كتب العلم لا تُقرأ كما تقرأ الجرائد، كتب العلم تقرأ كلمة كلمة، وتتأمَّلَ كلمة كلمة.
بل لو استطعت أن تكتب العلمَ من أوله إلى آخرِه فافعل.
وأحسبَ أنك لو فعلتَ ذلك - أي: كتابة العلم بنفسك من أوله إلى آخره - كان ذلك العلمُ مسطورًا أمام عينيك.
وأعرف من طبَّقَ ذلك فما زالَ يستحضرُ كتبًا كاملةً في فنونٍ قد كتبها بيدِه قبل سبع عشر سنة.
ولا أعني مطلق الكتابة، بل تلك الكتابة المُفْهِمَة، إمَّا بتشجيرٍ أو تفقيرٍ.
وأخصّ بذلك الفقهَ، اكتبْهُ من أوله إلى آخره مفقرًا، فالجمل التي تراها في كتب الفقه تارةً تكون ابتداءَ مسألةٍ، وتارةً غايةً أو قيدًا أو تفريعًا على مسألة.
فعنون المسألة، وضعها في سطرٍ مستقلٍّ، واكتب تحتها ما يتعلق بها من غاياتٍ، وقيودٍ، وتفاريعَ، تاركًا مسافة أول السطر تعلمك بأن المكتوب متعلق بمسألة قبله، ولو ميزتَ الغايات والقيود والتفاريع بعلاماتٍ كان حسنًا.
وما استطعتَ أن تشجره فافعل.
أحسب أنك إن فعلت ذلك، وأدمتَ النظر في مكتوبك فترة .. أسندتَ ظهرَك إلى سارية المسجد فألقيت الفنّ من أوله إلى آخره، وهذا تصويرٌ لحفظك، وليس مطلوبًا لك، بل لا ينبغي أن يكون غايتك ومطلوبك.