، ”الفعل“، ”القدر العظيم“، إلى العالم. فما أهمية البيئة عندئذ، أو العصر، أو "روح العصر"، أو "الرأي العام"!... إن البشر العظماء ضروريون، والحقبة التي يظهرون فيها عرضية".

- فريدريك نيتشه، غسق الأوثان (1889).

تقبلك الله يا أبا إبراهيم.

"...كانت هناك تهمة أخرى هي أن فرسان الهيكل كانوا يحتقرون الأسرار المقدسة، وخاصة التكفير عن الذنب والاعتراف. ويُزعم أن فرسان الهيكل لم يعترفوا بالسلطة العليا للبابا والكنيسة ولم يتبعوا التعاليم المسيحية إلا في المظهر فقط... علاوة على ذلك، اتُّهِمَ فرسان الهيكل بإقامة علاقات سرية مع المسلمين وبأنهم أقرب إلى العقيدة الإسلامية منهم إلى العقيدة المسيحية... إن الحروب الصليبية، التي لعب فيها فرسان الهيكل والفروسية الغيبلينية بشكل عام دوراً أساسياً، خلقت في كثير من النواحي جسراً فوق تقليدي بين الغرب والشرق. وانتهى الأمر بفرسان الحملات الصليبية إلى مواجهة نسخة طبق الأصل من أنفسهم، أي المحاربين (المسلمين) الذين التزموا بأخلاقيات مقابلة وعادات الفروسية ومُثُل "الحرب المقدسة".

- يوليوس إيڤولا، لغز الكأس المقدسة (1937).

"إن الذين يخدعون أنفسهم اليوم بشأن إمكانيات النضال السياسي البحت، وبشأن قوة هذه الصيغة أو تلك، أو هذا النظام أو ذاك، الذي لن يكون له نظير دقيق، كنظير له في صفة إنسانية جديدة، لم يتعلموا شيئاً من دروس الماضي القريب. هناك مبدأ واحد يجب أن يكون اليوم أكثر من أي وقت مضى بديهياً تماماً: إذا كانت دولة ما تمتلك نظاماً سياسياً واجتماعياً هو الأكثر كمالاً من الناحية النظرية، ولكن إذا كان الجوهر الإنساني معيباً، فإن هذه الدولة ستنحدر عاجلاً أو آجلاً إلى مستوى أدنى المجتمعات، في حين أن شعباً أو جنساً قادراً على إنتاج رجال حقيقيين، رجال ذوي حدس صحيح وفطرة أكيدة، سينتظر مستوى عالٍ من الحضارة وسيصمد أمام أكثر المحن كارثية، حتى لو كان نظامه السياسي معيباً وناقصاً".

- يوليوس إيڤولا، التوجهات (1971).

"إن هذه "الحضارة" الحاضرة، التي انطلقت من البؤر الغربية، قد امتدت عدواها إلى كل أرض كانت لا تزال معافاة، وجلبت إلى جميع طبقات المجتمع وجميع الأجناس "العطايا" التالية: التململ وعدم الرضا والسخط والحاجة إلى التقدم إلى الأمام وبسرعة أكبر، وعدم قدرة المرء على امتلاك حياة في بساطة واستقلال وتوازن. لقد دفعت الحضارة الحديثة الإنسان إلى الأمام، وولَّدت فيه الحاجة إلى عدد متزايد من الأشياء، وجعلته أكثر فأكثر غير مكتفٍ بنفسه وعاجزاً. وهكذا، فإن كل اختراع جديد واكتشاف تكنولوجي جديد، بدلاً من أن يكون فتحاً، يمثل في الحقيقة هزيمة واصطداماً جديداً في سباق أسرع من أي وقت مضى يجري بشكل أعمى داخل نظام من الشروط التي تزداد خطورة ولا رجعة فيها والتي تمر في معظمها دون أن يلاحظها أحد. هكذا تتلاقى المسارات المختلفة: الحضارة التكنولوجية، والدور المهيمن للاقتصاد، وحضارة الإنتاج والاستهلاك، كلها تتكامل مع تمجيد الصيرورة والتقدم؛ أي أنها تساهم في تجسيد العنصر "الشيطاني" في العالم الحديث".

- يوليوس إيڤولا، ُثر ضد العالم الحديث (1934).

"هناك مفهوم شائع عن الولايات المتحدة بأنها "أمة فتية" أمامها "مستقبل عظيم". ثم توصف العيوب الأمريكية الواضحة بأنها "عيوب الشباب" أو "آلام النمو". وليس من الصعب أن نرى أن أسطورة "التقدم" تلعب دوراً كبيراً في هذا الحكم. فوفقاً للفكرة القائلة بأن كل ما هو جديد جيد، فإن لأمريكا دوراً متميزاً بين الأمم المتحضرة. ففي الحرب العالمية الأولى تدخلت الولايات المتحدة في دور "العالم المتحضر" بامتياز. ولم يكن من حق الأمة "الأكثر تطوراً" أن تتدخل في مصائر الشعوب الأخرى فحسب، بل كان من واجبها. ومع ذلك، فإن بنية التاريخ هي بنية دورية وليست تطورية. ولا يعني ذلك أن الحضارات الأكثر حداثة هي بالضرورة "متفوقة". بل قد تكون في الواقع متخلفة ومنحطة".

- يوليوس إيڤولا، الحضارة الأمريكية (1945).

اللهم ارحم الشهداء وتقبلهم، واشفِ الجرحى والمصابين، واربط على قلوب أهلهم وذويهم. ولعنة الله على من طعن في أعراض المجاهدين وشكك فيهم.

"كان الإسلام بمثابة مرآة لفريدريك نيتشه ليتعرف على نفسه ويستأصل من فكره حتى آخر ذرة من الحداثة الأوروبية... فهو يستخدم الإسلام للحصول على رد فعل، لتحدي اليقينيات. ومع انفصاله النهائي عن اللاهوت المسيحي، إزداد فضوله حول المسلمين. يكتب فريدريش إلى أصدقائه، محاولاً إشراكهم في بحثه، وفي محاولة منه للحصول على ما أسماه "نظرة أبعد من الأوروبية - übereuropaische Auge" و يسأل: ”إذن اسألوا رفيقي، اسألوه إن كان مهتماً بالسفر معي إلى تونس، لمدة عام أو عامين. أود أن أعيش بين المسلمين لفترة من الزمن، فهناك حيث يقوى إيمانهم الآن. وبهذه الطريقة سأكون قادراً على أن أشحذ بصيرتي، ثم أتوصل إلى حكم جديد على كل شيء أوروبي". لم يسافر نيتشه أبداً إلى الشرق. ولكي يتعرّف على الإسلام إعتمد بالضرورة على أعمال المستشرقين، وإذ يعي نيتشه جيداً النزعة الأخلاقية المتجذرة في الملاحظة الغربية، فإنه يختار أن يقلب كل الأحكام، وهنا تتحول اتهامات الأكاديميين بالتعصب إلى مديح للإسلام".

- فرانشيسكا بوكا، نيتشه في الفردوس. الحياة المتوازية بين الإسلام والغرب (2021).

إن مدخلاً بسيطاً على ويكيبيديا حول "السيادة الوستڤالية/معاهدة وستڤاليا" تكفي لفهم كيف أن كثيراً من المفاهيم التي يعتبرها معظم المسلمين المعاصرين اليوم من المسلمات والطبيعية والموضوعية والمحايدة بل ويحتكمون إليها مثل (القانون الدولي، الدولة القومية الوستڤالية، السيادة الوطنية...) ليست فقط متعارضة مع مبادئ ديننا وشريعتنا؛ بل هي ليست إلا نتاج أحداث اجتماعية وسياسية ودينية وتاريخية محددة خاصة بأوضاع معينة من التاريخ الأوروبي؛ أي حلول أوروبية لمشاكل أوروبية خاصة.

