ما دمت أنفع الخلق فلا مشكلة أن أعصي الخالق!
مادمت افعل النوافل فهذا يبرر تركي للواجب أو فعلي للمحرم .
فلا ينكر عليّ أحد تبرجي ؛ فأنا أتصدق على الفقير
هذه خلاصة يتعامل بها الكثير جدًّا من الناس في سلوكهم الديني.
فنحن في زماننا، زمان مركزية الإنسان، صارت أعظم الطاعات ما يتعلَّق بنفع البشر، وأما حقوق الله المحضة فدون ذلك. وكثير من الناس يحاول أن يُقنع الكافر بالإسلام عن طريق التسليم بمنظومة مبنية على الكفر بالآخرة وبحقوق الله عز وجل قبل ذلك.
لذا تجد أن الزكاة مثلًا صارت أفضل من الصلاة، وهذا، وإن لم يصرَّح به، فهو الواقع.
لماذا؟
لأن الصلاة حق لله وأداة للغاية التي من أجلها خُلقنا، ولكن الزكاة فيها نفع للبشر يمدحه المسلم والكافر، وكثير منَّا مرتهن لثناء الكافر مع الأسف أو متأثِّر بأفكاره دون أن يعلم أنها مبنية على الكفر بالدين أصلًا.
تحت هذا الضغط صار كثير من العوام يتعامل مع الله بـ(المقايضة) بناءً على هذا المفهوم، فتجده يزني مثلًا ولكنه يتصدَّق بعد ذلك ثم يعيش مرتاح الضمير!
لا أدعو من يزني أن يترك الصدقة فهي عمل عظيم، ولكن أدعوه أن يترك الزنا وأن يدعو الله وهو يقوم بعبادة الصدقة أن يوفِّقه لترك الذنوب. غير أن الذي نشاهده اليوم أن بعضهم يجاهر بذنوب ثم بعد ذلك يذكُر بعض أعماله الخيرية من باب أنني ما دمت أفعل الأعلى (نفع الناس) فلا حرج علي بالأدنى (معصية الله ولو بالفواحش).
حتى أن بعض الملاحدة صار يعتبرها شبهة يشبّه بها على أهل الدين، يأتيهم بكافر جَحَد حق الله وهو الأعظم (فإنَّ الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك)، ثم يذكر أن هذا الكافر له أعمال خيرية فكيف يعذَّب! يشبّه على الدين بشبهة مبنية على جحود الإله وحقوقه من الأساس!
وتأمَّل معي هذه الآيات في صفة المؤمنين: {وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6)}.
تأمَّل كيف أنه سبحانه بعد ذِكْر الزكاة ذَكَر حفظ الفروج، وكأن هذه الآية تردُّ على من يفعل الفواحش أو يهوِّن من شأن الزنا ومقدماته كالتبرج بحجة أن فاعله يتصدَّق وينفع الخلق، ولسان الحال (ما دمت أنفع الخلق فلا مشكلة في معصية الخالق أو الخطب فيها هيِّن).
#مقالة_مصلحات
https://t.me/moslihataliraq