"أنا بنت، ربنا ابتلانى بمشاهدة الإباحية الأول كنت بشوفها كتير جدا واحساس طول الوقت بالذنب وقلة البركة وتوفيق ربنا لكن بقالى فترة طويلة بشوفها كل شهر مرة مثلا او مرتين عملت كل الحاجات اللى مفروض تتعمل علشان ابطل الذنب ده ولكن برجع تانى. إيه الحل أنا فعلا نفسي اخلص من الذنب ده".
قد وصلتني العديد من الأسئلة من رجال ونساء في أمر مشاهدة المحتوى الإباحي, وبعضها من طلبة علم, وبعضها من سكّان المُدِن المباركة.
وهذه القضيّة لا تأخذ حظّها من الاهتمام على شدّة خطرها وضررها ويتوجّه الخطاب السائد إلى مسائل هي دونها أهمّية وتأثيرا.
وممّا لا يخفى على أحد أن جيلي والأجيال التي تليني لا يكاد يسلم أحد منّا من التعرّض للمشاهد الإباحية بعمد أو غيرَ عمد. ويزداد التحدّي خطورة عند الأجيال التي تلينا لتحوّل هذا المحتوى سريعا من المواقع الإباحية للدراما التليفزيونية المعتادة والتطبيع معه تدريجيا حتى في صوره الأكثر شذوذا.
أعود للسائلة فأقول ..
أولا: من حسن الأدب مع الربّ ألا ننسب إليه مثل هذا تصريحا. وقدوتنا في ذلك إبراهيم حين قال: "والذي هو يطعمني ويسقين. وإذا مرضتُ فهو يشفين" = فنسب الإمراض لنفسه. وقدوتنا في ذلك أيضا قول النبي: "والشرّ ليس إليك".
ثانيا: لا تجعلي من هذا الذنب عائقا عن أي طاعة, بل زاحميه ما استطعت بالطاعات, فالحسناتِ يُذهبن السيّئات. ولا تجعلي للشيطان عليكِ مدخلا بأن يُعزّز احتقارك لنفسك فتكفّين عن أيّ طاعة. بل اجعلي من شعورك بالتقصير حافزا للزيادة من الطاعات لا العكس. وأخصّ بالذكر هنا الصلاة لما تستلزمه من البقاء على حالة الطهارة من الحدثين.
ثالثا: عليكِ بإدراك أن ضرر هذا المحتوى يتعدّى مجرّد النظر إلى العورات فهو ليس كإطلاق النظر في الشواطيء مثلا. بل ضرره يتخطّى ذلك إلى التأثير على مراكز المكافأة والاستمتاع في الدماغ, وتوقف الاستمتاع بالممارسات البسيطة, وبناء توقّعات غير طبيعية تحدث من تركيب المشاهد ولا توجد في واقع الناس, والتطبيع مع الممارسات شديدة الشذوذ,
وإفساد الخيال بتصوّر مشهدا جنسيا في كلّ مناسبة وكلّ مكان وكلّ شخص وكلّ سياق, وغرس تطلّعات ذهنية Fantasies لم تكن لتراودكِ أصالة وتعبّر عن حقيقة رغباتك ومواطن استثارتك,
والحاجة إلى درجة من التنويع المستمر في صفة الشريك لن تتوفّر في أي علاقة, هذا مع قتلِ الحياء في القلب والألفة مع انتهاك محارم الله وغير ذلك من أضرار. فلعلّ الدراية بمثل هذه الأضرار الحقيقية يعينك على النفور منها والزهد فيها.
رابعا: إن كنتِ ولا بدّ فاعلة فاتّبعي قاعدة أخفّ الضررين, فإن استطعتِ أن تكتفي بالاستمناء دونَ نظر فعليكِ بذلك. وإن أطلقتِ نظركِ فتجنّبي أيّ ممارسات لا يمكنك تطبيقها في علاقة زواج سوية, وأخصّ بالذكر هنا أي ممارسات شاذة أيا كانت صورة شذوذها.
وهذا ليس تطبيعا مع الذنب, أو تهوينا من ضرره, أو إعطائك أي نوع من الإقرار أو الاستحسان Approval or Validation لفعلتك. بل هو من باب أخفّ الضررين لا أكثر.
خامسا: من يصلُ حالهم إلى الإدمان فعليهم باللجوء إلى المختصين, فهذا كغيره من الإدمانات يحتاج تعاملا خاصا. وربّما ارتبط هذا الإدمان بحال ما كالاكتئاب أو القلق أو غيرَ ذلك. اللجوء إلى المختصين هنا في غاية الأهمّية.
سادسا: حدّدي مثيراتك التي تقودك إلى هذه النتيجة وتجنّبيها. ربّما كانت مسلسلات درامية, ربّما كانت تواجدك في مكان ما, ربّما كانت فتاوى دينية في مسائل الاستمتاع, ربّما كانت أطعمة ما, ربّما كان حال الوحدة, ربّما كان لباسا ما, ربّما كانت دورات العلاقات أو الروايات الرومانسية! أيا تكن مثيراتك, تعرّفيها, وحدّديها, وامتنعي عنها. إذ للشيطان خطوات فاقطعي طريقه.
سابعا: استعيني بكلّ العوامل التي تساعدك على التوقّف, من زيادة حال الإيمان والمراقبة للربّ في قلبك, ومن ممارسة الرياضة المنهكة بدنيا بعض الشيء, ومن الصيام لأن الصيام يعين على التحكّم في النفس وضبطها, ومن شغل وقتك بما ينفع, وبكثرة التواجد مع صحبة صالحة, وبقلّة التواجد وحيدة في أوقات ضعفك, وبالاستعانة بتطبيقات حجب هذا المحتوى, وبالانضمام لبعض البرامج على الشبكة التي تساعد على ذلك وبعضها نال قدرا من الشهرة.
ثامنا: وهي الأهمّّ = الاستغفار والتوبة في كل مرة مهما تكرر الأمر … أعيد … مهما تكرر الأمر. واستعيني بالله, وسليه أن يغنيك بحلاله عن حرامه, وبفضله عمّن سواه, وأن يطهّر قلبكِ, ويحصّن فرجك, وأن يجنّبك الفواحش ما ظهر منها وما بطن.
هذا, وإنّي أهيب بكلّ من يُحسن الحديث في هذا الأمر ولديه أدوات نافعة فيه = أن يتصدّر للحديث عنه ويعين إخوانه وأخواته بما يفتح الله به عليه.
- أسامة نبيل
#الإباحية #الاستعداد_للزواج