𖣘𖣘 فَتَاوَىٰ أَهْلِ الِْإيمَانِ 𖣘𖣘 @fatawa2all Channel on Telegram

𖣘𖣘 فَتَاوَىٰ أَهْلِ الِْإيمَانِ 𖣘𖣘

@fatawa2all


فَتَاوَىٰ أَهْلِ الِْإيمَانِ (Arabic)

فَتَاوَىٰ أَهْلِ الِْإيمَانِ (Fatawa Ahl Al-Iman) هو قناة تيليجرام تقدم مجموعة متنوعة من الفتاوى والمعلومات الدينية لأهل الإيمان. تهدف القناة إلى توفير مصدر موثوق للمعرفة الإسلامية وتقديم إجابات على أسئلة متعلقة بالدين والعقيدة. سواء كنت تبحث عن توجيهات دينية، أو تريد فهم أفضل لمفاهيم معينة في الإسلام، فإن قناة فَتَاوَىٰ أَهْلِ الِْإيمَانِ هي المكان المثالي للعثور على الإجابات التي تبحث عنها. انضم إلينا اليوم واستمتع بالفتاوى الشرعية القيمة والتوجيهات الدينية الهادفة.

𖣘𖣘 فَتَاوَىٰ أَهْلِ الِْإيمَانِ 𖣘𖣘

14 Oct, 11:43


🔘فإن قيل: ولماذا حصر قتادة شرك العرب في ثلاث صور فقط مع أنّهم وقعوا في شركيات أخرى كثيرة مثل: الطواف والاعتكاف للأصنام والنذر لها والتحاكم إلى الطاغوت وموالاة المشركين وادعاء علم الغيب...إلخ ؟

قلتُ: لم يقصد قتادة الحصر الحقيقي لكافة صور الشرك، إنما أراد التنبيه والتركيز فقط على أشهر صور الشركيات عند العرب ومنها الذبح لغير الله؛ لأنّ هذا هو محل البحث بينه وبين الجمهور في حكم متروك التسمية.
🔹1- وذلك كقول النبيّ ﷺ:(لا رِبَا إلَّا في النَّسِيئَةِ).رواه البخاري، لم يقصد النبي هنا الحصر الحقيقي لكافة صور الربا، بل أراد التنبيه فقط على أشهر صور الربا، فلا يفهم أحدٌ مثلًا أنّ ربا الفضل حلال!

🔹2- ومنه أيضًا قول النبي ﷺ:(إنما بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مكارمَ الأخلاق) رواه البزار، وكلمة "إنما" من أدوات الحصر، ومع ذلك فالمراد ههنا هو التنبيه على مكارم الأخلاق، وليس حصر بعثة النبي ﷺ فيها، فلا يفهم أحمقٌ من هذا الحديث أنّ النبي ﷺ لم يُبعث بالتوحيد مثلًا!.

🔹3- ومنه أيضًا قول النبي ﷺ:(الحج عرفة) ، تنبيهًا منه على أعظم مناسك الحج، ولم يفهم أي عاقل من الحديث أنَّ مناسك الحج محصورة في الوقوف بعرفة فقط!

🔹4- ومنه أيضًا قول التابعي عبد الله بن شقيق:(كان أصحابُ مُحمَّدٍ ﷺ لا يرَوْنَ شيئًا مِن الأعمال تَرْكُه كُفْرٌ غيرَ الصَّلاةِ) صحيح الترمذي، تنبيهًا منه على عِظَم جريمة ترك الصلاة من غير قصدٍ للحصر الحقيقي.

🔹5- ومنه أيضًا قول الزهري:(لا يَخْرُجُ الْعَبْدُ مِنَ الإِسْلامِ حَتَّى يَخْرُجَ كَمَا دَخَلَ إِلا سُجُودًا لِغَيْرِ اللَّهِ أَوْ جُحُودًا لِلَّهِ).اهـ كتاب المحاربة.

والشاهد أنّ هذا الإسلوب مستعملٌ بكثرة في لغة العرب، ويسميه البلاغيون بـ (القصر الإضافي)، وهو نوع من المجاز غرضه التنبيه، وقد استعمل قتادة هذا الأسلوب المجازي في كلامه للتنبيه على أنّ العرب اشتهروا بالذبح لغير الله ولذلك يجب تفسير آية:{وَلَا تَأۡكُلُواْ مِمَّا لَمۡ يُذۡكَرِ ٱسۡمُ ٱللَّهِ عَلَيۡهِ} بما اشتهر عن العرب، لا كما فعل الجمهور، فتدبر!
ولكن للأسف جهل الناس اليوم بلغة العرب وبالحقيقة والمجاز جعلهم يَضلون في فهمِ كلام قتادة وغيره.

