-الملا عمر قدس الله روحه.
يومًا ما قال بوش الابن أن كابل ليس أمامها سوى تسليم أسامة أو حرب ماحقة. لم يكن أسامة قد اعترف بمسؤليته عن الأحداث بعد، لذلك طلب الملا عمر من الأمريكان تسليمهم الأدلة على مسؤلية أسامة وسيحققون معه في الأمر لكن الأمريكان رفضوا. عرض الملا عمر الأمر على الهيئة الشرعية، فاجتمع العلماء ليومين وخرجوا بقرار من نقطتين: سيعرضون على أسامة الخروج طواعية، وإذا غزا الأميركيون البلاد وجب القتـ.ـال. ذهب تركي الفيصل إلى كابل محاولًا إثناء الأفغان عن قرارهم فقال له الملا عمر:
"ألا تستحي من أن تأتي من أرض الحرمين محاولا تسلُّم مواطن من مواطنيك، مطارَدٍ لاجئٍ كيْ تسلمه إلى دولة أجنبية؟ أنت عربي! والصحابة العرب هم الذين أوصلوا الإسلام إلى أكناف العالم وهم حفاة عراة على ظهور خيولهم. وأنت الآن تأتي من بلادك تطلب تسليم هذا المسلم لتسلمه إلى الكفار! أنت لستَ ممن يستحق النسبة لأولئك العرب المغاوير الفرسان، كيف يسمح لي ضميري أن أربط يدَيْ أسامة وأيادي زوجاته وأطفاله وأسلمهم لك؟ هذا ما لا يرضاه ديني ولا إيماني ولا مروءتي ولا عادات قومي، أنتم ترتعدون خوفا من الأميركيين وليست عندكم نخوة! لستم أحفاد الصحابة قطعا".
في الأيام الأولى لقصف كابل، اجتمع الملا عمر بقادة الحركة لمناقشة الأمر فساد الصمت، ثم تحدث الملا نقيب عن ضرورة الاستسلام لإنقاذ الأرواح محتجًا بعدم قدرة أحد على قتال الأمريكان. رفض الملا عمر هذا الاقتراح ودفنه إلى الأبد متأثمًا من الاستسلام للغزاة.
هذا رجل، ومن ورائه عصبة مؤمنة، فضلوا قتال أكبر قوة عظمى في العالم لمدة ٢٠ عاما على تسليم لاجئ عندهم. أعرف جيدًا أن مثقفينا الأشاوس يكرهون ذكر اسم الرجل وحركته لأمرٍ يتجاوز بعض سياساتهم التي يمكن أن تختلف حولها وتحفظ لهم قدرهم وقدر جهـ.ـادهم، لكن هناك حساسيات تتجاوز صورة الأفعال المختلف حولها. لكني أقول غير آبه لشسع نعل الملا عمر خيرٌ من ثقافتكم الرثة. في خريف ١٩٩٤ وصل لأذنَيْ المُلّا عمر، معلم الأطفال المغمور يومها، خبر اختطاف زعيم مليشيا يُدعى "القائد صالح" لفتاتين واغتصابهما، "فجمع الملا عمر ٣٠ رجلا بحوزتهم ١٥ بندقية، وانطلقوا فاستخلصوا الفتاتين، وقتلوا القائد وعلَّقوا جثته على فوهة دبابة روسية مهملة في أحد شوارع المدينة". هكذا كانت بداية الحكاية كلها نخوة ومروءة مثل النهاية. لا أريد مثقفين قادرين على تبرير الخيانة، بل أريد بدو وفلاحين يعرفون معنى العزة وحق الجوار