.................................
قال جبريل لمحمد عليهما السلام: "فأخبرني عن الإيمان"! قال: "أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره"-رواه مسلم.
**
1. الإيمان بالقدر أن تؤمن بأن الله يعلم كل شيء عن كل شيء قبل أن يكون، وهو سبحانه يختار له مبدءه ومسيره ومصيره، ويكتب ذلك عنده، ويأذن بوقوعه فيقع، وما لا يأذن فيه لا يكون، يفعل ذلك كله بعمله وقدرته، وإرادته وحكمته، وإحسانه ورحمته، وعدله وفضله.
2. ومن يؤمن بالقدر يعلم أن كل واقعة تقع هي من تقدير الله، وفي قدرة الله، وأن له فيها الحكمة البالغة.
3. وهذا عليه عامة المؤمنين بالله وخاصة أهل الديانة المحمدية: أهل الإسلام.
4. وبناء عليه، فما يقع في غزة- فلسطين، وما يقع في لوس أنجيلوس-كاليفورنيا-أمريكا، كله بقدر الله ومشيئته وإذنه، وهو سبحانه عليه شهيد، وله مريد، وهو فعال لما يريد.
5. ما قد يتحير فيه المؤمنون هو المعنى؛ أي الحكمة: ماذا أراد الله بهذا مثلا؟
6. المؤمنون يؤمنون بأنه الحق من ربهم، وأنه لحكمة أو لحكم كثيرة، لكنهم قد لا يعرفونها على وجه التحديد، وهذا ما يعلمه العلماء منهم والمتعلمون.
7. إذا كانت القرية مؤمنة صالحة ووقع فيها أو عليها مصاب؛ فإما أن يكون اختبارا لصبرها، أو عقوبة لها (تعم أحيانا)، أو اختبارا لبعضها وعقوبة لبعضها الآخر. والله أعلم بما يفعل، وبأفعال عباده هو أخبر.
8. وإذا كانت القرية متبطرة وخارجة عن نهج الله تعالى، فالمصاب إما تذكرة لعلهم إلى ربهم يرجعون، وإما عقوبة للقرية أو لبعضها. والله يحكم ما يريد، وما ربك بظلام للعبيد.
9. بالنسبة لغزة وأهلها، فالذي يغلب على ظننا ومما نراه من صبر أهلها وصمودهم، ومما نعلمه ولا نعلم له مخالفا أنهم أهل خير وأنهم مظلومون وواقعون تحت عدوان غشيم وفي بلاء من ربهم عظيم... فإن ما هم فيه اختبار إيمان، واختيار شهداء: (وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين).
10. أما كاليفورنيا ففيما وقع لهم فهو عقوبة لبعضهم خاصة من كان فاسقا مصرا على الفسوق، وظالما مصرا على الظلم، وتذكرة لمن يتذكر، ونذارة لمن قد تنفعه النذارة.
11. والمؤمنون راضون بقضاء الله تعالى، ويعلمون أنه الحق والخير من ربهم.
12. والذين في قلوبهم مرض يمارون ويشككون في أنه فعل الله تعالى، وفي أن وراءه حكمة إلهية.
13. أما القاسية قلوبهم من ذكر الله فينكرون القدر والمعنى والحكمة، ويقولون بالأمر الواقع، وحسب.
14. وسنة الله تعالى أن يعفو عن المؤمنين بعد ابتلائهم، ويدمر على الكافرين والمعتدين بعد انتشائهم واستعلائهم.
15. ومن ناحية أخرى طبيعي أن تمتلأ قلوبنا غيظا وحنقا على المجرمين، ونبغض أمريكا -التي هي أمريكا- ونتمنى لها انكسارا مدويا وانهيارا منهيا، فإذا وقع في أمريكا -التي هي أمريكا- مصاب، فالمشتفي بها من أمريكا -التي هي أمريكا- لا يشمت في المنكوبين شخصا شخصا، ولا مدينة مدينة، ولا بحث له في ذلك، إنما يفرغ بعض غيظ قلبه في أمريكا، التي هي أمريكا، لا لوس أنجيلوس بخصوص ولا أشخاص فيها، ... فالفرح بمصاب أمريكا، التي هي أمريكا، مفهوم وأراه طبيعيا لا شيء فيه، والله أعلم.
والله نسأل ألا يؤاخذنا بما نسيا وأخطأنا، وألا يؤاخذنا بما فعل السفهاء منا، وأن يلطف بنا فيما جرت به مقاديره سبحانه وتعالى.
.....
https://t.me/MedhatAllaithy