ومما يُؤكد أنّ قتادة لا يقصد بكلامه الحصر الحقيقي أنَّه كَفَّرَ مشركي العرب بمناط التشريع مع الله في آياتٍ أخر، مع أنّه لم يذكر شرك التشريع في الصور الثلاث التي حكاها عنهم أعلاه.

▪️قال الواحدي في تفسيره:( {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ}...مذهب قتادة من المفسرين إنهم عمدوا فزادوا صفرًا في الأشهر الحرم فقرنوه بالمحرم في التحريم، وأشركوا بينهما في الاسم فقالوا للمحرم وصفر: صفران).اهـ

▪️قال ابن كثير في تفسيره:( {وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لَا يَطْعَمُهَا إِلَّا مَنْ نَشَاءُ بِزَعْمِهِمْ}...عن ابن عباس: الحجر: الحرام مما حرموا من الوصيلة وتحريم ما حرموا، وكذلك قال مجاهد والضحاك والسدي وقتادة).اهـ

▪️قال القرطبي في تفسيره:( {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً}...قَالَ قَتَادَةُ يَعْنِي تَحْلِيلَ الْحَلَالِ وَتَحْرِيمَ الْحَرَامِ).اهـ

📍ويمكن توجيهُ كلام قتادة المُشْكَل من وجهٍ أخر: وهو أنَّه أراد أن يُبين أنَّ مجرد الأكلِ مما ذُبِحَ لغير الله ليس بشركٍ، بل الشرك هو الذبحُ لغير الله، وليس الأكلَ نفسَه، وذلك دفعًا للإشكال الذي توهمه الخوارج من آية {وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} وهو أنَّ من أطاع الكفار في مجرد الأكل مما ذُبِح لغير الله أو في مجرد أكل الميتة فهو كافر بالله، ثمّ عمّموا الاستدلال بالآية على تكفير كل عصاة المسلمين، والوجه الأول أظهر.

▪️أخرج ابن ابي حاتم في تفسيره:(عن الشَّعْبِيَّ {وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} قَالَ تَزْعُمُ الْخَوَارِجُ أَنَّهَا فِي الأُمَرَاءِ).اهـ

📍وأخيرًا أقول: إنّ المحتج بكلام قتادة لم يفهم الخلاف الوارد في الآية، ولم يستوعب علاقة كلامه بالآية أصلًا، ولذلك عَجِزَ عن فهم كلامه رحمه الله وأخرجه عن سياقه، وعلى أي حال فكلام قتادة ليس بحجة في دين الله، إنّما الحجة هي الكتاب والسنة والإجماع، ولكن آفة الزمان هي التعجل في البحث، والقول على الله بغير علمٍ، وإنزال كلام العلماء منزلة كلام الله ورسوله، ومن هنا هَلَك الكثيرون وضلّوا أنفسَهم وأهليهم، وقد قال تعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا) ، والله أعلى وأعلم، وصلِّ اللهم على محمد.

┄┄༻💥💥💥🌷🌷💥💥💥༺┄┄

✍️ كتبه: أبو هريرة التميمي.
بوت التواصل: @Twhied_bot
رابط القناة: t.me/fatawa2all
ٰ

𖣘𖣘 فَتَاوَىٰ أَهْلِ الِْإيمَانِ 𖣘𖣘

14 Oct, 11:40


📍القول الثاني: مذهب الشافعي وقتادة:
وفيه أنَّ الآية من بدايتها تتحدث عن تحريم الذبح لغير الله، وقد استحل الكفار الميتة فنزل قوله تعالى:{وَإِنۡ أَطَعۡتُمُوهُمۡ إِنَّكُمۡ لَمُشۡرِكُونَ} أي وإنْ أطعتموهم في الذبح لغير الله أو في إهلال الميتة للأصنام والتسمية عليها باسم اللات والعزى فأنتم مشركون.

▪️قال القسطلاني الشافعي:( {وَإِنۡ أَطَعۡتُمُوهُمۡ إِنَّكُمۡ لَمُشۡرِكُونَ} هذا مخصوص بما ذبح على اسم النصب يعني لو رضيتم بهذه الذبيحة التي ذبحت على اسم إلهية الأوثان فقد رضيتم بإلهيتها وذلك يوجب الشرك، قال إمامنا الشافعي رحمه الله: فأوّل الآية وإن كان عامًّا بحسب الصيغة إلا أن آخرها لما حصلت فيه هذه القيود الثلاثة علمنا أن المراد من العموم الخصوص).اهـ شرح صحيح البخاري.

