المحراب @ya44ya44ya Channel on Telegram

المحراب

@ya44ya44ya


مختارات من كتب السلف📚

المحراب (Arabic)

يسرنا أن نقدم لكم قناة "المحراب" بواسطة المستخدم @ya44ya44ya. هذه القناة تهدف إلى نشر مختارات من كتب السلف، وتقدم محتوى ثري ومفيد لكل من يبحث عن الحكمة والعلم. مع تنوع الكتب والمواضيع المطروحة، ستجد نفسك في رحلة ممتعة من التعلم والاستفادة. سواء كنت مهتمًا بالفقه، الحديث، التاريخ الإسلامي أو أي مجال آخر، فإن "المحراب" ستكون الوجهة المثالية لك. انضم إلينا اليوم ولا تفوت فرصة الاستفادة من هذا الكنز الثقافي!

المحراب

04 Dec, 15:50


قال ابن القيم رحمه الله:
وسمعت شيخ الإسلام ابن تيميَّة ــ قدَّس الله روحه ــ يقول: وكان صبر يوسف عن مطاوعة امرأة العزيز عن شأنها أكملَ من صبره على إلقاء إخوته له في الجُبِّ وبيعه وتفريقهم بينه وبين أبيه، فإنَّ هذه أمورٌ جرت عليه بغير اختياره، لا كسب له فيها، ليس للعبد فيها حيلةٌ غير الصبر. وأمَّا صبره عن المعصية، فصبرُ اختيارٍ ورضًا ومحاربةٍ للنفس، ولا سيَّما مع الأسباب التي يقوى معها داعي المواقعة، فإنَّه كان شابًّا وداعية الشباب إليها قويَّةٌ، وعزبًا ليس له ما يعوِّضه ويبرِّد شهوته، وغريبًا والغريبُ لا يستحيي في بلد غربته ممَّا يستحيي منه بين أصحابه ومعارفه وأهله، ومملوكًا والمملوكُ أيضًا ليس وازعه كوازع الحرِّ؛ والمرأةُ جميلة وذات منصبٍ وهي سيِّدته، وقد غاب الرقيب، وهي الداعية له إلى نفسها والحريصة على ذلك أشدَّ الحرص، ومع ذلك توعَّدته إن لم يفعل بالسِّجن والصَّغار؛ ومع هذه الدواعي كلِّها صبر اختيارًا وإيثارًا لما عند الله. وأين هذا من صبره في الجبِّ على ما ليس من كسبه؟!
مدارج السالكين (٢/ ٤٥١-٤٥٢).

المحراب

04 Dec, 03:45


عَن أَبِي هُرَيرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَن المُلَامَسَةِ وَالمُنَابَذَةِ، أَمَّا المُلَامَسَةُ: فَأَن يَلمِسَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنهُمَا ثَوبَ صَاحِبِهِ بِغَيرِ تَأَمُّلٍ، وَالمُنَابَذَةُ: أَن يَنبِذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنهُمَا ثَوبَهُ إِلَى الآخَرِ، وَلَم يَنظُر وَاحِدٌ مِنهُمَا إِلَى ثَوبِ صَاحِبِهِ.
رواه أحمد (٢/ ٤٧٦)، والبخاري (٣٦٨)، ومسلم (١٥١١) (٢)، والترمذي (١٣١٠)، والنسائي (٧/ ٢٦٠)، وابن ماجه (٢١٦٩).

قال ابن عثيمين رحمه الله:
الملامسة مفاعلة، والمفاعلة تكون غالباً من طرفين، وهي مأخوذة من اللمس، مثل أن يقول البائع للمشتري: أي ثوب تلمسه فهو عليك بكذا، فلا يصح البيع؛ لأن المشتري قد يلمس ثوباً يساوي مائة أو يلمس ثوباً لا يساوي إلا عشرة ففيه جهل وغرر، وهو يشبه القمار بلا شك إن لم يكن منه.

وهناك معنى آخر للملامسة وهو أن يقول: أي ثوب تلمسه فهو عليك بعشرة، ولو كانت الثياب من نوع واحد وعلى تفصيل واحد،…

قوله: والمنابذة مأخوذة من النبذ وهو الطرح، مثل أن يقول المشتري للبائع: أي ثوب تنبذه علي فهو بعشرة، فالذي يختاره البائع في هذه الحال أقل ما يمكن، فيكون مجهولاً، وربما ينبذ إليه ثوباً يساوي عشرة ويظن أنه ينبذ إليه ثوباً يساوي مائة، والدليل على عدم الصحة عام وخاص:
أما العام فحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: نهى عن بيع الغرر، وهذا الحديث قاعدة عظيمة.
الشرح الممتع (٨/ ١٥٨-١٥٩).

المحراب

03 Dec, 03:40


عَن ابنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَن النَّجشِ...
رواه أحمد (٢/ ٦٣)، والبخاري (٢١٦٥)، ومسلم (١٥١٧)، وأبو داود (٣٤٣٦)، والنسائي (٧/ ٢٥٧)، وابن ماجه (٢١٧٩).

أصل النجش: الاستثارة والاستخراج. ومنه سُمي الصَّائد: ناجشًا لاستخراجه الصيد من مكانه.

قال ابن الأنبارى: النجش: أن يزيد الرجل فى ثمن السلعة، وهو لا يريد شراءها، ولكن ليسمعه غيره فيزيد بزيادته.

وأجمع العلماء أن الناجش عاص بفعله.
واختلفوا فى البيع إذا وقع على ذلك، فذهب أهل الظاهر إلى أن البيع فى النجش مفسوخ، لأنه طابق النهي ففسد، وقال مالك المشتري بالخيار،…

وقال أبو حنيفة وأصحابه والشافعى: البيع فى النجش لازم، ولا خيار للمبتاع فى ذلك، لأنه ليس بعيب في نفس البيع، وإنما هي خديعة في الثمن، وقد كان على المشترى أن يتحفظ ويحضر من يميز إن لم يكن ممن يميز،…
شرح البخاري لابن بطال (٢٧٠/٦)، المفهم (٣٦٧/٤).

المحراب

02 Dec, 13:01


قال الله تعالى:{وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ ۖ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي ۖ إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ} [ القصص: ٧].

قال ابن القيم رحمه الله:
فإنَّ فعلها هذا هو عين ثقتها بالله، إذ لولا كمال ثقتها بربِّها لما ألقت ولدها وفلذة كبدها في تيَّار الماء، تتلاعب به أمواجُه وجِرياتُه إلى حيث ينتهي أو يقف.
مدارج السالكين (٤٣٠/٢).

المحراب

02 Dec, 03:40


عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صلَّى فِي خَمِيصَةٍ لَهَا أَعْلَامٌ، فَنَظَرَ إِلَى أَعْلَامِهَا نَظْرَةً، فَلَمَّا انْصَرَفَ، قَالَ: "اذْهَبُوا بِخَمِيصَتِي هَذِهِ إِلَى أَبِي جَهْمٍ، وَأْتُونِي بِأَنْبِجَانِيَّةِ أَبِي جَهْمٍ؛ فَإِنَّهَا أَلْهَتْنِي آنِفًا عَنْ صَلَاتِي".
وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "كُنْتُ أَنْظُرُ إِلَى عَلَمِهَا وَأَنَا فِي الصَّلَاةِ، فَأَخَافُ أَنْ تَفْتِنَنِي
رواه البخاري (٣٧٧).

قال ابن بطال رحمه الله:
النظر فى الصلاة إلى الشىء إذا لم يقدح فى الركوع والسجود لا يفسد الصلاة، وإن كان مكروهًا كل ما يشغل المصلى عن صلاته ويلهيه عن الخشوع، فلما شغلته عليه السلام، عن بعض خشوعه تشاءم بها وردها.
شرح البخاري لابن بطال (٣٦/٢).

المحراب

01 Dec, 03:40


عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما: أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ الَّتِي فِي الْقُرْآنِ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا﴾. قَالَ فِي التَّوْرَاةِ: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا، وَحِرْزًا لِلْأُمِّيِّينَ، أَنْتَ عَبْدِي وَرَسُولِي، سَمَّيْتُكَ الْمُتَوَكِّلَ، لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غَلِيظٍ، وَلَا سَخَّابٍ بِالْأَسْوَاقِ، وَلَا يَدْفَعُ السَّيِّئَةَ بِالسَّيِّئَةِ، وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَصْفَحُ، وَلَنْ يَقْبِضَهُ اللَّهُ حَتَّى يُقِيمَ بِهِ الْمِلَّةَ الْعَوْجَاءَ، بِأَنْ يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَيَفْتَحَ بِهَا أَعْيُنًا عُمْيًا، وَآذَانًا صُمًّا، وَقُلُوبًا غُلْفًا.
رواه البخاري (٤٥٥٨).

قال ابن بطال رحمه الله:
وقوله: (سميتك المتوكل) لقناعته باليسير من الرزق، واعتماده على الله تعالى بالتوكل عليه فى الرزق والنصر، والصبر على انتظام الفرج، والأخذ بمحاسن الأخلاق.

وفى هذا الحديث ذم الأسواق وأهلها إذ كانوا بهذه الصفة المذمومة من الصخب واللغط والزيادة فى المديحة أو الذم لما يتبايعونه والأيمان الحانثة، وفى مثل هذا المعنى قال عليه السلام: (شر البقاع الأسواق) لما يغلب على أهلها من هذه الأحوال المذمومة.
شرح البخاري لابن بطال (٦/ ٢٥٤-٢٥٥).

المحراب

30 Nov, 03:40


عَنْ المُغِيرَةَ رضي الله عنه قال: إِنْ كانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَيَقُومُ لِيُصَلِّيَ حَتَّى تَرِمُ قَدَماهُ -أَوْ: ساقاهُ- فَيُقالُ لَهُ، فَيَقُولُ: «أَفَلا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا؟!».
رواه البخاري (١١٣٠).

قال المهلب رحمه الله:
فيه أخذ الإنسان على نفسه بالشدة فى العبادة، وإن أضر ذلك ببدنه، وذلك له حلال، وله أن يأخذ بالرخصة ويكلف نفسه ما عفت له به وسمحت، إلا أن الأخذ بالشدة أفضل، ألا ترى قوله صلى الله عليه وسلم : (أفلا أكون عبدا شكورا)، فكيف من لم يعلم أنه استحق النار أم لا؟ فمن وفق للأخذ بالشدة فله في النبي صلى الله عليه وسلم، أفضل الأسوة.

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله:
والفاء في قوله: أفلا أكون؛ للسببية، وهي عن محذوف تقديره: أأترك تهجدي، فلا أكون عبدا شكورا، والمعنى أن المغفرة سبب لكون التهجد شكرا، فكيف أتركه؟…
ومحل ذلك ما إذا لم يفض إلى الملال؛ لأن حال النبي صلى الله عليه وسلم كانت أكمل الأحوال، فكان لا يمل من عبادة ربه، وإن أضر ذلك ببدنه، بل صح أنه قال: وجعلت قرة عيني في الصلاة، كما أخرجه النسائي من حديث أنس، فأما غيره صلى الله عليه وسلم فإذا خشي الملل لا ينبغي له أن يكره نفسه، وعليه يحمل قوله صلى الله عليه وسلم: خذوا من الأعمال ما تطيقون، فإن الله لا يمل حتى تملوا.
وقال القرطبي: ظن من سأله عن سبب تحمله المشقة في العبادة أنه إنما يعبد الله خوفا من الذنوب، وطلبا للمغفرة والرحمة، فمن تحقق أنه غفر له لا يحتاج إلى ذلك، فأفادهم أن هناك طريقا آخر للعبادة، وهو الشكر على المغفرة وإيصال النعمة لمن لا يستحق عليه فيها شيئا، فيتعين كثرة الشكر على ذلك، والشكر: الاعتراف بالنعمة، والقيام بالخدمة، فمن كثر ذلك منه سمي شكورا، ومن ثم قال سبحانه وتعالى: (وقليل من عبادي الشكور).

شرح البخاري لابن بطال (١٢١/٣)، فتح الباري (١٥/٣)، المفهم (١٣٩/٧).

المحراب

29 Nov, 03:40


عَن أَبِي هُرَيرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: إِذَا قُلتَ لِصَاحِبِكَ: أَنصِت، يَومَ الجُمُعَةِ، وَالإِمَامُ يَخطُبُ، فَقَد لَغَوتَ.
وَفِي رِوَايَةٍ: لَغَيتَ، وَهِيَ لُغَةُ أَبِي هُرَيرَةَ.
رواه أحمد (٢/ ٢٧٢ و ٣٩٦)، والبخاري (٩٣٤)، ومسلم (٨٥١) (١١ و ١٢)، وأبو داود (١١١٢)، والترمذي (٥١٢)، والنسائي (٣/ ١٠٣ - ١٠٤)، وابن ماجه (١١١٠).

قال ابن بطال رحمه الله:
وجماعة أئمة الفتوى على وجوب الإنصات للخطبة، …
شرح البخاري لابن بطال (٥١٨/٢).

المحراب

28 Nov, 16:30


قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
السؤال محرَّمٌ إلاّ عن الحاجة إليه، وظاهر مذهب أحمد -رحمه الله- أنه لو وجد ميتةً عند الضرورة ويُمكِنه السؤال جاز له أكلُ الميتةِ، ولو ماتَ ماتَ عاصيًا، ولو ترك السؤالَ فماتَ لم يَمُتْ عاصيًا.
والأحاديث في تحريم السؤال كثيرة جدًّا نحو بضعة عشر حديثًا في الصحاح والسنن، وفي سؤال الناس مفاسدُ الذّلّ والشرك بهم والإيذاء لهم، وفيها ظلم نفسه بالذل لغير الله عزّ وجل، وظلمٌ في حقّ ربّه بالشرك به، وظلمٌ للخلق بسؤالهم أموالَهم. قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لابن عباس: "إذا سالتَ فاسألِ الله، وإذا استعنتَ فاستعنْ بالله. أخرجه أحمد (١/ ٢٩٣، ٣٥٣، ٣٠٧) والترمذي (٢٥١٦).
جامع المسائل (٣٥٨/٤).

المحراب

28 Nov, 13:01


قال الله تعالى على لسان رسله وأنبيائه:{وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا ۚ وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَىٰ مَا آذَيْتُمُونَا ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ} [إبراهيم :١٢].

قال أبوعبدالله القرطبي رحمه الله:
ما" استفهام في موضع رفع بالابتداء، و" لنا" الخبر، وما بعدها في موضع الحال، التقدير: أي شي لنا في ترك التوكل على الله. (وَقَدْ هَدانا سُبُلَنا) أي الطريق الذي يوصل إلى رحمته، وينجي من سخطه ونقمته.
الجامع لأحكام القرآن (٣٤٨/٦).

وقال ابن الجوزي رحمه الله:
قوله تعالى: وَقَدْ هَدانا سُبُلَنا فيه قولان: أحدهما: بيَّن لنا رشدنا. والثاني: عرَّفنا طريق التوكل.
وإِنما نصّ هذا وأمثاله على نبيّنا صلى الله عليه وسلم ليقتديَ بمن قبله في الصبر وليعلم ما جرى لهم.
زاد المسير (٥٠٦/٢).

وقال ابن القيم رحمه الله:
فالعبد آفته إمَّا من عدم الهداية، وإمّا من عدم التّوكُّل، فإذا جمع التوكُّل إلى الهداية فقد جمع الإيمان كلَّه.
مدارج السالكين (٤٠٦/٢).

المحراب

28 Nov, 03:40


عَن عَبدِ اللَّهِ بنِ مَسعُودٍ قَالَ: كُنَّا نُسَلِّمُ عَلَى النبي - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ فِي الصَّلاةِ فَيَرُدُّ عَلَينَا، فَلَمَّا رَجَعنَا مِن عِندِ النَّجَاشِيِّ سَلَّمنَا عَلَيهِ فَلَم يَرُدَّ عَلَينَا، فَقُلنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! كُنَّا نُسَلِّمُ عَلَيكَ فِي الصَّلاةِ فَتَرُدُّ عَلَينَا، قَالَ: إِنَّ فِي الصَّلاةِ شُغلا.
رواه أحمد (١/ ٣٧٦)، والبخاري (١١٩٩)، ومسلم (٥٣٨)، وأبو داود (٩٢٣ و ٩٢٤)، والنسائي (٣/ ١٩).

