3/10/2024
قال بعض القائلين: على السوريين الذين أظهروا الفرح بمقتل قادة الحزب اللبناني أن يُقسطوا ويتعاملوا بالطريقة ذاتها مع صواريخ إيران التي ضربت إسرائيل. قالوا: أليس هذا منطقَ الحق والعدل طالما أن كل واحد من الطرفين عدو ظالم -كما تقولون- وأنكم تفرحون بضرب الظالمين بالظالمين؟
أقول أولاً: لو أن محور إيران أثخن في العدو الصهيوني كما أثخن العدو الصهيوني في أهل فلسطين الكرام لكان لهذا الطلب ما يسوّغه، أما وإيران ذات الأنياب الحادة على أهل السنّة في العراق وسوريا تكتفي بخرمشة إسرائيل بأظافر مقلَّمة ولا تصنع فيها شيئاً يُذكر فإن هذا الطلب مردود من أصله ولا محل لبحثه حتى إشعار آخر.
لكن هذا ليس هو جوهر المسألة، فنحن لن نفرح ولن نهلل لإيران ومحورها حتى لو أثخنوا في العدو الصهيوني ولو أذاقوه مثلَ الذي أذاقونا من الويلات (ولن يفعلوا). لماذا؟ لأننا أعقل من أن نغرق في نشوة اللحظة الحاضرة ونغفل عن المآلات، لأننا لن نساهم في تزييف الوعي وتزيين الباطل ولن نجعل المجرمين كالمؤمنين، لأننا نعلم أن إيران ومحور إيران أعداء لأهل السنّة وأننا سنلقى منهم البلاء حيثما كانت لهم سيطرة وكان لهم نفوذ. ولا حاجة لافتراض ما سيأتي طالما أن ما مضى هو الشاهد وهو الدليل والبرهان، وانظروا إلى ما فعلوه بنا في اليمن وسوريا والعراق.
وأخيراً لأننا لن ننسى، لن ننسى أن حزب الله ومليشيات إيران الطائفية في سوريا ارتكبت من الجرائم والأهوال ما لم يرتكب عُشرَ معشاره اليهودُ في فلسطين: ذبحوا أطفالنا بالسكاكين (حقيقة لا على المجاز) واغتصبوا بناتنا ونساءنا وحرقوهنّ أحياء مع الأطفال والرجال، وقصفوا بلداتنا ودمروها على رؤوسنا ثم استعمروها بعدما جلا عنها من بقي حياً من أهلها. وقبل ذلك وبعده: لأنهم كانوا هم السند والظهير لعدونا الأكبر طاغية سوريا في حربه الطائفية المسعورة التي شنّها علينا، وهم الذين أعلنوا أن الطريق إلى القدس يمرّ بحلب والزبداني والقلمون، ثم إنهم احتلوا القلمون والزبداني وحلب وحطوا فيها الرحال ونسوا القدس وتركوا فلسطين لليهود.
فيا من تشيدون اليوم بصواريخ إيران وتجودون على رأس حزبها بلقب الشهيد: أعيدوا لنا ما سَلَب الحزبُ من أرضنا وأحيوا مَن ذبح وحرق وقتل من أطفالنا ونسائنا ورجالنا. وإن صنعتم (ولن تصنعوا لأن الموتى لا يرجعون إلى الحياة) فماذا تفعلون بحرائرنا اللائي اعتدى عليهنّ مَن تشيدون بهم اليومَ وترجون منهم الخير؟
اصنعوا ذلك كله ثم تعالوا نستأنف الحوار.