فَوائِد الشَيخ عَبدُ الله الخُلَيْفِي @abdullah_alkulify Channel on Telegram

فَوائِد الشَيخ عَبدُ الله الخُلَيْفِي

@abdullah_alkulify


قنَاتَي الشَيخ الرسميَّتِين علىٰ التّلغرام

١- https://t.me/alkulife

٢- https://t.me/doros_alkulify

فَوائِد الشَيخ عَبدُ الله الخُلَيْفِي (Arabic)

هل تبحث عن مصدر موثوق للحصول على الفوائد الدينية والعلمية؟ إذاً، قناة "فَوائِد الشَيخ عَبدُ الله الخُلَيْفِي" هي ما تحتاجه! يُعتبر الشيخ عبد الله الخليفي من أبرز العلماء والدعاة في العالم العربي، وقناته الرسمية على التلغرام تُقدم لكم كنزاً من المعرفة والفوائد. nnماذا تقدم القناة؟ تجد في قناة الشيخ عبد الله الخليفي العديد من الدروس والمحاضرات الدينية التي تغطي مختلف المواضيع الإسلامية. بالإضافة إلى ذلك، تحتوي القناة على مقاطع فيديو ونصائح عملية تساعدك في فهم الدين وتطبيقه في حياتك اليومية. nnأين تجد القناة؟ يمكنك الاشتراك في القناة الرئيسية على الرابط التالي: https://t.me/alkulife وكذلك الاشتراك في قناة الدروس على الرابط: https://t.me/doros_alkulify. لن تندم على الانضمام إلى هذه القنوات المميزة التي تضمن لك الفائدة والتوجيه الصحيح. احصل على قطرات من الحكمة والعلم من قناة الشيخ عبد الله الخليفي الآن!

فَوائِد الشَيخ عَبدُ الله الخُلَيْفِي

16 Nov, 21:25


فَلَمَّا قَبَضَ اللَّهُ نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , ارْتَدَّ عَامَّةُ الْعَرَبِ عَنِ الْإِسْلَامِ إِلَّا ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: أَهْلُ الْمَدِينَةِ , وَأَهْلُ مَكَّةَ وَأَهْلُ الْبَحْرَيْنِ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ قَالُوا: نُصَلِّي وَلَا نُزَكِّي , وَاللَّهِ لَا تُغْصَبُ أَمْوَالُنَا. فكُلِّمَ أَبُو بَكْرٍ فِي ذَلِكَ , فَقِيلَ لَهُ: إِنَّهُمْ لَوْ قَدْ فَقِهُوا لِهَذَا , أَعْطُوهَا وَزَادُوهَا: فَقَالَ: لَا وَاللَّهِ , لَا أُفَرِّقُ بَيْنَ شَيْءٍ جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَهُ , وَلَوْ مَنَعُوا عِقَالَا مِمَّا فَرَضَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ , لَقَاتَلْنَاهُمْ عَلَيْهِ. فبَعَثَ اللَّهُ عِصَابَةً مَعَ أَبِي بَكْرٍ , فَقَاتَلَ عَلَى مَا قَاتَلَ عَلَيْهِ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , حَتَّى سَبَى وَقَتَلَ وَحَرَّقَ بِالنِّيرَانِ أُنَاسًا ارْتَدُّوا عَنِ الْإِسْلَامِ وَمَنَعُوا الزَّكَاةَ , فَقَاتَلَهُمْ حَتَّى أَقَرُّوا بِالْمَاعُونِ وَهِيَ الزَّكَاةُ صَغَرَةً أَقْمِيَاءَ. فأَتَتْهُ وُفُودُ الْعَرَبِ , فَخَيَّرَهُمْ بَيْنَ خُطَّةٍ مُخْزِيَةٍ أَوْ حَرْبٍ مُجْلِيَةٍ , فَاخْتَارُوا الْخُطَّةَ الْمُخْزِيَةَ , وَكَانَتْ أَهْوَنَ عَلَيْهِمْ , أَنْ يَعْتَدُوا أَنَّ قَتْلَاهُمْ فِي النَّارِ وَأَنَّ قَتْلَى الْمُؤْمِنِينَ فِي الْجَنَّةِ , وَأَنَّ مَا أَصَابُوا مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ مَالٍ رَدُّوهُ عَلَيْهِمْ , وَمَا أَصَابَ الْمُسْلِمُونَ لَهُمْ مِنْ مَالٍ فَهُوَ لَهُمْ حَلَالٌ "

وهذا معضل وعامة الروايات التي ذكرت أمر الصديق مع أهل الردة لم تذكر الحرق ولو صح فإنه يحمل على تحريق المحارب بالمنجنيق لا ما اتفقت الأمة على المنع منه وهو تحريق الأسير ، أو يحمل على تحريق الجثث

وقد ورد في مرسل عروة بن الزبير وهو أقوى من مرسل قتادة ما يدل على أن هذا الفعل _ إن صح _ وقع دون إقرار الصديق بدليل أن عمر أنكره أمام الصديق والصديق أقر الإنكار
قال عبد الرزاق عن معمر ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه قال : حرق خالد بن الوليد ناسا من أهل الردة ، فقال عمر لأبي بكر : " أتدع هذا الذي يعذب بعذاب الله " فقال أبو بكر : " لا أشيم سيفا سله الله على المشركين " .

ولو كان خالد فعل هذا بأمر الصديق لوجه عمر نقده إلى الصديق مباشرة

وعلل الصديق عدم عزله بأنه سيف سله الله ولم يقل لعمر أنه لم يفعل شيئاً خطأً

فما مبرر موقف الصديق هذا ؟

فيقال : خالد بن الوليد قيادة عسكرية فذة وما فعله فعله عن تأويل وغضب للدين ولم يكن في الفقه كعمر ، والناس في حاجة ماسة له في حروب الردة ، والصديق شديد الاتباع للنبي صلى الله عليه وسلم

وقد كانت وقعت زلة من خالد هي أعظم من هذه في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فقتل الذين قالوا ( صبأنا صبأنا ) فقال النبي ( اللهم إني أبرأ إليك مما فعل خالد ) ولم يعزله

ويحتمل أن يكون الإحراق الذي فعله هو الرمي بالمنجنيق وهذا يجيزه عامة الفقهاء لكونه ضرورة ويفعل اليوم بقصف الطيران ولكن بحيث يصيب المقاتلة

جاء في مسائل أبي داود 1576 - سَمِعْتُ أَحْمَدَ، يَقُولُ: «لَا بَأْسَ بِالْحَرِيقِ فِي بِلَادِ الرُّومِ إِذَا أَخَذُوا الْمَضِيقَ، أَوْ فَعَلُوا هُمْ بِالْمُسْلِمِينَ» .

1577 - سَمِعْتُ أَحْمَدَ، يَقُولُ: " الْحَرْقُ فِي بِلَادِ الرُّومِ، إِذَا أَحْرَقُوا هُمْ، يَعْنِي: فِي الْمُسْلِمِينَ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُنَكَّلُوا، فَذَكَرْتُ لَهُ حَرْقَ الرُّومِ بِزِبَطْرَةَ؟ فَرَأَى أَنْ لَا يُدِيمُوا عَلَيْهِمْ بِالْحَرِيقِ تَنْكِيلًا لِذَلِكَ، قَالَ أَحْمَدُ: أَبُو بَكْرٍ حِينَ أَمَرَ أَنْ يُحَرَّقُوا كَانُوا قَدْ أَحْرَقُوا "

وهذا محمول على حرق المتاع أو حرق الجثث كما شرحه إسحاق

إذ جاء في مسائل أبي داود 1518 - قُلْتُ: " فِي الْبَحْرِ يَرْمُونَ بِالنِّيرَانِ؟ قَالَ: إِنْ بَدَءُوهُمْ فَلَا بَأْسَ، قُلْتُ: فَيَرْمُونَ فِي الْمَجَانِيقِ بِالنِّيرَانِ؟ قَالَ: إِنْ كَانُوا هُمْ يَبْدَءُونَ يَرْمُونَ بِالنِّيرَانِ، قُلْتُ: هُمْ يَرْومُونَ بِالْحِجَارَةِ، فَنَرْمِيهِمْ بِالنَّارِ؟ قَالَ: لَا يُعْجِبُنِي، قُلْتُ: فَأَمُدُّ مَعَهُمْ فِيهِ، أَعْنِي: فِي الْمَنْجَنِيقِ، إِذَا رَمَوْا بِالنَّارِ؟ قَالَ: لَا يُعْجِبُنِي، قُلْتُ: رَمْيُ الْمَجَانِيقِ؟ قَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ ".

فأحمد كره رمي النار عليهم

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

https://t.me/Abdullah_Alkulify

فَوائِد الشَيخ عَبدُ الله الخُلَيْفِي

16 Nov, 21:25


وعلي إنما حرق جثته ولم يحرقه حياً ، وهذا لا تظهر معارضته للحديث جلياً فالمنهي عنه التعذيب بالنار والجثة لا تتألم بالحرق

وأما خبر تحريق اللوطي فمنكر في سنده إبراهيم بن علي ضعيف جداً وهو منقطع صفوان بن سليم لم يدرك الصديق ، وأيضاً رواه يعقوب الزهري وخالف في إسناده فأسقط صفوان بن سليم فزاد انقطاعاً ورواه ابن أبي الدنيا في ذم الملاهي من طرق ابن المنكدر عن أبي بكر وهذا منقطع أو معضل والثابت عن الصحابة خلافه ولو اشتهر هذا عن الصحابة والصديق لما خالفه أحد

ثم إن إسحاق بن راهوية قد تأول الخبر على حرق الجثة بعد قتلها لا حرقها حية كما في مسائل الكوسج

وما قاله إسحاق سبقه إليه ابن وهب

قال ابن العربي في أحكام القرآن :" فَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: لَا أَرَى خَالِدًا أَحْرَقَهُ إلَّا بَعْدَ قَتْلِهِ؛ لِأَنَّ النَّارَ لَا يُعَذِّبُ بِهَا إلَّا اللَّهُ تَعَالَى"

وأما الأسير فاتفقوا على أنه لا يحرق بالنار

قال ابن قدامة في المغني :" أَمَّا الْعَدُوُّ إذَا قُدِرَ عَلَيْهِ، فَلَا يَجُوزُ تَحْرِيقُهُ بِالنَّارِ، بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ. وَقَدْ كَانَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَأْمُرُ بِتَحْرِيقِ أَهْلِ الرِّدَّةِ بِالنَّارِ. وَفَعَلَ ذَلِكَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ بِأَمْرِهِ، فَأَمَّا الْيَوْمَ فَلَا أَعْلَمُ فِيهِ بَيْنَ النَّاسِ خِلَافًا.
وَقَدْ رَوَى حَمْزَةُ الْأَسْلَمِيُّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَّرَهُ عَلَى سَرِيَّةٍ، قَالَ: فَخَرَجْت فِيهَا، فَقَالَ: «إنْ أَخَذْتُمْ فُلَانًا، فَأَحْرِقُوهُ بِالنَّارِ» . فَوَلَّيْت، فَنَادَانِي، فَرَجَعْت، فَقَالَ: «إنْ أَخَذْتُمْ فُلَانًا، فَاقْتُلُوهُ، وَلَا تَحْرِقُوهُ؛ فَإِنَّهُ لَا يُعَذِّبُ بِالنَّارِ إلَّا رَبُّ النَّارِ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَسَعِيدٌ. وَرَوَى أَحَادِيثَ سِوَاهُ فِي هَذَا الْمَعْنَى.
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ، وَغَيْرُهُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَحْوَ حَدِيثِ حَمْزَةَ. فَأَمَّا رَمْيُهُمْ قَبْلَ أَخْذِهِمْ بِالنَّارِ، فَإِنْ أَمْكَنَ أَخْذُهُمْ بِدُونِهَا، لَمْ يَجُزْ رَمْيُهُمْ بِهَا؛ لِأَنَّهُمْ فِي مَعْنَى الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ، وَأَمَّا عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْهُمْ بِغَيْرِهَا، فَجَائِزٌ، فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَبِهِ قَالَ الثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ"

وما ذكره عن أبي بكر وخالد لا يثبت ، وباب الأسير يختلف عن باب القصاص فالشافعي يجيز الحرق قصاصاً ومع ذلك يقول البيهقي في السنن الصغير 2829 - وَرُوِّينَا فِي حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَسَمُرَةَ، وَبُرَيْدَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنِ الْمُثْلَةِ. وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يُعَذِّبُ بِالنَّارِ إِلَّا رَبُّهَا» فَإِذَا قَتَلَ مُشْرِكًا بَعْدَ الْإِسَارِ أَمَرَ بِضَرْبِ عُنُقِهِ، وَلَا يُمَثَّلُ بِهِ، وَلَا يَحْرِقُهُ بِالنَّارِ، وَلَا يُخَالِفُ " هَذَا مَا رُوِّينَا عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ حَيْثُ أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُحْرِقَ عَلَى أُبْنَى وَمَا رُوِيَ فِي، نَصْبِ الْمَنْجَنِيقَ عَلَى الطَّائِفِ، فَإِنَّهُ وَرَدَ فِي قِتَالِ الْمُشْرِكِينَ مَا كَانُوا مُمْتَنِعِينَ، وَهَكَذَا لَا بَأْسَ بِعَقْرِ دَابَّةِ مَنْ يُقَاتِلُهُ، قَدْ عَقَرَ حَنْظَلَةُ بْنُ الرَّاهِبِ بِأَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ يَوْمَ أُحُدٍ، فَأَمَّا فِي غَيْرِ الْقِتَالِ، فَلَا يَجُوزُ عَقْرُهَا، وَلَا يَجُوزُ قَتْلُ مَا لَهُ رُوحٌ إِلَّا بِأَنْ يَذْبَحَ مَا يَحِلُّ أَكْلُهُ لِيُؤْكَلَ"

وقال البغوي في شرح السنة :" فَأَما تحريق الْكَافِر بَعْدَمَا وَقع فِي الْأسر، وتحريق الْمُرْتَد، فَذهب عامتهُم إِلى أنّهُ لَا يجوز، إِنّما يقْتله بجزِّ الرَّقَبَة، لما رُوِي عنْ حَمْزَة الْأَسْلَمِيّ أنّ رسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمّره على سَرِيَّة، وَقَالَ: «إِن وجدْتُم فُلانًا فأحرِقوه بالنَّار»، فولّيْتُ فناداني، فرجعتُ إِليْهِ، فَقَالَ: «إِنْ وجدْتُمْ فُلانًا، فاقْتُلُوه، وَلَا تُحرِّقُوهُ، فإِنّهُ لَا يُعذِبُ بالنّارِ إِلّا ربُّ النّارِ»"

وقال الطبري في تفسيره حَدَّثَنَا بِشْرٌ , قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ , قَالَ: ثنا سَعِيدٌ , عَنْ قَتَادَةَ: {مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ , فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة: 54] إِلَى قَوْلِهِ: {وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 247] أَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ , وَقَدْ عَلِمَ أَنْ سَيَرْتَدَّ مُرْتَدُّونَ مِنَ النَّاسِ.

