فاطِمة ديك☀️ 𓂆

تخونني يديّ، تحطمت الأقلام، جفَّ المداد على شفاه الكلمات، أصبحتُ غريبًا عن لغتي، عاجزًا عن نسخ الأحرف كما عادتي، تفرّ الكلمات هاربة، لا مكان لها اليوم، أبحثُ عن قالبٍ مناسب لها، ويا لخيبتي؛ لا أجد، تُثقلني الكلمات، ولا استطيعُ حملها، حزُن ممتلئ في جوفي حتّى ضفاف الرّوح، أمدّ يدايّ لأصل للورق، لكنه يُبعدني، موحش، جاف، عصيًا على القرب والبوح، لا مهرب اليوم، لا تنصُفني اللّغة؛ لأصنع من الواقع عالمًا آخر أشيّده من اللّغة، حُزن بلا لغة لكي تصفه أو تخفف وطأته، لكنني أكتبُ في كلّ حين، إلّا ما أريدُ كتابته ووصفه، كل شيء يردّني إلى ما أهرب منه، ويذكرني، إلا يدي…، خذلتني، خانتني، كم هو مروّع أن تصبح اللّغة –التي كانت عزائي– مقبرةً للصمت.

•عُمر بن أبي ربيعة، في مذكّراته

"قُمْ .. صَلّ نَافلة الوصولِ تحيّةً
للخارجينَ الآن مِنْ صَمتِ الثّرَى

واكْشِف لِأخوتِكَ الطريقَ لِيَدخُلُوا
مِنْ ألفِ بابٍ إِنْ أَرادُوا خَيْبَرَا."

قال علي زين العابدين بن الحسين -رضي الله عنهما-:
"فقد الأحبة غربة." وكان -رضي الله عنه- كثير البكاء حتى سُئل عن ذلك فقال: لا تلوموني، فإن يعقوب فقد سبطاً من ولده، فبكى حتى ابيضّت عيناه، وقد نظرت إلى أربعة عشر رجلًا من أهل بيتي يُقتلون في غداة واحدة (كربلاء)، أفترون حزنهم يذهب من قلبي؟!

الحُزن = ثمن فارق توقيت الوجدان، عن توقيت الوجود، يدفعه الإنسان على هيئة خلجات.

الحمد لله الذي أظهر من آثار سلطانه، وجلال كبريائه، ما حيّر مُقَلَ العُقولِ مِن عجائِبِ قُدرته، ورَدَعَ خَطَراتِ هماهِمِ النُّفوسِ عن عِرفانِ كُنهِ صِفَتِه.

وأشهدُ أنْ لا إله إلّا الله، شهادةَ إيمانٍ وإيقان، وإخلاصٍ وإذعان.
وأشهدُ أنَّ مُحمّدًا عبدُهُ ورسولُه، أرسَلَهُ وأعلامُ الهُدى دارِسَة، ومناهِجُ الدِّينِ طامِسَة، فَصَدَعَ بالحَقِّ، وَنَصَحَ لِلخَلقِ، وَهَدَى إِلى الرُّشدِ، وَأَمَرَ بالقَصْدِ.

•كلام سيّدنا عليٍّ -رضي الله عنه- في نهج البلاغة

شعور الحُريّة لا تفسير له، تمامًا كما شعور الحُب.

•الأسير المُحرّر إياد جرادات

:)'

أحبّ الجسارة، وأحبّ الشجعان، وأفديهم بروحي، وما وجدت قلبي يفسح لأحد تفسحه للشجعان
‏أحبّ الناس الشجاعة في خطواتها الأولى؛ لأنها الأصعب كما قال المنفلوطي، والشجاعة في الحُبّ؛ ولأنه شرط المحبّة الجسارة.
‏يا ربّ أرجو الشجاعة من قبلِ الشّفاعة.

