إذا وصلتك امرأةٌ لحاجةٍ؛ فاتق الجبار معها، لا تستطل بحرفٍ واحدٍ لا حاجة إليها فيه.
إنها أمك، أو أختك، أو ابنتك، أو امرأة أخيك؛ فإن فاتتك التقوى فلا تفتك المروءة؛ أولست مؤمنًا؟!
أما المرأة تسألك حاجةً وبينها وبين زوجها ضعفٌ في جانبٍ؛ فعظِّم تقوى الله فيها مزيدًا.
"يَعْلَمُ خَآئِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ"، "يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَةٌ"؛ يا غفور سلِّم سلِّم.
لم يمنع الشرع الحكيم مطلق الصلة بين الرجل والمرأة؛ لكن بوصلته التضييق بينهما.
إن الله قد أحكم شرعه كما أحكم خلقه، "أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ"؛ أفلح من صدَّق الله.
أفيجعل الله من اتقى الفتن فنجا منها؛ كمن فرَّط فغرق فيها؟! "مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ".
يا عباد الله ويا إماءه؛ "بَلِ الْإنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ"؛ قلوبُكم حصونُكم فاحذروا.
الكلام بين الرجل والمرأة الأجنبية عنه جائزٌ للحاجة، وبقدْرها؛ "سَيَذَّكَرُ مَن يَخْشَى".
ما زاد بينهما من حرفٍ أو نظرٍ أو مزاحٍ فشرٌّ هو؛ طوبى لمن طيَّب موضع نظر ربه منه وطهَّره.
إن السعيد من وُعِظَ بغيره، والشقي من وُعِظَ به غيرُه؛ "فَاعْتَبِرُواْ يَآ أُولِي الْأَبْصَارِ".
ابن الجوزي رحمه الله: "من قارب الفتنة بعُدت عنه السلامة، ومن ادَّعى الصبر وُكِلَ إلى نفسه".
"يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ"؛ بين السلامة والعَطَب ركضة جريءٍ.
لقد رأيت أسرع الناس سقوطًا في الفتن الذين لا يبالون بشَرَكها؛ كأنما سبقت لهم العصمة من الله.
لو قال الله: لك ما تحب في الناس فسَلْه؛ لقلت: رب اجعلني زَامًّا للقلوب قبل طيشها.
إني لتبلغني الأهوال في الباب، فأكاد أصرخ: ماذا علينا لو صدَّقنا الله أنه لا يمنعنا إلا ما يفسدنا؟!
اللهم لا تجعل مصيبتنا الخيانة، واحفظ علينا أنوار الأمانة، وأدرك من فُتِنَ برحمتك.