الأمر نفسه ينطبق على من يعتقد أن المعمّرين يمتلكون أسرارًا لعمرهم الطويل. قد يقول أحدهم إن السر يكمن في المشي يوميًا لمسافات طويلة، بينما يدعي آخر أن السر هو في الامتناع عن أكل اللحم، وثالث يؤكد أن السر في تناول اللحم حصريًا، ورابع يرى أن تناول السكريات هو السبب (وقد سمعت ذلك فعلاً). قد تكون هذه العوامل ذات تأثير، لكنها بالتأكيد ليست السبب الوحيد، فالأمر أعقد بكثير مما يُختصر في نصيحة واحدة. وما ينفع شخصًا قد لا ينفع آخر، فضلًا عن أن هناك عوامل خارجة عن السيطرة لا يمكن تغييرها.
النقطة الأساسية هنا هي أن الناس يستريحون للأفكار البسيطة والوصفات السحرية. وكلما تعقدت الأمور، شعروا بالارتباك والضياع. من هنا، مثلًا، قد ينظر شخص إلى الولايات المتحدة، فيراها الدولة الأقوى، فيظن أن شعاراتها الليبرالية هي سر قوتها. ثم ينظر آخر إلى الصين، وينبهر بقوتها وتنظيمها، فيعتقد أن شعاراتها الشيوعية سياسيًا هي السبب. ورغم أن الشيوعية نقيض الليبرالية، فإن كلا الدولتين تملكان القوة. وهذا ينطبق على جميع "الوصفات السهلة"، التي في الواقع تشبه الشعارات الانتخابية، ولا تصل حتى مستوى البرامج الانتخابية، مثل القول بأن "العلمانية هي الحل" أو "الإسلام هو الحل". لكن حل ماذا؟ وكيف؟ وكأن تبني العلمانية سيجعل الدولة تنضم فورًا إلى مجموعة السبع، أو أن تطبيق الشريعة سيمنحها القدرة على تصنيع صواريخ فرط صوتية وتقنيات شبه الموصلات الدقيقة.
هذا لا يعني عدم تبني نماذج حياتية أو الدفاع عنها بقوة، سواءً كانت إسلامية أو ليبرالية أو شيوعية أو أي كانت. الفكرة هي تجنب الاعتقاد بوجود وصفات جاهزة تنتظر فقط من يطبقها لكل كل المشاكل. العدالة، مثلًا، قد تكون ضرورية، لكنها وحدها لا تجعل الدولة عظيمة؛ فقد تكون دولتك أعدل دولة في العالم، ومع ذلك يعاني شعبها من الفقر. أو قد تعتقد أن المساواة هي الحل، لكن دولتك الأكثر مساواة قد تظل متأخرة تكنولوجيًا في مستوى العصور الوسطى. أو قد تقول أن الحل هو إنهاء الفساد، بعض الاقتصاديين يقولون بأن الفساد قد يكون أحيانا عامل تنمية اقتصادية.
إذا بعد كل هذا يخطر على بالك سؤال: "ما هو الحل؟" فأنا أقدم لك اعتذاري عن ظهور هذا المنشور أمامك.