▪️قال ابن نُور الدِّين الشافعي:( {وَلَا تَأۡكُلُواْ مِمَّا لَمۡ يُذۡكَرِ ٱسۡمُ ٱللَّهِ عَلَيۡهِ}...ذهبَ أبو عبدِ الله الشافعي رحمه الله أنَّ التسميةَ غيرُ واجبة؛ وإن آية الأنعام مَخْصوصَةٌ بما ذُبح للأصنامِ، وذلك أن الجاهليةَ كانتْ تعظِّم آلهتَها، فتُهدي إليها، وتتقربُ إليها بالذبحِ عليها، وفعلُها هذا يتضمَّن ثلاثةَ أمورٍ قبيحةٍ شنيعةٍ:
أحدها: الإهلالُ لغير اللهِ تعالى.
وثانيها: ذبحُها تعظيمًا لآلهتها.
وثالثها: تركُ ذكرِ اسم اللهِ عليها، وتعويضُه باسمِ آلهتها
).اهـ كتاب تيسير البيان.

فالإمام الشافعي كما ترى قَيَّدَ الآية بثلاثة قيود وهي (الإهلال للأصنام والذبح لها والتسمية باسمها)، وعليه فمن حقَّق في الميتة هذه القيود الثلاثة أو بعضها فهو مشرك.

🔹تنبيه:-
لا تنافي بين قول الجمهور وقول الشافعي في كفر من استحل الميتة، ولكن وقع النزاع بينهما في ذبيحة المسلم متروكة التسمية، وهل هي بمنزلة الميتة أم لا؟ ، فليس الخلاف في حكم الميتة نفسها، فتنبه!

🌀رابعًا : وقفة مع قول قتادة المْشْكَل:-

▪️قال قتادة:(وإنا واللهِ ما نَعْلَمُه كان شِرْكٌ قطُّ إلا بإحدى ثلاثٍ: أَن يَدْعُوَ مع اللهِ إِلَهًا آخرَ، أو يَسْجُدَ لغيرِ اللهِ، أو يُسمِّيَ الذبائحَ لغيرِ اللهِ).اهـ

قلتُ: كلام قتادة لا إشكال فيه لمن فهم الخلاف في تفسير الآية.
📍فقول قتادة: (أو يُسمِّيَ الذبائحَ لغير اللهِ).اهـ
لاحظ استعمال قتادة للفعل"يُسمِّيَ" ، فهو إشارة منه لأول الآية:{ولَا تَأۡكُلُواْ مِمَّا لَمۡ يُذۡكَرِ ٱسۡمُ ٱللَّهِ عَلَيۡهِ وَإِنَّهُۥ ‌لَفِسۡق}، وهذه الإشارة تبين لكَ المراد من كلام قتادة، وأنَّه أراد بها التوضيح بأنَّ الآية تتكلم عن الذبح لغير الله وهو معنى الفسق في الآية كما هو مذهب الشافعية، لا أنَّ الآية تتكلم عن تحريم أكل متروك التسمية كما فهم الجمهور، مما يعني أن قتادة أراد بكلامه هذا أن ينصر مذهبه في القول بجواز أكل متروك التسمية، وأن يدفع قول الجمهور، ومن هنا تعلم وجه الارتباط بين كلام قتادة والآية الكريمة.

📍أمَّا قول قتادة:(وإنا واللهِ ما نَعْلَمُه كان شِرْكٌ قطُّ).اهـ
لم يقصد قتادة هنا أنّه كان جاهلًا بصور الشرك كما فهم بعض الجهال اليوم، فقوله:(وإنّا والله ما نَعْلَمُه) لا يقصد به علم نفسه، بل يقصد ما يعلمه عن شرك كفار العرب وقتئذٍ، بدليل قوله بعدها:(كان شِرْكٌ قطُّ) وكان: فعل ماض، والمعنى:كان هذا هو شرك العرب في الماضي، أي كان شركهم هو الذبح لغير الله، وليس استحلال أكل الميتة فحسب، وإلا فهل كان الكفار يأكلون الميتة مستحلين أم كانوا يسمون عليها اسم اللات والعزى أيضًا؟!، هذا هو مفصل المسألة.
وحاصل القول أنّه لا شكّ في كفر من استحل الميتة وإن لم يأكلها وإن لم يسمِّها للأصنام، ولكن أهذا ما كانت تفعله العرب أم كانت تسمي الذبائح للأصنام؟
فإن ثَبَتَ تسميتهم الذبائح للأصنام فقول الجمهور في متروك التسمية مدفوع حينئذٍ، هذا هو مقصد قتادة من كلامه.

