قناة فضيلة الشيخ الدكتور محمد رجب رحمه الله

إنا لله وإنا إليه راجعون
توفيت إلى رحمة الله تعالى والدة شيخنا فضيلة الدكتور محمد رجب رحمه الله
وستشيع الجنازة بإذن الله تعالى اليوم الأربعاء عقب صلاة العشاء من مسجد المطافي

قال ابن القيم رحمه الله تعالى:
"قوله تعالى: ﴿النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم﴾ دليل على أن من لم يكن الرسول أولى به من نفسه فليس من المؤمنين وهذه الأولوية تتضمن أمورًا:
منها: أن يكون أحب إلى العبد من نفسه، لأن الأولوية أصلها الحب، ونفس العبد أحب له من غيره، ومع هذا يجب أن يكون الرسول أولى به منها وأحب إليه منها، فبذلك يحصل له اسم الإيمان.
ويلزم من هذه الأولوية والمحبة كمال الانقياد والطاعة والرضا والتسليم وسائر لوازم المحبة من الرضا بحكمه والتسليم لأمره وإيثاره على ما سواه.
ومنها: أن لا يكون للعبد حكم على نفسه أصلًا، بل الحكم على نفسه للرسول ﷺ يحكم عليها أعظم من حكم السيد على عبده أو الوالد على ولده، فليس له في نفسه تصرف قط إلا ما تصرف فيه الرسول الذي هو أولى به منها.
فيا عجبًا! كيف تحصل هذه الأولوية لعبد قد عزل ما جاء به الرسول ﷺ عن منصب التحكيم ورضي بحكم غيره واطمأن إليه أعظم من اطمئنانه إلى الرسول ﷺ، وزعم أن الهدى لا يُتلقى من مشكاته، وإنما يتلقى من دلالة العقول، وأن الذي جاء به لا يفيد اليقين، إلى غير ذلك من الأقوال التي تتضمن الإعراض عنه وعما جاء به، والحوالة في العلم النافع إلى غيره؟! ذلك هو الضلال البعيد.
ولا سبيل إلى ثبوت هده الأولوية إلا بعزل كل ما سواه، وتوليته في كل شيء، وعرض ما قاله كل أحد سواه على ما جاء به: فان شهد له بالصحة قبله، وإن شهد له بالبطلان رده. وإن لم تتبين شهادته له لا بصحة ولا ببطلان جعله بمنزلة أحاديث أهل الكتاب ووقفه حتى يتبين أي الأمرين أولى به.
فمن سلك هذه الطريقة استقام له سفر الهجرة واستقام له علمه وعمله، وأقبلت وجوه الحق إليه من كل جهة".
فاللهم صل على نبيك المصطفى، ورسولك المرتضى، وخليلك المجتبى، وسلم تسليما كثيرا...

*فضيلة الشيخ الدكتور محمد رجب رحمه الله*

شهر الله المحرم
موعظة ألقاها فضيلة الشيخ الدكتور محمد رجب رحمه الله

ثم...
خطب النبي عليه الصلاة والسلام في الأنصار، يومَ حنين، بعدما علم أنهم وجدوا في أنفسهم لما أعطى قريشا من الغنائم؛ يتألفهم بها. فكان مما قال صلى الله عليه وسلم: "يا معشر الأنصار ألم آتكم ضلالا فهداكم الله عز وجل بي؟ ألم آتكم متفرقين فجمعكم الله بي؟ ألم آتكم أعداء فألف الله بين قلوبكم بي؟"
قالوا: بلى يا رسول الله.
قال: "أفلا تقولون جئتنا خائفا فآمنّاك، وطريدا فآويناك، ومخذولا فنصرناك؟" ( يعني إن شئتم أجبتموني بهذا، ولصُدقتم).
فقالوا: بل لله تبارك وتعالى المنّ به علينا ولرسوله...
وفي كلامه هذا عليه الصلاة والسلام هدي ندَر وجوده عند الأكابر، وحنكة في سياسة الناس قد قصر عنها أكثر من وُلُّوا أمرهم. وبيان ذلك أنه صلى الله عليه وسلم استنطق الأنصار بما انطوت عليه بعض نفوسهم، ونفّس عما يمكن أن يتردد في صدورهم، واستعلن القالة التي كانت بينهم، ثم استبقهم بإقرار ما لهم من الحق، ولو كان ظاهره عليه.
فلما فعل انقشعت عن أذهانهم مثارات الالتفات، وسكتت في صدورهم أصوات التشويش، وتهيأت القلوب لحسن الاستقبال. وحينها عاجلها بكلمة حق نافذة، أولها معاتبة حانية، وأوسطها تسكين وتوفية، وآخرها دعاء وترضية، فقال صلى الله عليه وسلم:
" أوجدتم يا معشر الأنصار في أنفسكم في لعاعة من الدنيا تألفت بها قوما ليسلموا ووكلتكم إلى إسلامكم؟
ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير وترجعوا برسول الله إلى رحالكم؟
فوالذي نفس محمد بيده لولا الهجرة لكنت امرءا من الأنصار.
ولو سلك الناس شعبا وسلكت الأنصار شعبا لسلكت شعب الأنصار.
اللهم ارحم الأنصار، وأبناء الأنصار، وأبناء أبناء الأنصار".
فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم، وقالوا: رضينا برسول الله قسما وحظا. ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتفرقوا.
فاللهم صل على سيدنا حقا، وإمامنا صدقا عبدك ونبيك محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

