لأنه سيرى من البشر ألوانًَا مختلفة، وأحوالًا متباينة، وسيلقى من السوء الكثير؛ لأن الإنسان إذا ترك نفسه لشهواته سيُخرج أسوأ ما فيه، والتزكية رحلة شاقّة لا يخوضها الأغلب، ويزداد الأمر صعوبة مع ندرة المحاضن التربويّة والمشايخ المُربّين في البلاد.
ويُنسب للإمام ابن حزم الأندلسيّ أنه قال:
“من تصدر لخدمة العامة، فلا بد أن يتصدق ببعض من عِرضه على الناس، لأنه لا محالة مشتــوم، حتى وإن واصل الليل بالنهـــار.”
فإن لم يفعل، وترك نفسه تتشرب من كل إنسان أسوأ ما فيه = صار مسخًا متعجرفًا، قاسيًا مطموسًا على قلبه، معظّمًا لنفسه، مُحتقرًا لخلق ربّه، مستصغرًا لكبيرته، مستكثرًا من ذنوب غيره، يرى الأصل في الناس السوء والقبح والهلاك، وما ذلك إلا انعكاسٌ لسوادِ قلبه وسوء طويّته، وفي ضوء هذا أفهم قول سيدنا رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم: (من قال هلكَ الناس فهو أهلكُهم أو أهلكَهم)، روايتان، و(أهلكُهم) بضم الكاف: أي أشدّهم هلاكًا! وبفتحها: أي حكم عليهم بالهلاك ولم يهلكوا.
وفي الناس خيرٌ عظيم يكثُر بكثرة الإشارة إليه والدلالة عليه، والعكس بالعكس.