🔘فإن قيل: ولكن قتادة حَصَرَ شرك العرب في ثلاث صور فقط وهي: الدعاء والسجود والذبح لغير الله، ويلزم من ذلك أنّه كان جاهلًا ببقية صور الشرك؟!
قلتُ: لا يلزم، لأنّ كلامه حكاية عن واقع مشركي العرب وما كانوا يفعلونه من شركيات، وذلك كقولي: (ما أعلمه كان شركٌ قط في قوم سبأ إلا السجود للشمس) فهل يفهم أي عاقل من قولي هذا أنَّي أجهل كافة صور الشرك إلا السجود للشمس؟! ، أم كل عاقل سيفهم أنّي لا أعلم عن قوم سبأ أي شركيات أخرى عدا السجود للشمس؟!

𖣘𖣘 فَتَاوَىٰ أَهْلِ الِْإيمَانِ 𖣘𖣘

14 Oct, 11:36


🌀ثانيًا: تفسير الشطر الثاني من الآية:{وَإِنَّهُۥ ‌لَفِسۡق}:-

اختلف السلفُ في تفسير هذا الشطر على قولين أيضًا…

📍القول الأول: قول الجمهور:
اعتبروا أنّ قوله تعالى:{وَإِنَّهُۥ ‌لَفِسۡق} يعني أنَّ أكل متروك التسمية حرام؛ لأنّه بمنزلة الميتة، واستدلوا بأنّ حرف الواو للعطف على ما سبق، وبأنَّ الضمير في كلمة {وَإِنَّهُ} يعود على الأكل ومفاده أنَّ أكل متروك التسمية حرامٌ وفسقٌ، ولذلك فسَّروا الفسقَ في الآية بالفسق الأصغر غير المخرج من الملة.

📍القول الثاني: قول الشافعية وقتادة:
اعتبروا أنّ قوله تعالى:{وَإِنَّهُۥ ‌لَفِسۡق} يعني ما ذُبِحَ لغير الله كفر، واستدلوا بأنَّ الضمير في كلمة {وَإِنَّهُ} يعود على الذبح لغير الله، ولذلك فسّروا الفسق في الآية بالفسق الأكبر، واحتجوا على ذلك بقوله تعالى:{أَوۡ ‌فِسۡقًا أُهِلَّ لِغَيۡرِ ٱللَّهِ بِهِ}، ومن هنا اعتبروا أنَّ الواو في كلمة {وَإِنَّهُ} هي واو الحال، وعليه فمعنى الآية عندهم هو: ولا تأكلوا من الذبيحة حال كونها ذُبِحت لغير الله أمّا حال كونها لم تُذبح لغير الله فلا مانع من أكلها، ثُمَّ دفعوا قول الجمهور بأنَّ الواو للعطف بحجة أن قوله تعالى:{وَإِنَّهُۥ ‌لَفِسۡق} جملة اسمية، ولا يجوز عطف الجملة الاسمية على الجملة الفعلية عند اللُغويين.

وحاصل القول أنَّ الفريقين اختلفوا في: معنى حرف الواو، وفي معنى الضمير، وفي معنى الفسق، وكل فريق فسّرهم بحسب قوله في حكم متروك التسمية.

▪️قال ابن كثير في تفسيره:( {وَإِنَّهُۥ ‌لَفِسۡق} وَالضَّمِيرُ قِيلَ عَائِدٌ عَلَى الْأَكْلِ، وَقِيلَ عَائِدٌ عَلَى الذَّبْحِ لِغَيْرِ اللَّهِ".اهـ

▪️قال الطبري في تفسيره:( {وَإِنَّهُۥ ‌لَفِسۡقٞ} اختلف أهل التأويل في معنى "الفسق" في هذا الموضع فقال بعضهم: معناه المعصية...وقال آخرون: معنى ذلك الكفر".اهـ

▪️قال الألوسي في تفسيره:( {وَإِنَّهُۥ ‌لَفِسۡقٞۗ} ذكر العلامة للشافعي...أنَّ هذه الجملة في موقع الحال إذ لا يحسن عطف الخبر على الإنشاء، وقد بَيَّنَ الفسق بقوله عز شأنه {أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} فيكون النهي عن الأكل مقيدًا بكون ما لم يُذكر اسم الله تعالى عليه قد أُهِلَّ به لِغَيْرِ اللَّهِ تعالى، فيحل ما ليس كذلك إما بطريق مفهوم المخالفة وإما بحكم الأصل وإما بالعمومات الواردة في حل الأطعمة).اهـ

▪️قال شمس الدين الكَرْماني :( قال الشافعي إنَّها سُنَّة...وقوله تعالى{وَإِنَّهُۥ ‌لَفِسۡقٞ} هو مفسر بما أُهِلَّ به لِغَيْرِ اللَّهِ، ومعناه لا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وقد ذكر اسم غير الله يعني اللات والعزى).اهـ شرح صحيح البخاري.

