وعن الصادق جعفر بن محمد بن علي، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: «أوحى الله تعالى إلى داود (عليه السلام): يا داود!.. وكما لا تضيّق الشمس على من جلس فيها، كذلك لا تضيّق رحمتي على من دخل فيها، وكما لا تضرّ الطيرة من لا يتطيّر، كذلك لا ينجو من الفتنة المتطيّرون». [الجواهر السنية: ٤٧٧].. انتهى.
وهذا الخطاب الإلهي القدسي، من أكبر وأعظم الشواهد على ما أصلناه من أن المتطيّر لسوء ظنه بربه لا ينجو من الفتنة، فيقع في الهلكة، ومن لا يتطيّر لحسن ظنه بربه لا تضرّه الأشياء التي يُتطيّر منها، وتُدفع عنه ببركات حسن الظن بالله.
ومن دخل في رحمة الله بالانقطاع إلى أخبار أهل البيت (عليهم السلام)، واقتفى آثارهم لم تضق عليه، بل لا تزال تتسع وتفتح له الأبواب التي كل باب ينفتح منه ألف باب، حتى يوصله إلى مقام انشراح الصدر بنور العلم والمعرفة، وهو من أفضل ما أثنى الله على نبيه (صلى الله عليه وآله)، حيث يقول:
﴿ألم نشرح لك صدرك﴾ .. الانشراح /١ ..
فإذا منّ الله عليه بالوصول إلى هذه الرتبة، فهم من الذين لا يصيبهم بلاء الدنيا، ولا بلاء الآخرة، ومعنى أنه لو أصابه نوع من البلاء فهو عنده غير بلاء، وبحسب نظر الناس، وإلا فهو عنده في جنب ما عرفه الله من إيصاله إلى رضاء الله، وبحسب ما يطلب منه من المراتب السامية عند الله تعالى، من أكبر الملاذ وأهنأ العطاء.
📚الشيخ حسين البحراني (رحمه الله)، الطريق إلى الله، ص٤٣-٤٥