قال أبوالعباس القرطبي رحمه الله:
وقول عبد الله بن مسعود: كنا نسلم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في الصلاة فيردّ علينا: هذا كان منه - صلى الله عليه وسلم - إِذْ كان الكلام مباحًا في الصلاة في أول الأمر، كما قال زيد بن أرقم، ثم لما نُسخ ذلك امتنع رد السلام نطقًا من المصلي،…
وهذا الحديث حجة على من أجاز للمصلي أن يرد السلام نطقًا،…
وقوله: إن في الصلاة شغلا: اكتفى بذكر الموصوف عن الصفة، فكأنه قال: شغلا كافيًا، أو مانعًا من الكلام وغيره. ويفهم منه التفرغ للصلاة من جميع الأشغال، ومن جميع المشوِّشات، والإقبال على الصلاة بظاهره وباطنه.
المفهم (٢/ ١٤٦-١٤٧).

المحراب

27 Nov, 16:31


قال أبوهلال العسكري:
الفرق بين الزَّيْغِ والَميْلِ، أن الزيغ مطلقا لا يكون إلا الميل عن الحقِّ، يقال:" فلانٌ من أهلِ الزَّيغ" ويقال أيضا:" زاغَ عن الحقِّ"، ولا أعرفُ "زاغ عن الباطل"، لأن الزَّيغ اسمٌ لميلٍ مكروهٍ، ولهذا قال أهل اللغة: "الفرغ زَيْغٌ في الرُّسْغِ".
والميل عامٌّ في المحبوبِ والمكروه.
الفروق اللغوية (٣٧٣).

المحراب

27 Nov, 12:30


قال ابن القيم رحمه الله:
فإنَّه لا يستقيم توكُّل العبد حتى يصحَّ له توحيده، بل حقيقة التّوكُّل توحيد القلب, فما دامت فيه علائق الشِّرك فتوكُّله معلول مدخول.
وعلى قدر تجريد التوحيد تكون صحَّة التوكُّل، فإنَّ العبد متى التفت إلى غير الله أخذ ذلك الالتفات شعبةً من شعب قلبه، فنقص من توكُّله على الله بقدر ذهاب تلك الشُّعبة، ومن هاهنا ظنَّ من ظنَّ أنَّ التوكُّل لا يصحُّ إلا برفض الأسباب. وهذا حق، لكن رفضها عن القلب أو عن الجوارح؟ فالتوكُّل لا يتمُّ إلا برفض الأسباب عن القلب وتعلُّق الجوارح بها، فيكون منقطعًا منها متصلًا بها.
مدارج السالكين (٢/ ٣٩٤-٣٩٥).

المحراب

27 Nov, 03:40


عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ قَالَ كُنَّا مَعَ بُرَيْدَةَ فِي غَزْوَةٍ فِي يَوْمٍ ذِي غَيْمٍ فَقَالَ بَكِّرُوا بِصَلَاةِ الْعَصْرِ فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «مَنْ تَرَكَ صَلَاةَ الْعَصْرِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ».
رواه البخاري (٥٢٨)

قال ابن حجر رحمه الله:
قوله (ذي غيم) قيل خص يوم الغيم بذلك؛ لأنه مظنة التأخير إما لمتنطع يحتاط لدخول الوقت فيبالغ في التأخير حتى يخرج الوقت، أو لمتشاغل بأمر آخر فيظن بقاء الوقت فيسترسل في شغله إلى أن يخرج الوقت.
فتح الباري (٣٢/٢).

المحراب

26 Nov, 16:31


قال أبوهلال العسكري:
الفرق بين الإحباط والتكفير، أن الإحباط هو إبطال عمل البرِّ من الحسنات بالسيئات، وقد حَبِطَ هو، ومنه قوله تعالى: (وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا) [هود:١٦]، وهو من قولك "حَبِطَ بَطْنُهُ" إذا فَسَدَ بالمأكل الرديء.

و"التكفيرُ" إبطالُ السيئاتِ بالحسناتِ وقال تعالى (كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ) [محمد : ٢].
الفروق اللغوية (٤١٥).

المحراب

26 Nov, 03:40


عَن أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: (اعتَدِلُوا فِي السُّجُودِ، وَلا يَبسُط أَحَدُكُم ذِرَاعَيهِ انبِسَاطَ الكَلبِ).
رواه أحمد (٣/ ١١٥ و ١٧٧)، والبخاري (٥٣٢)، ومسلم (٤٩٣)، وأبو داود (٨٩٧)، والترمذي (٢٧٦)، والنسائي (٢/ ٢١١ - ٢١٢)، وابن ماجه (٨٩٢).

قال شهاب الدين القَسْطَلّاني رحمه الله:
(اعتدلوا في السجود) بوضع الكفّين على الأرض ورفع المرفقين عنها وعن الجنبين والبطن عن الفخذ إذ هو أشبه بالتواضع، وأبلغ في تمكين الجبهة من الأرض، وأبعد من هيئات الكسالى.
إرشاد الساري (٤٨٥/١).

وقال ابن عثيمين رحمه الله:
أي: اجعلوه سجوداً معتدلاً، لا تهصرون فينزل البطنُ على الفخذ، والفخذ على السَّاق، ولا تمتدُّون أيضاً؛ كما يفعل بعضُ الناس إذا سجد يمتدُّ حتى يَقْرُبَ من الانبطاح، فهذا لا شَكَّ أنه من البدع، وليس بسُنَّة، فما ثَبَتَ عن النبيِّ عليه الصلاة والسلام، ولا عن الصَّحابةِ ـ فيما نعلم ـ أن الإنسان يمدُّ ظهره في السُّجود، إنما مدُّ الظهر في حال الرُّكوع. أما السجود فإنه يرتفع ببطنه ولا يمدُّه.
…لأن الإنسان لا ينبغي أن يتشبَّه بالحيوان، فإن الله لم يذكر تشبيه الإنسان بالحيوان إلا في مقام الذم كما قال تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا} [الجمعة: ٥]…

الشرح الممتع(١٢٢/٣)،(٢٣١/٣).

المحراب

25 Nov, 16:31


قال أبوهلال العسكري:
الفرق بين قولك أَبْطَلَ وبين قولك أَدْحَضَ.
أن أصْلَ الإبطالِ الإهلاكُ، ومنه سُمِّيَ الشجاعُ بطلاً لإهلاكه قَرْنِهِ.
وأصلُ الإدْحَاضِ الإزلالُ فقولك "أَبْطَلَهُ" يفيد أنه أهلكه، وقولكَ "أَدْحَضَهُ" يفيد أنه أزلَّهُ، ومنه "مكانٌ دحْضٌ" إذا لم تَثْبُتْ عليه الأقدامُ، وقد "دَحَضَ" إذا زَلَّ، ومنه قوله تعالى:(حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِندَ رَبِّهِمْ) [الشورى:١٦].
الفروق اللغوية (٤١٥).

المحراب

25 Nov, 13:00


قال الله تعالى: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [المائدة: ٢٣].
وقال: {وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [آل عمران: ١٢٢].
وقال: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق: ٣].
وقال عن أوليائه: { رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [الممتحنة: ٤].

قال ابن القيم رحمه الله:
فأولياؤه وخاصَّته متوكِّلون عليه في حصول ما يرضيه منهم وفي إقامته في الخَلْق، فيتوكلون عليه في الإيمان ونصرة دينه وإعلاء كلمته وجهاد أعدائه، وفي محابِّه وتنفيذ أوامره.

ودون هؤلاء من يتوكَّل عليه في استقامته في نفسه، وحفظ حاله مع الله، فارغًا من الناس.

ودون هؤلاء من يتوكَّل عليه في معلومٍ يناله منه من رزقٍ، أو عافيةٍ، أو نصرٍ على عدوٍّ، أو زوجةٍ أو ولدٍ، ونحو ذلك.

ودون هؤلاء من يتوكَّل عليه في حصول ما لا يحبه ويرضاه من الظلم والعُدوان…

فأفضل التوكل: التوكل في الواجب، أعني: واجب الحق، وواجب الخلق، وواجب النفس. وأوسعه وأنفعه: التوكل في التأثير في الخارج في مصلحة دينية، أو في دفع مفسدة دينية، وهو توكل الأنبياء في إقامة دين الله ودفع فساد المفسدين في الأرض، وهذا توكل ورثتهم. ثم الناس بعد في التوكل على حسب هممهم ومقاصدهم، فمن متوكل على الله في حصول الملك، ومتوكل في حصول رغيف.
مدارج السالكين (٢/ ٣٨٣-٣٨٤).

المحراب

25 Nov, 03:30


عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ، أَخِي عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ: دَخَلْتُ عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ بِدِمَشْقَ، وَهُوَ يَبْكِي، فَقُلْتُ: مَا يُبْكِيكَ؟ فَقَالَ: لَا أَعْرِفُ شَيْئًا مِمَّا أَدْرَكْتُ إِلَّا هَذِهِ الصَّلَاةَ، وَهَذِهِ الصَّلَاةُ قَدْ ضُيِّعَتْ.
رواه البخاري (٥٠٧).

قال الوزير ابن هبيرة رحمه الله:
الإشارة من أنس إلى مثل ما كان يفعل الحجاج من تأخير الصلاة.
الإفصاح (٢٧٢/٥).

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:
فقد صح أن الحجاج وأميره الوليد وغيرهما كانوا يؤخرون الصلاة عن وقتها، والآثار في ذلك مشهورة، منها ما رواه عبد الرزاق، عن ابن جريج عن عطاء قال: أخر الوليد الجمعة حتى أمسى فجئت فصليت الظهر قبل أن أجلس ثم صليت العصر وأنا جالس إيماء وهو يخطب.
قال ابن حجر: وإنما فعل ذلك عطاء خوفا على نفسه من القتل.
فتح الباري (١٤/٢).

المحراب

24 Nov, 03:30


عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى إِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ.
رواه البخاري (٥٠١)

قال ابن بطال رحمه الله:
وأما نصيحة العامة بعضهم لبعض، فواجب على البائع أن ينصح للمشترى فيما يبيعه، وعلى الوكيل والشريك والخازن أن ينصح لأخيه، ولا يحب له إلا ما يحب لنفسه. وروى ابن عجلان عن عون بن عبد الله، قال: كان جرير إذا أقام السلعة بَصَّرهُ عيوبها، ثم خيره، فقال: إن شئت فاشتر، وإن شئت فاترك، فقيل له: إذا فعلت هذا لم ينفذ لك بيع، فقال: إنا بايعنا رسول الله على النصح لكل مسلم.
شرح البخاري لابن بطال (١٣١/١).

المحراب

23 Nov, 03:31


عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَتَخَوَّلُنَا بِالْمَوْعِظَةِ فِي الْأَيَّامِ كَرَاهَةَ السَّآمَةِ عَلَيْنَا.
رواه البخاري (٦٨).

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:
قوله: (كان يتخولنا) بالخاء المعجمة وتشديد الواو، قال الخطابي: الخائل بالمعجمة هو القائم المتعهد للمال، يقال: خال المال يخوله تخولا إذا تعهده وأصلحه. والمعنى كان يراعي الأوقات في تذكيرنا، ولا يفعل ذلك كل يوم لئلا نمل.

ويستفاد من الحديث استحباب ترك المداومة في الجد في العمل الصالح خشية الملال، وإن كانت المواظبة مطلوبة لكنها على قسمين: إما كل يوم مع عدم التكلف. وإما يوما بعد يوم، فيكون يوم الترك لأجل الراحة ليقبل على الثاني بنشاط، وإما يوما في الجمعة، ويختلف باختلاف الأحوال والأشخاص، والضابط الحاجة مع مراعاة وجود النشاط.
فتح الباري (١/ ١٦٢-١٦٣).

المحراب

22 Nov, 16:35


قال الله تعالى: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَىٰ يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا) [النساء:١٤٢].

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
وهذا وعيد شديد لمن ينقر في صلاته فلا يتم ركوعه وسجوده بالاعتدال والطمأنينة.
كما هو من نعت المنافقين الذين قال الله فيهم {وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَىٰ}.
مجموع الفتاوى (٢٢/ ٥٣٧-٥٣٨). الاستقامة (٢٦٨/١).

المحراب

22 Nov, 03:31


عَنْ رِفَاعَةَ قَالَ: أَدْرَكَنِي أَبُو عَبْسٍ، وَأَنَا أَذْهَبُ إِلَى الْجُمُعَةِ، فَقَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (مَنِ اغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ).
رواه البخاري (٨٦٥).

المحراب

21 Nov, 03:30


عَن عَائِشَةَ زَوجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَت: مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ شَيئًا قَطُّ بِيَدِهِ، وَلَا امرَأَةً، وَلَا خَادِمًا، إِلَّا أَن يُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.
رواه أحمد (٦/ ٢٢٩)، ومسلم (٢٣٢٨) (٧٩)، وأبو داود (٤٧٨٦).

المحراب

20 Nov, 15:40


قال الله تعالى:{كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاَّ مَتاعُ الْغُرُورِ} [ آل عمران:١٨٥].

قال ابن الجوزي رحمه الله:
وفي ذكر الموت تهديد للمكذبين بالمصير، وتزهيد في الدنيا وتنبيه على اغتنام الأجل. وفي قوله تعالى: {وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ}. بشارة للمحسنين، وتهديد للمسيئين.

قوله تعالى: {وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ}. يريد أن العيش فيها يغر الإنسان بما يمنِّيه من طول البقاء، وسيقطع عن قريب. قال سعيد بن جبير: هي متاع الغرور لمن لم يشتغل بطلب الآخرة، فأما من يشتغل بطلب الآخرة، فهي له متاع بلاغ إلى ما هو خير منها.
زاد المسير (١/ ٣٥٥-٣٥٦).

وقال أبوعبدالله القرطبي رحمه الله:
قوله تعالى: (وإنما توفون أجوركم يوم القيامة) فأجر المؤمن ثواب، وأجر الكافر عقاب، ولم يعتد بالنعمة والبلية في الدنيا أجرا وجزاء، لأنها عَرْصَةُ الفناء.
الجامع لأحكام القرآن (٤٥٤/٥).

وقال أبوحيان الأندلسي رحمه الله:
{ وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ } لفظ التوفية يدل على التكميل يوم القيامة، فما قبله من كون القبر روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النار، هو بعض الأجور وما لم يدخل الجنة أو النار فهو غير موفى.
البحر المحيط (٤٦٠/٣).

المحراب

20 Nov, 03:30


عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: خَطَبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: (إِنَّ اللَّهَ خَيَّرَ عَبْدًا بَيْنَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ، فَاخْتَارَ مَا عِنْدَ اللَّهِ). فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: مَا يُبْكِي هَذَا الشَّيْخَ؟ إِنْ يَكُنِ اللَّهُ خَيَّرَ عَبْدًا بَيْنَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ، فَاخْتَارَ مَا عِنْدَ اللَّهِ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هُوَ الْعَبْدَ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ أَعْلَمَنَا، قَالَ: (يَا أَبَا بَكْرٍ لَا تَبْكِ، إِنَّ أَمَنَّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبُو بَكْرٍ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا مِنْ أُمَّتِي لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ، وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الْإِسْلَامِ وَمَوَدَّتُهُ، لَا يَبْقَيَنَّ فِي الْمَسْجِدِ بَابٌ إِلَّا سُدَّ، إِلَّا بَابُ أَبِي بَكْرٍ).
رواه البخاري (٤٥٤).

قال المهلب رحمه الله :…وفيه: [ أي: الحديث ] أنه لا يستحق أحد العلم حقيقة إلا من فهم، والحافظ لا يبلغ درجة الفهم، وإنما يقال للحافظ عالم بالنص لا بالمعنى والتأويل؛ ألا ترى أن أبا سعيد جعل لأبى بكر مزية بفهمه، أوجب له بها العلم حقيقة وإن كان قد أوجب العلم للجماعة .

