الرِوَاق @alrewaaq Channel on Telegram

الرِوَاق

@alrewaaq


مَعنيٌّ بالكتب، وما أنا من العلماءِ، ولا من الجهّال.
للأسئلة: https://zaqa.net/Raaaaaaaa3d

الرِوَاق (Arabic)

قناة "الرِوَاق" هي قناة تلغرامية متخصصة بالكتب والمعرفة، حيث يجتمع فيها محبو القراءة والباحثون عن المعرفة. إذا كنت تبحث عن مصدر للإلهام والتعلم، فهذه القناة هي المكان المناسب لك. يمكنك العثور هنا على مراجعات وتوصيات لأحدث الكتب في مختلف المجالات، بالإضافة إلى مشاركة أفكار وتجارب القراء مع بعضهم البعض. يمكنك أيضاً الانضمام إلى مناقشات حول مواضيع مختلفة تتعلق بالكتب والمعرفة. بادر بالانضمام لقناة "الرِوَاق" اليوم واستمتع بتجربة فريدة ومثرية لاكتساب المعرفة والاستمتاع بالقراءة.

الرِوَاق

04 Jan, 07:21


 «قبيل نهاية أي مأساة (تراجيديا) يكتشف البطل أن لديه صورة خاطئة عن إشباعه، أو بالأحرى، هذا هو ما يكتشف عن البطل التراجيدي، سواء أدركه أم لا. كان البطل المأساوي يعتقد أن هناك شيئا سيرضيه. ويريده أو يعتقد أنه يريده بالمعنى الجوهري للكلمة. وخلال سعيه للوصول إليه يدمر نفسه، أو يسبب دمارًا عامًا.»

-فوائت الحياة: في مدح حياة لم نعشها، ص 107، آدم فيليبس، ترجمة: نشوى ماهر كرم الله، دار معنى، الطبعة الأولى 2021.

الرِوَاق

04 Jan, 07:00


الإسلامي، العلماني، وثقافة الحلاق!

عدتُ بالأمس أحد صالونات الحلاقة سعيًا لتقصير شعري، فقد مضى وقتٌ طويل بعض الشيء على آخر زيارة، وهي زيارة كنت أستثقلها في بادئ الأمر؛ لأني أكره كثرة الكلام، وتزداد الكراهية في حال كان هذا الكلام خطأ أصلًا، وهو ما يغلب على كلام الحلاقين وأمثالهم من أصحاب المهن التي تضطر صاحبها للتعامل مع فئات واسعة من الناس. لكن بمرور الوقت، وسعيًا لكسر الملل وقتل الصمت السائد، غيّرتُ الاستراتيجية المتبعة، وصرت أتجاذب أطراف الحديث مع الحلاق وأتعاطى مع كلماته بدلًا من الردود المقتضبة.

انتقالًا من أزمات العرب إبان حرب أكتوبر إلى ذمّ الشباب المقصرين في السعي والبحث الجاد عن العمل، وانتهاءً بضرورة بر الوالدين، وبحكم أن تخصصي الأكاديمي هو الطب البشري، ساق مثالًا يتعلق بالطب للاستدلال به على ضرورة بر الوالدين، فقال بثقة منقطعة النظير: «تدري، الطبيب الذي لا ينجح في مهنته ليس بارًا بوالديه!»

طبعًا، معيار النجاح في عصر استفحال قيم الرأسمالية هو الشهرة؛ فالطبيب غير المشهور بالضرورة عاق لوالديه. قد يظن أحد أني أوقفته عند هذا الحد، وعارضت وجهة نظره، لكن شيئًا من هذا لم يحدث، فالحكمة مطلوبة، ولا بد من النظر في أحوال الناس لمعرفة جدوى وأثر كلماتك عليهم. فإن تبين لك أنه لا معنى لنصحك، فالصمت أفضل، فلن تغيّر قناعة الحلاق الخاطئة عن العلاقة الوثيقة بين عدم شهرة الطبيب وعقوق والديه، كما لن تغيّر وجهة نظر أهلك بخصوص بعض المسائل الدينية ومساحات الخلاف فيها، فالدنيا عند كثير من الناس بسيطة خالية من أي تعقيد.

نعود للحلاق؛ عوامل شهرة الطبيب أو عدمها كثيرة ومتداخلة، فقد يكون السبب عدم رواج تخصصه في المنطقة التي يمارس بها مهنته، انتشار الطب الشعبي والعلاج بالأعشاب، ميل الناس إلى طبيبٍ آخر بنفس تخصصه، المشكلة في طريقة تعامل الطبيب لا علمه، أو في علمه، وغيرها الكثير! لكن سطحية الحلاق جعلته يتجاهل هذا كله، ويركز على عقوق الوالدين، متأثرًا في ذلك بنوع من الخطابات الدينية الوعظية الرديئة، ثم بطبيعة عمله التي تفرض عليه معرفة السطحية، حسب الوقت الذي يقضيه مع كل زبون، إضافة إلى قلة وعيه.

ما علاقة هذا بالإسلاميين والعلمانيين؟

لا تختلف جماهير الإسلاميين والعلمانيين عن هذا الحلاق، بل وكثيرٌ من النخب المُصدَّرة إعلاميًا، من جهة تسطيح المسائل واختزال كل أبعادها في بُعد واحد. بالأمس، وبعد اللقاء المنعقد بين الإدارة السورية وبين الخارجية الألمانية والفرنسية، لم أجد أيًّا من الطرفين يعلّق على محاور اللقاء، أو يسعى للفهم في ضوء التحديات التي تواجه دولة ناشئة عليها أعباء سياسية، اقتصادية، واجتماعية كبيرة خلّفها لها النظام المجرم. بل انبرى كثير من الإسلاميين جنبًا إلى جنب مع خصومهم العلمانيين للتعليق على عدم مصافحة وزيرة الخارجية، وما بين مؤيد للفعل ومعارض لحدث فرعي لا يؤبه له، غابت الأسئلة الرئيسية والمركزيات -التي ينبغي أن تكون حاضرة، والتركيز عليها منصبًا- في متاهات المعارك الجانبية. فلم يلتفت أيٌّ من هؤلاء للحديث عن الاستعلائية الغربية، ودور الوصاية الذي طالما مارسه الغربيون على بلادنا، ولم يحفز ذلك أحدًا للبحث في سؤال الاستقلال، أو كيفية أن تستقل بلادنا. فالقوم مشغولون بعدم المصافحة، لباس الوزيرة، مشية الشرع... إلخ.

لكن، وإن كان عند الإسلامي مسوّغ شرعي للتعليق على مثل هذا الحدث والإشادة به، فأي مبرر عند العلماني للحديث عنه؟ فالقضية العلمانية سياسية بالأساس، وبما أنها تقوم على الفصل بين الدين والدولة، فمقتضى ذلك الابتعاد عن الكلام في العقائد الدينية؛ إذ «تلزم العلمانية نفسها أن تكون سلبية قبل كل شيء: إنها تهدف إلى تحرير المجال السياسي، وكذلك الفضاء العام، من مراقبة العامل الديني.» [1]

إذًا، فالرابط بين هؤلاء وبين الحلاق الذي حدثتكم عنه قبل أسطر -لمن لم يدرك بعد- السطحية، والتي هي مدار كثير من الإشكالات المثارة، وسبب كثير من النزاعات. فلا فرق بين الأخير في ربطه عدم شهرة الطبيب بعقوق الوالدين، وبين إسلامي ينفي الأسباب الموضوعية لزلازل سوريا وتركيا ثم المغرب وإعصار ليبيا، وآخر يشغله أمر المصافحة فقط، بدلًا من الانشغال بالثقافة السياسية والقضايا المركزية، وترتيب أولويات الحديث المناسبة للحدث والمرحلة، ووضع كل حدثٍ في إطاره وحجمه الصحيح دون مبالغة أو انشغال بالهامشيات والمشتتات.

[1] الإسلام والعلمانية، ص 44، أوليفييه روا، ترجمة: صالح الأشمر، دار الساقي، الطبعة الأولى 2016.

الرِوَاق

03 Jan, 20:40


(2/2) على الطرف الآخر هناك العلمانيون، وهم الفئة الوحيدة القادرة على منافسة أوساط الإسلاميين في السطحية، وكأن الطرفين عقدوا مع بعضهم رهانًا، الرابح فيه من يأتي بمقولات أشد حماقة من الآخر، وكل طرف قد أقسم لينالن هذا الشرف الرفيع، فكما أن الإسلاميين تركوا المحاور الأساسية للقاءات الإدارة السورية الجديدة، وأغرقوا في تحليل المشية، النظرة، عدم المصافحة وغيرها، هناك العلمانيون تركوا الحديث عن المصالح وما يترتب على ذي اللقاءات من نفع أو ضرر يعود بالضرورة على أهل سوريا بكافة أطيافهم، وشرعوا يهاجمون الأمر نفسه الذي صفق له الإسلاميون وطاروا به فرحًا [عدم المصافحة]، بذريعة البروتوكولات، مع أن أحدًا لم يشكو لهم، ولا الوزيرة الألمانية خرجت تشكو أبعاد الأمر وآثاره على نفسيتها، ما يستدعي منهم التفاتًا له! لكن العلمانيون -كما نعلم- يحترمون كل شيء إلا أن يكون شرعيًا، يجري عليه أحكام الإسلام أو تكون دوافع الفعل دينية، فلا أظن أن علمانيًا يرفض تقاليد بلد كاليابان حيث الانحناء للضيف تعبير عن الاحترام والتقدير أو أي تقليد ثقافي ببلد آخر، أو يعتبر ذلك مخالفًا للاتكيت الدبلوماسي! لا يحدث هذا أبدًا، لكنه التحسس العلماني المعتاد واستحضار للمعارك الفارغة مع كل حدث، والتي تقام لا لشيء إلا لمناكفة خصومهم من الإسلاميين ومحاولة استفزازهم. وعلى التفاوت الموجود بين الطرفين من جهة الحكم عليهما، لكنهما مع ذلك وجهان لعملة واحدة، إضافة لحالة الاضمحلال المعرفي التي تجمعهما، لكن كل منهما يوظف ذي الحالة في اتجاه مختلف ضد الآخر.

الرِوَاق

03 Jan, 16:16


(1/2) ينبغي أن تكون الأسئلة المحورية، بعد لقاء الشرع مع آنالينا بيربوك وزيرة خارجية ألمانيا، عن محاور اللقاء، الجدوى من الزيارة، والآثار المترتبة عليها، ومستقبل العلاقات الثنائية بين البلدين، لكن الإسلاميين الذين اعتادوا السطحية -حتى صارت جزءًا لا يتجزأ من طبيعتهم- وإخراج الأمور عن سياقاتها، والحديث المشاعري لا السياسي، لا يحاولون أبدًا تقديم رؤى سياسية موضوعية للأحداث الهامة بعيدًا عن هياج العاطفة، بل يخرجون عن سياق الحدث الرئيسي لتفرعات كثيرة ليست على نفس القدر من الأهمية التي يعتقدونها، ويهملون كل هذه التساؤلات الضرورية، والحاكمة فعلًا على الزيارة وتقييمها، والتي قد لا يرضيهم كثير منها، مركّزين على رمزيات تداعب مشاعرهم وخيالاتهم وترضي شيئًا ما بداخلهم، مثل عدم مصافحة بعض رجال الدولة، وعلى رأسهم الشرع، للوزيرة الألمانية، كما سبق وتم التعليق على نظرات الشيباني لآخر سفير سوري بالمملكة العربية السعودية. حيث يهتم هؤلاء للجلسة، المشية، النظرة، وكل شيء إلا ما ينبغي أن يكون عليه الاهتمام فعلًا، شأنهم شأن أتباع قادة الدول العربية ومحبي أردوغان باعتباره الخليفة العثماني؛ فالأهم عندهم صورة القائد البطل المحرر، والتصاميم المرئية مع خلفيات موسيقية حماسية، فطالما كانت المسيانية والإيمان بقدوم المخلص الفذ، والتوق الشديد لصنع رمز محاط بالتقديس حالة متجذرة لا في الإسلاميين وحدهم -وإن استفحلت فيهم- بل في المجتمعات العربية بشكل عام والتي يعتبر الإسلاميون جزءًا منها بالتبعية يؤثر ويتأثر.

الرِوَاق

31 Dec, 08:55


«ولكن النعيم في الحب نادرًا ما يتحقق، إذ لكل تجربة من الحب الناجح في عصرنا، وإثر فترة قصيرة من خصوبتها، توجد عشر تجارب للحب المدمر وانحدار ما بعد الحب لمدة أطول بكثير وهي غالبًا ما تؤدي إلى تدمير الفرد، أو على الأقل النظرة المتهكمة من العاطفة التي تجعل العودة مجددا للحب أمرًا صعبًا أو مستحيلًا.»

-جدلية الجنس: قضية الثورة النسوية، ص129، شولاميت فايرستون، نيويورك 1970.