فَوائِد الشَيخ عَبدُ الله الخُلَيْفِي

16 Nov, 21:25


بحث في قصة الفجاءة السلمي وتحريق أبي بكر الصديق له

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :

فقد ذكرت عدد من كتب التواريخ أن رجلاً يدعى ( الفجاءة السلمي ) جاء إلى أبي بكر الصديق في أيام حروب الردة وسأله أن يسلحه ليحارب المرتدين ، فلما خرج من الصديق وقد سلحه صار يقتل المسلمين والمرتدين فأرسل إليه الصديق من يقاتله ، فأسره طريفة السلمي وأمر الصديق بإحراقه ، ثم إن الصديق قد ندم بعد ذلك على إحراقه له

قال البلاذري في فتوح البلدان 282 : وأخبرني داود بن حبال الاسدي، عن أشياخ من قومه ثم سرد أخباراً من أخبار الردة ومنها

285 - قالوا: وأتى الفجاءة، وهو بجير بن إياس بن عبد الله السلمى، أبا بكر فقال: احملني وقونى أقاتل المرتدين.
فحمله وأعطاه سلاحا.
فخرج يعترض الناس فيقتل المسلمين والمرتدين، وجمع جمعا.
فكتب أبو بكر إلى طريفة بن حاجزة أخى معن بن حاجزة يأمره بقتاله.
فقاتله وأسره ابن حاجزة.
فبعث به إلى أبى بكر، فأمر أبو بكر بإحراقه في ناحية المصلى.
ويقال: إن أبا بكر كتب إلى معن في أمر الفجاءة، فوجه معن إليه طريفة أخاه فأسره.

أقول : داود شيخ البلاذري لم أجد له ترجمة ولا أي رواية غير هذه ، ولا شك أن أشياخه لم يدركوا حروب الردة فالسند معضل فاجتمع فيه جهالة العين والاعضال الشديد فهو ضعيف جداً

وقال ابن عبد البر في الاستيعاب (2/776) : (1299) طريفة بن حاجز [1]
مذكور فيهم، قَالَ سيف بن عمر: هو الذي كتب إليه أبو بكر الصديق في قتال الفجاءة السلمي الذي حرقه أبو بكر بالنار، فسار طريفة في طلب الفجاءة، وكان طريفة بن حاجز، وأخوه معن بن حاجز، مع خالد بن الوليد، وكان مع الفجاءة نجبة بن أبي الميثاء، فالتقى نجبة، وطريفة فتقاتلا، فقتل الله نجبة على الردة، ثم سار حتى لحق بالفجاءة السلمي، واسمه إياس ابن عبد الله بن عبد ياليل، فأسره، وأنفذه إلى أبي بكر، فلما قدم به عليه أوقد له نارا، وأمر به فقذف فيها حتى احترق.

سيف بن عمر التميمي كذاب متهم بالزندقة

قال حميد بن زنجوية في الأموال 430 - ثنا عثمان بن صالح ، أنا الليث بن سعد ، أنا علوان ، عن صالح بن كيسان ، عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف ، أن أباه عبد الرحمن بن عوف ، دخل على أبي بكر الصديق رضوان الله عليه في مرضه الذي قبض فيه ، فرآه مفيقا ، فقال : أما إني لا آسى من الدنيا إلا على ثلاث فعلتهن وددت أني تركتهن ، وثلاث تركتهن وددت لو أني كنت فعلتهن ، أما اللاتي وددت أني تركتهن ، فوددت أني لم أكن فعلت كذا وكذا لشيء ذكره . ووددت أني لم أكن حرقت الفجاءة السلمي ، ليتني قتلته سريحا ، أو خليته نجيحا ، ولم أحرقه بالنار . ووددت أني يوم سقيفة بني ساعدة كنت قذفت الأمر في عنق أحد الرجلين عمر بن الخطاب ، أو أبي عبيدة بن الجراح ، فكان أحدهما أميرا وكنت أنا وزيرا . وأما اللاتي تركتهن ، فوددت أني يوم أتيت بالأشعث بن قيس الكندي أسيرا كنت ضربت عنقه ، فإنه يخيل إلي أنه لا يرى شرا إلا أعان عليه . ووددت أني حين سيرت خالد بن الوليد إلى أهل الردة ، كنت أقمت بذي القصة ، فإن ظفر المسلمون ظفروا ، وإن هزموا كنت بصدد لقاء أو مدد . ووددت أني كنت إذ وجهت خالدا إلى الشام وجهت عمر بن الخطاب إلى العراق ، فكنت قد بسطت يدي كلتيهما في سبيل الله.

هذا الخبر استنكره العقيلي على علوان في الضعفاء حيث قال :" ولا يعرف علوان إلا بهذا مع اضطراب الإسناد ، ولا يتابع عليه"

ونقل قبلها عن البخاري قوله ( منكر الحديث )

وصنيع الصديق هذا مع عدم صحة الروايات كما ترى استغله الرافضة للطعن في الصديق مع أنه لو صح عنه ذلك فقد رجع رضي الله عنه

قال شيخ الإسلام في المنهاج (5/495) :" قال الرافضي وأحرق الفجاءة السلمي بالنار وقد نهى النبي صلى الله عليه و سلم عن الإحراق بالنار
الجواب أن الإحراق بالنار عن علي أشهر وأظهر منه عن أبي بكر وأنه قد ثبت في الصحيح أن عليا أتى بقوم زنادقة من غلاة الشيعة فحرقهم بالنار فبلغ ذلك ابن عباس فقال لو كنت أنا لم أحرقهم بالنار لنهى النبي صلى الله عليه و سلم أن يعذب بعذاب الله ولضربت أعناقهم لقول النبي صلى الله عليه و سلم من بدل دينه فاقتلوه فبلغ ذلك عليا فقال ويح ابن أم الفضل ما أسقطه على الهنات
فعلي حرق جماعة بالنار فإن كان ما فعله أبو بكر منكرا ففعل علي أنكر منه وإن كان فعل علي مما لا ينكر مثله على الأئمة فأبو بكر أولى أن لا ينكر عليه "

أقول : وقال عبد الرزاق في المصنف 18710 - عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ , عَنْ سُلَيْمَانَ التيمي , عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ , أَنَّ الْمُسْتَوْرِدَ الْعِجْلِيَّ تَنَصَّرَ بَعْدَ إِسْلَامِهِ , فَبَعَثَ بِهِ عُتْبَةُ بْنُ فَرْقَدٍ إِلَى عَلِيٍّ «فَاسْتَتَابَهُ , فَلَمْ يَتُبْ , فَقَتَلَهُ , فَطَلَبَتِ النَّصَارَى جِيفَتَهُ بِثَلَاثِينَ أَلْفًا , فَأَبَى عَلِيٌّ وَأَحْرَقَهُ»

وهذا إسناد صحيح فما عسى الطاعنين في الصديق أن يقولوا ؟

فَوائِد الشَيخ عَبدُ الله الخُلَيْفِي

16 Nov, 21:25


فكيف لو أدرك ضرار بن مرة زماننا ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :

قال البغوي في الجعديات 600 - حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ، نا الْمُحَارِبِيُّ، عَنْ لَيْثٍ قَالَ: مَرَرْتُ بِأَبِي سِنَانٍ ضِرَارِ بْنِ مُرَّةَ، وَمَعَهُ عَصًا، وَهُوَ عَلَى قَبْرِ مُجَصَّصٍ، فَقَالَ لِي: «انْزِلْ. فَنَزَلَتْ، فَكَسَرْنَاهُ»

فهذا ضرار بن مرة وهو رجل من أفاضل صالحي السلف ومعه ليث بن أبي سليم المعروف بصلاحه ولا يضر ضعفه هنا فهو يتكلم عن حادثة حصلت معه يسعيان في تكسير قبر مجصص

فكيف لو أدرك ضرار بن مرة الأضرحة التي ملأت البلدان وفتنت العوام حتى عبدها كثير منهم من دون الله ، حتى إذا جاء من يهدمها وينصر الله ورسوله اعترض عليه الجهلة

وقال ابن الحاج المالكي في المدخل وهو يتكلم عن القبور :" وَأَمَّا تَعْلِيَةُ الْبِنَاءِ الْكَثِيرِ عَلَى نَحْوِ مَا كَانَتْ الْجَاهِلِيَّةُ تَفْعَلُهُ تَفْخِيمًا وَتَعْظِيمًا، فَذَلِكَ يُهْدَمُ وَيُزَالُ، فَإِنَّ فِيهِ اسْتِعْمَالَ زِينَةِ الدُّنْيَا فِي أَوَّلِ مَنَازِلِ الْآخِرَةِ وَتَشْبِيهًا بِمَنْ كَانَ يُعَظِّمُ الْقُبُورَ وَيَعْبُدُهَا"

أما أنهم قد عبدوها حقاً

وضرار بن مرة لمن لا يعرفه

قال المزي في تهذيب الكمال :" و قال أحمد بن عبد الله بن يونس ، عن أبى بكر بن عياش : حدثنا أبو سنان ضرار بن
مرة ، و كان من خيار الناس .
و قال إسماعيل بن بهرام ، عن أبى بكر بن عياش : كنت إذا رأيت عطاء بن السائب ،
و ضرار بن مرة ، رأيت أثر البكاء على خدودهما .
و قال أبو سعيد الأشج ، عن المحاربى : كان محمد بن سوقة ، و ضرار بن مرة ، يطلب
كل واحد منهما صاحبه يوم الجمعة ، فيجلسان و يتحدثان و يبكيان"

وقال ابن عبد البر :" أجمعوا على أنه ثقة ثبت"

فرحمه الله من زاهد ثقة آمر بالمعروف ناه عن المنكر

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

https://t.me/Abdullah_Alkulify

فَوائِد الشَيخ عَبدُ الله الخُلَيْفِي

16 Nov, 21:24


الكلام على حديث : ( إن أوليائي يوم القيامة المتقون )

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :


قال البخاري في الأدب المفرد 897: حَدثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: حَدثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلم قَالَ:
إِنَّ أَوْلِيَائِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْمُتَّقُونَ، وَإِنْ كَانَ نَسَبٌ أَقْرَبَ مِنْ نَسَبٍ، فَلاَ يَأْتِينِي النَّاسُ بِالأَعْمَالِ وَتَأْتُونَ بِالدُّنْيَا تَحْمِلُونَهَا عَلَى رِقَابِكُمْ، فَتَقُولُونَ: يَا مُحَمَّدُ، فَأَقُولُ هَكَذَا وَهَكَذَا: لاَ، وَأَعْرَضَ فِي كِلا عِطْفَيْهِ.

عبد العزيز بن محمد هو الدراوردي قال ا في التقريب :" صدوق كان يحدث من كتب غيره فيخطىء"

وقد خالفه إسماعيل بن جعفر الثقة الثبت فروى الخبر عن محمد مرسلاً

قال إسماعيل بن جعفر كما في حديثه 207 : حدثنا محمد ، عن أبي سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
أوليائي المتقون يوم القيامة ، وإن كان نسب أقرب من نسب ، فلا يأتين الناس يوم القيامة بالأعمال وتأتوني بالدنيا تحملونها على أعناقكم فتقولون : يا محمد ، فأقول : كذا وكذا .
قال : فصرف النبي صلى الله عليه وسلم برأسه يمينا وشمالا ، أي أعرض عنكم.

وقد رجح الدارقطني الإرسال

جاء في العلل للدارقطني :" 1769: وسُئِل عَن حَدِيثِ أَبِي سَلَمَة ، عَن أَبِي هُرَيرة ، أَنَّ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلم ، قال : إِنّ أَولِيائِي مِنكُمُ المُتَّقُون وإِن كان نَسَبُ أَقرَب مِن نَسَبٍ فَلا يَأتِينِي النّاسُ بِالأَعمالِ وتَأتُونِي بِالدُّنيا تَحمِلُونَها عَلَى أَعناقِكُم ... الحَدِيثَ.
فَقال : يَروِيهِ مُحَمد بن عَمرٍو
واختُلِف عَنهُ ؛ فَرَواهُ مُحَمد بن فُلَيحٍ ، وعِيسَى بن يُونُس ، وغَيرُهُما رَوَوهُ عَن مُحَمدِ بنِ عَمرٍو ، عَن أَبِي سَلَمَة ، عَن أَبِي هُرَيرةَ.

وَخالَفَهُم إِسماعِيلُ بن جَعفَرٍ ، فَرَواهُ مُحَمد بن عَمرٍو ، عَن أَبِي سَلَمَة مُرسَلاً.
وَتابَعَهُ خالِدٌ الواسِطِيُّ ، والمُرسَلُ أَصَحُّ .انتهى

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

https://t.me/Abdullah_Alkulify

فَوائِد الشَيخ عَبدُ الله الخُلَيْفِي

16 Nov, 21:23


وقال مسلم في صحيحه 4100- [106-1598] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، قَالُوا : حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ، أَخْبَرَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ ، عَنْ جَابِرٍ ، قَالَ : لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا ، وَمُؤْكِلَهُ ، وَكَاتِبَهُ ، وَشَاهِدَيْهِ ، وَقَالَ : هُمْ سَوَاءٌ.