يا رجل، أنت تعيش في جاكرتا/بيشاور/طشقند/مقديشو/قازان/بغداد/الرباط، فما علاقة التطورات الداخلية لأوروبا بعد الإصلاح البروتستانتي بتصورك للسياسة والدين؟؟؟

الأمر أشبه بتنظيم جنوب أفريقيا أو بولندا لبنيتها الاجتماعية وفقاً لبعض المناقشات البوذية الداخلية بين مدارس تيراڤادا وماهايانا البوذية؛ هل هذا منطقي؟ بالتأكيد لا.

وكذلك الأمر حول تطبيق نموذج الدولة الوستڤالية الملعون على الأراضي الإسلامية التي لها تاريخ مختلف تماماً وتستحق طريقة مختلفة تماماً في تنظيم شعوبها المختلفة على أساس المبادئ الإسلامية وليس الأوروبية البروتستانتية!

"إن عدم استقرار الحضارة الحديثة يرجع إلى أن الحضارة الحديثة تفتقر إلى المبدأ".

- رينيه غينون أو عبد الواحد يحيى بعد إسلامه، الشرق والغرب (1924).

(2/2) تخيل أن تدّعي كل هذا الذي سبق من خلال:

1- معاداة الثقافات التقليدية الفعلية التي كانت سائدة قبل الاستعمار والتي يهاجمها الغرب.
2- وصفهم بالمصطلحات والمفاهيم والمسميات والفترات الثقافية الفريدة من نوعها في الغرب حصراً (والتي لا أهمية لها خارجها إلى حد كبير).
3- فرض الإيديولوجيات الغربية (الليبرالية، حقوق الإنسان، الديمقراطية، النسوية...الخ) التي طورها الغربيون كحل لمشاكل غربية فريدة من نوعها!

كل الايديولوجيات الغربية المعاصرة هي ردود فعل معاكسة تماماً لمشاكلهم الخاصة بهم والقمع الذي تعرضوا له في فترة معينة من تاريخهم. وأي شخص يستخدم كلمة "العصور الوسطى"هو شخص يحاول فرض حلول أجنبية لمشاكل أجنبية لم نواجهها قط، ويحكم على تاريخنا بناء على افتراضات أجنبية. وعلاوة على ذلك، كل من يستخدم هذا المصطلح بطريقة مهينة لوصف ديننا وشريعتنا الغراء أو أي من الممارسات المميزة لشعائر الإسلام، فهو تحت أقدامنا مهما كان اسمه/ دينه/ جنسيته/ لونه.

(1/2) "العصور الوسطى" أو"القرون الوسطى" هي مفاهيم أوروبية بحتة تشير إلى فترة "الظلام" بين "العصر الذهبي" في اليونان وروما القديمة و"التقدم" الإنساني المفترض في عصر النهضة والتنوير، ومن ثم فهذه العصور هي الفترة بين عصرين "مجيدين".

هذا المفهوم ليس له أي دلالة خارج أوروبا، فالأماكن والمناطق الأخرى لكل منها فتراتها وتوقيتاتها الخاصة من نجاحات وإخفاقات، وصعود وهبوط.

ومع ذلك، فإن ”مناهضو الاستعمار/الهيمنة الغربية“ الذين لم يدرسوا سوى التاريخ/الفن/ الفلسفة الغربية ويريدون فقط إثبات مدى "عالمية" الطريقة الغربية (وهي النقطة الأساسية للاستعمار الذي يدعون محاربته) يستخدمون باستمرار مثل هذه الكلمات والمصطلحات لوصف الثقافات والقيم والأفكار التقليدية الأصيلة التي كانت سائدة قبل الاستعمار للشعوب التي تقاوم الاستعمار والهيمنة الغربية بالفعل.

”جميع المفاهيم المهمة في النظرية الحديثة للدولة هي مفاهيم لاهوتية مٌعلمنة".

- كارل شميت، اللاهوت السياسي (1922).

"الحضارة التقليدية - كما يؤكد رينيه غينون - لها نقاط مرجعية ميتافيزيقية. فهي تتميز بالاعتراف بوجود نظام أعلى من كل ما هو بشري وطارئ، وبوجود سلطة النخب التي تستمد من هذا المستوى المتعالي المبادئ والقيم الضرورية لتأسيس تنظيم اجتماعي جيد الصياغة، وفتح الطرق إلى المعرفة العليا، وأخيراً، إعطاء الحياة معنى حقيقي. في القطب المقابل تقع الحضارة الحديثة التي تتسم بالتجرد من القداسة على نطاق واسع، وبالإنكار المنهجي لكل ما هو أسمى للإنسان كفرد أو كجماعة، وبالمادية والنزعة إلى التحقيق بمعنى النشاط المنتج على مستوى علماني وزماني بحت، وهو نشاط مجنون".

- يوليوس إيڤولا، الاعترافات (1974).

"ثم مَنَّ عليهم (الله ﷻ) برأفته مناً مستأنفاً بأن جعلهم في عقولهم وآرائهم متفاضلين، كما جعلهم في أملاكهم ومنازلهم ورتبهم متفاوتين، لما في استواء أحوالهم وتقارب أقدارهم، من الفساد الداعي إلى فنائهم، لما يُلقي بينهم من التنافس والتحاسد، ويثير من التباغي والتظالم. فقد علم ذوو العقول أنَّ الناس لو كانوا جميعا ملوكاً لتفانوا عن آخرهم، ولو كانوا كلهم سوقة لهلكوا عياناً بأسرهم، كما أنهم لو استووا في الغنى، لما مَهَنَ أحدٌ لأحد، ولا رفد حميم حميماً، ولو استووا في الفقر لماتوا ضراً وهلكوا بؤساً. فلما كان التحاسد من أطباعهم والتباهي من سوسهم، وفي أصل جوهرهم، كان اختلاف أقدارهم وتفاوت أحوالهم سبب بقائهم وعلةً لقناعتهم".

- ابن سينا، كتاب السياسة (ما بين 1000-1037).

"إنها حقبة غير عادية التي يصدق فيها عدد كبير من الناس أن الشعوب سوف تكون أسعد من خلال تحويلها إلى رعية أو أن تٌسلب أعز ما تملك وهو حضارتها وأن تٌجبر على تبني قيم ومؤسسات صٌنعت لأعراق أخرى وأن يتم حصرها في أبغض الأعمال لجعلها تكتسب أمور ليس فيها أي فائدة لتلك الشعوب".

- رينيه غينون أو عبد الواحد يحيى بعد إسلامه، أزمة العالم الحديث (1927).

"الإنسان الحديث بدلاً من أن يرفع شأنه ليبلغ الحقيقة، يحاول أن يٌنزل الحقيقة إلى مستواه".

- رينيه غينون أو عبد الواحد يحيى بعد إسلامه، أزمة العالم الحديث (1927).

"إن عالماً إسلامياً منظماً ومتحرراً وقوياً كنسخة رديئة من الغرب المادي لا يهمنا على الإطلاق. وهو في ميزان القيم ليس أكثر فائدة بأي حال من الأحوال من عالم القوى الاستعمارية التي يمكن أن ينفض نيرها عن كاهله، ولكن بدون حق حقيقي وأسمى.إن الأمور ستختلف كثيراً إذا كان المقابل هو صحوة الإسلام كقوة روحية ودينية، لا لأغراض عدوانية كما في العصور البعيدة، بل من أجل التماسك الداخلي، من أجل الدفاع ضد عدوى الأفكار الغربية، وهي أفكار إذا ما قبلناها بخفة لأنها تفتقر إلى شكل داخلي أو بسبب اندفاع الحاجات الخارجية، فإنها سرعان ما ستقود تلك الشعوب إلى نفس الأزمة التي نعاني منها".

- يوليوس إيڤولا، مفترق طرق الإسلام (1958).

لا أخفيكم، يشعر المرء بالخجل والخزي من نفسه وهو يجلس تحت سقف في هذه الأجواء الباردة، بينما يعيش إخوان له في خيم مهترئة تمزقها الرياح العاتية والأمطار الغزيرة.

ولا حول ولا قوة إلا بالله...