الرِوَاق

30 Dec, 17:39


«الديموقراطية هي دولة تعترف بخضوع الأقلية للأكثرية، أي منظمة لممارسة العنف بصورة دائمة حيال طبقة من قبل طبقة أخرى، أو حيال قسم من السكان من قبل قسم آخر.»

-الدولة والثورة: تعاليم الماركسية حول الدولة، ومهمات البروليتاريا في الثورة، ص 140، فلاديمير لينين، تقديم: سلامة كيلة، دار روافد للنشر والتوزيع.

الرِوَاق

29 Dec, 19:09


«وإنه لمن الإجرام، من حيث الدفاع عن الوطن، القبول بخوض المعركة الحربية مع عدو أقوى بما لا حدَّ له وأحسن استعدادًا، بينما يعرف الجميع أننا لا نملك أي جيش. فمن واجبنا، من حيث الدفاع عن الوطن، أن نوقِّع على صلح قاسٍ، جائر، وحشي، مخزٍ، ولا أكثر، لا من أجل الاستسلام أمام الإمبريالية، بل لكي نتعلم ونستعد بصورة جدية وفعالة لمحاربتها.»

-بصدد الجملة الثورية، فلاديمير لينين.

الرِوَاق

24 Dec, 20:57


شيءٌ من تناقضات الإسلاميين!

طالما كانت شعارات الإسلاميين جاهزة ضد الحكم العسكري في الدول التي تمكن فيها الجيش من الحكم عقب سقوط الملكيات، لكن الإسلاميين أنفسهم ليس لديهم اليوم مشكلة مع حكم المجاهدين، الذين يُحسبون على العسكرية. هذا يشكك في حقيقة كراهيتهم لهذا النوع من الحكم؛ وإلا لكانوا رفضوه تمامًا، سواء جاء من القريب أو البعيد. لكن رفضهم للحكم العسكري من طرف، وقبولهم له من طرف آخر، يعكس أن مشكلتهم ليست مع المبدأ، بل مع توجيه هذا الحكم ضدهم.

كذلك، ثقل لوم الإسلاميين على السلطات الحاكمة في الوطن العربي كان دائمًا بسبب غياب المؤهلات العلمية التي يفترض أن تتوافر في رأس الدولة. لكن مع ظهور بوادر انتصار طالبان في أفغانستان وتحرر بلادهم، ثم نجاح الثورة السورية، بدأوا يشجعون قادة كل حراك على تسلم السلطة، رغم غياب المؤهلات ذاتها التي طالما طالبوا بها في غيرهم. هذا يثير تساؤلًا حول حقيقة اعتراضاتهم على الحكام، وهل كانت حقًا بسبب غياب المؤهلات كما ادعوا، أم أن السبب كان شيئًا آخر؟

من المطالب الدائمة للإسلاميين، إلى جانب غيرهم من المعارضة العربية، أن تستعين الأنظمة الحاكمة بالنخب المثقفة والأكاديميين من أهل كل اختصاص، باعتبار أن النجاح لا يتحقق إلا بهم. لكن مع سقوط نظام الأسد، انبرى كثيرٌ من هؤلاء، الذين طالما طالبوا الأنظمة بالاستعانة بالنخب، لتنظير الاستبداد والدعوة إلى إقصاء الأكاديميين، في مجافاة فظة للعلم، وتناقض صارخ مع الشعارات التي رفعوها في وجه الحكومات العربية، وغذوا بها كذلك أتباعهم على مدار عقود من الزمن.

الرِوَاق

21 Dec, 22:03


في ضوء حادث الدهس الأخير في ألمانيا، والذي تبين أن الفاعل ملحد بخلاف توقعات الأغلبية - بما في ذلك المسلمين أنفسهم - تظهر بوضوح ظاهرة الربط التلقائي بين الإرهاب والدوافع الدينية، وبالأخص الإسلام. هذا الربط المستمر يعود جذوره إلى أحداث الحادي عشر من سبتمبر، والتي ساهمت في ترسيخ صورة الإرهابي المسلم كقالب نمطي متكرر في الأفلام، البرامج الإعلامية، وحتى النقاشات الأكاديمية. منذ ذلك الحين، تغيّرت نظرة العالم إلى المسلمين، وأُجبر الإسلام على تبنّي موقف دفاعي في مواجهة الاتهامات المرتبطة بكل حادثة مشابهة حتى يثبت العكس. ولكن هذا التصور ليس دقيقًا تاريخيًا؛ إذ يشير ديفيد باتريك هوتون في كتابه علم النفس السياسي إلى أن أغلب الهجمات الإرهابية عبر التاريخ كانت مستوحاة من دوافع علمانية وليست دينية، يقول:

«تشير البيانات إلى أن العلاقة بين الإرهاب الانتحاري والأصولية الإسلامية أو أي مذهب ديني من العالم علاقة محدودة. والحقيقة أن قادة الهجمات الانتحارية هم نمور التاميل في سريلانكا، وهم جماعة ماركسية ينتمي أعضاءها إلى عائلات هندوسية، ولكنهم معادون للدين بشدة (...) غير أن ما تشترك فيه الهجمات الانتحارية جميعها هو هدف علماني استراتيجي محدد، كدفع الدول الديمقراطية المتطورة إلى سحب قواتها العسكرية من مناطق يعتبرها الإرهابيون وطنهم. ونادرًا ما يكون الدين أصل القضية، على الرغم من أنه كثيرًا ما يُستخدم من جهة المنظمات الإرهابية كأداة لتجنيد الأعضاء، وغير ذلك من الجهود التي تبذلها المنظمات في خدمة أهدافها الاستراتيجية الأوسع.»[1]

[1] علم النفس السياسي، ص 350، دايفيد باتريك هوتون، ترجمة: ياسمين حداد، مراجعة: سامي الخصاونة، صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات 2015.

الرِوَاق

19 Dec, 01:05


‏«تظهر الدراسات الدقيقة للإجراءات التي سارت عليها الجمهورية الرومانية أن هناك سببين أسهما في تفسخ تلك الجمهورية وانحلالها؛ وكان السبب الأول المنازعات التي نشأت حول القانون الزراعي، أما السبب الثاني فهو إطالة أمد القيادات العسكرية

-مطارحات مكيافيلي، ص 693، نيقولا مكيافيلي، تعريب خيري حمَّاد، منشورات دار الآفاق الجديدة.

الرِوَاق

18 Dec, 00:37


ساهم بما تستطيع به على هذا الرقم: 01016623712

الرِوَاق

14 Dec, 21:20


ملاحظات في السياسة:

1. مدار الأمر في السياسة هو المصلحة/المفسدة؛ فالمصالح تُجلب بقدر الاستطاعة، والمفاسد تُدرأ بقدر الإمكان، ودفع المفسدة مقدم على جلب المصلحة. وعلى ذلك، فأي تحرك لفصيل عامل بالسياسة أو سياسي لا بد أن يراعي هذا الأمر ويضعه نصب عينيه، وأي فعل وتحرك لا يحقق أحد طرفي هذه المعادلة المذكورة أو كليهما عبث لا يقترب من السياسة في شيء.

2. السياسة هي فن الممكن، وفيها لا يتعلق الأمر بتحقيق أوضاع مثالية مطلقة، بقدر ما يتعلق بالتعامل مع الواقع وفق مقتضياته، وتقديم أفضل الخيارات الممكنة، ومحاولة استغلال المساحات والوسائل المتاحة في مسارات فعالة لتحقيق أقصى ما يمكن. والسياسي الذي يقيد تحركاته بإحداث نتائج مثالية لا توجد إلا في ذهنه، سيبقى مترددًا، ولن يخطو خطوة واحدة إلى الأمام.

3. لا بدّ أن يستند كل حراك سياسي إلى نظرية راسخة مكتملة الأركان، ومجموعة من المبادئ الفكرية المُؤسِّسة، التي تحدد أهدافه وتوجهاته، وتفسر مواقفه تجاه قضايا معينة. وهذه النظرية تمثل الإطار الفكري المرجعي الذي يوجه السياسة العامة للحراك أو العمل السياسي، وبدونها تكون العشوائية والفوضى، مما يحول حتمًا دون نجاح أي عمل.

4. بالرغم من ضرورة وجود نظرية تنظم العمل السياسي وتضبطه، إلا أن هناك فجوة لا تُنكر بين النظرية والممارسة العملية. لكن ذلك لا يُسوّغ أبدًا غياب المنهجية كما يذهب بعض الجهال، أو يُقلل من أهمية وجودها، بل يُعتبر شيئًا إيجابيًا؛ إذ يدفع إلى تطوير النظرية باستمرار، لتكون أكثر مرونة وقدرة على مواجهة تحديات الواقع، ويحمي من الجمود والتخلف.

5. السياسة ليست أخلاقًا، لكنها تحتاجها. والسياسي يوازن بين المبادئ الحقوقية ومتطلبات القيادة الواقعية لتحقيق المصلحة العامة، وبين المثالية التي تفصل المرء عن الواقع، والواقعية المجردة التي تُفرغه من القيم والأخلاق. وهذا ما يتطلب قدرًا عاليًا جدًا من المرونة والبراغماتية الواعية. أما السياسي الذي يتعامل بحقوقية محضة، فيفوت الكثير من المكاسب السياسية.

6. أي تحرك عسكري يكون بالأساس لغرض سياسي؛ ولذا يُقال إن السياسة هي حرب باردة، والحرب سياسة ساخنة. وما الحرب إلا أداة يُحقق من خلالها أهداف سياسية، كغيرها من الأدوات المستخدمة لذات الغرض. ومن يدخل حربًا لذاتها لا لمكسب، ودون رؤية واضحة لأهداف سياسية بعيدة يُراد تحقيقها، يعود من تلك الحرب مُحمّلًا بالكثير من الخيبات، ويجلب لنفسه العار.

7. القرارات السياسية لا تخضع لأهواء العامة؛ فهؤلاء يبحثون عن نشوة سريعة، ولا تعنيهم كلفة هذه النشوة مستقبلًا وتبعاتها، فهم أول من يُرحّب ويُصفق للقرارات المتهورة، وأول من يسبّ. والسياسي الناجح يُرضي الجماهير قدر الإمكان ولا يغفل أهميتها، لكن مع ذلك لا تحركه شعارات الرأي العام ولا الاندفاعات المتهورة، بل يزن الأمور جيدًا، ويفاضل بين إيجابيات كل قرار وسلبياته.

8. السياسة ذات طبيعة متقلبة؛ إذ تخضع للعديد من العوامل المتداخلة والمتغيرة، من مصالح اقتصادية، تحالفات استراتيجية، ظروف اجتماعية داخلية، ومتغيرات دولية. والسياسي الغبي هو من يرمي بكل ثقله في اتجاه واحد فقط، ومن يفتح بابًا واحدًا يعتمد عليه ويغلق كل الأبواب الأخرى، أو من يتعجل اتخاذ القرارات ويبالغ في عداوة خصومه؛ لأنهم حلفاء محتملون مستقبلًا.

الرِوَاق

13 Dec, 15:22


ملاحظات على الإسلاميين:

1. مشكلة الإسلاميين المعرفية ترتبط ببنية العقل الإسلامي المتأخر أكثر من كونها أدواتية وسائلية. فالإسلاميون بشكل عام، على مدار قرن من الزمان، إنتاجهم النظري ضعيف، ويسترون هذا الضعف بغياب الأدوات التي هم مطالبون بالأصل بإيجادها لا الاعتذار عن فشلهم لغيابها.

2. رغم الزخم الظاهر الذي تشهده الحالة الإسلامية، إلا أنه يبقى زخمًا غثائيًا يحجب خلفه فراغًا، ما يدفع الإسلاميين للاتفاف كالرعاع حول كل ناعق، ناهيك عن ترميزهم للعديد من الشخصيات. وهذا سلوك سيء هم في غنى عنه! وعليهن الاعتدال في محبتهم؛ لأن الأصنام كثرت وسيصعب عليهم هدمها إذا انحرفت.

3. أغلب الإسلاميين يتعاملون مع السياسة بتصور الخير/الشر الذي عليه ينبني تقسيم الساسة لأبطال/أشرار، فيرفعون أشخاصًا فوق قدرهم ما يجبرهم لاحقًا على الترقيع لزلاتهم، ويبخسون قدر آخرين فيرفضون ما معهم من حق. لو عاملوا الساسة بمنطلقاتهم المصلحية لا تصوراتهم الطوباوية لتجنبوا عثرات كثيرة.

4. تصور الإسلاميين بمختلف اتجاهاتهم للدولة يقترب جدًا من النموذج الداعشي بخلافته الوهمية. فأغلبهم تربوا على أدبيات تأثر أصحابها بسقوط الخلافة، فنقلوا حالة النوستالجيا هذه للأجيال اللاحقة، التي حملت نفس الحالة رافضة الشكل الحديث للجمهورية بتنظيرات واهية سرعان ما تنكسر بقوة الواقع.

