كَانَ يُقَالُ : اتَّقُوا فِتْنَةَ العَابِدِ الجَاهِلِ وَفِتْنَةَ العَالِمِ الفَاجِرِ ؛ فَإنَّ فِتْنَتَهُمَا فِتْنَةٌ لِكُلِّ مَفْتُونٍ.
[الزهد للإمام أحمد - الجزء الثالث عشر].
روى ابن أبي الدنيا في ذم الدنيا عن إسحاق بن عبدالمؤمن الدمشقي قال : كَتَبَ إلَيَّ أحْمَدُ بْنُ عَاصِمٍ الأنْطَاكِيُّ فَكَانَ فِي كِتَابِهِ : إنَّا أصْبَحْنَا فِي دَهْرِ حَيْرَةٍ تَضْطَرِبُ عَلَيْنَا أمْوَاجُهُ بِغَلَبَةِ الهَوَى ، العَالِمَ مِنَّا وَالجَاهِلَ ، فَالعَالِمُ مِنَّا مَفْتُونٌ بِالدُّنْيَا مَعَ مَا يَدَّعِيهِ مِنَ العِلْمِ ، وَالجَاهِلُ مِنَّا عَاشِقٌ لَهَا مُسْتَمْلَأٌ مِنْ فِتْنَةِ عَالِمِهِ ، فَالمُقِلُّ لَا يَقْنَعُ وَالمُكْثِرُ لَا يَشْبَعُ ؛ فَكُلٌّ قَدْ شَغَلَ الشَّيْطَانُ قَلْبَهُ بِخَوْفِ الفَقْرِ ، فَأعَاذَنَا اللهُ وَإِيَّاكَ مِنْ قَبُولِنَا عِدَةَ إبْلِيسَ وَتَرْكِنَا عِدَةَ رَبِّ العَالَمِينَ .. يَا أخِي ، لَا تَصْحَبْ إلَّا مُؤْمِنًا يَعِظُكَ بِفِعْلِهِ وَمَصَادِيقِ قَوْلِهِ أوْ مُؤْمِنًا تَقِيًّا ؛ فَمَتَى صَحِبْتَ غَيْرَ هَؤُلَاءِ وَرَّثُوكَ النَّقْصَ فِي دِينِكَ وَقُبْحَ السِّيرَةِ فِي أُمُورِكَ ، وَإيَّاكَ وَالحِرْصَ وَالرَّغْبَةَ ؛ فَإنَّهُمَا يَسْلُبَانِكَ القَنَاعَةَ وَالرِّضَا ، وَإيَّاكَ وَالمَيْلَ إلَى هَوَاكَ ؛ فَإنَّهُ يَصُدُّكَ عَنِ الحَقِّ ، وَإيَّاكَ أنْ تُظْهِرَ أنَّكَ تَخْشَى اللهَ وَقَلْبَكَ فَاجِرٌ ، وَإيَّاكَ أنْ تُضْمِرَ مَا إنْ أظْهَرْتَهُ أخْزَاكَ وَإنْ أضْمَرْتَهُ أرْدَاكَ ، وَالسَّلَامُ.