أَفانين الجَمال

كل كلام يخرج وعليه كسوة القلب الذي منه خرج
-الحكم العطائية

من دعاء أبي حمزة الثمالي «بِذِكْرِكَ عاشَ قلبي وَبِمُناجاتِكَ بَرَّدْتُ ألَمَ الخَوْفِ عَنّي»

تأمَّلنا شأنَ الدنيا، فوجدنا أكبرَ نعيمِها وأكملَ لذّاتِها ظَفَرَ المُحِبِّ بِحَبيبِه.

- الجاحظ

ما الأعرابيّة حنَّت إلى نجدٍ، وأنَّت من وَجدٍ بأشدّ منِّي كلَفًا، وأتمّ مني شغفًا، أنا من شدّة الشوق إليك كالعطشان كُشِف له عن ماءٍ عذب، ومنع منه بمانع، شوق لو أُلقيَ على الكواكب بعضُه لَما سارت، أو كُلِّفت الأفلاكُ ثقلهُ لَما دارت، شوق لو فُرِّق على القلوب الخالية لاشتغلت، ولو قُسِّم على الأكباد الباردة لاشتعلت، أشتاقك مع كلّ صباح طالع، وضياءٍ شارِق، ونجمٍ طارق.

- الثّعالبي في الشوق

قال أبو عثمان: وكيف أنساك وأنا إِنْ رأيتُ حَسَنًا ذَكَرْتُكَ مُشبهًا، أو قبيحًا ذَكَرْتُكَ به مُباينًا.

- التوحيدي في البصائر والذخائر

البشاشة مصيدة المودة، والبر شيءٌ هين، وجهٌ طليق، وكلامٌ ليّن.

- ابن عيينة

تَفكّري في البَين يمنعُ من التمتّع بحلاوةِ الوَصل وتكرُه عيني أن تقرّ بقربك، مخافةَ أن تسخنَ ببعدِك، فلي عن الاجتماع كَبِدٌ ترجُفُ وعند التنائي مقلةٌ تكِف.

- كاتب في الشوق والفراق

قلت لأبي سليمان: هل يُلات ما بين الصديقين، وهل يفضيان إلى هجر، وهل يَفزَعَان إلى عتب؟ فقال: أما ما دامت الصداقة قاصرة عن درجتها القاصية، فقد يعرض هذا كله بينهما، لكنهما يرجعان فيه إلى أس المودة، وإلى شرائط المروءة، وإلى ما لا يَهتِكُ سَجفَ الفتوة، وأما الهجر فإن حدث حدث جميلًا، ولا مستمر الحوافز الشوق إلى المعهود، ومحركات النفس إلى التلاقي، وأما العتب فربما أصلح ورد الفائت، وشَعَبَ الصدع، ولَمَّ الشَّعث، والإكثار منه ربما عرض بالحقد، وأحدث نوعًا من النُّبوّ، وقد قيل: وما صافيت مَن لا تعاتبه، وربما كان العود إلى الصفاء بعد هذا الكدر فوق ما عهداه في الأول، وقال الأول:

أناس أمنَّاهم فنُّموا حديثنَا
فلمّا كتمنا السِّر عنهم تقوّلوا

ولم يحفظُوا الود الذي كان بينَنا
ولا حين همّوا بالقطيعةِ أجملوا

قلت فما الفرق بين الصداقة والعلاقة؟ فقال: الصداقة أذهب في الفرح مسالك العقل، وأدخل في باب المروءة، وأبعد من نوازي الشهوة، وأنزه عن آثار الطبيعة، وأشبهُ بذوي الشيب والكهولة، وأرمى إلى حدود الرشاد، وآخذ بأهداب السداد، وأبعد من عوارض الغرارة والحداثة

فأما العلاقة فهي من: قبل العشق، والمحبة، والكلف، والشغف، والتتيم، والتهيم، والهوى، والصبابة، والتّدانف، والتشاجي
وهذه كلها أمراض أو كالأمراض بشركة النفس الضعيفة، والطبيعة القوية، وليس للعقل فيها ظل، ولا شخص، ولهذا تسرع هذه الأعراض إلى الشباب من الذكران والإناث، وتنال منهم، وتملكهم، وتحول بينهم وبين أنوار العقول، وأداء النفوس، وفضائل الأخلاق، وفوائد التجارب، ولهذا وأشباهه يحتاجون إلى الزواجر، والمواعظ، ليفيئوا إلى ما فقدوه من اعتدال المزاج، والطريق الوسط على أن العشق والمحبة وما يحويها فيهما كلام من نحو آخر.

- الصداقة والصديق للتوحيدي

ما ضاءَ لي نهارٌ، ولا دجا لي ليلٌ مذ فارقتُك، إلا وجدتُ الشّوقَ إليك قد حزَّ في كبِدي، والأسَفَ عليكَ قد أُسقِطَ في يدي، والنِّزاعُ نحوكَ قد خان جلَدي، فأنا بينَ حَشًا خافقةٍ ودمعةٍ مُهراقة، ونَفسٍ قد ذبُلَت بما تُجاهِد، وجوانِحَ قد أُبلِيَت بما تُكابِد
أسأل اللهَ أن يقرنَ آياتِ سروري بالقرب منك، ولينَ عَيْشي بسرعةِ أوبَتِك.

- الجاحظ

وأيقنت أنّ صورة الإنسان فضلة عن القلب واللسان، وأنّ استحقاقه الفضل إنما هو من جهة النطق والعقل.

- العمدة لابن رشيق

وكان يقال ثلاثٌ يُفسدن المروَّة: الالتفات في الطريق، والشِّحُّ، والحرص.

- الظرف والظرفاء

وعلى العاقل مُخَاصمة نفسه ومحاسبتها والقضاء عليها، والإبانة لها، والتنكيل بها
أمَّا المحاسبة؛ فيحاسبها بما لها؛ فإنَّه لا مالَ لها إلا أيَّامُها المعدودة التي ما ذهب منها لم يُستخلف كما تُستخلف النفقة، وما جعل منها في الباطل لم يَرْجِعْ إلى الحق؛ فيتنبه لهذه المحاسبة عند الحول إذا حال، والشهر إذا انقضى، واليوم إذا ولى، فينظر فيما أفنى من ذلك، وما كسب لنفسه فيه وما اكتسب عليها في أمر الدين وأمر الدنيا، فيجمع ذلك في كتاب فيه إحصاءٌ وجدٌّ وتذكير، وتبكيت للنفس، وتذليل لها؛ حتى تعترف وتُذعن.

- الأدب الصغير لابن المقفع

قال الأصمعي: سمعت أعرابيا يقول:

العاقل حقيق أن يُسخي نفسَه في الدنيا علمُه بأنه لا ينال أحد منها شيئا إلا قلّ انتفاعه به، وكثر عناؤه فيه، واشتدت ندبته عند فراقه، وعظمت تبعته بعد وفاته.

«.. ولكنّه الحبُّ يملأ القلبَ رحمةً وحنانًا، ويصغّر في عينيه عظائمَ الأمور وجلائلَها، ويُوحي إليه أفضلَ الأمور وأشرفَها!»

- المنفلوطي، ماجدولين.