5. أحلام بعض الإسلاميين عن دولة إقصائية يغيب فيها تمامًا العنصر الشيعي والغير مسلم مجرد أوهام غير قابلة للتحقق على أرض الواقع. وإن قدر المولى عز وجل وقامت لهذه البلاد قائمة، فلا بد من حكومات تراعي الأقليات وتعطيها كافة حقوقها ولا تحرمها من المشاركة الفعالة في إطار القانون.

6. دائمًا كانت معالجة الإسلاميين للاستبداد السياسي شديدة السطحية؛ إذ يركزون فقط على النتيجة النهائية، تاركين خلفها تراكمات كثيرة من الأسباب. والحق أن الاستبداد، وإن كان سببًا فاعلًا في كثير من الأزمات، فهو أيضًا نتاج بيئة معينة. والمعالجة لا يصح أن تقتصر على جانب بل يجب أن تشمل مستويات متعددة.

7. العقل الإسلامي عقل تالف، والأنظمة المستبدة جنت على الإسلاميين أقل مما جنوا على أنفسهم، وإن ادعوا خلاف ذلك. والأحداث الحالية أكبر من أجيال الإسلاميين القديمة وطريقة تفكيرهم، والأوساط الإسلامية في أشد الحاجة لتجديد كامل حقيقي وثورة على تنظيرات الأوائل وطريقتهم لا مجرد إصلاح عابر.

8. عقول الإسلاميين كانت ولا تزال عاجزة عن إيجاد حلول ذاتية متكاملة. وكل مقترحاتهم تدور في فلك الانفراجة التي سيعقبها فوضى يسهل توظيفهم لها لصالحهم. هذه الانفراجة حتمًا ستحدث، لكن ما لا يدركه الإسلاميون أنها لن تكون أبدًا في صالحهم، وأن من يستطيع توظيف الفوضى لصالحه هو القوي، لا الضعيف.

الرِوَاق

08 Dec, 15:06


بين ما هو حقوقي، وما هو سياسي!

‏من رجاحة العقل أن يفكر المرء وفق موقعه، وأن يغير طريقته وطرحه مع تغير موقعه؛ فالمواطن العادي غبي إن نظر للسلطوية؛ لأن ذلك يعود عليه قبل أي أحد بالضرر، لكن مع تملكه وصعوده للقيادة يجوز له ذلك عقلًا؛ لأنه يصب في مصلحته، والمعارض له أن يتحدث بخطاب حقوقي للضغط على النظم المستبدة، لكن عليه ترك هذا الخطاب مع توليه السلطة وتغير موقعه، والانتقال لحالة أخرى تناسب الوضع الجديد؛ لأن اختلاف السياقات يستلزم اختلافًا مصحوبًا بالأدوات.

بالرغم من أن مرسي كان منحازًا لقضايا أمته، لكنه ظل يفكر على الطريقة الحقوقية التي كان عليها، لما كان ابنًا لجماعة إسلامية مهتمة بالقضايا العامة، ومحسوبة على المعارضة، ولم يخرج من هذا الطور مع توليه السلطة، فخطاب كهذا يخرج من ثائر بالميدان، أو من رأس معارضة، لا رئيس جمهورية، وتلك من ‏العثرات الكبرى، التي حالت دون نضج التيارات الإسلامية، غلبة الطريقة الحقوقية على السياسية وغياب الفلسفة السياسية. وهذا الضعف في التحول من المعارضة للحكم مشكلة عميقة تعاني منها كافة التيارات ذات الطابع الأيدولوجي.

وليس في الكلام دعوة للفصل التام بين السياسة والأخلاق، كما يتوهم ضعاف العقول، بقدر ما هو دعوة لاتخاذ مواقف تناسب كل مرحلة، وطرح يتماشى مع كل طور  جديد، والقائد الفطن يوازن بين المبادئ الحقوقية ومتطلبات القيادة الواقعية لتحقيق المصلحة العامة، وبين  المثالية التي تفصل المرء عن الواقع، والواقعية المجردة التي تفرغه من القيم والأخلاق، وهو ما يتطلب قدرًا عاليًا جدًا من المرونة، والبراغماتية الواعية البعيدة عن الجمود الأيدولوجي الذي يطغى على التيارات الإسلامية والغير إسلامية.

الرِوَاق

04 Dec, 13:08


معالجة بعض الإسلاميين للواقع شديدة السذاجة، يتم فيها اختزال التعقيدات في قوالب تبسيطية تنزع عنها طابعها المركب، وتُفرغها من مضمونها الحقيقي، ثم تأتي الحلول الشعاراتية عن تقوى الله وإصلاح النوايا، وكأن تلك الأزمات التي تحيط بنا ليست نتاج منظومات تاريخية وسياسية واجتماعية متشابكة مُعقدة! وأصحاب هذا الخطاب يسيئون للدين إساءة بالغة بالتركيز على بعد واحد أخلاقي بدلًا من السعي الحقيقي لإيجاد حلول أرضية أخذًا بالأسباب التي دعت إليها الشريعة؛ ذلك أن الإسلام لم يقتصر على تعزيز الأخلاق، بل دعا أيضًا إلى مواجهة التحديات بتخطيط محكم، وفهم واعٍ للواقع المحيط.

الرِوَاق

01 Dec, 16:28


كتب أخونا محمود سامح:

ما لا يعرفه كثير من الناس عن أنفسهم، أن حبَّك لشيءٍ، أو نتيجةٍ، أو شخصٍ، أو فكرةٍ، أو مذهبٍ يُؤثر لا شعوريًا في مدى اقتناعك بالحجج والأدلة المؤيدة له!
وليس معنى ذلك أن عقلك يتوقف تمامًا عن العمل، بل يعمل، لكنه يعمل تحت تأثير النفس التي تطوِّع الحجج بما يتناسب مع عاطفتها.

فالعقل الضعيف يصبح خاضعًا للنفس القوية المتسلطة، يخدمها، ويعمل على تلبية هواها وما تميل إليه.

ما تشعر به حينئذٍ أن عقلك يعمل – وهو فعلاً يعمل – وتشعر أن موقفك عقلاني، مؤيَّد بالحجج والبراهين؛ لأن الإنسان لا يقتنع بفكرةٍ دون أن يكون لها برهان، ولو كان متهافتًا!
لكن، ما لا تدركه هو أن اللاوعي يكون المسيطر والحاكم على هذا التفكير. وبالتالي، قد لا تكون مقدماته صحيحة، أو قد يكون ترتيبها مختلاً، مما يؤدي إلى عدم صحة التفكير ذاته.

نعم، هو تفكير، واستدلال عقلي، لكنه غير صحيح، وغير مطابق للواقع!

أكثر طلبة العلم (إن صحت تسميتهم بذلك) اليوم واقعون في هذا الخطأ، ومعظم النزاعات الفكرية نابعة من ذلك.
ويحسبها الناس نزاعات علمية وفكرية، لكنها – في الحقيقة – نزاعات أهواء النفس وعواطفها.

ملحوظة: كل هذا قد يحدث حتى في صورة دليل شرعي، وليس شرطًا أن يكون بأدلة عقلية فقط!
فترى من يطوِّع النصوص الشرعية لهواه.
والهوى ليس شرطًا أن يكون في التسيب، أو الفجور، أو الانحلال، كما يفهمه البعض، بل قد يكون في التشدد، والتضييق، والتكفير بغير حق، أو التعصب تجاه المخالفين.

ولهذا، فإن الحوار العقلي العلمي مع هؤلاء لا يُجدي، ولا يُثمر، بل هو مجرد مضيعة للوقت.

ينبغي، أولاً، معالجة هوى النفس وميولها؛ لتصبح مهيأة لقبول العلم والحق والدليل.

س: من الذي يَسْلم؟ وما المخرج؟

ج: لا يكاد إنسان يَسْلم من ذلك، إلا المعصومون والأنبياء المؤيَّدون بالوحي، صلوات الله وسلامه عليهم.
هكذا يعمل عقل الإنسان ونفسه.

المخرج؟

1. التجرد للحق قدر الاستطاعة: (واتقوا الله ما استطعتم).

2. تقوية العقل من خلال طلب العلم، وأخذ أسبابه.

3. الصدق مع النفس: أن يكون الإنسان واعيًا بأهوائه: (بل الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره).

4. اللجوء إلى الله بصدق، وطلب الهداية والتوفيق منه، فهو وحده القادر على تسديد الإنسان، وإرشاده إلى الصواب.

للمزيد:
*كتاب الفصل بين النفس والعقل للطريفي.
*مقدمة كتاب القائد إلى تصحيح العقائد.
*كلام المعلمي حول أهواء النفس، وطرق الوصول إلى الحق. هذا للمتشرعين، ومن حيث بيان الأصول الشرعية النفسية للموضوع..

والبحث النفسي العلمي، يراجع كتاب التفكير السريع والبطيء لدانيال كانمان، وهو يتكلم عن الآليات النفسية التي يحصل بها مثل ذلك.

الرِوَاق

25 Nov, 23:09


‏مشكلة الإسلاميين معرفية مرتبطة ببنية العقل الإسلامي المتأخر أكثر من كونها أدواتية وسائلية؛ فالإسلاميون، وعلى مدار قرن من الزمان، إنتاجهم النظري ضعيف، ويسترون الفشل بغياب الأدوات، التي هم مطالبون في الأصل بإيجادها لا الاعتذار عن فشلهم لغيابها! يا لحظ الأنظمة العربية بهم.

الرِوَاق

21 Nov, 10:14


ـ«أحيانًا قد يفيد أن تكون مجنونًا!»

-عبارةٌ كتبها ستريندبرغ في إحدى رسائله لنيتشه.

الرِوَاق

21 Nov, 06:18


التوبة بداية طريق وليست مؤهل تصدر!

حديثو العهد بالالتزام يغلب عليهم الحماس الزائد والتذبذب، نتيجة التحولات الكبيرة التي طرأت على حياتهم. هذا الحماس يجعل أقوالهم وأفعالهم انعكاسًا لحالتهم النفسية وتجاربهم الشخصية أكثر من كونها قائمة على حقائق موضوعية واتزان، وكثير من الدعاة الشباب، الذين مروا بفترات انحراف قبل التزامهم، يعانون من مشكلات واضحة في الخطاب الدعوي؛ فتجد في خطابهم غلظة واستعلاء نابعين من عدائهم الشديد لماضيهم، أكثر من كونهما نابعين من كره للذنب نفسه أو حب لنصح المذنبين. هذه الغلظة غالبًا ما تكون محاولة نفسية منهم للتأكيد على التغيير الجذري الذي حققوه، وحرصًا على قطع كل صلة بالماضي أو إظهار المفاصلة مع ذلك الماضي البغيض الذي يلاحقه كشبحٍ حتى بعد هدايتهم.

لهذا السبب، لا ينبغي أن يُصدَّر هؤلاء إلى مواقع خطابية أو دعوية قبل أن يجتازوا المرحلة الانتقالية التي تلي التوبة، ويحققوا التوازن والرسوخ في التزامهم. بالإضافة إلى ذلك، فإن تصدر الدعوة يتطلب امتلاك أدوات أساسية، منها العلم الشرعي، وفقه النصيحة، وإتقان أساليب الدعوة القائمة على الحكمة واللين، رفقًا بالتائب نفسه قبل المتلقين، فما أحوجه هو لمن يدعمه ويثبت دعائمه، لكنهم يظلمون أنفسهم بتصدرهم، ويظلمهم غيرهم بتقديمهم للناس! وعلى الشباب أن يتأنوا في اختيار من يقتدون بهم أو يسمعون لهم، وأن يفضلوا النماذج المتزنة والمتمكنة، فإن وُجد نقصٌ في البدائل، فلا بأس من أخذ الفائدة ممن مروا بهذه المرحلة، ولكن دون تضخيم آرائهم أو اتباعهم دون نقد أو تمييز.

الرِوَاق

20 Nov, 13:42


Stańczyk by Jan Matejko

الرِوَاق

20 Nov, 13:11


الحركات الإسلامية ظاهرة صوتية!

ثمة فرق كبير بين الواعظ والعالم؛ فالواعظ يركز على الجانب الأخلاقي، ويحث الناس على الآداب العامة في الدين، إضافة إلى تذكيرهم بالآخرة والثواب والعقاب، مستخدمًا طريقة خطابية تستهدف قلوب العوام. وهذا شيء لا يُذَمُّ فاعله؛ لأنه يحقق المسعى المرجو، والناس البسطاء، وهم الأكثرية، يميلون بطبعهم إلى الكلمات البسيطة، بعيدًا عن تعقيدات العلوم. وأما العالم فهو من يمتلك معرفة عميقة ومتخصصة في العلوم الشرعية؛ الفقه، العقيدة، التفسير، الحديث، وأصول الفقه. ولغة العلم ثقيلة ليست كالوعظ، ولكلٍّ سياقه وأهدافه.