🌀ثالثًا: تفسير الشطر الأخير من الآية:{وَإِنۡ أَطَعۡتُمُوهُمۡ إِنَّكُمۡ لَمُشۡرِكُونَ}:
نزلت هذه الآية لما رفض الكفار الحكم بتحريم الميتة بحجة أنّ الميتة قتلها الله بنفسِه فكيف تكون حرامًا؟! ، وعلى هذا يمكن تفسير الآية مرة بحسب تصور الجمهور، ومرة بحسب تصور الشافعية ..

📍القول الأول: قول الجمهور:
وفيه أنَّ الآية من بدايتها تتحدث عن تحريم أكل متروك التسمية وأنَّه بمنزلة الميتة، وقد استحل الكفار الميتة فنزل قوله تعالى:{وَإِنۡ أَطَعۡتُمُوهُمۡ إِنَّكُمۡ لَمُشۡرِكُونَ} أي وإنْ أطعتموهم في استحلال أكل الميتة فأنتم مشركون.

▪️قال ابن أبي حاتم في تفسيره:(عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَوْلَهُ {وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ} يَعْنِي اسْتِحْلالًا فِي أَكْلِ الْمَيْتَةِ إِنَّكُمْ ‌لَمُشْرِكُونَ مِثْلَهُمْ).اهـ

▪️قال القرطبي في تفسيره:( {وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ} أي في تحليل الميتة إنكم لمشركون فدلت الآية على أن من استحل شيئا مما حرم الله تعالى صار به مشركا، وقد حرم الله سبحانه الميتة نصًا، فإذا قبل تحليلها من غيره فقد أشرك).اهـ

▪️قال الطبري في تفسيره:( {إنَّكُمْ لَمُشْركُونَ} يعني إنكم إذًا مثلهم إذ كان هؤلاء يأكلون الميتة استحلالاً، فإذا أنتم أكلتموها كذلك فقد صرتم مثلهم مشركين).اهـ

𖣘𖣘 فَتَاوَىٰ أَهْلِ الِْإيمَانِ 𖣘𖣘

14 Oct, 11:34


📌السؤال رقم (55/24) : أشكل عليَّ قول قتادة تحت آية: {وَإِنۡ أَطَعۡتُمُوهُمۡ إِنَّكُمۡ لَمُشۡرِكُونَ}
حيث قال قتادة:(وإنا واللهِ ما نَعْلَمُه كان شِرْكٌ قطُّ إلا بإحدى ثلاثٍ: أَن يَدْعُوَ مع اللهِ إِلَهًا آخرَ، أو يَسْجُدَ لغيرِ اللهِ، أو يُسمِّيَ الذبائحَ لغيرِ اللهِ).اهـ
فهل كان قتادة يجهل بقية صور الشرك كشرك التشريع مثلًا، وما علاقة كلامه بالآية المذكورة؟

======================

📌الجواب
:-
ﺑﺴﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻰ ﺭﺳﻮﻝ الله، ﺃﻣﺎ ﺑﻌﺪ:
وَرَد كلام قتادة أعلاه في تفسير الطبري رحمه الله، وللأسف أشكل كلامه على الكثيرين، فبعضهم فَهِمَ منه أنّه لا يُكفّر المُشرع مع الله، وأخرون فهموا منه أنَّه كان جاهلًا ببعض صور الشرك فعذروه بجهله!، وكلا الفريقين ضلَّ في فهم كلام قتادة، ودونك البيان.
لقد جاء كلام قتادة تحت آية الأنعام:{وَلَا تَأۡكُلُواْ مِمَّا لَمۡ يُذۡكَرِ ٱسۡمُ ٱللَّهِ عَلَيۡهِ وَإِنَّهُۥ ‌لَفِسۡقٞۗ وَإِنَّ ٱلشَّيَٰطِينَ لَيُوحُونَ إِلَىٰٓ أَوۡلِيَآئِهِمۡ لِيُجَٰدِلُوكُمۡۖ وَإِنۡ أَطَعۡتُمُوهُمۡ إِنَّكُمۡ لَمُشۡرِكُونَ}
ولا يُمكن فهم كلام قتادة إلا بفهم تفسير الآية كاملة، لذا سأقوم بشرحٍ موجزٍ لكل شطرٍ من الآية...

🌀أولًا: تفسير الشطر الأول من الآية:{وَلَا تَأۡكُلُواْ مِمَّا لَمۡ يُذۡكَرِ ٱسۡمُ ٱللَّهِ عَلَيۡهِ}:
اختلفَ السلفُ في تفسير هذا الشطر حول أكل ذبيحة المسلم إذا ترك التسمية، على قولين رئيسين...
📍القول الأول: قول الجمهور:
وفيه أنَّ التسمية واجبة ويحرم أكل متروك التسمية؛ لأنّه بمنزلة الميتة إلا إذا تركها الذابحُ ناسيًا، وهو مذهب أبي حنيفة ورواية عن أحمد ورواية عن مالك.