"وفتيان صِدْقٍ يحملون مع القنا
قلوبًا ثِقالًا تشتكي حملها الجُردُ

غيوثٌ إذا جادوا، ليوثٌ إذا عَدَوا
كثيرٌ إذا عادَوا، قليلٌ إذا عُدُّوا."

تقبّل الله الشُّهداء وشفى الجرحى وربط على قلوب ذويهم وكتب للمجاهدين أجرهم. الحمد لله على سلامتكم جميًعا.

{لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ ۚ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ ۚ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ ۖ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ وَعْدَ اللَّهِ ۖ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}

"وَأَعرِضُ الوُدَّ أَحياناً فَيُؤنِسُني
‏وَأَذكُرُ البُعدَ أَطواراً فَيوحِشُني."

فليذهب الماضي بخيره وشرّه، وليأتنا الحاضر بما نريد.

•مُصطفى لطفي المنفلوطي

{قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُم مِّنْهَا وَمِن كُلِّ كَرْبٍ}

اللّهم ارزقني نفسًا طيبة مطمئنة قانعة بعطائك، راضية بقضائك، موقنة بلقائك.

وكان ابن شبرمة إذا نزلت به نازلة قال: سحابةُ صيفٍ عن قليل تنقشع.

•العقد الفريد، لابن عبد ربه

"ومن العجائب والعجائب جمةٌ
‏قرب الدواء وما إليه وصولُ."

‏أكرم نفسك بالتغاضي، تجوَّد عليك بالتعافي
‏فما كل حدث يستلزم الانتباه .. لأنه أقل من معركة و أبطأ من طريدة، و أدنى من أن يكون عزيزًا.

"تَوَلَّوا بَغتَةً فَكَأَنَّ بَيناً
تَهَيَّبَني فَفاجَأَني اِغتِيالًا."

حتّى أنَّ في صمتي حديثًا لا يسمعه سواك، وحضورك وطنًا لعاطفتي، وغيابك زلزالٌ يهدم أركان قلب محملًا بك، وإن كان ما عندي من الإخفاء كثير، فإنه لا يجاريني تجاهك، ولا يطاوعني في الإخفاء، يظهر لك بأكثر مما فيَّ من تورية، أو أنه يرغب بك بأكثر من صمتي.

عينٌ لا يكفيها البُكاءُ للإفصاح عمّا بداخلها من أسى وتعلُلْ.

وَحشاي مثل الندى الرقيق، ويكون كالجمرة الموقدة.
في حبي وسخطي، ضدان يأكلانني.
أضداد كثيرة في قلب غض طري، وإني فوق كل ذلك عبد؛ يسأل الله السلامة والعافية.

هل علينا أن نرثي الشهداء الذين عرفناهم؟ هل علينا أن نتحدث عن الأطفال الذين أحبونا، وكانت قلوبنا تطوف حولهم وهم يبحثون عن فرصة للعب أو محاولة الاستمتاع بما وجد من قليل الطعام في جوف الحصار وغمرة حرب الإبادة؟ هل علينا أن نستعيد أحلامهم بلحظة أفضل يتوقف فيها الخوف والهلع والفزع؟ هل علينا أن نتذكر دائمًا الذين دفنت أحلامهم في صدورهم التي مزقها القصف؟! هل هذه الكتابة تفعل شيئًا؟! توفّي حقًّا؟! أم هي محاولة للتشافي من حزن لا ينبغي التشافي منه؟! ومحاولة لا نتيقن صدقها من كذبها للوفاء الذين استطاعوا أن يحبونا رغم وحش الموت المطبق على تفاصيلهم اليومية؟! لماذا نحدّث العالم عن أحزاننا؟! لماذا لا يغرق فيها الواحد منّا منفردًا؟! يختنق بها كما يجب تمامًا كما أن فجأة القصف تسكت ضحكة طفلة تدفن رأسها في حضن أمّها؟!
لماذا أكتب الآن أصلاً؟! لماذا أعود للحديث؟! ما معنى أيّ شيء؟!