السياسي الذي لا يجيد التعبير عن وجهة نظره، ولا يكون قادرًا على استقطاب الناس، لن ينجح. والطريقة الخطابية السجعية واستخدام الكلمات الرنانة التي يستعملها الوعاظ هي نفسها الطريقة المستعملة من أغلب القادة السياسيين؛ لأن الفئة المستهدفة في الحالتين واحدة، وهذه الطريقة هي الأقرب لهم. إذًا فالخطابة والقدرة على تسويق النفس للناس وإقناعهم أشياء لا تنفك عن السياسة، ومن فقد إحداها أو أسقطها من حساباته عمدًا ولم يكترث بها، ففرصة انتشاره مقارنة بغيره ممن جمعها كلها أقل بكثير.

بشكل عام، فأي مشروع سياسي، بغض النظر عن التوجه، يتمثل في مثلث له أضلاع ثلاثة، وبضياع أحدها لا يكون بعدها مثلثًا. الضلع الأول يتمثل في معرفة الحالة التي نحن عليها، أي الدراية القوية بمشكلات الواقع الحقيقية، لا الفرعيات التي يُعَظَّمُ شأنها وتُصدَّر على أنها أهم المشكلات، الضلع الثاني يتمثل في معرفة الحالة التي ينبغي أن نكون عليها، أي الشكل المبتغى، والثالث والأخير يتمثل في إقامة جسر نعبر به مما نحن عليه إلى ما ينبغي أن نكون عليه حقيقةً، وهذه هي الآليات والوسائل التي يتم بها الانتقال والعبور من حالة لأخرى.

تكمن مشكلة الإسلاميين في أنهم استعاضوا عن المشاريع والمشاركة السياسية الفاعلة بالخطابة الوعظية والمشاركة الوظيفية، الخطابة التي لا تمثل سوى هيكل تزييني لا يحوي داخله شيئًا! وأنهم كذلك لم يمتلكوا أحد هذه الأضلاع الثلاثة، التي لا بد من توافرها معًا في ظرف واحد، أو امتلكوها منقوصة. والنقصان هنا والعدم سواء، بل قد يؤثر سلبًا أصلاً؛ أن يكون المشروع السياسي منحرفًا في توصيف مشكلات الواقع، أو في أهدافه، أو تغيب وسائله، فهذا لا يصح تسميته تحت أي ظرف مشروعًا، إلا على سبيل التنزل، لا الإقرار بصحة المسمى!

التيارات الإسلامية لا تقدم بديلًا واضحًا للأنظمة التي تعارضها، ولا تملك أدوات حقيقية وفاعلة للتغيير قادرة على الالتحام بالفواعل الأخرى داخل الإطار القطري والإقليمي لتحقيق المكاسب، وليست إلا ظاهرة صوتية تعتمد على الخطابة والكلام العام غير المحكم. لا شك أنها عانت ذلك من تضييق السلطات، إلا أن حصر الأسباب في هذا والتذرع به يدخلنا في دائرة مغلقة، حيث ننتهي حيث بدأنا. فهذه الحركات قامت بالأصل لتغيير الواقع، وتبرير فشلها بسوء الواقع لا معنى له إطلاقًا؛ لأنها من صَدَّرت نفسها لحل مشكلات المجتمع والقضاء على أزماته.

الرِوَاق

19 Nov, 11:53


وهم الحياد المطلق!

يوجه بعض الليبراليين اللوم إلى الأديان بشكل عام بحجة أن الأديان قائمة على تصنيف الخلق حسب اعتقادهم نحوها إلى مؤمن/كافر، بل وتقسيم داخلي للمؤمنين أنفسهم إلى مؤمن متمسك بالمنهج/مبتدع منحرف عنه. وبناءً على هذا التصنيف، يحدث تمييزٌ، وهو ما ترفضه قيم الليبرالية المساواتية، كما يتوهم أتباعها! لكن هذه الدعوى لا تصح، ليس لفساد في بنائها، بل هي صحيحة من هذه الجهة؛ فالأديان بشكل عام، ومنها الإسلام، تقسم الناس، ولا ضير في ذلك البتة. ولكن لا يصح أن يستند الليبرالي على هذا الأمر في نقده للأديان؛ لأنه يدحض بهذا المبدأ ذاته قبل أي أحد، فالفكرة نفسها تناقض مضمونها. إقامة هذه الحجة على الأديان يلزم منه الحياد التام، وهو ما لا يتوافر لليبرالي، أو لأي شخص يتحرك ضمن منظومة فكرية، ولو تحقق هذا الحياد بالفعل، لما تحيز الليبرالي ضد الأديان، وهو ما فعله، وإن أنكر ذلك، فالليبرالية نفسها تقوم بتصنيفات مشابهة على أساس القبول أو الرفض لقيمها، وبذلك، يكون قد خالف معتنقها في تحركه النقطة التي تحرك لأجلها ابتداءً. وكل محاولة لثني الناس عن قناعاتهم وتحيزاتهم من هذا الباب لا تتم؛ لأن الإنسان كائن متحيز بطبيعته، وليس ثمة شيء يدعى الحياد التام أو الوقوف عند نقطة وسط من جميع الآراء؛ ذلك لأن أي فهم يتشكل للعالم إنما يتشكل من خلال إطار مرجعي مسبق، سواء كان هذا الإطار دينيًا، ثقافيًا، فلسفيًا، أو يجمع بين هذا كله. والأصل أن تُناقش هذه المرجعية التي من خلالها تشكلت الآراء، لا أن يُستنكر أصل وجود مرجعية تميزية يفرق أتباعها بين عوام الناس وفق تصنيفاتهم الخاصة، ف ليس الإشكال في وجود التصنيفات أو التحيزات، بل في مدى صحة ومنطقية المرجعية التي تستند إليها هذه التصنيفات.

الرِوَاق

18 Nov, 15:59


الإلزام الأخلاقي للملحدين بين الأشاعرة وابن تيمية!

قلما تجد مناظرة بين مسلم وملحد لا يطرح فيها هذا السؤال على سبيل الإلزام الأخلاقي، يقول المسلم: «ما الذي يمنع الملحد من مضاجعة أمه؟»، وهذا السؤال يصح أشعريًا، لكنه لا يصح سلفيًا لمن ينسب نفسه لابن تيمية إلا من وجه واحد:

الأشاعرة يؤسسون الأخلاق على الشرع الإلهي، ويعتمدون كليًا على الوحي، ولهذا لا يوجد إطار مستقل للعقل يرفض هذا الفعل دون نص ديني. فالحسن والقبح ليسا عقليين، بل شرعيين، بمعنى أن العقل وحده لا يستطيع تحديد ما هو حسن أو قبيح، وإنما يتبع ذلك أوامر الله ونواهيه. وهذا راجع بالأصل لتقديم المشيئة عندهم على أي اعتبار آخر، بما فيه الحكمة. ولذلك، ما يمنع المسلم الأشعري من مضاجعة أمه هو النص الشرعي، مثل قوله تعالى: «ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن»، وليس هذا نفيًا مطلقًا لدور العقل، لكن العقل عندهم تابعٌ للشرع لا يستطيع الاستقلال عنه.

أما عند ابن تيمية، فالحسن والقبح ذاتيّان وعقليّان، بجانب كونهما شرعيين؛ العقل والفطرة يدركان قبح مثل هذه الأفعال حتى لو لم يكن هناك نص شرعي. فالشرع يأتي ليؤكد ما يدركه العقل، ولكنه ليس المصدر الوحيد للمنع والتقبيح. وهذا راجع بالأصل لكون أفعال الله متسقة مع الحكمة والعدل، وليست مجرد مشيئة مطلقة كما عند الأشاعرة. إذًا، يمنع المسلم من منظور تيمي عن هذا الفعل الفطرة الإنسانية التي ترفضه إلا أن توجد موانع. ولكن السؤال يصح من جهة غياب البعد الأخروي والعقاب الإلهي، لا من جهة نفي القبح كما هو عند الأشاعرة. فحتى لو كان الفعل قبيحًا لذاته، وغابت العقوبة الإلهية، لن يكون هناك رادعٌ حقيقي وإن كان الفعل قبيحًا.

المشكلة إذًا ليست في السؤال ذاته من منظور مختلف المدارس العقدية في الإسلام، وإنما من جهة استعمال بعض من ينسبون أنفسهم لابن تيمية، ثم يكون وجه إلزامهم رفع القبح عن الفعل بغياب الشريعة. هنا ينقلب السلفي أشعريًا، وتخلط المناهج المعرفية، فلا تعرف السلفي من الأشعري، ولا يلتزم أحدٌ بالمدرسة التي ينتمي لها، لأنه لا يعرف أصولها التي يسير عليها، بل هو انتساب بالاسم فقط.

الرِوَاق

15 Nov, 07:02


بين استقامة العدالة واعوجاج الأيديولوجيا! (3/3)

أخيرًا؛ آن للإسلاميين أن يتعلموا من أخطاء
الماضي، وأن يتركوا العقلية السلفية التي طغت على مسلكهم الفكري، ويرقوا بفكرهم السياسي قليلًا، وخصوصًا أن تسارع الأحداث في العقد الماضي يحتم عليهم تطوير أنفسهم، لا أن يبقوا على نفس سلوكهم القديم الذي كبدهم خسائر ليست بالقليلة. فالعقلية السلفية التي تفكر على نحوٍ انتقامي؛ "هذا مبتدع يستحق المظلمة التي وقع بها"، ليست صالحة بعالم السياسة، وما هي إلا تقويض للذات، والتفكير بهذا الشكل الذي ينادي بالشماتة وعدم التعاطف لا يجلب أية مصلحة، والسياسة كما هو معروف مدارها دفع ضرر/كسب نفع. وأي فعل خارج عن هذه المعادلة لا معنى له، والأجدى أن يستغل كل حدث بكافة الطرق الممكنة لكسب الناس وحشدهم ضد من تعاديهم، وإلا كنت سياسيًا فاسدًا؛ فالعقل السياسي يجب أن يطور نفسه في سياق مفتوح على التغيرات والمتغيرات، وفي عالم تسوده التحولات المستمرة، يصبح من الضروري أن يتبنى الإسلاميون - أو أي فصيل سياسي - رؤية سياسية مرنة تواكب هذه التغيرات، لا أن يعيشوا في حالة من التمسك بمفاهيم عتيقة لا تتماشى مع المتطلبات الراهنة، وتكون لهم نظرة استراتيجية أوسع من مجرد الانتصار لمواقف معينة، أو حكم بالعاطفة المفرطة واتخاذ القرارات من خلالها، بدلًا من البحث عن الطرق الأنسب لتوسيع قاعدة التأييد الشعبي، وهذا يقتضي بناء تحالفات، وتبني خطط مرنة تضمن التقدم على مستوى الجماهير، وتحقق التوازن بين المبادئ والمصالح العملية في آن واحد، ومثل هذه المواقف التي يقع فيها ظلم من النظام على بعض أتباعه لا بد من العمل عليها بشكل قوي والخروج بأقصى استفادة ممكنة؛ من هزٍّ وزعزعة لصورة هذا النظام في قلوب مريديه، ومن منظور براغماتي فاصطفافك بجانب الظلم لن ينفعك على طول الخط، وأن الاستبداد الذي ارتضيته لغيرك بالأمس لن تنجو منه اليوم، وإن نجوت فلن ينجو أولادك مستقبلًا، وبذا تكون بيدك قد صنعت طاغيتك الذي سينالك وأهلك شيءٌ من فساده وإن طال الزمن. فيميل الناس لك ويعيدون النظر في مواقفهم القديمة، وما من فردٍ يبقى تأثيره منعزلًا، فكل واحد فاعل في مساحات معينة ومؤثر بها أيما تأثير! الشاهد أنه لا بد من تتويج كل حدث واستعماله سياسيًا لتحقيق مكاسب بدلًا من اتخاذ مواقف عدائية، لن تزيدك إلا انفصالًا عن المجتمع، وتأخرًا في العودة له والانخراط فيه حال تغير الوضع وفتح المجال.

