أحب أن أذكر نفسي وإياكم أننا لم يفتنا من أرزاقنا شيء..
كل ما فاتنا في الماضي لم يكن لنا.. كل ما نتحسر على فواته من مال أو وظيفة أو زوج أو ولد أو استقرار في مكان أو مكانة في قلب أحدهم أو صحبته أو زيادة في أي إنجاز.. كل ذلك ليس من رزقنا ولذلك فإنه لم يفتنا.. فحنانيكم لا ترهقوا أنفسكم باللوم.
لكن في الحقيقة، ما يجب أن يسترعي انتباهنا هو الأخطاء التي وقعنا فيها في الماضي.. عندما سمعنا الموعظة فأعرضنا، أو دعينا إلى الخير فتلكأنا، أو لم نذاكر فرسبنا، أو لم نحترم أصدقاءنا أو شركائنا فتركونا، أو أهملنا تعلم أصول تجارتنا ففشلت، أو ضيعنا أوقاتنا فتأخرنا، أو أهملنا أولادنا فساءت أخلاقهم وأحوالهم، أو وضعنا قلوبنا في أيدي الخونة فتلاعبوا بها..
هذه الأخطاء لا تقول لنا اقضوا باقي أعماركم باكين وبائسين.. إنما تقول لنا: تذكروا ما أصابكم بسببي من الندم والنكبات فلا تكرروني.
أخطاؤنا الماضية تذكرنا بجانب أصيل ومشرق في نفوسنا البشرية، ألا وهو قابليتنا للتعلم. نعم إننا خطاؤون، لكن الوجه الآخر لهذه العملة هو أننا متعلمون. وعليه فليس الفائز فينا من لا يخطيء، وإنما هو ذلك الذي يتعلم من أخطائه. وليس الخاسر فينا من يخطيء، لكنه ذلك الذي لا يتعلم من أخطائه.
وكيف نعرف أننا حقا تعلمنا من أخطائنا؟
بكلمة واحدة، عندما نتوب منها.
أحب أن أنظر إلى التوبة على أنها مؤشر التعلم. التوبة فيها اعتراف وندم، فيها إقلاع وعزيمة على المفارقة، فيها رد ما يمكن رده من حقوق البشر، وفيها لجوء إلى الله في كل ذلك.. فهو الرب المعبود، منه العفو ومنه العون ومنه السداد.
التوبة لا يقصد منها أن نعيش في نكد دائم، بل إنها سبيلنا لنصبح بحال أحسن.. هي سبيلنا للفلاح.. فالله سبحانه وتعالى يقول: "فأما من تاب وآمن وعمل صالحا فعسى أن يكون من المفلحين"، ويقول: "وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون لعلكم تفلحون".
ولذلك أتمنى أن نتذكر هذه الكلمات لكي لا نحزن على فوات شيء من الماضي، ولكي نتوب من أخطائنا فيه في آن واحد..
وهذا صباح نتوب فيه من كل الذنوب والخطايا.. نادمين عليها نعم، لكننا نعزم على مفارقتها للأبد، ونتنسّم بذلك مستقبلا أفضل🌸