وفيه: أن أبا بكر أعلم الصحابة؛ لأن أبا سعيد شهد له بذلك بحضرة جماعتهم، ولم ينكر ذلك عليه أحد،…

وفيه: الحض على اختيار ما عند الله والزهد فى الدنيا والإعلام بمن اختار ذلك من الصالحين.

وفيه: أن على السلطان شُكر من أحسن صحبته ومعونته بنفسه وماله، والاعتراف له بالمنة،…
وفيه: دليل أن الخليل فوق الصديق والأخ.
شرح ابن بطال (١١٥/٢).

المحراب

19 Nov, 16:10


قال ابن الجوزي رحمه الله:
للبلاء نهايات معلومة الوقت عند الله عز وجل، فلا بد للمبتلى من الصبر إلى أن ينقضي أوان البلاء، فإن تقلقل قبل الوقت، لم ينفع التقلقل، كما أن المادة إذا انحدرت إلى عضو، فإنها لن ترجع، فلا بد من الصبر إلى حين البطالة.
فاستعجال زوال البلاء مع تقدير مدته لا ينفع؛ فالواجب الصبر، وإن كان الدعاء مشروعا، ولا ينفع إلا به.

إلا أنه لا ينبغي للداعي أن يستعجل، بل يتعبد بالصبر والدعاء، والتسليم إلى الحكيم، ويقطع المواد التي كانت سببا للبلاء، فإن غالب البلاء أن يكون عقوبة. فأما المستعجل، فمزاحم للمدبر، وليس هذا مقام العبودية؛ وإنما المقام الأعلى هو الرضا، والصبر هو اللازم، والتلاجي بكثرة الدعاء نعم المعتمدة، والاعتراض حرام، والاستعجال مزاحمة للتدبير، فافهم هذه الأشياء، فإنها تهون البلاء.
صيد الخاطر (١٧٠).

تقلقل: ضعف ولم يصبر.
التلاجي: الالتجاء.

المحراب

19 Nov, 03:45


عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: أَنَّهَا اسْتَعَارَتْ مِنْ أَسْمَاءَ قِلَادَةً فَهَلَكَتْ، فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَاسًا مِنْ أَصْحَابِهِ فِي طَلَبِهَا، فَأَدْرَكَتْهُمُ الصَّلَاةُ فَصَلَّوْا بِغَيْرِ وُضُوءٍ، فَلَمَّا أَتَوْا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم شَكَوْا ذَلِكَ إِلَيْهِ، فَنَزَلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ، فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ: جَزَاكِ اللَّهُ خَيْرًا، فَوَاللَّهِ مَا نَزَلَ بِكِ أَمْرٌ قَطُّ، إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ لَكِ مِنْهُ مَخْرَجًا، وَجَعَلَ لِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ بَرَكَةً.
رواه البخاري (٣٥٦٢).

فهلكت: أي ضاعت.

دليل على وجوب الصلاة لفاقد الطهورين لأنهم صلوا معتقدين وجوب ذلك، ولو كانت الصلاة حينئذ ممنوعة لأنكر عليهم الشارع عليه الصلاة والسلام، وبهذا قال الشافعي وأحمد وجمهور المحدثين وأكثر أصحاب مالك، لكن اختلفوا في وجوب الإعادة فنص الشافعي في الجديد على وجوبها إذا وجد أحد الطهورين،…
إرشاد الساري للقسطلاني (٣٦٨/١).

المحراب

18 Nov, 17:20


عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ، كَمَا يَكْرَهُ أَنْ تُؤْتَى مَعْصِيَتُهُ).
رواه أحمد (٥٨٦٦، ٥٨٧٣)، وأخرجه أيضًا ابن خزيمة (٩٥٠، ٢٠٢٧) وابن حبان (٢٧٤٢)
وصححه محققو مسند أحمد ط الرسالة (١٧٨/١٠).

قال ابن القيم رحمه الله:
والرُّخصة أيسر من العزيمة. وهكذا كانت حاله في فطره في سفره، وجمعه بين الصلاتين، والاقتصار من الرُّباعية على شطرها، وغير ذلك. فنقول: الرُّخصة
نوعان:
أحدهما: الرُّخصة المستقرَّة المعلومة من الشَّرع نصًّا، كأكل الميتة والدم ولحم الخنزير عند الضرورة، وإن قيل لها عزيمةٌ باعتبار الأمر والوجوب فهي رخصةٌ باعتبار الإذن والتّوسعة.

وكفطر المريض والمسافر، وقصر الصلاة في السفر، وصلاةِ المريض إذا شقَّ عليه القيام قاعدًا، وفطرِ الحامل والمرضع خوفًا على ولديهما…
فإنَّ منها ما هو واجب كأكل الميتة عند الضرورة، ومنها ما هو راجحُ المصلحةِ كفطر الصائم المريض وقصر المسافر وفطره، ومنها ما مصلحته للمترخِّص وغيره، ففيه مصلحتان: قاصرة ومتعدِّية، كفطر الحامل والمرضع؛ ففعلُ هذه الرُّخص أرجح وأفضل من تركه.

النوع الثاني: رخص التأويلات واختلاف المذاهب، فهذه تتبُّعها حرام ينقص الرغبة، ويوهن الطلب، ويرجع بالمترخِّص إلى غثاثة الرُّخص؛ فإنَّ من ترخَّص بقول أهل مكَّة في الصَّرْف، وأهل العراق في الأشربة، وأهل المدينة في الأطعمة، وأصحاب الحِيَل في المعاملات، وقولِ ابن عبَّاسٍ في المتعة وإباحة لحوم الحمر، وقولِ من جوَّز نكاح البغايا المعروفاتِ بالبغاء …وقولِ من أباح آلات اللهو والمعازف من اليَراع والطُّنبور والعود والطبل والمزمار، وقولِ من أباح الغناء، … وأمثالِ ذلك من رخص المذاهب وأقوال العلماء المرجوحة فهذا الذي يَنقص ترخُّصُه رغبتَه، ويوهن طلبه، ويلقيه في غثاثة الرُّخص؛ فهذا لون والأوَّل لون.
مدارج السالكين (٢/ ٢٩٢-٢٩٤).

المحراب

18 Nov, 03:30


عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، رضي الله عنهما، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، صَلَّى نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، سِتَّةَ عَشَرَ أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُحِبُّ أَنْ يُوَجَّهَ إِلَى الْكَعْبَةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ﴾. فَتَوَجَّهَ نَحْوَ الْكَعْبَةِ. وَقَالَ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ، وَهُمْ الْيَهُودُ: ﴿مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾.
فَصَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ، ثُمَّ خَرَجَ بَعْدَمَا صَلَّى، فَمَرَّ عَلَى قَوْمٍ مِنْ الْأَنْصَارِ فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ، نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَقَالَ: هُوَ يَشْهَدُ: أَنَّهُ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَنَّهُ تَوَجَّهَ نَحْوَ الْكَعْبَةِ، فَتَحَرَّفَ الْقَوْمُ، حَتَّى تَوَجَّهُوا نَحْوَ الْكَعْبَةِ.
رواه البخاري (٣٩٠).


واستنبط من حديث الباب قبول خبر الواحد، وجواز النسخ، وأنه لا يثبت في حق المكلّف حتى يبلغه.
إرشاد الساري شرح القسطلاني (٤١٥/١).

المحراب

17 Nov, 03:31


عَنْ جَرِيرٍ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه قَالَ: مَا حَجَبَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مُنْذُ أَسْلَمْتُ، وَلَا رَآنِي إِلَّا تَبَسَّمَ فِي وَجْهِي. وَلَقَدْ شَكَوْتُ إِلَيْهِ إِنِّي لَا أَثْبُتُ عَلَى الْخَيْلِ، فَضَرَبَ بِيَدِهِ فِي صَدْرِي وَقَالَ: (اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ، وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا).
رواه البخاري (٢٨٧١).

المحراب

16 Nov, 03:30


عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ: أَنَّ أَبَا بَشِيرٍ الْأَنْصَارِيَّ رضي الله عنه أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ: وَالنَّاسُ فِي مَبِيتِهِمْ، فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَسُولًا: (أَنْ لَا يَبْقَيَنَّ فِي رَقَبَةِ بَعِيرٍ قِلَادَةٌ مِنْ وَتَرٍ - أَوْ قِلَادَةٌ - إِلَّا قُطِعَتْ).
رواه البخاري (٢٨٤٣)

قال ابن عثيمين رحمه الله:
الوتر: سلك من العصب يؤخذ من الشاة، وتتخذ للقوس وترا، ويستعملونها في أعناق إبلهم أو خيلهم، أو في أعناقهم، يزعمون أنه يمنع العين، وهذا من الشرك.

القلائد كانت تتخذ من الأوتار، ويعتقدون أن ذلك يدفع العين عن البعير، وهذا اعتقاد فاسد; لأنه تعلق بما ليس بسبب، وقد سبق أن التعلق بما ليس بسبب شرعي أو حسي شرك; لأنه بتعلقه أثبت للأشياء سببا لم يثبته الله لا بشرعه ولا بقدره، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن تقطع هذه القلائد. أما إذا كانت هذه القلادة من غير وتر، وإنما تستعمل للقيادة كالزمام; فهذا لا بأس به لعدم الاعتقاد الفاسد…
القول المفيد على كتاب التوحيد (١/ ١٧٩-١٨٨).

المحراب

15 Nov, 03:30


عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:
(إِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، وَقَفَتِ الْمَلَائِكَةُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ، يَكْتُبُونَ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ، وَمَثَلُ الْمُهَجِّرِ كَمَثَلِ الَّذِي يُهْدِي بَدَنَةً، ثُمَّ كَالَّذِي يُهْدِي بَقَرَةً، ثُمَّ كَبْشًا، ثُمَّ دَجَاجَةً، ثُمَّ بَيْضَةً، فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ طَوَوْا صُحُفَهُمْ، وَيَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ).
رواه البخاري (٨٨٧)

المهجر: المبكر إلى المسجد.
يهدي: يقرب إلى الله تعالى

المحراب

14 Nov, 15:01


عَنْ عَامِرِ بن سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَقْبَلَ ذَاتَ يَوْمٍ مِنَ الْعَالِيَةِ حَتَّى إِذَا مَرَّ بِمَسْجِدِ بَنِي مُعَاوِيَةَ دَخَلَ فَرَكَعَ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ، وَصَلَّيْنَا مَعَهُ وَدَعَا رَبَّهُ طَوِيلًا، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَيْنَا فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:( سَأَلْتُ رَبِّي ثَلَاثًا، فَأَعْطَانِي ثِنْتَيْنِ وَمَنَعَنِي وَاحِدَةً: سَأَلْتُ رَبِّي أَنْ لَا يُهْلِكَ أُمَّتِي بِالسَّنَةِ فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يُهْلِكَ أُمَّتِي بِالْغَرَقِ فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يَجْعَلَ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ فَمَنَعَنِيهَا).
رواه أحمد (١/ ١٧٥)، ومسلم (٢٨٩٠) (٢٠).

قال ابن القيم رحمه الله:
وقد سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ربَّه ثلاث خصالٍ لأمَّته، فأعطاه اثنتين ومنعه واحدةً، فرضي بما أعطاه ولم يعترض فيما منعه، بل رضي وسلَّم…

وأمَّا اعتراضه [ أي العبد ] إذا لم يحصل له مرجوُّه فهذا نقصٌ في العبودية وجهلٌ بحقِّ الرُّبوبيَّة، فإنَّ الراجي والداعي يرجو ويدعو فضلًا لا يستحقُّه ولا يستوجبه بمعاوضةٍ، فإن أُعطيه فمحض المنَّة والصدقة عليه، وإن منعه فلم يمنع حقًّا هو له، فاعتراضه رعونة وجهالة. ولا يلزم من فوات المرجوِّ وعدمِ حصول المدعوِّ به في حقِّ العبد الصَّادقِ معارضةٌ ولا اعتراض.
مدارج السالكين (٢٧٤/٢).

المحراب

14 Nov, 12:31


قال ابن القيم رحمه الله:
والذي يحسم مادَّة المبالاة بالناس شهودُ الحقيقة، وهو رؤية الأشياء كلِّها من الله، وبالله، وفي قبضته، وتحت قهره وسلطانه، لا يتحرَّك منها شيء إلا بحوله وقوَّته، ولا ينفع ولا يضرُّ إلَّا بإذنه ومشيئته؛ فما وجه المبالاة بالخلق بعد هذا الشُّهود؟
مدارج السالكين (٢٥٣/٢).

المحراب

14 Nov, 03:25


عَنْ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي الْوَحْدَةِ مَا أَعْلَمُ، مَا سَارَ رَاكِبٌ بِلَيْلٍ وَحْدَهُ).
رواه البخاري (٢٨٣٦).

في هذا الحديث ما يدل علي كراهية أن يسير الرجل بالليل وحده، وعلى هذا فأرى أن هؤلاء الذين يخرجون في السياحة منفردين، ويسمونها سياحة؛ فكل واحد منهم معرض نفسه للسباع وغير ذلك، وتارك للصلوات في الجماعة؛ ولنفع الناس بالتعليم إن كان من أهل التعليم، والانتفاع بالتعلم إن كان من أهل التعلم، وأن يحظى بعيادة المريض وشهود الجنائز وعمارة المساجد وغير ذلك؛ فإنه يفئت نفسه ذلك فلو عرف ما في سير الوحدة من فوات هذه الخيرات لم يفعله.
وقد جاء النهي عن السياحة عن أكابر أهل العلم إلا أن ذلك إذا اضطر إليه إنسان أو كان على حال لم يقصد فاعله فعله توخيا لسير الوحدة بل كما اضطره إليه امرؤ أو سوء رفقة فإنه يستغفر الله تعالى من مخالفة السنة في ذلك ويعمل بحكم الضرورة.

وفي الحديث تنبيه على خطأ جهلة المتزهدين في سياحاته بالليل ومشيهم في الظلمات على الوحدة.

الإفصاح (٢٢٩/٤)، كشف المشكل (٢/ ٥٨٠-٥٨١).

المحراب

13 Nov, 15:50


قال الله تعالى:(لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِياءُ سَنَكْتُبُ مَا قالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ) [آل عمران:١٨١].

عن العُرْسِ ابن عَمِيرَةَ الكِندي، عن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- قال: (إِذَا عُمِلَتِ الْخَطِيئَةُ فِي الْأَرْضِ كَانَ مَنْ شَهِدَهَا فَكَرِهَهَا وَقَالَ مَرَّةً: أَنْكَرَهَا كَانَ كَمَنْ غَابَ عَنْهَا، وَمَنْ غَابَ عَنْهَا فَرَضِيَهَا كَانَ كَمَنْ شَهِدَهَا) رواه أبوداود (٤٣٤٥).
قال الأرنؤوط: إسناده حسن.
سنن أبي داوود (٤٠١/٦).

قال الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله:
وقد ذكر المفسرون أن هذه الآية نزلت في قوم من اليهود، تكلموا بذلك، وذكروا منهم "فنحاص بن عازوراء" من رؤساء علماء اليهود في المدينة، وأنه لما سمع قول الله تعالى: {من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا} {وأقرضوا الله قرضا حسنا} قال: -على وجه التكبر والتجرهم- هذه المقالة قبحه الله، فذكرها الله عنهم،…
تفسير السعدي (١٥٩).

وقال ابن الجوزي رحمه الله:
قوله تعالى: وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِياءَ أي: ونكتب ذلك. فإن قيل: هذا القائل لم يقتل نبياً قط! فالجواب: أنه رضي بفعل متقدميه لذلك،…
زاد المسير (٣٥٤/١).

وقال أبوعبدالله القرطبي رحمه الله:
قوله تعالى: (وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ) أي ونكتب قتلهم الأنبياء، أي رضاهم بالقتل. والمراد قتل أسلافهم الأنبياء، لكن لما رضوا بذلك صحت الإضافة إليهم.
وَحَسَّنَ رجل عند الشعبي، قتل عثمان رضي الله عنه فقال له الشعبي: شَرِكْتَ في دمه. فجعل الرضا بالقتل قتلا، رضي الله عنه.
قلت:( أي: القرطبي) وهذه مسألة عظمى، حيث يكون الرضا بالمعصية معصية.
الجامع لأحكام القرآن (٤٤٣/٥).