الرِوَاق

15 Nov, 07:02


بين استقامة العدالة واعوجاج الأيديولوجيا! (2/3)

أمامنا إنسان أجرم بموضع - من منظور فئة ما -
وأصاب بآخر، أو ظلم من ناحية ما. فالإنصاف يقتضي نصرة المظلوم في موضع ظلمه دون انتقائية أو تحيز مسبق؛ لأننا ننصر الحق لذاته لا لقائله. ومن الخسة أن تستدعي مواقف قديمة جانبًا فيها المرء الحق، وتضعها على خشبة مسرح الحاضر لتمرير وتسويغ ظلمه! لأن هذا الإنسان المظلوم إنما ظلم لأمر هو فيه بريء، ولم يحاسب على ما تعتقد أنت فيه بإجرامه. فالنظام لم يحبس الطبيبة لمواقفها القديمة من شهداء رابعة، أو استحلال دمائهم؛ لأن هذا النظام نفسه هو من قتلهم بسلاحه. وإنما سجنها لحالة بعيدة تمامًا عن مواقفها القديمة. فليس في هذا انتصار للعدالة. والزج بمواقف قديمة للإنسان المظلوم في موضع ظلمه يسوغ ظلمه وعدم التعاطف معه. فما الذي يعنيه مناقشة مواقف مضى عليها سنوات كثيرة في الوقت الحالي غير أن من يفعل هذا ينادي في مجموعة من الناس ألا تتعاطفوا معه فقد كان هذا موقفه؟ وفيه تمرير للظلم الذي ربما تكون أنت ضحيته المستقبلية. وينادى في الناس من فئات أخرى ألا تلتفتوا، فقد كان هذا موقفه من قضية ما. وهكذا تصمت كل فئة عن ظلم النظام لها لأجل بعض المواقف، ويُحيّز بعضنا ضد بعض، وتبعات هذا خطيرة إذ نكون بذلك لقمة سائغة عند السلطة قادرة على ظلمها، بل وقادرة على صنع حالة من شماتة الناس فيها رغم ظلمها! ولذلك، فبعض الأحداث تتطلب نظرًا واسعًا خارجًا عن إطار الأيدولوجيا الضيق، ويراعى النظر في كافة جوانبها دون تغليب جانب على آخر حتى لا يميل ميزان العدل، وتتخذ مواقف غير أخلاقية. وفي مثل هذه الحالات المركبة يجب أن يصيب الإنسان في جانب ويجانب الصواب في آخر. لا بد من تحليل ورد فعل مركب يتناسب مع تعقيد الحدث، مع مراعاة جوانب كثيرة؛ أولها أننا ننصر المظلوم في موضع ظلمه، أيًا كان هذا الشخص؛ لأن نصرة الحق لذاته لا لشيء آخر كما ذكرت آنفًا. وثانيها أنه يجب التفرقة بين مواقف الشخص وبين وقوع ظلم عليه في موضع لا يستحق به هذا الظلم، وثالثها أننا برفضنا استحضار المواقف القديمة لا ننسى الماضي ولا نطالب أحدًا بنسيان الدماء البريئة التي سالت، ولا نعتذر عن مجرم أيد بالقول أو العمل، لكننا نرجو أن يتم الفصل بين موضع وآخر حتى لا يكون حدث بعينه مدار حكمنا، فلا مانع من النيل من الإنسان على ظلمه مع رفض وقوع الظلم عليه هو الآخر، وأن يكون حسابه عادلًا على ظلمه لا على شيءٍ آخر.

الأيدولوجيا هي النسق الفكري المعبر عن رؤية مجموعة من الناس، وكل أيدولوجيا بالضرورة يحمل أتباعها انحيازات معينة؛ لأنها منظومة من الأفكار، المعتقدات، والقيم متبناة من قبل فئة من الناس. وما دامت هذه الفئة تتبنى نظامًا فكريًا معينًا ومعتقدات خاصة دون غيرها، فهذا يعني وجود انحيازات. وما دام الانتماء الأيدولوجي يعني القبول بشيءٍ واعتقاد صحته، فإنه يعني بذلك في الوقت ذاته رفض نقيض هذا الشيء والاعتقاد بعدم صحته. وهذا القدر من الانحياز صحي؛ لأن الإنسان كائن أيدولوجي بالمعنى الذي يجعل له اختيارات، وإن لم تتبلور وتظهر له في إطار أيدولوجي له تسمية واضحة عنده، وإلا كان مسخًا بلا هوية، يقبل الشيء ونقيضه في نسبوية تامة. وعندها يجمع إلى كونه مسخًا عديم الهوية التناقض. لكن هذا القدر الصحي من الانحياز قد يستفحل ما لم يضبط بميزان أخلاقي، حتى يصير الإنسان تام الأدلجة بلا ميزان ومنظومة أخلاقية لها معايير واضحة يسير بها جنبًا إلى جنب مع منظومته الفكرية. ولا يرى العالم إلا بمنظار أيدولوجي يوالي ويعادي من خلاله، بل قد يبرر ظلم إنسان لوجود مثل هذا التعصب! وهنا يكمن خطر طغيان الأيديولوجيا على النموذج الأخلاقي، والحل يكمن في الموازنة. ورغم أن هذه مسألة معقدة، لأن الأيديولوجيا قد تؤثر على كيفية فهمنا وتطبيقنا للعدالة؛ لأن العدالة تتعلق بمبادئ المساواة والإنصاف، بينما تتعلق الأيديولوجيا بالميل الفكري المسبق الذي قد يؤثر في مسألة التعاطف مع المخالف، لكن لا بد من وجود مرونة فكرية قادرة على استيعاب العدالة التي تراعي الجميع. وهذا يتطلب فهمًا عميقًا، ومجاهدة كبيرة للنفس، وتقويم دائم لها حتى لا تنحرف لمزالق أيدولوجية تدنسها وتكدر صفوها!

الرِوَاق

15 Nov, 07:02


بين استقامة العدالة واعوجاج الأيديولوجيا! (1/3)

دفعني لكتابة هذا المقال حدثان متتاليان، وإن لم يظهر بينهما ترابط، إلا أنهما يخدمان القضية نفسها؛ لأن الفئة المعنية بكلامي تفاعلت مع الحدثين بنفس الأسلوب. الحدث الأول: القبض على نجل الداعية السلفي محمد حسان بتهمة حيازة وتعاطي المواد المخدرة، بالإضافة إلى حيازة سلاح أبيض. والحدث الثاني: القبض على طبيبة النسا وسام شعيب بمجموعة من التهم، بداية من تكدير الأمن والسلم العام، واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي لإثارة البلبلة بين أطياف الشعب المصري، مرورًا بالإساءة لجموع الشعب، والتعدي على المبادئ والقيم الأسرية، وصولًا إلى نشر أخبار كاذبة. الذي أعتني به من الموضوعين ليس مناقشة القضايا الموجهة إلى المذكورين، أو الدفاع عن أحد ومحاولة تبرئته مما نسب إليه، فبكل حالة من الاثنين أمامك خياران لا ثالث لهما: إما أنك ترى الشخص مستحقًا للعقوبة على أفعاله وفق القانون، أو تراه بريئًا غير مستحق للعقوبة. وقتها تجب نصرته. أما الخيار الثالث، وهو الاعتقاد بجرمه مع عدم عقوبته أو براءته مع العقوبة، فغير متضمن؛ لأن به خلل. والمؤيد لحبس أي منهما تأييدًا حقيقيًا نابعًا عن اقتناع بوضع التهم الموجهة ليس هذا مقام نقاشه، وكذا المعارض لحبسهما معارضة حقيقة نابعة عن عدم اقتناع بوضع التهم الموجهة. وإنما يعنيني أمر الفئة الثالثة من الجماهير التي تعتقد براءة صاحب القضية وعدم استحقاقه لأي عقوبة على فعلته، لكن وبحكم الخلافات السابقة، والحسابات السياسية وتصفية الحسابات، يصطفون ضدهم وينطلقون من نقطة محددة في الحكم عليهم. وبناء على تلك النقطة ينظرون في استحقاقيته للتعاطف أم لا!

الخلاف بين طبيعة القضيتين محل البحث يكمن في أن ابن محمد حسان ليست له أي مواقف سياسية معلنة، بل يشغل منصبًا إداريًا بإحدى القنوات الفضائية، ولا يتصدر للحديث في أي شيءٍ. لكن الحكم عليه فرعٌ من الحكم على أبيه. ولأن أباه صاحب مواقف سياسية سيئة بالنسبة لفئة ما من الناس، فقد استحق ابنه الهجوم عليه، والشماتة في حبسه، لا لذاته وإنما لكونه ابنًا لحسان. وهنا وجب توضيح لطبيعة اختلاف حالته عن حالة الطبيبة من ناحية ما، وهو أن هذا التسلسل فاسد. فالمرء يُسأل عن نفسه فقط، ولا يتحمل أحدٌ غيره تبعات مواقفه. ثم لو قمت، يا أيها المعارض، بحساب شخصٍ تباعًا لقناعات والده المعلنة، أو حاكمته لمواقف أبيه، لكنت بذلك ظالمًا. لا فرق بينك وبين من يعتقل الابن لغياب الأب، ومن يطارد الأهل كلهم لخصومة مع فرد منهم، ويحمل الجميع مسؤولية قرار واحد منهم، ومن ثم ينكل بهم لأنهم أقاربه، ولا ذنب لهم في شيءٍ إن سلمنا بالأصل لوجود ذنب. وبافتراض أنه يحمل نفس قناعات والده، فلا يبقى بينه وبين الطبيبة فارق في طبيعة قضيته من الناحية التي نناقشها، وعليه نعمم الكلام باعتبارهما أمرًا واحدًا، بدلًا من التفصيل في كل واحدة بمعزل عن الأخرى وتكرار الكلمات نفسها أكثر من مرة..

الرِوَاق

14 Nov, 18:48


الأجيالُ المتأخرةُ في أغلبِ التياراتِ غالبًا ما تنتقدُ أفعالَ الروادِ الأوائلِ، وهذه ظاهرةٌ صحيةٌ؛ فالتيارُ الذي لا يراجعُ ذاته داخليًّا يظلُّ جامدًا، لأنَّ النقدَ يُحفّزُ الأفكارَ، وتحتاجُ المساراتُ إلى التصحيحِ الدائمِ. وقد كتبَ الشهيدُ يحيى السنوارُ خلالَ فترةِ اعتقالِه دراسةً نقديةً -لم تُنشر- عن حماسَ بعنوانِ "حماس: التجربةُ والخطأ"، وقدَّم رؤى نقديةً، فكان بذلك أحدَ أكثرِ العقولِ انفتاحًا ومرونةً فكريةً من أبناءِ الحركةِ رغمَ مكانتِه، ولو كان النقدُ مُجرَّمًا لما أقدمَ عليه. ومن الطبيعيِّ أن تأتيَ الأجيالُ اللاحقةُ بنظرةٍ تحليليةٍ للأحداثِ وتبعاتِها، وتقيِّمَها من أعلى؛ لأنَّ الرؤيةَ والمآلاتِ ستتضحُ بشكلٍ أكبرَ.

العجيبُ هو رؤيةُ التخوينِ المتبادلِ بين الأطرافِ؛ فهناكَ من يتهمُ كلَّ من ينتقدُ المقاومةَ بالتخاذلِ والتصهينِ، بينما يرى آخرونَ في هذا الطرفِ الأولِ خائنًا يسعى بشكلٍ غيرِ مباشرٍ لإضعافِ القضيةِ الفلسطينيةِ. والحقيقةُ أنَّ كلا الطرفينِ مخطئٌ؛ فلو كانتِ المقاومةُ لا تُقبلُ فيها المراجعةُ والنقدُ، لكان السنوارُ أولى الناسِ بالامتناعِ عن ذلك. ليس كلُّ نقدٍ غايتُه الهدمَ أو الاصطفافَ مع العدوِّ، بل إنَّ منعَ النقدِ هو إجرامٌ بحقِّ المقاومةِ في صورةِ الحفاظِ عليها.

أخيرًا: إنَّ الاختلافَ في الرؤى والأفكارِ أمرٌ طبيعيٌّ وصحيٌّ، ما دامت الفكرةُ الأساسيةُ لمشروعيةِ المقاومةِ وحقِّها في التصدّي للعدوِّ ثابتةً. الاختلافُ في تحديدِ المساراتِ والأساليبِ مشروعٌ، ومن الطبيعيِّ ألا يتفقَ الناسُ على عملٍ بشريٍّ بتفاصيلِهِ كلها، وحتى من داخلِ المقاومةِ نفسِها، وممَّن حملوا السلاحَ وشاركوا في المعاركِ وصنعوا الأحداثَ الحاليةَ، سيقدِّمون ملاحظاتٍ نقديةً جديدةً في المستقبلِ. والمهمُّ أن يُراعَى في هذا النقدِ الحيثياتُ، حتى لا يتحاملَ على أحدٍ أو يحكمَ على قراراتِهِ من الخارجِ دون مراعاةٍ لطبيعةِ المقاومةِ، والحالةِ الإقليميةِ والعالميةِ، والظروفِ التي وُجدت بها، وحجمِ التسليحِ والدعمِ مقارنةً بالتطلعاتِ المنشودةِ.

الرِوَاق

14 Nov, 03:43


Illyo Glazunov.

الرِوَاق

12 Nov, 13:14


نقطة نظام..!