فسوى بين من باشر أكل الربا ، ومن أعانه على ذلك ، وليفطن لهذا المعنى من يهتم بنشر المخطوطات وفهرستها

قال شيخ الإسلام في بيان الدليل على بطلان التحليل (1/74) :" ولما وضع بعض الناس كتاباً في الحيل اشتد نكير السلف لذلك قال أحمد بن زهير بن مروان: كانت امرأة ها هنا تمرّ وأرادت أن تختلع من زوجها فأبى زوجها عليها فقيل لها: لو ارتددت عن الإسلام لبنت من زوجك ففعلت ذلك فذكر ذلك لعبد الله - يعني ابن المبارك - وقيل له: إن هذا كتاب الحيل فقال عبدالله: من وضع هذا الكتاب فهو كافر ومن سمع به فرضي به فهو كافر ومن حمله من كورة إلى كورة فهو كافر ومن كان عنده فرضي به فهو كافر"

وقال ابن القيم في مدارج السالكين (1/121) :" والحرام كقتل النفس التي حرم الله قتلها ونهب المال المعصوم وضرب من لا يحل ضربه ونحو ذلك وكأنواع اللعب المحرم بالنص كالنرد أو ما هو أشد تحريما منه عند أهل المدينة كالشطرنج أو مثله عند فقهاء الحديث كأحمد وغيره أو دونه عند بعضهم ونحو كتابة البدع المخالفة للسنة تصنيفا أو نسخا إلا مقرونا بردها"

ومن اشتهر عنه نشر كتب أهل البدع ، وعدم المبالاة بما ينشره في المسلمين من الضلال استحق العقوبة ، واستحق الأحكام التي تحلق بمن زال عنه وصف العدالة من عدم قبول شهادته ، وترك الصلاة خلفه إن وجد غيره من أهل السنة إلا في صلاة الجمعة والعيدين إذا كان إماماً عاماً او نائباً عنه ، وعدم كفاءته لمن اتصفت بالعدالة من الحرائر

قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (15/ 286) :" وَلِهَذَا كَانَ مُسْتَحِقًّا لِلْهَجْرِ إذَا أَعْلَنَ بِدْعَةً أَوْ مَعْصِيَةً أَوْ فُجُورًا أَوْ تَهَتُّكًا أَوْ مُخَالَطَةً لِمَنْ هَذَا حَالُهُ بِحَيْثُ لَا يُبَالِي بِطَعْنِ النَّاسِ عَلَيْهِ فَإِنَّ هَجْرَهُ نَوْعُ تَعْزِيرٍ لَهُ فَإِذَا أَعْلَنَ السَّيِّئَات أُعِلْنَ هَجْرُهُ وَإِذَا أَسَرَّ أُسِرَّ هَجْرُهُ إذْ الْهِجْرَةُ هِيَ الْهِجْرَةُ عَلَى السَّيِّئَاتِ وَهِجْرَةُ السَّيِّئَاتِ هِجْرَةُ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى : { وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ }"

ونشر البدع أبلغ من مجرد مخالطة أهل البدع في الإضرار بأهل الإسلام

وقال الشاطبي في الاعتصام (1/152) :" وَأَيْضًا فَإِنَّ تَوْقِيرَ صَاحِبِ الْبِدْعَةِ مَظِنَّةٌ لِمَفْسَدَتَيْنِ تَعُودَانِ عَلَى الْإِسْلَامِ بِالْهَدْمِ:
إِحْدَاهُمَا: الْتِفَاتُ الْجُهَّالِ وَالْعَامَّةِ إِلَى ذَلِكَ التَّوْقِيرِ، فَيَعْتَقِدُونَ فِي الْمُبْتَدِعِ أَنَّهُ أَفْضَلُ النَّاسِ، وَأَنَّ مَا هُوَ عَلَيْهِ خَيْرٌ مِمَّا عَلَيْهِ غَيْرُهُ، فَيُؤَدِّي ذَلِكَ إِلَى اتِّبَاعِهِ عَلَى بِدْعَتِهِ; دُونَ اتِّبَاعِ أَهْلِ السُّنَّةِ عَلَى سُنَّتِهِمْ.
وَالثَّانِيَةُ: أَنَّهُ إِذَا وُقِّرَ مِنْ أَجْلِ بِدْعَتِهِ; صَارَ ذَلِكَ كَالْحَادِي الْمُحَرِّضِ لَهُ عَلَى إِنْشَاءِ الِابْتِدَاعِ فِي كُلِّ شَيْءٍ.
وَعَلَى كُلِّ حَالٍ، فَتَحْيَا الْبِدَعُ، وَتَمُوتُ السُّنَنُ، وَهُوَ هَدْمُ الْإِسْلَامِ بِعَيْنِهِ"

وهذا الكلام ينطبق من باب أولى على نشر كتب أهل البدع

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

https://t.me/Abdullah_Alkulify

فَوائِد الشَيخ عَبدُ الله الخُلَيْفِي

16 Nov, 21:23


قال ابن القيم في زاد المعاد (3/501) وهو يعدد فوائد قصة كعب بن مالك :" وَقَوْلُهُ فَتَيَمّمْت بِالصّحِيفَةِ التّنّورَ فِيهِ الْمُبَادَرَةُ إلَى إتْلَافِ مَا يُخْشَى مِنْهُ الْفَسَادُ وَالْمَضَرّةُ فِي الدّينِ وَأَنّ الْحَازِمَ لَا يَنْتَظِرُ بِهِ وَلَا يُؤَخّرُهُ وَهَذَا كَالْعَصِيرِ إذَا تَخَمّرَ وَكَالْكِتَابِ الّذِي يُخْشَى مِنْهُ الضّرَرُ وَالشّرّ فَالْحَزْمُ الْمُبَادَرَةُ إلَى إتْلَافِهِ وَإِعْدَامِهِ "

وأما الكتب التي حفظت لنا من شيء وافر من علوم السلف ككتاب ابن حجر في شرح البخاري فليس الأمر فيه كذلك ، على أنه لا يصلح النظر في مثل هذه الكتب التي اختلط فيها الحق بالباطل إلا لمن يحسن التمييز والوصول إلى هذه المرحلة يحتاج إلى طلب علم طويل وجرد لكتب العقيدة السلفية كتاباً كتاباً أو معظمها

وقال الذهبي في سير أعلام النبلاء (19/ 333) :" وَمِنْ (مُعْجَم أَبِي عَلِيٍّ الصدفِي) ، تَأْلِيفُ القَاضِي عِيَاض لَهُ، قَالَ:
وَالشَّيْخ أَبُو حَامِدٍ ذُو الأَنبَاء الشَّنِيعَة، وَالتَّصَانِيْفِ العَظِيْمَة، غلاَ فِي طرِيقَة التَّصَوُّف، وَتَجرَّد لنَصر مَذْهَبهم، وَصَارَ دَاعِيَةً فِي ذَلِكَ، وَأَلَّف فِيْهِ تَوَالِيفه المَشْهُوْرَة، أُخِذَ عَلَيْهِ فِيْهَا مَوَاضِعُ، وَسَاءت بِهِ ظُنُوْنُ أُمَةٍ، وَاللهُ أَعْلَمُ بِسِرِّهِ، وَنَفَذَ أَمرُ السُّلْطَان عِنْدنَا بِالمَغْرِبِ وَفَتْوَى الفُقَهَاء بِإِحرَاقهَا وَالبُعدِ عَنْهَا، فَامْتُثِلَ ذَلِكَ"

ومما يحسن الاستدلال به هنا تحريق الصحابة للمصاحف المخالفة للرسم العثماني ، مع أنها كلام الله عز وجل لما خشوا من حدوث الفرقة بين المسلمين ، من تعدد القراءات ، فكيف بالكتب المبنية على يعسوب الفرقة وأساسها ألا وهي البدع

واستدل بعض أهل العلم بهذا الأمر على مشروعية التعليق على كتب أهل البدع بما ينقض ما فيها من باطل وإن كانت موقوفة فإن ذلك أهون من الاتلاف

وهذا الاتلاف مشروط بعدم ترتب مفسدة أعظم على هذا الاتلاف

وقال الخلال في السنة 820: وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ , قَالَ : سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ : سَلاَّمُ بْنُ أَبِي مُطِيعٍ مِنَ الثِّقَاتِ مِنْ أَصْحَابِ أَيُّوبَ , وَكَانَ رَجُلاً صَالِحًا , حَدَّثَنَا عَنْهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ , ثُمَّ قَالَ أَبِي : كَانَ أَبُو عَوَانَةَ وَضَعَ كِتَابًا فِيهِ مَعَايِبُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهِ بَلاَيَا , فَجَاءَ إِلَيْهِ سَلاَّمُ بْنُ أَبِي مُطِيعٍ , فَقَالَ : يَا أَبَا عَوَانَةَ , أَعْطِنِي ذَلِكَ الْكِتَابَ , فَأَعْطَاهُ , فَأَخَذَهُ سَلاَّمٌ فَأَحْرَقَهُ.
821: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ , قَالَ : قُلْتُ لأَبِي عَبْدِ اللَّهِ : اسْتَعرْتُ مِنْ صَاحِبِ حَدِيثٍ كِتَابًا , يَعْنِي فِيهِ الأَحَادِيثَ الرَّدِيئَةَ , تَرَى أَنْ أُحَرِّقَهُ , أَوْ أُخَرِّقُهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ , لَقَدِ اسْتَعَارَ سَلاَّمُ بْنُ أَبِي مُطِيعٍ مِنْ أَبِي عَوَانَةَ كِتَابًا , فِيهِ هَذِهِ الأَحَادِيثُ , فَأَحْرَقَ سَلاَّمٌ الْكِتَابَ , قُلْتُ : فَأَحْرِقُهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ.

وهذا يعني أنه لا حرمة لهذه الكتب ، لهذا جاء الحكم التالي

الحكم الرابع : عدم قطع من سرق كتب أهل البدع

قال ابن مفلح في المبدع (9/ 118) :" وعلم منه أنه لا يقطع بسرقة كتب البدع والتصاوير وهو كذلك ولا يقطع بسرقة آلة لهو كطنبور ومزمار ونحوه ولو بلغت قيمته مفصلا نصابا لأنه معصية إجماعا"

ويتفرع على هذا عدم صحة الوصية بها ، ولا وقفها بل إذا أطلق الواقف أو الموصي قوله ( كتب العلم ) لم تدخل كتب الكلام والتصوف في وقفه

قال ابن مفلح في الفروع (8/ 342) :" قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ إمَّا مِنْ عِنْدِهِ أَوْ حِكَايَةً عَنْ الشَّافِعِيِّ وَلَمْ يُخَالِفْهُ لَوْ : أَنَّ رَجُلًا وَصَّى بِكُتُبِهِ مِنْ الْعِلْمِ لِآخَرَ وَكَانَ فِيهَا كُتُبُ الْكَلَامِ لَمْ تَدْخُلْ فِي الْوَصِيَّةِ ، لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْعِلْمِ"

وعلى مثل هذا يفرع الفقهاء في باب الأيمان فيقولون ( لو حلف ألا ينظر في كتب العلم فنظر في كتب الكلام لم يحنث )

ويفرعون في باب النذور فيقال مثلاً ( لو نذر أن يقرأ ساعة في كتب العلم ، فنظر في كتب الكلام لم يفِ بنذره )
الحكم الخامس : عدم جواز الإعانة على نشرها بأي وسيلة
قال الله تعالى (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)

فَوائِد الشَيخ عَبدُ الله الخُلَيْفِي

16 Nov, 21:23


مع أنه تأليف رجل لا يتظاهر بالانتساب إلى المعتزلة بل يجتهد في كتمان موافقتهم فيما هو لهم فيه موافق
ثم هو ليس معتزليا مطلقا فإنه لا يوافقهم في جميع أصولهم مثل خلق القرآن كما دل عليه تفسيره في قوله عز وجل ( ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث ) وغير ذلك ويوافقهم في القدر وهي البلية التي غلبت على البصريين وعيبوا بها قديما"

وقد تفطن لهذا الأمر الفقهاء فذكروه في كتبهم الفقهية

قال البهوتي في كشاف القناع عن متن الإقناع (1/ 434) :" ( ولا يجوز النظر في كتب أهل الكتاب نصا ) لأنه صلى الله عليه وسلم غضب حين رأى مع عمر صحيفة من التوراة وقال أفي شك أنت يا ابن الخطاب الحديث
( ولا ) النظر في ( كتب أهل البدع و ) لا النظر في ( الكتب المشتملة على الحق والباطل ولا روايتها ) لما في ذلك من ضرر إفساد العقائد"

وقال مصطفى الرحيباني الحنبلي في مطالب أولي النهى (1/607) :" ( ويتجه جواز نظر ) في كتب أهل البدع : لمن كان متضلعا من الكتاب والسنة مع شدة تثبت وصلابة دين وجودة فطنة وقوة ذكاء واقتدار على استخراج الأدلة ( لرد عليهم ) وكشف أسرارهم وهتك أستارهم لئلا يغتر أهل الجهالة بتمويهاتهم الفاسدة ؛ فتختل عقائدهم الجامدة . وقد فعله أئمة من خيار المسلمين وألزموا أهلها بما لم يفصحوا عنه جوابا"

