تكوين الفقهاء

سيتم عقد مجالس أسبوعية للتعليق على كتاب الحج من كتاب (المغني شرح مختصر الخرقي) للموفق ابن قدامة المقدسي رحمه الله.
موعد الدرس : صباح كل جمعة اعتبارا من الجمعة ١٤٤٥/١٠/١٠
[وسيتم تحديد موعد البدء أسبوعيا لارتباطه بوقت صلاة الفجر]
مدة المجلس الواحد : ساعة ونصف تقريبا.
عدد اللقاءات : ثمان لقاءات.
سيتم جرد أول كتاب الحج في هذه المجالس مع التعليق على ما تمس الحاجة للتعليق عليه.
سيبث اللقاء مباشرا عن طريق قناة (كتاب الصيام والحج من المغني) وهذا رابطها https://t.me/almoghnny

وسيتم تسجيل ونشر الدرس في القناة المذكورة.
ملحوظة : هذه المجالس لا تصلح إلا لمن لديه تأسيس جيد في الفقه، لأن الكتاب في الخلاف العالي.
تنبيه : لن يتم التعليق على الكتاب كاملا في هذه المجالس، وسيتم مواصلة التعليق في مواسم قادمة إن كتب الله لنا عمرا ويسر استكمال اللقاءات.

قول عثمان النجدي: "هذا هو الصحيح، واقتصر عليه في الإقناع". موضعه بعد قول المنتهى: "وكذا خلوة لشهوة". فهذا هو القدر الذي اقتصر عليه في الإقناع، وهو الصحيح. ويقابله ما اختاره الأكثر.
ووضع التعليق بعد قول المنتهى: "إلا على قول" خطأ ظاهر، ويحتمل أن يكون ممن جرّد الحاشية.

جاء في حاشية ابن قاسم ١/ ٤٨٤: "(٢)…وإذا اختلف اثنان في دخول الوقت كان الأولى التأخير حتى يتفقا، أو يتيقن دخوله، لأنه قبل ذلك لا يعمل بقول من قال بدخوله، لأنه عن ظن فلا يعمل بظن غيره، فغاية ذلك أن يفيده ظنا، وقد علمت أنه مع الظن يستحب التأخير، حتى ولو قيل إن خبر المثبت مقدم فالتأخير لليقين أولى، ذكره عثمان، وذكر أنه عرضه على منصور فارتضاه". وصحته: "عرضه على شيخه محمد الخلوتي". ذكره في حاشية المنتهى ١/ ١٥٦.

جزى الله محققي كتب فقهائنا خير الجزاء، وأثابهم بكل حرف كتبوه أعظم الجزاء وأوفره، فقد قربوا لنا العلم، وذللوا لنا قطوفه.
والتنبيه على بعض الأوهام لا ينقص من عملهم شيئاً، بل هو تنبيه على قطرات تذوب في بحر جهدهم وصوابهم.
وحسب المحقق في حواشيه أن قرب لك كلام العلماء بتوثيقه من كتبهم، فخذ توثيقاتهم هدايات لك تتوصل بها إلى المرجع الأصلي لتتحقق بنفسك، فلعل المحقق نقل كلاماً بمعناه، أو نقلاً غير تام، أو مسألة أخرى تختلف عما هو مذكور في النص المحقق، وهو بتوثيقه تخفف من العهدة، وجعل شيئاً من تبعة ما قد يحصل من الخطأ والزلل عليك.

اللهم صل وسلم على نبينا محمد.

الذي ذكروه ظاهر المذهب كونه بدعة، ولم يتطرقوا للتحريم من عدمه.
وعدم التحريم ذكره الخلوتي، واتجهه مرعي في الغاية.

اقتصر المحقق على أول الكلام، على أن صاحب الإنصاف ساقه من كلام المقنع فقال: "قوله: (وإن كانت المرأة صغيرة أو آيسة أو غير مدخول بها أو حاملاً قد استبان حملها، فلا سنة لطلاقها ولا بدعة إلا في العدد) هذا إحدى الروايات". ولم يكمل المحقق الكلام ليتبين أن المذهب على ما قرره المرداوي بعده بسطرين خلافه.

