أحمد عبد المنصف 🔻 @abdelmonsef Channel on Telegram

أحمد عبد المنصف 🔻

@abdelmonsef


كاتبٌ، ومحرِّرٌ، ومدققٌ لُغويٌّ، وباحثٌ في اللسانيات والعلوم العربية والإسلامية، ومصمم مناهج لغوية، ومقدم مساقات تدريبية في العربية لسانًا وثقافةً، وموجه أكاديميّ، ومهتم بشئون التربية والتعليم وبناء الإنسان، ومُحبٌ للعلم وأهله.

abdelmonsef (Arabic)

مرحبًا بكم في قناة أحمد عبد المنصف على تيليجرام! هذه القناة مخصصة للطلاب والمهتمين بالعلوم العربية والإسلامية، حيث يقدم أحمد عبد المنصف نفسه كطالب علم شافعي أزهري درعمي، محبٌ للعلم وأهله. يمكنكم الانضمام لهذه القناة للتعرف على المزيد من المعلومات والموارد التعليمية في هذا المجال. سواء كنتم ترغبون في تعميق معرفتكم بالعلوم العربية أو تبحثون عن مصادر جديدة حول الإسلام، فإن هذه القناة توفر لكم المحتوى الذي تبحثون عنه. انضموا اليوم واستفيدوا من الفوائد العديدة التي تقدمها قناة أحمد عبد المنصف.

أحمد عبد المنصف 🔻

15 Feb, 21:31


حتى تتذوّقوا معي جمالَ هذا المشهد :")

هذان الجميلان، الشيخ القارئ الجميل أ. وديع أبو زنط، وزوجه أ. هبة خليفة، كلاهما من أهل فَلسطين الحبيبة، وكلاهما ملتحقٌ معنا في مساق النحو ومن أهل الحرص والاجتهاد، ما شاء الله عليهم.

وهذا فيديو صوّراه لي مع ابنهما الحبيب سامي،
صوّراه لي من المستشفى يكشفان على ابنهما المريض!

ماذا يقولان في الفيديو؟
يعتذران لي عن تقصيرهما في بعض الحضور والمدارسات لظروف مرضية، وها هما الآن بالمشفى يكشفان على ولدهما المريض،
مع تأكيدهما على حرصهما على سماع جميع التسجيلات والمذاكرة.. مع الثناء الكبير في الفقير والمساق.. والتماس الدعاء مني لهما ولابنهما الحبيب.. ويختمان كلامهما بدعاء للفقير ورجاء المسامحة!

قد قابلت رسائل اعتذار كثيرة لبعض الطلاب عن بعض التقصير، كما أرسلتُ أنا اعتذارات أخرى لمشايخي وأساتذتي عن تقصيري.
لكني والله لم أرَ قطّ أدبًا كهذا! وذَوقًا كهذا! وأناسًا كهؤلاء!

يا أهل فَلسطين.. بالله أسألكم سؤالًا جادًا صادقًا لا إكليشهات فارغة... بالله قولوا لي: كيف رُبّيتم؟!!
شكرًا لك أ. وديع وأ. هبة أن أذِنتما لي بالتقاط صورة من الفيديو ورفعه وأن أحدّث الناس عنكما.. عن معدن طيب نقتدي به"))

شفى الله تعالى ابنكما الحبيب سامي، وحفظه الله لكما وأقر عينكما به، وأنبته نباتًا حسنًا وسائر أولاد المسلمين، وزادكم علمًا وأدبًا، وأدّبنا بأدبكم ولا حرمنا الله من بركتكما وصالح دعائكما.

أحمد عبد المنصف 🔻

15 Feb, 19:27


صورة بعد انتهاء الملحمة اللذيذة "))

أمس الجمعة، وفي أحد شوارع الدُّقي الهادئة الجميلة، تخرَّجت بفضل الله تعالى الدفعةُ الثالثة -الأوفلاين- من مساق (نحوَ نحوٍ مختلف)، بعد دراسة للنحو والعربية استمرت اثني عشر (12) أسبوعًا، رحلة فاقت توقعاتي، وتجاوزت خُطتي التعليمية للمساق، ولأحكي لكم بعضَ ما أنجزناه بالفعل أثناء الرحلة، لا ما نُخطط لفعله:

1- النظريّ ـــ أتممنا دراسة الكتاب الماتع: (الدروس النحوية -الكتاب الثاني) لنُخبة من المؤلفين فيما لا يقلّ عن (52) ساعة دراسية أساسية.

2- التطبيقيّ ـــ حللنا جميع تدريبات الكتاب، وتدربنا في مجلسنا على مهارات التحليل النحويّ المختلفة على نصوصٍ عربية عالية من القرآن الكريم والشعر والنثر، وأتقناها بمستوى جيد ومُبشر ومُفرحٍ جدًا.
.
3- الشعر والفنّ ـــ قرأنا بعض القصائد العالية، وتدربنا على إلقائها، وحفظنا بعضها، وبعض من دخل المساق وكان كارهًا للشعر، خرج منه مُحبًا للشعر مفتوحَ الشهية له!
.
4- مفاهيم مركزية ـــ تكلمنا في غير مرّة عن عَلاقة اللغة بالثقافة والهُوية والتكوين الإنساني الشامل والمتكامل والمتزن، وعن عَلاقتها بالفنّ والجمال، والكوارث التي تجرعناها لما زهدنا في الأبعاد الفنية والجمالية في مناهجنا التعليمية والتربوية ونظرنا لها بازدراء، ولما فصلنا العربية عن شِقها الجماليّ الذَّوقيّ.
.
5- القراءة والأداء ـــ شاهدنا بعض مشاهد من مسلسلات تاريخية رائقة اللغة، وتدربنا على قراءة نصها المكتوب وأدائها صوتيًا.
.
6- الكتابة ـــ تدربنا على الكتابة العربية العالية، كتبنا خواطر شخصية، وأسئلة حائرة، وحوارات وسيناريوهات متخيلة، وصححتُها وكتبت تعليقاتي عليها، وتناقشنا في بعض أخطائها اللُّغوية، وتناقشنا فكريًا في بعض أفكارها.
.
7- التحدث ـــ تدربنا على الحديث الارتجاليّ بالعربية العالية في كل أسبوعٍ تقريبًا، واستمعتُ إلى حديثهم الماتع، وعلّقت ببعض ملاحظاتي عليه.
.
8- الإثرائيات ـــ رشحتُ لهم بعض الكتب والصوتيات والمرئيات والدورات التثقيفية في عالَم العربية والعلوم الإسلامية.
.
9- المنهجيات ـــ تناقشنا بالساعات في (منهجيات طلب العلم) أثناء المجالس أو بعدها، وكيف نطلب العلم عمومًا في هذا الزمان، وكيف نخرج من الشتات المعرفيّ، وكيف نطلب علم العربية والشريعة خصوصًا، وأشياء أخرى كثيرة تخص حيرتها في رحلة التعلم والتعليم وتربية النفس،
كما أنّا خرجنا بالكثير من الخرائط الذهنية المفيدة عن العلوم والمناهج والأماكن التعليمية.
.
10- التقييمات والمتابعة ـــ امتُحنوا في المساق امتحانات شفهية متنوعة، وبقي لهم الامتحان التحريريّ النهائيّ في الأسبوع القادم بإذن الله تعالى، بخلاف التكليفات الأسبوعية وغيرها من طُرق التقييم المختلفة،
وقد وضعنا نظامًا لمتابعة الالتزام بالحضور والتكليفات والمدارسات، ونظامًا لغرامات التقصير، ونظامًا لمكافآت الملتزمين، وبالأمس كافأنا كل من أبدى حرصًا والتزامًا طوال مدّة المساق، وكل ما قدّمناه هينّ أمام حرصهم وجهدهم الذي بذلوه والله! رضي الله عنهم ")
.
11- المدارسات والاجتماعيات ـــ انقسم الطلاب إلى مجموعات دراسية، وعقدوا في كل أسبوع مجلس خاص به للمدارسة الجماعية، يشرحون لبعضهم ما فهموه من اللقاء، ويحفظون فيها الخرائط الذهنية للمقرر ويسمّعونها على بعضهم، وينشدون النصوص المختارة، ويقرأون الدرس من الكتاب، ويحلّون تدريباته معًا، ويتناقشون حول مفاهيم المساق، ويتعارفون وتتوطد علاقاتهم، حتى خرجوا اليوم من المساق -بحمد الله- صحبةً جديدة تتعاون على الخير واستكمال طريق طلب العلم "))
.
وما خرجتُ به من هذه الصحبة كثير، أهمه:
أن جيلنا فيه أمل عظيم، وفيه شباب (زي الورد أقسم بالله) غاية في الأدب والحرص والعقل والديانة، يثابرون ويجاهدون بما في وسعهم، وبكل قطرة أمل ووقت وجهد لديهم، رغم وعورة الطريق ووحشته وضبابيته، ولكنهم مازالوا هنا.. مازالوا يسألون.. ويتناقشون.. ويتعثرون.. ويحاولون من جديد!..

لسه فيه أمل ")

#نحو_نحو_مختلف
#مجالس_العربية_لسانا_وثقافة

أحمد عبد المنصف 🔻

15 Feb, 15:12


المصريون إذا أرادوا المبالغة في إظهار الفرح بقدوم فلان قالوا: (يا خبر! ده إحنا زارنا النبي!)
وإذا أرادوا المبالغة في ذمّ فلان وإظهار أنه لا يتورع من أكل الحرام ولو كان مال وحقوق أقربائه = قالوا: (ده ياكل مال النبي!).
=
فقال لي أحدهم: لا يجوز أن نقول إحنا زارنا النبي مهما كان قدره! لأنه لا أحد مثل النبيّ!
.
فقلتُ: هذا لأنّك فهمتَ من التشبيه أمرين مغلوطين ليسا من كلام العرب،

إذا شبهتُ فتاةً بالقمر.. فالبلاغة تقول إنّ التشبيه يقتضي أمرين:
1- أن وجه الشبه بين القمر والفتاة هو الجمال فقط، أي أن المُشبّه (الفتاة) ليس (مثل) المشبه به (القمر) من كل وجه بالضرورة، فلا تطابق/تماثل بينهما.
.
2- وأن (القمر) أعظم تجلٍ لصفة الجمال بالنسبة لي،
وأنّ هذا الجمال لا بُد أن يكون أظهر وأقوى بمراحل في المشبّه به (القمر) من المشبه (الفتاة) ولا يستويان؛ حتى يصح أن تشبه الفتاة به، فالتشبيه هنا اعتراف ضمنيّ أن جمال الفتاة لا يماثل أو يطابق جمال القمر بحالٍ.
.
وقد فطِنَ الناس بذوقهم اللُغوي لهذا، فإذا أرادوا الإمعان في المبالغة قالوا: أنت لا تشبهين القمر، بل القمر يُشبهك.
.
فإذا شبّهتُ فرحتي بقدوم فلان بفرحتي بقدوم سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم فمعناه:
1- أنّ أعظم فرحة لي في الوجود بقدومٍ أحد هي فرحتي بقدوم سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم،
2- وإذا أردتُ وصف عِظَم فرحتي بقدومك، لم أجد مبالغة لُغوية أعظم من أن أشبه هذه بتلك، فوجه الشبه هنا (الفرحة).. ولا يعني أنك عندي تماثل سيدنا النبيّ صلى الله عليه وسلم من كل وجه؛ فذا لا يقول به عاقل يفهم منطق اللغة، بله أن يقول به مُسلم يعرف قدر الجناب النبويّ الشريف صلى الله عليه وسلم، وقُل مثل هذا في (ده ياكل مال النبي) وما يشبهها من عبارات.
=
وسامحَ الله من أفسدوا على الناس ذَوقهم اللُّغويّ الفِطريّ باسم حفظ جناب العقيدة والتوحيد.
.
فأرجوك يا صديقي، قبل أن تكتب رسائل الواتساب وبوستات الفيس بعنوان (عبارات تخالف العقيدة) وتمشي بها بين الناسِ مكفّرًا ومُبدِّعًا ومفسقًا ومُنكِرًا، أطلب منك أمورًا ثلاثة:

1- اترك شات جي بي تي، وجوجل والمنتديات الإسلامية التي تستفتيها غالبًا في مثل هذه العبارات وتُصدّق على كلامها دون شك؛ فالحقيقة أن حال أصحابها لا يختلفون عن حالك كثيرًا في العلم الشرعيّ أو اللُّغويّ،
أعرف أنها عبارة ثقيلة قد تصدمك وتُربكك، خاصة ونحن في زمان لا يتيسر لنا الوصول إلى العلماء الحقيقيين في كل وقتٍ، فيهون علينا استفتاء جوجل، لكنَّ الأمانة العلمية تقتضي أن أخبرك بهذا؛ لعلّك تبحث عن بدائل وإن كانت أصعب.
.
2- وتعلَّم علوم العربيّة، نحوًا وصرفًا وبلاغةً وأدبًا وخلافه، وتعلّم العلوم الإسلامية بشكل علميّ منهجيّ رصين.
.
3- وتمهَّل كثيرًا قبل أن تنكر على ما جرّى في عُرف المصريين من أقوال وأفعال، خاصة أهالنا وأجيالهم القديمة، لأسباب كثيرة، على رأسها:

(أ)- أن الذَّوق اللُّغوي لأهل مصر قديمًا كان عاليًا راقيًا، خاصة فيما قبل العصر الجمهوريّ إلى ما بعده بقليلٍ، والتعليم اللُّغوي كان أقوى بمراحل من الآن، ويكفي أن تطّلع على الكتب اللُّغوية المقررة على طلاب الابتدائية في هذا العصر لتُدهش، كما ترى تجليات هذا الذّوق العالي في أشعارهم ورواياتهم وأدبهم وتراه في أغانيهم وتواشيحهم وأمثالهم، وتراه في تحلّقهم حول قُرّاء القرآن القدامى وتلذذهم بهم، وغير ذلك مما لا يمكن مقارنته بالذَّوق اللُّغويّ الحاليّ.
.
(ب)- أن مصر، بلد الأزهر الشريف، لم تكن خِلوًا من علماء الشريعة واللغة على تطاول القرون الماضية، بل كانت موئل العلماء ومحطّ رواحلهم من الشرق والغرب، فامتزجت الخبرات والسلوكيات الشعبية لأهل مصر وتراكمها على مر السنين مع اختلاطهم بالعلماء وتعليمهم وتربيتهم وتوجيههم وإنكارهم على مر العصور، وهذا الامتزاج والتراكمية ولّد خليطًا شديد التعقيد والتركيب، لا ينبغي قبوله جُملة، ولا إنكاره جُملة أو اتخاذ موقفٍ عدائيّ منه من حيث الأصل، بل الأصل أن تُحسن الظنّ فيه، وتتلقاه بشيء من رحابة الصدر وسعة الأفق وحُسن الظن لتتفهم هذا الإرث الشعبيّ العريق بجمالياته وعِلَله، فتنقده بعلمٍ وبصيرة.

وأذكر أن قريبًا لي كانت أصوله من الغربية (وأصول عائلتنا من طنطا)، حدّثني مرّة عن أيام طفولته في البلد في تهكّم شديد وسخرية من جهل أهل الفلاحين آنذاك، أنهم كانوا إذا أطعموا كلبًا في إناء مثلًا ذهبوا إلى التِرعة وغسلوه ست مرات، لأ ولاازم بعدها يترّبوه بحبة تراب ويغسلوه كمان مرة! شوف الجهل يا أخي!
.
ولو علِم صاحبُنا أنّ هؤلاء (الفلاحين) بذلك أعلم منه لاستحى من نفسه وسكت وذهب ليتعلم، لكنّ الجهل الممزوج بالثقة وتوهّم التقدم والتطور من جهة، وسوء الظنّ بأعراف المصريين واحتقار الذات والأهل من جهة أخرى = يورث في النفس الكثير من المفاسد للأسف، فأعيذك أن تقع فيما وقع فيه صاحبنا.

فقهنا الله بشرعه الشريف ولسانه المُبين.

أحمد عبد المنصف 🔻

13 Feb, 09:30


(حرام تقول رمضان كريم لأنه لا يُعطي شيئًا، ربنا هو الكريم، ولكن قُل رمضان مبارك).

مع تجدد هذه الأيام والنفحات الشريفة، دائمًا ما أتذكر هذه العبارة القبيحة المغلوطة، وتتردد على مسامعي أمثالها من حين إلى آخر.

وقد تظنّ عزيزي أن مشكلة هذه العبارة مشكلة بسيطة، ولكن، صدّقني أو لا تصدّق، فأنا أرى فيها ما يمكن أن يهدم بناء الإنسان رأسًا! تخيل؟! ... دعني أشرح لك:

يمكن أن تردّ أو تتناول هذه العبارة على مستويين؛

الأول - المستوى الفروعي:

بأن تقول إن قائل العبارة جاهل بالعربية وبالشريعة معًا؛

1- فجهله بالعربية لأنه لا يفهم (المجاز العقليّ)، وهو باب معروف من أبواب البلاغة، بأن تنسب الفعل لغير فاعله الحقيقيّ، بأن تقول مثلا (ستبدي لك الأيام ما كنتَ جاهلًا) فلا يفهم عاقلٌ من هذه العبارة أن الأيام إنسان عاقل سيُبدي لك شيئًا بالفعل، وإلا لحوّلناه إلى مصحة عقلية، وإنما نسبة الفعل إلى الأيام هنا مجاز عقليّ على معنى أن الأيام هي المحلّ أو الظرف الزمنيّ الذي ستعرف فيه ما كنت تجهله.
.
وكذلك، إسناد صفة (الكرم) لشهر رمضان، لا يفهم عاقلٌ منه أن رمضان إنسان حقيقيّ كريم! بل نريد أنه ظرف زمني تتنزّل فيه رحمات الله وأفضاله وتتجلى فيه مظاهر كرمه ومنّه سبحانه، ويتنافس فيه أهل الخير على وجوه الإطعام والإكرام، فكان شهرًا كريمًا!

2- وجهله بالشرع بدهي؛ فلو فتح كتاب الله تعالى لوجد في القرآن: (لقرآن كريم)، و(مُدخلا كريما)، و(رزق كريم)، و(مَلَك كريم)، و(قولًا كريمًا)، و(زوج كريم)، و(مقام كريم)، و(كتاب كريم)، و(أجرًا كريمًا)، و(رسول كريم)،
ولعلم أن ثمّ أسماء أو صفات مشتركة قد تُطلق على الخالق والمخلوق مع اختلاف الماهية، منها (كريم وعزيز وغيره)، أي كرم المخلوقين غير كرم خالقهم سبحانه، ليس كمثله شيء سبحانه.

فيجوز أن نقول رمضان كريم طبعًا، وهي عبارة حسنة جميلة بليغة.
.
وأما المستوى الثاني - الأصوليّ، فهو الأخطر، والذي لا يتوقف معه الكثيرون فلا يستشعرون سبب غضبي العارم ممن يشيع مثل هذه الظلمات بنية حسنة، فكم من قولٍ فاسدٍ غرس في النفس أصلًا فاسدًا مُفسدًا ولّد فروعًا كثيرة فاسدة سيعاني هو ويلاتها -ومن حوله- في شتى مناحي الفكر والحياة!

فأنتَ بكثرة هذه "المعلومات الخاطئة" تستأصل من نفس الإنسان ذوقَه اللُّغوي الذي يميز بفطرته بين الحقيقة والمجاز، وتطمس ملكته في تذوق البيان، فتخلق منه إنسانًا أعجميّ الفِكر، جلف الطبع، بليد العقل، لم يرتق عن رُتبة الأنعام والعجماوات، ولكن يتكلم بحروف وأصوات عربية!
فلا يعود يفهم من الكلام إلا الظاهر الحرفي، ويُغلَق عليه باب المجاز الذي هو أكثر اللغة أو قل هو قلب اللغة أصلا! يقول الإمام ابن جني: (اعلم أن أكثر اللغة مع تأمله مجاز لا حقيقة)،
بل مجاز البيان هو في جوهره حقيقةُ الإنسان وبراح النفس وسلوة القلب والوجدان، وتجلّي سَعة المعنى والحياة، لمن يدري!
.
ولقد سمعتُ بأذني مُعممًا يُنكر بيتا من الشعر يُنسب للإمام الشافعيّ رضي الله عنه يقول فيه: (دعِ الأيامَ تفعل ما تشاء، وطِب نفسًا إذا حكمَ القضاءُ)، فعلّق المُعمّم بلهجة شديدة مُنكِرة متأثرة: (الأيام لا تفعل شيئًا!! الذي يفعل هو الله!! الذي يفعل هو الله!!).

آه والله يا شباب قال كده بالحرف.. عرفتم إلى أين أوصلتنا هذه العبارات؟

أتدري هذا الأصل الفاسد ماذا يفعل بدين الإسان؟
قد جعل الإمام السنوسي في مقدماته العقدية أن من أصول الكُفر والبدع:
"التمسك في عقائد الإيمان بظواهر الكتاب والسُنة، من غير تفصيلٍ بين ما يستحيل ظاهرُه منها وما لا يستحيل! والجهل بالقواعد العقلية وباللسان العربي الذي هو علم اللغة والإعراب والبيان!"

جعل هذا (أصلا) من أصول انحراف فكر الإنسان الذي يوقعه في البدع المختلفة بل وفي الكُفر والعياذ بالله! وتفصيل هذا يطول.
.
هذا في الدين، فما ظنّك بالدنيا؟
تخيل أن تعيش مع إنسان لا يتذوّق ولا يفهم من الكلام إلا الظاهر المُصرّح به!... كيف يعيش المرء مع إنسان تلِفتْ حواسه الباطنة، وطُمست بصيرته، وفسدت مستشعرات الجمال والذوق والبيان فيه؟!

البيان، تلك المُعجزة التي هي أول ما امتنّ الله تعالى به على عباده في قوله (خلق الإنسان علّمه البيان).
فأنّى لهذا الإنسان أن يقرأ المُضمرَ في الكلام ومقاصده؟ وكيف يقرأ لغة العيون والبنان؟ وما وراء السطور؟! بل كيف يعيش أصلا؟!

فبقدر إدراكك لعِظَم هذا الأمر ولوازمه ومآلاته يزداد إشفاقك وغضبك وألمك من مثل هذه العبارات المُظلمة.

وأعود فأذكّر -وأُكرر مرارًا- أن أصلًا عظيمًا من أصول إشكالياتنا الدينية والدنيوية على حدٍ سواء إنما مرجعها إلى اللغة وفقهنا لحقيقتها وطريقة تعاطينا معها.

ونسأل الله تعالى أن يُفقهنا في أسرار البيان.. فلعلنا نرى في أعماقه حقيقة الإنسان.

أحمد عبد المنصف 🔻

11 Feb, 23:17


لأول مرة في حياتي تقريبًا، أبقى ماسك الموبايل طول اليوم ومش بقفل صفحة وزارة الخارجية ورئاسة للوزراء وبعمل تحديث كل خمس دقايق لأقرأ كل بيان جديد.
.
أنا مش بفهم في السياسة وتوازنات القوى الإقليمية والدولية، ولا عارف إيه الي ممكن يحصل ولا قادر أخمن حتى، ولا عندي المعرفة الكافية لتحليل المشهد بعمق.. كما أني لست بالغِر الذي يرى الواقع بمثاليات سبيستون.
.
لكن كأي إنسان حر، يكره أن يرى نفسه في موضع مذلة وقهر وهوان وعجز.. وقد تجرعنا منه الكثير والكثير!
.
لذلك، وبرغم كل شيء، شكرًا للخارجية المصرية، ولوزيرها، ولرئاسة الوزراء على هذه البيانات العظيمة، وعلى اللهجة الواضحة، والموقف الثابت، والمتابعة المستمرة، والرد السريع والحكيم، وقيادة المشهد العربيّ بما يقترب مما يليق بمصر التي نعرفها.
.
وأدعو الله تعالى أن يثبت إخواننا في الأرض المقدسة الحبيبة ويحفظهم من كيد عدونا وعدوهم، وأن يثبت ولاة أمورنا على كلمة الحق ظاهرًا وباطنًا، وأن يعينهم ويوفقهم إلى ما يحبه ويرضاه.