إنّ الاعتقادين الأساسيّين في الإسلام: «الله أكبر.» و «لا إله إلّا الله.» هما في الوقت نفسه أعظم القوى الثّورية في الإسلام، يذهب سيّد قطب إلى أنّهما يعنيان: «انتزاع السلطة من الكهّان ومن زعماء القبائل والأغنياء والحكّام وإعادتها إلى الله.» ولذلك -كما استخلص سيّد قطب- كانت «لا إله إلّا الله.» ضدّ جميع أصحاب السلطة في كلّ عصرٍ ومكان

•د. علي عزّت بيجوفيتش رحمه الله

{فَقُطِعَ دَابِرُ ٱلۡقَوۡمِ ٱلَّذِینَ ظَلَمُوا۟ۚ وَٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ}

فوالله إنّي أجدُ به وجدًا أتّهمُ فيه نفسي، وما وجدتُ معه ألم سهرٍ قطّ، وإنّي أرى حديثه آنق من المُنى إذا أُدركت ومن الدنيا إذا مُلكت.
وإنّ تمازجنا بالعقل والروح والرأي والتدبير والنظر والإرادة والاختيار والعادة ليزيدُ على حالِ توأمين، وما أخوفني أن يؤتى من جهتي أو أُوتى من جهته، وإنّ عاقبته موصولةٌ بعاقبتي لأنّي مأمنه وهو مأمني، وما أكثر ما يؤتى الإنسانُ من مأمنه والله المستعان.

•التّوحيدي

قال تعالى: "إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ."

أيّ: تأكيد على أن الله سبحانه تعالى حاضر ومراقب لعباده، ومعيته؛ معية خاصة، يمدهم بالنصر، والعون، والرحمة، والتأييد.
ليست مجرد معية علم وإحاطة (وهي عامة لكل الخلق)، بل معية تكريم ورعاية.

"معهم، يؤيدهم، ويثبتهم، ويقويهم، ويؤنسهم، ولا يدعهم يقطعون الطريق وحدهم، ولا يتركهم لطاقتهم المحدودة، وقوتهم الضعيفة، إنما يمدهم حين ينفد زادهم، ويجدد عزيمتهم حين تطول بهم الطريق."

يا واسع يا رحيم يا رحمن يا الله :)'!

"إنني أترجّل عن ظهر الأمس، لأمشي مقاومةً كل رغبةٍ تسكنني بالجلوس.
إنني أكتبُ الآن هنا، مقاومةً ضيقَ زنزانة رأسي التي تودّ لو أظلّ سجينتها.
إنني أترفّع عن الحبِّ الناقص، مقاومةً كل نبضةٍ تريد مني لو أظلّ حبيسة وهمه الحلو.
إنني أكشفُ عن قلبي، مقاومةً رغبته في الانزواء وحيدًا حتّى انقضاء العمر.
إنني أصمتُ الآن أكثر، مقاومةً رغبة لساني بالتفوّه بلغو الكلام.
إنني أقاومُ الواقع، والإنسان، طمعًا في نصر الامتناع عن المساهمة في هذه الفظاعة السرمدية."

"لَعَلَّ زَماني يَنثَني لي بِعَطفَةٍ
‏وَتَرضى مُلِمّاتٌ عَلَيَّ غِضابُ."

أتلمس أحوالي منذ ولدتُ إلى اليوم
‏وفي يأسي أتذكر
‏أن هناك حياةً بعد الموت
‏هناك حياة بعد الموت
‏ولا مشكلة لدي
‏لكني أسأل:
‏يا الله
‏أهناك حياة قبل الموت؟

•مُريد البرغوثي

يُطاردني الإحساس بأنّ حياةَ المرءِ إن هي إلّا حلم؛ فعندما أتأمّل الحدود الضيّقة التي حُبست بداخلها أنشطتنا وملكاتُنا، وكيف تتبدّد طاقاتنا في سبيل الحصول على الكفاف من الضروريّات التي لا غاية من ورائها بعد كلّ شيء سوى إطالة حياتنا التعِسة.. ألوذُ بالصمت.