”الضعيف يريد أن يٌلبس الضعف ثوب الصلاح، والخوف ثوب التواضع. الخضوع على أنه طاعة. الجبن يصبح صبراً. عدم القدرة على الانتقام تصبح عدم الرغبة في الانتقام“.


- فريدريك نيتشه، جينالوجيا الأخلاق (1887).

”إذا قبل شعب ما أن يٌملي عليه أجنبي اختيار عدوه ويملي عليه من يجوز له أو لا يجوز له أن يحارب ضده، فإنه يتوقف عن كونه شعباً حراً سياسياً ويندمج أو يخضع لنظام سياسي آخر“.

- كارل شميت، مفهوم السياسة (1927).

"هذا الانعكاس هو ظاهرة عالمية. لقد أصبح من الواضح الآن أن كل ما كنا نظنه ميتاً ومدفوناً في يوم من الأيام، كل ما ظننا أنه قد تُرك وراءنا إلى الأبد بفعل مسيرة التقدم العالمي التي لا مفر منها، لم يمت على الإطلاق، بل على العكس من ذلك من المرجح أن يعود... بعنف وضراوة حداثية بكل معنى الكلمة وأن يصل إلى قلب أنظمتنا فائقة التطور فائقة الضعف. هذا هو مصير الآخرية الراديكالية وهو مصير لن تغيره أي عظة للمصالحة ولا أي اعتذار عن الاختلاف".

- جان بودريار، شفافية الشر: مقالات في الظواهر المتطرفة (1993).

”إن الغربيين بعد أن حكموا نصفي الكرة الأرضية، هم في طريقهم إلى أن يصبحوا أضحوكة: أطياف خفية، نهاية الجنس بالمعنى الحقيقي للكلمة، محكوم عليهم بحالة المنبوذين، العبيد الفاشلين والرخوين... عندما تفقد الأمة كبرياءها، ولا تعود تعتبر نفسها سبباً أو عذراً للكون، فإنها تستبعد نفسها من الصيرورة".

- إميل سيوران، Écartèlement (1979).

بخصوص ما حدث في ألمانيا البارحة وعودة الحديث عن مخاطر "غزو إسلامي" للغرب (رغم أن من أقدم على هذه الفعلة مرتد)، أود أن أكون واضحاً وصريحاً بخصوص هذا الأمر، أنا لا أشعر بأدنى تعاطف مع هؤلاء الغربيين الذين يبكون على مواقع التواصل الإجتماعي حول مخاوفهم من إستبدالهم من قبل المسلمين. الإنسان الغربي الحديث إختار الليبرالية كمنهج له وبذلك فقد إرادة الحياة والفكر والدين والعائلة والإنجاب، هو عندما إختار الليبرالية حكم على نفسه بالإنتحار مقابل أن يعيش في بعض الترف المادي والهيدوني لبضعة عقود على حساب أشلاء أطفالنا ونسائنا وشيوخنا.

الحياة لا تكترث بمعاييرك وثقافتك الليبرالية الإنسانوية ولذلك سيحل محلك من هو متحمس ومتمسك بدينه وأفكاره ومعتقداته وثوابته غير آبهٍ برأيك. ولا أسف عليك، بل بالتوفيق أيضاً.

حتى أولئك "اليمينيون القوميون" الغربيون الذين يسعون إلى "إنقاذ" الغرب ليسوا سوى مهرجين يتظاهرون بأنهم أحفاد فرسان الإسبتارية الإفرنج، وفي الوقت نفسه، يتباكون على مواقع التواصل الاجتماعي حول الإسلام بل وفي كثير من الأحيان يغلبون الليبراليين في إنسانويتهم وحب ظهورهم كـ"مضطهدين" والأنكى من ذلك تهليلهم لترامب وبعض حمقى المحافظين الليبراليين والمحافظين الجدد أمثال إيلون ماسك ودوغلاس موراي وغيرهم معتبرين إياهم رسلًا يسبقون المسيح المخلص.

وفي النهاية، لا يثير ضحكي سوى ذلك العربي/"المسلم" الأحمق الذي يريد أن يظهر كـ"حليف وصديق" للغربيين، وكيف أنه يشاركهم مخاوفهم... مٌثير للشقفة حقاً، ولكم في "نٌخب" الإمارات خير مثال.

"أما الذين يجهلون الحكمة والفضيلة، ويقضون كل أيامهم في الولائم وما شابهها من الملذات، فإنهم ينحدرون إلى الأسفل، وهكذا يهيمون في الحياة. إنهم لم يرفعوا عيونهم قط إلى العالم الحقيقي الذي فوقهم، ولم يرتفعوا بأنفسهم، ولم يتذوقوا اللذات الصلبة أو النقية؛ ولكنهم، كالأنعام، ينظرون إلى أسفل، وينحنون نحو الأرض والمائدة، يتغذون ويشبعون ويتكاثرون؛ وفي جشع هذه الشهوات، يضربون بعضهم بعضاً بقرون وحوافر حديدية، ويتقاتلون ويقتلون بعضهم بعضاً لأنهم لا يستطيعون أن يشبعوا".

- أفلاطون، الجمهورية (375 ق.م).

”في مركز كل هذه الأجناس النبيلة لا يسعنا إلا أن نرى الوحش الأشقر المفترس، الوحش الأشقر الرائع الذي يطوف بشراهة حول الغنائم والنصر؛ هذا المركز الخفي يحتاج إلى إطلاق سراحه من وقت لآخر، يجب أن يخرج الوحش مرة أخرى، يجب أن يعود إلى البرية: - الرومانيون، العرب، الجرمانيون، النبلاء اليابانيون، الأبطال الهوميريون، الڤايكنج الإسكندناڤيون - في هذا الشرط جميعهم سواء. لقد كانت الأجناس النبيلة هي التي تركت مفهوم ”البربرية“ في آثارها أينما حلّت، بل إن أسمى ثقافتهم تخون حقيقة أنهم كانوا واعين بهذا بل وفخورين به“.

- فريدريك نيتشه، جينالوجيا الأخلاق (1887).

"بغض النظر عما إذا كان الإنسان الغربي يجد مصيره في الاقتصاد، أو حتى في السياسة أو التكنولوجيا، فمن المؤكد أنه لم يعد يجده في الروحانية أو الألوهية. لقد تخلى بشكل نهائي عن الموقف الروحي تجاه الحياة. منجذباً للقوى المادية، استسلم في النهاية لقوى الأرض - لقد جعل نفسه عبداً للمادة".

- والتر شوبارت، أوروبا وروح الشرق (1938).

"من يغفر الشرور الحاضرة ينقلها إلى الأجيال القادمة".

- الفيلسوف والكاتب الروماني سينيكا.

”إن المجتمع يكون محكوماً عليه بالفشل عندما لا تعود لديه القوة على أن يكون محدوداً. كيف يمكنه، بعقل منفتح، منفتح أكثر من اللازم، أن يحمي نفسه من التجاوزات والمخاطر المميتة للحرية؟".

- إميل سيوران، مشكلة أن تكون مولوداً (1973).

”كثيرة هي البلدان التي فقدت فيها الأرستقراطية سلطتها بسبب استبدادها، لكن النبلاء قد أُطيح بهم، ليس بسبب استبدادهم تجاه الطبقات الدنيا، بقدر ما هو بسبب فشلهم المستبد في الالتزام بالقانون الأعلى للدين، وهو الأساس الأخلاقي الوحيد لشرعيتهم، والوحيد القادر على تلطيف سلطة الأقوياء في هذا العالم بالرحمة“.