وقال القليوبي الشافعي في حاشيته (2/ 77) :" تَحْرُمُ قِرَاءَةُ كُتُبِ الرَّقَائِقِ وَالْمَغَازِي الْمَوْضُوعَةِ كَفُتُوحِ الشَّامِ وَقَصَصِ الأَْنْبِيَاءِ وَحِكَايَاتِهِمُ الْمَنْسُوبَةِ لِلْوَاقِدِيِّ، وَقَال أَيْضًا: ذَكَرَ الإِْمَامُ الشَّعْرَاوِيُّ فِي الْمُغْنِي مَا نَصُّهُ: وَيُحَذَّرُ مِنْ مُطَالَعَةِ مَوَاضِعَ مِنْ كِتَابِ إِحْيَاءِ عُلُومِ الدِّينِ لِلْغَزَالِيِّ، وَمِنْ كِتَابِ قُوتِ الْقُلُوبِ لأَِبِي طَالِبٍ الْمَكِّيِّ، وَمِنْ تَفْسِيرِ مَكِّيٍّ، وَمِنْ كَلاَمِ ابْنِ مَيْسَرَةَ الْحَنْبَلِيِّ، وَمِنْ كَلاَمِ مُنْذَرِ بْنِ سَعِيدٍ الْبَلُّوطِيِّ، وَمِنْ مُطَالَعَةِ كُتُبِ أَبِي حَيَّانَ، أَوْ كُتُبِ إِخْوَانِ الصَّفَا، أَوْ كَلاَمِ إِبْرَاهِيمَ النَّجَّامِ، أَوْ كِتَابِ خَلْعِ النَّعْلَيْنِ لاِبْنِ قَسِيٍّ، أَوْ كُتُبِ مُحَمَّدِ بْنِ حَزْمٍ الظَّاهِرِيِّ أَوْ كَلاَمِ الْمُفِيدِ بْنِ رَشِيدِيٍّ، أَوْ كُتُبِ مُحْيِي الدِّينِ بْنِ عَرَبِيٍّ، أَوْ تَائِيَّةِ مُحَمَّدِ بْنِ وَفَا، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ"

أما كتب ابن حزم فليس الأمر فيها كما ذكر ، فكتبه في الفقه تختلف عن كتبه في العقيدة ، وإن كان له فيها شذوذات معروفة يحترز المرء منها بالنظر في كتب فقهاء المحدثين قبل النظر في كتب ابن حزم ، وأعني بكتب فقهاء المحدثين كتب مسائل الإمام أحمد ، والأوسط لابن المنذر وكتب شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وابن رجب ، على أن ابن حزم له شذوذات كثيرة جداً وطريقته في الفقه غير مرضية في كثير من الأبواب لذا وقع من بعض المشيخة ما وقع من التحذير من كتبه

وقال العلامة حمد بن عتيق كما في الدرر السنية (3/ 357) :" وليحذر طالب الحق من كتب أهل البدع، كالأشاعرة، والمعتزلة، ونحوهم، فإن فيها من التشكيك، والإيهام، ومخالفة نصوص الكتاب والسنة ما أخرج كثيرا من الناس عن الصراط المستقيم، نعوذ بالله من الخذلان"

وقد صنف ابن قدامة المقدسي كتاباً جليلاً أسماه ( تحريم النظر في كتب الكلام )

وأشد من أهل الكلام من يسمى في هذا العصر ب( المفكرين ) ، فهؤلاء أعظم جرأةً على دين الله عز وجل من المتكلمين ، وأشد جسارة حتى يقول قائلهم ( ديمقراطية الإسلام ) و ( اشتراكية الإسلام )

ويتفرع على هذا الحكم الفقهي عدم جواز هبة كتب أهل البدع أو رهنها عند من يتضرر بها ، وسيأتي مأخذ آخر لهذه الأحكام

ويتفرع عليه الحكم التالي

الحكم الثاني : عدم جواز بيعها على من يتضرر بالنظر فيها ، ولا شرائها لمن كانت هذه حاله

جاء في فتاوى اللجنة الدائمة :" السؤال الخامس من الفتوى رقم (21394)
س 5: هل يمكن لي أن أتعامل مع الذين هم من الإباضيين، أي أنني أشتري وأبيع معهم كالتجارة مثلا، ومع هذا أشتري من عندهم الكتب والأشرطة التي لا بأس بها، فهذا الأمر أنا فيه. فهل أتوقف من هذا الأمر أم أستمر؟
ج 5: لا بأس بشراء الكتب النافعة من أي أحد وجد عنده، لما في ذلك من الفائدة، أما كتب البدع والضلال فلا يجوز بيعها ولا شراؤها.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء"

الحكم الثالث : مشروعية اتلافها

فَوائِد الشَيخ عَبدُ الله الخُلَيْفِي

16 Nov, 21:23


أحكام كتب أهل البدع

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :


فمما يشيعه أهل البدع والتميع ، أن تصنيف الناس إلى سني ومبتدع لا طائل تحته ولا كبير فائدة .
وأنه يشغل عن العلم النافع ، وينسى أولئك أو يتناسى تعلق عشرات الأحكام الفقهية بتقسيم الناس إلى سني ومبتدع
وقبل ذلك كله تعلق التمييز بين الفرقة الناجية ، والفرق الهالكة

ومن المشاريع التي داعبت مخيلتي قديماً ، مشروع كبير تجمع فيه الفروع الفقهية المترتبة على تقسيم الناس إلى سني ومبتدع ، وقد بدا لي أن أشرح شيئاً مما انقدح في ذهني عن طريق تقديم أنموذج يمثل بعض هذا المشروع ، عسى أن يعيننا بعض إخواننا على إكمال المشروع ، وقد وقع الاختيار على الأحكام الفقهية المتعلقة بكتب أهل البدع لشدة أهمية هذا الباب

الحكم الأول : عدم مشروعية النظر فيها لمن يضره ذلك

اعلم رحمك الله أن كل ما قيل في حرمة مجالسة المبتدع ، ينطبق على النظر في كتابه الذي يروج فيه لبدعته .
بل إن الكتاب في كثيرٍ من الأحيان يفوق خطورة شخص المبتدع نفسه ، فإن كتاب المبتدع قد جمع فيه شبهاته ورتبها واختار لها أحسن عبارة بما لا يستطيع في الغالب أن يسرده من الحافظة

قال ابن أبي حاتم في تفسيره 7460: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ، ثنا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ، ثنا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ:
فِي هَذِهِ الآيَةِ: " وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا " ، قال: كَانَ يَرَى أَنْ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ فِي أَهْلِ الأَهْوَاءِ.
وهذا إسناد صحيح ، ومحمد هو ابن سيرين

وقال البخاري في صحيحه 2101 : حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا أَبُو بُرْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا بُرْدَةَ بْنَ أَبِي مُوسَى عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالْجَلِيسِ السَّوْءِ كَمَثَلِ صَاحِبِ الْمِسْكِ وَكِيرِ الْحَدَّادِ لَا يَعْدَمُكَ مِنْ صَاحِبِ الْمِسْكِ إِمَّا تَشْتَرِيهِ أَوْ تَجِدُ رِيحَهُ وَكِيرُ الْحَدَّادِ يُحْرِقُ بَدَنَكَ أَوْ ثَوْبَكَ أَوْ تَجِدُ مِنْهُ رِيحًا خَبِيثَةً

وقال أحمد في مسنده 19875 : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ هِلَالٍ، عَنْ أَبِي الدَّهْمَاءِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
مَنْ سَمِعَ بِالدَّجَّالِ فَلْيَنْأَ مِنْهُ؛ مَنْ سَمِعَ بِالدَّجَالِ، فَلْيَنْأً مِنْهُ مَنْ سَمِعَ بِالدَّجَالِ، فَلْيَنْأً مِنْهُ، فَإِنَّ الرَّجُلَ يَأْتِيهِ وَهُوَ يَحْسِبُ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ، فَلَا يَزَالُ بِهِ لِمَا مَعَهُ مِنَ الشُّبَهِ حَتَّى يَتَّبِعَهُ.

قال ابن القيم في عدة الصابرين ص50 :" وههنا لطيفة للشيطان لا يتخلص منها الا حاذق وهى أن يظهر له في مظان الشر بعض شيء من الخير ويدعوه إلى تحصيله فإذا قرب منه ألقاه في الشبكة والله اعلم"

وقد أدرك أئمة السلف هذا الأمر فحذروا من كتب أهل البدع من يتضرر بالنظر فيها

قال البرذعي في سؤالاته لأبي زرعة (1/49) : "شهدت أبا زرعة سئل عن الحارث المحاسبي وكتبه فقلت للسائل إياك وهذه الكتب هذه كتب بدع وضلالات عليك بالأثر فإنك تجد فيه ما يغني عن هذه الكتب قيل له في هذه الكتب عبرة قال من لم يكن له في كتاب الله عبرة فليس له في هذه الكتب عبرة بلغكم أن مالك بن أنس وسفيان الثوري والأوزاعي والأئمة المتقدمين صنفوا هذه الكتب في الخطوات والوساوس وهذه الأشياء هؤلاءء قوم خالفوا أهل العلم فأتونا مرة بالحارث المحاسبي ومرة بعبد الرحيم الدبيلي ومرة بحاتم الأصم ومرة بشقيق البلخي ثم قال ما أسرع الناس إلى البدع"

وقال الذهبي في ميزان الاعتدال معلقاً على كلمة أبي زرعة هذه :" وأين مثل الحارث، فكيف لو رأى أبو زرعة تصانيف المتأخرين كالقوت لأبي طالب، وأين مثل القوت! كيف لو رأى بهجة الاسرار لابن جهضم، وحقائق التفسير للسلمى لطار لبه.
كيف لو رأى تصانيف أبي حامد الطوسى في ذلك على كثرة ما في الاحياء من الموضوعات.
كيف لو رأى الغنية للشيخ عبد القادر! كيف لو رأى فصوص الحكم والفتوحات المكية!
بل لما كان الحارث لسان القوم في ذاك العصر، كان معاصره ألف إمام في الحديث، فيهم مثل أحمد بن حنبل، وابن راهويه، ولما صار أئمة الحديث مثل ابن الدخميسى، وابن شحانة كان قطب العارفين كصاحب الفصوص، وابن سفيان .
نسأل الله العفو والمسامحة آمين"

أقول : فكيف لو رأوا ما يسمى بالكتب الفكرية ، وما فيها من الضلال البعيد !

وقال ابن الصلاح عن تفسير الماوردي كما في طبقات الشافعية الكبرى (5/176) :" وتفسيره عظيم الضرر لكونه مشحونا بتأويلات أهل الباطل تلبيسا وتدسيسا على وجه لا يفطن له غير أهل العلم والتحقيق

فَوائِد الشَيخ عَبدُ الله الخُلَيْفِي

16 Nov, 21:23


بيان كذب قصة ( فذرفت دموع معاوية حين وٌصف له علي بن أبي طالب )

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :

قال ابن الجوزي في التبصرة (1/450) : أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ حَبِيبٍ الصُّوفِيُّ , أَنْبَأَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي صَادِقٍ الْحَبِيرِيُّ , حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ بَاكَوِيَةَ الشِّيرَازِيُّ , حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ فَهْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ السَّاجِيُّ , حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا , حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ بَكَّارٍ , حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو الأسيدِيُّ , عَنِ الْكَلْبِيِّ , عَنْ أَبِي صَالِحٍ قَالَ: قَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ لِضِرَارِ بْنِ حمزة: صف لي علياً فقال: أو تعفني. قال: بل تصفه. فقال: أو تعفني. قَالَ: لا أُعْفِيكَ. فَقَالَ: أَمَا أَنْ لا بُدَّ فَإِنَّهُ كَانَ بَعِيدَ الْمَدَى شَدِيدَ الْقُوَى , يَقُولُ فَصْلا وَيَحْكُمُ عَدْلا , يَتَفَجَّرُ الْعِلْمُ مِنْ جَوَانِبِهِ وَتَنْطِقُ الْحِكْمَةُ مِنْ نَوَاحِيهِ , يَسْتَوْحِشُ مِنَ الدُّنْيَا وَزَهْرَتِهَا , وَيَسْتَأْنِسُ بِاللَّيْلِ وَظُلْمَتِهِ , كَانَ وَاللَّهِ غَزِيرَ الدَّمْعَةِ طَوِيلَ الْفِكْرَةِ , يَقْلِبُ كَفَّهُ وَيُخَاطِبُ نَفْسَهُ , يُعْجِبُهُ مِنَ اللِّبَاسِ مَا خَشُنَ وَمِنَ الطَّعَامِ مَا جَشَبَ , كَانَ وَاللَّهِ كَأَحَدِنَا يُجِيبُنَا إِذَا سَأَلْنَاهُ وَيَبْتَدِئُنَا إِذَا أَتَيْنَاهُ , وَيَأْتِينَا إِذَا دَعَوْنَاهُ , وَنَحْنُ وَاللَّهِ مَعَ تَقْرِيبِهِ لَنَا وَقُرْبِهِ مِنَّا لا نُكَلِّمُهُ هَيْبَةً [لَهُ] وَلا نَبْتَدِيهِ تَعْظِمَةً , فَإِنْ تَبَسَّمَ فَعَنْ مِثْلِ اللُّؤْلُؤِ الْمَنْظُومِ , يُعَظِّمُ أَهْلَ الدِّينِ وَيُحِبُّ الْمَسَاكِينَ , لا يَطْمَعُ القوي في باطله ولا ييأس الضَّعِيفُ مِنْ عَدْلِهِ , فَأَشْهَدُ بِاللَّهِ لَرَأَيْتُهُ فِي بَعْضِ مَوَاقِفِهِ وَقَدْ أَرْخَى اللَّيْلُ سُجُوفَهُ وَغَارَتْ نُجُومُهُ , وَقَدْ مَثُلَ فِي مِحْرَابِهِ قَابِضًا عَلَى لِحْيَتِهِ يَتَمَلْمَلُ تَمَلْمُلَ السَّلِيمِ وَيَبْكِي بُكَاءَ الْحَزِينِ وَكَأَنِّي أَسْمَعُهُ وَهُوَ يَقُولُ: يَا دُنْيَا
يَا دُنْيَا أَبِي تَعَرَضْتِ أَمْ بِي تَشَوَّفْتِ؟ هَيْهَاتَ غُرِّي غَيْرِي , قَدْ بَتَتْكِ ثَلاثًا لا رَجْعَةَ لِي فِيكِ , فَعُمْرُكِ قَصِيرٌ وَعَيْشُكِ حَقِيرٌ وَخَطَرُكِ كَبِيرٌ , آهٍ مِنْ قِلَّةِ الزَّادِ وَبُعْدِ السَّفَرِ وَوَحْشَةِ الطَّرِيقِ.
قَالَ: فَذَرَفَتْ دُمُوعُ مُعَاوِيَةَ فَمَا يَمْلِكُهَا وَهُوَ يُنَشِّفُهَا بِكُمِّهِ , وَقَدِ اخْتَنَقَ الْقَوْمُ بِالْبُكَاءِ , ثُمَّ قَالَ مُعَاوِيَةُ: رَحِمَ اللَّهُ أَبَا الْحَسَنِ! كَانَ وَاللَّهِ كَذَلِكَ , فَكَيْفَ حُزْنُكَ عَلَيْهَ يَا ضِرَارُ؟ قَالَ: حُزْنُ مَنْ ذُبِحَ وَلَدُهَا فِي حِجْرِهَا فَلا تَرْقَأُ عَبْرَتُهَا وَلا يَسْكُنُ حزنها.انتهى