📍القول الثاني: قول الشافعية وقتادة:
وفيه أنَّ التسيمة سُنّة، وعليه أباحوا الأكل من الذبيحة سواءً ترك الذابح التسمية عامدًا أو ناسيًا، وبنحوه قال عكرمة وعطاء والنخعي والحسن وجمهور الشافعية وغيرهم، وقالوا إنّ قوله تعالى: {لَمۡ يُذۡكَرِ ٱسۡمُ ٱللَّهِ عَلَيۡهِ} يُراد به ما ذُبِحَ لغير الله كالأصنام والأوثان، وقوله:{وَلَا تَأۡكُلُواْ} يُراد به النهي عن الأكل مما ذُبِحَ لغير الله، وعليه فالآية عندهم ليست للنهي عن الأكل من مترك التسمية أصلًا، ومن هنا نَصَّ الشافعيُ على أنّ الآية من قبيل العام المخصوص.

▪️حكى ابن حيان في تفسيره عن:(عطاء وابن المسيب والحسن وجابر وعكرمة وطاووس والنخعي وقتادة وابن زيد وعبد الرحمن بن أبي ليلى وربيعة ومالك في رواية والشافعي والأصم: يحل أكل متروك التسمية عمداً كان الترك أو نسيانًا).اهـ

▪️قَال الإمام الشَّافِعِي:( {وَلَا تَأۡكُلُواْ مِمَّا لَمۡ يُذۡكَرِ ٱسۡمُ ٱللَّهِ عَلَيۡهِ}...هَذَا النَّهْيُ مَخْصُوصٌ بِمَا إِذَا ذُبِحَ عَلَى اسْمِ النُّصُبِ".اهـ مفاتح الغيب.

▪️قال الطبري في تفسيره:(واختلف أهل التأويل في الذي عنى الله جل ثناؤه بنهيه عن أكله مما لم يذكر اسم الله عليه، فقال بعضهم: هو ذبائح كانت العرب تذبحها لآلهتها).اهـ

▪️قال البغوي في تفسيره:( {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ}...قالَ عَطَاءٌ الْآيَةُ فِي تَحْرِيمِ الذَّبَائِحِ الَّتِي كَانُوا يَذْبَحُونَهَا عَلَى اسْمِ الْأَصْنَامِ).اهـ

▪️قال ابن كثير في تفسيره:(عن عطاء {وَلَا تَأۡكُلُواْ مِمَّا لَمۡ يُذۡكَرِ ٱسۡمُ ٱللَّهِ عَلَيۡهِ} قال ينهى عن ذبائح كانت تذبحها قريش عن الأوثان، وينهى عن ذبائح المجوس، وهذا المسلك الذي طرقه الإمام الشافعي رحمه الله قوي).اهـ

𖣘𖣘 فَتَاوَىٰ أَهْلِ الِْإيمَانِ 𖣘𖣘

27 Aug, 19:29


📍القول الثاني:
فهموا من قول الكرابيسي: (لفظي بالقرآن مخلوق) أنَّه كان يقصد صوت العبد وحركاته، وهذا قولٌ حق بلا شك، وقد رجَّحه ابن تيمية والذهبي وابن كثير رحمهم الله جميعًا.
واستدلوا بــ
1- قول ﺍﻟﻜﺮﺍﺑﻴﺴﻲ:(ﻷﻗﻮﻟﻦَّ ﻣﻘﺎﻟﺔً ﺣﺘﻰ ﻳﻘﻮﻝ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ ﺑﺨﻼﻓﻬﺎ ﻓﻴﻜﻔﺮ، ﻓﻘﺎﻝ: ﻟﻔﻈﻲ ﺑﺎﻟﻘﺮﺁﻥ ﻣﺨﻠﻮﻕ).اهـ تاريخ الإسلام

2-
وقول الكرابيسي:( القُرْآنَ كَلاَمُ اللهِ غَيْرُ مَخْلُوْقٍ مِنْ كُلِّ الجِهَاتِ إِلاَّ أَنَّ لَفْظي بِهِ مَخْلُوْقٌ، وَمَنْ لَمْ يَقُلْ: لَفْظي بِالقُرْآنِ مَخْلُوْقٌ، فَهُوَ كَافِرٌ).ﺍﻫـ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻻﺳﻼﻡ.
ويظهر من قول الكرابيسي الأول أنّه كان يقصد صوتَ العبدِ، وإلا فإنْ كان يقصد أنَّ القرآنَ مخلوقٌ، فكيف يَكْفُر الإمام أحمد إذا قال بخلاف قوله؟!

ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺬﻫﺒﻲ : (ﻭَﻻَ ﺭَﻳْﺐَ ﺃَﻥَّ ﻣَﺎ ﺍﺑْﺘَﺪَﻋَﻪُ ﺍﻟﻜَﺮَﺍﺑِﻴْﺴِﻲُّ ﻭَﺣَﺮَّﺭَه ﻓِﻲ ﻣَﺴْﺄَﻟَﺔِ ﺍﻟﺘَّﻠَﻔُّﻆِ، ﻭَﺃَﻧَّﻪُ ﻣَﺨْﻠُﻮْﻕٌ ﻫُﻮَ ﺣَﻖٌّ, ﻟَﻜِﻦْ ﺃَﺑَﺎه ﺍﻹِﻣَﺎﻡُ ﺃَﺣْﻤَﺪُ, ﻟِﺌَﻼَّ ﻳُﺘَﺬَﺭَّﻉَ ﺑِﻪِ ﺇِﻟَﻰ ﺍﻟﻘَﻮْﻝِ ﺑِﺨَﻠْﻖِ ﺍﻟﻘُﺮْﺁﻥِ، ﻓَﺴُﺪَّ ﺍﻟﺒَﺎﺏُ).اهـ ﺳﻴﺮ ﺃﻋﻼﻡ ﺍﻟﻨﺒﻼﺀ

وقال ابن تيمية:(مع اتفاق الطائفتين على أن القرآن كله كلام الله، لم يحدث غيره شيئًا منه، ولا خلق منه شيئًا في غيره: لا حروفه، ولا معانيه، مثل حسين الكرابيسي وداود بن علي الأصبهاني وأمثالهما).اهـ درء التعارض.

🔘والذي يظهر لي هو رجحان القول الأول وأنَّ الكرابيسي كان على مذهب الكلابية فعلًا؛ إذ لا يُتصور جهل الإمام أحمد بقول الكرابيسي خاصة وأنَّهما أقرانٌ وكانت بينهما صداقة، كما لا يُتصور أنْ يُكفِّر الإمام أحمد الكرابيسي سدًا للذريعة فقط!
كما أنّ قول الكرابيسي :(القُرْآنَ كَلاَمُ اللهِ غَيْرُ مَخْلُوْقٍ مِنْ كُلِّ الجِهَاتِ إِلاَّ أَنَّ لَفْظي بِهِ مَخْلُوْقٌ) يُمكن تأويله بأنَّه يقصد به المعاني الأزلية للقرآن وأنَّها غير مخلوقة من كل الجهات بينما القرآن الحالي بحروفه وألفاظه مخلوقٌ عنده؛ ولذلك كفره الإمام أحمد.

وعلى أي حالٍ، فإنَّ خلافَ الإمام أحمد مع كل خصومه سواءً الجهمية أو الواقفة أو اللفظية كان في مسألة خلق القرآن فقط، لا كما فهم بعضُ الجهالِ اليوم أنّ الإمام أحمد كانت خصومته مع مخالفيه حول صوت العبد أثناء قراءة القرآن وأنّه غير مخلوق!

🌀 ختامًا :-
أنوهُ إلى أنَّ المذهب الحنبلي خاصة، قد وقعت فيه بعض الاضطرابات في باب تكفير أهل البدع والأهواء، بدءً من تكفير الخوارج، مرورًا بتكفير تارك الصلاة، ثُمَّ تكفير المتأول لآحاد الصفات الخبرية…إلخ.

قال ابن تيمية الحنبلي :(اضْطَرَبَتْ الْأُمَّةُ اضْطِرَابًا كَثِيرًا فِي تَكْفِيرِ أَهْلِ الْبِدَعِ وَالْأَهْوَاءِ).اهـ مجموع الفتاوى.

وقد حاول بعض الحنابلة معالجة هذا الاضطراب في التكفير بعدة معالجات:
📍منها أنَّ المذهب الحنبلي يُفرق بين تكفير الداعية وتكفير المقلد.
📍ومنها أنّ المذهب الحنبلي يُفرق بين تكفير النوع وتكفير العين، وأنّ المُعين لا يكفر إلا بعد قيام الحجة.
📍ومنها أنَّ المذهب الحنبلي يُكفر بالظاهر؛ وفقًا لأصوله في الباب.

قال ابن مفلح رحمه الله :(قَالَ صَاحب الْمُحَرر وَالصَّحِيح أَن كل بِدعَة كفرنا فِيهَا الداعية، فَإنَّا نفسق الْمُقَلّد فِيهَا كمن يَقُول بِخلق الْقُرْآن).اهـ الفروع.