- تايتوس بوركهارت أو إبراهيم عز الدين بعد إسلامه، مرآة الفكر (1992)

{"بالنسبة لهوبز، فان المونارك السيادي يُعرف الضار والنافع نسبيا الى الدولة، اذ البشر مُحفزون بمقتضى افكارهم التمييزية بين الخير والشر وما يُكونُ المنفعة ونقيضها، فالسيادي يجب ان يحوز على القوى الحاسِمة للنزع الشعبوي، والا فلن يكون هنالك مُنتهىً لصراع الكُل ضد الكُل بنديةٍ مُطلَقة، وهذا الحال الطوريُّ يُمثل ما تُقام الدولة للحيال دون ترسخه، ولهذا ، فبالنسبة لهوبز فان الدولة بطبيعتها التكوينية هي جوهرياً ديكتاتورية، طالما كان غرضها هو انهاء الحرب الكُلية-الكُلية {bellum omnium contra omnes} بشكل مُستطال الديمومة مما سيُسري آنياً الضغط الذي كانت تُسلطه الدولة على الشَعب المُطلق سراحه، فان القانون الذي هو في جوهره ليس الا تعليمات توجيهية يكون مبنياً على اساس المَصلحة العامة جمعياً، ولكن المصلحة العامة جمعياً لا يُمكن ان تشم للوجودِ رائِحةً الا بَعد كون الامر قد وُجِه، فان الامر التوجيهي المكنون في التقنين-التشريعي من مُنطلقٍ تصوريٍ-قياسي يكون مُنبثقاً بتولد عن العَدم المحض، بالتالي يَكون وفقاً للمقتضى التَعريفي مفروضاً : dictated ، بالتالي ديكتاتورياً"}



~كارل شميت- الديكتاتورية - فصل الديكتاتورية العَسكرية ونظرية الدولة.

"في الوقت الذي لم تنهار فيه الأصنام فحسب، بل أيضاً العديد من الأفكار والقيم التي فقدت مصداقيتها بسبب الخطابة والنفاق الداخلي، لم يتبق سوى طريق واحد مفتوح: البحث داخل الذات عن ذلك النظام وذلك القانون الذي أصبح في الخارج إشكالياً. ولكنه يعني أيضاً: القدرة على إعادة اكتشاف الشكل والحقيقة في الذات، وفرضهما على الذات، لتحقيقهما: "اعرف نفسك لتكون نفسك".

- يوليوس إيڤولا.

"يعتقد الكثير من الناس اليوم أن الإنسان يحقق مصيره الحقيقي في العمل، في التحكم في الآلة. لا: الإنسان يحقق مصيره الحقيقي والمتكامل عندما يصلي ويتضرع إلى الله، عندما يأمر ويحارب، يزرع ويحصد، يخدم ويطيع. هذا ما يليق بطبيعة الإنسان".

- تايتوس بوركهارت أو إبراهيم عز الدين بعد إسلامه، مرآة الفكر (1992).

"أنا عاجز عن فهم الملذات والمباهج التي يسعى إليها الناس في القطارات والفنادق المزدحمة، وفي المقاهي المكتظة حيث تدوي الموسيقى القمعية والصاخبة، وفي الحانات وقاعات الموسيقى وفي المدن التي تعرض الفخامة الأنيقة، وفي المعارض العالمية، وفي الطرقات الواسعة، وفي المؤتمرات التي يقصدها المتعطشون للثقافة، وفي الملاعب الكبيرة. كلا، لستُ قادراً على فهم ومشاركة كل هذه المباهج التي هي في متناول يدي والتي يسعى الآلاف من الناس جاهدين للوصول إليها من خلال مزاحمة بعضهم البعض“.

- هيرمان هيسه، ذئب السهوب (1927).

"إن العداء بين الشعوب، وحالة الحرب، لا يمكن أن تتسبب في حد ذاتها في خراب حضارة ما: بل على العكس من ذلك، فإن فكرة الخطر، مثلها مثل فكرة الغزو، يمكن أن تشدّ ولو مادياً شبكات بنية وحدوية، وتحيي الوحدة الروحية في مظاهرها الخارجية، في حين أن السلام والرفاهية يمكن أن يؤديا إلى حالة من التوتر المخفف، مما يسهل عمل الأسباب العميقة للتفكك المحتمل“.

- يوليوس إيڤولا.

زلزال جيوسياسي ضرب المنطقة في وقت قياسي، ولن يكون الزلزال الوحيد…

"إن المساواة ليست سوى مرحلة انتقالية وأداة للتخريب فهي تعمل على تسوية الطريق. فبمجرد تدمير أسس النظام الهرمي السابق باسم ”العدالة“، وبمجرد إزالة الحواجز، يتشكل نظام آخر هو نقيض الأول وعكسه، مثل الهرم الذي تكون نقطته في الأسفل".

- يوليوس إيڤولا.

لهف نفسي على قصور ببغداد وما قد حوته من كل عاص
وخمور هناك تشرب جهرا ورجال على المعاصي حراص
لست بابن الفواطم الغر إن لم أجل الخيل حول تلك العراص

- علي بن محمد.

"يجب علينا أن نكسر قيود الربا، فهذا السبيل الوحيد للهروب من العبودية الاقتصادية التي تهدد العالم أجمع من خلال تجارة الذهب العالمية، كما أنه وسيلة من وسائل منع سم العجل الذهبي (اليهود) الذي يحط ويلوث عقلية عصرنا".

- جوتفريد فيدر، أحد الأعضاء الرئيسيين الأوائل في الحزب النـ ـازي ومنظّره الاقتصادي، بيان كسر قيود الربا (1919).

(2/2) فنلاحظ أن هناك مجموعة ضخمة من الأنظمة الديمقراطية الليبرالية (الولايات المتحدة) ومن الأنظمة شبه المحافظة (روسيا وآسيا الوسطى)، ومن الأنظمة الجمهورية الملوثة بالفلسفة العلمانية المتطرفة (فرنسا) إلى الممالك شبه الثيوقراطية البراجماتية (بريطانيا)، وغير ذلك الكثير.

إن اللغة وأسلوب التعبير وحتى قواعد اللباس التي تشير إلى "التحرر" و"الحداثة" و"التقدم" تتبع بإخلاص تفضيلات القوة الاستعمارية المرجعية: من الخليجيين الذين يرتدون بدلات رياضية وقمصان جامعية أميركية إلى الملابس التي تشبه ملابس المافيا الروسية في آسيا الوسطى، إلى صبغ لون الشعر بالأصفر والتحدث بالفرنسية في لبنان.

إن "الحاجة الحيوية المفترضة إلى مواكبة العصر" تتزامن بسهولة مع الحاجة الملحة التي تفرضها عليهم عقدة النقص والرغبة في تقليد أسيادهم الاستعماريين. مجمل استخدام مصطلحات مُحملة مثل ”الحداثة“ و”التقدم“ و”التطور“ هو عبارة عن خطاب نفسي يقوم على تصوير أيديولوجيات معينة بشكل غير منطقي وغير برهاني على أنها لا يمكن تفاديها وصحيحة بشكل فريد بحكم معاصرتها ”الحاضرة“، وإعطاء حكم قيمي (”الحداثة = أفضل“) دون أي اعتبار حقيقي للقيمة الفعلية.

وكما قال سيدنا ﷺ : (حتى لو دخلوا جحر ضب خرب لدخلتموه).

(1/2) أية حداثة؟

بعيداً عن التبني المشترك للخطاب التنويري مثل ”التقدم الضروري البديهي“ و”التطور“ و”الحداثة“ و”تغليب العقل على الخرافة“، فإن العلمانيين والحداثيين في البلدان الإسلامية يحيلون إلى نماذج مختلفة متعارضة ومتناقضة في كل بلد، تتطابق تطابقاً تاماً مع نماذج البلد الذي استعمرهم أو الذي هو مرجعهم الثقافي الأساسي وفاعل ”التحديث“.

لذا، فإن "الحداثة" و"مواكبة العصر" تعنيان التقليد على التوالي:

- أمريكا وبريطانيا في دول الخليج.
- فرنسا في لبنان وشمال أفريقيا.
- روسيا "كنموذج سياسي" وإيطاليا، فرنسا وأمريكا "في الموضة" في دول آسيا الوسطى.
- بريطانيا في الأردن وباكستان.
- أي شيء أوروبي في تركيا وبعض الدول الأخرى.

وبالتالي فإن "الحداثة" تعني أي شيء من احتفال البريطانيين بالاختلافات، إلى العلمانية الفرنسية المتشددة، إلى المثليين والمثليات ومزدوجي الميل الجنسي والمتحولين جنسياً الليبراليين الأميركيين، إلى تبني روسيا المزيف المتأخر وغير الأصيل لـ "القيم التقليدية والأسرية".