وهذه رواية موضوعة على حسن متنها :
محمد بن زكريا الغلابي والعباس بن بكار والكلبي كلهم كذابون فهذا الخبر مما وضعت يدي أحدهم والله أعلم

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

https://t.me/Abdullah_Alkulify

فَوائِد الشَيخ عَبدُ الله الخُلَيْفِي

16 Nov, 21:23


وقال ابن الجوزي في تلبيس إبليس :" قال ابن عقيل لما التكاليف على الجهال والضغام عدلوا عن أوضاع الشرع إلى تعظيم أوضاع وضعوها لأنفسهم فسهلت عليهم إذ لم يدخلوا بها تحت أمر غيرهم قال وهم كفار عندي بهذه الأوضاع مثل تعظيم القبور وإكرامها بما نهى الشرع عنه من إيقاد النيران وتقبيلها وتخليفها وخطاب الموتى بالألواح وكتب الرقاع فيها يا مولاي أفعل بي كذا وكذا وأخذ التراب تبركا وإفاضة الطيب على القبور وشد الرحال اليها وإلقاء الخرق على الشجر أقتداء بمن عبد اللات والعزى ولا تجد في هؤلاء من يحقق مسألة في زكاة فيسأل عن حكم يلزمه والويل عندهم لمن لم يقبل مشهد الكهف ولم يتمسح بآجرة مسجد المأمونية يوم الأربعاء ولم يقل الحمالون على جنازته أبو بكر الصديق أو محمد وعلي ولم يكن معها نياحة ولم يعقد على أبيه أزجا بالجص والآجر ولم يشق ثوبه إلى ذيله ولم يرق ماء الورد على القبر ويدفن معه ثيابه"

فإذا كان هذا الشرك قد ظهر في زمن ابن عقيل وقد توفي قبل أكثر من تسعة قرون وصرح بتكفير الفاعل فعلى محمد بن عبد الوهاب من لوم ومن الذي يستغرب من وجوده في زمنه

والعجب أنه بفضل الله ثم بفضل دعوة هذا الشيخ زالت هذه المظاهر الجاهلية في كثير من البلدان فزال الشرك وزال التواطؤ على عدم توريث النساء وزال التواطؤ على ترك الصلاة والزكاة والتقاتل على العصبية الجاهلية خصوصاً في الجزيرة العربية وزال من كثير منها تحكيم الطواغيت

ومع هذا لا يعرف لهذا الرجل فضله ولا جهاده والله المستعان ، ويعظم ما يسمى بالخلافة العثمانية مع كونها قائمة على الشرك بل لما ظهرت دعوة التوحيد حاربتها وتركت المنتسبين للملة يتسكعون في ظلمات الجهل والذي يصيب المسلمين اليوم من أثر ذلك البلاء الذي تركوه ينتشر ثم ضيعوا دولتهم وجعلوا المسلمين فريسة للكفار

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

https://t.me/Abdullah_Alkulify

فَوائِد الشَيخ عَبدُ الله الخُلَيْفِي

16 Nov, 21:23


وَالتَّعَصُّبِ لِلْقَبِيلَةِ بِالْبَاطِلِ وَتَرْكِ مَا فَرَضَهُ اللَّهُ فِي النِّكَاحِ مِنْ الْعِدَّةِ وَنَحْوِهَا ثُمَّ مَا زَيَّنَهُ الشَّيْطَانُ لِفَرِيقٍ مِنْهُمْ مِنْ الْأَهْوَاءِ الَّتِي بَايَنُوا بِهَا عَقَائِدَ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ"

ما ذكره ابن تيمية من حال الأعراب في عصره هو عين حال الأعراب في زمن محمد بن عبد الوهاب مع زيادة في الكفر والجهل

جاء في الرسائل الشخصية لمحمد بن عبد الوهاب ص41 :" وما أشاعوا عنا من التكفير، وأني أفتيت بكفر البوادي الذين ينكرون البعث والجنة والنار، وينكرون ميراث النساء، مع علمهم أن كتاب الله عند الحضر، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم بُعث بالذي أنكروا، فلما أفتيت بكفرهم مع أنهم أكثر الناس في أرضنا، استنكر العوام ذلك، وخاصتهم الأعداء ممن يدعي العلم، وقالوا: من قال: "لا إله إلا الله" لا يكفر ولو أنكروا البعث وأنكروا الشرائع كلها"

ولا زال كثير من الجهلة في عدد من البلدان العربية لا يورثون النساء ولكن هذه القضية ليست في أولويات دعاة تحرير المرأة وأنصارها المزعومين فإن الأولوية مطروحة لكل ما يخالف الشرع خصوصاً إذا كان مقدمة للزنا

وقد حطم ابن تيمية عموداً مخلقاً كان الناس يتبركون به ، فإذا كان هذا في عصره فما بالك في عصور تأخرت

وقد رأيت عدداً يحتجون بهذه الحادثة على المظاهرات لأن ابن تيمية اجتمع معه أناس كثيرون على هذا الفعل

ونسي المحتج أن ابن تيمية خرج في نصرة التوحيد وأراد دفع شر القبورية بأن يجمع معه أناساً ثم إن حشده لم يكن سلمياً بل انتهى بتحطيم الوثن فشتان بين هذا وبين الخروج في مظاهرات من أجل الديمقراطية وتعريض نساء المسلمين للفتك بإخراجهن في هذه المواطن المختلطة فلعنة الله على الدجاجلة

- جاء في البداية والنهاية: وفي هذا الشهر بعينه -أي رجب-، راح الشيخ تقي الدين ابن تيمية إلى مسجد التاريخ وأمر أصحابه ومعهم حجارون بقطع صخرة كانت بنهر قلوط تزار وينذر لها، فقطعها وأراح المسلمين منها ومن الشرك بها، فأزاح عن المسلمين شبهة كان شرها عظيما. وبهذا وأمثاله حسدوه وأبرزوا له العداوة وكذلك بكلامه في ابن عربي وأتباعه، فحسد على ذلك وعودي، ومع هذا لم تأخذه في الله لومة لائم ولا بالى، ولم يصلوا إليه بمكروه، وأكثر ما نالوا منه الحبس، مع أنه لم ينقطع في بحث لا بمصر ولا بالشام ولم يتوجه لهم عليه ما يشين وإنما أخذوه وحبسوه بالجاه.

وقال الطرطوشي في الحوادث والبدع :" فانظروا - رحمكم الله - أينما وجدتم سدرة أو شجرة يقصدها الناس ويعظمون من شأنها ويرجون البرء والشفاء من قبلها وينوطون بها المسامير والخرق؛ فهي ذات أنواط؛ فاقطعوها"

فهذا الطرطوشي الذي كان يسكن القيروان يذكر هذا من أحوال الناس ولولا وجوده لما ذكره وشدد عليه

قال أبو عبد الرحمن بن إسماعيل الشافعي المعروف بابن أبي شامة في كتاب البدع والحوادث: ((ومن هذا القسم أيضاً ما قد عم الابتلاء به من تزيين الشياطين للعامة تخليق الحيطان والعمد، وإسراج مواضع مخصوصة في كل بلد، يحكي لهم حاك أنه رأى في منامه بها أحداً ممن اشتهر بالصلاح والولاية فيفعلون ذلك ويحافظون عليه مع تضييعهم لفرائض الله وسننه، ويظنون أنهم مقربون بذلك، ثم يتجاوزون هذا إلى أن يعظم وقع تلك الأماكن في قلوبهم فيعظمونها، ويرجون الشفاء لمرضاهم وقضاء حوائجهم بالنذر لها، وهي من عيون وشجر وحائط وحجر، وفي مدينة دمشق مواضع متعددة كمدينة الحمى خارج باب ((توما)) ، والعمود المخلق داخل باب الصغير، والشجرة الملعونة، خارج باب النصر في نفس قارعة الطريق، سهل الله قطعها واجتثاثها من أصلها فما أشبهها بذات أنواط الواردة في الحديث)) انتهى

فتأمل ذكره أن هذا بلاء قد طم وأبو شامة نفسه أشعري صوفي

ولقد اعترف أحمد بن محمد الصديق الغماري أحد مشاهير القبورية بوجود الشرك الأكبر والكفر الصراح في القبورية مبينًا حالة القبورية المغربية، فقال:
(إن كثيرًا من العوام بالمغرب ينطقون بما هو كفر في حق الشيخ عبد القادر الجيلاني (561هـ) ، وكذلك نرى بعضهم يفعل ذلك مع من يعتقده من الأحياء، فيسجد له، ويقبل الأرض بين يديه في حال سجوده، ويطلب منه في تلك الحال الشفاء والغنى والذرية ونحو ذلك مما لا يطلب إلا من الله تعالى.
وإن عندنا بالمغرب من يقول في ابن مشيش (662هـ) : أنه الذي خلق الابن والدنيا.
ومنهم من قال - والمطر نازل بشدة -: يا مولانا عبد السلام! الطف بعبادك. فهذا كفر"

فَوائِد الشَيخ عَبدُ الله الخُلَيْفِي

16 Nov, 21:23


فمن ذلك ما يفعل عند قبر محجوب وقبة أبي طالب، فيأتون قبره بالسماعات والعلامات للاستغاقة عند نزول المصائب، وحلول النواكب، وكانوا له في غاية التعظيم، ولا ما يجب عند البيت الكريم، فلو دخل سارق، أو غاصب، أو ظالم قبر أحدهما لم يتعرض له أحد لما يرون له من وجوب التعظيم؛ والاحترام والمكارم.
ومن ذلك ما يفعل عند قبر ميمونة أم المؤمنين رضي الله عنها في سرف. وكذلك عند قبر خديجة رضي الله عنها، يفعل عند قبرها ما لا يسوغ السكوت عنه من مسلم يرجو الله والدار الآخرة، فضلاً عن كونه من المكاسب الدينية الفاخرة، وفيه من اختلاط النساء بالرجال، وفعل الفواحش والمنكرات، وسوء الأفعال، ما لا يقره أهل الإيمان والكمال، وكذلك سائر القبور المعظمة المشرفة في بلد الله الحرام مكة المشرفة.
وفي الطائف قبر ابن عباس رضي الله عنه يفعل عنده من الأمور الشركية التي تشمئز منها نفوس الموحدين، وتنكرها قلوب عباد الله المخلصين، وتردها الآيات القرآنية وما ثبت من النصوص عن سيد المرسلين، منها:
وقوف السائل عند القبر متضرعاً مستكينا
وإبداء الفاقة إلى معبودهم مستعينا
وصرف خالص المحبة التي هي محبة العبودية
والنذر والذبح لمن تحت ذاك المشهد والبَنِيَّة
وأكثر سوقتهم وعامتهم يلهجون بالأسواق اليوم: على الله وعليك يا ابن عباس، فيستمدون منه الرزق والغوث، وكشف الضر والبأس.
وذكر محمد بن حسين النعيمي الزبيدي رحمه الله: أن رجلاً رأى ما يفعل في الطائف من الشعب الشركية
والوظائف، فقال: أهل الطائف لا يعرفون الله إنما يعرفون ابن عباس، فقال له بعض من يترشح بالعلم: معرفتهم لابن عباس كافية، لأنه يعرف الله. فانظر إلى هذا الشرك الوخيم، والغلو الذميم، المجانب للصراط المستقيم، ووازن بينه وبين قوله: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة:186] الآية. وقوله جل ذكره: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً} [الجن:18] ، وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم اليهود والنصارى باتخاذهم قبور أنبيائهم مساجد1 يعبد الله فيها، فكيف بمن عبد الصالحين ودعاهم مع الله؟! والنصوص في ذلك لا تخفى على أهل العلم.
وكذلك ما يفعل بالمدينة المشرفة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام هو من هذا القبيل، بالبعد عن منهاج الشريعة والسبيل"

ويقول أبو الحسن الندوي مبينًا حالة جمهرة المنتسبين للإسلام في عهد ابن تيمية (728هـ) رحمه الله:
كانت العقائد الشركية قد نالت رواجًا بين عامة المسلمين بسبب اختلاطهم مع أصناف من المشركين ونفوذ الدولة الفاطمية الباطنية الإسماعيلية وانتشار الصوفية.
فكانوا يحملون من العقائد الشركية في الأولياء والصالحين والمشايخ - ما كان يعتقده اليهود والنصارى والمشركون:
من الطواف حول القبور والاستغاثة بأصحابها، والحج إليها، وبناء المساجد الفخمة عليها وعقد المهرجانات عليها عاما مقامًا، والنذور إلى القبور، وقد عمت وطمت هذه العقائد إلى أن جعلوا الميت كالإله، والشيخ الحي كالنبي، وكانوا قد عزلوا الله تعالى عن أن يتخذوه إلهًا، وعزلوا النبي صلى الله عليه وسلم عن أن يكون رسولًا، وارتكبوا ما كان محض دين المشركين والنصارى، وقد وصلوا في عبادة القبور والسجود إليها ودعاء أصحابها وجعل القبور قبلة وكعبة - إلى حد كان هؤلاء القبوريون المشركون بالقبور - يجدون عند عبادة القبور من الرقة والخشوع والدعاء وحضور القلب ما لا يجده أحدهم في مساجد الله.
إلى أن كان الفسقة الفجرة أصحاب الكبائر من هؤلاء القبورية لا يتحاشون الكبائر.
ولكن إذا رأوا الميت أو الهلال فوق رأس قبة القبر المعبود خشوا من فعل الفواحش، فيخشون المدفون تحت الهلال ولا يخشون خالق الأكوان، وكانوا يحلفون بالله بالكذب ولا يحلفون بالميت كذبًا، فكانوا في الشرك كما كان قوم إبراهيم حيث قال لهم: {وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا} [الأنعام: 81] "
وجاء في مجموع الفتاوى لابن تيمية (24/165) :" كُنَّا نَسْمَعُ عَنْ أَهْلِ نَاحِيَتِكُمْ مِنْ الِاعْتِصَامِ بِالسُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ وَالْتِزَامِ شَرِيعَةِ اللَّهِ الَّتِي شَرَعَهَا عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ وَمُجَانَبَةِ مَا عَلَيْهِ كَثِيرٌ مِنْ الْأَعْرَابِ مِنْ الْجَاهِلِيَّةِ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قَبْلَ الْإِسْلَامِ؛ مِنْ سَفْكِ بَعْضِهِمْ دِمَاءَ بَعْضٍ وَنَهْبِ أَمْوَالِهِمْ وَقَطِيعَةِ الْأَرْحَامِ وَالِانْسِلَالِ عَنْ رِبْقَةِ الْإِسْلَامِ وَتَوْرِيثِ الذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ وَإِسْبَالِ الثِّيَابِ وَالتَّعَزِّي بِعَزَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ. وَهُوَ قَوْلُهُمْ: يَا لَبَنِي فُلَانٍ أَوْ يَا لَفُلَانٍ.

