من جهة أخرى، تُعدُّ السببية جزءًا لا يتجزأ من المسلمات العقلية (Axiomatic Truths) التي يقوم عليها الفكر العلمي ... فكما أن الثقة في الحواس وفهم العالم الخارجي يشكلان أساسًا لاستقراء المعرفة، فإن قبول مبدأ السببية يُتيح للعلماء بناء نظريات متماسكة وتطبيقها عبر مختلف المجالات ... وبناء عليه، فإن التيار الذي يرفض هذه المبادئ يُعتبر مسلكًا مهددًا لاستقرار التفكير العلمي، حيث يحول دون النقاش المنهجي والتأمل الفلسفي الذي يجب أن يرافق كل عملية بحث علمية.
خلاصة: الموقف الإيجابي من مبدأ السببية لا يعني رفض الأساليب التجريبية بحد ذاتها، بل هو التأكيد على أنَّ العلم التجريبي (Empirical Science) لا يمكن فصله عن الإبستمولوجيا (Epistemology)، وأنَّ البحث العلمي الحقيقي يتطلب تكاملًا بين التجربة النظرية والملاحظة العملية ... .وعليه، فإني أظن أن أي محاولة لتجاهل هذا التكامل سيفضي إلى انقسام المعرفة وحدوث فجوات في الفهم قد تؤدي إلى تبعات كارثية على مستوى الأنظمة الفكرية والتطبيقية .. ويبدو أننا نشهد أثرا من ذلك في بعض الكتابات والنقاشات السطحية المتداولة!
.
والله أعلم!
#السببية