الحداثة لا تجبر الإنسان على التخلي عن الروح (السماوي) فحسب، بل عن الدم (الأرضي) أيضاً، وبالتالي تتركه للعقل الذي هو مجال الفكر الزائل، لأنه لا يمكن للإنسان أن يُحمل على قبول ما هو بشع وغريب إلا تحت هيمنة الفكر.

”يجب قهر العدو الذي يتجلى في شكل أهواء وتعلقات ونزعات وغرائز ونقاط ضعف وجبن داخلي، يجب قهره وتقييده وكسر مقاومته وإخضاعه للشخصية الروحية“.

- يوليوس إيڤولا.

في عالم حيث يسود النظام، كان هناك محارب يرتدي خوذة من حديد ويحمل رمحاً حاداً. كان يجسد الانضباط في كل خطوة، وكل ضربة من سلاحه تعكس التزامه بقضيته. لكن في داخله، ملفوفة مثل ثعبان سام، كانت المعصية كامنة. كانت تتسلل عبر أفكاره، وتغريه بإغراء الاختصارات والتساهل. خاض المحارب معركة شرسة، ليس فقط ضد الأعداء في ساحة المعركة ولكن أيضاً ضد الثعبان الخبيث في نفسه. في كل مرة همس فيها الإغراء بسمه الحلو، شد خوذته، مذكراً نفسه بعزيمته الثابتة. مع رمحه كدليل له وانضباطه كدرع له، قاتل المحارب بشجاعة، وصد تقدم المعصية. على الرغم من استمرار هسهسة وفحيح الثعبان، ظل المحارب ثابتاً، شهادة على الصراع الأبدي بين الانضباط -النفس المطمئنة- والإغراء -النفس الأمارة-.

"ليس بالذهب، بل بالحديد، تتعافى البلاد".

- ماركوس كاميلوس، جنرال وسياسي روماني.

"من المؤكد بلا شك أن الجماهير كانت تُقاد دائماً بطريقة أو بأخرى، ويمكن للمرء أن يقول إن دورها في التاريخ يتمثل أساساً في السماح لنفسها بأن تُقاد، لأنها تمثل عنصراً سلبياً بالأساس، *مادة* في المعنى الأرسطي للمصطلح؛ لكن لقيادتهم اليوم يكفي أن تتمسك بالوسائل المادية البحتة، هذه المرة بأخذ كلمة *مادة* بمعناها العادي، وهذا يٌظهر بوضوح إلى أي هاوية سقط العصر الحالي؛ وفي الوقت نفسه، يتم جعل هذه الجماهير نفسها تعتقد أنها لا تُقاد، بل إنها تتصرف بشكل عفوي وتحكم نفسها، وحقيقة اعتقادها بذلك تعطي فكرة عن مدى عدم ذكائها".

- رينيه غينون أو عبد الواحد يحيى بعد إسلامه.

"إن النظرة إلى العالم لا تتشكل من خلال قراءة الكتب، فهي مسألة حساسية ونظام داخلي، ليست مكتسبة، بل فطرية".

- يوليوس إيڤولا.

”إن الإنسان لا يحتاج إلى سعادته الخاصة بقدر ما يحتاج إلى أن يعرف ويؤمن في كل لحظة أنه في مكان ما (الجنة) يوجد بالفعل سعادة وسلام مطلقان لكل شخص وكل شيء... إن قانون الوجود البشري بأكمله يتمثل في أن يكون الإنسان قادراً على الانحناء أمام شيء عظيم بلا حدود. إذا حُرم الإنسان من هذا الشيء العظيم اللامتناهي فسوف يرفض العيش ويموت في اليأس".

- فيودور دوستويڤسكي.

“ليكن مباركاً إيمان الرجال الذين يجرؤون على تجديد شكل العالم وفقاً للمٌثل التي يعتزون بها".

- بيير دريو لاروشيل.

من يظن أن التعليقات والتحليلات والآراء السخيفة والغبية والشعبوية هي سمة خاصة بالعرب (هؤلاء جماعة جلد الذات) فعليه أن يتصفح ما ينشره الأمريكان اليوم على منصة "تويتر - X" وعندها سيصلي ركعتين لوجه الله تعالى.

"إننا نستطيع أن نقول بحق إن الولايات المتحدة مدينة لليهود بكل ما هي عليه: أي بطبيعتها الأميركية. وما نسميه بالنزعة الأميركية "Americanism" إلى حد كبير ليس إلا نتاجاً لتأثير الروح اليهودية... إن تأثير الروح اليهودية سوف يدمر العالم الجديد ما لم يظهر منقذ لإنقاذه من الهاوية التي يقف أمامها".

- يوليوس شترايخر.

"إن الديمقراطية تقوم على فرضية متفائلة لا أساس لها من الصحة على الإطلاق. لقد فشلت في إدراك الطبيعة الغير العقلانية تماماً لعلم النفس الجماعي. وكما ذكرنا من قبل فيما يتعلق بالأفكار القوية، فإن الجماهير لا يقودها العقل، بل يقودها الحماس والعاطفة والإيحاء... يتبعون من يبهرهم أكثر، إما عن طريق الخوف أو الانجذاب، باستخدام وسائل غير منطقية بطبيعتها. متقلبون ينتقلون من قائد إلى آخر دون أي تفسير متماسك مبني على قانون عقلاني أو إيقاع تقدمي... لا يمكن الحديث عن الحكم الذاتي للجماهير إلا إذا تم تصديق هذه الأسطورة. لا يمكن منح الجماعة حق الانتخاب والمصادقة إلا إذا تم الاعتقاد بأن ”الشعب“ يمكن اعتباره ذكاءً واحداً، كائناً عظيماً يعيش حياة موحدة وواعية وعقلانية. لكن هذه أسطورة محض تفاؤلية، لا أساس لها من الأدلة الاجتماعية أو التاريخية الإيجابية، اخترعها فقط جنس خادم، لا يطيق القادة الحقيقيين، ويبحث عن قناع لافتراضه الفوضوي بأنه قادر على إدارة نفسه في حياة برجوازية صغيرة".

- يوليوس إيڤولا.

"إن قراءة مؤرخي اليهود في بعض الأحيان ليس أمراً غير مثيراً، ليس لأننا قد نجد الحقيقة فيهم، بل من أجل إلقاء نظرة خاطفة على نفسية اليهود. وهنا نجد أمراً فريداً من نوعه، حيثما يأتي اليهود لمحمد ﷺ والإسلام فإنهم يصبحون عدائيين بشكل صريح، بل ومملوءين بالكراهية. وعلى هذا فإن سيمون دوبناو الذي يصف محمد ﷺ في كتابه "تاريخ العالم لليهود" لا يفوته أن يلاحظ أنه كان أمياً ويصفه بالبدوي الهجمي. إن هذا ليس تأريخاً بل هو في الواقع تحريض وقذف ومن الواضح أن اليهودي دوبناو لم يقرأ القرآن إذا كان يمثله بهذه الطريقة الزائفة. ولكن هذا يكشف عن شيء واحد على وجه اليقين، الكراهية القاتلة التي يكنها اليهود حتى بعد 1400 عام للرجل الذي "ابتكر" أحدث وأنجح ديانة في العالم من نواح كثيرة... إن الإسلام يتمتع بالفضل الخالد المتمثل في منع الغزو المهدد لشبه الجزيرة العربية من قبل اليهود، والتغلب على عقيدة يهوه الكابوسية من خلال دين نقي فتح الطريق أمام العديد من الشعوب إلى ثقافة أعلى وأعطى أتباعه التعليم والتطور البشري وحتى يومنا هذا يعتبر المسلم الجاد في إيمانه أحد أكثر الظواهر إثارة للإعجاب في هذا العالم من الفوضى".

- يوهان ڤون ليرز، بتصرف.

