قناةُ إيهابِ بنِ حاتِمٍ

.
إيّاكَ وأسلوب: "لا تُظهروا النِّعَمَ أمامي وراعوا مشاعري"، فهو أسلوبُ الضُّعفاءِ والحُسّاد، فطهِّرْ قلبَكَ منه.

حين أتّجه لعملي أرى زملاء يقودونَ سيّاراتٍ أفخمَ من سيّارتي وأنا أستاذهم، فأحمَدُ اللهَ إذ خصّهُم بنِعَمٍ، وخصّني بغيرِها، وأفخرُ بهم، وأرجو لهم الخير.

اشكروا اللهَ، وافرحوا للناس، يرزقكُم من فضلِه.
.

.
قاعدةٌ حياتيّةٌ مُلِحّة:

لا تُبدِ رأيَكَ فيما لم يُطلَبْ منك إبداءُ الرّأيِ فيه، وإن ظهرَ لك أنّه الأصوب؛ كيلا يزهدَ النّاسُ بك وبه، فالنّاسُ لا تقدِّرُ ولا تحفلُ -عادةً- بما أتاها بلا طلبٍ أو سؤال. ولا يدفعنّكَ سوءُ فَهمٍ لفعلِ الخيرِ، ففِعلُ الخيرِ هو صدقُ النُّصحِ والرّأيِ لطالبِهِما، وهو صَونٌ للكرامةِ، وحفظٌ لماءِ الوَجهِ من أن يُراق.
.

.
‏ألحِقْ رجائي بعَـفوٍ أنـتَ ذو كرَمٍ
ويـسِّــرِ الــدّربَ للـجـنَّــاتِ ربَّــاهُ

واختِمْ بخيرٍ لنا إن حانَ موعِدُنا
واغـفِرْ لعـبـدٍ فـقيـرٍ أنـتَ مَـولاهُ
.

.
- ولقدْ عرفتُ في مخالطاتي الكثيرةِ من يبخَلُ بالبسمة الطّارفة، والمدحةِ المارقة، والكلمةِ اللّطيفة، وهو لما سوى ذلك أشدُّ بُخلا وأشحُّ.

- ورأيتُ في مرّاتٍ من يَلِغُ في أعراضِ الغافلات المؤمنات، وذلك عندَه ألذُّ من العسلِ المصفّى، وأندى من غِناءِ زرياب.

- ورأيتُ من النّاس من تفسَحُ له صدورُ المجالس، والكلُّ عرفَ ظلمَه لذويه، وحبسَه لبنيه، وإهانتَه لأزواجِه، وأكلَه مالَ الضّعفاءِ منهم.

- وإنَّ بعضهم لو أُعطيَ مالَ قارونَ، فإنَّ عينيه تطيرانِ في شرهٍ وطمعٍ إلى كعكةِ اليتيم.

-ولقد رأيتُ من ظنَّ نفسه أحاطَ بكلِّ شيءٍ عِلما، وهو لا يحيط بما حطَّ على أرنبةِ أنفِه، أذُبابٌ هو أم شَبَثٌ؟!

- وأخسُّ من رأيتُ من يشتري بآياتِ الله ثمنا قليلا، ويلحنُ في القولِ إرادةَ الشّرّ، ويجعلُ الحقَّ باطلا والباطلَ حقّا بما أوتيَ من لسَنٍ، وقدرةٍ على التّلبيس.
.

.
لا تكُن -فَدَيْتُك- أحدَ خمسةٍ:

- من يسألُ عن كلِّ شيءٍ، ولو أتعبَ نفسَهُ -الموقّرةَ- بالبحثِ قليلًا لوجدَ مرادَه.

- من يعلقُ على منشورٍ لم يقرأهُ جيّدًا، ولم يَفهمْ مقصدَه، وينتقِدُ صاحبَه.