المحراب

13 Nov, 12:31


قال ابن القيم رحمه الله:
والذي يحسم مادَّة الخوف هو التسليم لله، فإنَّ من سلَّم لله واستسلم له، وعلم أنَّ ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، وعلم أنَّه لن يصيبه إلَّا ما كتب الله له لم يبقَ لخوف المخلوقين في قلبه موضع أيضًا، فإنَّ نفسه التي يخاف عليها قد سلَّمها إلى وليِّها ومولاها، وعلم أنَّه لا يصيبها إلَّا ما كتب لها، وأنَّ ما كتب لها لا بدَّ أن يصيبها؛ فلا معنى للخوف من غير الله بوجهٍ.
وفي التسليم أيضًا فائدة لطيفة، وهي أنَّه إذا سلَّمها لله فقد أودعها عنده، وأحرزها في حرزه، وجعلها تحت كنفه، حيث لا تناله يدُ عادٍ ولا بغيُ باغ.
مدارج السالكين(٢/ ٢٥٢-٢٥٣).

المحراب

13 Nov, 03:25


عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: رَأَيْتُنِي مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَنَيْتُ بِيَدِي بَيْتًا يُكِنُّنِي مِنَ الْمَطَرِ، وَيُظِلُّنِي مِنَ الشَّمْسِ، مَا أَعَانَنِي عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ.

وفي رواية: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: وَاللَّهِ مَا وَضَعْتُ لَبِنَةً عَلَى لَبِنَةٍ، وَلَا غَرَسْتُ نَخْلَةً، مُنْذُ قُبِضَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم.
رواه البخاري (٥٩٤٣)،(٥٩٤٤).

في هذا الحديث ما يدل على جواز البناء، ويدل على أن المستحب الاقتصار منه على ما يكفي. ويدل على أنه قد كان في ابن عمر من التأني ما يعمل كلما يصلح للبيت.
وقوله: (ما وضعت لبنة على لبنة منذ قبض النبي - صلى الله عليه وسلم -) يدل على زهده واقتناعه بما كان يسكنه.
الإفصاح (٢٤٨/٤).

المحراب

12 Nov, 15:28


قال الله تعالى :(لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ ۖ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ ۚ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ) [الرعد: ١٤].

قال ابن الجوزي رحمه الله:
قوله تعالى: لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ فيه قولان: أحدهما: أنها كلمة التوحيد، وهي: لا إِله إِلا الله، قاله عليّ وابن عباس والجمهور، فالمعنى له من خَلقه الدعوة الحق، فأضيفت الدعوة إِلى الحق لاختلاف اللفظين.
والثاني: أن الله عزّ وجلّ هو الحق، فمن دعاه دعا الحق، قاله الحسن.
زاد المسير (٤٨٨/٢).

وقال الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله:
أي: لله وحده {دَعْوَةُ الْحَقِّ} وهي: عبادته وحده لا شريك له، وإخلاص دعاء العبادة ودعاء المسألة له تعالى، أي: هو الذي ينبغي أن يصرف له الدعاء، والخوف، والرجاء، والحب، والرغبة، والرهبة، والإنابة؛ لأن ألوهيته هي الحق، وألوهية غيره باطلة…
تفسير السعدي (٤١٥).

وقال ابن عطية رحمه الله:
ومعنى الكلام: والذين يدعوهم الكفار في حوائجهم ومنافعهم لا يجيبون بشيء. ثم مثل تعالى مثالا لإجابتهم بالذي يبسط كَفَّيْهِ نحو الماء ويشير إليه بالإقبال إلى فيه، فلا يبلغ فمه أبدا، فكذلك إجابة هؤلاء والانتفاع بهم لا يقع.
المحرر الوجيز (٣٠٥/٣).

وقال ابن القيم رحمه الله:
وأنه سبحانه صاحب دعوة الحقِّ لذاته وصفاته. وإن لم يوجب لداعيه بها ثوابًا، فإنَّه يستحقُّها لذاته، فهو أهلٌ أن يُعبد وحده، ويُدعى وحده، ويُقصد ويُشكر ويُحمد، ويُحبَّ ويُرجى ويُخاف، ويُتوكَّل عليه، ويستعان به، ويستجار به، ويلجأ إليه، ويصمد إليه، فتكون الدعوة الإلهيَّة الحقُّ له وحده.
مدارج السالكين (٢٥١/٢).

المحراب

12 Nov, 12:25


قال ابن القيم رحمه الله:
الذي يحسم مادَّة رجاء المخلوقين من قلبك هو الرِّضا بحكم الله عزَّ وجلَّ وقَسْمُه لك، ومن رضي بحكم الله وقسمه لم يبقَ لرجاء الخلق في قلبه موضع.
مدارج السالكين (٢٥٢/٢).

المحراب

12 Nov, 03:30


قال الله تعالى:(الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ ۚ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ) [آل عمران:١٧٢].

عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: قَالَتْ لِعُرْوَةَ: يَا ابْنَ أُخْتِي، كَانَ أَبَوَاكَ مِنْهُمْ: الزُّبَيْرُ وَأَبُو بَكْرٍ، لَمَّا أَصَابَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا أَصَابَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَانْصَرَفَ عَنْهُ الْمُشْرِكُونَ، خَافَ أَنْ يَرْجِعُوا، قَالَ: (مَنْ يَذْهَبُ فِي إِثْرِهِمْ). فَانْتَدَبَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ رَجُلًا، قَالَ: كَانَ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَالزُّبَيْرُ.
وفي رواية: عَن عُروَةَ بن الزبير قَالَت لِي عَائِشَةُ: كَانَ أَبوكَ مِنَ الَّذِينَ استَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِن بَعدِ مَا أَصَابَهُم القَرحُ.
رواه البخاريُّ (٤٠٧٧)، ومسلم (٢٤١٨) (٥٢).

الْقَرْحُ : الْجِرَاحُ.
وقال الراغب: الْقَرْحُ بالفتح أثر الجراحة وبالضم أثرها من داخل.
وقال غيره: القَرحُ، بالفتح: الجَرح، وبالضمِّ: ألمُ الجراح.
فتح الباري (٢٢٨/٨)، المفهم (٣١٤/١)،(٢٩١/٦).

المحراب

11 Nov, 16:00


قال الله تعالى:(الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ * الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ)
[آل عمران:١٧٢-١٧٤].

قال الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله:
لما رجع النبي صلى الله عليه وسلم من "أحد" إلى المدينة، وسمع أن أبا سفيان ومن معه من المشركين قد هموا بالرجوع إلى المدينة، ندب أصحابه إلى الخروج، فخرجوا -على ما بهم من الجراح- استجابة لله ولرسوله، وطاعة لله ولرسوله، فوصلوا إلى "حمراء الأسد" وجاءهم من جاءهم وقال لهم: {إن الناس قد جمعوا لكم} وهموا باستئصالكم، تخويفا لهم وترهيبا، فلم يزدهم ذلك إلا إيمانا بالله واتكالا عليه.
تفسير السعدي (١٥٧/١).

وقال ابن الجوزي رحمه الله:
قوله تعالى: فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ الانقلاب: الرجوع. وفي النعمة، ثلاثة أقوال: أحدها: أنها الأجر، قاله مجاهد.
والثاني: العافية، قاله السدي.
والثالث: الإيمان والنصر، قاله الزجاج.
وفي الفضل، ثلاثة أقوال: أحدها: ربح التجارة، قاله مجاهد، والسدي، …
والثاني: أنهم أصابوا سرية بالصفراء، فرزقوا منها، قاله مقاتل. والثالث: أنه الثواب، ذكره الماوردي.
قوله تعالى: لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ قال ابن عباس: لم يؤذهم أحد.
زاد المسير (٤٤٩/١).

وقال أبو عبدالله القرطبي رحمه الله:
قال علماؤنا: لما فوضوا أمورهم إليه، واعتمدوا بقلوبهم عليه، أعطاهم من الجزاء أربعة معان: النعمة، والفضل، وصرف السوء، واتباع الرضا. فرضَّاهم عنه، ورضي عنهم.
الجامع لأحكام القرآن (٤٢٦/٥).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
فعقب هذا الجزاء والحكم لذلك الوصف والعمل بحرف الفاء وهي تفيد السبب فدل ذلك على أن ذلك التوكل هو سبب هذا الانقلاب بنعمة من الله وفضل وأن هذا الجزاء جزاء على ذلك العمل.

وفي الأثر: من سره أن يكون أقوى الناس فليتوكل على الله فلو كان التوكل لا يجلب منفعة ولا يدفع مضرة لم يكن المتوكل أقوى من غيره.
جامع الرسائل (٩٠/١).

المحراب

11 Nov, 12:59


قال ابن القيم رحمه الله:
(صون النفس)، وهو حفظها وحمايتها عما يشينها ويعيبها ويزري بها عند الله وملائكته وعباده المؤمنين وسائر خلقه، فإن من كرمت عليه نفسه وكبرت عنده صانها وحماها، وزكاها وعلَّاها، ووضعها في أعلى المحال، وزاحم بها أهل العزائم والكمالات…

…فإن كثيرا من المباح يكدر صفو الصيانة، ويذهب بهجتها، ويطفئ نورها، ويُخْلِق حسنها وبهجتها.

وقال لي يوما شيخ الإسلام ابن تيمية ــ قدس الله روحه ــ في شيء من المباح: هذا ينافي المراتب العالية وإن لم يكن تركه شرطا في النجاة. أو نحو هذا من الكلام.

فالعارف يترك كثيرا من المباح إبقاء على صيانته، ولا سيما إذا كان ذلك المباح برزخا بين الحلال والحرام،…
مدارج السالكين (٢/ ٢٤١-٢٤٤).

المحراب

11 Nov, 03:25


عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ قَالَ: فَرَضَ الله الصَّلاةَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُم فِي الحَضَرِ أَربَعًا وَفِي السَّفَرِ رَكعَتَينِ، وَفِي الخَوفِ رَكعَةً.
رواه أحمد (١/ ٢٣٢)، ومسلم (٦٨٧) (٥)، وأبو داود (١٢٤٧)، والنسائي (٣/ ١١٨ - ١١٩)، وابن ماجه (١٠٧٢).

المحراب

10 Nov, 03:25


عَن سَهلِ بنِ سَعدٍ السَّاعِدِيِّ، قَالَ: كَانَ بَينَ مُصَلَّى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَبَينَ الجِدَارِ مَمَرُّ الشَّاةِ.
رواه البخاري (٤٩٦)، ومسلم (٥٠٨)، وأبو داود (٦٩٦).

قال البغوي: استحب أهل العلم الدنو من السترة بحيث يكون بينه وبينها قدر إمكان السجود، وكذلك بين الصفوف. وقد ورد الأمر بالدنو منها، وفيه بيان الحكمة في ذلك، وهو ما رواه أبو داود وغيره من حديث سهل بن أبي حثمة مرفوعا: إذا صلى أحدكم إلى سترة فليدن منها لا يقطع الشيطان عليه صلاته رواه أبو داود (٦٩٥).اهـ

…ولم يحد مالك في ذلك حدا، إلا أن ذلك بقدر ما يركع فيه ويسجد، ويتمكن من دفع من مر بين يديه.
فتح الباري (٥٧٥/١)، المفهم (١٠٧/٢).

المحراب

09 Nov, 15:32


قال ابن القيم رحمه الله:
الفساق يزدحمون على مواضع الرغبة في الدنيا، ولتلك المواقف كظيظ من الزحام، فالزاهد يأنف من مشاركتهم في تلك المواقف ويرفع نفسه عنها لخسة شركائه فيها، كما قيل لبعضهم: ما الذي زهدك في الدنيا؟ قال: قلة وفائها، وكثرة جفائها، وخسة شركائها.
مدارج السالكين (٢٢٩/٢).

المحراب

09 Nov, 03:25


عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: لَقَدْ تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَمَا فِي رَفِّي مِنْ شَيْءٍ يَأْكُلُهُ ذُو كَبِدٍ، إِلَّا شَطْرُ شَعِيرٍ فِي رَفٍّ لِي، فَأَكَلْتُ مِنْهُ، حَتَّى طَالَ عَلَيَّ، فَكِلْتُهُ فَفَنِيَ.
رواه البخاري (٦٠٨٦).

معنى حديث عائشة أنها كانت تخرج قوتها - وهو شيء يسير - بغير كيل فبورك لها فيه مع بركة النبي صلى الله عليه وسلم، فلما كالته علمت المدة التي يبلغ إليها عند انقضائها...

وقد وقع في حديث عائشة المذكور عند ابن حبان: فما زلنا نأكل منه حتى كالته الجارية فلم نلبث أن فني، ولو لم تكله لرجوت أن يبقى أكثر وقال المحب الطبري: لما أمرت عائشة بكيل الطعام ناظرة إلى مقتضى العادة غافلة عن طلب البركة في تلك الحالة ردت إلى مقتضى العادة .
فتح الباري (٣٤٦/٤).

المحراب

08 Nov, 03:25


عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(لَا يَغْتَسِلُ رَجُلٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَيَتَطَهَّرُ مَا اسْتَطَاعَ مِنْ طُهْرٍ، وَيَدَّهِنُ مِنْ دُهْنِهِ، أَوْ يَمَسُّ مِنْ طِيبِ بَيْتِهِ، ثُمَّ يَخْرُجُ فَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَ اثْنَيْنِ، ثُمَّ يُصَلِّي مَا كُتِبَ لَهُ، ثُمَّ يُنْصِتُ إِذَا تَكَلَّمَ الْإِمَامُ، إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى).
رواه البخاري (٨٤٣).

المحراب

07 Nov, 16:31


قال الله تعالى:(مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُن لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا ۖ وَمَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُن لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتًا) [النساء:٨٥].

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
والشافع الذي يعين غيره فيصير معه شفعا بعد أن كان وترا؛ ولهذا فسرت " الشفاعة الحسنة " بإعانة المؤمنين على الجهاد و " الشفاعة السيئة " بإعانة الكفار على قتال المؤمنين كما ذكر ذلك ابن جرير وأبو سليمان. وفسرت " الشفاعة الحسنة " بشفاعة الإنسان للإنسان ليجتلب له نفعا أو يخلصه من بلاء كما قال الحسن ومجاهد وقتادة وابن زيد؛…

والشفيع: المعين، فكل من أعان شخصا على أمر فقد شفعه فيه، فلا يجوز أن يعان أحد: لا ولي أمر ولا غيره على ما حرمه الله ورسوله، وأما إذا كان للرجل ذنوب، وقد فعل برا، فهذا إذا أعين على البر، لم يكن هذا محرما، كما لو أراد مذنب أن يؤدي زكاته، أو يحج، أو يقضي ديونه، أو يرد بعض ما عنده من المظالم، أو يوصي على بناته - فهذا إذا أعين عليه فهو إعانة على بر وتقوى، ليس إعانة على إثم وعدوان، فكيف الأمور العامة؟
مجموع الفتاوى (٧/ ٦٤-٦٥)، منهاج السنة (١١٧/٦).

المحراب

07 Nov, 03:25


عَنْ مُعَاذُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّ ابْنَ أَبَانَ أَخْبَرَهُ قَالَ: أَتَيْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ بِطَهُورٍ وَهُوَ جَالِسٌ عَلَى الْمَقَاعِدِ، فَتَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يتوضأ وَهُوَ فِي هَذَا الْمَجْلِسِ، فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ قَالَ: (مَنْ تَوَضَّأَ مِثْلَ هَذَا الْوُضُوءِ، ثُمَّ أَتَى الْمَسْجِدَ، فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ جَلَسَ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ). قَالَ: وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (لَا تَغْتَرُّوا).
رواه البخاري (٦٠٦٩).

قوله (لا تغتروا)
ففهم عثمان رضى الله عنه من ذلك أن المؤمن ينبغى له ألا يتكل على عمله، ويستشعر الحذر والإشفاق بتجنب الاغترار، وقد قال غير مجاهد فى تفسير الغرور قال: هو أن يغتر بالله، فيعمل المعصية ويتمنى المغفرة.
شرح البخاري لابن بطال (١٥٨/١٠).