هل يجب أن نهتم بالانتخابات الأمريكية؟

عندما تحكمك روما يجب أن تعرف من هو الإمبراطور الذي يتحكم بمصيرك وما هي سبل التعامل معه. لدينا الآن رجل يتوعد ويٌهلل بأنه سوف يعيد البلاد إلى مجدها السابق المزعوم. ولدينا امرأة تقول إنك يجب أن تنتخبها لأن هذا حقها بحكم عملها بالسياسة لمدة طويلة وبحكم أعضائها التناسلية وخلفيتها العرقية.

نحن هنا في منطقتنا وبعد عقود من التدخلات الأمريكية المباشرة أصبح من البديهيات أن الانتخابات الأمريكية مجرد عملية تبديل وجوه بينما القرارات المصيرية يتم إتخاذها من قبل جماعة ما خلف الكواليس. ولكن يجب أن نتصور موضوع الانتخابات من الداخل وليس كمراقبين خارجيين، فهذا الصراع الوهمي الانتخابي حول السلطة هو صراع حقيقي بالنسبة للمواطن الامريكي العادي الساذج فهم يتعاطون عقار المخدرات المٌسمى بالديمقراطرية ويتصورون أنهم يملكون القرار في بلادهم، فكلما ازدادت حدة الصراع الوهمي هذا سوف تشتد التجاذبات داخل أمريكا إلى أن تصل لحرب أهلية في يوم من الأيام.

"إن الشرقيين لا يشكلون خطراً على أي أحد ولا يحلمون بغزوا الغرب بأي طريقة كانت فهم الأن مشغولون بالدفاع عن أنفسهم من الإعتداء الأوروبي (والأمريكي) الذي أصبح يهاجم حتى عقولهم".

- رينيه غينون أو عبد الواحد يحيى بعد إسلامه.

"في عالم وصل إلى أعلى درجات الانحلال التي يمكن تخيلها، يصبح من الضروري أن يعرف الإنسان الذي يرغب في البقاء وسط الكثير من الخراب ما هي المواقف الوجودية التي يجب أن يعتمدها حتى لا يستسلم للمستنقع المهين والمفجع الذي تسعى الحداثة وما بعد الحداثة إلى جلبه".

- إدوارد ألكانتارا.

إن الرسالة الليبرالية تتلخص في إعادة صياغة التقاليد الإسلامية على صورة المسيحية البروتستانتية الليبرالية. إن المقاومة الإسلامية لهذه الرسالة "الخيرية" تُـصوَّر باعتبارها رفضاً للحداثة والقيم الليبرالية المتمثلة في الحرية والمساواة والفرد الحامل للحقوق والمواطنة الديمقراطية وحقوق المرأة والحقوق الجنسية وحرية الاعتقاد والعلمانية والعقلانية ...إلخ وعلى هذا فإذا رفض المسلمون التحول طوعاً إلى الليبرالية أو على الأقل إلى أشكال من الإسلام يجدها الليبراليون مقبولة (كالموجودين في الصورة أمامكم)، فلابد من إرغامهم على التحول باستخدام القوة العسكرية، لأن مقاومتهم تهدد قيمة أساسية من قيم الليبرالية، ألا وهي عالميتها وضرورة تعميمها باعتبارها عولمة.

في الصورة، قادة الجالية الإسلامية في ولاية ميشيغان الأمريكية يعلنون أنهم سيقومون بالتصويت لصالح ترامب في الإنتخابات. مجموعة من البهائم يهللون ويطبلون لنمط العيش الليبرالي الغربي لكي يحصلوا على بعض الإمتيازات المادية الدنيوية في مقابل أطنان المتفجرات التي ستسقط على رؤوس أطفالنا ونسائنا وشيوخنا وشبابنا.

"إن من يحمي نفسه دائماً من الرياح، والذي تكون قدماه دافئتان باستمرار، وتظل غرفه معزولة عن البرد، سيكون في خطر من أقل نسيم. كل الإفراط سيئ، ولكن ليس هناك ما هو أسوأ من الراحة المفرطة. إنها تؤثر على الدماغ وتجعل الناس يفقدون رؤية الواقع ويصبح الفصل بين الحق والباطل غير واضحاً".

- الفيلسوف والكاتب الروماني سينيكا.

"الإنسان الزائل لا يشعر بالرضا أبداً، فهو يعيش في اضطراب وتشنج مستمرين. وفراغه الوجودي هائل ولا شيء يملأه. يحاول صرف هذا الفراغ بالسطحيات، ولهذا السبب هدفه الرئيسي هو التملك والاستهلاك. وعندما يتمكن من امتلاك شيء ما، فإنه يشعر على الفور بعدم الرضا لأنه يرغب في امتلاك شيء آخر، ذي قيمة اقتصادية أكبر أو مظهر أكبر من أجل إثارة إعجاب الآخرين. إن العالم الحديث هو عالم التملك والمظهر، في مواجهة العالم التقليدي الذي هو عالم الوجود".

- إدوارد ألكانتارا.

"قد يتعرض الإنسان لحوادث مروعة، ولكن بعد ذلك تتضح السماء وتشرق من جديد. هذا هو حالنا. لا يجوز للمرء أن يشك، ولكن يجب عليه أن يواجه كل حدث ويفعل ما تقترحه عليه العناية الإلهية بهدوء، دون كبرياء بعد النجاح، ودون إذلال بعد النكسات".

- جوزيف غوبلز.

كثير من الناس اليوم يفتقرون إلى روح الاحترام والكرامة التي تمكنهم من الحكم على شخص أو فعل ما دون الخضوع لمشاعرهم الشخصية، فهم غير قادرين على تقدير الفعل على أساس مزاياه في حد ذاته لأن استياءهم ونرجسيتهم تغيم حكمهم. والطبيعة العليا للسلوك البشري لا تحمل أي معنى بالنسبة لهم. ولا يهم ما إذا كنت تنظر إليه باعتباره "إرهابياً" شريراً أو مقاتلاً بطلاً، فعندما يموت قائد جيش في معركة، ويستمر في القتال حتى بعد إصابته بجروح خطيرة، فهذا سلوك محارب يستحق الاحترام والتقدير والتشريف.

ومن قرأ عن النهايات البطولية للملوك المٌحاربين في كتب التاريخ أو في كتب الأساطير والملاحم فها قد رأيتم واحداً منهم اليوم.

استشهد السنوار ورفاقه على بعد حوالي 170 متراً من موقع عسكري صهيوني في تل السلطان برفح.

يتعجب المرء عندما يرى الكيان بكل قوته العسكرية والإستخبارية وكل الدعم العسكري والمالي الذي يتلقاه من عبيده في الغرب وهو يضع رأسه برأس قائد حركة في منطقة صغيرة محاصرة منذ 17 سنة مُسلحين بقواذف RPG وبنادق كلاشنكوف صينية من سبعينيات القرن الماضي ويصورون الأمر كما لو أن السنوار رئيس دولة نووية. هذا المستوى من الشخصنة ينم عن ضآلة شديدة جداً.

على أية حال، عليك أيها المؤمن أن لا تيأس وأن لا تسيء ظنك بالله. وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ.

أما بالنسبة للفئة المنافقة التي ستطلقها بعض الحكومات في المنطقة لتفرح بمصاب المؤمنين والاستنقاص من السنوار أو من أي شهيد آخر في أي مكان كان، فوالله مهما فعلتم لن تعودوا للسادس من أكتوبر 2023، ولن تكون هنالك نجاة فردية لأي أحد كان والمنطقة على موعد قريب للإنفجار.

فليسخروا وليقولوا بأننا نقول ما نقول لكي نواسي أنفسنا ولكن الأيام بيننا... وحينها سيعلمون قيمة ما فعله أهل غزة للأمة جمعاء.

حافظ على دينك ومبادئك ولا تحد عنهما أبداً. إن التخلي عن مبدأ ما بسبب الصعوبة التي ينطوي عليه هو خيانة لنفسك.

