هَذَا مَذْهَبُ أئِمَّةِ العِلْمِ وَأصْحَابِ الأثَرِ وَأهْلِ السُّنَّةِ المَعْرُوفِينَ بِهَا المُقْتَدَى بِهِمْ فِيهَا [مِنْ لَدُنْ أصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ إلَى يَوْمِنَا هَذَا] ، وَأدْرَكْتُ مَنْ أدْرَكْتُ مِنْ عُلَمَاءِ أهْلِ العِرَاقِ وَالحِجَازِ وَالشَّامِ وَغَيْرِهِمْ عَلَيْهَا ، فَمَنْ خَالَفَ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ المَذَاهِبِ أوْ طَعَنَ فِيهَا أوْ عَابَ قَائِلَهَا فَهُوَ مُبْتَدِعٌ خَارِجٌ مِنَ الجَمَاعَةِ زَائِلٌ عَنْ مَنْهَجِ السُّنَّةِ وَسَبِيلِ الحَقِّ ، وَهُوَ مَذْهَبُ أحْمَدَ وَإسْحَاقَ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ مَخْلَدٍ وَعَبْدِاللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ الحُمَيْدِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ جَالَسْنَا وَأخَذْنَا عَنْهُمُ العِلْمَ ... وَالدِّينُ إنَّمَا هُوَ كِتَابُ اللهِ وَآثَارٌ وَسُنَنٌ وَرِوَايَاتٌ صِحَاحٌ عَنِ الثِّقَاتِ بِالأخْبَارِ الصَّحِيحَةِ القَوِيَّةِ المَعْرُوفَةِ المَشْهُورَةِ يَرْوِيهَا الثِّقَةُ الأوَّلُ المَعْرُوفُ عَنِ الثَّانِي الثِّقَةِ المَعْرُوفِ يُصَدِّقُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا حَتَّى يَنْتَهِي ذَلِكَ إلَى النَّبِيِّ ﷺ أوْ أصْحَابِ النَّبِيِّ أوِ التَّابِعِينَ أوْ تَابِعِ التَّابِعِينَ أوْ مَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الأئِمَةِ المَعْرُوفِينَ المُقْتَدَى بِهِمْ المُتَمَسِّكِينَ بِالسُّنَّةِ وَالمُتَعَلِّقِينَ بِالأثَرِ الَّذِينَ لَا يُعْرَفُونَ بِبِدْعَةٍ وَلَا يُطْعَنُ عَلَيْهِمْ بِكَذِبٍ وَلَا يُرْمَوْنَ بِخِلَافٍ ، وَلَيْسُوا أصْحَابَ قِيَاسٍ وَلَا رَأيٍ ؛ لِأنَّ القِيَاسَ فِي الدِّينِ بَاطِلٌ وَالرَّأيُ كَذَلِكَ وَأبْطَلُ مِنْهُ ، وَأصْحَابُ الرَّأيِ وَالقِيَاسِ فِي الدِّينِ مُبْتَدِعَةٌ جَهَلَةٌ ضُّلَّالٌ إلَّا أنْ يَكُونَ فِي ذَلِكَ أثَرٌ عَمَّنْ سَلَفَ مِنَ الأئِمَّةِ الثِّقَاتِ فَالأخْذُ بِالأثَرِ أوْلَى ، وَمَنْ زَعَمَ أنَّهُ لَا يَرَى التَّقْلِيدَ وَلَا يُقَلِّدُ دِينَهُ أحَدًا فَهَذَا قَوْلُ فَاسِقٍ مُبْتَدِعٍ عَدُوٍّ للهِ وَلِرَسُولِهِ ﷺ وَلِدِينِهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِسُنَّةِ نَبِيِّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، إنَّمَا يُرِيدُ بِذَلِكَ إبْطَالَ الأثَرِ وَتَعْطِيلَ العِلْمِ وَإطْفَاءَ السُّنَّةِ وَالتَّفَرُّدَ بِالرَّأيِ وَالكَلَامِ وَالبِدْعَةَ وَالخِلَافَ ، فَعَلَى قَائِلِ هَذَا القَوْلِ لَعْنَةُ اللهِ وَالمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أجْمَعِينَ! ؛ فَهَذَا مِنْ أخْبَثِ قَوْلِ المُبْتَدِعَةِ وَأقْرَبِهَا إلَى الضَّلَالَةِ وَالرَّدَى ، بَلْ هُوَ ضَلَالَةٌ ، زَعَمَ أنَّهُ لَا يَرَى التَّقْلِيدَ وَقَدْ قَلَّدَ دِينَهُ أبَا حَنِيفَةَ وَبِشْرًا المَرِيسِيَّ وَأصْحَابَهُ! ، فَأيُّ عَدُوٍّ لِدِينِ اللهِ أعْدَى مِمَّنْ يُرِيدُ أنْ يُطْفِئَ السُّنَنَ وَيُبْطِلَ الآثَارَ وَالرِّوَايَاتِ وَيَزْعُمُ أنَّهُ لَا يَرَى التَّقْلِيدَ وَقَدْ قَلَّدَ دِينَهُ مَنْ قَدْ سَمَّيْتُ لَكَ وَهُمْ أئِمَّةُ الضَّلَالِ وَرُءُوسُ البِدَعِ وَقَادَةُ المُخَالِفِينَ؟! ، فَعَلَى قَائِلِ هَذَا القَوْلِ غَضَبُ اللهِ! .. فَهَذِهِ الأقَاوِيلُ الَّتِي وَصَفْتُ مَذَاهِبُ أهْلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ وَالأثَرِ وَأصْحَابِ الرِّوَايَاتِ وَحَمَلَةِ العِلْمِ الَّذِينَ أدْرَكْنَاهُمْ وَأخَذْنَا عَنْهُمُ الحَدِيثَ وَتَعَلَّمْنَا مِنْهُمُ السُّنَنَ وَكَانُوا أئِمَّةً مَعْرُوفِينَ ثِقَاتٍ أهْلَ صِدْقٍ وَأمَانَةٍ يُقْتَدَى بِهِمْ وَيُؤْخَذُ عَنْهُمْ وَلَمْ يَكُونُوا أصْحَابَ بِدَعٍ وَلَا خِلَافٍ وَلَا تَخْلِيطٍ وَهُوَ قَوْلُ أئِمَّتِهِمْ وَعُلَمَائِهِمُ الَّذِينَ كَانُوا قَبْلَهُمْ ، فَتَمَسَّكُوا بِذَلِكَ رَحِمَكُمُ اللهُ وَتَعَلَّمُوهُ وَعَلِّمُوهُ ، وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ.
[كتاب المسائل].