المحراب

06 Nov, 13:00


قال الله تعالى: {إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ وَأَخْبَتُوٓاْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ أُوْلَٰٓئِكَ أَصْحَٰبُ ٱلْجَنَّةِ ۖ هُمْ فِيهَا خَٰلِدُونَ} [هود: ٢٣].

وقال عز وجل {وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ} [الحج:٣٤]، ثم كشف عن معانيهم فقال:{ ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتۡ قُلُوبُهُمۡ وَٱلصَّٰبِرِينَ عَلَىٰ مَآ أَصَابَهُمۡ وَٱلۡمُقِيمِي ٱلصَّلَوٰةِ وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ} [الحج:٣٥].

قال الأزهري رحمه الله:
خبت: قال الليث: الْخَبْتُ عربيَّةٌ مَحْضَة، وجمعُه خُبُوتٌ وَهُوَ مَا اتَّسَع من بُطون الأرض.
وقال ابْن الأعرابيِّ: الْخَبْتُ مَا اطمأَنَّ من الأرض واتسع.
وقال العَدَوِيُّ: الْخَبْتُ: الخفيُّ المطمئنُّ…

قال: ومنه ((المُخْبِتُ)) من النَّاس.
أَخْبَتَ إِلَى ربه _ أَي: اطمأَنَّ إِلَيْهِ.
تهذيب اللغة (١٣٦/٧).

وقال الفراء رحمه الله:
وقوله: وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ
معناهُ: تَخْشَعوا لربِّهم وإلى ربِّهم. وربَّما جعلت العرب (إلى) فِي موضع اللام.
معاني القرآن للفراء (٩/٢).

وقال ابن الجوزي رحمه الله:
فإن قيل: لم أوثرت «إِلى» على اللام في قوله: وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ، والعادة جارية بأن يقال: أخبتوا لربهم؟ فالجواب: أن المعنى: وَجَّهوا خوفَهم وخشوعهم وإِخلاصهم إِلى ربهم، واطمأنوا إِلى ربهم….

وأخبتوا إلى ربهم فيه سبعة أقوال:
أحدها: خافوا ربهم،…
والثاني: أنابوا إلى ربهم،…
والثالث: ثابوا إلى ربهم،...
والرابع: اطمأنوا،…
والخامس: أخلصوا،...
والسادس: تخشعوا لربهم،…
والسابع: تواضعوا لربهم،...
زاد المسير (٣٦٧/٢).

وقال الإمام الطبري رحمه الله:
وهذه الأقوال متقاربة المعاني، وإن اختلفت ألفاظها، لأن الإنابة إلى الله من خوف الله، ومن الخشوع والتواضع لله بالطاعة، والطمأنينة إليه من الخشوع له، غير أن نفس "الإخبات"، عند العرب: الخشوع والتواضع.
تفسير الطبري (٢٩٠/١٥).

وقال ابن القيم رحمه الله:
متى استقرت قدم العبد في منزلة الإخبات وتمكن فيها ارتفعت همته وعلت نفسه عن خطفات المدح والذم، فلا يفرح بمدح الناس ولا يحزن لذمهم. هذا وصف من خرج عن حظ نفسه وتأهل للفناء في عبودية ربه، وصار قلبه مطرحا لأشعة أنوار الأسماء والصفات، وباشر حلاوة الإيمان واليقين قلبه.

والوقوف عند مدح الناس وذمهم علامة انقطاع القلب وخلوه من الله تعالى، وأنه لم تباشره روح محبته ومعرفته، ولم يذق حلاوة التعلق به والطمأنينة إليه.

ثم قال رحمه الله : و( المخبت ) وإن كان أعلى ممن دونه من الناقصين عن درجته، إلا أنه لاشتغاله بالله وامتلاء قلبه من محبته ومعرفته والإقبال عليه يشتغل عن ملاحظة حال غيره، وعن شهود النسبة بين حاله وأحوال الناس، ويرى اشتغاله بذلك والتفاته إليه نزولا عن مقامه وانحطاطا عن درجته ورجوعا على عقبه. فإن هجم عليه ذلك بغير استدعاء واختيار فليداوه بشهود المنة وخوف المكر وعدم علمه بالعاقبة التي يوافي عليها. والله المستعان.
مدارج السالكين (٢/ ٢١٣-٢١٧).

المحراب

29 Oct, 03:25


عن نافع قال حَدَّثَنِي ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَرَضَهُ يَوْمَ أُحُدٍ، وهو ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَلَمْ يُجِزْنِي، ثُمَّ عَرَضَنِي يَوْمَ الْخَنْدَقِ، وَأَنا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ، فَأَجَازَنِي. قالَ نَافِعٌ: فَقَدِمْتُ على عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وهو خَلِيفَةٌ، فَحَدَّثْتُهُ هَذا الْحَدِيثَ. فَقالَ: إِنَّ هَذا لَحَدٌّ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ، وَكَتَبَ إلى عُمَّالِهِ: أَنْ يَفْرِضُوا لِمَنْ بَلَغَ خَمْسَ عَشْرَةَ.
رواه البخاري (٢٦٦٤).


وأما اعتبار خمس عشرة سنة فى حد البلوغ إذا لم يحصل فيها احتلام ولا إنبات، فليس فى خبر ابن عمر ذكر البلوغ الذى به تعلق أحكام الشريعة، وإنما فيه ذكر الإجازة فى القتال، وهذا المعنى يتعلق بالقوة والجلد، …
شرح البخاري لابن بطال (٥١/٨).

المحراب

28 Oct, 13:30


قال الله تعالى:(الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا) [الكهف:٤٦].

قال ابن الجوزي رحمه الله:
قوله تعالى: الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا هذا ردٌّ على المشركين الذين كانوا يفتخرون بالأموال والأولاد، فأخبر الله تعالى أن ذلك مما يُتزيَّن به في الدنيا، لا مما ينفع في الآخرة.

قوله تعالى: وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ فيها خمسة أقوال : أحدها: أنها «سبحان الله، والحمد لله، ولا إِله إِلا الله، والله أكبر»…وسئل عثمان بن عفان عن الباقيات الصالحات، فقال هذه الكلمات، وزاد فيها:
«ولا حول ولا قوة إلا بالله» .
والثاني: أنها «لا إِله إِلا الله، والله أكبر، والحمد لله ولا قوة إِلا بالله»…
والثالث: الصلوات الخمس،…
والرابع: الكلام الطيِّب،…
والخامس: هي جميع أعمال الحسنات،…

قوله تعالى: خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً أي: أفضل جزاءً وَخَيْرٌ أَمَلًا أي: خير مما تؤمِّلون، لأن آمالكم كواذب، وهذا أمل لا يكذب.
زاد المسير (٣/ ٨٧-٨٨).

وقال الإمام الطبري رحمه الله:
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب، قول من قال: هنّ جميع أعمال الخير، كالذي رُوي عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس، لأن ذلك كله من الصالحات التي تبقى لصاحبها في الآخرة، وعليها يجازى ويُثاب، وإن الله عزّ ذكره لم يخصص من قوله (وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا) بعضا دون بعض في كتاب، ولا بخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فإن ظنّ ظانّ أن ذلك مخصوص بالخبر الذي رويناه عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، فإن ذلك بخلاف ما ظن، وذلك أن الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما ورد بأن قول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، هنّ من الباقيات الصالحات، ولم يقل: هنّ جميع الباقيات الصالحات، ولا كلّ الباقيات الصالحات، وجائز أن تكون هذه باقيات صالحات، وغيرها من أعمال البرّ أيضا باقيات صالحات.
تفسير الطبري (١٨/ ٣٥-٣٦).

وقال ابن القيم رحمه الله:
والقرآن مملوء من التزهيد في الدنيا والإخبار بخستها وقلتها وانقطاعها وسرعة فنائها، والترغيب في الآخرة والإخبار بشرفها ودوامها وسرعة إقبالها.
فإذا أراد الله بعبد خيرا أقام في قلبه شاهدا يعاين به حقيقة الدنيا والآخرة، ويؤثر منهما ما هو أولى بالإيثار.
مدارج السالكين (٢١٩/٢).

المحراب

28 Oct, 04:12


عَنِ العَبَّاسِ بنِ عَبدِ المُطَّلِبِ؛ أَنَّهُ سَمِعَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ذَاقَ طَعمَ الإِيمَانِ مَن رَضِيَ بِاللهِ رَبًّا، وَبِالإِسلامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولاً.
رواه أحمد (١/ ٢٠٨)، ومسلم (٣٤)، والترمذي (٢٧٥٨).

المحراب

27 Oct, 03:20


عَن جَابِرِ بنِ عَبدِ اللهِ؛ قَالَ: سَمِعتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: لا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِن أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى الحَقِّ ظَاهِرِينَ إِلَى يَومِ القِيَامَةِ. قَالَ: فَيَنزِلُ عِيسَى ابنُ مَريَمَ - صلى الله عليه وسلم -، فَيَقُولُ أَمِيرُهُم: تَعَالَ صَلِّ لَنَا، فَيَقُولُ: لا، إِنَّ بَعضَكُم عَلَى بَعضٍ أُمَرَاءُ، تَكرِمَةَ اللهِ هَذِهِ الأُمَّةَ.
رواه مسلم (١٥٦).

قال ابن الجوزي: لو تقدم عيسى إماما لوقع في النفس إشكال ولقيل: أتراه تقدم نائبا أو مبتدئا شرعا، فصلى مأموما لئلا يتدنس بغبار الشبهة وجه قوله: لا نبي بعدي. وفي صلاة عيسى خلف رجل من هذه الأمة مع كونه في آخر الزمان وقرب قيام الساعة دلالة للصحيح من الأقوال أن الأرض لا تخلو عن قائم لله بحجة.
فتح الباري (٤٩٤/٦).

المحراب

26 Oct, 16:15


قال الله جل وعز: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلا رَسُولِهِ وَلا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } (التوبة: ١٦) .

قال أبو جعفر الطبري رحمه الله:
يقول: أحسبتم أن تتركوا بغير اختبار يعرف به أهل ولايته المجاهدين منكم في سبيله، من المضيِّعين أمر الله في ذلك المفرِّطين (ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله) ، يقول: ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم، والذين لم يتخذوا من دون الله ولا من دون رسوله ولا من دون المؤمنين وليجة… وإنما عنى بها في هذا الموضع: البطانة من المشركين. نهى الله المؤمنين أن يتخذوا من عدوهم من المشركين أولياء، يفشون إليهم أسرارهم.
(والله خبير بما تعملون) ، يقول: والله ذو خبرة بما تعملون، من اتخاذكم من دون الله ودون رسوله والمؤمنين به أولياءَ وبطانةً، بعد ما قد نهاكم عنه، لا يخفى ذلك عليه، ولا غيره من أعمالكم، والله مجازيكم على ذلك، إن خيرًا فخيرًا، وإن شرًّا فشرًّا.
تفسير الطبري (١٤/ ١٦٣-١٦٤).

وقال الأزهري رحمه الله:
وقال الليث: الولوج الدخول،…
وقال أبو عبيدة: الوليجة البطانة، وهي مأخوذة من وَلَج يَلِجُ وُلوجاً، إِذا دخل أي يتخذوا بينهم وبين الكافرين دخيلة مودة.
وأخبرني المنذري عن الغساني، عن أبي عبيدة، أنه قال: وليجة، كل شيء أدخلته في شيء ليس منه فهو وليجة، والرجل يكون في القوم وليس منهم فهو وليجة فيهم. يقول: فلا تتخذوا أولياء ليسوا من المسلمين دون الله ورسوله.
تهذيب اللغة (١٣١/١١).

وقال الفراء رحمه الله:
وقوله: وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً والوليجة: البطانة من المشركين يتخذونهم فيُفْشون إليهم أسرارهم، ويعلمونهم أمورهم. فنهوا عن ذلك.
معاني القرآن للفراء (٤٢٦/١).

وقال ابن الجوزي رحمه الله:
فأما الوليجة، فقال ابن قتيبة: هي البطانة من غير المسلمين، وهو أن يتخذ الرجل من المسلمين دخيلاً من المشركين وخليطاً ووادّاً وأصله من الولوج.
زاد المسير (٢٤٢/٢).

وقال أبو عبدالله القرطبي رحمه الله:
وَالْبِطَانَةُ: مصدر، يسمى به الواحد والجمع. وبطانة الرجل خاصته الذين يستبطنون أمره، وأصله من البطن الذي هو خلاف الظهر. وَبَطَنَ فُلَانٌ بِفُلَانٍ يَبْطُنُ بُطُونًا وَبِطَانَةً إذا كان خاصا به.
الجامع لأحكام القرآن (١٧٨/٤).

المحراب

26 Oct, 15:05


قال أبو عبدالله القرطبي رحمه الله:
وأجمع أهل العربية على أنه لا بد من الفاء في جواب" أَمَّا" لأن المعنى في قولك:" أَمَّا زيد فمنطلق، مهما يكن من شي فزيد منطلق".
الجامع لأحكام القرآن (٢٥٨/٥).

المحراب

26 Oct, 03:25


عَن عَبدِ اللهِ بنِ مَسعُودٍ؛ وَأَبِي هُرَيرَةَ؛ فِي تَفسير: وَلَقَد رَآهُ نَزلَةً أُخرَى: أنَّهُ جِبرِيلُ.
رواه مسلم (١٧٣) عن ابن مسعود، و (١٧٥) عن أبي هريرة.

وَعَنِ ابنِ عَبَّاسٍ: مَا كَذَبَ الفُؤَادُ مَا رَأَى، وَلَقَد رَآهُ نَزلَةً أُخرَى قَالَ: رَآهُ بِفُؤَادِهِ مَرَّتَينِ.
رواه مسلم (١٧٦)، والترمذي (٣٢٧٥) و (٣٢٧٦) و (٣٢٧٧).

المحراب

25 Oct, 16:20


قال ابن القيم رحمه الله:
وكذلك يشهد [ أي العبد ] أن ما زوي عنه من الدنيا أو ما لحقه منها من ضر وأذى فهو منَّةٌ أيضا من الله عليه من وجوه كثيرة يستخرجها الفكر الصحيح، كما قال بعض السلف: يا ابن آدم، لا تدري أي النعمتين عليك أفضل: نعمته عليك فيما أعطاك، أو نعمته فيما زوى عنك،…
فإن قلت: فهل يشهد منَّته فيما لحقه من المعصية والذنب؟ قلت: نعم، إذا اقترن بها التوبة النصوح والحسنات الماحية كانت من أعظم المنن عليه،…

المحراب

25 Oct, 14:10


قال الله تعالى:(لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ * كانُوا لاَ يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كانُوا يَفْعَلُونَ ) [المائدة:٧٨-٧٩].

قال أبوعبدالله القرطبي رحمه الله:
قوله تعالى:" كانوا لا يتناهون" أي لا ينهى بعضهم بعضا:" لبئس ما كانوا يفعلون" ذم لتركهم النهي، وكذا من بعدهم يذم من فعل فعلهم.
وفي الآية دليل على النهي عن مجالسة المجرمين وَأَمْرٍ بتركهم وهجرانهم.
الجامع لأحكام القرآن (٦/ ٢٥٣-٢٥٤).

وقال الشيخ السعدي رحمه الله:
أي: كانوا يفعلون المنكر، ولا ينهى بعضهم بعضا، فيشترك بذلك المباشر، وغيره الذي سكت عن النهي عن المنكر مع قدرته على ذلك.
وذلك يدل على تهاونهم بأمر الله، وأن معصيته خفيفة عليهم، فلو كان لديهم تعظيم لربهم لغاروا لمحارمه، ولغضبوا لغضبه، وإنما كان السكوت عن المنكر -مع القدرة- موجبا للعقوبة، لما فيه من المفاسد العظيمة:
منها: أن مجرد السكوت، فعل معصية، وإن لم يباشرها الساكت. فإنه -كما يجب اجتناب المعصية- فإنه يجب الإنكار على من فعل المعصية.
ومنها: ما تقدم أنه يدل على التهاون بالمعاصي، وقلة الاكتراث بها.
ومنها: أن ذلك يجرئ العصاة والفسقة على الإكثار من المعاصي إذا لم يردعوا عنها، فيزداد الشر، وتعظم المصيبة الدينية والدنيوية، ويكون لهم الشوكة والظهور، ثم بعد ذلك يضعف أهل الخير عن مقاومة أهل الشر، حتى لا يقدرون على ما كانوا يقدرون عليه أوَّلا.

