“إن الذي نعيشُ فيه اليوم حياةٌ قد مهَّد لها جبابرة الدُّهاة؛ لا أقول من عامٍ أو عامين، بل منذ أكثر من مئتي عامٍ. حطم كل شيء قليلا قليلا، حتى خرَّ البناء كله. ثُمَّ انبعثت من تحت الأنقاض حيَّاتٌ خبيثةٌ تلبسُ إهاب البشر. غُذِيتْ بالسم الذعاف؛ حتى صارت لحمًا وسُمًّا. لا لحما ودمًا؛ ولا يعنيك أو يعنيني أن ننظر : أهي تعرفُ نفسها وتُدرك أنها مُسخت أفاعي في مسلاخ[جلد] إنسان، أم تُراها لا تعرف ولا تُدرك، ليس يعنيني هذا ولا يعنيك؛ بل يعنينا – ويعنيها هي أيضا – أن نصدق المعرفة أنها حيَّاتٌ تنفثُ سُمَّهَا في حياة النَّاس؛ في حياة الناس الغافلين النائمين. فمن استعصى عليها فتكت به؛ ومن أطاع لِسُمِّها مُسِخَ كمثلها حيَّةً تسعى. فإذا قُدِّر لهذه الحيات أن تبلغ الغاية التي مُسِخت لها، فلن يتم ذلك حتى تكون الأرض العربية والإسلامية كلها خراباً من البشر الأحرار؛ خراباً تعمرهُ العُمَّار من أفاعٍ وحيات وأصلال!!”
جمهرة مقالات الأستاذ محمود محمد شاكر، ج١ ص٥٨٦.
رحمة اللهِ على أبي فهر
#شيخ_العربية_وحامل_لوائها