غالبا ما تكون لدي إجابة محددة. ربما أشعر بالقلق من شيء يثقل كاهلي فتكون إجابتي بسيطة: حسنًا يا جني المصباح اجعل هذا الشيء يختفي، اجعل هذا العمل ينتهي، اجعل الديدلاين يمر بسلام، سوف أشعر حينها بالسعادة.
أحيانًا يكون طلبي أبسط حتى من ذلك، مال، طعام، نوم، رفقة الأحباب، سفر بعيد هادئ، أو بيت قريب ساكن.
كان يطمئنني ذلك، كان يريحني أن أشعر أني لست سعيدا الآن ولكني أعلم تماما ما الذي ينقصني، ربما لا يتحقق هذا هنا لأنه لا يوجد جني في أي مصباح لكني على الأقل أستمتع بالشعور أن ربما في زمان آخر في مكان آخر كنت أعرف كيف طريق السعادة الموعودة.
يشعرني ذلك بالاكتمال، فقط القطعة الناقصة مني لا أملكها الآن. وكأنه بازل اشتريته من التاجر مكتوب عليه ألف قطعة، كان عليك أن تصل للقطعة التاسعة والتسعين بعد التسعمائة لتدرك أنك لن تراها قط، لن تكتمل أبدا، وبرغم ذلك تملك فكرة كاملة عن شكل القطعة الناقصة والنقش المرسوم عليها.
في لحظات أخرى أكثر قسوة تسأل نفسك ذات السؤال لتجد أنه لا شيء! لا يوجد ما يمكنه أن يشعرك بالتحسن. كل خياراتك منحوسة، كل احتمالاتك مزعجة، وسوف يتململ جني المصباح أمامك كثيرًا وأنت تفكر في طلبك وكأنه نادل في مقهى فرنسي لا يوجد في قائمته أي شيء تفهمه، وفي النهاية سوف تخبره أن يرحل ويدعك فقط وشأنك.
كان يشعرني ذلك بثقل الحزن وكأنه ضيف ثقيل لا تملك أية طريقة لبقة لتشرح له أنه غير مرغوب فيه. لا يوجد طريق للسعادة الموعودة حتى في عالم موازٍ يسكن في الخيال. لا أعلم ما الذي ينقصني حتى.
إنه وكأن البازل الذي اشتريته من التاجر غير معلوم عدد القطع، كونته أمامك لتجد أنه مليء بالفجوات، رباه! كم قطعة تنقصني؟ ما ألوانها حتى؟ هل هذا هو شكلي أصلا أم أن هناك الكثير من الخريطة الممتدة عن اليمين والشمال لن أعلم عنها أبدا شيئا.
فقط في لحظات كهذه تصدق النظرات المصوبة إلى السماء. لا يمكن وصف إنسان كهذا بأنه مجرد حزين أو محطم، هذا إنسان مجهول فحسب! وليس ثمة شيء يخيف أكثر من خوف المجهول!
ما الذي تريده يا صديقي؟ ماذا سيسعدك لو تم؟ ما هذا الجوع وماذا تحتاج لتشبعه؟ ما الذي يملأ هذا الجوف؟!
فقط في لحظات كهذه، تعلم لماذا كان يجب أن يكون هو الصمد، أن يكون هو ذلك الاكتمال التام والإتمام الكامل لكل ما هو أجوف.
(د. مهاب السعيد.)