أحمد عبد المنصف 🔻

09 Feb, 19:01


أنا لا أتناقش على هذه المواقع بتاتا منذ أمد بعيد يا رفاق "))

حتى أن من اتفاقاتي الأولى مع زوجتي منذ أيام خِطبتي = ممنوع المناقشة على هذه التطبيقات والمواقع بتاتا، لا فيس ولا واتس ولا تليجرام ولا غيره.

إذا رأيتِ مني ما يسوؤك فإما أن تنتظري لقاءنا المباشر إن وسعك ذلك وهو أحبّ إليّ، أو كلميني على الموبايل... الشات فيه سم قاتل.. التعامل مع الإنسان باعتباره اسما وصورة وإيموشنز فيه سم قاتل.
.
أنا أحتاج إلى رؤية تعابير الوجه واليد ولغة الجسد وسماع نبرة الصوت وغيره من التفاصيل والحمولة الدلالية التي تُهدرها النصوص المكتوبة ولا تنقلها الإيموشنز مهما كثُرت.
.
وهذا مذهبي مع أصدقائي وأساتذتي الأفاضل، إن وجدتَ ما يسوؤك مني أو استغربته من كتاباتي هُنا فإما أن تعزمني على كباية شاي في قهوة قريبة أو أو في الكلية أو في أي مكان يناسبكم، وهو أحب إليّ، وستكتشف إني إنسان لطيف وظريف إن شاء الله "D
وأنا أومن أن الناس في الواقع ألطف بكثير من هذه المواقع بما لا يدع مجالًا للشك.
.
فإن لم تستطع ولا يسع الأمرَ انتظارٌ فتواصل معي على الرقم الموجود بأعلى الصفحة، أو أضعف الإيمان نبعت فويسات ع الشات نسمع فيها صوت بعض.
.
لكن الكلام الجاف هنا بفرّ منه فراري من الأسد ^^ ويخلق مشاحنات بلا أي داعٍ للأسف.
.
هذه المواقع مُصممة خصيصًا لسهولة تبادل المحتوى الاجتماعي المُسلي أو التافه بالأساس، أو أي محتوى مفيد في مُجمله لكنه سطيح بسيط يمكن اختزاله في عبارات محدودة.. لا للتعليم ولا غيره من الأمور الجادة غالبًا.

وأفضل استعمال لهذه المواقع في رأيي:
1- إما أن تستفيد منها في أعمالك وإعلاناتك،
2- وإما في التسلية الخفيفة والضحك وتبادل الأخبار الهامة،
3- وإما في الخواطر البسيطة التي تطرحها في محيط ضيق مع الأصدقاء فقط لا العامة، بشرط أن تنتقي هؤلاء الأصدقاء الافتراضيين بعناية،
4- وإما أن تطرح فكرة مفيدة للعامة في الشارع الافتراضيّ أو تعلق تعليقًا تظن فيه الإفادة، ثم تُغلق الإشعارات وتمضي في طريقك، دون فتح ذيول وجدالات إضافية؛

لتجد وقتًا وذهنًا صافيًا لتركز في حياتك ومذاكرتك وعملك، وإلا أهلكت عمرك كله في شوارع وحواري هذه المنصات بلا جدوى، وهو المطلوب عند مصمميها.

دمتم بخير ووُد ❤️

أحمد عبد المنصف 🔻

09 Feb, 17:36


16- الاقتصاد والعلوم السياسية
وهي من أجلّ العلوم الاجتماعية التطبيقية التي تُعطيك (الصورة الكلية) للمشهد بنظرة شمولية ومتكاملة وعميقة، وتعينك على تحليل السلوك الإنسانيّ وما يؤثّر فيه بشكل عميق.
.
17- كل ما يتعلق بالفنون
وما يُغذي فيك جانب الخيال والإبداع!
الرسم، والخط، والزخرفة، والنحت، والجرافيك، وغيره، فكل تفكير إبداعيّ يخرج من رحم الخيال القويّ والقدرة على النظرة غير التقليدية للكون وللأشياء.
.
18- التصميم التعليميّ
وتصميم المناهج التعليمية والنظم التربوية، وعامةً: تعلم كل ما يخص مبادئ التفكير التصميمي Design Thinking بوجه عام.
.
19- الألعاب التي تعزز هذا اللون من الذكاء والتفكير الاستراتيجيّ
قديمًا كانت ألعابا معروفة كالشطرنج والسودوكو، وأما الآن فحدثت طفرة رهيبة في عالم الألعاب التي تدربك على تصميم عالَم كامل، وعلى التفكير التصميمي والاستراتيجي والقيادي البعيد، وصار عندنا ألعاب تبني فيها نُظما ومُدنًا ومؤسسات وتقيم تحالفات وتدير موارد وتؤسس ممالك وإمبراطوريات وعوالم كاملة.
.
وإجمالًا: فكُلُ علمٍ تتعلمه على وجهه الصحيح، وبصورة تطبيقية تربطه بواقعك = يعينك على تنمية المهارات العقلية المنطقية والتحليلية والنقدية والإبداعية عندك.
.
20- وصاحب الأذكياء والعقلاء
فإنّ صُحبة الفحول تُفحّل كما قال أجدادنا، ومدارسة ساعة مع أهل العقل والعلم تزيدك عقلًا على عقلك، وعلمًا على علمك.. وهذه أعدّها أهم تلكم النصائح على الإطلاق.

ويسعك في أول الأمر أن تبدأ بالرياضيات واللغة والمنطق، ويأتي الباقي تباعًا إن شاء الله، وليس المطلوب أن تتخصص في كل هذا قطعًا بل أن تُلم بعض أساسيات في هذه المجالات كلها أو بعضها بما في وُسعك، ونُسدد ونُقارب ")

وفقكم الله.

أحمد عبد المنصف 🔻

09 Feb, 17:36


س / حاسس إن دماغي عطلت أو صدّت ") وعايز أنمي قدراتي العقلية وذكائي وقدرتي على التحليل والنقد والكلام ده.. ممكن خطوات عملية؟

سؤال عظيم ومطلب شريف، خاصة في زمان المعارف المتناثرة والضحلة الذي نعيشه.

نعم ممكن، وأخبرك هنا بـ (20) نصيحة تعينك على ذلك

تعلّم كل العلوم العقلية التي تُكسبك مهارة من مهارات (التحليل والتفكيك والتركيب والنقد) والنظر الشمولي الواسع للأشياء لا النظر التقليديّ الضيق.

وخلال رحلتي الشخصية في التعلم درستُ -أو وجدت وسأدرس- علومًا كثيرة تساهم في ذلك بشدة، أشير لك على أبرزها في إيجاز:

1- الرياضيات
تعلم الحساب، والجبر، والهندسة التحليلية، والتفاضل والتكامل، والإحصاء والاحتمالات، والهندسة الفراغية، والرياضيات التطبيقية كالاستاتيكا والديناميكا، ونظرية الألعاب، وغير ذلك.
.
2- اللغة واللسانيات
تعلم علوم العربية: النحو والصرف والمعاني والبيان والبديع والاشتقاق والوضع والمعاجم والنقد الأدبيّ وغيره.. وتعلم أساسيات علم اللسانيات والترجمة.

وتدربّ على تحليل النصوص على هذه المستويات اللغوية المختلفة: التحليل الصوتي والصرفي والمُعجمي والنحوي والبلاغي وغيره،
وكذا تعلّم اللغات الأجنبية.
.
3- علمَي المنطق وآداب البحث والمناظرة
تعلم أساسيات علم المنطق القديم/الأرسطي، وعلم آداب البحث يعلمنا أدبيات وأساسيات البحث العلمي في المسائل المختلفة، وضوابط المناظرة وخلافه.
.
4- علم الكلام
تعلم أساسيات علم الكلام (وهو علم العقيدة الإسلامية وإثباتها بالأدلة العقلية والنقلية).
.
5- الفلسفة
تعلم أساسيات الفلسفة العامة بمباحثها المعروفة: (فلسفة الوجود، والمعرفة، والقيم)، وفلسفة اللغة والعقل والجمال، وفلسفة التاريخ والعلوم بوجه عام.. ومناهج البحث العلمي.
.
6- علمَي الفقه وأصول الفقه
الفقه الذي نعرف به الأحكام العملية التي تضبط عباداتنا ومعاملاتنا المالية والاجتماعية ونعرف به الحلال والحرام وغيره ونبني تصوراتنا الشرعية الكُلية عن المجتمع والحياة،
وأصول الفقه أي قواعد الفهم الدقيق، وهو العلم الذي يُعلمنا أساسيات وقواعد فهم الكلام وتحليله، والذي يعيننا على فهم الوحي الشريف، وفهم مختلف الكلام العربيّ فهمًا سليمًا منضبطًا.
.
7- علم مصطلح الحديث
علم يُعلمك المنهج العلمي النقدي للمسلمين للتحقق والتوثق من النصوص والأخبار والمعلومات المنقولة إلينا، وكما تتعلمين تطبيقه على الحديث النبوي الشريف فأنت تتعلمين منهجًا تطبقينه على مختلف الأخبار والمعلومات في حياتنا اليومية.
.
8- علوم الطبيعيات (الفيزياء والكيمياء والأحياء والفلك والجيولوجيا)
من أعظم العلوم التي تبني العقل وتغير نظرتك للعالَم وتُربي عقلك على التفكير النقدي والتحليليّ ومحاولة فهم الكون والظواهر الطبيعية من حولك.. وأعظمها عندي (الفيزياء).. خاصة الفيزياء النظرية.
.
9- علم التصميم الهندسي
كل ما يتعلق بالتصميم الهندسيّ هو أعظم ما يُحقق مرادك من بناء الفكر الشمولي والإبداعي والتحليلي والنقديّ، تصميم معماري، تصميم ميكانيكي، تصميم ديكور، تصميم مدني، تصميم نُظم، وأعظمها عندي بإطلاق: العمارة والتصميم المعماريّ فهو المايسترو الذي يُفكر في كل شيء!
.
10- علمَي النفس والاجتماع
اقرأ شيئًا في علم النفس العام، وعلم الاجتماع العام، وتعرّف على فروع هذين العلمين الكثيرة، واقرأي كتابًا أو احضري دورة تطبيقية في التحليل النفسيّ والتحليل الاجتماعيّ.. فهما من أعظم وأهم العلوم الإنسانية قاطبةً في بناء العقلية العلمية التحليلية النقدية.
.
11- علمَي الجغرافيا والتاريخ
والجغرافيا علم يبحث تفاعل الإنسان مع المكان، والتاريخ يبحث تفاعله مع الزمان، فهما الوعاء الذي يحوي مختلف تعقيدات الإنسان وتفاصيله، فلا يستغني عنهما أي إنسان يؤسس لقدراته التحليلية أو يبني تصوراته عن نفسه وعن الماضي والواقع والمستقبل.
.
12- البرمجة وعلوم الحاسب
مُرادك موجود في كل ما يتعلق بالبرمجة، وتصميم المواقع والألعاب والبرامج، وتحليل البيانات Data Science، وتعلم الآلة Machine Learning، والذكاء الاصطناعي AI، والأمن السيبراني Cyber ​​Security
ممكن تبدأ بتعلم لغة بايثون، والباقي يأتي تباعًا ")
.
13- القانون
وخاصة مادة القانون الجنائي والتدرب على تحليل الجرائم، على طريقة شيرلوك هُولمز ")
ولا بأس من دراسة شيء يتعلق بالطب الشرعيّ.. فهو يُعينك على التحليل والربط والاستنتاج أيضًا واكتشاف الجاني ")
.
14- القصص
ومفيد وممتع أيضًا أن تقرأ قصص هيلين كيلر في الجريمة والإثارة والتشويق وحل اللُّغز، وكرتون كونان الحبيب، وقصص شيلرلوك هولمز وأمثال ذلك.
.
15- علوم الإدارة والتخطيط والتسويق
وهي أهم العلوم الإنسانية التطبيقية التي تنبني على علم النفس والاجتماع ومحاولة فهم السلوك الإنساني ومُحركه وبواعثه وكيفية التحكم فيه.

أحمد عبد المنصف 🔻

08 Feb, 15:44


في إحدى حلقات مسلسل أمريكي مشهور يتنبأ بصورة العالَم بالمستقبل وأثر التطور التكنولوجي السلبي عليه،
تبدأ الحلقة بإرسال مجموعة جنود في كتيبة خاصة في مهام للقضاء على مخلوقات تهدد البشرية، تُعرف باسم (الصراصير - Roaches).
بطل القصة الجندي "سترايب"، فرد جديد بالكتيبة، والتي يُزوّد الجنود فيها بتكنولوجيا عصبية متطورة تسمى MASS، وهي عبارة عن غرسة مزروعة في الدماغ تحسن من قدراتهم الق تالية، وتعزز تصويبهم، وتحجب الروائح الكريهة، وتحلل البيانات بسرعة، والأهم من ذلك أنها تؤثر على إدراكهم البصري والسمعي.
.
تبدأ إحدى المهام، وسترايب وزملاؤه بالفعل يرون الصراصير وحوشا ومسوخا مشوهة، فيسهل القضاء عليها دون تأنيب ضمير، وفي مهمة أخرى يشتبك صاحبنا مع بعض الصراصير ويصفيهم، إلا أن أحدهم قبل موته سلط جهاز ليزر صغير في عينيّ سترايب مباشرةً مما أربكه وأحدث خللا في نظام MASS الخاص به، ليبدأ صاحبنا في الشعور بخلل في إدراكه وأن ثم شيئا ما خطأ لكن لا يقف عليه بوضوح!
.
وعندما يُرسَل صاحبنا في مهمة أخرى يُصدم بمفاجأة؛ (الصراصير) يراها بشرًا طبيعيين دون أي تشوه.. بشرا مذعورين فقط!!
.
يمتنع سترايب عن إكمال الق تال بالطبع ويحاول أن يثني زملاءه ولكن بلا جدوى، ليُقبض عليه ويعود إلى الوحدة ليخضع لجلسة استجواب مع القائد المسئول عن البرنامج العسكري ليكشف له الحقيقة كاملة؛

أن الصراصير بشر طبيعيون وعوائل ونساء وأطفال، وأن الحكومة تستخدم MASS للتحكم في إدراك الجنود، بحيث يرون فئات معينة من البشر -غير مرغوب فيها- ككائنات حيوانية مشوهة، مما يسهل قتلهم دون تأنيب ضمير،
ليترك القائدُ صاحبنا بين خيارين:
الأول أن يُعيد تفعيل نظامه MASS ويمسح ذاكرته لينسى كل اكتشفه وما ما دار الآن، ويعود جنديا مطيعا،
والثاني أن يحتفظ بوعيه الحقيقي ومشاعره وذاكرته لكنه سيُطرد من الجيش ويعيش مع ذكريات أفعاله المروعة لبقية حياته!
.
مع نهاية الحلقة يسهل عليك أن تُسقط هذه القصة على الأنظمة والحكومات والسياسات وخلافه، لكن الأصعب أن تسقطه على ما هو أبعد من ذلك وألصق بحياتك الشخصية!
.
كثير منا في الحقيقة يستوهيه هذا النظام العصبي، ويسهل على عقله ونفسه أن يتعامل مع الآخر المختلف معه على أنه أحد (الصراصير) التي لا حرمة لها ولا احترام ولا حق.
.
لا يستطيع أن يرى الآخر في صورته البشرية الطبيعية التي قد يتأتى منها الخير والشر، فنقبل الخير ونرد الشر، لأن هذا يحتاج إلى نفسية سوية مطمئنة، وإلى علم رصين وعقل حاد يقظ يفصل بين المشتبهات ويميز الحق مما يشتبه به،
لذلك تجد أن ضعيف العقل والعلم ممن لا يحتمل التفصيل والتأصيل والتدقيق والتمييز، ولن يكمل القراءة والاستماع لما لا يفهمه وسيسميه حينها تفلسفا فارغا،
.
كما أنك ستجد ضعيف النفس ممن تعود علي نظرة أحادية للوجود، ويرى أن كل اختلاف عنه ليس فرصة لإثراء العقل والفكر واختبار المفاهيم... بل يراها تهديدًا مباشرًا لوجوده وتحققه الذاتي، ويعدّه انتقاصا وهجوما مباشرًا لشخصه، ولن يكمل القراءة والاستماع أيضا لأنك صرت (صرصوره) الآن الذي يجب أن يقضي عليه بأسرع وقت، فإن لم يستطع فر هاربا منه إلى بيئته التي تشبهه ليعيد تفعيل نظام MASS مرة أخرى وينعم بالأمان والاستقرار الذهني والنفسي.
.
لذلك كانت من أعظم نصائح أساتذتي ومشايخي لي قولهم:

١- إياك والقوالب الجاهزة يا منصف؛ فإن التصنيفات حجاب، والقوالب المعلبة تعمي وتصم، فاقرأ واسمع للإنسان دون تحفز لتصنيفه في قالب جاهز في دولابك واغتياله في نفسك مع أدنى ملابسة؛ فالإنسان أوسع من هذا وأعقد.
.
٢- ولا تترك نفسك ضحية مجتمع وبيئة وثقافة واحدة منغلقة، وحاول التعرض -ولو بقدرٍ- لمجتمعات علمية وثقافية واجتماعية مختلفة ومتنوعة.
.
٣- ونوّع مشايخك وأساتذتك، ولا تكن أسيرًا لأستاذ واحد ولا عقل واحد مهما كان مقامه في قلبك وفضله عليك.
.
٤- اجعل قراءاتك ودراستك العلمية متكاملة، بين العلوم اللغوية والشرعية والإنسانية والاجتماعية والفنية والبحتة والطبيعية والتطبيقية وغيره، والزم تخصصك وأتقنه، لكن لا بد أن تضرب بسهم في مختلف التخصصات ولو بقدر ما؛
فإن كل هذا أعون على إتقان تخصصك ابتداء، وأعون على بناء العقل وتعزيز استقلالك العقلي والنفسي، وأدنى إلى الإنصاف والتجرد والموضوعية، وأقرب إلى فهم لغة الآخر وإفهامه بها، وكذلك يعزز من اتساع الأفق ورحابة النفس لقبول اختلاف الناس وتفهم بواعثهم والرحمة بهم وإن خالفتَهم.
.
٥- والحقائق مُرّة فالتمس لها خفة البيان -مع عدم تغيير الحقائق- لتفتح مغاليقَ العقول لتفهم، وأقفالَ القلوب لتقبل.

أحمد عبد المنصف 🔻

05 Feb, 15:13


1- التلذذ بإذلال النساء واحتقارهنّ ينمّ عن مشكلة نفسية عميقة تتعلق بهذا الإنسان وتربيته؛ يتكلم فيها أهل التحليل النفسيّ، لكنها أبعد ما تكون عن السواء النفسيّ، وعن أخلاق الرجال ومروءاتهم.
.
2- إذا وجدتَ خطابًا فاسدًا يجعل من المرأة إلهًا له مطلق الصلاحيات ومرفوع عنه مُطلق التكاليف فاشتبك مع بنيته الفلسفية وردّ عليه وفنّد عواره بأدب وإنصاف واعتدال، وأثبت للمرأة قدرها ومكانتها في العقل والقلب والشرع، وحقوقها التي تُسلبها أحيانًا أو كثيرًا، بذلك تعتدل الكفة ويستقيم المنسم، ودفع التطرف بتطرفٍ من ضعف العقل، ولا يُنكَر المنكر بمنكرٍ مثله.
.
3- ومن يرى رجلًا يُكرم النساء في قوله وفعله، فيرميه بأنه يتودد إليهنّ وأنه (سمب) هو كالأول؛ عنده مشكلة عقلية أو نفسية أو أخلاقية ويحتاج إلى معالجتها.. نسأل الله له الشفاء والعافية.
.
4- وكذلك المرأة إذا احتقرتَ بني جنسها وشاركت في التحفيل عليهنّ جادةً في ذلك = فليست علامةً على نضجها أو إنصافها أو غير ذلك من هراء، وإنما هي من علامات المشاكل النفسية التي لم تُحلّ كذلك.
.
5- وتهديد زوجتك بدون سبب بأمر المال أو التعدد أو غيره، من قلّة العقل والمروءة، ومن كمال الرجل أن تأمَن المرأة في ظلّه، أمانًا معنويًا وماديًا.
وصلى الله وسلم وبارك على من قال لزوجه: (كنتُ لك كأبي زرعٍ لأم زرع إلا أنه طلّقها وإنّي لا أطلقك).
.
6- ومن قلّة المروءة أن تسمح لأحدٍ بأن يتعرّض لغيرك بسوء دون وجه حقٍ وتسكت عن أذاه أو تتعامى عنه، ناهيك عن أن تشاركه الأذى والحفلة.. سواء أكان الضحية من معارفك أو الأغراب.
.
7- ويزداد الأمر شناعةً إن سمحتَ لأحدٍ أن يؤذي زوجتك -أو ذويك- أو يُهددها بأي شكل كان، ماديًا أو معنويًا، مازِحًا أو جادًا، من قريبٍ أو بعيد، ولا تقف له، بل وتسكت عن الأذى استبقاءً لوُدّ هذا المعتدي.. فبئس المعتدي هو وبئس الرجل أنت!
.
8- ومن شيم الرجال الكريمة أن يجهروا باعتذارهم كما جهروا بأذاهم إذا راجعوا أنفسهم وأدركوا خطأهم، بل هذا مما يعظُم به الرجل في عين نفسه وأعين الناس،
ومن قلة المروءة كذلك أن تجهر بالأذى وتُسرّ بالاعتذار، وأقبح منه أن تكابر فلا تعتذر، وأقبح منهما أن تُسرّ بالأذى!

ورأسُ الخُلق الشجاعة، وعموده الحياء والمروءة.

أحمد عبد المنصف 🔻

02 Feb, 03:24


Channel photo updated

أحمد عبد المنصف 🔻

29 Jan, 22:25


قد تظنّ أن عُقدة الخواجة تعني دائمًا الانبهار بالغرب وتقليد كل ما هو غربي تقليدًا أعمى.
ولكن للعُقدة وجه آخر لا يختلف عنه في شيء، وهو الرفض التام لكل ما هو غربي، رفضًا أعمى.
.
التقليد أو الرفض للشيء لمجرد أنه من الآخر الذي أعاديه = يشير إلى عقلية ضعيفة ونفسية هشّة منهزمة.. لأنه مازال مأسورًا في سجن هذا الآخر، فلا يرى في مرآته سواه، ولا يُعرِّف نفسه إلا بالنظر إليه، إما بعبارة (أنا مثله) وإما بعبارة: (أنا لستُ مثله)!
.
أما الحُر عقلًا وقلبًا، هو الممتلئ الواثق مما عنده، المُدرك لنقاط قوته وضعفه في صدقٍ وشفافية ووضوح،

ويقرأ للآخر، لعلومه وآدابه، بعقل يقظ ناقد، ليعرف كيف يُفكّر الآخرون، لا ليفكّر كما يُفكرون.

ويستمع إلى الآخر، بنفسٍ عزيزة واسعة، ليُفيدَ مما عندهم مما يوافق أو لا يُعارض قيمه ومعاييره ودينه وثقافته، ويردّ ما خالفها دون تلجلج أو حرج.

الحُر على الحقيقة مَن يستطيع أن يُبينَ عن نفسه بعبارة مستعلية ليس فيها ضمير يعود على ذاك الآخر.

أحمد عبد المنصف 🔻

29 Jan, 09:11


- هل الطلاق يُعدّ فشلًا وصاحبه يُسمى فاشلًا؟

1- الفشل له معنى لُغوي، وآخر عُرفي في مجتمعنا المصريّ على الأقل.