ومنها: أن - في ترك الإنكار للمنكر- يندرس العلم، ويكثر الجهل، فإن المعصية- مع تكررها وصدورها من كثير من الأشخاص، وعدم إنكار أهل الدين والعلم لها - يظن أنها ليست بمعصية، وربما ظن الجاهل أنها عبادة مستحسنة، وأي مفسدة أعظم من اعتقاد ما حرَّم الله حلالا؟ وانقلاب الحقائق على النفوس ورؤية الباطل حقا؟

ومنها: أن السكوت على معصية العاصين، ربما تزينت المعصية في صدور الناس، واقتدى بعضهم ببعض، فالإنسان مولع بالاقتداء بأضرابه وبني جنسه،… ومنها ومنها …
تفسير السعدي (١/ ٤٣٩-٤٤٠).

وقال ابن عطية رحمه الله:
وقال حذاق أهل العلم: ليس من شروط الناهي أن يكون سليما من المعصية، بل ينهى العصاة بعضهم بعضا، وقال بعض الأصوليين فرض على الذين يتعاطون الكؤوس أن ينهى بعضهم بعضا. واستدل قائل هذه المقالة بهذه الآية، لأن قوله يَتَناهَوْنَ وفَعَلُوهُ يقتضي اشتراكهم في الفعل وذمهم على ترك التناهي.
المحرر الوجيز (٢٢٤/٢).

المحراب

25 Oct, 03:20


عَن عَلقَمَةَ بنِ وَائِلٍ، عَن أَبِيهِ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِن حَضرَمَوتَ وَرَجُلٌ مِن كِندَةَ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ الحَضرَمِيُّ: يَا رسولَ الله، إِنَّ هَذَا قَد غَلَبَنِي عَلَى أَرضٍ لِي كَانَت لِأَبِي، قَالَ الكِندِيُّ: هِيَ أَرضي فِي يَدِي أَزرَعُهَا، لَيسَ لَهُ فِيهَا حَقٌّ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - لِلحَضرَمِيِّ: أَلَكَ بَيِّنَةٌ؟ قَال: لا، قَالَ: فَلَكَ يَمِينُهُ، قَالَ: يَا رسولَ الله، إِنَّ الرَّجُلَ فَاجِرٌ، لَا يُبَالِي عَلَى مَا حَلَفَ عَلَيهِ، وَلَيسَ يَتَوَرَّعُ مِن شَيءٍ، فَقَالَ: لَيسَ لَكَ مِنهُ إِلَاّ ذَلِكَ، فَانطَلَقَ لِيَحلِفَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا أَدبَرَ: أَمَا لَئِن حَلَفَ عَلَى مَالِهِ لِيَأكُلَهُ ظُلمًا، لَيَلقَيَنَّ اللهَ وهو عَنهُ مُعرِضٌ.
رواه مسلم (١٣٩)، وأبو داود (٣٢٤٥)، والترمذي (١٣٤٠).

المحراب

24 Oct, 03:20


عَن جُندَبٍ، عَن رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: إِنَّ رَجُلاً مِمَّن كَانَ قَبلَكُم خَرَجَت بِوَجهِهِ قُرحَةٌ، فَلَمَّا آذَتهُ، انتَزَعَ سَهمًا مِن كِنَانَتِهِ، فَنَكَأَهَا، فَلَم يَرقَأِ الدَّمُ حَتَّى مَاتَ، قَالَ رَبُّكُم: قَد حَرَّمتُ عَلَيهِ الجَنَّةَ.
رواه البخاري (١٣٦٤)، ومسلم (١١٣).

المحراب

23 Oct, 17:10


عَن أَبِي سَعِيدٍ الخُدرِيِّ قال سَمِعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: مَن رَأَى مِنكُم مُنكَرًا فَليُغَيِّرهُ بِيَدِهِ، فَإِن لَم يَستَطِع فَبِلِسَانِهِ، فَإِن لَم يَستَطِع فَبِقَلبِهِ، وَذَلِكَ أَضعَفُ الإِيمَانِ.
رواه أحمد (٣/ ١٠ و ٢٠ و ٤٩ و ٥٤ و ٩٢)، ومسلم (٤٩)، وأبو داود (١١٤٠)، والترمذي (٢١٧٣)، والنسائي (٨/ ١١١)، وابن ماجه (٤٠١٣).

قال ابن عبد البر رحمه الله:
فقد أجمع المسلمون أن المنكر واجب تغييره على كل من قدر عليه، وإنه إذا لم يلحقه في تغييره إلا اللوم الذي لا يتعدى إلى الأذى، فإن ذلك لا يجب أن يمنعه من تغييره بيده، فإن لم يقدر فبلسانه، فإن لم يقدر فبقلبه، ليس عليه أكثر من ذلك، وإذا أنكره بقلبه فقد أدى ما عليه إذا لم يستطع سوى ذلك، والأحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في تأكيد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كثيرة جدا، ولكنها كلها مقيدة بالاستطاعة.
التمهيد (١٥/ ٢٢٦-٢٢٧).

وقال أبو العباس القرطبي رحمه الله:
هذا الأمر على الوجوب؛ لأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من واجبات الإيمان، ودعائم الإسلام، بالكتاب والسنة وإجماع الأمة،…
ولوجوبه شرطان:
أحدهما: العلم بكون ذلك الفعل منكرا أو معروفا.
والثاني: القدرة على التغيير.

فإذا كان كذلك، تعين التغيير باليد إن كان ذلك المنكر مما يحتاج في تغييره إليها، مثل: كسر أواني الخمر، … فإن لم يقدر بنفسه على ذلك، غير بالقول المرتجى نفعه، من لين أو إغلاظ؛ حسب ما يكون أنفع، وقد يبلغ بالرفق والسياسة ما لا يبلغ بالسيف والرياسة.

فإن خاف من القول القتل أو الأذى، غير بقلبه، ومعناه: أن يكره ذلك الفعل بقلبه، ويعزم على أن لو قدر على التغيير لغيره.
وهذه آخر خصلة من الخصال المتعينة على المؤمن في تغيير المنكر، وهي المعبر عنها في الحديث بأنها أضعف الإيمان، أي: خصال الإيمان، ولم يبق بعدها للمؤمن مرتبة أخرى في تغيير المنكر؛ ولذلك قال في الرواية الأخرى: ليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل،[ رواه مسلم (٢٢٠)] أي: لم يبق وراء هذه المرتبة رتبة أخرى، والإيمان في هذا الحديث بمعنى الإسلام.

وفيه دليل على أن من خاف على نفسه القتل أو الضرب سقط عنه التغيير، وهو مذهب المحققين سلفا وخلفا،…
المفهم (٢٣٤/١).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
فإذا قام المسلم بما يجب عليه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما قام بغيره من الواجبات لم يضره ضلال الضلال. وذلك يكون تارة بالقلب؛ وتارة باللسان؛ وتارة باليد. فأما القلب فيجب بكل حال؛ إذ لا ضرر في فعله ومن لم يفعله فليس هو بمؤمن كما قال النبي صلى الله عليه وسلم {وذلك أدنى - أو - أضعف الإيمان} وقال: {ليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل} .
مجموع الفتاوى (١٢٨/٢٨).

المحراب

23 Oct, 16:02


قال ابن مسعود - رضي الله عنه -: «الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل».
رواه البيهقي في السنن الكبير (١٠/ ٢٢٣) من طرق عن ابن مسعود موقوفا عليه.
قال ابن القيم في إغاثة اللهفان (١/ ٤٣٨ - ٤٣٩): هو صحيح عن ابن مسعود.

قال ابن القيم رحمه الله:
وهذا كلام عارف بأثر الغناء وثمرته، فإنه ما اعتاده أحد إلا ونافق قلبه وهو لا يشعر، ولو عرف حقيقة النفاق وغايته لأبصره في قلبه، فإنه ما اجتمع في قلب قط محبة الغناء ومحبة القرآن إلا وطردت إحداهما الأخرى. وقد شاهدنا نحن وغيرنا ثقل القرآن على أهل الغناء وسماعه، وتبرمهم به، وصياحهم بالقارئ إذا طول عليهم، وعدم انتفاع قلوبهم بما يقرؤه، فلا تتحرك ولا تطرب ولا يهيج منها بواعث الطلب، فإذا جاء قرآن الشيطان فلا إله إلا الله، كيف تخشع منهم الأصوات، وتهدأ الحركات، وتسكن القلوب وتطمئن، ويقع البكاء والوجد، والحركة الظاهرة والباطنة، والسماحة بالأثمان والثياب، وطيب السهر وتمني طول الليل! فإن لم يكن هذا نفاقا فهو آخيَّة النفاق وأساسه.
مدارج السالكين (١٤٩/٢).

المحراب

23 Oct, 03:20


عَن أَبِي مُوسَى قَالَ: خَرَجنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- فِي غَزَاةٍ وَنَحنُ سِتَّةُ نَفَرٍ، بَينَنَا بَعِيرٌ نَعتَقِبُهُ قَالَ: فَنَقِبَت أَقدَامُنَا، فَنَقِبَت قَدَمَايَ وَسَقَطَت أَظفَارِي، فَكُنَّا نَلُفُّ عَلَى أَرجُلِنَا الخِرَقَ، فَسُمِّيَت غَزاةَ ذَاتِ الرِّقَاعِ لِمَا كُنَّا نُعَصِّبُ عَلَى أَرجُلِنَا مِن الخِرَقِ.
وفي رواية: والله يجزي به، قال أبو بردة: فحدث أبو موسى بهذا الحديث، ثم كره ذاك، قال: كأنه كره أن يكون شيء من عمله أفشاه.
رواه البخاري (٤١٢٨)، ومسلم (١٨١٦).

ومعنى نقبت أقدامنا: أي تقرحت وتشققت.
وفي هذا الحديث ما يدل على ما كانوا عليه من شدة الصبر والجلد، وتحمل تلك الشدائد العظيمة، وإخلاصهم في أعمالهم، وكراهية إظهار أعمال البر، والتحدث بها إذا لم تدع إلى ذلك حاجة.

وفيه من الفقه:
ما يدل على أن المؤمن قد يتحدث في الحديث ثم يندم عليه لمعنى يخاف من التزكية لنفسه أو العجب أو غير ذلك؛ فيعود متداركا ما فرط منه، على أن هذا من أبي موسى كان يكون من طريق الاحتياط وإلا ففي ذكره ذلك ومثله عبادة لله عزوجل وتحريض للاقتداء به في مثله، وليحقر كل عامل عند ذكر الصحابة عمله؛ وليكون ذلك مصداق قوله تعالى:(كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ)[آل عمران :١١٠]، وقوله تعالى:(مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ)[الفتح:٢٩].

المفهم (٦٩٤/٣)، الإفصاح (٣٢٨/٢).

المحراب

22 Oct, 03:20


عَن جَابِرٍ قَالَ: جَاءَ عَبدٌ فَبَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ عَلَى الهِجرَةِ وَلَم يَشعُر أَنَّهُ عَبدٌ، فَجَاءَ سَيِّدُهُ يُرِيدُهُ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: بِعنِيهِ. فَاشتَرَاهُ بِعَبدَينِ أَسوَدَينِ، ثُمَّ لَم يُبَايِع أَحَدًا بَعدُ، حَتَّى يَسأَلَهُ: أَعَبدٌ هُوَ؟ .
رواه أحمد (٣/ ٣٤٩)، ومسلم (١٦٠٢)، وأبو داود (٣٣٥٨)، والترمذي (١٢٣٩)، والنسائي (٧/ ١٥٠).

و(قوله: فلم يبايع أحدًا بعد حتى يسأله: أعبد هو؟ ) يعني: أنه لما وقعت له هذه الواقعة أخذ بالحزم والحذر، فكان يسأل من يرتاب فيه. وفيه من الفقه: الأخذ بالأحوط.
المفهم (٥١٣/٤).

المحراب

21 Oct, 17:01


قال الله تعالى:{وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ} [ البقرة : ٢٠٧ ].

عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قالَ: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ } [الشعراء: ٢١٤] قالَ: «يا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ-أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا- اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ، لا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا،… ) رواه البخاري (٢٧٥٣).

قال ابن رجب رحمه الله:
وقد اشترى جماعة من السلف أنفسهم من الله عز وجل،…

قال الحسن: المؤمن في الدنيا كالأسير، يسعى في فكاك رقبته، لا يأمن شيئا حتى يلقى الله عز وجل. وقال: ابن آدم، إنك تغدو أو تروح في طلب الأرباح، فليكن همك نفسك، فإنك لن تربح مثلها أبدا.
قال أبو بكر بن عياش: قال لي رجل مرة وأنا شاب: خلص رقبتك ما استطعت في الدنيا من رق الآخرة، فإن أسير الآخرة غير مفكوك أبدا، قال: فوالله ما نسيتها بعد.

وكان بعض السلف يبكي، ويقول: ليس لي نفسان، إنما لي نفس واحدة، إذا ذهبت، لم أجد أخرى.

وقال محمد بن الحنفية: إن الله عز وجل جعل الجنة ثمنا لأنفسكم، فلا تبيعوها بغيرها
جامع العلوم والحكم (٣٠/٢).

المحراب

21 Oct, 03:15


عَن أَبِي مُوسَى قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَتَاهُ طَالِبُ حَاجَةٍ أَقبَلَ عَلَى جُلَسَائِهِ فَقَالَ: اشفَعُوا تُؤجَرُوا، وَليَقضِ اللَّهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ مَا أَحَبَّ.
رواه أحمد (٤/ ٤١٣)، والبخاريُّ (١٤٣٢)، ومسلم (٢٦٢٧)، وأبو داود (٥١٣١)، والترمذيُّ (٢٦٧٤)، والنسائي (٥/ ٧٨).

وهذه الشفاعة المذكورة في الحديث هي في الحوائج والرغبات للسلطان وذوي الأمر والجاه، كما شهد به صدر الحديث ومساقه، ولا يخفى ما فيها من الأجر والثواب، لأنها من باب صنائع المعروف وكشف الكرب ومعونة الضعيف؛ إذ ليس كل أحد يقدر على الوصول إلى السلطان وذوي الأمر،…

قال القاضي: ويدخل في عموم الحديث الشفاعة للمذنبين، فيما لا حد فيه عند السلطان وغيره، وله قبول الشفاعة فيه والعفو عنه إذا رأى ذلك كله، كما له العفو عن ذلك ابتداء. وهذا فيمن كانت منه الزلة والفلتة، وفي أهل الستر والعفاف. وأما المصرون على فسادهم، المستهترون في باطلهم، فلا تجوز الشفاعة لأمثالهم، ولا ترك السلطان عقوبتهم؛ ليزدجروا عن ذلك وليرتدع غيرهم بما يفعل بهم. وقد جاء الوعيد بالشفاعة في الحدود.
المفهم (٦٣٣/٦).

المحراب

20 Oct, 13:31


قال الله تعالى:{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [ آل عمران : ١٠٣ ].

قال ابن الجوزي رحمه الله:
قوله تعالى: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً قال الزجاج: اعتصموا: استمسكوا.
فأما الحبل، ففيه ستة أقوال: أحدها: أنه كتاب الله: القرآن. رواه شقيق عن ابن مسعود، وبه قال قتادة، والضحاك، والسدي.

والثاني: أنه الجماعة، رواه الشعبي عن ابن مسعود.

والثالث: أنه دين الله، قاله ابن عباس، وابن زيد، ومقاتل، وابن قتيبة. وقال ابن زيد: هو الإسلام.

والرابع: عهد الله، قاله مجاهد، وعطاء، وقتادة في رواية، وأبو عبيد، …
والخامس: أنه الإخلاص، قاله أبو العالية.

والسادس: أنه أمر الله وطاعته، قاله مقاتل بن حيان.
زاد المسير (٣١١/١).

