في باب الغصب من الروض المربع عند كلامه على مسألة ضمان المغصوب المثلي إذا تلف قال البهوتي -رحمه الله- بعد أن قرر أن المثلي يُضمن بمثله:
" (وإلا) يمكن رد مثل المثلي لإعوازه (فقيمته يوم تعذر) ؛ لأنه وقت استحقاق الطلب بالمثل فاعتبرت القيمة إذاً".
هكذا علل فيما وقفت عليه من نسخ الروض المطبوعة والمخطوطة، وظاهر العبارة مشكل، لأنه يعلل لاعتبار القيمة في يوم تعذر المثل، فكيف يكون يومُ تعذر المثل وقتَ استحقاق الطلب بالمثل؟ فالظاهر أنه سبق قلم، وينبغي أن تكون العبارة فيما يظهر هكذا: (لأنه وقت استحقاق الطلب بالقيمة، فاعتبرت القيمة إذاً). فالمغصوب منه ثبت حقه في المطالبة بالقيمة في يوم تعذر المثل، فكان يوم تعذر المثل هو وقت اعتبار القيمة، أما وقت استحقاق الطلب بالمثل فهو قبل ذلك، إذ هو من وقت تلف المغصوب المثلي.
ويوضح ذلك كلام البهوتي في الكشاف 9/ 285 حيث قال: "(وَإِنْ أَعْوَزَ الْمِثْلُ) قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: فِي الْبَلَدِ أَوْ حَوْلِهِ (لِعَدَمٍ أَوْ بُعْدٍ أَوْ غَلَاءٍ فَعَلَيْهِ) أَيْ الْغَاصِبِ وَنَحْوِهِ (قِيمَةُ مِثْلِهِ) أَيْ الْمَغْصُوبِ الْمِثْلِيِّ؛ لِأَنَّهَا أَحَدُ الْبَدَلَيْنِ فَوَجَبَ عِنْدَ تَعَذُّرِ أَصْلِهِ كَالْآخَرِ (يَوْمَ إعْوَازِهِ) أَيْ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ الْقِيمَةَ وَجَبَتْ فِي الذِّمَّةِ حِينَ انْقِطَاعِ الْمِثْلِ. فَاعْتُبِرَتْ الْقِيمَةُ حِينَئِذٍ كَتَلَفِ الْمُتَقَوَّمِ". وفي شرح المنتهى 4/ 159: "(فَإِنْ أَعْوَزَ) مِثْلِيُّ التالف، أَيْ: تَعَذَّرَ لِعَدَمٍ أَوْ بُعْدٍ أَوْ غَلَاءٍ (فَـ) الْوَاجِبُ (قِيمَةُ مِثْلِهِ يَوْمَ إعْوَازِهِ) أَيْ: الْمِثْلِيِّ لِوُجُوبِ الْقِيمَةِ فِي الذِّمَّةِ حِينَ انْقِطَاعِ الْمِثْلِ كَوَقْتِ تَلَفِ الْمُتَقَوَّمِ، وَدَلِيلُ وُجُوبِهَا إذَنْ: أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ طَلَبَهَا وَيَجِبُ عَلَى الْغَاصِبِ أَدَاؤُهَا".
والله تعالى أعلم،،