•غوته

يا ربِّ صلِّ على هادي أتى أمما
أتى بوقتٍ وقد عاش الورى الظلما

بكت سماؤك فوق الموجَعين أسًى
في الأرض قد أصبحت أحوالهم سقما

تاهت دروب لهم والعز قد رحلا
والحزن يخنق أرواحا كذا حلما

نالت همومٌ عميقاتٌ فؤادهمو
أرسلت هديك يشفي ما بهم ألما

يا خير من علّم الصبر الجميل لنا
أرسل ثباتا لنحيا بعده كُرما

•فاطِمة ديك☀️

"يعيشُ الفتَى مَهما تكلَّم ساكتًا
فإن ماتَ أفضَى موتُه فتكلَّما."

إنّ الغياب، كشجرة تنبتُ في عمق الروح، جذورها تمتدّ في الصمت، وأغصانها تلامس ذكرى عابرة، أراقبها بصمتٍ مهيب، كمن يخشى أن يوقظ شيئًا دفينًا، أو أن يبعثر سكونًا طويلًا من الأحلام المؤجلة.
الرحيل وترك أثرًا لا يُمحى، مثل آثار الأقدام على رمال شاطئ خالٍ، يخالطها البحر دون أن يمحوها تمامًا.
كأنك نسيمٌ مرّ بي في لحظة مسائية هادئة، لامسني بلطفٍ ثم توارى بعيدًا، تاركًا نكهةً خفيةً في الأفق، لا تزول.
كأنك نقشٌ في القلب لا يُمحى، أثرٌ عتيق يرفض الانصياع للزمن.
لم يكن الغياب كافيًا ليبددك، بل لعلّك في البعد ازددت وضوحًا، كأنك صورةٌ في الذاكرة تستعصي على التلاشي، تتألق في ظلال الحنين كلما اشتد الصمت من حولي.
كأنك فصلٌ ناقصٌ في قصة اكتملت صفحاتها، لكن معناها ظل معلقًا في الكلمات التي لم تُقال.
أصبحتَ في ذاكرتي نسيجًا لا يتبدد، كأوراق شجرة عتيقة تهمس بأغنية خفية في عمق الليل، لا تسمعها سوى الروح حين يشتد عليها الشوق.
وفي الليل، حين تخلد الأشياء للهدوء، يشتدّ حضُورك، كأنك ضوءٌ شاحب في نافذة قديمة، لا يُضيء بالكامل لكنه لا ينطفئ أيضًا، ليبقى موصولًا بعمقٍ لا يدركه أحد، بين حنين مكتوم وشوقٍ لا يهدأ، وكأنك هناك، بين الحلم والذكرى، تعيد صياغة كل ما هو غائب ليصبح حاضرًا، وتترك لي شيئًا لا أستطيع الإمساك به ولا التحرر منه.

«أتاحَ اللهُ لك من غيبِه ما لا يحلم به أملُك، وصرف عنك كلَّ ما يحول بينه وبينك، ولذّذك بخطابه إذا ناجاك، ومتّعك بنعمته إذا خصّك، وجعلَ ظاهرَك ينطق عنه تحقيقًا، وباطنَك يوقنُ به تصديقًا، ورقّاكَ إلى ذروةٍ عُلْيا؛ آياتُ الحقِّ فيها تصفّيك، وأحكامُه تتصرّف فيك، وأنتَ في خافي ذلك وباديه تشهدُ آلاءه شاكرًا، وتتقلّب في أثنائها مسلِّمًا وصابرًا.»

‏ •التّوحيدي

"قل للمليحة لا يأسٌ ولا ندَمٌ
وقل لمن آسَفونا بعدُ لا أسفُ."