وقال ابن القيم رحمه الله:
والاعتصامُ بحبل الله يوجب له الهداية واتِّباع الدليل…
ولهذا اختلفت عبارات السلف في الاعتصام بحبل الله بعد إشارتهم كلِّهم إلى هذا المعنى.
مدارج السالكين (٢/ ٩٩-١٠٠).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
قيل: حبل الله هو دين الإسلام وقيل: القرآن وقيل: عهده وقيل: طاعته وأمره وقيل جماعة المسلمين؛ وكل هذا حق.

…أمرهم بالاجتماع ونهاهم عن الافتراق فلو كان في حال الاجتماع قد يكونون مطيعين لله تارة وعاصين له أخرى لم يجز أن يأمر به إلا إذا كان اجتماعا على طاعة؛ والله أمر به مطلقا ; ولأنه لو كان كذلك لم يكن فرق بين الاجتماع والافتراق، لأن الافتراق إذا كان معه طاعة كان مأمورا به مثل أن يكون الناس نوعين نوع يطيع الله ورسوله ونوع يعصيه؛ فإنه يجب أن يكون مع المطيعين، وإن كان في ذلك فرقة، فلما أمرهم بالاجتماع دل على أنه مستلزم لطاعة الله.

…فلما نهاهم عن التفرق مطلقا دل ذلك على أنهم لا يجتمعون على باطل؛ إذ لو اجتمعوا على باطل لوجب اتباع الحق المتضمن لتفرقهم وبين أنه ألف بين قلوبهم فأصبحوا بنعمته إخوانا.
منهاج السنة (٣٤٩/٨)، مجموع الفتاوى (٤٠/٧)، (٩٢/٩١).

وقال أبو عبدالله القرطبي رحمه الله:
قوله تعالى:" (ولا تفرقوا) " يعني في دينكم كما افترقت اليهود والنصارى في أديانهم،…
… ويجوز أن يكون معناه ولا تفرقوا متابعين للهوى والأغراض المختلفة، وكونوا في دين الله إخوانا، فيكون ذلك منعا لهم عن التقاطع والتدابر،…

وليس فيه دليل على تحريم الاختلاف في الفروع، فإن ذلك ليس اختلافا إذ الاختلاف ما يتعذر معه الائتلاف والجمع، وأما حكم مسائل الاجتهاد فإن الاختلاف فيها بسبب استخراج الفرائض ودقائق معاني الشرع، وما زالت الصحابة يختلفون في أحكام الحوادث، وهم مع ذلك متآلفون … وإنما مَنَعَ اللَّهُ اختلافا هو سبب الفساد.
فأوجب تعالى علينا التمسك بكتابه وسنة نبيه والرجوع إليهما عند الاختلاف، وأمرنا بالاجتماع على الاعتصام بالكتاب والسنة اعتقادا وعملا، وذلك سبب اتفاق الكلمة وانتظام الشتات الذي يتم به مصالح الدنيا والدين، والسلامة من الاختلاف، وأمر بالاجتماع ونهى عن الافتراق الذي حصل لأهل الكتابين. هذا معنى الآية على التمام، وفيها دليل على صحة الإجماع حسبما هو مذكور في موضعه من أصول الفقه والله أعلم.
الجامع لأحكام القرآن (٥/ ٢٤١-٢٥١).

المحراب

20 Oct, 03:15


عَن عَبدِ اللَّهِ قَالَ: دَخَلَ النَّبِيُّ-صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- مَكَّةَ وَحَولَ الكَعبَةِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ نُصُبًا، وفي رواية: صنما، فَجَعَلَ يَطعُنُهَا بِعُودٍ كَانَ في يَدِهِ وَيَقُولُ: جَاءَ الحَقُّ وَزَهَقَ البَاطِلُ، إِنَّ البَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا، جَاءَ الحَقُّ، وَمَا يُبدِئُ البَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ.
رواه البخاري (٢٤٧٨)، ومسلم (١٧٨١)، والترمذي (٣١٣٧).

المحراب

19 Oct, 15:50


قال الله تعالى:{وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنتُمْ تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ ۗ وَمَن يَعْتَصِم بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}
[ آل عمران : ١٠١ ].

قال أبو عبدالله القرطبي رحمه الله:
قاله تعالى على جهة التعجب، أي: (وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنتُمْ تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ آيَاتُ) يعني القرآن. (وَفِيكُمْ رَسُولُهُ) محمد صلى الله عليه وسلم.
ويدخل في هذه الآية من لم ير النبي صلى الله عليه وسلم، لأن ما فيهم من سنته يقوم مقام رؤيته.
الجامع لأحكام القرآن (٥/ ٢٣٥-٢٣٦).

وقال الزجاج رحمه الله:
وجائز أن يقال فيكم رسوله والنبي شاهد، وجائز أن يقال لنا الآن فيكم رسول الله لأن آثاره وعلاماته والقرآن الذي أتى به فينا وهو من الآيات العظام.
معاني القرآن (٤٤٨/١).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
وقال تعالى: {وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنتُمْ تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ} ؟ . فيعلم أن آيات الله والرسول تمنع الكفر.
مجموع الفتاوى (٥/٢).

المحراب

19 Oct, 03:15


عَن أَبِي هُرَيرَةَ، عَن رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: (إِنَ اللهَ قَالَ لِي: أَنفِق أُنفِق عَلَيكَ).
وَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: (يَمِينُ اللهِ مَلأَى لا يَغِيضُهَا، سَحَّاءُ اللَّيلَ وَالنَّهَارَ، أَرَأَيتُم مَا أَنفَقَ مُنذُ خَلَقَ السَّمَاءَ وَالأَرضَ، فَإِنَّهُ لَم يَغِض مَا فِي يَمِينِهِ، قَالَ: وَعَرشُهُ عَلَى المَاءِ، وَبِيَدِهِ الأُخرَى القَبضَ، يَرفَعُ وَيَخفِضُ).
رواه أحمد (٢/ ٢٤٢ و ٥٠٠)، والبخاري (٤٦٨٤)، ومسلم (٩٩٣) (٣٦)، والترمذي (٣٠٤٥)، وابن ماجه (١٩٧).

والسح: الصبّ الكثير
ويغيضها: ينقصها.

المحراب

18 Oct, 16:00


قال الله تعالى:(وَٱعۡتَصِمُواْ بِٱللَّهِ هُوَ مَوۡلَىٰكُمۡۖ فَنِعۡمَ ٱلۡمَوۡلَىٰ وَنِعۡمَ ٱلنَّصِيرُ) [ الحج : ٧٨ ].

قال ابن القيم رحمه الله:
وأما الاعتصام به فهو التوكل عليه والامتناع به، والاحتماء به وسؤاله أن يحمي العبد ويمنعه، ويعصمه ويدفع عنه، فإن ثمرة الاعتصام به هو الدفع عن العبد، والله يدفع عن الذين آمنوا، فيدفع عن عبده المؤمن به إذا اعتصم به كل سبب يفضي إلى العطب ويحميه منه، فيدفع عنه الشبهات والشهوات، وكيد عدوه الباطن والظاهر، وشر نفسه، ويدفع عنه موجب أسباب الشر بعد انعقادها بحسب قوة الاعتصام به وتمكنه، فينعقد في حقه أسباب العطب فيدفع عنه موجباتها ومسبباتها، ويدفع عنه قدره بقدره، وإرادته بإرادته، ويعيذه به منه.
مدارج السالكين (١٠٣/٢).

المحراب

18 Oct, 15:02


قال الله تعالى:(مَن كَفَرَ بِاللَّهِ مِن بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَٰكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) [ النحل : ١٠٦ ].

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
من كفر من غير إكراه فقد شرح بالكفر صدرا وإلا ناقض أول الآية آخرها؛ ولو كان المراد بمن كفر هو الشارح صدره وذلك يكون بلا إكراه لم يستثن المكره فقط، بل كان يجب أن يستثنى المكره وغير المكره إذا لم يشرح صدره، وإذا تكلم بكلمة الكفر طوعا فقد شرح بها صدرا وهي كفر وقد دل على ذلك قوله تعالى {يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ * وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إيمَانِكُمْ إنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ} [ التوبة : ٦٤-٦٦].

فقد أخبر أنهم كفروا بعد إيمانهم مع قولهم: إنا تكلمنا بالكفر من غير اعتقاد له بل كنا نخوض ونلعب وبين أن الاستهزاء بآيات الله كفر ولا يكون هذا إلا ممن شرح صدره بهذا الكلام ولو كان الإيمان في قلبه منعه أن يتكلم بهذا الكلام والقرآن يبين أن إيمان القلب يستلزم العمل الظاهر بِحَسَبِهِ كقوله تعالى:{وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ * وَإِذَا دُعُوا إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ * وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إلَيْهِ مُذْعِنِينَ} إلَى قوله: {إنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إذَا دُعُوا إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [ النور : ٤٧-٥١ ].

فنفى الإيمان عمن تولى عن طاعة الرسول وأخبر أن المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم سمعوا وأطاعوا؛ فبين أن هذا من لوازم الإيمان.
مجموع الفتاوى (٧/ ٢٢٠-٢٢١).

المحراب

18 Oct, 03:15


عَن جَابِرِ بنِ سَمُرَةَ، قَالَ: كُنتُ أُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَكَانَت صَلاتُهُ قَصدًا، وَخُطبَتُهُ قَصدًا.
رواه مسلم (٨٦٦) (٤١)، وابن ماجه (١١٠٦).

وَعَن أَبي وَائِلٍ، قَالَ: خَطَبَنَا عَمَّارٌ، فَأَوجَزَ وَأَبلَغَ، فَلَمَّا نَزَلَ قُلنَا: يَا أَبَا اليَقظَانِ. لَقَد أَبلَغتَ وَأَوجَزتَ، فَلَو كُنتَ تَنَفَّستَ؟ ! فَقَالَ: إِنِّي سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: إِنَّ طُولَ صَلاةِ الرَّجُلِ، وَقِصَرَ خُطبَتِهِ مَئِنَّةٌ مِن فِقهِهِ، فَأَطِيلُوا الصَّلاةَ وَأقصِرُوا الخُطبَةَ، وَإِنَّ مِنَ البَيَانِ سِحرًا.
رواه أحمد (٤/ ٢٦٣)، ومسلم (٨٦٩)، وأبو داود (١١٠٦).

وقوله: كانت صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قصدًا وخطبته قصدًا؛ أي: متوسطة بين الطول والقصر، ومنه: القصد من الرجال، والقصد في المعيشة، والإكثار في الخطبة مكروه؛ للتشدُّق والإملال للتطويل…

وقوله: فأطيلوا الصلاة وأقصروا الخطبة: غير مخالف لقوله: كانت صلاته قصدًا وخطبته قصدًا؛ لأن كل واحد قصد في بابه، لكن الصلاة ينبغي أن تكون أطول من الخطبة، مع القصد في كل واحد منهما.
المفهم (٢/ ٥٠٣-٥٠٤).

المحراب

17 Oct, 15:31


(تعلق القلب بغير الله)

قال ابن القيم رحمه الله:
التعلق بغير الله. وهذا أعظم مفسداته [أي: القلب] على الإطلاق، فليس عليه أضر من ذلك، ولا أقطع له عن الله وأحجب له عن مصالحه وسعادته منه، فإنه إذا تعلق بغير الله وكله الله إلى من تعلق به، وخذله من جهة من تعلق به، وفاته تحصيل مقصوده من الله بتعلقه بغيره والتفاته إلى سواه، فلا على نصيبه من الله حصل، ولا إلى ما أمله ممن تعلق به وصل! قال تعالى: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا * كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا} [مريم: ٨١ - ٨٢]، وقال تعالى: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ * لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ} [يس: ٧٤ - ٧٥].

فأعظم الناس خذلانا من تعلق بغير الله، فإن ما فاته من مصالحه وسعادته وفلاحه أعظم مما حصل له ممن تعلق به، وهو معرض للزوال والفوات. ومثل المتعلق بغير الله كمثل المستظل من الحر والبرد ببيت العنكبوت أوهن البيوت.

وبالجملة فأساس الشرك وقاعدته التي بني عليها: التعلق بغير الله، ولصاحبه الذم والخذلان، كما قال تعالى: {لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا} [الإسراء: ٢٢] مذموما لا حامد لك، مخذولا لا ناصر لك، إذ قد يكون بعض الناس مقهورا محمودا كالذي قهر بباطل، وقد يكون مذموما منصورا كالذي قهر وتسلط بباطل، وقد يكون محمودا منصورا كالذي تمكن وملك بحق، والمشرك المتعلق بغير الله قسمه أردى الأقسام الأربعة، لا محمود ولا منصور!
مدارج السالكين (٢/ ٩٣-٩٤).

المحراب

17 Oct, 13:00


قال الله تعالى:{إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ} [آل عمران : ٩٦].

قال أبو عبدالله القرطبي رحمه الله:
و(بَكَّةَ) موضع البيت، ومكة سائر البلد، عن مالك بن أنس.

وقال محمد بن شهاب: بكة المسجد، ومكة الحرم كله، تدخل فيه البيوت.

قال مجاهد: بكة هي مكة. فالميم على هذا مبدلة من الباء؛ كما قالوا: طين لازب ولازم. وقاله الضحاك والمؤرج.

ثم قيل: بكة مشتقة من الْبَكِّ، وهو الازدحام، تباك القوم: ازدحموا. وسميت بكة لازدحام الناس في موضع طوافهم. وَالْبَكُّ دق العنق.

وقيل: سميت بذلك لأنها كانت تدق رقاب الجبابرة إذا ألحدوا فيها بظلم. قال عبد الله بن الزبير: لم يقصدها جبار قط بسوء إلا وقصه الله عز وجل.

وأما مكة فقيل: إنها سميت بذلك لقلة مائها وقيل: سميت بذلك لأنها تَمُكُّ المخ من العظم مما ينال قاصدها من المشقة من قولهم: مَكَكْتُ العظم: إذا أخرجت ما فيه، وَمَكَّ الفصيل ضرع أمه وَامْتَكَّهُ إذا امتص كل ما فيه من اللبن وشربه،…

وقيل: سميت بذلك لأنها تَمُكُّ من ظَلَمَ فيها، أي: تُهلكه وتُنقصه...
الجامع لأحكام القرآن (٥/ ٢٠٨-٢٠٩).

المحراب

17 Oct, 03:15


عَن عَمرِو بنِ العَاصِ أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا انكَسَفَتِ الشَّمسُ عَلَى عَهدِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - نُودِيَ أَن الصَّلاةَ جَامِعَة، فَرَكَعَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - رَكعَتَينِ فِي سَجدَةٍ، ثُمَّ قَامَ، ثُمَّ جُلِّيَ عَنِ الشَّمسِ. فَقَالَت عَائِشَةُ: مَا رَكَعتُ رُكُوعًا وَلا سَجَدتُ سُجُودًا قَطُّ، كَانَ أَطوَلَ مِنهُ.
رواه البخاري (١٠٥١)، ومسلم (٩١٠)، وأبو داود (١١٩٤)، والنسائي (٣/ ١٣٦ - ١٣٧).

المحراب

16 Oct, 16:36


قال الله تعالى:{فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ * وَإِلَىٰ رَبِّكَ فَارْغَب} [ الشرح : ٧-٨ ].

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
قيل: إذا فرغت من أشغال الدنيا فانصب في العبادة وإلى ربك فارغب. وهذا أشهر القولين.
وخرج شريح القاضي على قوم من الحاكة يوم عيد وهم يلعبون فقال: ما لكم تلعبون؟ قالوا: إنا تفرغنا قال: أوبهذا أمر الفارغ؟ وتلا قوله تعالى {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ * وَإِلَىٰ رَبِّكَ فَارْغَب} .

…فأمره أن تكون رغبته إلى الله وحده… وسؤال العبد لربه حاجته من أفضل العبادات؛ وهو طريق أنبياء الله وقد أمر العباد بسؤاله {وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِن فَضْلِهِ} [النساء:٣٢].
ولم يقل: ارغب إلى الأنبياء والملائكة…
مجموع الفتاوى (٥٣٨/٨)،(٤٩٥/٢٢)،(١٢٥/٢٧).