- من يسألُ ليحرجَ المسؤولَ، أو ليَتَباهى بعِلمِه، ولو عرفَ الحقَّ؛ لم يعترِفْ به، ولم يشكُر مجيبَه.

- من يحذفُ سؤالَهُ بعد أخذِهِ الإجابةَ دون أنْ يشكُرَ المُجيبَ، أو يدعُوَ له.

- من يدرعمُ و(يَتَدَكَتَرُ) ويُخَطِّئُ ويجادِلُ فيما ليسَ له فيه عِلْمٌ.
.

.
براعةُ الاستهلالِ والتّمهيد في الكتابة، وحُسنُ التّخلّصِ إلى صُلبِ الفكرةِ ولُبِّ الموضوع، لا تقلُّ أهمّيّتُه عن الطّرحِ نفسه، إذ به يتكوّنُ الانطباعُ الأوّلِيُّ لدى القارئ، ومنها يُقرِّرُ إكمالَ القراءةِ أو التوقّف.

ألا ترى أنّ كثيرًا من شريفِ المعاني وعظيمِ الأفكارِ قد أفسدَها سوءُ الابتداءِ لها وحطَّ منها.
.

أنا مُتَبعِّضٌ، آخذُ من كلِّ ما وددتُ بعضَه، لا أحبُّ الاحتكارَ، وأكرهُ التملُّكَ البغيض، ولا يناسبني السّيطرةُ والتّحكُّم، ولستُ ممّنْ تخلبُ الأشياءُ قلبَه، وتُعمي الأهواءُ ناظرَه، أدعُ بيني وبين الآخرين مسافاتٍ، وأفتحُ لهم سُبُل الانفكاكِ والتحرُّرِ من أي عَقدٍ بيننا تفرضُهُ الأيّامُ والحوادث، وكثيرٌ من أفكارِي قيدُ التبصُّرِ والتفكُّر، قابلةٌ للتغيُّرِ والتّبدُّل، ثابتٌ على القليلِ منها، متحوّلٌ -إذا اقتضتِ الحاجةُ- عنِ الكثيرِ منها، آنَفُ من التعلُّق، وأستنكفُ أنْ أنكبَّ على الأمرِ وأتحلَّقَ حولَه، أستميتُ من أجلِ أفكاري الصّادقة، لكنَّني قادرٌ على التّضحيةِ بها إن خالجَني الشّكُّ في مصداقيَّتها، فكيف لو أدركتُ ذاتَ وقتٍ أنَّها زائفةٌ مزيَّفة! وعلى هذا المعيارِ التعامليِّ أودُّ أنْ أُعاملَ، فأنا مجرَّدُ فكرةٍ، أو أمرٍ، أو شيءٍ يقبلُ عمليّاتِ جدولِ الضّربِ المحتملة، ولا ضيرَ إن استخدمتَ معي آلةَ الحسابِ حينها.

.
"الصّوتُ الجميلُ يسرقُكَ من نفسِك، ويُعيدُكَ إليك، يأخذُك ويردُّك" :)

أبو حيّانَ التّوحيديّ.
.

يُقارِنُ بعضُهم بين مُحتشِمةٍ وسافِرَة، ثُمّ يقول: قد تكونُ السّافِرَةُ خيرًا عند اللهِ من المُحتشِمة!

نعم، قد يكونُ ذلك، لكنّهُ خلافُ الأصلِ؛ فالأصلُ أنَّ الخَيْريَّةَ تَجمعُ بينَ الحُسْنَيَيْنِ: المَخْبَرِ والمَظْهَرِ، وتَقِلُّ الخَيْريَّةُ فيمَنْ فقَدَ رُكْنَيْهَا أو أحَدَهُمَا.

فما الذي يدعونا إلى جعلِ غيرِ الأصلِ قاعدةً نُشوِّهُ بها الأصل؟

.
كرةُ القدمِ مُتعة، فإن تجاوَزَتْ ذلك صارتْ نِقمة.