فإن كنت تسأل عن معناه اللغوي: فلفظ الفشل في اللغة أي الفزعُ والجُبْن والضَّعْف، وصار يُستعمل في لغة الناس اليوم بمعنى الإخفاق، فإن قصدت الأخير: فنعم، الطلاق فشل لأن الطرفين فشلا في تحقيق استدامة الحياة الزوجية، والأصل أنا نتزوج على سبيل التأبيد لا التأقيت، وخاصة في بلادنا التي يتزوج فيها الناس مرّة واحدة بشقّ الأنفس غالبًا.
وهذا الفشل له احتمالان:

(أ) إما لتقصير من أحد الطرفين -أو كليهما- في الأخذ بأسباب الوقاية وحسن الاختيار قبل الشروع، أو العلاج بعد اكتشاف المشكلة التي طرأت = فينبغي للإنسان هنا من الصدق مع نفسه في النقد الذاتيّ والمراجعة وعلاج المشكلة بشكل مستقلّ، لا أن يستسهل في إلقاء المسئولة على الطرف الآخر ولا أن يعالجها بزواج آخر، ويتناسى مشكلته، ويدندن في الفضاء الفيسبوكي بأن الطلاق ليس مشكلة ولا عيبًا، و، ومعندناش زواج كاثوليكي = فكلامه -في حقه- يكون حقًا أُريد به باطل.
.
(ب) وإما أن الطرفين قد أخذا بأسباب الوقاية والعلاج دون تقصير، ولكنّ الاستمرار في العلاقة لم يعد مناسبًا للمرحلة القادمة، وهذا يحدث؛ فالإنسان يتغير، والظروف تتغير، وعوامل كثيرة مادية ومعنوية تدخل في التجربة لم تكن على البال ولا ع الخاطر والتفصيل فيها يطول، وليس في هذا عيب ولا ملامة، بل ربما كان من الحكمة والوعي.
.
2- أما المعنى العُرفي لكلمة (فاشل) عندنا فهو الشخص الذي يفشل باستمرار في تحقيق أهدافه لتقصير وإهمالٍ وعيبٍ فيه بالضرورة، حتى صار الفشل هيئة راسخةً فيه معبرة عن ذاته = فالفشل هنا ليس مجرد وصف مجرد لنتيجة تجربة، وإنما وصمة عارٍ نريد بها الإهانة والتحقير، فإن كنت تسأل وأنت مستحضر لهذا المعنى = فلا.. ليس الطلاق كذلك، ولا يُشرّع الله سبحانه ما يكون كذلك قطّ.
.
3- هذا لا يعني أن الطلاق أمر حسن في العقل أو الشرع أو العُرف، نُرغّب فيه، أو نستهين به، أو نجعله أول الحلول، أو نتحدث عنه وكأنه تجربة عابرة لا أثر لها في العقل والنفس والمادة والمجتمع وغيره،
بلى، من ذاق معنى الزواج يعلم أن الطلاق في ذاته -ودون أي مؤثرات اجتماعية أخرى- أمر شديد جدًا على النفس، والخروج من التجربة بأقل الخسائر وبقوة وعزم أمر عظيم يحتاج إلى توفيق ولطف من الله وعلم وصدق.
.
4- كان يسعنا أن نكتفي بالنقاط السابقة لو أننا نتكلم في مجتمعٍ عاقلٍ متعلم معتدل يحتكم إلى صوت الشرع والعلم والعقل في أعرافه وانطباعاته،
أمَا وأننا نعيش في مجتمع (المطلقة) فيه يُقال لها:
- عايزة تتزوجي تاني؟ يا بجاحتك يا شيخة؟ عيشي لعيالك بقى!
- إنت هتتأمّري وتتشرّطي كمان؟ مش كفاية إنه رضي بيك وإنتِ كسر مش بِكر؟ احمدي ربنا إنه قبل يتقدم أصلا!
- وصحابها المتزوجات يقاطعوها عشان ماتحسدهمش أو عشان ماتخطفش زوجها، وينظرون إليها وكأنها منحلّة أو (توقع منها أي شيء ماهي مطلّقة).
- وأكوام من أشباه الرجال يستميلونها ويطلبون الحرام، ماهو أصلها مطلقة يبقى أكيد سهلة ورخيصة.
.
فلم يعد كلامنا عن تجربة أليمة على النفس ينبغي ألا نُجمّلها، بل عن سفالة وانحطاط عقلي وشرعيّ وإجرام حقيقيّ يتواطأ عليه طوائف من المجتمع دون نكير!
.
فإذا وجدتُ مُطلقة في مجتمعنا ذا تحاول أن تتحدث عن تجربتها بشجاعة، وأن تزيل من على كاهلها شيئًا من وطأة هذا الوصم الاجتماعي المتخلف = سأتفهمها وأدعمها ومن الحُمق حينها أن أخاطبها بما في النقطة رقم (3) وأسكت؛ فيكون كلامي أيضًا حقًا يُراد به باطل في هذا السياق..
والكلمة ابنة سياقها الزماني والمكانيّ والحاليّ وإلا فتحت باب جدلٍ لا يُسد!
.
5- ومن خرَج من هذه التجربة الأليمة بأقل الخسائر التي تقيمه على ساقه، وزاد فقهًا لنفسه ولعَلاقاته، وتخلّص عقليًا ونفسيًا ولو بقدرٍ من مخلفات وتشوهات المجتمع = فهذا نجاح وتوفيق عظيم يحمد الله تعالى عليه.
.
6- إلا أن التجربة الشخصية ليست معيارًا علميًا يُحتج به ويُحتكم إليه، ولا تؤهّل الإنسان -بذاتها- ليكون مستشارًا أسريًا، ولا معالجًا نفسيًا، ولا مختصًا اجتماعيًا، ولا خبيرًا تربويًا (كما هو ملاحظ بالفعل في بعض الحالات)، إلا أن يُحصّل المرء العلوم والشهادات والمؤهلات اللازمة لهذه التخصصات وَفق المتعارف عليه عند أهلها.
.
7- وكلامي هذا لا يتعلّق بشخص من أُثير التريند لأجله، فلا علم لي به، وإنما أناقش الفكرة التي طُرِحت مُجردةً من سياقها الشخصي.

أصلح الله أحوال بيوتنا ومجتمعاتنا وفقّهنا بأنفسنا وعَلاقاتنا وجعلنا أرحمَ بأنفسنا وبغيرنا.

أحمد عبد المنصف 🔻

28 Jan, 22:31


لم أكن أفهم بالضبط ما علاقة البلاغة التي ندرسها هنا بالجامع، بما يحدث على ضفتنا الشرقية؟!
ولكن حملتُها على المعنى العام البسيط الذي يفهمه العامّة من أن اللغة العربية تربطنا بالقرآن، وهو ما يعيننا على التمسك بهويتنا ومقاwمة عدونا.

وهكذا حفظتها من الشيخ ودوّنتها في دفتري، وإن لم أكن أعي ما تحتها كما أعيها الآن..
.
نعم أردكتُ أني كنت ساذجًا في نظرتي للغة، وأنْ قد فاتني من الخير والمتعة ما فاتني مما لم يُقدّره الله لي، بل لعلي لم أكن أعرف ما العربية قبل هذا اليوم!
ولكنك إذا جالستَ من يعشق ما يفعل، سيصل إليك ما في صدره ولو لم يتكلم! هكذا يمكن أن أفسّر الأمر.
.
هنا انفتح بيني وبين العربية خاصة، واللغة عامةً بابٌ جديد، باب لم ألج منه من قبل.. وها أنا الآن على مشارف التخرّج، وأنوي أن أكمل الماجستير والدكتوراه في قسم اللسانيات! لا قسم الفلسفة!

الصحبة أمر عجيب يا رفاق!
تُعلمك ماذا تقرأ؟ ومتى تقرأ؟ ولمن؟ وكيف تقرأ وتتذوق؟ والأهم: لماذا تقرأ؟!

البيئة والصحبة هي كل شيء!

أحمد عبد المنصف 🔻

28 Jan, 22:31


كنتُ في بدء رحلتي أهتم بأمر الكتاب، وأجعل سؤال (أقرأ إيه؟ - ترشح لي إيه؟) أولويتي الأولى التي أبدأ بها.. خاصة في أجواء معرض الكتاب وخلافه..

إلى أن كشفت لي رحلة تعلمي عن جوانب وأركان أهم بكثير من الكتاب!

أوّلها وأهمها في نظري: (البيئة)!

أزعم أن أثر تواجدك في (البيئة العلمية) أهم ألف مرة من الكتب والمقررات والمواد التي تدرسها في هذه البيئة.

صحبتك لأستاذ ما، وطول جلوسك معه، ونقاشك معه ولو في شئون الحياة لا العلم، والتعلم من لُغته وطريقة نظره وتعاطيه مع الأمور، فضلا عن رأيه في المسائل العلمية،

أن يعطيك من خبراته، وتجاربه، وشبكة علاقاته، ويجيب عن أسئلتك، أو يحيلك على مفاتيح قد توصلك إلى الجواب، وتعرف منه المصادر الأصيلة لهذا التخصص، والأساتذة الثقة وأعلام هذا العالَم،

وكذلك تُفيد من النقاشات التي تدور أمامك، بين الأستاذ وباقي زملائك، وغير ذلك.
.
هذا في رأيي ما يُفرّق بين من كانت علاقاته بالكتب والمعرفة أو بالمؤسسات التعليمية شكلية، بأن استمع إلى تسجيلات مقررات ومقاطع أو قرأ ملفات، ثم حصّل شهادات، وبين من عاش تفاصيل هذا المجال، وعانى في دروبه، ودخل عالَمه، وتعرف إلى علمائه، ومصادره، ومسائله، ومناهجه، وأرّقت أسئلتُه عقلَه، وشغلت باله، وحاصرت تفاصيل يومه، وأذهبت النوم عن عينه.
.
ولعلي لا أبالغ لو قلت إن الانغماس في البيئة العلمية وطول الصحبة هي المعيار الحقيقي للتخصص، ولتأسيس العلم.
.
الباب الذي دخلتُ منه إلى عالَم العلوم العربية والإسلامية هو باب العقيدة والفلسفة وعلم الكلام والمنطق والمعقولات وأصول الفقه، وقد دُفعتُ إليه دفعًا من أسئلتي وحيرتي وعقليتي التي نحتتها الهندسة، وظننت ألن يناسبني غير هذا الباب،
.
وكانت تتاح أمامي دورات اللغة والنحو والأدب وغيره فلا ألتفت إليها، وأذهبُ مباشرةً إلى ما أشتهيه، وأقول لنفسي: ما حاجتي للنحو واللغة وقد حصّلت ما يكفيني منها بالثانوية؟! إنما أريد الدَّسَم! ههه هكذا ظنّ المسكين ")
.
ثم التحقتُ بدار العلوم، وفي البدء -كالعادة- لم أحضر ولم أكترث بمحاضرات النحو والصرف والبلاغة وغيره إلا النادر، ولكن درسنا بالفرقة الأولى مدخلًا للفلسفة العامة، عشقت المادة، وطُلب منّا بحثٌ لنيل أعمال السنة، فقدّمته في هذه المادة خصيصًا، ونزلت مكتبات الجامع الأزهر أطبع كتبًا لأقرأها لأجل هذا البحث، وحصلت في المادة على امتياز مع إشادة وتقدير من أستاذة المادة.
.
ولكن كانت بداية (تحويلة القطار) كما يمكن تسميتها:
- لما درست مدخلًا للسانيات العامة بالفرقة الأولى، وكانت المرة الأولى أو الثانية التي أسمع فيها بهذا المصطلح، ثم قرأت بعض مقالات وكتب ودرست بعض دورات تدور في فلك اللسانيات و(الوعي اللُّغوي)، ودرستُ علومًا أخرى بالكلية لم أكن أسمع بها قطّ، لا في الثانوية ولا خارجها، كعلم فقه اللغة، وعلم المعاجم، وعلم الأصوات، وعلم نظرية الأدب، وعلم الأدب المقارن، وعلم تاريخ الأدب، وعلم التحليل والنقد الأدبيّ، وعلم الدلالة، وغيره الكثير..
.
- ولمّا وجدنا من أغرقنا في حب مجالس البلاغة والأدب والتحليل الأدبي كـ د. محمود إمام، ود. حمودة المصري ود. مديحة السايح حفظهم الله، وغيرهم، طبعًا بجانب مجالس شيخ مشايخنا د أبي موسى حفظه الله،

- ثم وجدنا من أغرقنا في حب الصرف وجماله كـ د. زكي رُحيم، ود. حسن محمد، ود. أحمد مجدي قطب،

- وفي حُب العروض كـ أستاذنا الدكتور الجميل محمد جمال صقر،

- ثم في عشق النحو كـ أ.د. ياسر رجب، وأ.د. بشير الدماطي، وأ.د. تامر أنيس، وغيرهم الكثير من الأساتذة الأفاضل ممن أخشى أن أنسى أسماءهم.
.
- ووجدنا من خاض معنا نقاشات مطوّلة حول مسائل لغوية وعلمية كثيرة داخل قاعات الدار الحبيبة خارج مقررات الكلية،
.
كل هذا جاء ليروي تلك البذرة التي غرسها فيّ أستاذي الحبيب ياسر جاد حسيب رضي الله عنه، أستاذ العربية في سنين دراستي الأولى، بذرة عشق العربية وعلومها وآدابها.
.
أضِف إلى هذا الأثر البالغ الذي تركته فيّ مدرسة شيخ العمود، ومجالس مولانا الشيخ أنس السلطان، والدكتور حاتم الأنصاري، ودورات المهندس أيمن بارك الله فيهم، من نشر الوعي اللغوي بين الناس.
.
هنا أدركتُ أني ربما كنتُ مغفلًا، بل لم أكن أعرف قطّ ما اللغة وما النحو وما الأدب، وما علاقة هذا بما نعيشه اليوم من قضايا وصراعات؟!
.
أذكر أني منذ سنوات كنت أحضر درس الشيخ أبي موسى رضي الله عنه في علم البلاغة في الجامع الأزهر، وسمعته يقول لنا ما معناه:
<<وأنتم هنا في الدرس إياكم أن تنسوا أن عدوكم الأول قابع في الضفة الشرقية هناك، وإن لم ألفت أنظاركم إلى هذا العدو ونحن في درس العلم أكون قد خُنت العلم!>>

أحمد عبد المنصف 🔻

28 Jan, 21:23


وفي أجواء الإجازة السعيدة، والقراءة ومعرِض الكتاب، كانت فرصة سانحة لنعلن بحمد الله عن فتح باب التسجيل بالدفعة الخامسة من مساقي المُحبّب (نحوَ نحوٍ مختلف) فنّ النحو للمبتدئين، وهو المساق الأول من المسار الأكاديميّ المنهجيّ لتعلّم العربية لسانًا وثقافةً وهوًى.
.
وهي الدفعة (الأونلاين) التي سُئلنا عنها، 😁
.
وثقيل عليّ والله أن أتحدث عن عملي، لكنّي سعدت أيما سعادة لما انتهى بنا المساق وزملاؤنا يُفككون ويُحللون ويُعربون آيات من القرآن الكريم دون خطأ وهم مندهشون والسعادة تغمرهم، وأحدهم يقول: والله يا أ. أ حمد درستُ النحو مراات كثيرة، ولم أشعر بما أشعر به الآن قط، بل كنت أخرج دائمًا خالي الوفاض حتى شككتُ في عقلي وكدت أيأس من نفسي!
فالحمد لله على منّه وفضله.
.
بعض مميزات المساق:
الخطوة المنهجية الأولى في تعلُّم العربية، ومقدمات ضرورية يحتاج إليها المبتدئ في عالَم العربية.
مزج بين الجانب النظري والعملي، وتطبيق لمهارات التحليل النحويّ على النصوص العربية العالية من القرآن الكريم والأدب العربيّ شعرًا ونثرًا.
التدرب على المهارات اللُّغوية الأربعة: قراءةً، وكتابةً، واستماعًا، وتحدثًا.
إثراء مكتبنا العربية، وتأسيس وعينا اللغويّ، والإلمام بخارطة عامة لعلوم العربية وفنونها وآدابها.
ثمن الاستثمار بالمساق مخفّض وفي المتناول إن شاء الله، وأنظمة دفعٍ مختلفة للتيسير على الناس.
.
وفوائد أخرى كثيرة إن شاء الله تكتشفها أثناء الرحلة الماتعة مع العربية ")

للاستفسار عن تفاصيل المساق وباقي مساقاتنا يُرجى التواصل واتساب على رقم ( 01023535502 )

ومعلومة صادقة: كثير من المقاعد قد حُجز بالفعل من قائمة الانتظار بفضل الله تعالى، والأعداد الباقية محدودة للغاية فبادروا بالحجز.

وقولوا لنا في التعليقات ما المساق الذي تنتظرونه في رحلتنا؟

أحمد عبد المنصف 🔻

25 Jan, 22:05


وإذا كنتَ طالبًا لأي علم، فالأدب عمومًا، والأدب الروائي خصوصًا من أعظم الميادين التي تتدرب فيها على تطبيق المهارات التحليلية التي تعلمتَها.
.
وغير ذلك من فوائد كثيرة، ولكن حسبك من القلادة ما أحاط العُنق،

وغنيّ عن البيان أن كلامي هذا منوط بالقراءة لروايات حقيقية، لأدباء حقيقيين، لا ما يسميه كثير من الناس اليوم روايات/روائيّ/الأكثر مبيعًا؛ فحكم العامة لا اعتبار له هنا، وإنما العبرة بحكم أهل العقل والعلم والأدب والذَوق.

#خواطر_على_ضفاف_المعرض

أحمد عبد المنصف 🔻

25 Jan, 22:05


مع تجدد أجواء معرِض الكتاب الحبيب، تتجدد بعض النصائح المغلوطة المكررة التي لا نملّ من سماعها، كما لا نملّ من التنبيه على فسادها، منها الذمّ في الروايات، وكأنها علامة على نضج الفكر والمعرفة والعلم.. وهي عندي علامة على النقيض تمامًا.
.
الرواية لونٌ من الأدب النثريّ، خلافًا للقصة والمسرح والمقال والرسالة والخُطبة وغيرها من صور النصوص النثرية،
والرواية أشهرها باكتساح.. وأنا أقرأ الروايات لأسباب وفوائد كثيرة، أشير إلى بعضها على سبيل المثال لا الحصر:

1. الإمتاع وتخفيف التوتر وتحسين المِزاج،
وإمتاع النفس غرض عظيم شريف عندي، أن تسلّيها وتُروِّح عنها من ثِقل الحياة وأعبائها، أن تُمتعها باللغة العالية التي ترتقي بذائقتك ولسانك وعقلك، وبالفكرة الجديدة التي تثير ذهنك، وبالسرد المشوّق الذي يُسيل منك الأدرينالين، وبالحبكة الدرامية الذكية، وغير ذلك من أصناف المتعة في قراءة الأدب عمومًا.
.
وقد ترى الإنسان يجلس على هذه المنصات للمتعة والتسلية، أو يلعب على الهاتف أو يشاهد ماتش كورة مع أصدقائه أو غيره من أساليب التسلية والإمتاع المعروفة، ثم يأتي ليزايد على من يقرأون الروايات والأدب ويقلب زويل!!
.
2. تنمية العقل،
وخاصة بالقراءة لأقلام عاقلة وأدباء علماء يشتبكون مع قضايا فكرية وفلسفية واجتماعية حيّة، وكذلك بالقراءة في بعض أصناف الروايات التي تشحذ ذهنك كالأدب الإجراميّ البوليسيّ على كروايات أجاثا كريستي وقصص شيرلوك هولمز وما على شاكلتهما مما ينمي عندك مهارات التفكير والتحليل.
.
3. شحذ الخيال،
وهذا أيضًا مما يستتفهه العامة للأسف، رغم أن تنمية جانب الخيال في الإنسان هو البذرة التي تُولّد التفكير الإبداعي الذي يستطيع أن يُحلّق خارج حدود أسواره وواقعه المفروض عليه، وأصل كل إبداع لُغوي وعلميّ وفنيّ يخرج من رحم الخيال الواسع!
المجاز والخيال الذي صار عُملة نادرة في وسط خطاب مباشر وسطحيّ وركيك يتغذّى الناس عليه كل يوم.
.
4. توسيع الأفق وتفهم الاختلاف،
فالأدب يُخرجك من حيز قبيلتك وقريتك الصغيرة، إلى أفق أوسع، مجتمعات وأماكن وأزمنة وأعراف وثقافات مختلفة، قد لا تراها ولن تراها في واقعك أبدًا، فيتسق أفقك وصدرك لاختلاف أذواق وأفهام وأعراف وحيوات الناس عن واقعك ومشكلاتك وأسئلتك.. فتكون أفقه لنفسك ومحدوديتك، وأشد حذرًا في تقديم نصيحتك إذا لم تُلّم بالسياق التاريخي والثقافيّ والاجتماعي والنفسيّ لغيرك!
.
5. التفهم، ومن ثمّ الرحمة!
أزعم أن الرواية التي كانت تصف لي إنسانًا أختلف مع أفكاره وقناعاته اختلاف المشرقين، عندما تخوض بي في نفسه، في مشاعره، ومخاوفه، ودوافعه، وأفكاره، وآلامه المسبقة = أجد أن أحكامي الحادّة قد هدأت قليلًا، ونظرتي قد تغيرت، لا أقول إني اقتنعت بالضرورة بأفكاره وقراراته، لكني على الأقل (تفهمتُ)، وربما تحولت مشاعر الغضب من هذه الشخصية إلى مشاعر (إشفاق)، يجعلني أرفض هذه الأفكار، لكنّي أرحم هذا الإنسان بداخلي، وأشفق على نفسه المسكينة وأتفهم كيف أن الإنسان شديد التعقيد والحياة شديدة التركيب! ومن زاد فِقهه زاد رِفقه.
.
6. اكتساب الخبرة!
حتى وإن كان بعض ألوان الرواية تُبنى على الخيال، ولكنها لا تخلو بصورة ما من خبرات واقعية مكثفة استفدت منها كثيرًا في نضجي الفكري والنفسيّ.
.
7. فهم النفس!
بعض الروايات التي كانت تُعالج أفكارا فلسفية ووجودية ومشاعر إنسانية شديدة الاختلاط والعمق، كانت مرآة أرى فيها جانبا من نفسي وأفهمه على وجهٍ أوضح وأعمق! والقصة الإنسانية مهما اختلفت مشاربها وتفاصيلها، تظل قصةً تحكي عن الإنسان! وتزيدك فهمًا وقربًا منه... أي قربًا من نفسك!
وهو ما يدرس في علم نفس الأدب، كيف يكون الأدب مرآة تعكس تعقد الجوانب النفسية للكاتب، أو لبطل الرواية أو لهما معًا.
.
8. صقل اللغة!
إثراء مُعجمي اللغوي من الألفاظ والتعبيرات الجديدة، والتعلم من طريقة السرد والحوار والحبكة ما يُسمونه الآن بمهارات سرد القصص (Storytelling)
وقد قالوا: الناس تسمع إلى مَن يُحسن حكاية قصته!
طبعا إذا كنت تقرأ لأقلام بليغة تستحق.
.
9. التعود على القراءة!
فالإنسان مجبول على حب القصة والانسجام معها إلى آخرها، فالبدء بالقصص والروايات من أفضل الطرق لتعوديد المبتدئ في هذا العالم على القراءة.. ثم هو في مرحلةٍ ما سينتقل إلى ما يليها.
.
10. التحليل الاجتماعيّ والثقافيّ،
فالأدب عموما، والرواية خصوصًا ميدان عظيم آخر للتحليل الاجتماعيّ، فيما يُعرف بعلم اجتماع الأدب، بأن تنظر للأدب باعتباره مرآة تعكس ثقافة مجتمع وأعرافه وقيمه وأفكاره وقضاياه! وهذا يفتح لك باب بحث علمي ضخم.
.
11. التحليل والنقد الأدبيّ،
فالرواية ميدان آخر تطبق عليه فنون وأدوات التحليل الأدبي، بأن أبحث في أسلوب هذا الكاتب وكلماته وتراكيبه، ولماذا استعمل هذه الألفاظ والتعبيرات؟ ومن أين أتى بها؟ وهل ثَم كلمات أو تعبيرات كانت أدق في هذا السياق؟ ولماذا؟

أحمد عبد المنصف 🔻

23 Jan, 19:02


كنتُ في معرض الكتاب منذ سنوات بصُحبة شيخي، تركته قليلًا، وذهبت لأسُلّم على صديق، فوجدت في طريقي زحامًا شديدًا من شباب حول شخص ما أعرفه جيدًا، ممن يُسمّونهم (إنفلونسرز السوشال ميديا) الفارغين إلا من كوميديا تُعجب بعض الجمهور، وقد ألّف كتابًا عن نجاحاته في الحياة.