ولو بقي مؤمن واحد مرابط على الحق في الأربعة آلاف مليون، فهو وحده أُمّة ترجحهم جميعًا عند الله يوم تنكشف الحقائق وينهدم مسرح العرائس، ويتمزق ديكور الخيش والخرق الملونة، وتنهار علب الكرتون التي ظنناها ناطحات سحاب وتنتهي الدنيا.

•د. مصطفى محمود رحمه الله

"كفى بكَ داءً أن ترى الموْتَ شافِيَا."

"إنّ هذه الدنيا قد تغيّرت وتنكّرت وأدبر معروفها، فلم يبقَ منها إلا صبابة كصبابة الإناء وخسيس عيش كالمرعى الوبيل، ألا ترون أنّ الحق لا يعمل به وأنّ الباطل لا يتناهى عنه، ليرغب المؤمن في لقاء الله محقاً، فإنّي لا أرى الموت إلا سعادةً ولا الحياة مع الظالمين إلا برماً."

•الحُسين بن علي بن أبي طالب عليهما السّلام

"والله لم أجد إلّا الذرّ لقاتلتكم به."

•عمر بن الخطاب رضيّ الله عنهُ

في رواية الشوك والقرنفل ليحيى السنوار استعار هذه العبارة الجليلة، ولم يلبث سوا أن تحققت عبارة عمر بن الخطاب عندما خاطب بها المشركون في شخصية السنوار واستشهاده ودفاعه حتّى آخر رمق، ولم يجد سوا العصا لقتال العدوّ وفعل!
ومن المركزيات المهمة في العقيدة إنّ البقاء لله وحده، وهذه حقيقة عظيمة لا ينبغي أن نغفل عنها.
يقول الله تعالى في كتابه العزيز:
"كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ."
وهذا يعني أن كل مخلوق في هذه الدنيا إلى زوال.
فما من شيء يدوم إلا وجه الله.

وقوله تعالى:
"إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ."
هنا نرى أن الحياة الحقيقية والدائمة هي لله وحده، فهو الذي لا يموت ولا يتغير، وهو الذي يدير شؤون الكون بحكمته.

وإن من أعظم الفضائل التي أمر بها الله سبحانه وتعالى هي فضيلة الصبر، خاصةً في الأوقات الصعبة والأحداث الجسيمة.
وقد شهدت الأمة الإسلامية في تاريخها الكثير من المحن، ومن أعظم هذه المحن استشهاد الصحابة الكرام الذين بذلوا أرواحهم في سبيل الله.
والأهم أنه لا يوجد حدثٌ أعظم من وفاة سيّدي النبيّ ﷺ.
فلنستمد من هذه الأحداث العظيمة قوة في قلوبنا، ولنجعل من وفاة النبي واستشهاد الصحابة دروسًا لنا في الصبر والثبات.
فهُم نموذج يُحتذى به في مواجهة التحديات والبلاءات.
في هذه اللحظات العصيبة، لنتذكر قوله تعالى:
"أُو۟لَـٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ۖ وَأُو۟لَـٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ."

علينا أن نتذكر دائمًا أن الصبر هو السبيل لبلوغ الفلاح في الدنيا والآخرة، وأن الله مع الصابرين في كل حين.

فقد قال سيّدي النبيّ ﷺ:
"من لا يصبر على فقدان الأحبة، لا يُرجى له الأجر عند الله."

إن الصبر هو السبيل الوحيد الذي يُعيننا على تجاوز الأزمات، وعلينا أن نتذكر دائمًا أن الشهداء عند ربهم يُرزقون.
يقول الله تعالى:
"وَلَا تَقُولُوا لِمَن يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِن لَّا تَشْعُرُونَ."