هذا الرجل ورفاقه ومثلهم الملايين حول العالم على مدى التاريخ لم يسئلوا مالاً ولا جاهاً ولا سلطاناً. مضوا في طريق ذات الشوكة غير مٌبالين بقول المرجفين والمنافقين ورافضين لكل عروض الإستسلام والذل والخيانة. قد تختلف مع هذا الرجل وبعض قراراته وتوجهاته ولكنه استشهد على أرض المعركة كسائر إخوانه وشعبه في القطاع وعاش معهم في نفس الظروف وربما أشد على مدار عام كامل.

إنا لله وإنا إليه راجعون. ربح البيع أبا إبراهيم.

إن صح خبر مقتل السنوار فرحمه الله، استشهد على أرض غزة مع عشرات الآلاف من شهداء القطاع.

(2/2) كان إيڤولا منزعجاً من أن الأزهر لم يعد بإمكانه ممارسة أي تأثير على المحاكم الإسلامية المصرية؛ وأن النساء في سوريا حصلن على حق التصويت وفي باكستان أصبحت النساء سفيرات. وكان منزعجاً من أن رئيس باكستان تعرض للهجوم من قبل النساء في عام 1955 بسبب زواجه الثاني، بينما كان إيڤولا يرى أن تعدد الزوجات يتوافق تماماً مع الشريعة الإسلامية ومع رؤيته الشخصية لهذا الموضوع. لقد خان المسلمون جوهر الإسلام وزرعوا الوهم بأن الديمقراطية والاشتراكية والمجتمع الخالي من الطبقات متوافق مع الإسلام. ولذلك استنتج إيڤولا بأن المسلمين لم يعودوا مسلمين. وأنه فقط عندما تتخذ صحوة المسلمين طبيعة روحية، يمكن للإيطاليين التعاون معهم لغزو العالم بحسب وصفه.

في عام 1961، عندما نشر إيڤولا كتابه الشهير "إمتط النمر" أكد ما كان قد حافظ عليه في السنوات السابقة بشأن نضالات المسلمين ضد الاستعمار. وحذر من أن "حرية" المسلمين ستقودهم نحو الشيوعية وغيرها من الإيديولوجيات التقدمية.

خيبة أمل إيڤولا في المسلمين:

(1/2) على الرغم من الأسباب العديدة التي جعلت إيڤولا معجباً بالإسلام والمسلمين، فقد إيڤولا خلال الحرب الباردة كل الأمل في إمكانية العثور على التقليد في شرق عصره. كانت كل من الصين والعالم الإسلامي تحت تأثير الشيوعية أو الديمقراطية الليبرالية الغربية. وعندما وصلت الاشتراكية إلى الدول العربية، فقد إيڤولا حماسه السابق للمسلمين. وبدأ يعتقد أن مراكز المبادرة لم تعد موجودة في الشرق وأن المسلمين لم يعد لديهم أي قوة للتأثير على العالم. ومع صعود حركة البعث في سوريا والعراق في الأربعينيات، وجمال عبد الناصر في الخمسينيات، خلص إيڤولا إلى أن الإسلام تلوث بالعالم الحديث.

انتقد إيڤولا محاولات المسلمين التوفيق بين الإسلام والديمقراطية والمساواة الاجتماعية. وكان يعتقد أن الإسلام يتعارض مع الأفكار الحديثة مثل القومية والعلمانية. كان غينون وإيڤولا يعتنقان وجهة نظر ثابتة وجوهرية للإسلام، والتي كانت غير متوافقة مع الحداثة.

"تدعي الليبرالية أنها تقوم بكل ما تفعله من أجل الشعب. لكنها في الواقع تقضي على الشعب وتستبدله بالـ"أنا". الليبرالية هي التعبير عن مجتمع لم يعد مجتمعاً".

- آرثر مولر ڤان دن بروك.

على ضوء كلامنا السابق عن أزمات العالم العربي التي جعلت جارية الأمم المنكوحة، حصل لي موقف قبل قليل يبين لك عمق التشرذم العربي، كنت قبل قليل في أحد البرامج أتحدث عن الوضع في غزة والمأساة المستمرة هناك، ففوجئت بشخص سعودي يقول لي: "أنت موريتاني، ايش دخلك؟ اهتم بدولتك ومنطقتك، وما خصك بقضايانا، فرد عليه واحد: أنت كذلك خليجي ما دخلك؟ وأقر الرجل بأن ما يهمه هو السعودية فعلا وليحترق العرب والمسلمون كلهم، بل أحدهم قال مرة: اصبع السعودي ولو الكافر أعظم عندي وأشرف من أي حد غير سعودي ولو مسلم".
الملاحظ مؤخرا أن الناس لم تعد تفكر بمفهوم الأمة الإسلامية والعربية بل فقط بالهويات الوطنية، وهذا التصور هو نتيجة مباشرة لعدة عوامل ذكرتها سابقا هنا باستفاضة، والآن أشير لها بشكل مختصر، وهي تعمل على عدة مستويات:
أولا: يتم تقديم العائلة الحاكمة كرمز للهوية الوطنية، حيث يصبح الولاء لها مرادفًا للولاء للوطن.
ثانيا: يتم التركيز على بناء سردية تاريخية تؤكد على التفرد المطلق والاستثنائية المطلقة، مما يخلق وهما بالانفصال عن المحيط العربي الأوسع، رغم التاريخ المشترك الأكثر من المنفصل.
ثالثا: يتم تعزيز فكرة أن هذه الدولة أو ما جاورها هي المعقل الحقيقي والوحيد للعروبة الأصيلة، مما يضفي شرعية إضافية على الحكم.
رابعا: يتم تشجيع نوع من القومية الوطنية الضيقة التي تركز على الحدود الجغرافية والسياسية.
خامسا: يتم استخدام وسائل الإعلام والتعليم لترسيخ هذه المفاهيم في وعي المواطنين.
سادسا: يتم تقديم القضايا العربية الأخرى على أنها شأن خارجي لا يمس الهوية الوطنية مباشرة.
سابعا: استخدام الخطاب الديني كأداة لتكريس هذه الهوية الوطنية الضيقة، من خلال ربط شرعية الحكم بتفسيرات دينية مُحددة، وتصوير العائلة الحاكمة كمدافعة عن الإسلام والقيم الدينية، مما يُضفي عليها شرعية إلهية ويُحرم معارضتها، وبما أن أغلب الشعوب لا تتبع العائلة الحاكمة ولا تتحاكم لسياساتها فبالضرورة هم مارقون منشقون عن الإسلام والعروبة.
ثامنا: استخدام القوة الدينية والعسكرية لقمع أي معارضة سياسية أو اجتماعية، وتضييق الخناق للحفاظ على الوضع القائم ومنع أي تغيير يُمكن أن يُهدد سلطة العائلة الحاكمة.
هذه السياسات تؤدي إلى عدة نتائج:
يتم إقصاء باقي العرب وتصويرهم كمستعربين جهلا بتاريخهم والعروبة تحتكرها دولة أو دول معينة، وهذا الفصل القسري بين الدول هذه وبقية العرب هو تحصين الداخل ضد أي محاولات لتوحيد (نوعي لست من دعاة توحيد الأمة بالمفهوم الإخواني وسبق أن نقدناه) القضايا العربية أو ربط الدول بمسؤوليات أو أعباء سياسية مشتركة مع الدول العربية الأخرى، مما يسهل على الدولة تبني سياسات خارجية مستقلة، بما في ذلك التطبيع مع دول معادية للعرب وتقتلهم، كما عند بعض الدول.
نتيجة لهذه السياسات، بات البعض يشعر أن قضايا مثل غزة هي شأن خاص بمنطقة معينة وليست قضية عربية أو إسلامية تخص الجميع، وهذا الانعزال الذي تعزز من خلال التعليم والإعلام يجعل الطعن في عروبة الآخرين أمرا طبيعيا في نظر البعض.
لكن الحقيقة التي يجب التأكيد عليها ووعيها من بعض الهنود الخضر (أخص بهذا الذكر وطنجيي السعودية الطاعنين بالأعراض فقط أما باقي السعوديين فلا يخصهم كلامي والأصل فيهم أنهم أفاضل أحباب) هي أن العروبة والإسلام ليستا ملكا لدولة معينة أو منطقة محددة، وتاريخ العرب أشمل من بقعتهم، والقومية هذه ومفهومهم هذا عن العروبة هو مفهوم حديث أصلا أتى بعد التأثر بالقوميات الأوروبية.
عموما ما يحدث في غزة أو أي مكان آخر من العالم العربي يجب أن يكون موضع اهتمام كل عربي ومسلم، سواء كان من موريتانيا أو السعودية أو عربيا في الميسيسيبي أو أي مكان آخر، إن كان مسلما عربيا فعلا، وإن كان يرى عكس هذا الكلام فهو مخنث.