عُدتُ إلى شيخي أكاد أتميّز من الغيظ، وأخبرته بما كان كان بنبرة ساخرة من واقعنا البائس.

فابتسم لي في هدوء وقال فيما معناه: أولًا حاول أن تعوّد عينيك على رؤية الجميل فيما وفيمن حولك حتى تستطيع أن تستمتع بحياتك بقلبٍ مطئمن رحب لا ضيّق مُظلم، ثم إنَّ الوضع العلمي العام لا يخفى عليك، ودورنا ليس أن نذهب إلى هؤلاء الشباب المتحمس -الذي يحاول أن يحسّن من نفسه ولكنه أخطأ الرَّمي في نظرنا- لنُخبرهم بأنهم جهلة سطحيون واهمون فارغون!
ماذا استفادوا من ذلك إلا أن يزدادوا عليك سخطًا ومنك نفورًا وإن كنت محقًا؟ ثم يحصرونك في دور المُحنّك الواصي الحكيم الصيني المتعالي عليهم!
.
ولكن دورنا أن نتعلّم نحن أولًا لننجو بأنفسنا.. ثم إذا أتقنّا ما تعلّمنا علمناه غيرنا وأكسبناهم (منهج التفكير) وسلّحناهم بـ(أدوات النظر والتحليل) ليُميّزوا بها الخبيث من الطيب، أو بعبارة أخرى، لم ننشغل بإعطائهم السمك، ولكن نُعلمهم كيف يصطادون، فإذا وضعتهم على الطريق سيصلون بأنفسهم إن شاء الله دون حصار ووصاية فكرية -لا تحترم عقولهم- تُملي عليهم أن اسمعوا واقرأوا لهذا واحذروا من ذاك.
.
ثم تذكّر أنّ الزَّبد يذهب جُفاء.. وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض.. ولا يكون في مُلكه إلا ما أراد.. فهوّن على نفسك ")

#إعادة_نشر

أحمد عبد المنصف 🔻

23 Jan, 18:10


كذلك بزّه السياسيّ والقانونيّ المتنفّذ هنري بانكوست في البيان، فقال:
(نذ. ب. حهم أو نمدّنهم، وعلينا ألا نُضيّع الوقت)
....
لذلك أنشأوا "المدارس" لهؤلاء الهنود، لـ "تمدينهم".. وعمل غسيل دماغ وثقافة وبناء إنسان جديد تماما، كما عبّر وليام جونس:
(إن الهدف من إنشاء هذه المدارس هو إبا. دة الهنديّ، حتى نخلقه إنسانًا آخر].
...
ويقول الكابت برات، أحد أباطرة التطهير الثقافيّ ومؤسس هذه المدارس، قولته الأشهر والأخطر:
«اللغة والدين هما خط الدفاع الأخير للهنود، ولا بد من الق. ـضاء عليهما. وليس لذلك سلا.ح أفضل من تمدين أطفالهم في أصغر سن ممكنة في مدارس داخلية بعيدة عن معازل أهلهم الهنود»
...
ويقول جورج مانيبني مفوض الشئون الهندية:
(لا بُد للطفل الهندي من أن يتعلم كلمة أنا، بدلا من نحن، وهذا "لي" بدلا من "لنا".. إلخ، ليتنازل طوعًا عمّا يملك).
...
ويقول شارل غرانت عضو مجلس العموم ورئيسة شركة الهند الشرقية:
(اللغة الإنجليزية ليست مجرد وسيط للمعرفة والنور، بل هي أولًا وأخيرًا طريق الإيمان ببريطانيا).
...
حتى استقرت هذه السياسة واستجاب الرئيس غرانت لنداء الكنائس وبعض "أصدقاء" الهنود، وأُطلِق ما يُعرَف بسياسة السلام Peace Policy التي اقتضت فيما اقتضت اجتثاث هندية الهنود بالتعليم والتبشير:
[لقد انقضى عهد الحرب مع الهنود، ما نحتاج له اليوم هو جيـ .ـش مسيحـ يّ من المُعلّمين، هذا هو الجـ. ـيش الذي سيربح الح ـرب، إننا سنقضي على البر بر ية، ولكن بالقضاء عليهم بربريًا بعد بربريّ، سنغ .ـزو عقل كل فرد منهم، كل ذكر، وكل أنثى، وكل طفل، وسنعلّمهم الحضارة الحقّ، إننا سنق. ـهر الهنود ونسح. ـق هنديتهم بجيشٍ من المُعلّمين المُس .ـلّحين بالأفكار، ونحقق انتصاراتنا بالتدريب الصناعيّ وبإنجيل المحبّة وإنجيل العمل].
...
انتهى النقل من الكتاب، والمصادر به.
لذا، تجد حركات تحرر الدول عالميًا من الاستعمار، تبدأ في أولى قرارات الاستقلال وفرض السيادة بسن قانون بإلغاء لغة المستعمِر وفرض لغتها الأم -أو اللغة المعبرة عن الشعب وثقافته- في البحث والتعليم والصحافة والإعلام والشوارع والأوراق الرسمية وخلافه
.
ولك أن تقرأ في القصة الملحمية لما فعله هذا الكيان الأبعد حتى يُحيي اللغة العبرية بعد ممات، باعتبار هذه الخطوة حجرَ أساس في إقامة كيانهم.
.
ومن لم يفهم بعدُ العلاقةَ بين اللغة واستقلال الفكر والشعور والشعوب فعليه أن يُثقّف نفسه أكثر بحقيقة اللغة وآثارها.
.
فاللغة شرطٌ أساس في تحرر الفكر والاستقلال والإبداع على مستوياته كافة، فهي شرط أساس من شروط التقدّم الذي يشهد به العقل والعلم والتاريخ والواقع.
.
ثم إنّ هذه العبارة الساذجة التي بدأنا بها كلامنا، تفترض أن كل الدول التي تُعلّم العلوم المختلفة بلغتها الأم أو اللغة الرسمية فيها، هي من الدول المتقدمة اقتصاديًا وتكنولوجيًا وعسكريًا، وهذا ليس بصحيح، والواقع يشهد بخلافه.. ولكن إن شئتَ فقُل: هي أممٌ تُحاول وتسعى في الطريق وتأخذ بأسبابه، لا تعاند نفسها وتمجّد جلّادها وتزدري ذاتها.

أحمد عبد المنصف 🔻

23 Jan, 18:10


يقول: كُن من الدول المتقدمة أولًا، وأنتِج العلم بنفسك، ثم افرض لغتك وتعلّم بها.
.
من العبارات العجيبة التي قرأتُها هذه الأيام أكثر من مرة، وبها من سذاجة العقول ما بها!

وأصل فساد هذه المقولة أنها جعلت الشرط نتيجة!
.
الأمر أشبه بأن أقول لك: الوضوء شرطُ لصحة الصلاة، فتقول لي: صلّ الأول، وبعد ذلك تعالى نتكلم في الوضوء!
.
يا سادة..
تقدُّم أي أمة شرطه الأساس أن تخرج من حالة تقليد الآخر واقتفاء أثره إلى حالة الاستقلال العقلي والنفسي ومن ثمَّ الإبداع والابتكار؛ لأن المُقلّد -الذي غايته أن يكون كالآخر- لا يُبدع أبدًا!
.
وهذا الإبداع لن يحدث إلا بأن يخرج الإنسان من أسر انهزامه النفسيّ وانسحاقه أمام هذا الآخر، فيعود إلى نفسه ومقوّماته الذاتية والحضارية، وأن يؤمن بذاته وإمكاناته وقدرته على التحرر والتقدم والخروج من حالة الاستضعاف التي يعيشها، وأن هذا الضعف ليس صفةً ذاتيةً فيه، بل صفة عارضة يمكن أن تزول،
.
والعودة إلى الذات تبدأ بخصوصياته الثقافية، من اللغة، والتاريخ، والجغرافيا، والمعتَقد، أو النموذج المعرفيّ الخاص، أي رؤية الإنسان للوجود من حوله.. واللغة وعاء الثقافة بروافدها جميعًا.
.
لذا، إذا قرأت في تاريخ الاستعمار، كاستعمار أمريكا لغيرها، وإبا. داتها لكثير من الدول والأمم مثلا، على رأسها سكان أمريكا الأصلييين الذين أسموهم بالهنود الحُمر، تجد المؤرخين يتفقون على أن الاستعمار كان ينتهج أحد شكلين في كل عصر:
1. إما سياسة الإقصاء: أي الإبا. دة الحسية بالق. تل،
2. وإما سياسة الإدماج: أي الإبا. دة الثقافية باحt لال أفكار الشعوب وتغييرها بالكلية لتكون تابعة وموالية لثقافة وسياسة المستعمِر دون كُلفة عسكرية.

وسأنقل لك من كلام د منير العكش في كتابه الخطير "أمريكا والإبا. دات الثقافية"، وهو يشرح لك كيف تناقش أسلاف الأمريكان المح. tلون حول مصير من بقي ونجا من حروب الإبا. دات الجسدية للهنود الحُمر:
..
[كانت نجاة الربع مليون هندي من الإبا. دة الجسدية تقضّ مضاجع شعب الله الإنجليزي في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، إذ ما زال تحت أقدامهم أرض تكتنز الثروات التي تُسيل لُعاب "ثروة الأمم".. وكان مصير هؤلاء موضع أخذ ورد وجدل ساخن بين المستوطِنين، وبين من يُسمون أنفسهم بأصدقاء الهنود، فالمستوطنون يريدون المُضيّ بفكرة أمريكا، فكرة احتلال أرض الغير، واستبدال شعب بشعب، وثقافة بثقافة، إلى مداها، وذلك بالقـ. ـضاء نهائيا على الوجود الجسديّ للهنود حيثما وُجدوا، أما "أصدقاء" الهنود، مثل الكابتن برات (ريتشارد هنري برات)، فكانوا يُفضّلون إبا. دةً ألطف وأجدى، وأقلّ كُلفة، عبّر عنها مفوض الشئون الهندية كارل شُرز بما قلّ ودلّ:
(الفناء أو التمدّن extermination or civilization)،

أحمد عبد المنصف 🔻

22 Jan, 15:41


- ما تعليقك على قرار جامعة الأزهر بتشكيل لجان لتعريب مناهج الطب البشري والصيدلة؟

أولًا - كلمة (تعريب المناهج) عندنا بمصر مُوهِمة ومغلوطة، لأنها توهم القارئ بأمرين عجيبين:
1. أننا ندرس الهندسة والطب بالإنجليزية، ونريد تعريبها "D!
2. وأن عندنا مناهج حقيقية، وتعليم حقيقيّ.

وأقول: أين هذه العلوم التي تُدرَس عندنا بالإنجلزية أصلًا؟!!

أنا درست بكلية الهندسة جامعة عين شمس، أحد أشهر وأبرز كليات الهندسة في مصر، ولم أحضر محاضرة واحدة باللغة الإنجليزية أصلا،
المحاضرات كلها بالعامية المصرية، والطلاب لا يفتحون مرجعًا طوال الدراسة، بل نُذاكر من ملازم المعيدين التي تُباع بالمكتبات أمام الكلية، والشرح في هذه الملازم مكتوبٌ بالعامية أو عامية متفصحة ركيكة، المسائل فقط والمصطلحات العلمية هي التي بالإنجليزية، لا غير!
.
فإن شئتَ أن تصف لغة هذه الدراسة عندنا فقُل: نحن ندرس الهندسة بالعامية المصرية، مع قليل من العربية الفصيحة الركيكة، مع مصطلحات وأسئلة بالإنجليزية.. زي طبق كشري كده، فلا هو يُحسِن الكلام عن العلم بلغة إنجليزية واضحة، ولا بلغة عربية فصيحة واضحة، ولكن بلغة هجين كحالنا كله.

وأصحابي في كليات الطب والصيدلة لا أحسبهم عن ذلك ببعيد، ومحاضرات الأساتذة موجودة ع اليوتيوب، والملازمة موجودة بردو ع النت.
.
يا سادة، نحن في الكليات اللغوية التي تُدرّس العربية قلّما تجد أستاذا يُحسن الكلام بالعربية العالية دقيقتين دون لحن.. وأنا درستُ بكلية لُغوية وأعلم ما أقوله لكم.
.
فإذن نحن لا نتحدث عن (تعريب المناهج)، وإنما عن (تعريب المصطلحات العلمية) وتعريب (صياغة المسائل والأسئلة والامتحانات).
----
ثم أين هذه المناهج الرصينة وهذا التعليم الرصين؟
ما إحنا عارفين الي فيها وساكتين يا شباب، والطلبة عايزة تتخرج وتشوف حياتها وتعليمها الحقيقي، فالنقاشات المنهجية العظيمة دي عن مين لو سمحتم؟ "D
----
ثانيًا - عندنا مغالطات أخرى دمها خفيف تُضاف على هامش هذا النقاش،
منها أن (الإنجليزية هي لغة العلم).. العلم كده بالألف واللام.

وهذه الخرافة يا عزيزي لن تسمعها بهذه الثقة وهذا الإطلاق إلا في البلاد المستعمَرة الي زي حالتنا،
فالطب مثلًا يُدرَّس باللغة الأم في: ألمانيا، وفرنسا، وإيطاليا، وإسبانيا، وروسيا، وبولندا، والتشيك، والمجر، والصين واليابان، وكوريا الجنوبية، وإيران، وتركيا، والبرازيل، والأرجنتين، والمكسيك، وكوبا، وتشيلي، والقائمة تطول،

حتى الكيان الغاصب الذي أحيا اللغة العبرية بعد أن كانت شبه منقرضة = يُدرّس الطب باللغة العبرية يا مؤمن!!!

والمفارقة الساخرة أن بعض الدول العربية كالجزائر والمغرب تدرّس الطب بالفرنسية، يعني لا منهم أخذوا بالعربية، ولا بـ "لغة العلم" الإنجليزية "D أكيد ده طبعًا ملوش علاقة بالاستعمار خااالص ^^
فأرجوكم، انظروا في العالم من حولكم، واخرجوا من كهفكم الضيق، وستُدهشون بكم الأفكار التي حُبسنا فيها ولا نشعر!
---
ثم يقولك: لو عرّبنا المصطلحات العلمية = سننقطع عن العلم وعن المراجع الأجنبية والبحوث الجديدة!
لا يا راجل؟!

طيب يا سيدي سهلة، أنا درست الرياضيات والفيزياء والكيمياء من الابتدائية إلى الثانوية بالعربية، مصطلحاتٍ ورموزًا وغيره، ولما دخلت الهندسة وجدت كل هذه المصطلحات بالإنجليزية!
صُدمنا في البداية، فكان الدكاترة يجمعون بين المصطلح العربيّ والأجنبيّ معًا، ثم ألفنا الأجنبيّ، ولم نحتج أكثر من شهر ونحوه حتى ألفتُ المصطلحات الأجنبية واستوحشتُ العربية!!
فالقضية يا عزيزي ألفة وتعود لا أكثر.. لا علاقة له بلغة علم ولا بلغة تواكب العصر ولا يحزنون!

فسهل أن تجمع بين المصطلح المُعرّب والأجنبيّ في نفس العبارة، وهذا بالفعل يحدث في كتب الطب في سورية مثلًا -كجامعة دمشق- ويُنبّهون على أهمية هذا الجمع في مقدمة الكتب.
.
فإن فهم الطالب المصطلح العربي ونظيره الأجنبي، مع لغة أجنبية جيدة، وسعه الاطلاع على أي مرجع أجنبي، لأن لغة العلم ما هي إلا لغة المصطلحات أصلا.

وغير ذلك من أوهام في عقول بعض الناس والردود عليها سهلة ميسرة.
----
وبعد هذه المقدمة أقول:

أما بعد:

ينبغي أن نُدرك أن تعريب مناهج التعليم قرار عظيم وينبغي لكل أمة تحترم نفسها أن تتخذه، ولكنه قرار سياسي بالأساس، وليس تعليميا،
أي أنه ينبغي أن يكون مشروعًا قوميًا تتضافر جهود الدولة كلها لخدمته، لكن، إنْ اتخذته جامعة واحدة منفردة فلا أظن أن يؤتي ثماره إن لم يزد الطين بلّة، وتفصيل قولي هذا يُبحث في علم اللغة السياسي (Political linguistics)
.
فالتعريب لا بد أن يكون على مراحل، ولا بد من تضافر جهود مختلفة، منها أن:

أحمد عبد المنصف 🔻

22 Jan, 15:41


1- تُنشأ مراكز بحثية تابعة لوزارة التعليم العالي خاصة فقط بأمر التعريب، وينبثق منها لجان فرعية بحسب الاختصاصات، وذلك بالتعاون مع المجمع اللغوي في القاهرة وباقي المجامع اللغوية العربية.
.
2- وتُنشأ مراكز بحثية للترجمة، تابعة لوزارة الثقافة، لترجمة كل ما يجدّ من بحوث ودوريات علمية باللغات الأجنبية، حتى لا تحدث أي فجوات معرفية للطالب الذي لا يجيد اللغات الأجنبية.
.
3- وتُنشأ مراكز بحثية لُغوية/لسانية قومية لتبحث في القضايا اللغوية التي ستتولد من عملية الترجمة والتعريب هذه، وهذا يبحث في اللسانيات التطبيقية، بالتعاون مع اللجان المناظرة بالمجمع اللغوي.. ويُنتقى أعضاؤها بعناية شديدة.
.
4- وتُعقد مؤتمرات محلية ودولية لبحث هذه القضية مع المتخصصين عالميًا، وتُنشر نتائجها في مجلات طبية رسمية.
.
5- ويُنشأ قسم في كليات اللغات كالألسن واللغات والترجمة خاص بالترجمة الطبية خطوةً مرحلية، وتُنشأ كلية جديدة لهذا الأمر، يدرس فيها الطالب المواد الطبية (أو غيرها من التخصصات) والمواد اللُغوية معًا لتخريج مترجم متخصص، ليشارك بعد ذلك في تطوير هذا المشروع القوميّ بتعيين من الحكومة.. حتى لا نرى ترجمات من عينة "التغذية الراجعة بدلا من فيد باك" مما يثير السخرية وحُق لهم.
.
6- وتُقام مسابقات بمكافآت مجزية، لتعزيز التنافسية في تقديم أفضل كتب مترجمة ومعربة للعلوم المختلفة بعد مراجعة للمتخصصين.
.
7- ويُلزم طلاب الدراسات العليا مثلًا كي ينالوا درجة الماجستير والدكتوراه أن يترجموا كتابًا في تخصصهم ثم يُراجَع من قِبل المتخصصين لُغويًا وعلميًا.
.
8- ويُسلط الإعلام الضوء على هذه الجهود ونشر الوعي اللُّغوي في الأخبار والأفلام والمسلسلات وخلافه، ويلتزمون بما تصل إليه الجهات المختصة في كودهم الإعلامي.
.
9- وتُعقد دورات وندوات وبرامج تعليمية وتثقيفية على المستوى المجتمعي لنشر الوعي اللُّغوي والتوعية بأهمية اللغة وصلتها بالفكر والعلم والدين والنفس وسوق العمل وخلافه، وتُوضع مثلًا دروس للقراءة في مناهج التعليم للتثقيف بهذه القضايا.
.
10- ونُشجّع رجال الأعمال والشركات للاستثمار في تمويل هذه الجهود باللغة التي يفهمونها.
.
11- ويُعطى الأستاذ مرتبًا يستحق جهده ويُعزز قدره في المجتمع.
.
12- ونستفيد من الجهود السابقة في التعريب، والتي بدأتها مصر منذ عهد محمد علي باشا.. حتى لا نخترع العجلة من جديد.
.
13- ويُسن مشروع قانون جديد لضمان تفعيل كل هذه الأمور والالتزام بها في مختلف أنحاء الدولة ومؤسساتها وهيئاتها الحكومية وغير الحكومية، وتُشكل أجهزة رقابية لمتابعة تنفيذها وتُفرض عقوبات على التقصير بها.
.
وغير ذلك الكثير، هذا الذي نقصده بالتخطيط اللُغوي على المستوى السياسي القوميّ والذي نستبشر به.. لكن ما سوى ذلك ستظل جهود فردية كغيرها لا يُعوَّل عليها كثيرًا.
.
وإجمالا فهو قرار جيد يحتاج إلى تشجيع ونقد ذاتي شجاع ومخلص.

وفق الله القائمين عليه إلى ما يحب ويرضي.

أحمد عبد المنصف 🔻

19 Jan, 20:36


كالعادة، مشهد مهيب، ومركّب، تنتابني فيه مشاعر مركّبة شديدة التباين والاختلاط،
.
في ركنٍ ما من أركان قلبي يغمرني الفرح، وتملأني السعادة بكل يومٍ يُرفع عن أهلي وإخواني هذا البلاء الذي لا كلمات تصفه، ولا أقلام ترسمه، وفخر بأهلنا الصامدين، وأبطالنا البواسل الثابتين، الذين أشهدوا العالَم أجمع على عدالة قضيتنا، وخِسّة وإجر ام عدوّنا، وعمق إيمان أهلنا، وسمو أخلاقياتنا في حر بنا قبل سِلمنا، وازدواجية عالَمهم المُجرِ م الذي يتشدّق بحقوق الإنسان والحيوان والنبات والمناخ،
.
كما أشهده على فشل عدوّنا المتعجرف الجبان في تحرير أسـ راه بالقوة، والقضاء على عد وّه الحُر المقا وِم، رغم أجهزته، واستخباراته، وجيوشه برًا وبحرًا وجوًا، ودعم الدول العظمى له بكل شيء، طوال أكثر من عامٍ كامل..!

حتى رأينا بأعيننا الأحرار من جميع أنحاء العالم تقف في صفنا، بل ومنهم من أسلم وصار من أشد أنصارنا،
.
وفي ركنٍ آخر، يعتصر قلبي كمدًا على حال عالَمي، وأمّتي العربية والإسلامية التي تجاوزت الخمسين دولة، والتي اجتمعت في مؤتمرات و"قمم" فلم نسمع خلفها إلا صدى الإدانات، ناهيك عمّن خان وشارك وتبجّح،
ويتقطّع كبدي أسًى على مشاهد إخواننا الذين سُفِ كَت دما. ؤهم أمام أعيننا، وألسنتنا مقيّدة، وأيدينا مكبّلة!
.
نعم، هو فرحٌ عظيم، يُخالطه حزنٌ وخِزيٌّ دفين، تفرح على استحياء، وتبارك على استحياء، وتعزّي على استحياء.. وتدعو على استحياء!

تتساءل بلسان حالك: هل يعلو صوت فرحي فأكون وقحًا؟ أم أوثر صمتي فأكون متخاذلًا تُظَنُ بي الظنون؟

أما أنتم، أهلَنا، وساداتنا، فإن قبلتم فرحنا، ومواساتنا، وبذلنا وجهدنا الضعيف نُقدّم به شيئًا من اعتذاراتنا؛ فهو كرمٌ منكم وفضل، وإن أشحتم الوجه عنّا، فهو حقّكم ولا ملامة.. والله يتولانا وإياكم..