فَوائِد الشَيخ عَبدُ الله الخُلَيْفِي

16 Nov, 21:23


وفي الموصل وبلدان الأكراد، وما يليها من سائر البلاد، وكذا في العراق خصوصاً المشهد وبغداد مما لا يحتاج إلى حصر وتعداد، فيفعل عند قبر الإمام أبي حنيفة ومعروف الكرخي والشيخ عبد القادر من الدعاء والاستغاثة بهم ومنهم في سائر الأوقات والأزمان ما لا يعرف له صفة ولا شأن، وتسفح عندهم والخضوع، أعظم مما يصدر بين يدي الله في الصلاة في الحضور والخشوع، بل كثير ممن فعل ذلك مراراً وجرب هم لقضاء الحوائج ترياق مجرب، قال: وأما مشهد علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقد صيرته الرافضة وثنا يعبد ويدعى بخالص الدعاء دون من ذرأ الخلق وأوجد، ويصلي له في قبته ويركع ويسجد، وليس في صدور أولئك الضّلال وغيرهم من الجهّال، وذوي الفسق والضلال من التعظيم والهيبة والإجلال لذي الفضل والنوازل معشار ما فيها لعلي رضي الله عنه من غير إشكال والإسراف في المقال فتراهم يحلفون الأيمان الكاذبة بالله، ولا يخاف أحدهم مولاه، ولا يراقبه سرّاً ولا جهراً، ولا يخشاه، ولا يحلف بعلي كاذباً أبداً يعظم بذلك حماه فلا ينتهك ذلك ولا يتعداه، ويجزمون أن عنده مفاتح الغيب من غير شك قبحهم الله ولا ريب ولهذا يقولون إن زيارته أفضل من سبعين حجة وكفى بما ذكرناه في خروجهم عن الإسلام حجة، وإخراجهم عن واضح السنن والمحجة، ولقد غلوا فيه وأتوا من الشرك القبيح، أعظم مما يفعل النصارى في المسيح سوى دعوى الولدية فلم تصدر من هذه البرية، وساووهم وزادوا عليهم في غيرها من الخصال الرديّة، وزخرفوا على قبره الذي يدعونه قبة مذهبة وخالفوا هديه رضي الله عنه ومذهبه، ولقد كان في حياته حرق ممن غلا فيه أناس، فما أغناهم عن انتهاج منهج الضلال فيه والإبلاس، ومثل ذلك ما يفعل من الشرك والمكر والشين، عند مشهد الكاظم ومشهد الحسين، قال: وأما جميع قرى الشط والمجرة، فقد لبسوا ثياب الشرك والمضرة، بل كانوا أهله وأصله ومقره، وكذلك ما حول البصرة وما توسط فيها من تلك القبب والمشاهد التي أصبح كل إليها مقبلاً وقاصد لا سيما قبر الحسن البصري والزبير رضي الله عنهما، فقد طلبوا الفرج منهما، وصرفوا لهما من العبادة والاستغاثة عند الشدائد، وطلبوا منهما جميع الفوائد، وليس لها منكر ولا جاحد، سوى ما يصدر وما يشاهد في تلك البلدان من المنكرات والفواحش والمفاسد، ولا يجحد ذلك إلاّ مباهت معاند، وأما ما في القطيف والبحرين من البدع الرفضيّة، والأمور القبيحة الشركية، والمشاهد المعظمة الوثنية، وما يفعله أولئك الضلال والأنجاس من الضلال والغي والإبلاس وما يأتونه من الشرك والأرجاس فلا يكاد يخفى على أحد من الناس، ويقف دون ساحل إحصائه الإدراك ويقصر عن مقتضاه ونظمه في هذه الأسلاك، وما يجحد ذلك الأكل معتد أفاك، وهذا آخر ما أردنا من إيراد ما ذكره الشيخ أبو بكر حسين بن غنام رحمه الله قبل ظهور هذه الدعوة الإسلامية والطريقة المحمّدية التي سماها هذا الضال أصل الفساد الذي ملأ الأقطار وانتشر في البلاد والعباد، وذلك لجهله بدين الإسلام "

وما ذكره الشيخ من الأوثان في أرض نجد ومكة والمدينة والطائف تم إزالة عامتها بعد ظهور دعوة محمد بن عبد الوهاب

وقال ابن سحمان في الضياء الشارق :" فأما بلاد نجد.
فإنه قد بالغ الشيطان في كيدهم وجد، وكانوا ينتابون قبر زيد بن الخطاب، ويدعونه رغباً ورهباً بفصيح الخطاب، ويزعمون أنه يقضي لهم الحوائج، ويرونه من أكبر الوسائل والولائج.
وكذلك عند قبر يزعمون أنه قبر ضرار بن الأزور وذلك كذب ظاهر وبهتان مزور.
وكذلك عندهم نخل فحال ينتابه النساء والرجال، ويفعلون عنده أقبح الفعال، والمرأة إذا تأخر عنها الزواج، ولم ترغب فيها الأزواج، تذهب إليه وتضمه بيديها، وتدعوه برجاء وابتهال، وتقول: يا فحل الفحول، أريد زوجاً قبول الحول.
وشجرة عندهم تسمى الطريفية أغراهم الشيطان بها، وأوحى إليهم التعلق عليها، وأنها ترجب منها البركة، ويعلقون عليها الخرق لعل الولد يسلم من السوء.
وفي أسفل بلدة الدرعية مغارة في الجبل يزعمون أنها انفلقت من الجبل لامرأة تسمى بنت الأمير، أراد بعض الناس أن يظلمها ويضير، فانفلق الغار ولم يكن له عليها اقتدار، وكانوا يرسلون إلى هذا المكان من اللحم والخبز ما يقتات به جند الشيطان.
وفي بلدتهم رجل يدّعي الولاية، يسمى "تاج" يتبركون به، ويرجون منه العون والإفراج، وكانوا يأتون إليه، ويرغبون فيما عنده من المدد بزعمهم ولديه، فتخافه الحكام والظلمة، ويزعمون أن له تصرفاً وفتكاً بمن1 عصاه وملحمة، مع أنهم يحكون عنه الحكايات الشنيعة، التي تدل على انحلاله عن أحكام الملة والشريعة.
وهكذا سائر بلاد نجد، على ما وصفنا من الإعراض عن دين الله والجحد لأحكام الشريعة والرد.
ومن العجب أن هذه الاعتقادات الباطلة، والمذاهب الضالة، والعوائد الجائرة، والطرائق الخاسرة، قد فشت وظهرت، وعمت وطمت، حتى بلاد الحرمين الشريفين:

فَوائِد الشَيخ عَبدُ الله الخُلَيْفِي

16 Nov, 21:23


وأما ما في بلدان مصر وصعيدها، من الأمور التي ينزه اللسان عن ذكرها وتعديدها خصوصاً عند قبور الصلحاء والعباد من ساداتها وعبيدها كما ذكرها الثقات في نقل الأخبار وتوكيدها، فيأتون قبر أحمد البدوي، وكذا قبور غيره من العباد، وسائر ترب المشهورين بالخير والزهاد، فيستغيثون ويندبون ويعجلونهم بالإمداد، ويستحثونهم على زوال المصيبة عنهم والأنكاد، ويتداولون بينهم حكايات وينسبون عنهم قضيات، ويحكون في محافلهم ما جريات من أفحش المنكر والضلالات فيقولون فلان استغاث بفلان فأغيث فورا في ذلك الأوان، وفلان شكى لصاحب القبر حاله وأمره فأغاثه وكشف عنه ضره، وفلان شكى إليه حاجته فأزال عنه فقره، وأمثال هذا الهذيان الذي هو زور وبهتان، ويصدر هذا الكلام في تلك البلدان وهي مملوءة بالعلماء من أهل الزمان وذوي التحقيق والعرفان، ولا يزال ذلك المحظور، ولا يغار من صدور تلك الأمور، بل ربما تنشرح منهم له الصدور.
وأما ما يفعل في بلدان اليمن من الشرك والفتن قبل هذا الوقت وفي هذا الزمن فأكثر من أن يحسب أو يحصى، أو يعد ويستسقى، أو يدرك له أقصى، فمن ذلك ما يفعله أهل شرقي صنعاء بقبر عندهم يسمى الهادي والكل على دعوته والاستغاثة به رائح غادي، فتأتيه المرأة إذا تعسر عليها الحمل أو كانت عقيمة، فتقول عنده كلمة قبيحة عظيمة، فسبحان من لا يعاجل بالمعاقبة على الجريمة.
وأما أهل بلد برع فعندهم رجل يرحل إلى دعوته، كل ناء عن محله وبلدته، ويؤتي إليه من غير إشكال من مسيرة أيام وليال لطلب الإغاثة وشكاية الحال ويقيمون عند قبره للزيارة ويتقربون بالذبائح عنده كما حقق أخباره من شاهد حضرته واحتضاره.
وأما أهل الهجرية ومن حذا حذوهم فعندهم قبر يسمى ابن علوان، وقد أقبل عليه العامة في نوائب الزمان، واستغاث به منهم كل لهفان، فهم يلجؤون به في كل وقت وأوان ويسميه غوغاء هم منجي الغارقين كما حكاه بعض السامعين، وأغلب أهل البر منهم والبحر يطربون عند سماع ذكره، ويستغيثون به وإن لم يصلوا إلى قبره، وينذر له في البحر والبر، وعند أهل بلده من تعظيمه ما يزيد على الحصر، ويفعلون عند قبره السماعات والموالد ويجتمع عنده أنواع المعاصي والمفاسد، فليس في أقطار اليمن في هذا الزمن من يساويه في الاشتهار، بل ولا في سائر الأقطار ولهم في حضرته أمور يفعلونها دينا، ويتوخونها حينا فحينا يطعنون أنفسهم بالسكاكين والد بابيس، وقد جعلها لهم عبادة إبليس ويقولون وهم يرقصون، وبما يغنيه طبون قد ملأ الوجد منهم البابا وذهنا، يا سادتي قلبي بكم معنّا وأمّا أهل حضر موت والشحر ويافع وعدن، فقد ثوى فيهم الغي وقطن، وعندهم العيدروس يفعل عند قبره من السفه والضلال الوبيل ما يغني مجمله عن التفصيل، ويقول قائلهم شيء لله يا عيدروس شيء لله محي النفوس، ثم ذكر ما في بلدان الساحل وما يفعل أهل المخا عند قبر على بن عمر الشاذلي، وأهل الحديد عند قبر الشيخ صديق، وأهل اللحية عند قبر الزيلعي، وعند قبر رابعة، وما يفعل أهل نجران عند سيدهم، قال: وأمّا ما في حلب ودمشق وأقصى الشام وأدناه، فهو مما لم يوقف له على حد ولم يكن ضبط أقصاه ولا يعرف قدره ومنتهاه، ولو استفرغ الإنسان في ذلك قصاراه بحسب ما يحكيه من يشاهد ذلك ويراه من العكوف على عبادة القبور، وصرف القربان إليها والنذور والمجاهرة بالفسوق والفجور، وأخذ الأمكاس والدستور، ووضع الخراج على البغايا من تلك المهور.

