يمكن تقسيم الوظائف إلى ثلاثة أنواع:
• وظائف تتطلب مهارات مُنخفضة
• وظائف تتطلب مهارات متوسطة وتشكّل أغلب الوظائف، وهي أكثر الوظائف المعرضة للإنقراض.
• ووظائف تتطلب مهارات مرتفعة
حسب الإقتصادي تايلر كوين، السبب وراء "إختفاء المنتصف" يعود إلى نقطتين: الأتمتة، و"شحن الوظائف خارجياً".
في المقابل، جزء كبير من "كعكة الرواتب" أصبحت تعود لذوي المهارات المرتفعة. حيث أن الإقتصاد اليوم أصبح يكافئهم بشكل كبير مقارنةً بالبقية.
بالإضافة إلى ذلك، يعتقد البروفيسور ديفد أوتر أن عدم المساواة في الدخل (income inequality) بدأت في الإرتفاع بين من هم في قمة هرم الرواتب وبقية الموظفين. في المقابل، عدم تساوي الدخل بدأ بالإنخفاض بين من هم في المنتصف وأسفل الهرم. هذا الشيء يعني أن الطبقة المتوسطة بدأت في التقلص والانكماش. ربما لهذا السبب بدأنا بملاحظة مصطلح إنكماش الطبقة المتوسطة the shrinking middle بشكل كبير مؤخراً، ويعني تقلص الطبقة المتوسطة من ناحية عدد من نستطيع إعتبارهم ضمنها.
بكل إختصار، نعيش في عالم ينفصل فيه أصحاب المهارات الصعبة والأداء الأفضل عن البقية بشكل واضح. خلف هذا "الإنفصال" هو إستقطاب المهارات -Skill Polarization- وهو إنقسام سوق العمل إلى قسمين: رواتب ضخمة لمهن تتطلب مهارات عالية، ورواتب مُنخفضة لمهن تتطلب مهارات بسيطة.
حسب أوتر، واحدة من أهم الأسباب خلف هذه التغييرات هي التقنية وتأثيرها الضخم على سوق العمل. حيث أن الأتمتة ساهمت في إنقراض الوظائف التي تتطلب مهارات متوسطة وحلت مكانها وظائف جديدة نستطيع أن نقسمها إلى قسمين:
• الأولى هي تلك الوظائف التي تتطلب مهارات صعبة، مثل الهندسة، البرمجة، الإدارة، والتصميم. هذه الوظائف غالباً ستبقى في البلد الأُم ولن يتم "شحنها للخارج" بسبب أهمية قربها من الإدارة الإقليمية. وأكبر تمثيل لهذه القيمة موجودة على الآيفون "صُمم في كاليفورنيا، صُنع في الصين." بمنعى: الإدارة والتصميم والإبداع تبقى في البلد الأم، والصناعة ووظائفها الروتينية يتم "شحنها" للخارج، لدول تستطيع تقديم يد عاملة رخيصة.
• والثانية هي الوظائف التي يمكن تصنيفها على أنها بحاجة إلى مهارات منخفضة مثل بعض وظائف البيع، خدمة العملاء، الخدمة المنزلية.. أغلبها وظائف روتينية، مهام مُكررة، وبحاجة إلى وجود الموظف في موقع العمل -أي لا يمكن أدائها عن بعد أو نقلها للخارج-.
خلال هذه الإفتراضات، نستطيع أن نرسم صورة لمستقبل الوظائف. قد تكون صورة كئيبة.. خصوصاً إذا ما وصلنا لقناعة أن بعض الأفكار السابقة المتعلقة بالنجاح بدأت بالإختفاء تدريجياً.
التعليم العالي والعمل والإجتهاد لم تعد أسباب كافية اليوم. بل يجب أن تنتقل إلى خانة المهارات الصعبة. حيث أن عملية التعليم لا تتوقف. أو سيتم دفعك إلى خانة المهارات المتواضعة. ولكن خلف هذه الصورة التي قد تبدو قاتمة للبعض يوجد أمل. لأنك إذا إستطعت الحصول على الوسائل الشخصية لتعلم مهارات صعبة بكفاءة وسرعة كافية، تستطيع التنافس في هذه البيئة الجديدة.
من مقدمة كتاب Ultralearnin