هذه الظاهرة لا تقتصر على الريفي أو البدوي، بل تمتد إلى نطاق أوسع: عرقيًّا، إثنيًّا، ومناطقيًّا. فالبغدادي، الذي ينظر إلى أبناء الجنوب في العراق بعين الدونية، ينسى أنَّ أصوله تعود إلى تلك المحافظات التي يستعير منها ويشمئزُّ منها. وكذلك المثقف العربي، الذي ينظر بعين الدونية إلى كل ما هو عربي، ويقدِّس النموذج الغربي كمعيارٍ وحيدٍ للقيمة. هذه النظرة الدونية ليست سوى انعكاس لمرضٍ حضاريٍّ انتقل إلينا من الحداثة الغربية، التي جعلت من نكران الذات قيمةً عليا.
هايدغر ينطر من أنَّ نكران الذات هو انفصال عن «الوجود الحقيقي»، حيث يصبح الإنسان عبدًا لصورةٍ مُستعارةٍ من الآخر، بدلًا من أن يعيش حقيقته الخاصة. هذه الدونية البشرية، التي تُقاس بالتفاضل على أسس منحطة، ليست سوى نتيجة لمرضٍ حضاريٍّ يجعلنا ننكر ذواتنا ونعيش في حالة من الوجود الزائف.
لذا، فإنَّ استعادة الذات ليست مجرد فعلٍ فرديٍّ، بل هي مشروعٌ وجوديٌّ يتطلَّبُ وعيًا عميقًا ولا اجد هذا يحصل ولا انتظره بان يحصل …