وبعد: فمبارك لنا ولكم هذا اليوم العظيم، سلّمكم الله وآواكم وعظّم أجركم ونصركم وأيدكم وتقبّلكم في الدنيا والآخرة ❤️

أحمد عبد المنصف 🔻

11 Jan, 22:21


- هو المفروض أفرح ولا أحزن بسبب حرائق أمريكا دي؟

= لو تأملت، سترى أن القضية مركّبة، ولذلك فالمفروض ينتابك عدد من المشاعر المختلطة والمركّبة؛ لحيثيات مختلفة في النظر إلى تلك الحرائق،

1. شعور بالخوف والرهبة
إذا نظرتَ إليها باعتبارها آية من آيات الله تعالى التي يُرسلها إلى البشر تخويفًا لهم {وما نُرسِل بالآيات إلا تخويفًا}.. عسى أن نتوب ونستغفر ونعود إلى الله ونتضرع إليه {فلولا إذ جاءهم بأسُنا تضرّعوا}.
.
2. شعور بالصِّغر والتجرّد من الحول والقوة
عندما ترى البشر يُهزمون في معركة الطبيعة -بالزلازل والأوبئة والأعاصير والحرائق- رغم تقدمهم الماديّ والتقني الهائل، عسى أن يتواضع الإنسان ويُدرك أنه مسكين لا حول له ولا قوة؛ ولا يظنّ بعلمه وقوته أن قد صار إلهًا له الأمر والخلق.
.
3. وشعور بالخوف أيضًا لأنك لستَ بمعزلٍ عن هذه الأقدار، وتسأل الله لك السلامة والعافية وحسن الختام.
.
4. وشعور التسليم التام بإرادة الله وقضائه وقدره،
من باب أننا ملك لله سبحانه يفعل فينا ما شاء، إن شاء عذّب أو رحم في الدنيا أو الآخرة أو في كليهما، ولا راد لقضائه ولا معقّب لحكمه، ولا معنى لسؤال (ما ذنب هؤلاء؟) لأن السؤال يَفترض وجود ذنبٍ للعبد ليُنزل الله به قضاءَه وأمرَه، وهذا ليس في اعتقادنا، بل نحن نعتقد أن الله إن خلق عبدًا لينعّمه في الدنيا والآخرة أو ليعذّبه في الدنيا ثم يلقيه في نار الآخرة = حُقّ له؛ فلا نُوجب على الله شيئًا، وليس لنا حقٌ عليه ونحن جميعًا ملك له، وإنما رزقه يسوقه لنا بمحض الفضل، وإن رحمنا هنا أو في الآخرة فمبحض الفضل لا العدل.
.
5. وشعور الرجاء
في أن المؤمنين إذا لحقهم هذا الابتلاء فعسى أن يكون من مكفرّات ذنوبهم، أو رفعةً لدرجاتهم، وفي كلٍ فإنّ المؤمن {أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر وكان خيرا له} كما قال سيدنا صلى الله عليه وسلم.
.
6. وشعور رجاءٍ آخر
في أن ينجو غيرُ المسلمين المسالمون العقلاء الذين ينتصرون لقضايا الحق والعدل؛ عسى أن تكون فرصة للتفكر والفهم والعودة إلى الرحمن تبارك وتعالى، مع تسليمنا العقديّ بأن الكافر وإن هلك بهذا عقوبةً له فعدلٌ منه سبحانه؛ إذ ليس بعد الكُفرِ ذنب، ولو مات على كفره فعقوبته جحيم الأبد.
.
وينبغي ألا ننفي وجود هذه الفئة الكبيرة من (الأحرار) وإن لم يكونوا مسلمين، والذين لا تمثلهم الأنطمة والسياسات والإعلام الرسمي، وقد رأيناهم في الاعتصامات والمظاهرات وغيره يدعمون قضايانا العادلة، وألا نقول إنهم قلة قليلة وسط أغلبية فاسدة راضية بما يحلّ بنا إلا بأدلة علميّة إحصائية منضبطة، ولا أراها موجودة.
.
7. وشعور الفرح المشروع
بهلاك الظالمين المتجبرين المتعجرفين منهم، الذين كانوا يطربون بموت إخوتنا، سواء أكان هلاكُهم حسًا، أو بالضرر الماديّ والاقتصادي الجسيم الذي لحق بالكيان الاعتباريّ المسمى بالدولة الأمريكية، الذي يحتل أراضينا وينهب خيراتنا ويقتلنا بدمٍ بارد، {ويشف صدور قومٍ مؤمنين}..
.
وعندنا نصوص شرعية كثيرة تبين أن الذنوب والظلم والإجرام والسكوت عنه سببٌ عظيم من أسباب حلول الخراب والفتن والكوارث التي {لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة}.
.
خاصة ونحن نرى قادتهم يخرجون علينا بتبجّحٍ وتعجرفٍ منقطع النظير ليهددونا بإشعال الشرق الأوسط، {والله غالبٌ على أمره ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون}.
.
8. وشعور بالحزن والإشفاق
على حالنا العلميّ والنظاميّ؛ عندما ترى هذه الحرائق المخيفة، وتعرف أن خسائرها البشرية لم تتجاوز 10 أفراد بحسب ما قرأتُ، فتشفق على حالنا إذا ابتلانا الله بهذا!
.
9. وهذا يدعوك أيضًا إلى أن تُنصف
عدوّك، وتُنِزِله منزلتَه، وتعترف له بما أتقنَ فيه علميًا وتقنيًا، وتستفيد منه فيما أحسن، وتردّ عليه ما سواه من الخسة والإجرام والحقارة والدناءة والغباء والكفر والانحلال وسائر المفاسد التي يمتلئ بها؛ فإن فهم عدوّي وتقديره قدره أول طريق التغلب عليه.
.
10. وأن تعلو همتك
لبحث الأسباب المادية التي تتعلق بهذه الكوارث لفهمها ولبحث السبُل العلمية للوقاية منها بقدر المستطاع! وهذه معركة علمية شرعية مطلوبة نحتاج إلى خوضها؛ لأن التغيرات المناخية والكوارث الطبيعية لا تطال عدونا فقط، والانشغال بها ليس من باب السفه ورفاهية العالَم الأول كما يتوهم بعضنا.. وإن أخفى الله عنا كيفية عمل الأسباب الغيبية التي تؤثر في هذا الكون -وإن سلّمنا بوجودها وتأثيرها- فقد تعبّدنا بالأسباب الماديّة أيضًا، والمزج بين كلا الجانبين مطلوب ومهم.
.
وقد ظهر لك أنها مسألة مركبة، والحكم في مثلها بالأبيض والأسود من كل جهةٍ = حكمٌ غير دقيق، وفتح لباب جدلٍ بلا داعٍ، وجوابه في التفصيل.
.
ونسأل الله تعالى أن يحفظ بلادنا، وأن يُخرجنا من كبوتنا، وأن يبصّرنا بما فيه صلاح أمرنا ويعيننا عليه، وأن ينصرنا على عدوّنا ويشفي صدور قومٍ مؤمنين.

أحمد عبد المنصف 🔻

08 Jan, 22:33


شهادة البكالوريا المصرية (البديل للثانوية العامة)

شرح للنظام الجديد الذي تقترحه الحكومة المصرية للتطبيق ابتداءً من العام المقبل على الطلاب الملتحقين بالصف الأول الثانوي، وسأشرح بحسب ما فهمتُه من البيانات الرسمية.
=
الاسم: شهادة البكالوريا المصرية (بديل الثانوية العامة)

المراحل:
البكالوريا هتكون مرحلتين:
- مرحلة تمهيدية (1 ثانوي)،
- ثم مرحلة رئيسية (2 و3 ثانوي).

المقررات:
- المرحلة التمهيدية (1 ثانوي):

المواد الرئيسة الداخلة في المجموع 8 مواد:
1. التربية الدينية
2. اللغة العربية
3. التاريخ المصري
4. الرياضيات
5. العلوم المتكاملة (الفيزياء والكيمياء والأحياء معًا)
6. الفلسفة
7. المنطق
8. اللغة الأجنبية الأولى.
=
بالإضافة إلى مادتين خارج المجموع:
1. اللغة الأجنبية الثانية،
2. البرمجة وعلوم الحاسب
___
-
المرحلة الرئيسية (2 ثانوي):
المواد الأساسية الثابتة بجميع التخصصات 3:
1. اللغة العربية
2. التاريخ المصري
3. اللغة الأجنبية الأولى

وبعدها سيكون أمام الطالب 4 شُعب تخصصية، يختار شُعبة واحدة منها، ويختار منها في 2 ثانوي مادة واحدة فقط يدرسها من هذه الشُعبة:
1. شعبة الطب وعلوم الحياة (يدرس فيها الرياضيات أو الفيزياء).
2. شعبة الهندسة وعلوم الحاسب (يدرس الكيمياء أو البرمجة)
3. شعبة الأعمال (يدرس المحاسبة أو إدارة الأعمال)
4. شعبة الآداب والفنون (يدرس علم نفس أو لغة أجنبية ثانية).

بإجمالي 4 مواد دراسية في هذه السنة داخلين في المجموع (3 ثابتين + 1 تخصص اختياري)
__
-
المرحلة الرئيسية (3 ثانوي):

المادة الأساسية الداخلة في المجموع على جميع التخصصات: التربية الدينية،

ثم يُكمل في إحدى الشعب التخصصية بمادتيها:
1. الطب وعلوم الحياة (يدرس الأحياء مستوى رفيع، والكيمياء مستوى رفيع)
2. الهندسة وعلوم الحاسب (الرياضيات مستوى رفيع، والفيزياء مستوى رفيع)
3. الأعمال (الاقتصاد مستوى رفيع، والرياضيات)
4. الآداب والفنون (الجغرافيا مستوى رفيع، والإحصاء)

بإجمالي 3 مواد أساسية داخلين في المجموع: (1 ثابتة + 2 تخصص).
___

وعليه فإجمالي مواد الثانوية الجديدة بعامَيْها = (7 مواد).
4 ثابتين باختلاف التخصص (لغة عربية + دين + تاريخ مصري + لغة أجنبية أولى) + 3 متغيرين بحسب التخصص.

وسيكون المجموع النهائي التراكمي بناءً على درجتك في هذه المواد السبعة.
____

قواعد الامتحان والتقييم للمرحلة الرئيسية (2 و3 ثانوي):

1. سيتاح للطالب في كل مادة فرصتين لامتحانها في كل عام دراسيّ، مايو ويوليو لمواد 2 ثانوي، ويونيو وأغسطس لمواد 3 ثانوي.
.
2. ولكن يجب على الطالب أن يدخل امتحان المادة للمرة الأولى إلزامًا دون تقديم أو تأخير.. ثم بعد ذلك إذا أراد إعادته للتحسين فله ذلك، سواء أن يعيده في الفرصة الثانية للمادة من نفس العام الدراسيّ أو في أي عام دراسيّ لاحق.
.
3. ودخول الامتحان للمرة الأولى مجانًا، وبعد ذلك يكون بمقابل 500 لكل امتحان.
.
4. يجوز للطالب دراسة مواد إضافية في أي مستوى في حالة رغبته في تعدد المسارات، وذلك بعد انتهاء المسار الأساسي (والعبارة الأخيرة غير واضحة لي، لا أدري هل المقصود أنه يجوز دراستها على التوازي مع مواده الأساسيّة في نفس العام، أم يجب أن يبقى عاما آخر ليدرسها بعد إتمام مساره الأساسيّ؟).
.
5. يكون الحد الأقصى لعدد سنوات الدراسة للمرحلة الرئيسية 4 سنوات، بخلاف الصف الأول الثانوي.
(ولم يُوضّحوا ماذا يحدث إذا تجاوز الطالب الحد الأقصى؟).
.
6. تُحتسب كل مادة من مواد الثانوية السبعة من 100 درجة، ويكون المجموع النهائي للطالب بمجموع الدرجات الحاصل عليها في كل مادة من المواد السبعة.
.
7. تُحتسب للطالب كل محاولاته التي تقدّم لها، وتُرصد كافة درجات محاولاته
يعني حسب فهمي إن هيبقى فيه نظام {تحسين الدرجة} للطالب، بأن يدخل الامتحان للمرة الأولى، فإن أراد التحسين فله أن يعيد الامتحان في الفرصة الثانية من نفس العام الدراسي أو في أي عام قادم، ولكن بمقابل كما بيّنا، وتُرصد كل محاولاته، وتُرسل قاعدة بيانات بشكل كامل لمكتب التنسيق لإعمال شأنه بها.
.
وأفهم من عبارتهم (لإعمال شأنه بها) أن ما سينبني على رصد هذه المحاولات في مكتبة التنسيق من تحديد الكليات وخلافه = هذا شأن وزارة التعليم العالي تُبينه لنا بعد ذلك.

وأظن أن كثيرًا من التفاصيل ستتضح لنا خلال الأيام القادمة بإذن الله.
-----------------------------

أحمد عبد المنصف 🔻

08 Jan, 22:33


الجديد في هذا النظام:

1. إدراج التربية الدينية في المواد الداخلة في المجموع، لأول مرة في التعليم العام بحسب علمي.
2. وكذلك إدراج مقررات (البرمجة، والمحاسبة، وإدارة الأعمال) لأول مرة.
3. إعادة نظام التحسين، وإتاحة أكثر من فرصة للامتحان بمقابل.
4. تخفيف المواد الدراسية في السنة الواحدة في (2 و3).
5. تقسيم مواد الثانوية على عامين على الأقل، والمجموع يكون تراكميًا.
6. إضافة نظام المواد الاختيارية لمن يريد تعدد المسارات.

هذا من باب محاولة الشرح والفهم فقط، أما التعليق فله مقام آخر.

نسأل الله العون والتيسير لأصدقائنا وأهالينا أجمعين.

أحمد عبد المنصف 🔻

28 Dec, 14:42


في آخر العام الميلادي أحب بدلًا من كتابة قائمة (الإنجازات) أن تكون قائمة (النعم والأفضال) التي أنعم الله بها علينا.

واستعمال هذا اللفظ القرآني في هذا السياق له فائدتان عظيمتان:

الأولى: التجرّد من الحول والقوة؛
فكلمة (الإنجاز) تنسب الفاعل لك، وتُوهمك أن ما أنتَ فيه بمحض شطارتك وذكائك ودراستك للوضع وحسن تدبيرك، وأنت في الحقيقة مسكين لا حول لك ولا قوة، يسوق الله له رزقه المكتوب أزلًا كيف شاء ومتى وأين شاء، أما كلمة (النعمة) تذكّرك أنّ المُنعِمَ والرازق والمدبّر هو الله جل وعلا.
.
والثانية: تخرج بك من ضيق الماديّة إلى رحابة الدنيا وسعتها؛
فكلمة (الإنجاز) ترتبط في الذهن بما هو محسوس مُقاس في أسواق الناس والأعمال؛ الشهادات، الزواج، الوظيفة، المال، السفر.. إلخ..
أما كلمة (النعمة) فتهمس في أذنك بقوله تعالى: (وإنْ تعدّوا نعمة الله لا تحصوها)، وقوله سبحانه: (فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون) وآلاؤه أي نعمه ومِنَنُه.. نعمه الظاهرة والباطنة، الماديّة والمعنوية،

وحينها ستُدرج: (الصحة، والعافية، والستر، والعفاف، والمسكن، والمأكل، والمشرب، والملبس، والمال الحلال وإن قلْ، وصلة رحمك، وبر أهل بيتك، وصبرك على البلاء، وتزكيتك لنفسك، وطلبك للعلم وإن لم تُحصّل منه شهادة، واكتسابك للخبرات المهنية والعملية والاجتماعية وإن لم توثّقها بالأختام، وسعة الصدر، وحُسن الخَلق والخُلق... ) = ستدرج كل هذا وأكثر في قائمة نِعَم الله وأفضاله.

حينها ستقف في آخر العام مغمورًا بشعور الامتنان لما أنتَ فيه الآن؛ لعظيم نعم الله عليك وأفضاله وإحسانه، لا ساخطًا لاهثا وراء ما لم تُدركْه، غافلًا عن عظيم ما أنتَ فيه هنا والآن!

الكلمة أمر جَلل، وكل كلمة في جوفها حمولة عاطفية وفلسفية وثقافية ينبغي أن تفطِنَ لها، ورُبّ كلمةٍ تمنحك رؤيةً عقدية كاملة لهذا الوجود، وكلمةٍ أخرى تسلبها منك دون أن تشعر، وأوّلُ اختلالِ الأذهانِ اختلالُ اللسان.

رب أنعمتَ فزِد، والطف بنا وبإخواننا المستضعفين في كل مكان.

أحمد عبد المنصف 🔻

23 Dec, 22:19


فقر وقلة الكلمات التي نُعبّر بها عن أفكارنا ومشاعرنا وما في صدورنا = مشكلة لُغوية كبيرة تُسبب لنا الكثير من المشكلات النفسية والاجتماعية وغيرها.

تخيل إنسانًا يريد أن يُعبّر عن مشاعر (الشوق) لزوجته وحبيبته فلا يجد في معجمه اللغويّ إلا كلمة (وحشتيني!).. فإن لم تُسعفه قال (وحشتيني جدًا!).. فإن لم تُسعفه كررها مرات، حتى ابتكر اللسان العامّي -لقلة حيلته- لفظًا آخر أشد فجاجة للتعبير عن المبالغة والشدة، فقال: وحشتيني فشخ!

وفي العربية العالية إذا عبّرنا عن الشوق للرؤية فنقول مثلًا:
أنا مشتاق إليكِ، صابٌّ بك، متألّق إلى رؤيتك، حانٍ إلى قُربك، أنازع قلبي إلى الأنس بك، ظمآن إلى مناسمتك، متطلع إلى مؤانستك.. قد أضناني شوقي إليكِ، وكدّر عيشي شدة صبوتي بك، فالقلب يحترِق، والكبد يخفِق، والأحشاء تصطفق، والجَفن يندفق، والدّمعُ ينبثق... فلستُ أخلدُ إلى لذّة وإن طالَت، ولا أركَن إلى غبطة وإن دامت، فعَيشي رَنِقٌ، وطرْفي أرِق، وقلبي قَلِق!

ويُقال: ما أشدّ شوقي، وتوقي، وصبابتي، وصبوتي، ونزاعي، وحنيني، واشتياقي، وانجذابي، وصداي، وظمأي، وشهوتي، ووَلهي، ووجدي، وحسرتي، وتأسفي، وتلهّفي .. إليكِ!

ويُقال: في قلبي حُرقة الاشتياق، وحزازات النزاع، وولهُ الحنين، ولوعة الصبابة، وكمدُ الحسرة، وغُلّة الظمأ، وصَرارَة العَيمَة، وشدة الأسف، وتبريح اللَّهَف.. وقد شفّني حرٌّ الفراق، وحبّ التلاقِ، وشهوة الاعتناق..!
==
وقُل مثل هذا في كل معنى وشعور يمكن أن تُعبّر عنه في (العربية العالية) بألف صورة ولون، لكنّ العربية الدارجة فقيرة شحيحة!

وإن شئتَ زيادةً فانظر في: المخصص لابن سيده، وجواهر الألفاظ لقدامة، والألفاظ الكتابية للهمداني، وغيرهم.

فقر اللغة يؤثر في ضحالة الفكرة عقلًا، وسطحية الشعور قلبًا، والعكس بالعكس يا عزيزي!

الفقير في ألفاظه كعصفور محبوسٍ في قفص يظنّه الكون بأسره! كمريض بعمى الألوان، ينظر إلى الحياة فلا يرى إلا الأحمر أو الأخضر، فلا يستطيع أن يُبصر جمال تنوع الحياة مهما وصفتَ له وأبنت!

كل كلمةٍ جديدة تتعلمها ليست فقط وسيلة جديدة لـ (تعبّر) بها عن فكرتك أو شعورك، بل هي مشكاة نورٍ تكشف لك جزءًا من خفايا عقلك ونفسك المظلمة الغامضة.

الكلمات ليست وسيلة (تعبير) فقط، بل هي وسيلة (تفكير) واكتشاف و(فهم) لما في عقولنا وقلوبنا ونفوسنا من ضبابيات لا نفهم كُنهها ولا نقف على ملامحها، لكنّ اللغة قادرة على سبر أغوارها!
.
أزعم أن كثيرًا من مشكلاتنا النفسية والاجتماعية راجعة إلى فقرنا اللُّغوي في الإبانة عن أنفسنا، عن آلامنا وآمالنا، انتصاراتنا وهزائمنا، مخاوفنا وقلقنا، حدودنا وأماننا.

كما ترجع إلى فقرنا اللّغوي في ترجمة أقوال وأفعال غيرنا على الوجه الذي يقصده لا الذي نريد أن نفهمه!

أرجوكم، لا تكتفوا بما في العاميّة من كلمات وتراكيب، أصقِلوا لُغتكم العربية! وستجدون في بحرها ما يُدهش عقولكم ويسلب ألبابكم ويأسر قلوبكم!

تعلّموا العربية لأن العِيَّ عجز وأسر، والبيان سُلطان وحُرية!

وللحديث بقية..

أحمد عبد المنصف 🔻

23 Dec, 19:33


سألني سائل: لماذا تمسح تسجيلات فيها نفع للآلاف؟!!

قلتُ: سؤال جيد، لأكثر من سبب، ولكن صدق أو لا تصدّق، فالسبب الأهم: أمسحها لأني أرجو أن تنفع (الآلاف) بالفعل!

قديمًا قالوا: الزُهد قرين الإتاحة، والمبذول مرذول، والممنوع مرغوب، ومزمار الحيّ لا يُطرب، والبعيد سرّه باتع، وكثير من أمثال الشعوب أجمعت على هذا المبدأ!

اليوتيوب مليء بآلاف الدورات التي قد تنفع آلاف وملايين فعلًا، لكنّ الناس لم يفتحوها بعد ولن يفتحوها! ومن فتحها لم يكملها غالبًا! لماذا؟! لأنها موجودة! يومًا ما سأذاكرها إن شاء الله، وهذا اليوم لا يأتي، ولن يأتي أبدًا!

أغلب البشر لا تحركهم اللذة بقدر ما يحرّكهم الألم!
ولو سمعوا ألف تعليقٍ إيجابيّ يمدح، وتعليقًا واحدًا يذمّ، لباتوا يتألمون من هذا الأخير..

غالب البشر يتحركون تحت التهديد والخوف؛ الخوف من الألم، من العقاب، من الخسارة، من أن تفوتهم فرصة لن تُعوَّض.

وعلى هذا الوتر الحساس يعزفُ أهل التسويق ولافتات (عروض لفترة محدودة)، فتجد سيلًا من البشر يهجم عليها، رغم تواجد هذه الأسعار والسلع في كثير من المحال طوال العام.

فمن التأمل في النفس البشرية وفي التسويق، وفي التجربة والخبرة التعليمية مع الطلاب من أعمار مختلفة، ومع البشر عمومًا في مجالات مختلفة، فهمتُ أنك إذا أردت أن ينتفع الناس بما تقدّم بالفعل، فلا تتِحه دائمًا مجانًا، ولا تتِحه إلى الأبد.

نفعنا الله بالفرصة في حينها، وعصمنا من وليات سوف وليت.