*فضيلة الشيخ الدكتور محمد رجب رحمه الله*

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

والدة فضيلة الشيخ محمد رجب (رحمه الله) مريضة جدًا .. فنسألكم الدعاء لها بالعافية والشفاء

ومن يستطيع أن يساعدنا في توفير سرير عناية مركزة لها في الاسماعيلية.. فليتواصل معي

وجزاكم الله خيرا

يقول الشاطبي رحمه الله: "كل مسألة لا ينبني عليها عمل فالخوض فيها خوض فيما لم يدل على استحسانه دليل شرعي. وأعني بالعمل: عملَ القلب وعمل الجوارح، من حيث هو مطلوب شرعا".
وكثير مما يكتب الآن: أدنى وصفه أنه لا يترتب عليه عمل، ولا يفيد النفس إلا ما تحبه من البطالة. كما أن منه ما يهيج آفات النفوس، ويشبع شهواتها، ويسهل الغواية بزيف الهداية: تجريحا في الأئمة، وجرأة على السلف، أو استكثارا من أقوال الفلاسفة، وأشعار الغزل، وحكايات العشاق، أو تذكيرا بالفن وأهله، ونحوه من الباطل.
فيا عبد الله: احفظ كلماتك إلا في دلالة على الله تعالى، وطريق الهجرة إليه. فإن أبيت إلا ترويحا عن النفس، وتسرية في الطريق= فلا تزد عن حاجتك، ولا يكن بما ذكرته لك من البطلان، ثم اجعل ذلك في خاصتك لا للعامة؛ فما أكثر أعواضهم عن ترويحك في ذلك الزمان؟!.

*فضيلة الشيخ الدكتور محمد رجب رحمه الله*

كانت قريش أشرف العرب، تسكن أم القرى، وتستوطن أطهر البقاع، وتتولى أعلى المهام من رعاية البيت الحرام وحجيجه، وهم قرابة النبي عليه السلام وعشيرته؛ ولكنها أبت دين الإسلام، ومنعت الدعوة إليه، وضيقت على أهله، فسلبهم الله الشرف والسؤدد، وحوله عنهم إلى بلد أخرى، وأورثه قوما آخرين، قبلوا دين الحق، والتزموا شرائعه، وتولوا أهله.
وقد صدق من أنشد في قريش عند الهجرة:
جزى الله رب العرش خير جزائه... رفيقين حلا خيمتي أم معبد
هما نزلا بالبر وارتحلا به...وأفلح من أمسى رفيق محمد
فيا لقصي ما زوى الله عنكم...به من فعال لا يجازى وسؤدد

*فضيلة الشيخ الدكتور محمد رجب رحمه الله*

ثم
من سطور صفحات التاريخ العتيقة المُمَسَّكة أن بعضهم - وكان كافرا مشركا – رأى حال أم سلمة، وهي تتقطع حزنا وشوقا؛ للحاق بزوجها بالمدينة، بعدما حبسها عن الهجرة أهلها، فرقّ قلبه لها، فقال لأهلها: "أما آن لكم أن ترحموا هذه المسكينة؟!".
فلانت لكلمته قلوبهم - وكانوا كفارا مشركين - فخلوا سبيلها، وأطلقوا سراحها؛ لتلحق بزوجها، وتهاجر إلى نبيها. فلما سمع أهل زوجها بذلك - وكانوا كفارا مشركين – لانت قلوبهم، وردوا إليها ابنها؛ ليرحل معها إلى المدينة، رغم كونها دار حرب عليهم.
ولما خرجت أم سلمة بابنها من مكة تريد الهجرة وحيدة= رآها عثمان بن طلحة - وكان حينئذ كافرا مشركا - فأبت عليه مروءته إلا أن يصطحبها بابنها أياما وليالي، حتى أبلغها المدينة سالمةً مكرَّمة، ثم رجع بمفرده إلى مكة.
أتأمل هذا وأمثاله فأعجب متحسرا: كيف أنبتت أرض الجاهلية من الرجولة والمروءة والشرف خلقا مختلفا ألوانه، ثم إذا به يهيج في أرضنا، حتى يكون حطاما، لا ترى له أثرا إلا كالهباء؟!.
أتأمل وجِعا، فتذكرني أمّ سلمة أمُّنا بحال أمتنا، بمآسيها، وهي لا تملك حيالها إلا الدعاء.
تذكرني بكل ثكلى تحتضن أيتاما لها، في خيمة العار، تحت قيظ الصيف أو قر الشتاء.
ترقب قبسا من مروءة، أو بصيصا لرحمة، أو هبة من رجولة، أو حتى تسرية في رثاء.
تترقب خائفة، ترتعش جائعة، تتسمع منصتة، من وراء أسلاك سجينة: هل من منادٍ على قومها: "أما آن لكم أن ترحموا هذه المسكينة؟!".
لكن؛ إن لان لها في الجاهلية العتاة، فلم تلن لها بعد قلوب الطغاة.
فما عاد ما بين الضلوع أفئدة، بل ما في الصدور جلامدة، والخُلُق جثث هامدة، خاب في إجابتها الرجاء.
فاللهم أنت رجاؤنا، فاجبر كسرنا، وارحم ضعفنا، وبرحمتك الواسعة تولنا...

*فضيلة الشيخ الدكتور محمد رجب رحمه الله*

الخوف والرجاء جناحا المؤمن
من دروس يوم عرفة لفضيلة الشيخ الدكتور محمد رجب

فضل يوم عرفة وأسباب تحقق المغفرة والعتق فيه
محاضرة لفضيلة الشيخ الدكتور محمد رجب رحمه الله