أغلب المشكلات الفكرية الموجودة حاليًا سببها أمران؛ الجهل بموقع النفس في عالم الفكر، والجهل بموقع المخالف، ولولا هذا لقلت، بل لاندثرت، كثيرٌ من النزاعات، ليس لأنها ستحل، وإنما لقلة الاستشكال على الغير؛ لأن من علم موقعه الفكري وموقع غيره تجنب الخوض في كثيرٍ من الفروع وركز على الأصل في حال اختلفت المرجعيات، أو ألزم غيره بالمرجعية المنطلق منها في حال اتفقت. وباعتبارات معرفية منهجية لا مشكلة في مباحثة نصراني لرسالة الإسلام وتكذيبها وانتهاج مسالك المستشرقين، ويُرد على ذلك بالأدلة التي تدحض كذبه وتفند ادعاءاته، لكن من التخبط أن يناقش قضية فرعية ويهاجمها؛ لأنه على أي شيء احتكم في الهجوم عليها؟ إن كان الاحتكام للأصل الذي انبثقت عنه فقد أخطأ ابتداءً لعدم إقراره بهذا الأصل من جهة، ثم لاتساق الفرع الذي يناقشه مع الأصل من جهة أخرى، وإن كان الاحتكام للأصول التي ينطلق منها هو فالخطأ أكبر؛ لأنه يحاكم فرعًا لغير أصله، والصواب أن يركز على نقاش الأصل. وكذلك، ليس ثمة مشكلة في الترحم على ملحدة، أو كراهية أحكام الشريعة كالتعدد، أو اعتبار الزنا حرية شخصية، ما دمت تحتكم في هذا لنظام فكري، بغض النظر عن فساده من منظور إسلامي، لكن المشكلة الحقيقية تكمن في أن يعد من يفعل هذا نفسه مسلمًا؛ إذ لا معنى أن تتبع أفكارًا خارجة عن نظام المعرفة الإسلامي وتحاكم الإسلام عليها، ثم تضع نفسك بالبوتقة ذاتها مع المسلّمين بأحكام الشريعة. وفي المجال المعرفي، لا مساحة للتردد، ولا محل للنفسية العاطفية المحكومة بـ "لا أحبه، ولا أطيق فراقه". والتناقض أن تنسب نفسك للإسلام مع رفض تشريعاته ومحاكمتها لنظام أخلاقي متعارضٍ مع الإسلام بالأصل بل والتسفيه من قدرها، أو أنك خائفٌ لا تطيق تحمل تبعات مفارقة هذا الدين، وتريد تفصيل نمطٍ للتدين متوافق مع هواك الذي تشكل بالأصل عن رؤية منحرفة كما يفعل الإسلاميون الحداثيون! وهنا تكمن أهمية أن يكون للإنسان نظرية معرفة وأصول منهجية يتحرك في إطارها بغض النظر عن صوابيتها عند المخالفين الذين يعارضونها بالضرورة، وأن يعرّف موقعه بوضوح، حتى لا نضيع الوقت والجهد في معارك وهمية لا تُفضي إلى حلول حقيقية. وبذا يكون المرء أمام خيارين لا ثالث لهما؛ إما أن يلتزم بنظام المعرفة الإسلامي وينطلق من أصوله لتشكيل رؤيته وأفكاره، والكلام عن الأمور التي لا خلاف فيها بين المسلمين لا مساحات الخلاف المستساغة بينهم، ويقتضي منه هذا أن يتسق مع الهوية الإسلامية ويطرد مع المنهج الذي ارتضاه ابتداء، أو أن يترك هذا النظام وينسحب منه كليةً لحساب آخر يعبر عن الحالة التي يود العيش في إطارها ويتماشى مع أهوائه، ثم في حال اختار نظامًا آخر مخالفًا للإسلام فلا يقحم نفسه في فرعيات مع أتباع هذا المنهج ويتجاوز الأصول والمنطلقات والخلافات الأولية ويبحث النتيجة.

الرِوَاق

08 Nov, 20:25


معوقات التفكير السياسي (3)
ثنائية الخير والشر..

يعزى قدر كبير من فساد العقل الإسلامي إلى التعامل مع كافة الموضوعات وفق ثنائية الخير والشر، وما ينطبق على الإسلاميين يمتد ليشمل المؤدلجين من مختلف التيارات، سواء كانت إسلامية أو غير إسلامية. فالأدلجة -بغض النظر عن اتجاهها- كعصابة على العين تحجب الحقيقة خلفها، وهؤلاء غير قادرين على استيعاب الواقع، ويميلون إلى تصوره بصورة مطابقة تمامًا للتصورات الموجودة في أذهانهم نتيجة التلقين. إضافةً إلى ذلك، فإن الواقع لا يمكن الحكم عليه من خلال هذه الثنائية المغلقة؛ بل إن المساحات الرمادية هي الأكثر هيمنة في الوقت الحالي. ومن خلال هذا المنظور الضيق للأمور، ترتكب جملة من الأخطاء، أهمها عدم التفرقة بين فساد الفكرة وفساد صاحبها، واعتقاد أن فساد القائل يلزم منه فساد كل أقواله، وأن الأقوال تحاكم وفق حالة أصحابها، بينما الصحيح أن يُنظر في الفكرة بغض النظر عمن قالها. ولا ينبغي أن يكون أساس الرفض مبنيًا على تقييم صاحب الفكرة؛ فقد يتضمن قول إبليس بعض الصواب رغم فساده، فقد خلق آدم من طين وخلق هو من نار كما ذُكر، لكن الخطأ كان في الانتقال بهذه المقدمة إلى نتيجة الأفضلية، ولم يكن في فساد الأصل ذاته. ولو فكر الإسلامي بهذا الوضع واندفع كما اعتاد، لرفض قول إبليس كله مخالفًا بذلك نصًا قرآنيًا! والمشكلة تتفاقم لأن هذا الأصل الفاسد ومعيار الحكم والنقد الباطل لا يكتفي بما هو خارج عن منظومة الإسلام فقط؛ ولو توقف عند هذا الحد لكان الفساد موجودًا لكنه محدود، بل يمتد الفساد إلى رفض كل فكرة لا تتوافق مع التيار، وإن كانت من مسلمين عاملين. فلا يبقى من يُؤخذ عنه إلا داخل التيار المحكوم بأصول واحدة، وبهذا تظل العقول في دوائر مغلقة على أفكار معينة، وتكون هذه بداية السقوط؛ فالعقل الذي لا يتفاعل ويكتفي بما عنده فقط يضمر.

هذا الأصل الفاسد عند الإسلاميين، والذي بُنيت عليه جملة من المواقف الخاطئة التي أضاعت الكثير من الحق، كان واضح الفساد عند شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- الذي كان صاحب عقلية فذة وذهن متقد، إذ تجاوز العقل المذهبي التقليدي، وتعامل بمرونة منقطعة النظير مع مخالفيه، مما جعله شخصًا منصفًا؛ فلا يرفض مذاهب المخالفين جملةً بل يفصّل فيها ما أمكنه ذلك. وقد أظهر أن مذاهب المخالفين تحوي من الحق والباطل الكثير، فلا تُقبل أو تُرفض مطلقًا، بل يؤخذ منها بقدرها؛ فما وافق الحق أُخذ، وما كان باطلًا تُرك. ولم يمنعه فساد أرسطو في الإلهيات عن الإقرار بصحة كثير من كلامه في الطبيعيات. قال: "أرسطو وأتباعه في الإلهيات، أجهل من اليهود والنصارى بكثير، وأما في الطبيعيات؛ فغالب كلامه جيد، وأما المنطق؛ فكلامه فيه خير من كلامه في الإلهي" [1]. ولم يثنه خلافه مع الفلاسفة عن التفصيل بشأنها، فقال: "لا يمكن إثبات الفلسفة أو نفيها مطلقًا؛ إذ ليس للفلاسفة مذهب معين ينصرونه، ولا قول يتفقون عليه في الإلهيات والمعاد والنبوات، ولا في الطبيعيات والرياضيات، بل ولا في كثير من المنطق" [2]. ثم في معرض حديثه عن ابن طفيل، صاحب رسالة "حي بن يقظان"، وكيف أنه وأمثاله كانوا يستأنسون بما يجدونه من كلام أبي حامد، والأخير مخالف عقدي له، لكنه مع ذلك لم يضعهم جميعًا في بوتقة واحدة، ولم يجعله خلافه مع الغزالي -رحمهما الله- يتحامل عليه بباطل أو يستغل هذا الاستئناس للنيل من صاحب الإحياء، قال: "ولهذا صار [الغزالي] كالبرزخ بينهم وبين المسلمين، فالمسلمون ينكرون ما وافقهم فيه من الباطل عند المسلمين، وهم ينكرون عليه ما خالفهم فيه من الباطل عند المسلمين" [3]. ولو كان ابن تيمية أحد إسلاميي اليوم أو يفكر بالطريقة التي يسيرون عليها، لرد أقوال أرسطو في الطبيعيات والمنطق كله بناءً على مخالفته في الإلهيات، ولرفض الفلسفة مطلقًا بناءً على مخالفة الفلاسفة، ولأسقط الغزالي وجعله في المرتبة نفسها بدافع الخلاف العقدي. لكن لأن ابن تيمية الذي نعرفه ليس كأحد إسلاميي اليوم الإقصائيين، فقد أعطى كل شيءٍ قدره الصحيح، ولم تدفعه مخالفة لارتكاب حماقة أو الوقوع في أسر خيارين فقط لا ثالث لهما. ولهذا تفرد الشيخ وكسر حدود الضيق التي طغت على كثير ممن سبقه، ولا تزال هذه الحدود إلى اليوم حاضرة، حاجبة حقًا كثيرًا وخيرًا وفيرًا عند الخصوم مع حلول الأيديولوجيا السياسية محل الانتماء المذهبي؛ عقديًا كان أو فقهيًا.

وقد فصلت بهذا الشأن سابقًا في مقال بعنوان:
"لكيلا نكون ردة فعل"، وضحت فيه أن القناعات التي تُبنى على مخالفة المخالف لا على الحق مآلها الانحراف؛ لأن مدار الأمر لا يكون وقتذاك البحث عن الحقيقة، والأصل أن تُتخذ مواقف منصفة تحتكم لأصول ومعايير منهجية، تتفهم طغيان الرمادية والتراكبية على الواقع، ولا تتخذ مواقف مسبقة معارضة أو مؤيدة، وأن يعقب الحكمُ النظر لا يسبقه.

[1] مجموع الفتاوى، (205/9)،  ابن تيمية.
[2] منهاج السنة النبوية، (1/175)، ابن تيمية.
[3] درء تعارض العقل والنقل، (6/57)، ابن تيمية.

الرِوَاق

05 Nov, 22:54


-Young man reading, Norman Rockwell.

الرِوَاق

05 Nov, 17:28


الوقاحة بلغت ذروتها؛ رجال الأعمال في مصر، الذين تربطهم بالنظام علاقات وثيقة، ومصادر ثروتهم مشبوهة، لا يكتفون بحجم الثروات التي حصلوها، مستترين بها عن أعين الشعب الذي ساهموا بجشعهم في إفقاره، بل يحلون ضيوفًا على بعض البرامج لابسين زي العصامية ملقين خطبًا رنانة عن حياتهم التي عمها الشقاء، ومن ثم أصبحوا بفضل اجتهادهم ومثابرتهم أغنياء، ويعطون نصائح اقتصادية للشباب من نوعية «كيف تصبح غنيًا؟» على غرار تجار التنمية البشرية، وبالمقارنة بين وضع هؤلاء ووضع رجال الأعمال أيام مبارك لن تجد فارقًا كبيرًا من ناحية التحالف مع النظام وشراكة بينهم وبين عائلة مبارك، أو بيع مساحات واسعة من البلاد برخص التراب، لكن الوضع الحالي استفحل قليلًا على يد السلطة، وزاد معه التبجح والوقاحة؛ سابقًا كانت السرقات تجري بعيدة عن أعين الناس قليلًا، أما الآن يسرق أحد هؤلاء الوقحين، ثم يخرج بعدها ليعطي الناس دروسًا وعبرًا من تجربة كفاحه، ويوهمهم أن سبب فقرهم الكسل.

الرِوَاق

05 Nov, 15:49


التزَبُّبُ قبل التحَصْرُم!

لا شك أن البرامج العلمية والدعوية على وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الإلكترونية قد أفادت خلقًا كثيرًا، فقد أحسن القائمون عليها استغلال هذه المساحات لنشر المعرفة وتيسير العلم، وجزى الله خيرًا من أخذ بزمام المبادرة واقتحم هذا العالم بخدمة الدين ونشر الوعي، إلا أن انتشار هذه البرامج والحالة التي خلقتها وسائل التواصل لم تخلُ من جوانب سلبية، أهمها ما يلي:

1. إيهام المبتدئين ببلوغهم مراتب عليا في العلم؛ حيث يظن بعض المبتدئين، مع قلة خبرتهم وضعف المناهج التي يتلقونها، أنهم قد بلغوا من العلم ما لم يصل إليه غيرهم، بينما تكون تلك المناهج غالبًا سطحية ولا تؤهل لبناء مسلم واعٍ فضلًا عن طالب علم مكين، لكن المبتدئ يظن في نفسه التمكن، في حين أن التعلم الصحيح يحتاج إلى تأسيس منهجي متين، لا إلى مجرد معلومات متفرقة.

