ويجب على المسلمين أن يحسِّنوا الظن بالعلماء الصادقين فضلاً عن الصحابة المهديين الذين هم غَيظ العدى وأنصار دين رب العالمين، الذين لا يحبهم إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق، والذين هم حملة الشريعة، وهم أقرب الناس إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وأحب الخلق إليه بعد النبيين والمرسلين، والذين لا كان ولا يكون مثلهم، والذين هم أفضل الخلق على الإطلاق بعد النبيين والمرسلين.
فالصحابة أفضل من أتباع موسى، والصحابة أفضل من أتباع عيسى الحواريين، وقد قال الله جل وعلا: ﴿وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ﴾ [التوبة: 100]، فقومٌ ﴿رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ﴾، ألا ترضى عنهم؟!! قومٌ أحبهم الله ألا تحبهم؟!! قومٌ أمر الله بموالاتهم ألا تواليهم؟!!
قال تعالى: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّار﴾ [الفتح: 29].
وقد أخذ الإمام مالك من هذه الآية أن الروافض ليس لهم من الغنيمة والفيء شيء. وأخذ غير واحد من العلماء من هذه الآية أن الروافض كفار؛ لأن الله قال: ﴿لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّار﴾، فهم الذين يبغضونهم ويسبونهم ويلعنونهم ويكفرونهم، وهم الذين يقذفون عائشة بالإفك بعد أن برأها الله جل وعلا من ذلك، وهذا تكذيب صريح للقرآن.
والله جل وعلا يقول: ﴿لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى﴾ [الحديد: 10]، أي: الجنة.
وفي الصحيحين من حيث أبي صالح عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تسبوا أصحابي)، (لا) هنا ناهية، والنهي للتحريم (لا تسبوا أصحابي)، وسب الصحابة أعظم من سب غيرهم، وتارة يصل سب الصحابة إلى الكفر، الذين قالوا: (ما رأينا مثل قراؤنا هؤلاء أرغب بطونًا ولا أكذب ألسنة ولا أجبن عند اللقاء) فأنزل الله جل وعلا قرآنًا في بيان كفرهم وردتهم ﴿قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ﴾ [التوبة: 65-66]، فإنه لا يسخر من الصحابة ولا يبغض الصحابة إلا من يبغض الكتاب والسنة، ولماذا يبغض أئمة الدين وأنصار دين رب العالمين؟!!
الشيخ سليمان العلوان | 📚 اللقاء المفتوح التاسع