___________

بسم الله على قلوبنا، القلوب التي يصل بها البكاء حدَّ التسليم ثم تعود برحمة الله، علّها يُكتب لها الموت فداءً لا ألمًا، القلوب المشتاقة لمن رحلوا، الموجوعة على من لم يرحلوا، القلوب التي تتمنى الوصل والوصول بالثأر المقدّس، القلوب الفقيرة تئن باثّةً شكوى فؤادها لله، القلوب المؤمنة أن الرزايا عطاء، بسم الله على هذه القلوب إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولًا.

"يُقَرِّبُ حُبُّ المَوتِ آجالَنا لَنا
وَتَكرَهُهُ آجالُهُم فَتَطولُ."

"يُعَبِّرُ سَيْفُه لفْظَ المَنايا
كما شَرَحَ الكلامَ التّرْجُمانُ

ويُكْنَى باسْمِهِ عن كلّ مجْدٍ
وكلُّ اسْمٍ كِنايَتُهُ فُلانُ

إذا سَمَيْتَهُ في أرْضِ جَدْبٍ
نَزَلْتَ وكلُّ رابيَةٍ خِوانُ

ستَفْديكَ المكارِمُ راضِياتٍ
وما مِنها بفِدْيتِكَ امْتِنانُ

إذا صَالَتْ فأنْتَ لها يَمِينٌ
وإنْ نَطَقَتْ فأنتَ لها لِسانُ."

حمل الوطن على الأجاويد.

لإن ضرّكم وجدي بكم فحنانَكم
فإن فؤادي عاث فيه هيامكم

وأمسيت لا أرجو لحبي وصاله
وقيل شفاء العشق بُعدُ قلوبكُم

•فاطِمة ديك☀️

لَإنْ دَخل الهُيامُ بأسرِ طلقٍ
أشدتُ تولّعي وشكرتُ صبري

خَبِرتُ مصائب الأيامِ لمّا
فطنتُ لطيفها من أين يجري

وآثرتُ الفراقَ على التداني
وحجَّبتُ الهوى وحفظتُ أمري

وَما أُعطي للوّامي سبيلًا
وَلا أعفو لخصمي هتكَ حِذْري

علوتُ إلى العُلا وَرُفعتُ لمّا
بصرتُ البدرَ دوني وَهْوَ يسري

وغيري يطمحون وصولَ دربي
وخَطوي كالسَّنا، وهُموا كَفِتري

•فاطِمة ديك☀️

الحزن؛ الرفيق الرقيق الشجي الذي ترى من خلاله الدنيا كعدسة تعيد للأشياء حجمها الحقيقي.

إنّ الحزين غريب في وطنه وبيته، والحزين إذا ما لقي حزينًا فكأنما اتسعت الغربة لتجمع أبناء الوطن.

الحزن؛ غُربة، والوجود كله غُربة لإنسان يشعر بأن بروحه ما لا تتسع الأرض لتضمه، وأن مستقره في السماء وفيما لا يجد من القول أو الرؤى، ولذلك فالحزن عين، عين لأنها غربة، والغريب لا ينظر للمدينة كما ينظر لها أبناؤها، بل ينظر بتفحص وارتياب ويبحث عن أسباب كل شيء فيما حوله، حتى إذا ما اجتمع غريبان نسيا التفحص وتبادلا الريبة، ورضيا بالمكوث دون السؤال، حتى إذا مر الزمان عاد كل غريبٍ لغربته، كل لعينه، فيسكِّنُ كلٌّ منا حزنه ليرى العالم من حيث شاء.

•عبد اللطيف

بعض الأحيان "يصغّر" الإنسان من عقله، فينزل في مستواه لمجادلات لا تليق به.
‏تارةً يغلب المندفع على النفس، وتارةً يغلب الحليم عليها، والغلبة دائمًا للحليم إذا رجحت لديه كفّة الترفّع عن صغائر الأمور وأصحابها، وكما قال غازي:

‏"تأبى الرجولة أن تدنّس سيفها
‏قد يُغلَب المقدام ساعة يغلِبُ."