فَوائِد الشَيخ عَبدُ الله الخُلَيْفِي

16 Nov, 21:23


وقال سليمان بن سحمان في القول المجدي :" ما يفعل الآن في الحرم المكي الشريف زاده الله تعالى رفعة وتشريفاً فهو يزيد على غيره وينيف، فيفعل في تلك البقاع المطهرة المكرمة، والمواضع المعظمة المحترمة، من الأمور المحظورة المحرمة ما يحق أن تسفح عند رؤيته العيون والأجفان، وتزال لأجله الدموع وللاتصان، وتلتهب في القلب لوعج الأحزان إذا أبصر الموحد ما يصدر من أولئك العربان من الفسوق والضلال والعصيان، وما عرى فيه الدين من الهوان، فلقد انتهكت فيه المحرمات والحدود، وكان لأهل الباطل فيه قيام وقعود كما هو الآن مشاهد موجود، أين قوله تعالى: {وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [الحج:26] ، ويشهد بذلك من رآه ممن كان له قلب سليم، {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الحج: من الآية25] ، ولقد تظاهر بذلك فيهم جمّ غفير، وتجاهر به بين أظهرهم جمع كثير، ولم يكن لأهل العلم إزالة ولا تغيير، بل تألبوا على مصادمة الحق الشهير، وراموا إطفاء مصباحه المنير، وإخماد ضيائه المستنير، وجادلوا تغيير محيّ الصواب، {وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ} [غافر: من الآية5] ، {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ} [فاطر: من الآية37] . فمن ذلك ما يفعل عند قبر المحجوب، وقبة أبي طالب، وهم يعلمون أنه شريف حاكم متعد غالب، كان يخرج إلى بلدان نجد ويضع عليهم من المال خراج ومطالب، فإن أعطى ما أراد انصرف وإلاّ أصبح لهم معادياً ومحارب، وكذلك عند قبر المحجوب، يطلبونه الشفاعة لغفران الذنوب؛ لأنه عندهم المقرب المحبوب، فلهذا كانوا من شره يحذرون، وإن دخل متعد أو سارق أو غاصب مال قبر أحدهما لم يتعرض له أحد من الرجال، ولا يخشى معاقبة ولا نكال ولا يتوصل إليه بما يكره ولا ينال، وإن تعلق جان ولو أقل جناية بالكعبة سحب منها بالأذيال، فهم في تعظيمها مفرطون، {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ، لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ} [يّس:74ـ75] ، ومن ذلك ما يفعل عند قبر ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها بسرف، وعند قبر خديجة رضي الله عنها في المعلى، مما لا يسوغ المسلم أن يطلق عليه إباحة وحلا، فضلا عن كونه يراه قربة يدرك بها أجرا وفضلا من اختلاط النساء بالرجال وفعل الفواحش والمنكرات، وارتفاع الأصوات عندهم بالدعوات وحصول الندب وشدة الاستغاثات، وعند قبر عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في الطائف من الأمور التي تشمئز منها نفس الجاهل فكيف بالعارف فيقف عند قبره متضرعاً مستغيثاً كل مكروب وخائف، وينادي أكثر الباعة في الأسواق من غير نكير ولا زاجر على الإطلاق، ويقول بلهجة قلب واحتراق، كثير من أهل الشرك والإبلاس، وذوي الفقر والإفلاس، اليوم على الله وعليك يا ابن عباس، ويسألونه الحاجات ويسترزقون {أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً وَلا يُنْقِذُونِ} [يّس:23] .
وأما يفعل عند قبره عليه الصلاة والسلام من الأمور المحرمة العظام من تعفير الخدور، والإنحناء بالخضوع والسجود واتخاذ ذلك القبر عيداً، وقد لعن عليه الصلاة والسلام فاعله وكفى بذلك زجراً ووعيداً ونهى عن ما يفعل عنده الآن غالب العلماء نهياً شديداً، وغلظوا في ذلك تغليظاً أكيداً، فهو مما لا يخفى ولا ينكر، وأعظم من أن يذكر، فهو في الشهرة والانتشار، كالشمس في رابعة النهار، ويكل اللسان عما يفعل عند قبر حمزة والبقيع وقباء من ذلك القبيل، ويعجز القلم عن بيانه على التفصيل، ولو لم يذكر منه إلا القليل.
شعر:
وليس يصح في الأذهان شيء ... إذا احتاج النهار إلى دليل
وأما ما يفعل في جدة فما عمت به البلوى فقد بلغ من الضلال والفحش الغاية القصوى، وعندهم قبر طوله ستون ذراعاً عليه قبة يزعمون أنه قبر حوّى، وضعه بعض الشياطين من قديم وهيئه وسوّى، يجبون عند السدنة من الأموال كل سنة ما لا يكاد يخطر على بالبال، ولا يدخل يسلم على أمه كل إنسان إلا مسلماً دراهم عاجلاً من غير توان، أيبخل أحد من اللئام، فضلا عن الكرامة ببذل الحطام، ويدع الدخول على أمّه والسّلام، وعندهم معبد يسمى العلوي بالغ في تعظيمه جميع الخلائق، وأربوا في الغلو على تلك الطرائق، فلو دخل قبره قاتل نفس أو غاصب أو سارق لم يتعرض بمكروه من مؤمن ولا فاسق، ولم يجسر أحد أن يكون مخرجاً له سائق، أو إلى المساعدة إليه مسارع مسابق، فمن استجار بتربته أجير، ولم يعرج عليه حاكم ولا وزير.

فَوائِد الشَيخ عَبدُ الله الخُلَيْفِي

16 Nov, 21:22


(وأما النذر الذي ينذره أكثر العوام - على ما هو مشاهد - كأن يكون لإنسان، غائبٌ أو مريضٌ، أو له حاجة ضرورية، فيأتي بعض [قبور] الصلحاء، فيجعل ستره على رأسه فيقول: يا سيدي فلان! إن رد غائبي، أو عوفي مريضي أو قضيت حاجتي، فلك من الذهب كذا ومن الفضة كذا ومن الطعام كذا ومن الماء كذا ومن الشمع كذا ومن الزيت كذا، فهذا النذر باطل بالإجماع، لوجوه:
منها: أنه نذر مخلوق، والنذر للمخلوق لا يجوز، لأنه عبادة، والعبادة لا تكون للمخلوق.
ومنها: أن المنذور له ميت، والميت لا يملك.
ومنها: [أنه] إن ظن أن الميت يتصرف في الأمور دون الله تعالى واعتقاده ذلك كفر ... ) ، زاد الحصكفي: (وقد ابتلي الناس بذلك، ولا سيما في هذه الأعصار) .
وزاد ابن عابدين فيما حكاه عن النهر الفائق:
(ولا سيما في مولد البدوي) "

أقول : ما ينبغي وصف الجهمية من أهل الرأي بالإمامة ، وموطن الشاهد أن هؤلاء اعترفوا بأن أكثر العوام في أزمنتهم يفعلون هذا الأمر وهذا نحو مما كان يذكره الإمام عن العوام

وإذا كان ابن القيم يذكر في زاد المعاد أن الشرك في زمنه غلب على أكثر النفوس ، ويذكر ابن تيمية أنهم لما دخل التتر الشام صاروا يقولوا ( لوذوا بقبر أبي عمر ) فما عسى أن يقال في أهل البادية في أزمنة تأخرت والجهل كان فيهم فاش

وقال الشيخ الهندي حامد بن محمد بن حسين بن محسن في كتابه فتح الله الحميد المجيد شرح كتاب التوحيد :" وهذان الأمران، أورثا الشرك قديماً، وحديثاً، ولو لم يكن في هذا الزمان: كَثْرَةُ تِمثَالٍ تُعْبَد، فقد كثرت الشرفات من القبور المقببات المزخرفات التي جُعِلَ لها السَّدنة، والنذورات، والذبائح قربة إليها، فكم ساجد، وراكع حولها يستشفي بها، ويطلب منها الحاجات من كشف الكربات، ودفع الملمات، وقد عمت البلوى وأرجو أن الله تعالى ينصر دينه الذي بعث به محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم وهو التوحيد عبادة الله وحده لا شريك له وترك عبادة ما سواه"

وقال ابن المؤقت المراكشي في رحلته المراكشية :" وقد قلت في شدة لرجل يوما يستغيث ببعض الأموات وينادي يا فلان أغثني: قل يا الله. فقد قال سبحانه: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} (1) فغضب، وبلغني أنه قال: إن فلانا منكر على الأولياء، وسمعت من بعضهم أنه قال: الولي أسرع إجابة من الله عز وجل، وهذا من الكفر بمكان. نسأل الله أن يعصمنا من الزيغ والطغيان"

وذكر في كتابه هذا مظاهر شركية كثيرة عن أهل المغرب وهذا الرجل توفي عام 1368

وقال محمد رشيد رضا في تعليقه على صيانة الإنسان :" يشير بلقب الباز إلى الشيخ عبد القادر الجيلاني القطب الشهير الذي يعبده الملايين في العراق والهند وغيرهما، وهو مدفون في بغداد، ومن صور استغاثته المشهورة أن من كان له حاجة وصلى ركعتين في الليل ثم استقبل بغداد وتوجه إلى الشيخ عبد القادر واستغاثه بهذين البيتين:
أيدركني ضيم وأنت ذخيرتي؟ ... وأظلم في الدنيا وأنت نصيري؟
وعار على راعي الحمى وهو في الحمى
... إذا ضاع في الهجا عقال بعير
وناداه باسمه وذكر حاجته فإنها تقضى!"

وقال أيضاً :" الأمر الواقع أنهم يقرون بهذه الألفاظ كلفظ الإله، ولكنهم يعتقدون أن للأولياء تأثيراً غيبياً في معانيها، إما بالذات وإما بالشفاعة أو الكرامة عند الله، ولذلك يدعونهم وحدهم أو مع الله في طلب الرزق وتدبير الأمور، فدعاؤهم شرك في الألوهية، وعقيدتهم شرك بالربوبية، بل منهم من يسند إليهم التصرف في الكون كله، ففي بعض كتب الرفاعية: إن أحمد الرفاعي كان يفقر ويغني، ويسعد ويشقي، ويميت ويحيى. وفيها: إن السموات السبع في رجله كالخلخال. وكتبه محمد رشيد رضا"

فَوائِد الشَيخ عَبدُ الله الخُلَيْفِي

16 Nov, 21:22


وقد اشتهر ما يقع من السجود على أعتاب المشهد وقصد التبرك مع ما فيه لا يمنع حقيقة العبادة الصورية. ومن المعروف عنهم شراء الولدان من الولي بشيء معين، يبقى رسماً جارياً يؤدّى كل عام، وإن كانت امرأة فمهرها أو نصف مهرها، لأنها مشتراة منه، ولا يمانع هذا إلا مكابر، لأنه استفاض واشتهر فلا ينكره إلا مكابر في الحسيات، وإن فقد بعض أنواعه في بعض البلاد فكم له من نظائر، وهذا أشد، وأشنع مما ذكر جل ذكره عن جاهلية العرب بقوله: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيباً فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا} 1 الآية، وكذلك جعل السوائب باسم الولي لا يحمل عليها لا تذبح، وسوق الهدايا والقرابين إلى مشاهد الأولياء وذبحها حباً للشيخ وتقرباً إليه، وهذا وإن ذكر اسم الله عليه فهو أشد تحريماً مما ذبح اللحم وذكر عليه اسم غير الله كعيسى مثلاً الشرك في العبادة أكبر من الشرك بالاستعانة، ومن ذلك ترك الأشجار والكلأ والعشب إذا كان بقرب المشهد وجعله من ماله.
ومنها الحج إلى المشاهد في أوقات مخصوصة مضاهاة لبيت الله، فيطوفون حول الضريح، ويستغيثون، ويَهْدُون لصاحب القبر ويذبحون، وبعض مشائخهم يأمر الزائر بحلق رأسه إذا فرغ من الزيارة، كما يفعلون في بيت الله الحرام بعد الأداء، وقد صنف بعض غلاتهم كتاباً سماه "حج المشاهد" وهو متداول.
ومنها التعريف في بعض البلاد عند من يعتقدونه من أهل القبور، فيصلّون عشية عرفة عند القبر خاضعين سائلين.
والعراق فيه من ذلك الحظ الأكبر، والنصيب الأوفى الأوفر، بل فيه البحر الذي لا ساحل له، والمهامة التي لا ينجو سالكها ولا يكاد، ومن نحوه عرف الكفر وظهر الشرك والفساد، كما يعرف ذلك من له إلمام بالتواريخ ومبدأ الحوادث في الدين.
ومن شاهد ما يقع منهم عند مشهد الحسين ومشهد عليّ والكاظم عند رافضتهم، وعبد القادر والحسن البصري والزبير وأمثالهم عند سنتهم، من العبادات، وطلب العطايا والمواهب والتصرفات، وأنواع الموبقات؛ علم أنهم من أجهل الخلق وأضلهم، وأنهم في غاية من الكفر والشرك ما وصل إليها من قبلهم ممن ينتسب إلى الإسلام، والله المسؤول أن ينصر دينه، ويعلي كلمته بمحو هذه الأوثان، حتى يُعبَدَ وحده، فتسلم الوجوه له، وتعود البيضاء كما كانت ليلها كنهارها"

فهذه شهادة مفتي العراق عليها

وقال محمود شكري أيضاً في غاية الأماني :" إلى غير ذلك من الشعر الكثير في هذا الباب، ولو استوعبناه لطال به الكتاب. وهذا حال خواصهم، وقد سمعت غلوهم فكيف حال عوامهم؟.
وقد حكى العراقيون أن قبر عبد القادر قد غدا اليوم قبلة يطوفون عليه طواف الحجيج ببيت الله الحرام، وينذرون له النذور، ويوقدون السرج على رغم ما جاء به دين الإسلام، وقد اتخذ ذراري الشيخ ذلك غنيمة يرتعون فيها كما ترتع الأنعام، وبعض سفهاء العقول، وناقصوا الأحلام يتخذهم وسائل في الدنيا والآخرة، وحكى العراقيون أن الكيلانيين اليوم أشر أمة في العراق، وعائلتهم أصبحت بلاء على بغداد، ومن العجيب أن كبير تلك العائلة (النقيب) يدّعي أنه سلفيّ العقيدة، وهو من سدنة الأصنام، لم يزل يأكل النذور المحرمة من الهنديين وغيرهم، نسأله تعالى أن يطهر الأرض من أمثال هؤلاء المعادين لدين الله تعالى، والمضادين لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وما أحق هذا النقيب بقول القائل:
نزلوا بمكة في قبائل هاشم ... ونزلت في البيداء أبعد منزل
وقد سمعتُ أن بعض أدباء بلدته هجاه بقصائد كثيرة، منها قصيدة مطلعها:
أرجح بغداد وإني غريبها ... على جنة الفردوس لولا نقيبها
وإني أسأل الله تعالى أن يبصّر المسلمين من أهل الهند وغيرهم حتى لا تكون أموالهم غنيمة لهؤلاء السفهاء، ويصونهم من كيدهم، إنه على كل شيء قدير، ولولا ملاحظة أن يطول الكتاب لأتينا على مفصل أحوال هؤلاء السدنة وعباد الأصنام، وما ذكرناه كاف إن شاء الله تعالى في هذا المقام"

وقال شمس الأفغاني في كتابه جهود علماء الحنفية :" قال الإمام قاسم بن قطلوبغا (879هـ) وتبعه كثير من أئمة الحنفية المشاهير، كالإمام ابن نجيم، الملقب بأبي حنيفة الثاني (970هـ) ، والإمام خير الدين الرملي (993هـ) ، والإمام سراج الدين عمر بن نجيم (1005هـ) ، والإمام علاء الدين الحصكفي (1088هـ) ، وفقيه الحنفية الشامية ابن عابدين (1252هـ) ، والشيخ رشيد أحمد الجنجوهي، الإمام الثاني للديوبندية الملقب بالإمام الرباني (1323هـ) ، والعلامتان شكري الآلوسي (1342هـ) والخجندي (1379هـ) والشيخ علي محفوظ الحنفي المصري (1361هـ) وغيرهم، واللفظ للأول على ما نقله عنه الثاني ثم الآخرون:

فَوائِد الشَيخ عَبدُ الله الخُلَيْفِي

16 Nov, 21:22


ورأى تهاون أهل نجد بالصلاة ودفع الزكاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، زيادة على بدعهم وضلالهم، كما رأى علماء الأقطار وسكوتهم على تلك الترهات والمنكرات إلا من قل وندر، فقويت عزيمته وإرادته بتوفيق من الله أن يدعو الناس إلى الطريق المستقيم"

فتأمل ذكره التواتر في هذا

وقال مبارك الميلي في رسالته الشرك ومظاهره :" وقد كنت سنة أربع وأربعين مع فقيه ميلي بمقهى في قسنطينة، فقص علينا رجل مصيبة أيس من السلامة منها، ثم حصل له الفرج، فعبر عن خطورتها قائلًا: لوما الناس الصالحين ... فقال له صاحبي مرشداً أو منكتاً: وربي؟ فأجابه: ربي والناس الصالحين. فقال له: وربي وحده. فلم يجاره، وقال له: هكذا سمعنا الناس يقولون.
{رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} [آل عمران: 8]."

وقال أيضاً :" ففي سنة سبع وأربعين قتل شيخنا محمد الميلي رحمه الله، فأتيت من الأغواط، وجاء للتعزية الشيخ عاشور صاحب " منار الأشراف " وملقب نفسه: كليب الهامل، والهامل قرية بالحضنة قرب أبي سعادة، بها زاوية كانت تمده بالمال، فحضرت مجلسه، ولم أشعره بحضوري؛ إذ كان قد اجتمع عليه العمى والصمم، وذلك لئلا يحترز في حديثه أو نقع في حديث غير مناسب للمقام.
سمعت في ذلك المجلس بأذني كليب الهامل يحكي مناقضاً لدعوة الإِصلاح التي اشتهرت يومئذ: أن شيخاً من شيوخ الطرق الصوفية كان مع مريديه في سفينة، فهاج بهم البحر، وعلت أمواجه، فلجؤوا جميعاً إلى الله يسألون الفرج والسلامة، وكان الشيخ منفرداً في غرفة يدعو، فلم تنفرج الأزمة، وعادته أن لا يبطأ عليه بالإِجابة، فوقع في روعه أنه أتي من قبل أتباعه، لا لنقص فيه يوجب هذا الإِعراض عنه، فخرج على أتباعه مغضباً، يقول: ماذا صنعتم في هذه الشدة؟ فقالوا: دعونا الله مخلصين له الدين بلسان المضطرين (إشارة لقوله تعالى: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ} [النمل: 62])، فنكر عليهم اللجوء إلى الله مباشرة، ووبخهم عليه، وعرفهم أن ذلك هو الحائل دون استجابة دعائه، وأنذرهم عاقبة استمرارهم على التوجه إلى ربهم، وأنه الغرق، وعلمهم أن واجبهم هو التوجه إليه وسؤاله، ثم هو وحده يتوجّه إلى الله، فتابوا من دعاء الموحدين، وامتثلوا تعليم الشيخ المخالف لتعليم رب العالمين، وعاد الشيخ إلى غرفته يدعو متوسطاً بين الله ومريديه، فانكشفت الغمة، وسلمت السفينة، وحمد الشيخ ثقته بنفسه وفقهه سر البطء عن استجابة دعائه وتفقيهه لأتباعه سر النجاة وصرفهم إلى الثقة به عن الثقة بالله.
هذا معنى ما سمعته من كليب الهامل، ولم أقيد الحكاية حين السماع حتى أؤديها بلفظها وأصورها بنصها، ولم يسعني وأنا في مقام التحذير من الشرك اجتناب إدراج ما ينافي غرض الحاكي في الحكاية حتى تتم ثم أعلق عليها؛ لئلا يعلق بذهن القارئ شيء من الشرك، ولو إلى حين، ولم أميز المدرج في الحكاية؛ لأنه لا يخفى على العارف بحال المعارضين لدعاة الإِصلاح الديني.
يستدل الشيخ عاشور وأشباهه بأمثال هذه الحكاية على لزوم التعلق بشيوخ الزوايا وتوسيطهم بين العباد وربهم ناسخين بها نصوص الشريعة الكثيرة المحكمة، وتتلقفها منهم العامة بقلوبها، وتتمسك بها في الاحتجاج لإِيثار دعاء غير الله، وتعتقد أن ذلك أليق بحالها من أن تخاطب بنفسها أرحم الراحمين؛ سنة المشركين من قديم كما تقدم عن الكلدانيين"

وقال أيضاً في الرسالة المذكورة :" • كلاب ابن الحملاوي:
فقد تواتر أن كلاب عبد الرحمن بن الحملاوي هامت ذات سنة في عدة جهات، فكان الناس يكرمونها بالذبائح والضيافات، ولكنهم يؤلمونها بانتزاع شعورها تبركاً وزلفى."

وقال محمود شكري الآلوسي الشريف البغدادي بل مفتي بغداد في كتابه غاية الأماني :" وحدثني سعد بن عبد الله بن سرور الهاشمي رحمه الله أن بعض المغاربة قدموا مصر يريدون الحج، فذهبوا إلى الضريح المنسوب إلى الحسين رضي الله عنه بالقاهرة، فاستقبلوا القبر وأحرموا، ووقفوا وركعوا وسجدوا لصاحب القبر، حتى أنكر عليهم سدنة المشهد وبعض الحاضرين، فقالوا: هذا محبة في سيدنا الحسين رضي الله تعالى عنه.
وذكر بعض المؤلفين من أهل اليمن أن مثل هذا وقع عندهم. وقد حدثني الشيخ خليل الرشيدي بالجامع الأزهر أن بعض أعيان المدرسين هناك قال: لا يدق وتد في القاهرة إلا بإذن السيد أحمد البدوي، قال فقلت له: هذا لا يكون إلا لله أو كلاماً نحو هذا. فقال: حبي في سيدي أحمد البدوي اقتضى هذا.
وحُكي أن رجلاً سأل الآخر: كيف رأيت الجمع عند زيارة الشيخ الفلاني؟ فقال: لم أر أكثر منه إلا في جبال عرفات، إلا أني لم أرهم سجدوا لله سجدة قط، ولا صلوا مدة الثلاثة أيام. فقال السائل: قد تحملها الشيخ! قال بعض الأفاضل: وباب تحمل الشيخ مصراعاه ما بين بصرى وعدن قد اتسع خرقه، وتتابع فتقه، ونال رشاش زقومه الزائر والمعتقد، وساكن البلد، انتهى.

فَوائِد الشَيخ عَبدُ الله الخُلَيْفِي

16 Nov, 21:22


وقال الجبرتي المصري في تاريخه :" "عجائب الآثار" وفي هذه الأيام - من سنة إحدى وعشرين ومائتين - (1) وصلت الأخبار من الديار الحجازية بمسالمة الشريف غالب للوهابيين. وذلك لشدة ما حصل من المضايقة الشديدة وقطع الجالب عنهم من كل ناحية حتى وصل ثمن الإردب من الأرز المصري خمسمائة ريال، والإردب من البر ثلاث مائة وعشرة قروش. وقس على ذلك السمن والعسل وغير ذلك. فلم يسع الشريف إلا مسالمتهم والدخول في طاعتهم وسلوك طريقتهم وأخذ العهد على دعاتهم وكبيرهم بداخل الكعبة. وأمر بمنع المنكرات والتجاهر بها وشرب الأراجيل بالتنباك في المسعى وبين الصفا والمروة، وبالملازمة على الصلوات في الجماعة، ودفع الزكاة وترك لبس الحرير والمقصبات، وأبطل المكوس والمظالم وكانوا خرجوا عن الحدود في ذلك حتى إن الميت يأخذون عليه خمسة فرانسة وعشرة بحسب حالته وإن لم يدفع أهله الذي يتقرر عليه فلا يقدر على رفعه ودفنه، ولا يتقرب إليه الغاسل ليغسله حتى يأتيه الإذن، وغير ذلك من البدع والمكوس والمظالم التي أحدثوها على المبيعات والمشتروات على البائع والمشتري، ومصادرة الناس في أموالهم ودورهم، فيكون الشخص من سائر الناس جالساً بداره فما يشعر على حين غفلة منها إلا والأعوان يأمرونه بإخلاء الدار وخروجه منها، ويقولون: إن سيد الجميع محتاج إليها فإما أن يخرج منها جملة وتصير من أملاك الشريف وإما أن يصالح عليها بمقدار ثمنها أو أقل أو أكثر. فعاهده على ترك ذلك كله واتباع ما أمر الله به في كتابه العزيز من إخلاص التوحيد لله وحده، واتباع سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وما كان عليه الخلفاء الراشدون والصحابة والتابعون والأئمة المجتهدون إلى آخر القرن الثالث، وترك ما حدث في الناس من الالتجاء لغير الله تعالى من المخلوقين الأحياء والأموات في الشدائد والمهمات، وما أحدثوه من بناء القباب على القبور والتصاوير والزخارف وتقبيل الأعتاب والخضوع والتذلل والمناداة والطواف والنذور والذبائح والقربان وعمل الأعياد والمواسم لها، واجتماع أصناف الخلائق واختلاط النساء بالرجال وباقي الأشياء التي فيها شركة المخلوقين مع الخالق في توحيد الألوهية التي بعثت الرسل إلى مقاتلة من خالفها ليكون الدين كله لله. فعاهده على منع ذلك كله وعلى هدم القباب المبنية على القبور والأضرحة لأنها من الأمور المحدثة التي لم تكن في عهده صلى الله عليه وسلم وذلك بعد المناظرة مع علماء تلك الناحية وإقامة الحجة عليهم بالأدلة القطعية التي لا تقبل التأويل من الكتاب والسنة، وإذعانهم لذلك. فعند ذلك أمنت السبل، وسلكت الطرق بين مكة والمدينة وبين مكة وجدة والطائف، وانحلت الأسعار وكثر وجود المطعومات وما يجلبه عربان الشرق إلى الحرمين من الغلال والأغنام والأسمان والأعسال، حتى بيع الإردب من الحنطة بأربعة ريالات واستمر الشريف غالب يأخذ العشور من التجار وإذا نوقش في ذلك يقول: هؤلاء مشركون، وأنا آخذ من المشركين لا الموحدين. انتهى.

وقال السهسواني في صيانة الإنسان :" ولقد أخبرني بعض من ركب البحر أنه اضطرب اضطراباً شديداً، فسمع من أهل السفينة من الملاحين وغالب الراكبين معهم ينادون الأموات ويستغيثون بهم، ولم يسمعهم يذكرون الله قط، قال: ولقد خشيت في تلك الحال الغرق لما شاهدته من الشرك بالله.
وقد سمعنا عن جماعة من أهل البادية المتصلة بصنعاء أن كثيراً منهم إذا حدث له ولد جعل قسطاً من ماله لبعض الأموات المعتقدين ويقول إنه قد اشترى ولده من ذلك الميت الفلاني بكذا، فإذا عاش حتى بلغ سن الاستقلال دفع ذلك الجعل لمن يعتكف على قبر ذلك الميت من المحتالين لكسب الأموال"

وقال عبد الباسط الفاخوري اللبناني مفتي بيروت في كتابه تحفة الأنام :" وكما أنّ أكثر العوام من جهلة الإسلام قد تغالوا وأفرطوا وابتدعوا بدعاً تخالف المشروع من الدين القويم،فصاروا يعتمدون على الأولياء الأحياء منهم والأموات معتقدين أنّ لهم التصرف وبأيديهم النفع والضر،ويخاطبونهم بخطاب الربوبية،وهذا غلوّ في الدين القويم وخروج عن الصراط المستقيم"

فتأمل قوله ( أكثر العوام )

وقال ابن حجر البوطامي البنعلي القطري في كتابه نقض كلام المفترين على الحنابلة السلفيين :" وكل ما في الأمر أن الشيخ محمد عبد الوهاب -رحمه الله- رأى أكثر أهل نجد وأهل الحجاز وأهل البصرة والعراق، كما سمع بالنقل المتواتر عن سائر الأقطار الأخرى أنهم يؤلهون قبور الأنبياء والأولياء والصالحين، بل وكثيرًا من الكهوف والغيران والأشجار، يعتقدون فيها الضر والنفع، ويطوفون حول قبورهم، وينذرون لتلك القبور وتلك الأشجار، ويقدمون لها القرابين، ويحلفون بالأنبياء والصالحين، ويستغيثون بهم في الشدائد والملمات لدفع الكربات، وكشف البليات وقضاء الحاجات.

1,779

subscribers

1

photos

1

videos