في عام 30 قبل الميلاد وبعد فترة وجيزة من انتحار الملكة المصرية-البطلمية كليوباترا زار الإمبراطور الروماني المستقبلي أوكتاڤيان مصر (كان اسمه أوكتاڤيان حينها وغير اسمه لأوغسطس عندما أصبح إمبراطوراً) وأثناء وجوده في الإسكندرية وهو يقوم بترتيب الأمور الإدراية، سأله السكان المصريون المحليون عما إذا كان يرغب في رؤية الإسكندر الأكبر فوافق على ذلك، فذهب الى قبر الإسكندر وشاهد جسده المحنط ووضع أزهاراً على القبر وإكليلاً ذهبياً على رأسه، ولكن لم يكن أوكتاڤيان راضياً عن النظر إلى رفات الإسكندر أو حتى تتويجه بالذهب فقط فبالإضافة الى ذلك قام بوضع يديه على البشرة المحنطة للإسكندر حيث انكسر أنف الإسكندر قليلاً عندما لمسه أوكتاڤيان مما جعله يبدو خجولاً بعض الشيء.

بعد انتهاء هذه المراسم لتكريم الإسكندر، سأل المصريون المحليون أوكتاڤيان: "هل تريد أن ترى مقابر البطالمة (السلالة اليونانية التي حكمت مصر) أيضاً؟" فكان رد أوكتاڤيان: "هذا يكفي! جئت لأرى ملكاً وليس صفاً من الجثث!".

"فالغزو الغربي هو غزو المادية بكل أشكالها، وهذا كل ما يمكن أن يكون; إن كل التمويهات المنافقة بشكل أو بآخر، وكل الذرائع "الأخلاقية"، وكل التصريحات "الإنسانية"، وكل مهارات الدعاية التي تعرف أحياناً كيف تكون مدسوسة من أجل تحقيق هدفها في التدمير بشكل أفضل، لا يمكن أن تفعل شيئاً ضد هذه الحقيقة التي لا يمكن أن يعترض عليها إلا السذج أو أولئك الذين لديهم بعض الاهتمام بهذا العمل "الشيطاني" حقاً، بالمعنى الأكثر صرامة للكلمة".

- رينيه غينون أو عبد الواحد يحيى بعد إسلامه.

بعيداً عن المنشورات المعتادة قليلاً، هنالك شيء لاحظته منذ فترة طويلة جداً من خلال استخدامي الشخصي لوسائل التواصل الإجتماعي وتحديداً حول مواضيع الفلسفة والتاريخ وهو أن معظم القارئين والمٌهتمين بهذه المواضيع في منطقتنا هم من العراقيين وبمختلف توجهاتهم الفكرية. وصراحة ليس لدي تفسير ولا أعلم لماذا العراقيين على وجه الخصوص هم الشعب الأكثر إهتماماً بالفلسفة والتاريخ في المنطقة.

هنا في التيليجرام لا توجد خاصة تتيح لك معرفة من أين هم متابعوك ولكنني أجزم أن الغالبية العظمى من المشتركين في القناة هم من العراق.

إن العراقَ حضارةٌ وريادةٌ - وصهيل خيلٍ قد عدت وبنود
هو روضةٌ للطيبين حفيّةٌ - لكنّه للمعتدين لُحود
ما مرَّ خطبٌ أو عرتْهُ شدةٌ - إلا حلفتُ بأنه سيعود
وهو المظفّرُ رايةً ومكانةً - يعلو ويقتحم الدنى ويرود

يظن الناس أن القتل عار - وأن العار أن نحيا الصَغارا
فهلا يستحي من قال فينا - غلاة ما زلنا صغارا
فما تهنا وما ضللنا ولكن - أبينا للدين ذلاً وانقهارا

رحم الله رجال هذا اليوم، اليوم الذي ما بعده ليس كما قبله.

(2/2) وهذا الأمر ليس محصوراً في الغرب بل هنا أيضاً في بلادنا، ترى "قومياً" يضع صورة آشوربانيبال أو تحتمس الثالث ويٌهاجم الإسلام على مدار الساعة لأن الإسلام حسب وصفه دين دموي حربي توسعي. على أساس أن "أسلافه" الذين يضع صورهم كنوع من الفخر بهم كانوا يوزعون الورد والريحان على أعدائهم ولم يقوموا بوضعهم على الخوازيق وهم أحياء أو بتر أطرافهم أو بيعهم في أسواق النخاسة.

الحروب والمذابح والتوسع هي أمر طبيعي منذ أقدم رمز وحرف مؤرخ في التاريخ حتى قيام الساعة. نعم نتألم ونحزن ونعترض عندما تكون واقعة علينا وليس عيباً ولكن هذا لا يعني أن نصبح إنسانيون، لأنه عندما يحين الوقت المناسب وتتغير موازين القوى سنفعل الشيء نفسه بأعدائنا، الحياة غابة كبيرة، فإما أن تكون أسداً أو غزالاً.

الصورة لجدارية آشورية تصور جندي آشوري وهو على وشك قطع رأس أسير.

(1/2) تومي روبنسون، قومي يميني بريطاني، من خلال توجهاته الأيديولوجية فمن الأكيد سيكون من الداعمين والمدافعين عن الإمبراطورية البريطانية وسياساتها الاستعمارية والتوسعية حول العالم. ولكن حاله كحال "اليمينيين القوميين الجدد" الآخرين، عندما يرون الإسلام يتحولون إلى ليبراليون إنسانيون لطيفون مٌحبون للسلام والإنسانية والتآخي.

في هذه التغريدة المٌرفقة، يقول روبنسون أن الإسلام دين مٌحاربين ودين توسعي كنوع من الإستنقاص. حسناً؟ ما المشكلة؟ لو أن هذا الكلام صدر عن ليبرالي لتفهمت الأمر ولكن أن يصدر من "قومي يميني" فهو أمر مثير للغثيان وهذا يعطيك نظرة عن حال هؤلاء المهرجين الذين يطلقون على أنفسهم لقب "يمينيون قوميون".

"لقد طلب اليهودي التحرر وحصل عليه باسم "العدالة" و"المساواة". وبمجرد أن أصبح حراً وبعيداً عن الاندماج والعمل "على قدم المساواة" إلى جانب غير اليهود، فقد ذهب إلى ما أبعد من ذلك. واحتل، في العديد من البلدان، حتى بشكل غير مرئي في بعض الأحيان، مواقع القيادة الاجتماعية والسياسية والثقافية".

- يوليوس إيڤولا.

”الشيء الوحيد الذي يُعتد به اليوم هو عمل أولئك الذين يعرفون كيف يقفون على القمة: ثابتون على مبادئهم؛ غير قابلين لأي مساومة؛ غير مبالين بالحمى والتشنجات والخرافات والدعارة التي ترقص على إيقاعها الأجيال الحديثة. إن الشيء الوحيد المهم هو المقاومة الصامتة لعدد قليل من الناس الذين يعمل وجودهم الصامت كـ ”ضيوف حجريين“ على خلق علاقات جديدة، ومسافات جديدة، وقيم جديدة وبناء قطب، على الرغم من أنه لن يمنع بالتأكيد من أن يكون هذا العالم من الضالين والمضطربين ما هو عليه، ولكنه مع ذلك سيسمح لبعض الناس أن يشعروا بالحقيقة وهو الشعور الذي ربما يكون أيضاً بمثابة الزناد لبعض الأزمات التحررية".

- يوليوس إيڤولا.