رسالة الماجستير هذه في المسائل التي خالف فيها دليلُ الطالب منتهى الإرادات

دلالة السياق لا يقام عليها دليل:

وهَذا الطَّرِيقُ لَيْسَ بِجَيِّدٍ؛ لِأنَّ هَذا أمْرٌ يُعْرَفُ مِن سِياقِ الكَلامِ، ودَلالَةُ السِّياقِ لا يُقامُ عَلَيْها دَلِيلٌ، وذَلِكَ لَوْ فُهِمَ المَقْصُودُ مِن الكَلامِ، وطُولِبَ بِالدَّلِيلِ عَلَيْهِ لِعُسْرٍ. فالنّاظِرُ يَرْجِعُ إلى ذَوْقِهِ، والمَناظِرُ يَرْجِعُ إلى دِينِهِ وإنْصافِهِ.
إحكام الأحكام لابن دقيق العيد ٢/ ٤٢١

أمّا السِّياقُ والقَرائِنُ: فَإنَّها الدّالَّةُ عَلى مُرادِ المُتَكَلِّمِ مِن كَلامِهِ. وهِيَ المُرْشِدَةُ إلى بَيانِ المُجْمَلاتِ، وتَعْيِينِ المُحْتَمَلاتِ.
فاضْبُطْ هَذِهِ القاعِدَةَ. فَإنَّها مُفِيدَةٌ فِي مَواضِعَ لا تُحْصى.
إحكام الأحكام لابن دقيق العيد ٣/ ٩١

…الكلام يُستدل على المراد به بقرائنه وسياقه…
إحكام الأحكام لابن دقيق العيد ٤/ ٤١٣

إثبات كثيرٍ من مسالك المؤلفين ومناهجهم ومرادهم مما لا يقام عليه دليل، وإنما يعرف هذا من خلال السياق والقرائن، ويعرف كذلك بالتشبع من كلامهم وإدمان القراءة في كتبهم، ففي بعض الأحيان يتكلم المختص عن مراد أحد المؤلفين الذين طالت صحبته لكتبه، وصارت عنده ملكة معرفة مراده من خلال فهم طريقته وسياقات كلامه، فيُطالَب بالدليل، وتكون إقامة الدليل مما يعسر، ويصدق في مثل حاله قول القائل: من جرّب مثل تجربتي عرف مثل معرفتي. فلا سبيل إلى الوصول لنفس النتيجة إلا سلوك نفس الطريقة.
وهذا الحس والشعور هو كما قيل في إحدى تعريفات الاستحسان: دليلٌ ينقدح في نفس المجتهد لا يستطيع التعبير عنه.

وتلخيص ما سبق، ترتيب الخطة العلمية بشكل أسبوعي مع مراعاة تقديم الأهم، وجمع القلب والفكر وتركيز الذهن على مطلوب واحد.
ورحم الله القائل:
وقدّم الأهم إن العلم جمّ
والعمر ضيفٌ زار أو طيفٌ ألمّ

اللهم صلّ وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.

كيف يدير الموظف خطته العلمية؟

قال سفيان الثوري رحمه الله: "إذا تزوج الرجل فقد ركب البحر، فإذا ولد له فقد كسر به".
يكبر الإنسان وتكبر معه همومه والتزاماته وشواغله.
ومن المشاهد التي تؤلم المرء مشهد ذلك الرجل الذي كان شاباً منكباً على العلم تعلماً وحفظاً واطلاعاً وعكوفاً على حلق العلم، فإذا شواغل الدنيا تضرّسه بأنيابها، فيعود عامياً من عوام المسلمين.
وقد كانت تقلقني عدة تساؤلات حول هذه الظاهرة، وعن أسبابها.
ثم إن الله هداني فتكشّف لي سر من أسرار المسألة يغفل عنه كثيرون، فوجدت أن تفهم مراحل العمر وما يطرأ عليها من تغيرات، وما يتبعها من التزامات وواجبات، ومعرفة كيف تدار كل مرحلة من تلك المراحل= هو مفتاح الوصول، وسر من أسرار مواصلة الطريق.
كنا في مقتبل الشباب نضع لبرنامجنا العلمي خطة يومية، وقد يكون اليوم متضمناً لبرامج حفظ ومراجعة وقراءة، كما أن البرامج اليومية تتفاوت من حيث الأهمية، ومع التقدم في العمر، وكثرة الصوارف، أصبحت أكثر الأيام تنتهي دون تحقيق نتيجة تذكر، وإن كان هناك من إنجاز فإنه يلحظ فيه على أحسن الأحوال تقديم المهم على حساب الأهم، كما يلاحظ التشتت بين البرامج المختلفة.
ولعل من المفيد لمثل ممن هو في حالي ممن تزاحمت فيه واجبات العمر المختلفة أن أقدم له تجربتي في إدارة خطتي العلمية منذ سنوات، والكلام لا يدخل فيه الواجبات اليومية كالورد القرآني، ولا البرامج الدورية التي تكون كل ثلاثة أشهر أو ستة كمراجعة المحفوظات القديمة المتقنة، أو مطالعة كتب الفن الأصيلة.
وطريقتي في إدارة الخطة العلمية هي ابتداء البرنامج بالأهم فالمهم بشكل (أسبوعي) بدلاً من إدارته بشكل يومي، فالبرنامج العلمي يبدأ من فجر يوم الجمعة بعد الانتهاء من أذكار الصباح والورد اليومي للقرآن، وهو يشمل أركان الخطة العلمية: المراجعة والحفظ وقراءة التحقيق والمطالعة، وهي في الأهمية على الترتيب السابق.
فيكون البدء بمراجعة المحفوظات، وأعني بها المحفوظات الجديدة، مما يحتاج إلى ترسيخ، كالمتن الذي لم أفرغ من حفظه بعد، أو ختمته قريباً، ومدة المراجعة هذه تختلف من شخص لآخر بحسب كثرة محفوظاته وقلتها، لكن لا ينبغي أن تزيد مدة المراجعة هذه عن ساعتين، في جلسة أو جلسات، ولا أن تزيد فترة مراجعة المحفوظات هذه عن شهر، بمعنى أنك لو اخترت أن تكون مدة المراجعة ساعة، ولم تكن هذه الساعة كافية لجميع المحفوظات التي تحتاج إلى ضبط، فأكمل بقيتها في أول ساعة من الأسبوع الثاني، وهكذا الأسبوع الثالث والرابع، فإذا لم يكن في هذه الأسابيع كفاية فحاول أن يكون وقت المراجعة ساعة ونصفاً من كل أسبوع بدلاً من ساعة، فإن لم يسع الوقت لجميعها فاجعله ساعتين ولا تزد؛ حتى لا يبلغ بك ذلك حد الضجر والانقطاع، ثم إن قدر المحفوظات الجديدة يسير لا يحتاج إلى أكثر من ذلك، فالكلام هنا عن خطة موظف متقدم في العمر ممن لديه قدر لا بأس به من المحفوظات الراسخة والتي يتعاهدها على فترات متباعدة.
قد لا يتيسر لك البدء فجر يوم الجمعة لظرف عائلي أو لتكليف وظيفي أو لسفر عارض، لا بأس، هذا متوقع دائماً، ابدأ عند أول فرصة، عصر الجمعة أو فجر السبت..الخ.
ثانياً: بعد الفراغ من واجب المراجعة يأتي واجب المحفوظ الجديد، فطالب العلم لا بد له من ورد محفوظ في كل خطة علمية له مهما كان مستواه العلمي، ويكون قدره صفحة من المنثور أو عشر أبيات من المنظوم، والمطلوب هو تكرار المحفوظ الجديد ثلاثين مرة بعد قراءته بصوت مسموع عشر مرات، وهنا يكون واجب الحفظ قد انتهى، لكن يتبقى تكراره في اليوم الثاني عشرين مرة، واليوم الثالث عشر مرات، واليوم الرابع خمس مرات، واليوم الخامس مرة واحدة، وهذا التكرار يكون في الأوقات الضائعة كالطريق للعمل أو فترات الانتظار، ثم يدخل في الأسبوع الذي يليه في المحفوظ الجديد الذي يتوجب عليك تكراره على الطريقة السالفة الذكر.
ثالثاً: بعد الفراغ من المراجعة والحفظ يأتي دور القراءة التخصصية، وأعني بها القراءة في مجال تخصصك، وهي في الأصل قراءة عميقة، تحتاج فيها إلى بعض الأدوات والمراجع لحاجتك إلى كتابة تعليق أو مقارنة الكتاب المقروء بكتب أخرى، فيكون لك ورد أسبوعي منها، تشرع به بعد الفراغ من المراجعة والحفظ وقبل مطالعة الكتب الأخرى، ويكون ورد القراءة فيه متوسطاً، كمائة صفحة مثلاً، وهذا يعني عشر مجلدات في العام، ومائة مجلد بعد عشر سنوات!
رابعاً: بعد الفراغ مما سبق يأتي دور المطالعة العامة لكتب الفنون الأخرى، وثبت بالتجربة لي ولغيري أن هذه المطالعة هي أكثر ما يصرف طالب العلم عن الحفظ والمراجعة والقراءة التخصصية، وهي نافعة ومطلوبة أحياناً، لذا كان من المهم إعطاء النفس نصيباً وحظاً منها، لكن يكون ذلك بعد الفراغ مما هو أهم؛ فتكون هذه المطالعة كالمكافأة للنفس على إتمام المطلوب منها، وأنت إذا وفقك الله للاستعانة به ستجد أنه سيتاح لك ثلاثة أيام أو أربعة للمطالعة بعد الفراغ من واجباتك العلمية.

