ممنون - ممتن - الامتنان
إذا أُسديت لامرئ نعمة قال للمُنعِم:
أنا ممتن أو ممنون لك
أو:
ما أشد امتناني لما صنعت
وهو في الأولى يريد أنه شاكر حامد فضل من أسدى له معروفًا، وفي الثانية أن شكره وعرفانه عظيمان.
لاكن ليس معنى الامتنان الشكر والعرفان كما يُظَن بل له أحد معنيين:
١. إِحسانُ المُحْسِن غيرَ مُعْتَدٍّ بالإِحسان، يقال لَحِقَتْ فلانًا من فلان مِنَّةٌ إِذا لَحِقَتْه نعمةٌ باستنقاذٍ من قتل أَو ما أَشبهه.
٢. مَنَّ فلانٌ على فلان إِذا عَظَّمَ الإِحسان وفخَرَ به وأَبدأَ فيه وأَعاد حتى يُفْسده ويُبَغِّضه.
فالأول حسن والثاني قبيح.
وزادتنا الأخت الكريمة مشرفة المجموعة بحثًا دارَسَتْ فيه الأستاذة الجليلة/ إيمان الحريريّ فخلُصتا منه إلى التالي:
المَمنُونُ هو المقطوع، ومنهُ قوله تعالى: {وإِنَّ لكَ لأَجْرًا غيرَ مَمْنونِ}
قال الجوهريّ: والمَنُّ القطع.
ومنه قول سيدنا لبيد رضي الله عنه:
"غُبْسٌ كوَاسِبُ لا يُمَنُّ طعامُها"
أي: لا ينقطع، أو لا يطعمها أحد فيَمُن عليها، إنما تصيد لنفسها.
ملحوظة:
أجازَ مُعجمُ الصّحاح استعمال الفعل بمعنى: "أحسنَ" "وأنعمَ"، فصحح استعماله بمعنى الشُكر، فيكون الشخص المُنْعَم عليه مَمْنونًا عليه، وعلى ها ذا يكون استعمال اللفظ "مَمْنون" بمعنى "شاكر" جائزًا بنوع من المجاز المُرسل على لغة ضعيفة، والاحتياط بتركه أولى.
وأنت ترى ضعف الحجة وليّ الكلام وبُعد الرابط بين الأصل والنتيجة التي خرج بها.
وها ذا من ما يعيب المعاجم المعاصرة التي ما تفتأ تلوي الكلام ليًّا لتصحح قولًا شائعًا بين الناس حتى لا يُضطرُّوا إلى تغييره، والتوسعة على الناس من سعة اللغة أمر طيب، لاكن مع التزام الصحيح من الكلام. وليس الكلام اليومي بين الناس من مواضع المجاز إلا بقلّة قليلة حتى لا يفسد ولا يُبتذَل.
فما نقول إذن بدلًا من (ممتن / ممنون / امتنان)؟
نقول:
أنا شاكر أو حامد صنيعك
والله لقد عرفتُ لك إفضالك علي
ما أشد عرفاني بإكرامك إياي
لك مني حسن الثناء على ما أسديت
وها كذا
#تقويم_اللسان
#الأساليب