ومن أشدِّ سيّئاتِها أن يتشفَّى الفائزُ وأنصارُه من المهزومِ بقَولٍ أو فعلٍ، وهذا يُخالفُ أخلاقَ الإسلام، وتقاليدَ العربِ والرُّجولة.
.

"وإنّه لقسمٌ لو تعلمونَ عظيم".

سمع أعرابيٌّ قوله تعالى: "فَوَرَبِّ السّماءِ والأرضِ إنّهُ لَحَقٌّ مثلَ ما أنّكُم تَنطِقون"، فاهتزّ وقال: "مَن أغضب الجليلَ حتى حلف؟!".

.
النّفس ورشةٌ أولى لأفكار كلّ كاتب، وهي له كالمَرسم للرسّام؛ تجدُ اللّطخات فيه يمنةً ويسرة، ولا تُبصر موضعًا خِلوًا من بقع الألوان، ولكنه يُريك بعد ذلك عملًا آيةً في الجمال. وكذا الكاتب، يُقرئك النّصّ المدهش المعبّر، بعد أن يعيث الفوضى في أفكاره؛ من تجويدِ المعاني، وتقليب الألفاظ!
.

.
عندي يقين راسخ، وإيمانٌ قاطع، بأنّ مَن عرَف نفسَه حقَّ المعرفة، وكاشَفَ ذاتَه بصريحِ المكاشفة؛ عَفَّ عنِ اللّهاثِ وراءَ دقائقِ أحوالِ الآخرين بما لا يعنيه، وكَفَّ عنِ التَّنبيشِ خلفَ مُجرَياتِ حيواتهم فيما لا شأنَ لهُ فيه، فانشغَلَ بمفاتشةِ نفسِه ومساءلةِ ذاتِه، وانصرفَ إلى إصلاحِ ما عطبَ فيه، وتقويمِ ما اعوجَّ منه.
.

.
"وقعَ الإجماعُ من الأطبّاء على أن هذه
البقلة، الباذنجان، مذمومةٌ جدًّا، وصَدَقوا".

الطّبيب ابن زُهر الإياديّ :)
.

.
"مَنْ كان نصفَ طبيبٍ فإنه يقتل العَليل،
ومن كان نصفَ فقيهٍ فإنه يُحَلِّل المُحرَّم،
ومن كان نصفَ نَحْوِيٍّ فإنه يلحن أبدا،
ومن كان نصفَ لُغَوِيٍّ فإنه يُصَحِّف أبدا".

القاضي أبو حامد المَرْوَرُوذيّ.
.

.
لَطالما ثقُلَ عليَّ مُشاركةُ وإعادةُ نشرِ منشورٍ فيهِ غَلَطٌ واضحٌ ولَحْنٌ جليّ؛ إذ أرى في ذلكَ إشاعةً للمنكرِ "اللُّغَويِّ"، وإماتةً للغَيْرَةِ على أُمِّنا اللُّغةِ في النُّفوس، بأنْ تَعتادَ وتَستمرِئَ النَّظرَ إلى الأخطاءِ ولا تجدَ فيها بأسًا، وفيه تشجيعٌ لكاتِبِهِ على الإكثارِ من أمثالِه، وهوَ لَمَّا يجد بعدُ مَبادِئَ الكتابةِ السّليمة.

هذا مذهبي، واللهُ أَعلم! :)
.

وردني ومرَّ بي هذا السّؤال المستهجِن غير مرة: لماذا تُجرَّم المرأة عند ارتكابها إثمًا أو وقوعها في محظور؛ بخلاف الرّجل الذي لا تُستشنَع هاته الفعال منه، ولا يُعاب بها؟

وقد وقفت أخيرا على كلامٍ نفيس للأديب الرّافعي مجلِّيًا فيه هذه المسألة مبيِّنًا دقائقها ببيانٍ مشرقٍ وأسلوب عالٍ: