أول شيءٍ، كانت هناك أمٌّ لطفلتين بداخلِه، وبعد تسلل المياه إلى داخلِ الميكروباص وعدم وجودِ سبيلٍ للنجاة، فتحت الأمُّ زجاجَ السيارةِ ورمت طفلتَها على البرِّ، أما الأخرى، رمتها فسقطت في البحرِ، فتخطفها الناس، ومن ثَم غرق الميكروباص بالأمِّ ومن فيه.
ثاني شيءٍ، شنطةُ الشابِّ التي كانت بداخلِ الميكروباصِ بعد رفعِه من المياه، شنطةٌ بداخلها أحلامٌ وأهدافٌ وأماني كثيرةٌ، بلحظةٍ بلحظةٍ انتهت.
كان الحزنُ يلفُّ المكان، والعيونُ تملؤها الدموع، والألمُ يعصفُ بالقلوب، أصواتُ البكاءِ والنحيبِ تترددُ في الأرجاء، والأملُ الضائعُ يتسربُ من بين الأيدي.
الحياةُ تستمرُّ، لكن الذكرياتُ تظلُّ محفورةً في الأذهان، تخبرنا دومًا أن الموتَ لا يعرفُ عزيزاً، وأنه يأتي على غفلةٍ ليخطفَ منا من نحب.
رحمَ اللهُ من فقدناهم،
وأعانَ اللهُ من بقيَ ليُعاني الفِراق.