هذه جملة نبوية شريفة ، وقاعدة جليلة مطردة لا تتخلف ، يسهل الكلام عنها نظريا ولكن لا يحققها عمليا إلا الصادقون ، ولا ينفع معها كثرة الكلام ولا تزويق العبارات ، وإنما المعول فيها بعد توفيق الله على صلاح السريرة وصدق العزائم .
ومع أن هذه القاعدة تصدق على كل أبواب الخير دنيا وآخرة إلا أن لسبب ورودها في السنة قصة عظيمة ذات دروس وعبر ، وصاحبها صحابي أعرابي لا يعرف اسمه لكنه عند الله جليل القدر .
" عن شداد بن الهاد، أن رجلا من الأعراب جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فآمن به واتبعه، ثم قال: أهاجر معك، فأوصى به النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه.
فلما كانت غزوة غنم النبي صلى الله عليه وسلم سبيا، فقسم وقسم له، فأعطى أصحابه ما قسم له، وكان يرعى ظهرهم، فلما جاء دفعوه إليه، فقال: ما هذا؟، قالوا: قسم قسمه لك النبي صلى الله عليه وسلم، فأخذه فجاء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ما هذا؟ قال: «قسمته لك»، قال: ما على هذا اتبعتك، ولكني اتبعتك على أن أرمى إلى هاهنا، وأشار إلى حلقه بسهم، فأموت فأدخل الجنة
فقال: «إن تصدق الله يصدقك»
فلبثوا قليلا ثم نهضوا في قتال العدو، فأتي به النبي صلى الله عليه وسلم يحمل قد أصابه سهم حيث أشار، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أهو هو؟» قالوا: نعم، قال: «صدق الله فصدقه»، ثم كفنه النبي صلى الله عليه وسلم في جبة النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قدمه فصلى عليه، فكان فيما ظهر من صلاته: «اللهم هذا عبدك خرج مهاجرا في سبيلك فقتل شهيدا أنا شهيد على ذلك»
دكتور أحمد قوشتي