قال تعالى: "لَوْلا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا."

أيّ: قويّنا قلبها بالإيمان وأعطيناها الصّبر والثَّبات وآمنّاها مِن خوفها.

"أحداث الحياة تعرّض قلوبنا للتمزّق والتشظي والشّتات، الله وحده من يربط عليها."

آنسُ بهذا التفسير :)'!

شكوْتُ وما مِنْ رحمةٍ عِندَ شكوايا
وَأمْسيتُ لا أرجو لِحُبي حنانيا

•فاطِمة ديك☀️

"ستألفُ فقدان الذي قد فقدته
كإلْفكَ وجْدان الذي أنت واجدُ."

رواية الصمود لا تلغي عذابات شعبنا ولا تُسخّف منها، صاغها الراحل حسين البرغوثي ببراعة ذات مرّة حين قال:

"ولَنا أهلٌ وبلادٌ يا سيّد
نحزن مثلَ بَقيّة خلق الله
ويُؤلمنا أنّ الخُطى تنفصل كأنهار الخرائط
يا سيّد..
وجدنا الحياة فعشناها
ومَن كُتبَت عليه خُطىً مَشاها."

"وكَذَّبوني! ولكنّي أرى ظَفَرًا
ولا أقولُ سيأتي، بل أقولُ أتى."

{فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ ۚ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولًا}

أجلِسُ تحت الشجرة، أحدّثُ نفسي بالأحلام، وببوصلة الضياع لأجد طريقي، واستدلُ على ما يواري خلف هذه الدُّنيا، وفي صدري حاجةٌ لا أبوحُ بها، وأخلِصُ في كتمانها، لعلّي؛ أن أجدَ لها قضاء، وعلى مرارة وقع معرفة عدم قضائها، فإن من بلغ الصبر نهايته، والحكمة غايتها، يسيرُ صامتًا ولا يأبه، ولأن الله أودع فينا المُضغَ النضّاخة، وكأنّها شجرةٌ نستلذ بثمارها وعذوبتها بعد مكوثٍ طويلٍ تحتها، فالصّدر إذا ضاق بما يحمل؛ كان كالبحر حين تعصف به الرياح، يُهيج أمواجه ويعلو زبده، ولكنه إذا تحلّى بالتجلّد، كان كالجبل الشامخ، يواجه العواصف بصلابة وسكون، ولأن السرائر لا تُباحُ لكل سامع، فالنفوس مجبولةٌ على التقلب، وللنفس العالية أُنفةٌ من الشكوى، وأن الإخفاء أقرب للفرج، وأقوى على المِحن ومشقاتها، فكم من صدرٍ ضاق بهمومه، ولكنّه بالتمنّع عن الإفصاح ارتفع عن ضجيج دُنياهُ، ولو أطلق حاجته، لربما؛ كانت وبالًا، ففي الإيداع في النّفوس سكينة، وهي سلاح الحكيم الذي يُدرك أن ليس كل ما يُعلم يُقال، وأن في القلب مساحات لا يسكنها إلا صاحبه، وأقرب إلى الطمأنينة، فلا يُثقله أعباء الكلام ولا يُهدده انكشاف السرائر، مطمئنًا إلى أن ما يودع فيه من مشاعر وأفكار محصن بحصنٍ منيع، لا يُسرب منه إلا ما شاء هو أن يخرج.

"وَيَمُوتُ أَحَدُهُمْ وَحَاجَتُهُ فِي صَدْرِهِ لَا يَسْتَطِيعُ لَهَا قَضَاءً."

عبارة لا تفارقني، ولا يخفّف من وقعها سوى حُسن العزاء وجزيل الثّواب، وإلّا فإنّ الشقاء ألّا يدرك المرء حاجة قلبه في الدّنيا، فتظلّ حبيسة صدره ورهينة خيالاته، حتّى يموت ولا يدركها.