المحراب

16 Oct, 13:45


عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قالَ: كانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُعَوِّذُ الْحَسَنَ والْحُسَيْنَ، وَيَقُولُ: «إِنَّ أَباكُما كانَ يُعَوِّذُ بِها إِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ: أَعُوذُ بِكَلِماتِ اللَّهِ التَّامَّة، مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ وَهامَّة، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لامَّة»
رواه البخاري (٣٣٧١).

قال ابن الجوزي رحمه الله:
المراد بكلمات الله قولان: أحدهما: أنه كلامه على الإطلاق، ولا نقص فيه، إذا كلام المخلوقين لا يخلو من نقص يعاب به.

وقال الخطابي: تمامها: فضلها وبركتها، وأنه لا تخفق معها طلبة.

والثاني: أنها أقضِيته وَعِدَاتُهُ التي تتضمنها كلماته، كقوله تعالى: {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَىٰ عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ} [الأعراف: ١٣٧] فكلمته هي قوله: {وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ} [القصص: ٥] …

وفي الهامة قولان: أحدهما: أنها كل نسمة تهم بسوء، قاله ابن الأنباري.

والثاني: أنها واحدة الهوام، والهوام الحيات وكل ذي سم يقتل. فأما ماله سم إلا أنه لا يقتل فهي السوام، كالعقرب والزنبور. وأما ما يؤذي وليس بذي سم كالقنافذ والخنافس والفأر واليربوع فهي القوام. وقد تقع الهامة على كل ما يدب من الحيوان، ومنه قوله عليه السلام لكعب: " أيؤذيك هوام رأسك؟ " يعني القمل. رواه البخاري (١٧٢٠).

وقوله: " من كل عين لامة " … وقال أبو سليمان: اللامة: ذات اللمم، وهي كل داء وآفة تلم بالإنسان من جنون وخبل وغير ذلك.
كشف المشكل (٢/ ٤١٤-٤١٥).

قال الوزير ابن هبيرة رحمه الله:
في هذا الحديث من الفقه أن التعوذ بالقرآن يدفع الله به المكروه، وأن كلمات الله التامة، وهي القرآن لقوله عز وجل: {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا} [الأنعام:١١٥] …وقد روي عن أحمد بن حنبل رضي الله عنه أنه احتج بهذا الحديث على من قال بخلق القرآن، وقال: ما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستعيذ بمخلوق.
الإفصاح (٣/ ١٦٢-١٦٣).

المحراب

16 Oct, 12:30


( قصر الأمل )

قال ابن القيم رحمه الله:
فهو العلم بقرب الرحيل وسرعة انقضاء مدَّة الحياة، وهو من أنفع الأمور للقلب،…

ويكفي في قصر الأمل: {أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ * مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ} [الشعراء: ٢٠٥ - ٢٠٧]
مدارج السالكين (٢/ ٨١-٨٢).

المحراب

16 Oct, 03:15


عَن أَبِي مَسعُودٍ الأَنصَارِيُ، قَالَ: قَالَ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: إِنَّ الشَّمسَ وَالقَمَرَ لَيسَ يَنكَسِفَانِ لِمَوتِ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ، وَلَكِنَّهُمَا آيَتَانِ مِن آيَاتِ الله، فَإِذَا رَأَيتُمُوهُ فَقُومُوا فَصَلوا.

وَفِي رِوَايَةٍ: فَإِذَا رَأَيتُم مِنهَما شَيئًا فَصَلُّوا وَادعُوا حَتَى ينكَشِفَ مَا بِكُم.
رواه البخاري (١٠٤١)، ومسلم (٩١١) (٢١)، والنسائي (٣/ ١٢٦)، وابن ماجه (١٢٦١).

المحراب

15 Oct, 16:31


عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا وَرَجُلٌ يُصَلِّي ثُمَّ دَعَا "اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنَّ لَكَ الْحَمْدُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الْمَنَّانُ بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ"، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَقَدْ دَعَا اللَّهَ بِاسْمِهِ الْعَظِيمِ الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى).
رواه أبوداود (١٤٩٥)، والبخاري في الأدب المفرد (٧٠٥)، وأخرجه النسائي في الكبرى (١٢٢٤) و (٧٦٥٤) وأحمد(١٢٦١١)، وابن حبان (٨٩٣).
قال الأرنؤوط رحمه الله :حديث صحيح.
سنن أبي داود (٦١٣/٢)

وقالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "دَعَواتُ المَكْرُوبِ اللَّهُمَّ رَحْمَتَكَ أَرْجُو فَلا تَكِلْني إِلَى نَفْسي طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَأَصْلِحْ لي شَأْني كُلَّهُ لا إله إِلَّا أَنْتَ"
رواه أبوداود (٥٩٠)، وأحمد (٢٠٤٣٠)، وابن حبان (٩٧٠).
قال الأرنؤوط إسناده حسن.
سنن أبي داود (٤٢٢/٧).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في رسالته إلى الملك المنصور حسام الدين:
…فإذا ناجى ربه في السحر واستغاث به، وقال: "يا حي يا قيوم لا إله إلا أنت برحمتك أستغيث" أعطاه الله من المكنة ما لا يعلمه إلا الله.
جامع المسائل (٤٤٤/٧).

وقال ابن القيم رحمه الله:
ومن تجريبات السالكين التي جربوها فألفوها صحيحة أن من أدمن من قول: «يا حي يا قيوم، لا إله إلا أنت» أورثه ذلك حياة القلب والعقل.
وكان شيخ الإسلام ابن تيمية شديد اللهج بها جدا، وقال لي يوما: لهذين الاسمين ــ وهما الحي القيوم ــ تأثير عظيم في حياة القلب، وكان يشير إلى أنهما الاسم الأعظم،…
مدارج السالكين (٧٨/٢).

وقال ابن القيم أيضا:
وفي تأثير قوله: «يا حي يا قيوم، برحمتك أستغيث» في دفع هذا الداء مناسبة بديعة، فإن صفة الحياة متضمنة لجميع صفات الكمال، مستلزمة لها؛ وصفة القيومية متضمنة لجميع صفات الأفعال. ولهذا كان اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى هو اسم «الحي القيوم».

والحياة التامة تضاد جميع الآلام والأسقام، ولهذا لما كملت حياة أهل الجنة لم يلحقهم هم ولا غم ولا حزن ولا شيء من الآفات.

ونقصان الحياة يضر بالأفعال، وينافي القيومية، فكمال القيومية بكمال الحياة. فالحي المطلق التام الحياة لا تفوته صفة كمال البتة، والقيوم لا يتعذر عليه فعل ممكن البتة. فالتوسل بصفة الحياة والقيومية له تأثير في إزالة ما يضاد الحياة ويضر بالأفعال.
زاد المعاد (٤/ ٢٩٢-٢٩٣).

المحراب

15 Oct, 13:02


عَن ابنَ عُمَرَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا قَامَ لِلصَّلاةِ رَفَعَ يَدَيهِ حَتَّى تكُونَا حَذوَ مَنكِبَيهِ، ثُمَّ كَبَّرَ،… الحديث
رواه أحمد (٢/ ١٣٤)، والبخاري (٧٣٦)، ومسلم (٣٩٠) (٢٢)، وأبو داود (٧٢١ - ٧٤٣)، والترمذي (٢٥٥)، والنسائي (٢/ ١٢١ - ١٢٢).

وَعَن وَائِلِ بنِ حُجرٍ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - رَفَعَ يَدَيهِ حِينَ دَخَلَ فِي الصَّلاةِ؛ كَبَّرَ - وَصف همام حِيَالَ أُذُنَيهِ -… الحديث
رواه أحمد (٤/ ٣١٦)، ومسلم (٤٠١)، وأبو داود (٧٢٣ - ٧٣٧)، والنسائي (٢/ ١٩٤).

قال ابن المنذر رحمه الله:
لم يختلف أهل العلم أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -كان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة.

واختلفوا في الحد الذي إليه ترفع اليد عند افتتاح الصلاة.
ففى حديث ابن عمر أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - رفع يديه حين يكبر حتى تكونا حذو منكبيه.
وقال بهذا الحديث الشافعي، وأحمد، وإسحاق.

وفي حديث وائل بن حجر أن النبي- صلى الله عليه وسلم - رفع يديه لما افتتح الصلاة حتى حاذيا أذنيه.

وقال بهذا ناس من أهل العلم، وقال بعض أصحاب الحديث: المصلي بالخيار إن شاء رفع يديه إلى المنكبين، وإن شاء إلى الأذنين، وهذا مذهب حسن.
قال أبو بكر: وأنا إلى حديث ابن عمر أميل.
الإشراف (٦/٢).

قال أبوالعباس القرطبي رحمه الله:
فذهب عامة أئمة الفتوى إلى اختيار رفعهما حذو منكبيه، وهو أصح قولي مالك وأشهرهما، والرواية عنه: إلى صدره. وذهب ابن حبيب إلى رفعهما حذو أذنيه، وقد جمع بعض المشايخ بين هذه الأحاديث وبين الروايتين عن مالك، فقال: يكون رسغاه مقابلةً أعلى صدره، وكفّاه حذو منكبيه، وأطراف أصابعه حذو أذنيه… وقال بعضهم: هو على التوسعة - وهو الصحيح.

قال ابن عثيمين رحمه الله:
قوله: «حذو منكبيه» أي: موازيهما. والمنكبان: هما الكتفان، فيكون منتهى الرَّفْعِ إلى الكتفين،…

وله أن يرفعهما إلى فُروع أُذنيه؛ لورود ذلك عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فتكون صفة الرَّفْعِ مِن العبادات الواردة على وجوهٍ متنوِّعة.

والعلماءُ رحمهم الله اختلفوا في العبادات الواردة على وجوهٍ متنوِّعة، هل الأفضل الاقتصار على واحدة منها، أو الأفضل فِعْلُ جميعها في أوقات شتَّى، أو الأفضل أنْ يجمعَ بين ما يمكن جَمْعُه؟

والصَّحيح: القول الثاني الوسط، وهو أن العبادات الواردة على وجوهٍ متنوِّعة تُفعل مرَّة على وجهٍ، ومرَّة على الوجه الآخر، فهنا الرَّفْعُ وَرَدَ إلى حَذوِ منكبيه، ووَرَدَ إلى فُرُوع أُذنيه؛ وكُلٌّ سُنَّة، والأفضل أن تَفعلَ هذا مرَّة، وهذا مرَّة؛ ليتحقَّقَ فِعْلُ السُّنَّةِ على الوجهين، ولبقاء السُّنَّةِ حيَّة؛ لأنك لو أخذت بوجهٍ، وتركت الآخر مات الوجهُ الآخر، فلا يُمكن أن تبقى السُّنَّةُ حيَّة إلا إذا كُنَّا نعمل بهذا مرَّة، وبهذا مرَّة، ولأن الإِنسان إذا عَمِلَ بهذا مرَّة، وبهذا مرَّة صار قلبُه حاضراً عند أداء السُّنَّة، بخلاف ما إذا اعتاد الشيء دائماً فإنه يكون فاعلاً له كفعل الآلة عادة، وهذا شيء مشاهد، ولهذا مَن لزم الاستفتاح بقوله: «سبحانك اللهمَّ وبحمدك» دائماً تجده مِن أول ما يُكبِّر يشرع «بسبحانك اللهم وبحمدك» مِن غير شعور؛ لأنه اعتاد ذلك، لكن لو كان يقول هذا مرَّة، والثاني مرَّة صار منتبهاً، ففي فِعْلِ العباداتِ الواردة على وجوهٍ متنوِّعة فوائد:

١ ـ اتِّباعُ السُّنَّة.

٢ ـ إحياءُ السُّنَّة.

٣ ـ حضورُ القلب.

وربما يكون هناك فائدة رابعة: إذا كانت إحدى الصِّفات أقصرَ مِن الأخرى، كما في الذِّكرِ بعد الصَّلاةِ؛ فإن الإِنسان أحياناً يحبُّ أن يُسرع في الانصراف؛ فيقتصر …

…يمكن أن نتأمَّلَ لعلنا نحصُلُ على حكمة مِن فِعْلِ الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم. ونقول: الحكمة في رَفْعِ اليدين تعظيم الله عز وجل، فيجتمع في ذلك التعظيم القولي والفعلي والتعبُّد لله بهما، فإن قولك: «اللَّهُ أكبرُ» لا شكَّ أنك لو استحضرت معنى هذا تماماً لغابت عنك الدُّنيا كلُّها؛ لأن الله أكبرُ مِن كلِّ شيء، وأنت الآن واقفٌ بين يدي مَنْ هو أكبر مِن كلِّ شيء.
الشرح الممتع (٣/ ٢٨-٣٠).

المحراب

15 Oct, 03:15


عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ فِي قَولِهِ تَعَالَّى: {وَلا تَجهَر بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِت بِهَا} قَالَ: نَزَلَت وَرَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مُتَوَارٍ بِمَكَّةَ، فَكَانَ إِذَا صَلَّى بِأَصحَابِهِ رَفَعَ صَوتَهُ بِالقُرآنِ، فَإِذَا سَمِعَ ذَلِكَ المُشرِكُونَ سَبُّوا القُرآنَ وَمَن أَنزَلَهُ وَمَن جَاءَ بِهِ، فَقَالَ اللهُ لِنَبِيِّهِ: {وَلا تَجهَر بِصَلاتِكَ} فَيَسمَعَ المُشرِكُونَ قِرَاءَتَكَ، {وَلا تُخَافِت بِهَا} عَن أَصحَابِكَ، أَسمِعهُمُ القُرآنَ وَلا تَجهَر ذَلِكَ الجَهرَ، {وَابتَغِ بَينَ ذَلِكَ سَبِيلا}؛ قَالَ: يَقُول بَينَ الجَهرِ وَالمُخَافَتَةِ.
رواه البخاري (٤٧٢٢)، ومسلم (٤٤٦)، والترمذي (٣١٤٤)، والنسائي (٢/ ١٧٧ - ١٧٨).

المحراب

14 Oct, 13:35


قال الله تعالى:{إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ * وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا ۗ كَذَٰلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ ۖ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ} [البقرة : ١٦٦-١٦٧]

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
قال الفضيل بن عياض: حدثنا الليث عن مجاهد: هي المودات التي كانت بينهم لغير الله. …
فالأعمال التي أراهم الله حسرات عليهم: هي الأعمال التي يفعلها بعضهم مع بعض في الدنيا كانت لغير الله، ومنها الموالاة والصحبة والمحبة لغير الله. فالخير كله في أن يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا ولا حول ولا قوة إلا بالله.
مجموع الفتاوى (٧٣/٧)، (٦٠٦/١٠).

المحراب

14 Oct, 03:15


عن مطرف عن أبيه قال: أتَيتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقرَأُ: {أَلهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} قَالَ: يَقُولُ ابنُ آدَمَ: مَالِي مَالِي، قَالَ: وَهَل لَكَ يَا بنَ آدَمَ مِن مَالِكَ إِلَّا مَا أَكَلتَ فَأَفنَيتَ، أَو لَبِستَ فَأَبلَيتَ، أَو تَصَدَّقتَ فَأَمضَيتَ.
رواه أحمد (٤/ ٢٤)، ومسلم (٢٩٥٨)، والترمذي (٢٣٤٢)، والنسائي (٦/ ٢٣٨)

وقوله: (ألهاكم التكاثر) يعني: شغلكم الإكثار من الدنيا، ومن الالتفات إليها عما هو الأولى بكم من الاستعداد للآخرة، وهذا الخطاب للجمهور إذ جنس الإنسان على ذلك مفطور، كما قال تعالى: {كَلا بَل تُحِبُّونَ العَاجِلَةَ * وَتَذَرُونَ الآخِرَةَ} [ القيامة : ٢٠-٢١]
المفهم (٧/ ١١٠-١١١).

المحراب

13 Oct, 15:35


قال الله تعالى:{وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ }
[ البقرة : ٢٦ ].

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
أي: كل من ضل به فهو فاسق. فهو ذم لمن يضل به، فإنه فاسق. ليس أنه كان فاسقا قبل ذلك. ولهذا تأولها سعد بن أبي وقاص في الخوارج وسماهم " فاسقين " لأنهم ضلوا بالقرآن. فمن ضل بالقرآن فهو فاسق.
مجموع الفتاوى (٥٨٨/١٦).