(فاعلم يا أخي أني لم أر الجدال والمناقصة، والخلاف، والمماحلة، والأهواء المختلفة، والآراء المخترعة من شرائع النبلاء، ولا من أخلاق العقلاء، ولا من مذاهب أهل المروءة، ولا ممَّا حُكِيَ لنا عن صالحي هذه الأمة، ولا من سير السلف، ولا من شيمة المرضيين من الخلف
وإنَّما هو لهو يتعلم، ودراية يتفكه بها، ولذة يُستراح إليها، ومهارشة العقول وتذويب اللسان بمحق الأديان، وضراوة على التغالب، واستمتاع بظهور حجة المخاصم، وقصد إلى قهر المناظر، ومغالطة في القياس، وبهت في المقالة، وتكذيب الآثار، ومكابرة لنص التنزيل وتهاون بما قال الرسول، ونقض لعقدة الإجماع، وتشتيت الألفة وتفريق لأهل الملة، وشكوك تدخل على الأمة وضرواة السلامة، وتوغير للقلب، وتوليد للشحناء في النفوس عصمنا الله وإياكم، وأعاذنا مجالسة أهله)
-