قال عبد الغني المقدسي رحمه الله في «الكمال» : وقال العباس بن محمد الهاشمي: دخل يحيى بن معين مصر فاستقبلته هدايا أبي صالح وجارية، ومئة دينار، فقبلها، ودخل مصر، فقال: لا تكتبوا عنه، فإنه لم يسمع كتاب هشام.
قلت : تأمل قول يحيى بن معين (لا تكتبوا عنه) فهو بهذه الكلمة قد ضعف هذا الراوي ونفّر الناس عنه، مع أن الرجل قد استقبله بالهدايا.
فكم يثقل على المرء أن يتكلم على رجل أحسن له بكلام هو أهون من هذا بكثير، فهذا من التجرد وتمحيص القصد لحفظ الدين ولا نزكيه على الله.
ومع ما عليه هؤلاء الائمة من بذل الأعمار وقوة التجرد في حفظ السنة كما في تراجمهم تجد أن منكر السنة عديم الثقة بهم، ثم هو يثق بكل ضال مضل مُلئ من رأسه إلى قدمه بالتملق والمداهنة ومجاملة الناس لنيل الدنيا
فصاروا كحال من قال سبحانه عنهم :
وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ (5)