2. استعجال غير المؤهلين للخوض في التدريس والدعوة؛ حيث دفعت روح المبادرة بعض الشباب إلى تقديم أنفسهم كمدرسين ومرشدين دون تحصيل كافٍ يؤهلهم لهذه المكانة؛ فنجد بعضهم يعلنون عن تقديم دورات لتأسيس وعي المسلم، أو لتعليم البنات شؤون دينهم، وهذه الموضوعات بالأصل تتداخل مع مساحات واسعة من الفقه الإسلامي، وتتطلب تأصيلًا منضبطًا وإلمامًا دقيقًا بمسائل الشريعة وأقوال المذاهب، ما لا يتوفر دون دراسة طويلة وعميقة، وهو ما لا يوجد عند هؤلاء.

كما يقال: «فاقد الشيء لا يعطيه»؛ فضعيف العلم لا يمكنه تأهيل غيره أو تأسيسه تأسيسًا صحيحًا، وهذه العجلة تشوش الناس، ولا شك أن يكون خلف كثير من هذه المبادرات المندفعة أغراض دنية كسعي لأستاذية وهمية للتميز، أو بحث عن مصدر مال، وهؤلاء الانتهازيون لا عتب عليهم فخصالهم خسيسة ولا يركزون إلا على الذات، ولو كان ذلك على حساب الدين، لكن الأسف على من لا يسعون لهذا ويقتحمون هذه الأمور عن جهالة، ويزين لهم الشيطان أعمالهم فيحسبون أنهم يحسنون صنعًا.

الرِوَاق

04 Nov, 21:54


-Despair, 1892, Edvard Munch.

الرِوَاق

04 Nov, 21:14


‏«لا يمكن إثبات الفلسفة أو نفيها مطلقًا؛ إذ ليس للفلاسفة مذهب معين ينصرونه، ولا قول يتفقون عليه في الإلهيات والمعاد والنبوات، ولا في الطبيعيات والرياضيات بل ولا في كثير من المنطق»

-منهاج السنة النبوية، (1/175)، أحمد بن تيمية.

الرِوَاق

03 Nov, 15:54


معوقات التفكير السياسي (2)
العمل الفردي والجماعي..

ثمة فارق كبير بين الأفعال الفردية والأفعال
الجماعية الصادرة عن فصيل سياسي ملتزم بقواعد سياسية شرعية محددة؛ فالأفعال الفردية تحكمها عادةً تصورات ضيقة، أما الأفعال التي تصدر عن فصيل سياسي أكثر تعقيدًا، وتُقيم دون إغفال نتائجها وتأثيرها على المجتمع، وينظر إليها من منظور أوسع يتضمن الآثار السياسية والاجتماعية؛ فالفصيل ليس مجرد تجمع من الأفراد، بل كيان له تأثيرات أكبر، وقراراته تُقاس بمدى فائدتها أو ضررها على المجتمع كله، وقد يُنظر إلى عمل فردي بقدر كبير من الاحترام، ويُنظر حتى إلى فاعله باعتباره شهيدًا ورمزًا للشجاعة، ونفس العمل إن صدر عن جماعة أو تيار سياسي يعتبر حماقة، والمشكلة تكمن في طغيان النزعات الفردية، التي قد تُضفي طابعًا بطوليًا على بعض الأفعال لكنها تفتقر في بعض الأحيان إلى رؤية شاملة للآثار المجتمعية والسياسية، على العمل التنظيمي، والمشكلة الأخرى في خلط المعايير والحكم على تصرفات فردية من منظور تنظيمي أو العكس؛ لأن مدار الأمر في السياسة، التي تقيد العمل التنظيمي سياسًا كان أو مسلحًا، هو المصلحة/المفسدة: جلب مصلحة وتعظيم منفعة، أو دفع فساد وتقليل ضرر، ولا يحسب أحدٌ أن هذه المعايير دنيوية تحتكم للسياسة المعاصرة المنفصلة عن الشريعة؛ لأن الشريعة الإسلامية تستوعب السياسة ولا تخضع إليها، وهذا المفهوم حاضر في أصول الفقه، وعليه فأي تحرك لفصيل إسلامي يحكم عليه من ذي الجهة، والشجاعة مطلوبة في العمل السياسي، ولكن يجب أن تكون مقيدة بالإطار المصلحي، ولا بد من الموازنة بين الشجاعة والحكمة، وهذا التوازن يحتاجه كل فصيل سياسي لتحقيق أهدافه المرجوة، وأي ميل وتغلب لحالة على الأخرى ضمن معادلة الشجاعة/ الحكمة ينقص كفاءة العمل، ويبعده عن الأصل الذي قام عليه ومبتغاه المنشود الذي قام لأجله.

الرِوَاق

02 Nov, 16:55


ميشيل دو مونتين؛ رفيق لا يُمل!

يتعرف أغلب القراء على إتيان دو لابويسي صاحب رسالة العبودية المختارة من مونتين، حيث أشار إليه في موضعين بالجزء الأول من المقالات؛ الفصل السابع والعشرين عن الصداقة، والفصل الثامن والعشرين عن قصائد لا بويسي، لكن جرى الأمر معي خلاف هذا الترتيب المتعارف عليه؛ لأن ولعي بالحرية دفعني أول فترات القراءة لبعض الكتب المعروفة بهذا الصدد، على رأسها كتابان لشخصين لا يجمعهما شيء؛ الأول مسلم عربي عاش في ظلال خلافة إسلامية، والثاني نصراني غربي عاش في بفرنسا الصليبية، والفاصل بينهما يتجاوز الثلاثة قرونٍ، لكن جمعمها كره الاستبداد على هذا الفارق الزمني الطويل واختلاف البيئة؛ لأنهما عايشا الاستبداد، أما الأول فهو عبد الرحمن الكواكبي، صاحب طبائع الاستبداد، والثاني أشرت إليه أول  كلامي وهو إتيان دو لابويسي، صاحب العبودية المختارة الرسالة ذائعة الصيت، والتي كتبها وهو دون العشرين، لكن فيها من المعاني الحسنة ما يعجز ع صياغته كثيرون من المنتمين للفكر والثقافة، ومن الأخير تعرفت على واحد من أعظم الاكتشافات، ولا أبالغ عندما أقول أن تعرفي على الفيلسوف الفرنسي لا يقل أثرًا على المستوى الشخصي من تعرفي على الشيخ ابن تيمية رحمه الله

مونتين بمثابة الصاحب الذي يكبرك بسنوات عديدة، لكنه يطعمك حكمة وخلاصة تجاربه، وصاحبنا جمع الثقافة والعلم إلى النبل والغنى، وأضاف عليهما السياسة فقد كان رجل دولة، والإعجاب بهذا الرجل ليست من باب الفلسفة فليس بالفذ في هذا الباب، ولم تكن كتاباته مدرسية فقد كان يكتب على طريقة المقالات السجعية، وهو رائد المقالة الحديثة، وقد ضمت مجموعة من الأفكار والتأملات والملاحظات والآراء التي لا يجمعها سوى أنها كتبت بنفس اليد على الطريقة الشذرية المقالية، وبالمناسبة تأثر نيتشه تأثر بهذا الأسلوب، وقد كتب عن كل الموضوعات التي قد تخطر ببالك على مدار عشرين عامًا قضاها في عزلة عن الناس بقلعته التي ورثها عن أبيه عن جده، بدايةً من الفلسفة ورأيه بشيشرون مرورًا بالدين والحب وصولًا إلى دور أصابع الإبهام وأكل لحوم البشر! لكن باب الإعجاب به روح الحكمة التي تطغى على كتابته ناهيك عن القلم الأدبي الرشيق الذي يتمتع به، والمعرفة الجيدة بالتراث اللاتيني واليوناني، ولن يحرم قارئٌ متعة أو يندم على وقت التعرف على هذا الرجل النبيل العاشق للحرية، لكن قد لا يقدره البعض، وكما يقول ستيفان تسفايغ أنك تحتاج قدرًا من التجارب الحياتية لتفهم هذا الرجل بحقٍ؛ ولذلك كان ينصح الألماني بعدم قراءة ميشيل في الفترة الأولى من الشباب؛ لأن الشاب يميل للكتابات الثورية أكثر من الحكمة والتجربة والقلم الهادئ، لكن لا بأس بخوض مثل هذا التجربة.

الرِوَاق

02 Nov, 11:13


«إنما كان يصحّ قولك وتسلم دعواك لو كانت يونان معروفة من بين جميع الأمم بالعصمة الغالبة، والفطنة الظّاهرة، والبنية المخالفة، وأنّهم لو أرادوا أن يخطئوا لما قدروا، ولو قصدوا أن يكذبوا ما استطاعوا وأنّ السكينة نزلت عليهم، والحقّ تكفّل بهم، والخطأ تبرّأ منهم، والفضائل لصقت بأصولهم وفروعهم، والرذائل بعدت من جواهرهم وعروقهم، وهذا جهل ممّن يظنّه بهم، وعناد ممن يدّعيه لهم، بل كانوا كغيرهم من الأمم يصيبون في أشياء ويخطئون في أشياء، ويعلمون أشياء ويجهلون أشياء، ويصدقون في أمور ويكذبون في أمور، ويحسنون في أحوال ويسيئون في أحوال، وليس واضع المنطق يونان بأسرها، إنما هو رجل منهم، وقد أخذ عمّن قبله كما أخذ عنه من بعده، وليس هو حجّة على هذا الخلق الكثير والجمّ الغفير، وله مخالفون منهم ومن غيرهم، ومع هذا فالاختلاف في الرأي والنظر والبحث والمسألة والجواب سنخ وطبيعة، فكيف يجوز أن يأتي رجل بشيء يرفع به هذا الخلاف أو يحلحله أو يؤثّر فيه؟ هيهات هذا محال، ولقد بقي العالم بعد منطقه على ما كان عليه قبل منطقه، فامسح وجهك بالسلوة عن شيء لا يستطاع لأنّه منعقد بالفطرة والطباع، وأنت لو فرّغت بالك وصرفت عنايتك إلى معرفة هذه اللّغة التي تحاورنا بها، وتجارينا فيها، وتدارس أصحابنا بمفهوم أهلها وتشرح كتب يونان بعبارة أصحابها، لعلمت أنّك غنيّ عن معاني يونان كما أنك غنيّ عن لغة يونان.»

-الإمتاع والمؤانسة، (1/92)، أبو حيان التوحيدي.

الرِوَاق

02 Nov, 11:04


-Country road, 1890, Van Gogh.

الرِوَاق

01 Nov, 20:11


مذ شببت عن الطوق، وأدركت الأشياء على حقيقتها من حولي لازمني شعورٌ عميق بالحزن، وليس ذلك الشعور العابر المؤقت الذي تبدده الأيام ويطويه الزمان، بل شعورٌ متجذرٌ لا تغير الأيام من طبيعته ولا ينقص بمرور الوقت، بل ربما ازداد مع كثرة الملاحظة ومعايشة الأحداث، ونتاج هذه الحالة نشط داخلي حب شديد للعزلة وسعي حثيث لها، بل وتوقٌ شديد إلى تلك اللحظات التي انفردت فيها بنفسي، ورافقت فيها ذاتي في عزلة وانقطاعٍ تام عن كل الكائنات، إلا أن هذه العزلة المبتغاة في زمن توحشت فيه الرأسمالية لا تتيسر، بل تحتاج مرورًا عبر نفق الرأسمالية الحتمي كتمهيد لها، فيا لبؤس إنسان القرن الحالي، حتى العزلة فيه صارت صعبة المنال!

الرِوَاق

31 Oct, 21:40


لا يتردد أحد في نصرة إخوانه المجاهدين، فمن مُنع الجهاد المباشر بالسلاح، دونه مساحات أخرى متاحة؛ الجهاد والنصرة بالكلمة وكتابة منشورات ومقالات للتوعية، الدعم المالي بما يتيسر ولو كان قليلًا، ومن عجز عن كل ذلك فالدعاء باللسان وإصلاح الذات، وهذا لا يستعصي على أحد! لا تنسوا إخوانكم.

الرِوَاق

31 Oct, 21:40


قال رسول الله (ﷺ) : "مَنْ جهَّزَ غَازِيًا في سبيلِ اللَّهِ فَقَدْ غَزَا، ومنْ خَلَفَ غَازيًا في أَهْلِهِ بخَيْر فَقَدْ غزَا"

🔻للدعم والتبرع لكتائب القسام؛ التواصل عبر البريد الإلكتروني:

[email protected]

📬 ردنا على رسائلكم قد يصلكم في صندوق البريد العشوائي أو الغير هام "spam/junk mail"؛ وليس في البريد الأساسي.

🔖 يتم الرد على رسائلكم الكريمة خلال أسبوع؛ علماً أنه لا توجد أي وسائل أو قنوات إلكترونية أخرى للتبرع للكتائب
.

🚫 هذه مجموعة من الايميلات والقنوات الوهمية التي لا علاقة لنا بها:
[email protected]
t.me/Aym***alah0123
t.me/ASD***23
+96171***512
+970594***030

الرِوَاق

30 Oct, 17:13


«ما أبشع أن تكون ضعيفًا في هذه الدنيا..!»