أحمد عبد المنصف 🔻

19 Dec, 18:15


تسامرنا يوم الاثنين الماضي في أمسية مؤنسة عن: كيف نتعلم العربية؟

١. وبدأنا بالكلام عن السؤال ب (كيف)؟
وبيّنا خطأ أن تبدأ سؤالك عن منهج تعليمي بكيف.. والأصل أن تبدأ ب لماذا؟
وبحسب جوابك عن لماذا + وبحسب حال السائل جنسا وعمرا وعقلا وثقافة وظروفا = يتحدد طبيعة ومحتوى المنهج كمًّا وكيفًا.
.
٢. ثم تحدثنا عن كيف نتعلم اللغة؟
وعرفنا بعلم اللغة النفسي ودوره في بحث هذا السؤال، وتحدثنا عن مشكلة الاعتماد على التجارب الفردية.
وعرفنا الفرق بين تعلم اللغة الأم واللغة الأجنبية واللغة الثانية.
وعرفنا العوامل التي ساهمت في إتقان لغتنا الأم في طفولتنا.. وما العوامل التي فقدناها في كبرنا؟
.
٣. ثم انتقلنا بالحديث عن كيف نتعلم العربية؟
عرفنا أبرز التحديات التي تواجهنا في تعلم العربية الفصيحة.
وتكلمنا عن واقع مجتمعنا العربي لغويًا، وتحدثنا عن قضية الازدواجية اللغوية والعلاقة بين (العامية والفصحى) وشرَّحنا وحللنا العامية المصرية نموذجًا.
ثم تكلمنا عن أهمية وكيفية ممارسة العربية، وشرحنا مفهوم المهارات اللغوية الأربعة.
ثم قدمنا بعض الترشيحات والنصائح في تعلم ومعايشة العربية استماعًا وتحدثًا وقراءةً وكتابةً من قرآن وحديث وشعر ونثر وقنوات يوتيوب وإنشاد ومسامرات/بودكاست.. وأشياء خرى.

أرجو أن يكون لقاءً مفيدا ممتعا لكم ")
وسأترك تسجيله مع أخيه السابق هنا مدة أسبوعين لينتفع بهما الجميع.

دمتم بخير")

أحمد عبد المنصف 🔻

16 Dec, 22:40


Live stream finished (5 hours)

أحمد عبد المنصف 🔻

16 Dec, 17:30


Live stream started

أحمد عبد المنصف 🔻

16 Dec, 17:30


Live stream scheduled for

أحمد عبد المنصف 🔻

16 Dec, 17:26


باسم الله، نبدأ اللقاء الثاني بعد دقائق إن شاء الله تعالى.

وتفاعل اللقاء يكون في تعليقات هذه التدوينة.

أحمد عبد المنصف 🔻

12 Dec, 17:52


(2) كيف أتعلم العربية؟

استكمالًا لسلسلة مجالس العربية المجانية التي بدأناها هنا؛ فقد مهدنا لها بالمجلس الأوّل في هذه السلسلة، وهو: (ما خارطة العربية؟) وأتحناه عددًا من الأيام ثم حذفنا التسجيل.
ثم شُغلت في أمور خاصة أخّرت عقدَ المجلس الثاني، والحمد لله أن فرغت قليلًا لنعقده.

وأخيرًا: موعدنا يوم (الاثنين) القادم 15 جمادى الآخرة - 16 ديسمبر، مع أمسيتنا الثانية، في تمام السابعة والنصف مساءً بتوقيت القاهرة، هنا على قناة التليجرام،

والمجلس بعنوان (كيف أتعلّم العربية؟) وسنتحدث فيه عن:
ماذا نقصد تحديدًأ بتعلم أو إتقان لغةٍ ما؟
لماذا تعلمنا لغتنا الأم وفشلنا في تعلم غيرها؟
كيف نتعلم اللغة عامةً؟
كيف نتعلّم العربيّة خاصة؟
ما المشكلات التي واجهتني في تعلّم العربية؟ وكيف أحاول التغلّب عليها؟
ما المواد والمصادر والأدوات والترشيحات التي تعينني على تعلّم وتذوّق العربية؟

⭕️ اللقاءُ مجانيّ، ومفتوح للجميع، وثريّ ودسم إن شاء الله، وبعد أن ننتهي من مُرادنا سنفتح باب الأسئلة والمناقشات لمن أراد.

⭕️ مدة المجلس ستكون بين ثلاث إلى أربع ساعات على الأكثر، ولا أستطيع أن أقسّمه على مجلسين، كما لا أستطيع اختصاره في أقلّ من هذا، فسدّدوا وقاربوا ")

⭕️ وتيسيرًا على من لم يحضر الأمسية السابقة، وكذلك لأني سعيد بأخبار أهلنا بسورية الحبيبة، فسأرفع الآن تسجيل المجلس السابق (خارطة العربية) مرة أخرى لتسمعوه قبل مجلسنا القادم بإذن الله تعالى، ثم أمسحه بعد فراغِنا من المجلس القادم بإذن الله تعالى.

فأعدّوا واستعدّوا، وليخبر الحاضرُ الغائب ")

رب يسّر وأعن.

أحمد عبد المنصف 🔻

08 Dec, 23:43


نعم، ربما صِرنا نخشى الإفراطَ في الفرح، ربما بِتْنا نرتعب من أدنى بصيصٍ لأمل. لا ندري هل مخاوفنا من قُبح الواقع أم من مرارة الخيبات والألم، ربما نتفق على ما لا ينبغي أن يكون، لكنّا نقف حائرين أمام ما ينبغي أن يكون. ولكن، في وسط هذه العواصف الداخلية..
لا يسع الإنسانَ منا إلا أن يفرح لأخيه المكلوم الذي رأى الضوء أخيرًا بعد ظلم وظلمات خيّمَت عليه لسنوات أو عقود..
لا يسعه إلا أن يبكي له فرحًا، وكأنّ في فرحة أخيه فرحة كل من يتوق إلى بصيص الضوءِ هذا!
.
لا يسعه إلا أن يحتضنه بقوّة، ويبارك له بكل ذرةٍ فيه، ثم ينزوي بنفسه ليرفع للرحمن أكفَّ الضراعة أن:
يا رب! إنّك تعلم ولا نعلم، وتقدر ولا نقدر، ولا حول لنا ولا قوة إلا بك! فهيئ اللهم له ولنا جميعًا من أمرنا رشدًا!

أحمد عبد المنصف 🔻

28 Nov, 18:52


وها نحن نُعلن -بحمد الله- عن فتح باب التسجيل بالدفعة الرابعة من (نحوَ نحوٍ مختلف - فنّ النحو للمبتدئين) وهو المساق الأول من المسار الأكاديميّ المنهجيّ لتعلّم العربية لسانًا وثقافةً وهوًى.
.
وهذه الدفعة (الأونلاين) التي سُئلنا عنها كثيرًا كثيرًا، كالعادة، نُعلن عن دفعة الواقع فنُسأل عن الأونلاين، والعكس 😁
.
ولا أستطيع أن أصف سعادتي بنجاح الدفعات السابقة بتفوّق واستلام شهاداتهم، مبارك لهم جميعًا،
والذين مازالوا معنا مستوياتُهم مبشرةٌ بكل خير ")
.
بعض مميزات المساق:
يُعدّ الخطوة المنهجية الأولى في تعلُّم العربية، وفق رؤيتي.
مزج بين الجانب النظري والعملي،
التدرب على تطبيق مهارات التحليل النحويّ على النصوص العربية العالية من القرآن الكريم والحديث الشريف والأدب العربيّ شعرًا ونثرًا.
التدرب على المهارات اللُّغوية الأربعة: قراءةً، وكتابةً، واستماعًا، وتحدثًا.
التعرف على بعض ملامح وعناوين المكتبة العربية، ومواد تعليمية إثرائية أخرى لمزيد تثقيف بعلوم وفنون وآداب العربية.
.
وفوائد أخرى كثيرة إن شاء الله تكتشفها أثناء الرحلة الماتعة مع العربية ")

للاستفسار عن باقي تفاصيل المساق وباقي مساقاتنا يُرجى التواصل واتساب على رقم ( 01023535502 )

ومعلومة صادقة: أغلب مقاعد هذه الدفعة قد حُجزت بالفعل بفضل الله، والأعداد الباقية محدودة للغاية فبادروا بالحجز.

دمتُم بخير.

أحمد عبد المنصف 🔻

25 Nov, 23:24


وإنه ليُقضى بالذّكْر ما لا يُقضى بالفِكْر..
يا مسكين!

أحمد عبد المنصف 🔻

12 Nov, 00:40


من المهم لمن كانت مهنتُه من المِهَن الخدمية التي تشتبك مع واقع الناس بشكل مباشر وشبه دائم، مثل التعليم، والطب، والشرطة، والتجارة، وخدمة العملاء، والمصالح الإدارية وخلافه، أن يكثّف المواد التزكوية التي تُطهر قلبه وتزكّيه وتُخلّيه من العُجب بالنفس والكِبر والرياء واحتقار الخَلق والانتصار للنفس وغيره من آفات القلوب؛

لأنه سيرى من البشر ألوانًَا مختلفة، وأحوالًا متباينة، وسيلقى من السوء الكثير؛ لأن الإنسان إذا ترك نفسه لشهواته سيُخرج أسوأ ما فيه، والتزكية رحلة شاقّة لا يخوضها الأغلب، ويزداد الأمر صعوبة مع ندرة المحاضن التربويّة والمشايخ المُربّين في البلاد.

ويُنسب للإمام ابن حزم الأندلسيّ أنه قال:
“من تصدر لخدمة العامة، فلا بد أن يتصدق ببعض من عِرضه على الناس، لأنه لا محالة مشتــوم، حتى وإن واصل الليل بالنهـــار.”

فإن لم يفعل، وترك نفسه تتشرب من كل إنسان أسوأ ما فيه = صار مسخًا متعجرفًا، قاسيًا مطموسًا على قلبه، معظّمًا لنفسه، مُحتقرًا لخلق ربّه، مستصغرًا لكبيرته، مستكثرًا من ذنوب غيره، يرى الأصل في الناس السوء والقبح والهلاك، وما ذلك إلا انعكاسٌ لسوادِ قلبه وسوء طويّته، وفي ضوء هذا أفهم قول سيدنا رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم: (من قال هلكَ الناس فهو أهلكُهم أو أهلكَهم)، روايتان، و(أهلكُهم) بضم الكاف: أي أشدّهم هلاكًا! وبفتحها: أي حكم عليهم بالهلاك ولم يهلكوا.

وفي الناس خيرٌ عظيم يكثُر بكثرة الإشارة إليه والدلالة عليه، والعكس بالعكس.

أحمد عبد المنصف 🔻

06 Nov, 16:37


أزعم أنّ أجلّ وأجمل ما تعلّمه لأولادك يومًا ثلاثة أمور:
1. أن يتعرفوا على مشاعرهم ويصفوها بدقة،
أن يتكلم عن مشاعره، ويُحدد بالضبط ما الشعور الذي يشعر به الآن بعد هذا الموقف؟
حزن، أم غضب، أم شفقة، أم تعجب ودهشة، أم استنكار، أم قرف واشمئزاز، حيرة، أم فرح، أم خوف، أم قلق وتوتر، أم حب، أم كره، أم امتنان... إلخ.
.
2. ثم يبحث في أسباب هذا الشعور.
إن كان ضيقًا وانزعاجًا، فلماذا انزعجتُ من هذا الإنسان أو ذاك المشهد أو ذلك الموقف؟ وهكذا
.
3. كيف أتعامل مع هذا الشعور؟
كيف أتقبّل مشاعري ولا أنكرها أو أتنكر لها؟ وكيف أهذّبها وأديرها؟ وكيف أروّض وأزكّي نفسي التي تعتريها كل هذه المشاعر المختلفة؟
=
يقول كثير من الأطباء النفسيين إنّ السبب الأساسيّ في مختلف أنواع الإدمانات المعاصرة؛ إدمان الإباحيات، المخدرات، الطعام، العلاقات.. إلخ = ليس لأن المدمن يريد أن (يعمل دماغ) بقدر ما يريد أن يُطفئ مشاعره،
هو يعاني من ضغطٍ وكبت وغضبٍ وألمٍ وفوران مشاعر مزعجة، لكنه لا يفهم ماهيتها، أو لا يفهم أسبابها الواضحة، أو لا يفهم كيف يديرها ويواجهها ويتعاطى معها.. فيهرع إلى الجرعات الإدمانية لتسكينها وإطفائها لا أكثر.

يقول د. عماد رشاد عثمان: نحن في علاجنا للإدمان لا نتكلم عن المواد الإدمانية أصلا ولا نواجهها، ولا يهمني أن أذمّ الإباحيات أو المخدرات ليل نهار وأتكلم عن آثارها السلبية، لن يُفيد هذا في العلاج، والمدمن غالبًا أكثر الناس فهمًا لآثارها السلبية، فلا يحتاج إلى هذا، أنا أنشغل معه بسؤال واحد فقط: (إيه الي وداك هناك؟)..
أحاول أن أقرّبه إلى نفسه، وأعينه على فهم أفكاره، ومعتقداته، ومشاعره، ومحاولة معالجة كل هذا والتعامل معه.. هنا البداية، وهنا أصل الداء.

أحمد عبد المنصف 🔻

04 Nov, 21:46


أذكر قصّة لطيفة تُنسب لسيدنا أبي حنيفة رضي الله عنه، ولا أعلم صحة نسبتها، تقول إنه كان يجلس مع تلامذته بالمسجد، وكان يمد رجليه لآلام بركبته، وبينما هو يعطي الدرس، إذا برجلٍ عليه أمارات الوقار والحشمة في الملبس والمظهر واللحية الكثَّة وخلافه، فجلس بين تلامذة الإمام، فما كان من أبي حنيفة إلّا أن عَقص رجليه إلى الخلف ثم طواهما وتربَّع تَربُّع المتعلم أمام هذا الشيخ المهيب، وبعد وقتٍ سأل هذا الوقور سؤالًا سهلًا فظنّ الإمام أنه في موضع اختبار وأن في السؤال فخًا ما، فأجاب، فإذا بالشيخ الوقور يسأل سؤال غبيًا لا يخرج من أدنى طالب علمٍ، فقال الإمام قولته الذي سرت في الناس مثلًا: آن لأبي حنيفة أن يمدّ رجليه!
.
ويُروى في قصة محنة الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه، وتعذيبه وسجنه لأنه قال قولة حقٍ أمام السلطان، أنه لما سُجن، قابله أحد العوام بالسجن اسمه أبو سعيد الواسطي، فقال له: يا أبا عبدالله، عليك عيال ولك صبيان وأنت معذور، كأنه يسهّل عليه أن يقول ما يُرضي السلطان وينجو.

فقال له الإمام أحمد قولته المشهورة: إن كان هذا عقلك يا أبا سعيد فقد استرحت!
=
وأقول:
ليس كلُ كلامٍ يُحترم لمجرد أنه خرج من حنجرة أحدهم، وليس كل كلام يُبث في هذا الأزرق يستحق أن يُناقش بالعقل والعلم والحُجة، فحسب العاقل أن يقول عن اللغو إنه لغو وضعف عقل وعلم، ثم يُكمل في حال سبيله.
إنما يناقَشُ في أمور الدين والدنيا أهل العقل والعلم والأدب، هذا من حيث الأصل، أو الضُّلال إذا خُشي على العامة من فِتنة كلامهم المُوهِم المزخرف وكان المُناقِشُ متأهلًا لهذا،
.
وإلا فحريّ بالعاقل إذا ابتُلي بهذه المواقع أن يحفظ عقله وقلبه من شهود اللغو والسفه والتفاهات والاسترسال معها، فإنه يُضعِف العقل، ويُعكّر المزاج، ويُشتت الذهن، ويقسّي القلب، ويضيع الوقت فيما لا يُرجى ثوابه.

وقد قال لي صديقي الحبيب عبد الرحمن حسين مرّةً مقولة جميلة: يا أحمد، هذه المنصات جعلتني أفهم لماذا امتنّ الله على عباده أن يكون من نعيم أهل الجنّة أنهم (لا يسمعون فيها لغوًا ولا كِذَابًا)، وفي آية: (لا يسمعون فيها لغوًا ولا تأثيمًا)، فإنّ مجرد سماع اللغو من كَدَرِ الدنيا!

جعلنا الله وإياكم من أهل جنانه.
.

أحمد عبد المنصف 🔻

02 Nov, 00:23


قولوا للناس اللي بتعمل حاجات حلوة، إنهم بيعملوا حاجات حلوة، عشان يفضلوا يعملوا حاجات حلوة، غالبًا مش بيكونوا واثقين إنهم بيعملوا حاجات حلوة، أو مش عارفين إنها حاجات حلوة، أو مستنيين يعرفوا إذا كانت حلوة ولا لأ، وممكن جدًا تكون حلوة بس بيحسوا إنها مش حلوة كفاية، عشان محدش بيقولهم إنها حلوة، رغم إن الناس شايفاها حلوة، فقولوا لكل حد تعرفوه أو متعرفهوش وبيعمل حاجة حلوة إنه بيعمل حاجة حلوة.

_ الشيخ أنس السلطان، حفظه الله.

أحمد عبد المنصف 🔻

31 Oct, 18:39


من خلال تجربة تعلّمي الشخصية في مجالات متنوعة، شرعيّة ولُغوية وإنسانية وطبيعية، صرتُ على يقينٍ من مجموعة من المفاهيم، منها:

1. أن كل تأسيسٍ علميّ لا يُبنى على تأسيس لُغوي لا يُعوَّل عليه؛ إذ العلوم كلها أفكار في الذهن، واللغة هي وعاء هذه الأفكار، وهي المركِب الناقل لهذه الأفكار من عقلٍ إلى عقل، وكل شرخ أو تشوّه في الوعاء أو المركب أو الناقل، سيؤثّر بالضرورة على المنقول على ظهره! أي الأفكار، وكلما كان الناقل متينًا كان المنقولُ أمتن، لذلك قالوا: الناقلُ مقدَّم على المنقول!
.
2. وأنّ كل استثمار في تعلُّم اللغات -كل اللغات- هو استثمار طويل المدى، يؤتي أُكُله بعد حين، وهو من أعظم الاستثمارات التي تستحق الوقت والجهد والمال، فكل لغة تتقنها هي مفتاح لعوالِمَ أخرى وكنوزٍ ومعارفَ لا تُحصى!
.
3. وأنّ أول طريق التأسيس اللُّغوي يبدأ بإتقان اللغة الأم عمومًا، فهي الطريق المُمَهِّد عقليًا لتعلم باقي اللغات؛ إذ بِنيةُ اللغات ومفاهيمُها المشتركة واحدة في العقل، فمتى هضمت هذه المفاهيم ومرّنت عضلاتِ عقلك اللُّغوية في لغةٍ، سهُل عليك إتقان أختها.
.
4. ويزداد الأمر ضرورةً وإلحاحًا وجمالًا إن كانت العربيّة، هذه اللغة العجيبة العظيمة الشريفة، هي لغتك الأم؛ ليس لأنها لغة كلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم فقط، وإن كانَ فكفى بهذا شرفًا وعزّة، ولكن لأنها -في نفسها- لغةٌ عميقةُ الغور، عجيبة الأسرار، ساحرة الوَقْع، لا ينضبُ معينُها، ولا ينفد مِدادُها، ولا تشبع من حُسنِها، ولا تصلُ إلى ساحلها! ومن ذاقَ عرف!
.
5. وتعلّم العربيّة لا بُد أن يُبنى على أمرين متضافرين؛ تعلّمِ علوم العربية، وممارسة العربيّة استماعًا وتحدثًا وقراءةً وكتابة، ومعايشتِها ثقافةً.
.
5. وأن أول علوم العربية، بل هو أمّ علومها وأساسُ بُنيانها وعمود خيمتها ورأس الأمر كله، هو علم النحو، أو علم العربية كما كان يُسمى؛ لجلال قدرِه وعلو كَعبه؛ فكل العلوم العربية والإسلامية مبنيةٌ عليه مُحتاجةٌ إليه لا محالة، فلا بُد للبداية أن تكون البداية من هنا.
.
6. ولذلك بدأنا مسار تعلّم العربية لسانًا وهَوًى بتعلم النحو، على طريقةٍ رجونا أن تكون مختلفة عما هو مطروحٌ شائع حولنا، وأظنّ أنّ الله تعالى وَفّقنا لبلوغ شيء من هذا الهدف والحمد لله!

ولم تسعني الدنيا لما قال بعض الطلاب في نهاية المساق ما معناه: أوّل مرة أستمتع بمجلس نحوٍ في حياتي، بعد أن كان عُقدتي الأزلية!

7. خُضنا رحلةً ماتعة في ظلالِ العربيّة عامةً، وفي رحاب النحو خاصةً:

تدربنا على (27) مهارةً من مهارات التحليل النحْويّ، حتى صارت خارطةُ النحو في أذهاننا واضحةً كالشمسِ في رابعة النهار، مقسّمة إلى محطاتٍ ومهارات، وكل مهارة تُفضي بك إلى أختها، حتى تُلم بأساسيات مسائل النحو فهمًا وتطبيقًا مع ختام الرحلة.

وتدرّبنا في خلال ذلك على المهارات اللُّغوية الأربعة: استماعًا وتحدثًا وقراءةً وكتابةً، قرأنا من الشعر العربيّ القديم والحديث، وكذلك النثر، وتذوّقنا بعضَ معانيه وجماليته، وطبّقنا عليه ما تعلمنا.
.
تدرّبنا على القراءة الصحيحة والمبينة للنصوص، وعلى الأداء الصوتيّ لها، وفهمنا العَلاقة بين إتقان القراءة، وإتقان النحو! كما فهمنا أثر القراءة الفصيحة في المتلقي.
.
تدرّبنا على الكتابة الوظيفية والإبداعية، وكتبنا خواطَرنا، وتناقشنا في بعضها، وتكلمنا عن شرف الكتابة وفضلها وأهميتها في التكوين الإنسانيّ عمومًا، وفي التأسيس اللُّغوي والنَّحْوي خصوصًا.

كما تكلمنا عن الوعي اللُّغوي، وعن العربية، وعن الأخطاء التي تُرتكب في تعليمها في رأيي، والتي عاينتُها وعانيتُها، وكذلك عن مفاهيم منهجية تأسيسية في رحلة طلب العلم بوجه عام، ومررنا على مقدمات ضرورية فيها.
.
وتحدثنا عن الحفظ، وعن المفاهيم المشوّهة حوله، وتكلمنا عن أهمية مصاحبة الحفظ للفهم، وضرورة تضافرهما معًا، وحفظنا أبياتا تعليمية تجمع لنا أصول الفنّ، كما حفظنا بعض أبيات من الشعر.
.
وترسيخًا لمعايشة الثقافة العربية، ختمنا دفعةً سابقةً لمساق النحوِ بجولة أثريةٍ تثقيفيّة في أحضان مِصرَ القديمة، وشوارعها ومعمارها، ومساجدها، ومدارسها وخوانقها وكُتّابها، وغير ذلك.. ورأينا بأعيننا بيئة التعلم والتربية في حضارتنا كيف كانت.

وأشياء أخرى كثيرة وممتعة تكتشفونها خلال الرحلة إن شاء الله تعالى ")
=

وبعد أن طوّرنا في المحتوى ومازلنا كما العادة لنستفيد من كل تجربةٍ سابقة،

فالآن نُعلن عن فتح باب التسجيل بالدُفعة الثالثة من مساق (نحوَ نحوٍ مختلِف! - فنّ النحو للمبتدئين).. المساقِ الأوّل في رحلة تعلّم العربيّة لسانًا وهَوًى.
.
للتسجيل بالمساق أو معرفة تفاصيله وتوصيفه الأكاديمي التفصيليّ وغير ذلك= أرسل فقط رسالة واتساب على رقم ( 01023535502 ) وسَل عن تفاصيل مساق النحو، والإدارة تجيب عليكم فورًا بإذن الله.

والتعليقات مفتوحة على القناة لمن عنده اقتراح أو استفسار عام.

