قال تعالى: {وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ} هل تقليب الكفين حال المصيبة يدخل ضمن ضرب الخدود وشق الجيوب وحلق الشعر عند المصيبة، ولو استعمل الناس صورا أخرى من الجزع لا يدخل كالسب واللعن للمصيبة وغيرها؟
الجواب:
هذه التصرفات يرجع فيها إلى القصد، فالتصرفات التي تكون عند نزول المصيبة
منها ما نص على النهي عنه، (ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب)، وبرئ الرسول صلى الله عليه وسلم من الحالقة والصالقة والشاقة، فهذا كله منصوص عليه فهو محرم.
ومنها ما يكون عرفا داخل في الندب وفيه من تعابير التسخط على القضاء والقدر فهذا أيضا محرم.
ومنها ما يتوقف على قصد الفاعل، يعني يكون منقسما، فما دل على التسخط فهو محرم، لتحريم التسخط، وما ينتج عنه فهو من آثاره، فالتسخط على القضاء والقدر محرم.
لكن ليس كل فعل يعبر به المرء عن تحسره أو عن تعجبه أو عن بعض الأحوال النفسية، التي تعرضه ليس كله راجع إلى التسخط.
النبي صلى الله عليه وسلم كما في الحديث الصحيح لما قال لعلي بن أبي طالب وفاطمة: (ألا تصليان) يأمرهم بالصلاة، أن يصلوا في الليل فقال علي رضي الله عنه: "يا رَسولَ اللَّهِ، أَنْفُسُنَا بيَدِ اللَّهِ، فَإِذَا شَاءَ أَنْ يَبْعَثَنَا بَعَثَنَا"، فرجع النبي صلى الله عليه وسلم من عندهما وهو يضرب فخذه، ويقول: {وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} [الكهف: 54]
فضرب النبي صلى الله عليه وسلم فخذه لا يمكن أن يحمل على التسخط من القضاء, إنما قد يحمل على التعجب أو على الاستغراب, أو على أنه ساءه ما سمع من اعتراض علي رضي الله عنه أو جوابه, مع كونه حقا, يعني في أصله لا يعترض على أن أنفسنا بيد الله عز وجل, ولذلك لما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم عذاب النار لبعض الصحابة رضي الله عنهم, يعني أخبرهم بأمور فزعوا لها, قالوا: له ما نقول يا رسول الله؟ فقال: (قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل) ففي مثل هذه الأمور يُندب الإنسان أن يتكلم بما أرشد الله عز وجل عليه, ولا حرج عليه أن يتصرف بعض التصرفات التي لا تدل على التسخط, وإنما تدل على ما يعبر به عما في نفسه من الدهشة أو الاستغراب أو التعجب أو غير ذلك, فتقليب الكفين هذا دليل على التحسر, التحسر قد يصاحبه تسخط كما هو ظاهر حال الرجل الذي نزلت فيه الآية, وقد لا يدل على ذلك, فالعبرة بالمقصد.
▫️مدون بتصرف يسير من مجالس الأسئلة العلمية في قناة التلغرام للشيخ عبدالعزيز بن داخل المطيري