كنت قديمًا أكتفي بشرح الكتاب مرة واحدة، ثم مراجعة متينة، ثم اختبار في نهاية كل جزء، ثم ننتقل للجزء الذي يليه؛ وهو ستّة أجزاء؛ ثلاثة للمرحلة الابتدائية، وثلاثة مثلها للمرحلة الثانويّة.
وأما الآن فأصبحت أشرح الكتاب مرتين؛ بغضّ النظر عن كفاءة الطالب، ومدى استيعابه للدروس؛ لأنني اكتشفت- لما اضطُررت لذلك- أن إعادة شرح الكتاب وقراءة الأمثلة، والتعليق على القواعد يُكسب الطالب مهارة في الفهم والتطبيق لا يصل إليها أبدا من الشرح الأول إلا إذا كان عبقريًا.
ولا يجب أن ننسى هنا أن عماد النحو التطبيق الدائم على الأمثلة والآيات؛ لذلك فإن أسعد الطلاب عندي- وربما أتعسهم- مَن يقرأ معي في النحو، ويحفظ معي القرآن؛ فإنه لا يكاد يمر علينا موضع مما درسناه إلا وطبقنا عليه جل القواعد التي درسناها أو التي مازلنا ندرسها.
أمس كان يقرأ عليّ أحد طلابي من سورة غافر، وهو من ضمن الطلاب الذين يدرسون معي هذا الكتاب المبارك؛ فسألته عن إعراب كلمة (أكبر) في آية {لَخلْقُ السمـٰو ٰات والأرض أكْبرُ من خلق الناس) فلم يكن صعبًا عليه أن يُعربها خبرًا، بقليل من الصبر والإشارة.
إعادة قراءة الكتب وشرحها من أفضل ما يوصّل الطلاب إلى مستوى عالي من الفهم والإدراك والتدبّر، لو كنتم تعلمون.