قال تعالى:
{فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون} (الأعراف:118).
كما قال عز وجل: {ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون} (الأنفال:8)،
من الملاحظ في الآونة الأخيرة ترويج الباطل من خلال استخدام أسلوب التدليس ونشر الأكاذيب!
فيصدقها كثير من عوام الناس دون تثبت، ظنًّا منهم أنها حقائق علمية ثابتة، والشيطان يغري كثير من الناس بحب المعلومات الغريبة والانبهار بمن يقولها ويشعرنا بأنه الفذ وأننا جهلة، لذا كان لابد من طلب الدليل.
ومن تلك الأساليب المخادعة المتبعة لترويج الباطل تكرار:
* أجريت دراسات على …
- عملنا أبحاث دلت على …
- ذكرت الموسوعة الفلانية أن …
- أثبتت الإحصائيات أن….
ولو تتبعنا واقع الأمر لن نجد هناك دراسات ولا أبحاث .. ولا هو مذكور في الموسوعة الفلانية ولا وجود لإحصائيات !
بل هو الدجل بعينه..
ومثال على ذلك المقطع الذي راج لرجل يفسر شعيرة الطواف وتقبيل الحجر الأسود وغيره وفق مفاهيم الطاقة الكونية الزائفة ذات المفهوم القلسفي، والتي انكشفت حقيقتها الباطنية بشاكراتها وهالاتها المزعومة..
وقد اشتمل المقطع على خرافات متتابعات وأباطيل بعضها فوق بعض ولا حول ولا قوة إلا بالله..
وهذا رد على بعض ماذكره المتحدث:
* أمور الشرع لاتؤخذ إلا بدليل من الشرع، وماذكره المتحدث ليس له دليل شرعي ولا علمي ولا عقلي، بل تقول على الله بلا علم، وقد قال تعالى في كتابه العزيز محذرًا من الأقاويل دون تثبت: "وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۚ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا (الإسراء: 36).
* كان مما قاله: اليمين وفوق طاقة إيجابية واليسار وتحت طاقة سلبية، وهذا غير. صحيح لعدم وجود للطاقة إلا الفيزيائية المثبتة علميا فضلًا عن تصنيفها بالإيجابية والسلبية، ولو سلمنا جدلا أن في اليسار سلب وفي اليمين إيجاب فكيف لا يختلطان؟ هل بينهما حاجز مثلا؟!
ثم أن المناسب أن يكون الجانب الإيجابي (اليمين) على زعمهم صوب الكعبة وليس الجانب الآخر السلبي (اليسار)؟!
- الطواف من اليمين إلى اليسار ، وتقبيل الحجر الأسود، والاضطباع (إظهار الرجل كتفه الأيمن في طواف العمرة وطواف القدوم)، وغيرها … هي من سنن المصطفى -صلى الله عليه وسلم. في هذه الشعيرة،، ولو لم يفعلها النبي صلى الله عليه وسلم لما فعلناها، والدليل قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه:" أَما واللَّهِ، إنِّي لَأَعْلَمُ أنَّكَ حَجَرٌ لا تَضُرُّ ولَا تَنْفَعُ، ولَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ اسْتَلَمَكَ ما اسْتَلَمْتُكَ، فَاسْتَلَمَهُ ثُمَّ قالَ: فَما لَنَا ولِلرَّمَلِ إنَّما كُنَّا رَاءَيْنَا به المُشْرِكِينَ وقدْ أَهْلَكَهُمُ اللَّهُ، ثُمَّ قالَ: شيءٌ صَنَعَهُ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فلا نُحِبُّ أَنْ نَتْرُكَهُ"
ونرد على زعم صاحب المقطع في ذلك بما ورد في شرح البخاري رحمه الله لكلام عمر رضي الله عنه :
"وكُلُّ ما قالَه عُمَرُ هنا إنَّما هو مِن حَديثِه مع نَفْسِه؛ لِبَيانِ أنَّ أمرَ الدِّينِ مَبنيٌّ على التَّصديقِ والاتِّباعِ، وليس كَلامُه اعتِراضًا على أفعالِ المَناسِكِ؛ ولذلك استدرَكَ على نَفْسِه، فقال: شَيءٌ فَعَلَه رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فلا نُحِبُّ أنْ نَترُكَه، بل علينا أنْ نَتَّبِعَه"
- توجد بعض الروايات الضعيفة أو الموضوعة التي تتحدث عن أمور خارقة مرتبطة بالحجر الأسود، ولكن العلماء أكدوا ضعفها، فادعاء أن الحجر الأسود يقرأ حروف اسمك مضحك ! ولا يستحق حتى صرف أدنى وقت أو جهد للرد على تلك الأضحوكة الساخرة.
و الإسلام يعتمد على النقل الموثوق من القرآن والسنة، ولا وجود لسند موثق للكلام المنقول عن الإمام الشافعي بشأن الحجر الأسود، فلم يُعرف عن الشافعي قوله بهذا الكلام الذي يزعم أنه يسجل اسم كل من طاف حوله أو استلمه، كذلك ليس له أصل موثوق في كتب الحديث أو الفقه المعتمدة، فلم يرد هذا القول في كتب الشافعي الموثوقة مثل “الأم” أو “الرسالة”، ولم يذكره علماء الحديث مثل البخاري أو مسلم أو غيرهم.
وهكذا… تطول قائمة الردود لكثرة ما في هذا المقطع من المزاعم الطاقية الباطلة..
الخلاصة:
ينبغي التثبت والتأكد من مصادر موثوقة قبل نشر مثل أي معلومات.
وهكذا قضى ربنا عز وجل أن يقف الحق شامخًا ثابتًا في مواجهة الباطل ..
يستمد أهله الحول والقوة ممن لا حول ولا قوة إلا به….
قال تعالى:
وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ ۚ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا (الإسراء:81).
فاللهم أرنا الحق حقًا وارزقنا اتباعه..
وأرنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه..
https://t.me/haqaiq_new_age