.

الاعتذار للأئمة أولى من الاعتراض عليهم:

قال المرداوي في الإنصاف: "…وهذه عادة ابن منجى في شرحه مع المصنف، إذا لم يطّلع على منقول بما قاله المصنف اعترض عليه، وهذا ليس بجيد، فإن الاعتذار عنه أولى من ذلك، والمصنف إمامٌ جليل، له اختيار واطّلاع على ما لم يُطّلع عليه".
وقال الخلوتي في حاشية المنتهى: "وحينئذ سقط ما أسنده الحجاوي إلى المنقح من السهو، ولا ينبغي له التجري على مقامه بمثل ذلك، وهو كقول بعضهم في البخاري ومسلم: لولا البخاري ما راح مسلم ولا جاء".
فإذا كان مثل هذا الكلام -وفيه نوع شدة- يستدرك به على أئمة كابن منجى والحجاوي، فأولى أن يخاطب به من لا يزال معدوداً في عوام المسلمين، وهو مع هذا يسارع في تخطئة أهل العلم، ويعترض على عباراتهم بما لم يبلغه فهمه ولم يحط به علما.

وكتب الشراح والحواشي مشحونة بتوجيه العبارات، والتماس الاحتمالات، وحمل كلام المصنفين على المعاني الصحيحة الممكنة.
وقد بالغ ابن قدامة في الاعتذار للإمام أحمد في إحدى الروايات المنقولة عنه مما يخالف كلام السلف قبله، قال في الإنصاف فيما نقله عن ابن قدامة: "قال المصنف والشارح عن هذه الرواية: وليس بشيء، وأحمد منزه عن هذه المخالفة لأهل العلم".
ولما وجه ابن أبي عمر في شرحه إحدى روايات الإمام في باب الزكاة ذكر أن حملها على إحدى المعاني يخالف النص والإجماع، ثم قال: "فلا يجوز حمل كلام الإمام عليه".
وفي الإنصاف لما نقل حكاية ابن المنذر الإجماع أعقبه بقوله: "فلا يصح حمل كلام الإمام أحمد رحمه الله على ما يخالف الإجماع".

وما أحسن ما قيل: ومهما أمكن حملُ كلام العاقل على فائدة، وتصحيحُه عن الفساد وجب.

مسألة خالف فيها البهوتي الإنصاف والتنقيح والمنتهى والإقناع

مقالة بعنوان (نسخة فقيه نجد العلامة :محمد بن أحمد إسماعيل رحمه الله (ت١٠٥٩) لكتاب المقنع للموفق ابن قدامة رحمه الله) للشيخ ٠. عبدالرحمن بن علي العسكر حفظه الله