الرِوَاق

23 Oct, 16:38


راجعني بعض الإخوة في هذا الكلام، وعليه وجب التوضيح حتى لا يساء فهم الكلام؛ ليست المشكلة في استحضار بعض النماذج المهزومة تاريخية -بالمعيار الدنيوي- ولا في دراسة المرحلة المكية وفترة الاستضعاف من السيرة النبوية أو معرفة معاناة الصحابة وما لقوه لأجل هذا الدين، بل هذا هو الأصل؛ أن ندرس السيرة بكل مراحلها دراسة جيدة ونستفيد منها جميعًا؛ مكية، ومدنية، وأن نخرج الشخصيات التي ضحت لأجل فكرة أو هدف نبيل من ثنايات التاريخ ونضعها على مسرح الحاضر للاستفادة منها على صعيد البذل والتضحية، لكن المشكلة أن تصبح ذي النماذج قدوات سياسية، وأن يصبح الاستضعاف منهجًا عامًا نتصبر به على الدوام، مع إهمال تام لمراحل التمكين وبناء الدولة، وهذه من الآفات الحاضرة بقوة عند أغلب التيارات الإسلامية، لمّا ألفوا الهزيمة والتنكيل بهم من الأنظمة فأخذوا ينبشون عن شخصيات يصبرون بها أنفسهم، بل ووظفوا الهزيمة الفاضحة في حقهم كتيارات إسلام سياسي للاستعلاء واستجلاب التعاطف، وختامًا يصح مدح الفعل من جهة وذمه من أخرى، ويصح مدح فعل في سياقات محددة وذمه في سياقات مختلفة، وعليه يحبذ الاستفادة من نموذج حسين رضي الله عنه من وجه معين كالشجاعة، لكنه لا يمدح سياسيًا، وكذا أي تحرك لا يجلب مكسبًا في مضامير السياسة، ويستفاد من بني أمية معاوية، يزيد، وعبد الملك في سياستهم مع ترك ما عارض من أفعالهم أخلاق الإسلام، والخطأ أن نقحم تصرفات كالشجاعة والإقدام في مقام السياسة، أو السياسة والمراجعة الدائمة للقرارات بمقام المواجهة المباشرة مع العدو في وقت تكون به كلفة التأني ثمينة.

الرِوَاق

17 Oct, 23:32


‏قائد سياسي يمسك بندقيته يقاتل في ميدان المعركة بالصفوف الأولى ضد العدو، تصاب يده بجرح عميق فيربطها بسلك نحاسي ليوقف نزيف دمه، ثم يستكمل جهاده حتى آخر أنفاسه وآخر لحظات حياته غير مستسلم مقبلا غير مدبر ليقيم بهذه الميتة الحجة على حكامنا الخونة! العزاء الوحيد أن السنوار ومن سبقه على الطريق لم يموتوا بل أحياء عند ربهم، وأحياء بيننا كذلك بتضحياتهم، وأن هذه الأحداث ليست عابرة، أو تذهب سدى وتطوى في صفحات التاريخ، بل تشكل وعي أجيال ترى اليوم بأم عينها مجاهدًا يخرج من تحت الأرض ليحرق الميركافا، وقائدًا يقف كالطود الراسخ يقاتل حتى آخر لحظاته.

الرِوَاق

17 Oct, 21:22


خبرٌ ثقيل جدًا على القلب، لكن هذه هي الطريق؛ ليست مفروشةً بالزهور والورود، مليئة بالأشواك، بل إنها مفروشة بالأشلاء والجماجم، مزينةً بالدماء، غير مزينةٍ بالورودِ والرياحين! رحمك الله يا أبا إبراهيم، فزت ورب الكعبة، ونحن بإذن الله على دربك لن نحيد.

الرِوَاق

10 Oct, 23:58


‏مشاعر الحب والكره متروكة للعوام، الذين يقيّمون الأحداث تبعًا لمشاعرهم، فهذا حسنٌ لأنه يفرحنا ويشعرنا بالنشوة، وذاك سيءٌ لأنه أحزن قلوبنا! وأما النخبة المثففة والساسة والمنشغلون بالفكر ينطلقون من قواعد مختلفة تمامًا عن العوام وهي المصلحة/المستقبل؛ فهذا حسن لمصالح، وذاك سيء لمفاسد.

الرِوَاق

09 Oct, 14:52


‏«يجب أن تكون القيادة العسكرية دومًا خاضعة للقيادة السياسية، أو بعبارة أخرى يجب أن تكون الخطة الاستراتيجية هي التعبير العسكري عن سياسية عامة معينة.»

-دفاتر السجن (مختارات)، أنطونيو غرامشي.

الرِوَاق

08 Oct, 19:40


‏يجب على الباحث خلع رداء الأدلجة والانحيازات العاطفية والآمال المرجوة في الكتابة الأكاديمية، يجوز هذا في حق عامي، أما الباحث واجبه التحليل المنصف والناقد يشيرُ للأخطاء، ومن ثم يأتي دور المفكر ليصلحها، ولنترك رفع المعنويات للساسة والقادة، ويلتزم كل واحد بمساحته، فلكل مقام مقال.

الرِوَاق

05 Oct, 23:18


لست من دعاة اليأس، ورغم أن هذا الشعور تملكني مذ كبرت ووعيت، ودائمًا ما سيطر على عقلي، إلا أنني تجنبت بثه لأقرب الناس لي فضلًا عن بثه على الملأ، بل أحاول تصدير عكس ما يكمن في قلبي ربطًا على قلوب الضعفاء، إلا أن الوضع لم يعد يحتمل خداعًا للآخرين، والحقيقة أن أمتنا في حالة يُرثى لها، وهي اليوم في أضعف حالاتها، ولتدرك مدى الضعف الذي وصلنا إليه ما عليك سوى تأمل موضعنا من الأطراف المتصارعة! وما لم ينهض المخلصون من هذه الأمة اليوم ويلملموا شتاتهم ويجمعوا الشباب حولهم ويستغلوا الفرصة الحالية، والتي لن تتاح لهم مستقبلًا، أفضل استغلال ممكن فلن تقوم لنا نهضة لعقود طوال، وإن الاكتفاء اليوم بالدعاء أو التعلم -على أهميتهما- لا يكفيان لهذه المرحلة الصعبة، ولسنا اليوم بحاجة للإصلاح المعرفي وحده بذريعة التأني وعدم استعجال الثمار، وكل الخطابات المتواجدة على الساحة الدعوية اليوم والمنتشرة بين الشباب ليست على قدر الأحداث والمتغيرات العظيمة، فالواجب اليوم أن يكون المتصدرون على قدر الحدث، والنقاد مع تحركاتهم خطوة بخطوة لتقييمها، ويتعاظم عند الشباب شعور بالمسؤولية الحقيقية تجاه أمتهم، فلا يكفون البحث عن الحلول الممكنة؛ لأنهم جزءٌ هامٌ من هذا كله، وبدونهم لا  نصر.

الرِوَاق

05 Oct, 21:48


أنا الآن من شمال غزة في مخيم جباليا أحدثك من تحت الموت، فرصة جيدة لك أن تشاهد الموت من خلال عين الضحية، السماء لهيب برتقالي يضيء الدنيا كأنه النهار، الرأس يكاد ينفجر من هول ما يسمع من الانفجارات، القلب يكاد يخرج من مكانه إلى قريب من الحلق فيضيق النفَس: "وبلغت القلوب الحناجر"، ضجيج النساء والأطفال في الشارع مزدحم لا يدرون أين المسير، كأنها عتبة من أهوال القيامة، السماء مليئة بأنواع لا تُحصى من الطائرات المختلفة، العيون محدقة في كل مكان، أسمع الآن رجلًا يلقن طلفه أن يقول: حسبنا الله ونعم الوكيل.

-منصة إكس، حمزة مصطفى أبو توهة.

الرِوَاق

05 Oct, 21:34


ليلة صعبة، كثفوا من الدعاء لأهل غزة ولبنان.

الرِوَاق

01 Oct, 18:28


تضع الضربات الإيرانية أتباع «المسرحية السياسية» أمام مأزق كبير، وحالهم الآن بين مستمر على رأيه يعاند حقيقة جلية كمن يتنكر للشمس وهي في كبد السماء، والهوى يفعل بالمرء أكثر من هذا، وآخرين حزينين أكثر من الاحتلال نفسه؛ لأن الواقع أثبت ما يخالف قناعاتهم الخرسانية الجامدة عن تحالف سري بين الصهيونية العالمية والشيعة على أهل السنة.

الرِوَاق

30 Sep, 17:54


‏روبسبيير: «اسحقوا بالرعب أعداء الحرية، وسيكون ذلك من حقكم كمؤسسين للجمهورية، إن حكومة الثورة هي استبداد الحرية ضد الطغيان... إن إنزال العقاب بأولائك الذين يضطهدون الإنسانية هو الرحمة.»

-الأعمال المسرحية الكاملة، موت دانتون، ص 60/61، جورج بشنر، جمع وترجمة: عبد الغفار مكاوي، الناشر: مؤسسة هنداوي، 2020.

الرِوَاق

26 Sep, 15:40


‏روبسبيير: «إن سلاح الثورة هو الرعب، وقوة الجمهورية هي الفضيلة. الفضيلة لأن الرعب بدونها مهلك، والرعب لأن الفضيلة دونه عاجزة.»

-الأعمال المسرحية الكاملة، موت دانتون، ص 60، جورج بشنر، جمع وترجمة: عبد الغفار مكاوي، الناشر مؤسسة هنداوي، 2020.

الرِوَاق

26 Sep, 15:40


الكلمة وحدها ضعيفة، ثرثرة لا يُلتفت إليها، والسيف وحده غشوم غير منضبط يقطع كل ما يقابله دون تمييز، كلاهما مكمل للآخر وكلاهما دون الآخر لا شيء، قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى: «فمن عدل عن الكتاب قوِّم بالحديد، ولهذا كان قوام الدين بالمصحف والسيف، كتاب يهدي وسيف ينصر.»

الرِوَاق

26 Sep, 01:39


‏«إن التجربة الصوفية في جوهرها محاولة لتجاوز حدود التجربة الدينية العادية، تلك التي تقنع بالعادي والمألوف من مظاهر التصديق والإيمان وتقتصر على مجرد الوفاء بالتكليف الشرعي، إن الصوفي يطمح إلى تجاوز حدود الإيمان للدخول في تخوم الإحسان»

-هكذا تكلم ابن عربي، ص 128، نصر حامد أبو زيد.

الرِوَاق

24 Sep, 12:50


‏السياسة حقل ألغام، يراه الناظر من بعيد أرضًا مستوية بسيطة لا شيء غريب فيها، ويتعجب من حال السائرين فيها ببطء شديد متسائلًا: «ما الذي يجعل هؤلاء الحمقى يسيرون بهذا الحذر الشديد؟» ولا يدرك الحقيقة إلا حين ينزل بنفسه ويدرك أن هذه الأرض تحوي في باطنها ألغامًا منفجرة، وأن لومه من يسير بحذر نابع في الأصل من سوء تصوره وتسرعه.

الرِوَاق

18 Sep, 19:44


‏«كنت أكتب بروح من الدعابة والمرح، ليهتز جسد لينين على مقعده ضاحكًا وهو يقرأ، كان ميالًا للضحك، بالأخص حين يكون متعبًا، إنها واحدة من خصاله الطفولية؛ في أكثر الرجال رجولة تكمنُ أيضًا الكثير من الخصال الطفولية.»

-حياتي، (1/617)، ليون تروتسكي، ترجمة:
أشرف عمر، دار روافد للنشر والتوزيع 2019.

الرِوَاق

18 Sep, 19:21


‏«أما غرفة لينين، فقد كانت صورة معتادة لما يمكن أن نسميه نظام، لم يكن لينين مدخنًا، وكانت الصحف الضرورية مرتبة جدًا في متناول اليد، وفوق كل ذلك كان على وجهه الاستثنائي غير المنظوم تعبيرًا يوحي بأنه يتحين الفرصة.»

-حياتي، (1/361)، ليون تروتسكي، ترجمة:
أشرف عمر، دار روافد للنشر والتوزيع 2019.

الرِوَاق

13 Sep, 22:29


بإذن الله، أنشر قريبًا هذا العمل على قناة الرواق، وهو نقد موضوعي للحركات الإسلامية والجهادية من جوانب سياسية تنظيمية، شمل النقد أغلب الحركات الموجودة لكن يحتل الإخوان المسلمين النصيب الأكبر، وكذا الحال مع تنظيم القاعدة باعتباره نواة ظاهرة الجهاد العالمي، والله الموفق.

الرِوَاق

10 Sep, 22:22


أَنا مَن بَدَّلَ بِالكُتبِ الصِحابا
لَم أَجِد لي وافِياً إِلّا الكِتابا

صاحِبٌ إِن عِبتَهُ أَو لَم تَعِب
لَيسَ بِالواجِدِ لِلصاحِبِ عابا.

الرِوَاق

10 Sep, 22:20


-المقالات، (3/64)، ميشيل دو مونتيني، ترجمة: فريد الزاهي، دار معنى للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى.