نسيتُ تهنئتكُم بالشهر الشريف، عسى الله أن يقبلكُم فيه، ويكتُبكم في سِجلِّ عُتقائه، ويُسعد حالكم، وكُلُّ عام وأنتم في عافية وبحبوحة عيشٍ وسُرورٍ مُتَّصل ..❤️
إنِّي لأجِدُ للمحبَّة معنًى فائِرًا في قلبي فأعجزُ عن بيانه فأنا أتلظَّى به، وقد جرَّبتُ هذا فلقيتُ أنَّ زواله لا يكون إلَّا بأمرين : إمَّا أن أكتُبه أو أنساه ..
لا أكتبُ عنك إلَّا وأرى وقوفك بين المعاني والألفاظ .. فالمعنى غزيرٌ لكنَّ وصفك لا يُحيطُ بك .. وهذا يُوجِبُ عليَّ السكوت لكنك لحُنوِّك ورِقَّتك تُحيلُ هذا إلى تأمُّلٍ .. كناظرٍ إلى رابيةٍ فيها أزهارٌ غافيةٌ فوق عُشبٍ بلَّلتهُ غمامةٌ وحرَّكهُ النسيمُ في افتتان .. فهذا كحالي وإياك : صمتٌ ضجَّ فيه حُبٌّ ..
الله الله في قلب مُحبِّك أن تعرِض عليه الأحزان والكُدُورات وما يبعثُ الغيرة .. فإنَّ مُحبَّك يستأمِنك فكيف تُخيفه .. ويتطلَّب السرورَ معك فهل تغُمُّه ..! ويلقاك بآمال الأمس ولهفته وأنت تُطفِئه ..!
ليست الشكايةُ ما نطَق بها اللسان .. الشكايةُ ما أغلقْت عليه .. أن تتصفَّحُ الوُجوه ثُمَّ تُطرِق برأسك .. تخشى البثَّ فيسمعُك شامتٌ .. أو غريبٌ عنك .. أو تعرف عزيزًا وحده يستحقُّ الشرح لكنَّه غائبٌ لا يعود .. تتجلَّدُ حِينًا .. والعاقبةُ في البُكا ..
الشوقُ نوعان : فالأول شيءٌ عرفتَه، وضممت عليه سِرَّك، وخالَطَ قلبك، وكان فيه التناجي .. أمَّا الثاني فشيءٌ كأنَّ بينك وبينه سديمٌ فأنت تُفتِّشُ عنه وتُوغِلُ فيه لتُبصِرَه، أو كالعِطر تتشمَّمُه وتُدرِكُ وجوده لكنَّك لا تتقبَّضُ عليه، فهذا شوقٌ يسكنُك ولا تبوح به وتنتظرُ قُدومه .. فأيُّ مُتشوُّقٍ أنت ! 🙂
لستُ أخشى من كارِهِي .. فهذا بيني وبينه حائطٌ لا أُبالي ما صنَع وراءه .. بل الخشيةُ ممَّن أحبَّني .. أن يلتِفَتَ فلا يراني في أيِّ جِهة .. أو يستيقظ من حُلُمٍ كنتُ فيه معه .. ثمَّ لا يجدُني إلَّا حُلُما .. حِين يُقلِّبُ رسائله الجديدة بحثًا عن اسمي فلا يلقى إلَّا رسالة الغُرباء .. وحِين يرسمني برِيشته فيتعصِرُ عقله كي يستذكَر ملامحي .. في كُلِّ لحظةٍ من هذا غُصَّة .. ونظرةٌ حيرى .. ودمعةٌ حرَّى ..
سأعودُ يا شريك صدري .. لأمسحَ كُلَّ حزنٍ .. وتلقاني في المنام وأُحقِّقُه لك .. ونُمسكُ الرِّيشة البيضاء معًا .. ونعيش أيامًا هي أجملُ من غِراس الزهر على غديرٍ تلألأ بشمسِ ضُحى .. ونُرجِعُ زمانًا كان كنسيمٍ سرَى بين ظِلالِ رابية ..