مساء الفل ")

أحمد عبد المنصف 🔻

28 Oct, 15:48


Channel photo updated

أحمد عبد المنصف 🔻

26 Oct, 20:11


كثرة متابعة أخبار الآخرين على هذه المنصّات تصيبك بما أسميه (هلع عدم الكفاية)،

أن تشعر أنك لست جيدًا بما يكفي، لم تنجز هذه المنجزات (المبهرة) و(الاستثنائية) مثلهم،

وأقول مبهرة واستثنائية لأن هذه حالة غالب المنجزات التي يمكن أن نشاركها هنا؛ فلن تجد أبًا يشارك أنه قد خرج اليوم ساعيًا على أهل بيته وعاد لأنفق عليهم مالًا حلالًا، رغم أنه في ميزان الشرع رجل صالح عظيم، وما أنفقه أعظم نفقة، بل أعظم من نفقة الجهاد في سبيل الله، وكذلك المرأة التي صرفت وقتها وجهدها على خدمة أهل بيتها.. وكذلك من صلّى، وصام، وتصدّق وزكّى، وذكر الله خاليًا، وذاكرَ دروسَه، وسلِمَ الناسُ من لسانِه ويده، وغير ذلك من عبادات ظاهرة وباطنة، وطاعات لن نشاركها عادةً كما نشارك شهادات التخرّج والزواج وميلاد الأبناء والترقية والدورات المعتمدة، فهي أمور نفعلها باستمرار كل يوم، وكثير منها لا يُوثّق بالأختام واللوجوهات، ليست برّاقة وزاهية بما يكفي في أعين الفيسبوكيين والانستجراميين..
فإذا كان جُل وقتي وجهدي ومالي يُنفق فيما هو (عاديّ) غير جدير بالمشاركة، فيبدو أني لستُ جيدًا بما يكفي، وأني لم أفعل شيئًا تقريبًا في يومي، بل في حياتي!
فإذا وقع في نفسك هذا الخاطرُ فاعلم أنه نزغ من عمل الشيطان، شيطان الجنّ وشيطان السوشال ميديا وهوسها الجنونيّ بالحياة المصوّرة المزخرفة الباهرة الاستثنائية!

لا تستصغروا الطاعات، ولا تحقِروا من أموركم العاديّات، ولا تنخدعوا ببهرَج الشاشات؛ فإنّ رجلًا أزاح غصنَ شوكٍ من طريقه فغُفر له به، ودخل الجنّة!

أدّ ما عليك، وتخفف من منغصّات قلبك، ومعكّرات صفو يومك، والله أكرم الأكرمين ")

أحمد عبد المنصف 🔻

19 Oct, 06:38


مسامرة ماتعة ورائعة جدًا، ومفيدة جدًا جدًا، وثرية جدًا، للدكتور والصديق الحبيب عماد رشاد عثمان بصحبة الصديق الحبيب المهندس أحمد أبو زيد.
والتي تناولوا فيها عددًا كبيرًا من الموضوعات والأفكار أوسع بكثير من عنوان الحلقة، أبرزها:

- اختيار أسماء الكتب وسؤال: كيف أوازن بين القيمة والرسالة الحقيقية، وقوانين السوق المادية؟
- هل فيه إنسان سوي؟ ولا كلنا مرضى نفسيين؟
- هل الأمراض والتصنيفات النفسية بقت موضة؟
- هل الجيل الحالي أكثر هشاشة نفسية من الجيل السابق؟
- البحث عن حياة بدون معاناة وأثر هذا على حياتنا.
- الحماية المفرطة لأنفسنا أو لأولادنا هل مفيدة أو ضارة؟
- هل مشاكلنا النفسية أساسها فترة الطفولة؟
- هل فيه ناس كبرت بدون صدمات طفولة؟
- هل المفروض نفتّح جروح الماضي لنعالجها؟
- هل الظروف الصعبة تُخرّج رجالًا أقوياء؟
- ما الموقف من اختبارات أنماط الشخصية وال 16 شخصية والإنياجرام وأمثالها؟
- ما المقصود بالمتانة النفسية؟ وكيف أحصّلها؟
- ما المقصود بالعلاقات الصحّية؟ وكيف نُحققها؟
- لماذا نقع في الإدمان؟ وما أول طريق التعافي؟ وخاصة إدمان الإباحيات.
- هل الزواج قد يكون حلًا لإدمان الإباحيات؟
- ما دور الندم في الإدمان؟
- ما خطر إدمان السوشال ميديا وكيف نتعافى منه؟
- ما علاقة الإدمان بالهروب من الواقع؟
- كيف نتعامل مع الأشخاص المؤذية المفروضة علينا؟
- كيف نتعامل مع القلق؟ وما الفرق بين القلق الطبيعي والمرضي؟
- ما أسباب الاكتئاب في فصل الشتاء
- ما نظام الدكتور في الإنتاجية وإدارة المهام والوقت؟

فرّغوا من أوقاتكم، وورقة وقلم، واستمعوا إليها وأنصتوا ")

جزاهم الله خيرًا كثيرًأ
https://youtu.be/T8AQm2jCC8c?si=eeafXm4nqWORZxr9

أحمد عبد المنصف 🔻

18 Oct, 19:29


لسنا أمة ذليلة، وعاجزة، ولا نحسن النعي فقط، بل أمةً عزيزة، وشعوبًا كريمة حاولت وكافحت وناضلت وبذلت الغالي والنفيس منذ سنوات قليلة لتصنع فارقًا، وتغير مصيرًا، وتصلح واقعًا،
لكن أدركت وجود مشكلة ما عندها، إما مشكلة معرفة وفهم ونقص معلومات وتشوه مفاهيم وتصورات عن الواقع أو التاريخ، وإما مشكلة قدرة، وسوء تقدير لقدراتنا ولكيفية إدارتها، وإما مشكلة هوى وشهوات نفس وقلة تزكية.
.
والعاقل إذا حاول إصلاح واقعه فاصطدم بمشكلاته = أعاد المراجعة والنظر في نفسه من جديد ليصلح منهجه.
.
والأحمق من يظن أنه لو أعاد الكَرّة مع بعض المقدمات النارية والموسيقى الحماسية والخطب العاطفية والترزيع على التربيزات = سيحدث فارقا ويغير موازين القوى!
.
بل نحاول بما في وسعنا، وفي كل ميدان يُفتح أمامنا، وفي ظل الظروف الطاحنة التي نمر بها جميعًا، إلى أن يشاء الله أمرا، ولا تخلو أمة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من خير.
.
فمن فضلك، أرجوك، كفى رثاءً للنفس والأمة، نعم، خطاب الندب والتبكيت لذيذ وبيجيب ريتش، بس صدقني بيُظهر عدم نضجك لا أكثر، فقل خيرًا أو اسكت قليلًا، اسكت!

أحمد عبد المنصف 🔻

17 Oct, 22:56


لقيهم وقد ألقوا ما في أيديهم وجلسوا يبكون، فقال: ما يجلسكم؟
قالوا: قُتل رسول الله،
قال سيدنا أنس: فماذا تصنعون بالحياة بعده؟ قوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم استقبل القوم، فقاتل حتى قُتل.
.
مع كل فاجعةٍ نُفجعها في أحد أبطالنا، يتصدّع قلبي ألمًا، ثم أقول لنفسي: أما هو فقد أدّى ما عليه، رحمه الله وأسكنه فسيح جنّاته، وأما أنتَ، فما يُجلسك؟ وما تصنع بالحياة إن لم تعشْ لمعنى شريف كهذا وتموت عليه؟ قم إلى معركتك، وأرِ الله من نفسك خيرًا وصدقًا، لعلك تموت على ما ماتوا عليه!
.
رحم الله الشهيد البطل السنوار، وكما قال أجدادنا: إذا سيدٌ منّا خلا قام سيدٌ قؤولٌ لما قالَ الكرامُ فعولُ!

ورحم الله جميع شهدائنا الأبرار، وهيأ لهذه الأمة أمر رشدٍ يُعزّ فيه أولياؤه، ويُذّل فيه أعداؤه.

اللهم يا مالك الملك، سبحانك لا يكون في ملكك إلا ما أردت، نعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والجُبن والبُخل، وغلبة الدين وقهر الرجال،

واستعملنا اللهم ولا تستبدلنا، وأعنّا ولا تُعِن علينا، واكتب لنا من لدنك فرجًا ومخرجًا ونصرًا تشفي به صدور قومٍ مؤمنين!

أحمد عبد المنصف 🔻

17 Oct, 21:30


الحمد لله رب العالمين، انتهينا اليوم من المجلس الأول في سلسلة أمسيات في ظلال العربية، وكان بعنوان (ما خارطة علوم العربية؟)
وتناولنا فيه عددًا من النقاط والأسئلة العلمية التي دارت حول ستة محاور:

المحور الأول - في الكلام عن الخارطة:
1. لماذا نتكلم عن الخرائط؟ وما أهمية الخريطة؟
2. ما أنواع الخرائط؟
3. هل الخريطة محايدة؟ وما علاقة الجغرافيا بالفلسفة والفكر والواقع؟
.
المحور الثاني - في الكلام عن خارطة العلوم:
1. هل من علم يبحث في خرائط العلوم وتقاسيمها وأصنافها؟ وهل هو علم قديم أو حديث؟
2. ماذا نقصد هنا بكلمة علوم؟
3. هل تصورنا عن ماهية العلم وتعريفه يؤثر في رسم خارطتنا للعلوم؟
4. عن علم (تقاسيم وأصناف العلوم) في تراثنا، وعلم (تصنيف العلوم ضمن فلسفة العلوم) في الدراسات الفلسفية الحديثة.
.
المحور الثالث - في الكلام عن علوم العربية:
1. بمَ سُميت في تراثنا؟
2. وهل هي علم واحد أم علوم؟ وماذا نعرف عنها؟ وما أسماء العلوم التي سمعنا بها؟
3. من العرب الذين يُحتج بكلامهم في هذه العلوم واستمددنا قواعد العربية من نصوصهم؟ (مصادر الاحتجاج اللغوي).
.
المحور الرابع - في الكلام عن خارطة علوم العربية:
1. ما المقصود بنصوص العربية؟ وهل النصوص/الأدب علم؟ وما القول الذي أقلّده في ذلك؟
2. ما الفرق بين علوم الصحة اللغوية وعلوم الجمال اللغوي؟
3. ما المقصود بقاعدة: (قيد الحيثية معتبر)؟
4. ما أصناف علوم الصحة اللغوية الأساسية؟
5. ما أصناف علوم الجمال اللغوي الأساسية؟
.
المحور الخامس - في الكلام عن العلوم اللغوية الغربية الحديثة (اللسانيات) وعلاقتها بعلومنا العربية ومنظومتنا التراثية:
1. ما المقصود بعلم اللسانيات؟ ومتى نشأ؟ وعلى يد من؟
2. ما خارطة علم اللسانيات وما العلوم التي تندرج تحته؟
3. ما طبيعة العلاقة بين علم اللسانيات والعلوم العربية التي سبق بيانُها؟
.
المحور السادس - أسئلة ونقاشات مفتوحة.
.
أما تسجيل المجلس: فاستجابة لطلب الأصدقاء والأحباب، سنرفعه في القناة لمدة ثلاثة أيام فقط، ويُمسح نهاية يوم الأحد منتصف الليل بإذن الله تعالى، ولا أجيز لأحد بعد هذا الوقت الاحتفاظَ بتسجيل المجلس بأي ذريعة ولأي سبب كان؛ وما أفعلُ هذا إلا ليحرص المهتم على السماع في أسرع وقت ولا يلقيه في سلة المحفوظات المعتادة التي يعلوها الغبار.
.
وختامًا: تعجز الكلمات عن وصف سعادتي وأنسي بحضور الناس وإقبالهم وتفاعلهم ومشاركاتهم وأسئلتهم، وهو ما فاق توقعاتي في الحقيقة، ويبشر بكل خير في جيلنا وفي القادمين من بعدنا بإذن الله تعالى.. شرُفتُ بالتعرف إليكم، وبمجالستكم، وأتشوق إلى مجالس قادمة بإذن الله تعالى، وغالبًا ما ستكون مساءَ الخميس أيضًا، وأؤكد عليكم فيما هو قادم إن شاء الله.

دمتم بخير ")

أحمد عبد المنصف 🔻

17 Oct, 21:07


Live stream finished (3 hours)

أحمد عبد المنصف 🔻

17 Oct, 17:30


Live stream started

أحمد عبد المنصف 🔻

17 Oct, 17:27


نبدأ اللقاء الأوّل بعد دقائق إن شاء الله تعالى.

أحمد عبد المنصف 🔻

16 Oct, 11:29


الاختبار الأشد في هذا الزمان ربما يتلخص في كلمة واحدة: التركيز!
أن تركز على مشروعك الخاص الذي تلقى به الله سبحانه وأنت ترجو أن تكون قد بذلت وسعك، وقدمت ما تعتذر به إلى ربك، سواء أكان تعلمًا أو عملًا داخل بيتك أو خارجه أو تربية أو غيره.
.
وأزعم أن العائق الأشد في هذا الزمان الذي سيحول بينك وبين النجاح في هذا الاختبار غالبًا ربما يتلخص في كلمة واحدة: الهاتف!

الهاتف عامة، ووسائل التفاصل الاجتماعي والألعاب الإلكترونية خاصة.
.
بلاء هذا الاختراع شديد، ويداعب كل غرائز النفس وشهواتها مجتمعة، وقلما ينجو منه أحد مهما أوتي من حكمة نظرية إلا من رُحم، والموفق من وفقه الله وثبته وفطن لمثل هذا وأخذ على عاتقه مسئولية التحرر من أسره وأسر ما شابهه.

أحمد عبد المنصف 🔻

13 Oct, 19:08


(1) ما خريطة علوم العربية؟

في بداية كل رحلة لا بُد لك من زاد للطريق، وأول الزاد بوصلة وخريطة حتى لا تتوه في منتصفها، وتعرف من أين تبدأ وكيف تسير وإلى أين تريد أن تقف أو ينبغي أن تقف؟

يوم الخميس القادم بإذن الله تعالى ١٤ ربيع الآخر - ١٧ أكتوبر، في تمام الثامنة والنصف مساءً، هنا على قناة التليجرام، سنعقد مجلسنا الأوّل وأمسيتنا الأولى في ظلال العربيّة، لنتحدّث عن (خارطة علوم العربية)
.
سنتكلم عن أهمية الخرائط الذهنية في طلب العلم وأهمية توطين المعرفة.
ثم نتكلم عن فلسفة خريطة العلوم وخطورتها وأهميتها، وعن العمق الفلسفيّ الذي فيها ولا يُلتفت إليه عادةً.
ثم نُعرّف بأهم وأبرز علوم العربية التي ينبغي لدارس العربية أن يضرب فيها بسهم، والتي تزيد على عشرة علوم.
ونمهّد بذلك للكلام عن كيفية تعلم العربية ذاتيًا وغير ذلك من موضوعات.
.
اللقاءُ مجانيّ، ومفتوح للجميع، وثريّ ودسم إن شاء الله، وبعد أن ننتهي من مُرادنا سنفتح باب الأسئلة والمناقشات لمن أراد.

وربما لا يُسجَّل، فاحرصوا على الحضور، وأعدّوا واستعدوا ")

أحمد عبد المنصف 🔻

12 Oct, 19:59


- أنا متألم
= لا بأس، المهم أن يُترجم ألمك إلى عمل، وإلا كان مدخلًا من مداخل إبليس ليُعجزك!

كان هذا مختصر حوارٍ دار بيني وبين شيخي منذ سنوات، بعد أن قرأتُ كتابًا عن تاريخ وواقع أمتنا المرير، وهو كتاب رسالة في الطريق للأستاذ محمود شاكر رحمه الله، وقد اغتممت بشدة، ولم أستطع أن أنطق أو أبقى في بيتي، فوجدتني أرفع سمّاعة هاتفي وأطلب مقابلة شيخي، وهرولتُ إليه أشكو صدري الذي يتصدّع ألمًا مما قرأت، فابتسم وقال لي هذه الكلمات التي صارت عندي مذهبًا: تقبّل ألمك، لكنّ الأهم، أن يُترجم إلى عمل! وإلا كان علامة على تلاعب إبليس بك!

والآن، وبعد مضي سنوات على هذا اللقاء، كلما اشتد ألمي مما أرى وأسمع في واقعي، اشتد نشاطي وعزمي، وزِدت في عملي وقراءتي وتعلّمي وتعليمي، وأبذل ما بوسعي فيما أحسن، في تعليم العربية، هذه اللغة الشريفة التي تربطنا وتربط هذا الجيل الجديد بهذه الأمة الكريمة، وهذا الدين العظيم، وما أشرف أن يسخّر الإنسان وقته وجهده لكي يغرس في الناس شيئًا يُقرّبهم إلى أنفسهم، إلى دينهم، إلى لسانهم، وثقافتهم، وهُويتهم، وتاريخهم، وتراثهم، وحضارتهم.. إلى جذورهم التي يرسخون بها في أرضهم فلا يميلون مع كل ريح، ولا يُقتلعون ولو بألف احتلال!
.
هذه فسيلتي، وهذه معركتي، والمعركة إما بالسِنان وإما بالبنان، وكلاهما ضروريّ للآخر، واليوم أجد من بين طلابي من تذاكر النحو وهي جالسة في خيام غزّة! تعتذر لي لو تأخرت في بعض المذاكرة أو الحضور لعدم توفّر الكهرباء أو الإنترنت أحيانًا لأنها تقطع مسافات طويلة لتلتقط شبكة وتصل إلى إنترنت، وطالب غزّاوي آخر يهديني ديوان أخيه الشاعر الذي استُشهد منذ أشهر ويعتذر عن تأخره في بعض التكليفات... أسمع كلامهم وأنا مندهش، أقول في نفسي: أنتم تعتذرون لمثلي؟! لا حول ولا قوة إلا بالله! رضي الله عنكم وأرضاكم، ثم أعود لنفسي فأقول: أليست هذه الفسيلة أنفع يا أحمد من أيام ظللتَ فيها حبيس غرفتك مع حُزنك الذي أعجزك عن الكلام والحركة؟ بلى والله أنفع، ثبّت الله قلوبنا، وصبّ السكينة والطمأنينة والجلد والصبر والرضا على قلوب إخواننا، وألهمنا الله رشدنا ورزقنا الإخلاص والقبول والسداد!

أحمد عبد المنصف 🔻

12 Oct, 17:31


أعظم مسامرة/بودكاست شاهدتها حتى الآن!

للدكتور نايف نايف بن نهار، بكالوريوس الدراسات الإسلامية، ودكتوراه في الفقه وأصوله من الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا، ودكتوراه أخرى في العلوم السياسية بالجامعة، ومدير مركز ابن خلدون للعلوم الاجتماعية والإنسانية بقطر.
.
هذه المسمرة العظيمة تجيبك عن سؤالين عظيمين وهامين للغاية، أحدهما جزئيّ، والآخر كليّ:

فالسؤال الجزئي: ماذا بوسعنا أن نفعل تجاه القضية الفلسطينية بعد طوفان الأقصى؟ وليس كلامًا عامًا كما هو منتشر، بل خطة علمية عملية تفصيلية عالمية لم أسمع بها على هذا الوجه من قبل.

السؤال الكليّ والأهم والذي تستشفه من خلال الحوار: ما أهمية العلوم الإنسانية والاجتماعية عمومًا والعلوم الاقتصادية والسياسية خصوصًا في تشكيل عقلية ووعي المُسلم المعاصر، وتكوين عقلية طالب العلم ونظرته للواقع الذي يعيشه على المستوى الشخصي أو الأُممي؟

فشاهدوا هذه المسامرة بأذن مصغية، وورقة وقلم، واستمتعوا!

https://youtu.be/5fzQszm4AJo?si=Dow8PdoGYdykeh89

أحمد عبد المنصف 🔻

11 Oct, 17:53


مساكم الله بالخير يا أصدقاء:

أغلقت الفيس مؤقتا منذ أيام، وأرجو أن تطول المدة إن شاء الله إلا لأمر العمل،

وهذه بعض عنواين لقاءات وأمسيات مجانية نعقدها قريبًا على قناة التليجرام هنا:

١. خريطة العلوم العربية (التعريف بأكثر من ١٠ علوم).
.
٢. كيف نتعلم العربية ذاتيًا؟ وماذا نقصد بذاتيا؟
.
٣. عن الكتابة وأهميتها وعلاقتها باللغة والعقل والنفس.
.
٤. لماذا العربية؟!.. وكيف أوصلتك الفيزياء والطبيعيات والهندسة إلى العربية؟!
.
٥. عن العلاقة بين العلوم العربية والعلوم الإسلامية، وهل العربية لا تُدرس إلا للغرض الديني فقط؟
.
٦. ما مجالات عمل اللغوي؟.. وهل ينحصر عمله في التدريس فقط؟
.
٧. عن الفروق المنهجية بين: كلية اللغة العربية، وكلية دار العلوم، وكلية الآداب قسم اللغة العربية، وكلية الألسن قسم اللغة العربية، وكلية التربية قسم اللغة العربية، وكلية الدراسات العربية والإسلامية قسم اللغة العربية.
.
٨. عن كيفية اختيار المسار الدراسي أو التخصص الجامعي.
.
٩. عن طبيعة النظر للجامعة والتعليم النظامي بين التهوين والتهويل، وكيف أستفيد من الحياة الجامعية عموما.
.
١٠. عن فكرة وقرار تغيير المسار الدراسي بعد الشروع فيه.
.
١١. عن تجربتي في تعلم العلوم العربية والإسلامية وما خلُصت به منها.

فقولوا لي رأيكم، أي هذه العناوين تهمكم؟ وهل من عناوين أخرى تحب أن نتناقش فيها فيما يتعلق بمجال تخصصي أو عملي أو اهتماماتي؟

أحمد عبد المنصف 🔻

10 Oct, 12:17


(16) فإن سلك الطريق الأول سيدفعه هذا إلى أن يحاول الخروج من تيه الجهل إلى أنوار العلم، وسيهرع إلى من يُعلّمه ويرفع عنه هذه الجهالة التي تُهلك نفسه،
وأما إن سلك الطريق الثاني فسيظلّ غارقًا في ظلمات نكده وكرهه لذاته، ويتعبد إلى الله بهذا الكُره والجلد، وكلما خفُت هذا الشعور في صدره شعر بأن تدينَه مُهددٌ وإيمانه مُتَّهَم وانتماءه إلى دينه وأمته مطعون فيه، فهرع إلى سماع المزيد من الدروس والخطب الوعظية الممتلئة بنفس نوع الخطاب العاطفي السطحي المجمل السابق الذي لا يبني عقله ولكن يثير خياله ويداعب شعوره.
.
(17) أما الفقير فقد سلك الاحتمال الثاني سنين عددًا للأسف الشديد، خاصة ونحن في أزمنة الاستضعاف والأزمات التي لا تنتهي، فلك أن تتخيل حاله كيف كانت وصارت! ثم لما وفقه الله تعالى لمن يأخذ بيده للطريق الثاني ويخوض معه رحلة الجواب على أسئلته المنطقية -التي حسِبها قبل هذا أسئلة فسوق وزندقة وإلحاد ثم وجدها مبحوثة في علومنا وكتبنا بأدق التفاصيل ودون نكير- استقام المنسم، وتنوّر العقل، وهدأت النفس، وصار صاحبنا أقرب خطوة إلى فهم نفسه وأفكاره ومشاعره، والاتساق معها دون تنكّر، والتعاطف معها دون تسخّط، ورحمتها والرفق بها فيما أحسنت أو أساءت.
.
(18) ولعلّ البعض إذا قرأ كلامي هذا قال بلسان حاله: فما جواب هذه الأسئلة؟ أعطني جوابها هنا والآن؟ أعطني الخلاصة.
وأقول: لا خلاصات هنا، إنما هي رحلة تعلم طويلة مريرة ماتعة، أصنام تُهدم، وتابوهات تُفتح، ومُسلّمات تُبحث، وأسئلة تُطرح، وأسس تُبنى، ونفوس تُهذَّب، ومبادئ وأصول تُكوَّن من جديد.

