• المقدمة:
يسيطر علىٰ نفسية الإنسان الحديث نوع من الغرور الإنساني الذي يجعله يؤمن بأنه يمثل النسخة الأكثر تطورًا في تاريخ البشرية. وحتى عند اكتشاف حضارات قديمة ذات علوم متقدمة، سرعان ما يُحوَّل هذا الاكتشاف إلى ساحة صراع بين الشعوب تحت شعار: "أجدادي أم أجدادك أفضل؟"، بينما مؤسسات الغرب تبسط نفوذها بهدوء؛ لنهب ثروات الجميع.
وعندما يحققون اكتشافات كونية جديدة، تُنتزع هذه الاكتشافات من سياق التفكر في عظمة الكون وخالقه، وتُختزل في تمجيد أجهزتهم المتطورة والتفاني المزعوم لعلمائهم "الأجلاء".
• التأصيل:
لكن من أخطر آثار هذا التكبر على نفسية بعض المسلمين أنه أفرز تصورًا خفيًا، لا يُعبر عنه صراحة، لكنه يظهر في الأفكار والسلوكيات، وهو تصور يتعلق بـ"العلاقة بين الله والدين".
كما تبنى الكفار مبدأ فصل الدين عن الدولة، تفشت لدىٰ بعض المسلمين تصورات تَفصل الله -عز وجل- عن شريعته.
هؤلاء يؤمنون بأن الله هو خالق الخلق جميعًا وإلههم إلىٰ قيام الساعة، لكنهم يرون أن شريعته قد تصبح قديمة بمرور الزمن؛ بحجة أن العقل الإنساني يتقدم ويخترع ويتطور؛ مما يتطلب من الشريعة أن تواكب ذلك.
وقد ولّد هذا التصور اضطرابًا لدىٰ بعض الجهلة المتصدرين باسم العلم والدين، فأصبحوا يروّجون لفكرة أن الإسلام يجب أن يواكب العصر بأي ثمن؛ فظهرت محاولات لتسمية الأشياء بغير مسمياتها لتفادي التحريم الشرعي، أو الالتفاف علىٰ النصوص الشرعية وليّها لتتماشى مع الأهواء، متذرعين بأن الدين مرن وصالح لكل زمان ومكان.
بل وصل الأمر إلىٰ تحريف أصول الإيمان؛ بدعوىٰ أن الإيمان في القلب فقط، وأن الالتزام بأحكام الشرع ليس ضروريًا!
يتبع ..