● س: زوج لا يرى في زوجته إلا عيوبها، وحاولت إصلاح نفسها بشتى الطرق كي تعجب زوجها؛ ولكن الأمور خارج إرادتها، وقد يئست من إصلاح هذه المعاشرة، وهي لا تشعر معه بالأمان والاستقرار، فهل إذا طلبت الطلاق تقع تحت طائلة الحديث الذي ينهى المرأة أن تطلب الطلاق، ولا يكون عليها إثم؟
● ج: الواجب على الأزواج جميعًا معاشرة زوجاتهم بالمعروف؛ لقول الله عز وجل: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (سورة النساء:19)، وقوله سبحانه: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} (سورة البقرة:228)، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((استوصوا بالنساء خيرًا)) متفق عليه.والأدلة كثيرة في ذلك، فإذا لم يقم الزوج بذلك وأساء العشرة بمثل ما ذكرت السائلة فلها طلب الطلاق، وهي معذورة في ذلك. وفق الله الجميع
❒ مجموع(21/230) للعلامة ابن باز
-من هو الزوج المطفف ؟
قال الشيخ ابن_عثيمين - رحمه الله تعالى - :
في تفسير سورة المطففين :
الزوج يريد من زوجته أن تعطيه حقه كاملاً وألا تتهاون في شيء من حقه، لكنه عند أداء حقها يتهاون ولا يعطيها الذي لها، وما أكثر ما تشكو النساء من هذا الطراز من الأزواج والعياذ بالله؛
حيث إن كثيراً من النساء يريد منها الزوج أن تقوم بحقه كاملاً، لكنه لا يعطيها حقها كاملاً، وربما ينقص أكثر حقها من النفقة والعشرة بالمعروف وغير ذلك.
والغريب أن هذا يقع كثيراً من الناس الذين ظاهرهم الالتزام،
حتى إن بعض النساء تشير أنها ما اختارت هذا الزوج إلا لِمَا له من السمعة الحسنة والالتزام
فإذا به ينقلب ويكون أسوأ حالاً بالنسبة لزوجته من أهل الفسق!
فلا أدري عن هؤلاء الذين ظاهرهم الالتزام! هل يظنون أن الالتزام أن يقوم الإنسان بعبادة الله فقط، ويضيع حقوق الناس؟!
إن ظلم الناس أشد من ظلم الإنسان نفسه بالتعدي على حق الله،
لأن ظلم الإنسان نفسه في حق الله تحت المشيئة، إذا كان دون الشرك غفر له إن شاء وإن شاء عاقبه عليه
لكن حق الآدميين ليس داخلاً تحت المشيئة؛ لا بد من أن يُوفَّى، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم :
(أتدرون من المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع!
قال : المفلس من يأتي يوم القيامة بحسنات كثيرة، فيأتي وقد ظلم هذا وشتم هذا وضرب هذا، وأخذ مال هذا، فيأخذ هذا من حسناته، وهذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن بقي من حسناته شيء وإلا أخذ من سيئاتهم فطرح عليه ثم طرح في النار).
فنصيحتي لهؤلاء الذين يفرطون في حقوق أزواجهم سواءً كانوا من الملتزمين أو من غيرهم أن يتقوا الله عز وجل، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى بذلك في أكبر مجمع شهده العالم الإسلامي في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم في يوم عرفة في حجة الوداع،
قال: (اتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله)
فأمرنا أن نتقي الله عز وجل في النساء
وقال صلى الله عليه وسلم : (استوصوا بالنساء خيراً فإنهن عوان عندكم) أي : بمنـزلة الأسرى؛ لأن الأسير إن شاء فكه الذي أسره وإن شاء أبقاه، والمرأة عند زوجها كذلك؛ إن شاء طلقها وإن شاء أبقاها، فهي بمنزلة الأسير عنده، فليتق الله فيها!)
ثم قال -رحمه الله - :
الزوج مع زوجته إنه إذا أراد منها أن تقوم بحقه كاملاً وهو يبخس حقها نقول إنه «مطفف» ...
ونقول له تذكر قول الله تعالى : { ويل للمطففين، الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون، وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون } ..
وهنا يقول عز وجل : { ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون، ليومٍ عظيم، يوم يقوم الناس لرب العالمين } ..
[ تفسير جزء عم للشيخ محمد بن صالح العثيمين ]