(19) فإن قلتَ: فما استفدتُ أنا إذن من طول كلامك هذا؟
قلتُ: قال الإمام القرفي: معرفةُ الإشكالِ علم!
معرفة الأسئلة الصحيحة في حد ذاته علم عظيم قد يُصحح لك مسار تفكيرك وطريقة بحثك وربما حياتك بأسرها، قالوا: حُسن السؤال نصف العلم، فمن ألقى إليك سؤالًا يفتح لك آفاقًأ جديدة في الفهم، ويوقفك على قصور فهمك وخطأ تفكيرك = فقد قطع بك نصف طريق العلم، والنصف الآخر عندك!
.
(20) ربما عقدنا مجلسًا قريبًا إن شاء الله هنا في قناة التليجرام للدردشة حول هذه الأسئلة الهامة في حوار ومسامرة مفتوحة (ضمن سلسلة مجالس مجانية أخرى ستُعقد في القناة وسأعلن عنها في القريب بحول الله)،
وإلى أن يحين موعدها أحببت أن أترك إليكم هذه الخاطرة وتلكم الأسئلة؛ لعلها تضيء بصيص نور يستهدي به حائر، وتمهّد لكلامي فيما هو قادم.

والحمد لله.

أحمد عبد المنصف 🔻

10 Oct, 12:17


ثم لنزيد السؤال صعوبة: إن تأثّري بمصاب جار مسيحيّ تربيتُ معه في نفس البِناية والمنطقة منذ طفولتي لهو أشدّ وقعًا على نفسي من مصابِ أخٍ مُسلمٍ لي يعيش في بلد أخرى ولا أعرف عنه إلا الاسم، فهل هذا من جبلتي الإنسانية الطبيعية التي لم يُنكرها عليّ الشرع أ م هو من ضعف إيماني وفساد معتقدي واختلال دوائر انتماءاتي؟
.
(10) فإن قلتَ: لا، بل المقصود هو السلوك والعمل، أما الشعور فلا سُلطان لنا عليه، فهل نحن مُكلّفون بمطلق العمل؟ أم بما نستطيعه؟
.
(11) فإن قلتَ: بل بما تستطيعه، فهل المقصود مُطلق الاستطاعة؟ يعني أنا مثلا أستطيع أن أساعد جارًا لي يسكن بجواري في أحد أزقة القاهرة، وأستطيع بقدر ما من المشقة الزائدة أن أسافر إلى محافظة أسوان مثلا بعد نحو 12 ساعة بالقطار لأساعد صديقًا آخر، فهل أنا مُكلّف بالأمرين معًا وإن تركتُ أحدهما أكون آثِمًا؟ ... يعني هل التكليف منصب على مطلق القدرة وما يُتاح أمامنا -خاصة في عصر التكنولوجيا الذي يسّر الكثير مما كان متعذّرًا بالأمس- أم بنوع معين ومحدود من القدرة؟ وإن كان، فما هذه الحدود؟
.
(12) وهل كل ما أستطيعه من وجوه الإصلاح الاجتماعي -سواء لجاري هذا أو لصديقي بأسوان- يجوز لي أن أخوض فيه؟ أم هناك بعض المساحات أو المستويات التي يجوز لي أن أتكلم فيها، وأنصح، وآمر بالمعروف، وأنهى عن المنكر، بل ربما وجب عليّ، وهناك مساحات أخرى يحرم عليّ ذلك؟ وما ضابط ذلك؟ متى أتكلم ومتى أسكت؟ ومتى أُقدِم ومتى أُحجِم؟ وبعبارة موجزة: ما حدود مسئوليتي الشخصية عن واقعي ومجتمعي وغيري؟
.
(13) ثم كيف أجمع بين النصوص والأوامر التي تحثني على الاهتمام بأمر أمتي، مع نصوص أخرى يبدو لي في ظاهرها أنها تحثّني على الانشغال بأمر نفسي؟ مثل قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضرّكم من ضلّ إذا اهتديتم.. الآية).. وقول رسول الله صلى الله عليه وآله سلم: (إذا رأيتَ النَّاسَ مرِجَت عُهودُهم وخانَت أمانتُهم وَكانوا هَكذا، وشبَّكَ بينَ أصابعِه، فقمتُ إليهِ فقلتُ لهُ: كيفَ أصنعُ عندَ ذلِك يا رسولَ اللَّهِ جعلَني اللَّهُ فداكَ، قال: الزَم بيتَكَ، واملِك عليكَ لسانَكَ، وخذ ما تعرفُ، ودع ما تُنكرُ، عليكَ بأمرِ خاصَّةِ نفسِك، ودع عنكَ أمرَ العامَّةِ).. وغير ذلك من نصوص.
.
(14) مع انهمار الأسئلة وتتابعها ظهر لي إشكال هذا التعليق الأوّل الذي أرّق عقلي وإن داعب مشاعري وبدا لي جميلًا في ظاهره، إنه تعليق (مُجمل) لا تفصيل فيه ولا فقه، وقديمًا قال الأصوليون: الإجمالُ أصل الإشكال، فهو إذن أقرب للوعظ السطحيّ العام الذي طالما سمعناه ورددناه، لكن عند التحقق من مدى عمق فهمنا له = وجدنا فراغًا، وبالتالي يظل حبيس الكلام والترداد، غير قابل للتفعيل في الواقع..
.
(15) وهنا يكون أمام المرء احتمالان:

الأول - أن يتّهم من أوصل له هذا الخطاب العام المجمل، وخاطبه بهذه النصوص الشرعية الشريفة دون أن يُعطيه (مفاتيح فهمها) وضوابط تنزيلها على الواقع.. أو بعبارة أخرى: أن يلوم من خاطبه بالنصوص مباشرةً ولم يُعلّمه (الفقه) الذي يجيب عن كل هذه التساؤلات العلمية المنهجية التي تولّدت من رحم النصوص وبحثها علماء الإسلام ووضعوا لها القواعد والضوابط النيِّرة.
.
الثاني - أن يتّهم نفسه بالتقصير! ويدخل في وصلة من (جلد الذات)؛ إذ كيف يفرح أو يمزح والأقصى أسير؟ وكيف يُقيم عُرسًا وإخوانه في مأتم؟... فيصير جلد الذات عنده (في ذاته) من علامات صحة الإيمان وحياة القلب ودليلا يتشبث به إذ فيه شهادة على أن في قلبه بقايا حمله لهموم أمته، مع محاولاته لمتابعة كل شاردة وواردة والغرق في هذه المنصات بلا نهاية، وبعقل مشوش، ونفس مضطربة منهكة مكتئبة، وتقصير فيما يجب عليه وجوبًا عينيًا في حياته الشخصية = ظانا أنه بذلك يؤدي ما عليه أو يحاول.

أحمد عبد المنصف 🔻

10 Oct, 12:17


(لا نريد دراويش في صومعة، نريد من يحمل همّ أمته وقضاياها؛ فمن لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم)
=
(1) مع كل خاطرةٍ أكتبها أو أقرأها فيها حثّ على الاشتغال بدائرة التأثير والنظر في المقدور لنفعله، خاصة في أزمنة الاستضعاف والأزمات = دائمًا ما أجد هذا التعليق أمامي بعبارات مختلفة والمضمون واحد، لا نريد دروشة، لا نريد سلبية، الإسلام ليس دينا فردانيًا سلبيًا، نريد من يحمل قضايا أمته الكبرى، نريد جيلًا جديدًا من صلاح الدين .. إلخ.
.
(2) وهذه العبارات إذا تأمّلتها للوهلة الأولى، لاستحسنتَها، ولوجدتَها تداعب عاطفتك الدينية والإنسانيّة معًا، فلا أحد يريد أن يكون سلبيًا، ولا أحد يريد أن يكون وجوده في هذا الكون كعدمه بلا قيمة ولا أثر، ولا أحد يرضى لنفسه برتبة البهائم في الحياة، يعيش ليأكل وينام وينشغل بقضاء حوائجه الخاصة دون أي اعتبار للواقع الذي يعيش فيه ولحقوق غيره عليه ولمراعاة دوائر انتماءاته الدينيّة والوطنية والعِرقية والجغرافيّة.. إلخ.. ثم إنّنا نجد في ديننا الإسلاميّ نصوصًا وأحكامًا كثيرة تحثنا على الاهتمام بغيرنا بوجهٍ ما، وعدم الدوران في فلك أنفسنا فقط... ولكن!
.
(3) ولكن بعد أن تُتسثار مشاعري الدينية والإنسانيّة هذه، وأوافق على هذا الكلام (المُجمَل) السابق، أجد نفسي أسأل بلسان حالي الحائر: فماذا ينبغي أن أفعل إذن؟ّ! لم أفهم بعد، مازال شيء ما في تصوري مشوشًا، كيف أنفّذ هذا الكلام العام في واقعي الخاص لأخرج من قائمة التُهم المُعلّبة هذه؟! ثم ينهمر سيل الأسئلة في عقلي:

(4) ما المقصود بـ (الاهتمام بأمر الأمة)؟... وهل المقصود بالاهتمام هنا، أي على المستوى الشعوري أم السلوكي أم هما معًا؟
.
(5) فإن قُصد به الشعور ابتداءً، فهل القصد أنه عليّ أن أشعر بكل ألم يصيب كل مسلم يعيش معي على هذا الكوكب وأن أشاركه هذا الألم والتأثر والتعاطف معه؟ وهل يمكن هذا؟! أحسب أن هذا فهم مستعبد، إذن ربما كان المقصود به الأحداث المؤلمة الكبرى التي تغير من مصائر الأمة تأثيرًا كبيرًا، أو تصيبهم إصابة أليمة مُفجعة، كأن يُصاب جمع غفير من المسلمين أو دار من دورهم بالحروب الخارجية أو الأهلية أو المجاعات أو الحرائق أو البراكين أو السيول المدمّرة ؟
.
(6) فإن قُصد بها الأحداث الكبرى فقط، المُفرح منها والأليم، وكانت الأمة مثلا في عمومها حالة تمكين وانتصارات دائمة، فهل يجب على الإنسان شرعًا أن يكون في حالة فرح وسرور دائم؟ ... وإن كانت في حالة استضعاف وهزائم متوالية، فهل يجب عليه الحزن الدائم؟.. وهل هو مستطيع ذلك في الحالين؟ هل الدوام على حالة (شعورية) واحدة، من طبيعة وجبلة هذا الإنسان أصلا؟!
.
(7) ثم إنّ تأثّري شعوريًا بهذه الأحداث الكبرى فرعٌ عن معرفتي بوقوعها، فهل يجب عليّ شرعًا أن أتتبع أخبار أمتي على الصعيد المحلّي والدولي كل يوم لأعرف آخر أخبار هذه (الأحداث الكبرى)؟.. خاصة في ضوء عالم الإعلام والميديا وملايين الأخبار التي يمكن أن تصلك -أو تصل أنت إليها- في التوّ واللحظة والتي بالطبع تختلف عن العصور الأولى؟ أم أني مكلّف بالأخبار التي تصلني عُنوة دون أن أسعى أنا للوصول إليها؟
.
(8) وما طبيعة هذه (المعرفة)؟ فقديما كان المرء يعرف أخبار البلدان المحيطة من التجار مثلًا الذين ذهبوا إليها وأتوه ليقصوا عليه ما رأوا بعد شهور ربما من وقوع تلك الأحداث، ثم ظهرت الطابعة والصحف والمجلدات وصرنا نعرف عن الحدث في اليوم الثاني في سطر في صحيفة وربما مع صورة مرفقة، أما الآن! في عصر التخمة المعرفية الهائلة، في عصر الفيديوهات والريلز، تستطيع أن ترى الحريق أو الزلزال أو الحرب بتفاصيلها، وتسمع آهات المصابين وجثث الضحايا، وصريخ الثكالى، ثم تقرأ مئات وآلاف المنشورات والمقاطع عن هذا الحدث (الذي صار رائجًا أو Trend) تحليلًا ونقدًا وأخذًا وردًا طوال أسبوع أو شهر مثلا،
فأي مستوى من هذه المعرفة يجب عليّ شرعًا؟.. وأي مستوى أستطيع تحمّله وأصمد أمامه نفسيًا؟.. وهل هذا المستوى يتفق فيه الجميع أم يتفاوتون؟ وهل لو مرّ أمامي فيديو لأحد إخواني شهيدًا أو مصابًا ولم أحتمل فتحه أأكون قد خُنته وفرّطت في دمه؟ هل إن عجزت عن مساعدته ودفع الظلم عنه بالفعل يوجب عليّ مشاهدة مصابه صوتًا وصورةً اعتذارًا له عن عجزي، ومحاولةً لملء عيني وقلبي بقدر أعظم من الغضب والألم الذي يكون وقودًا لي للانتقام له يومًا ما كما يقول البعض؟
.
(9) ثمّ إنّ الإنسان بطبيعته الجبلية يزداد تأثّره الشعوري بكل من يقترب من دائرة معرفته وخُلطته، فتأثّري بما يصيب أهل بيتي أشدّ عليّ مما يصيب جاري الذي في البناية التي بجواري، وتأثري بمصاب هذا أشد عليّ من تأثري بمصاب رجل يسكن نفس الحيّ لكن يبعد عني شوارع طويلة ولا أعرفه ولا أقابله إلا مرة أو مرتين في العام، فهل يجب عليّ شرعًا أن يستوي تأثري وتفاعلي معهم جميعًا باختلاف درجة قربهم مني زمانا ومكانا وحالا؟

أحمد عبد المنصف 🔻

28 Sep, 21:38


لا يعنيني أن ينهار العالم من حولي، ما دامت في يدي فسيلةٌ أستطيع غرسَها هنا والآن.
ذاك هو المنهجُ النبويُّ الذي أعرفُه، وأحاول أن أعيش به ما استطعت.
وكلُ خطابٍ يشغلك بانهيارِ العالمِ عن الفسيلة التي بيدك هو ميلٌ بك عن الصراط المستقيم، فقُل آمنتُ باللهِ ثم استقم كما أُمرت.

#وذكر
.

أحمد عبد المنصف 🔻

23 Sep, 14:46


سألني / أدخّل ابني أزهر ولا عام؟
قلتُ: لو سألتَني قبل سنوات لكان جوابي غير الذي سأقولُه الآن، ولكن مع طول تأمل وتأنٍ وتفكير، ودخول لميدان التدريس في الأزهر والعام، ونظر في الواقع الذي نعيشه، أقول لك:
.
لا يعنيني أن تُدخلَه الأزهر أو العام، ولا يعنيني إقبال الناس على هذا أو ذاك، ولكن أدخله مدرسة يقابل فيها إنسانًا سويًا، يحترمه، ويُحببه إلى نفسه، ويشجعه على أنشطة تُبصّره بنفسه وبنقاط قوته وضعفه، ويغرس فيه شيئًا من الجمال والفن والذوق والشجاعة والأدب والمروءة والكرم والرجولة (أو الأنوثة إن كانت أنثى)، ويغرس في قلبه حُب الله ورسوله بعمله وسمته قبل قوله ودرسه... وما سوى ذلك يُمكن تداركه؛
.
فإن فُقد ما سبق، وشُوهت العقول والنفوس، فلن يُصلحها تعليم أزهريّ أو غيره، بل ربما زاد الطين بلّة فيخرج الطالب وقد كرِه نفسه ودينه وعلومه بسبب إنسان كان يحتاج إلى علاج لا إلى تعيين في مدرسة.
فابذل وُسعك يا أخي في البحث لابنك عن (البيئة) قبل (المنهج) و(الجو والصحبة) (قبل المعلومات والكتب)،

ابحث له عن معهدٍ أو مدرسة منضبطة تصطفي لأبنائها بشرًا متربيين فيهم الحد الأدنى من الاحترام والرُقي والأدب والسواء والديانة والوعي.. وبذا تكون قد غرستَ فيه أعظم أسباب الإيمان (مكارم الأخلاق وسواء النفس)، وأهم شرائط طالب العلم (الشجاعة والتساؤل وحب العلم وأهله)، ثم سدد وقارب خارج المدرسة في تكميل ما ينقصه.

إضافة: فإن استوت المدرسة العامة والأزهرية عنده في الحُسن فليقدّم الأزهريّة، وإن استويا في السوء، فليقدّم العامة حتى لا تتشوه العلوم الشرعية في عقله ونفسه في جو تعليمي سيئ.

وتذكّر أن الله يهدي من يشاء ويُضل من يشاء، وما نحن إلا أسباب نؤدي ما كُلفنا به ونسأل الله الإخلاص والقبول والسداد.
.
فإن قلتَ: إذن سيظل في البيت، فلا وجود لهذا الكلام في الواقع،
أقول: من قال هلك الناس فهو أهلكهم.
في الناس خير إن شاء الله، وفي بعض المدارس خير، لو بذلنا الوسع وسألنا الله تعالى أن يرشدنا لها.
وقد قابلنا في مدارسنا العامة مدرّسين ربّونا وعلّمونا لوجه الله تعالى، فجزاهم الله عنا خيرًا.. وأمة سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا تخلو من الخير.
فلا تضيقوا رحمة الله تعالى، وسلوا الله من فضله.

أحمد عبد المنصف 🔻

22 Sep, 09:25


أول يوم دراسة..
اليوم الذي كنتُ ومازلتُ أنتظره كل عام، ربّما لا أحضر باقي العام، لكن أحرص على حضور اليوم الأوّل!.. وكأنّ شيئًا جميلًا ساحرًا يكتنف البدايات من كل شيء!..
أحب بريق البدايات الذي يملع في عيون الناس! أحب تأمله والتلذذ به، ولا أحب تعكير صفوه بعبارات المزايدة الباردة من قبيل (شباب بقى ما إحنا كنا شباب).. ما المشكلة يا سيّدي؟.. كنتُ شابًا واستمتعتُ بهذه اللحظات، أفلا أترك غيري يستمتع بها أيضًا دون مُنغّصات وحِكم ومواعظ الحكيم الصيني الكهل؟
.
اليوم الأول، يعني اللقاء الأول بالأصدقاء بعد غياب وشوق، الثياب الجديدة غالبًا، الأقلام الجديدة، الكراس الجديد، المواد الجديدة، المُعلّمين الجُدد.. ألا يبعث هذا في النفس شيئًا من النشوة والبهجة؟
.
في أول يوم بكلية الهندسة، الطلاب الجُدد يُعرفون بسهولة، الملابس الجديدة المهندمة، المسطرة حرف T التي لن يستخدموها قطعًا في اليوم الأول، وكذا البالطو الأبيض، ولكنّها ديكور ضروريّ لصورة اليوم الأول تحت يافطة اسم الكلية، هكذا كنت أحب أن أقف من بعيد وأتأمل عيونهم وهي فرِحَة، وجوارحهم وهي تفعل ما فعلناه سابقًا بحذافيره، وأصحابي من بعيد يسخرون ويبتسمون الابتسامات الصفراء الساخرة ولسان حالهم (هيفضلوا مبسوطين لحد أول ميدترم)، أما أنا فأبتسم وأستمتع بالمشهد، وأدعو لهم بتجربة أجمل، ورحلة ألطف.
.
هكذا أحب ألا أزايد على غيري إذا رأيتُه يخطو خُطوة خطوتُها قبله، بل أدعو أن يستقبل من أمره خيرًا مما استدبرتُ، وأن يخوض رحلته وتجربته الخاصة دون أن يُحمّل نفسه توقعات سابقة تعكّر مزاجه أو تخوّفه مما سيأتي، أن يعيش هنا والآن، ويستمتع بلحظته هذه إلى آخر قطرةٍ فيها.. ويدعه من كلام الناس ونظراتهم.
.
والآن، وبعد سنين طويلة، ودراسات متنوعة، مازلتُ أنتظر يومي الأول بالجامعة كطفلٍ يبيت ليلة عيده بجوار ثيابه الجديدة ينتظر الصباح،
نعم، أعدّ ثيابي من الآن، وأقلامي، وكرّاسي، وجدول محاضراتي، وأتحرّق شوقًا للقاء أصحابي!
.
تقول لي: ألم تكبر وتنضج بعد؟

وأقول: بئس النضج الذي يُخمد في الأرواح اتّقادها، ويعكّر في النفوس صفاءها، ويسلب من الإنسان قدرته على اختلاس لحظة من الزمان يلتذ بها!

وقد صدق ابن زيدون لمّا قال: واغتنم صفو الليالي.. إنّما العيشُ اختلاس!

أحمد عبد المنصف 🔻

12 Sep, 19:22


فائدة:
من الأخطاء التي كنت أقع فيها في بداية طلبي للعلم، أني كنت أبدأ في متن ما بأن أذهب فأسمع شرح شيخ عليه، وبمجرد أن أنتهي من سماع الشرح حضورا أو عن بُعد أعتبر نفسي قد أنهيته، وهذا لعمري من الأوهام التي ضيعت علي أوقاتا كثيرة وكنت دائما ما أشعر أني لم أحصّل شيئا، بل أنا مكاني لم أبرح!
.
ولكن ما ثبت عندي مما تعلمت إنما كان لأمور، أهمها:

١. أن أقرأ أنا الكتاب أو المتن قراءة من لا يملك شيخا، أو قُل يعيش في الأدغال، ولا سبيل له للعلم إلا هذا الكتاب.
.
٢. ثم أسمع شرح الشيخ عليه.
.
٣. ثم أستعين بشروح وبحوث أخرى إذا استشكلت عليّ مسألة فقط.. دون استرسال مع هذه الشروح.
.
٤. ثم أشرح هذا المتن لغيري، كأني في الأدغال معه ولا سبيل له للعلم إلا أن يسمع مني (وهذه أهم وأعظم خطوة).
.
٥. ثم أحفظ بعض أبيات من منظومة علمية أو أنوّع من عدة منظومات، فأحفظ منها ما يتعلق بالباب الذي ذاكرتُه وأدندن به في حلي وترحالي.
.
٦. ثم إن استطعت أبحث عن شيخ يختبرني في هذا الكتاب، أو امتحان أو كتاب به تدريبات أختبر بها نفسي.

فإن فعلتُ هذا رسخ في عقلي -كثير النسيان- فلا يُمحى تقريبًا.

أحمد عبد المنصف 🔻

11 Sep, 15:25


بسم الله!

وأخيرًا.. الدفعة الأونلاين المنتَظَرة!

البداية: الثلاثاء القادم بإذن الله، في تمام الساعة 7:30 م بتوقيت قاهرة المُعزّ، على Zoom

1️⃣ زِدنا في عدد اللقاءات لتوفير مساحة أكبر للتطبيق والتدريب، ليكون عدد اللقاءات من ٩ إلى ١١ لقاء.. نلتقي مرة واحدة أسبوعيًا كل ثلاثاء.
.
2️⃣ زدنا في عدد ساعات اللقاء، ليكون من ٣ إلى ٤ ساعات يتخللها استراحات قصيرة.
.
3️⃣ طوّرنا قليلًا في المحتوى كمًا وكيفًا ليناسب الدراسة الأونلاين.

لذا، فرّغوا من أوقاتكم بضع ساعات، وجهّزوا أوراقكم، وأقلامكم، وكتابكم، وقهوتكم، وإنترنت جيد، واستمتعوا بالرحلة، ولن تندموا إن شاء الله ")
.
مساق (نحوَ نحو مختلف - فن النحو للمبتدئين) هو الخطوة الأولى في مسار تعلم العربية ثقافةً ولسانًا، ثم نترقّى منه إلى دراسة باقي العلوم العربية والإسلامية.
.
المساق يستهدف المبتدئين من دارسي ومحبي العربية، رجالًا ونساءً، طلابًا وخريجين، من ١٨ عام فما فوق.
.
شرحتُ في منشورين سابقين محاور وأهداف المساق ومنهجَنا في الدرس، أضع رابطهما في التعليقات.
.
للحجز والاستفسار ومعرفة التوصيف الأكاديمي التفصيلي للمساق = يُرجى التواصل واتساب فقط على رقم 01023535502

رب يسّر وأعن.

#نحو_نحوٍ_مختلف
#فن_النحو_للمبتدئين
#الدفعة_الثانية
#الدفعة_الأونلاين