والحقُ أنّ التكفيرَ في تلك المسائل لا يكون بقول أحمدٍ ولا من هو أعلى منه قدرًا، بل لا يكون إلا بدليلٍ صريحٍ من الكتاب والسنةِ، وإنْ اجتهدَ الإمامُ أحمد فأصاب فله أجران، وإنْ أخطأ فله أجر، لكن بعض الناس اليوم يعاملون اجتهادات الإمام أحمد كنصٍ مقدسٍ من عند الله، فضلُّوا وأضلٌّوا.

قال النبي ﷺ :(إذا حَكَمَ الحاكِمُ فاجْتَهَدَ ثُمَّ أصابَ فَلَهُ أجْرانِ، وإذا حَكَمَ فاجْتَهَدَ ثُمَّ أخْطَأَ فَلَهُ أجْرٌ) رواه البخاري.

والكلام يطول، مكتفيًا بما تقدم، وصلَّ اللهم على محمدٍ وآله وصحبه وسلم.

┄┄༻💥💥💥🌷🌷💥💥💥༺┄┄

✍️ كتبه: أبو هريرة التميمي.
بوت التواصل: @Twhied_bot
رابط القناة: t.me/fatawa2all
ٰ

𖣘𖣘 فَتَاوَىٰ أَهْلِ الِْإيمَانِ 𖣘𖣘

27 Aug, 19:26


🌀 ثالثًا: عقيدة ﺍﻟﻜﺮﺍﺑﻴﺴﻲ في القرآن :-
ﻟﻘﺪ ﻭﻗﻌﺖ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﻜﺮﺍﺑﻴﺴﻲ ﺳﻨﺔ 234هـ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻗﺎﻝ عبارته الشهيرة:(ﻟﻔﻈﻲ ﺑﺎﻟﻘﺮﺁﻥ ﻣﺨﻠﻮﻕ) وهي ﻋﺒﺎﺭﺓ مُحتملة كما تقدم، ﻓﻬﻞ ياتُرى ﺃﺭﺍﺩ الكرابيسي ﺑﻬﺎ ﻣﻮﺍﻓﻘﺔ مذهب اللفظية الكلابية، ﺃﻡ ﺃﺭﺍﺩ بها موافقة الإمام البخاري والسلف؟!
من هنا انقسم العلماء في فهم كلام الكرابيسي إلى قولين:

📍القول الأول:
أنّ الكرابيسي كان على مذهب الكلابية، وقوله:(ﻟﻔﻈﻲ ﺑﺎﻟﻘﺮﺁﻥ ﻣﺨﻠﻮﻕ) أراد به أنَّ القرآنَ مخلوقٌ؛
ودليل ذلك:
1- قول الإمام أحمد:(ﻣَﺎﺕَ ﺑِﺸْﺮٌ ﺍﻟْﻤِﺮِّﻳﺴِﻲُّ ﻭَﺧَﻠَﻔَﻪُ ﺣُﺴَﻴْﻦٌ ﺍﻟْﻜَﺮَﺍﺑِﻴﺴِﻲُّ).ﺍﻫـ ﺍﻹﺑﺎﻧﺔ ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ.

2- وقول الإمام أحمد عن الكرابيسي:(هو الكافر قاتَلَه الله، وأيُّ شيءٍ قالت الْجَهْميّة إلا هذا؟ قالوا كلام الله، ثمّ قالوا: مخلوق، وما ينفعه وقد نقضَ كلامه الأخير كلامه الأوّل حين قال لفظي بالقرآن مخلوق).اهـ تاريخ الإسلام.

ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺣﺎﺗﻢ ﺍﻟﺮَّﺍﺯِﻱّ ﺑﺴﻨﺪٍ ﺻﺤﻴﺢ :( ﻣﻦ ﻛَﻼَﻡ ﺟﻬﻢ ﺑﻦ ﺻَﻔْﻮَﺍﻥ، ﻭﺣﺴﻴﻦ ﺍﻟْﻜَﺮَﺍﺑِﻴﺴِﻲ، ﻭَﺩَﺍﻭُﺩ ﺍﺑْﻦ ﻋَﻠﻲّ ﺃَﻥ ﻟَﻔﻈﻬﻢْ ﺍﻟْﻘُﺮْﺁﻥ ﻣَﺨْﻠُﻮﻕ، ﻭَﺃَﻥ ﺍﻟْﻘُﺮْﺁﻥ ﺍﻟْﻤﻨﺰﻝ ﻋﻠﻰ ﻧَﺒﻴﻨَﺎ ﺻَﻠَّﻰ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢ َﻣِﻤَّﺎ ﺟَﺎﺀَ ﺑِﻪِ ﺟِﺒْﺮِﻳﻞ ﺍﻷْﻣﻴﻦ ﺣِﻜَﺎﻳَﺔ ﺍﻟْﻘُﺮْﺁﻥ ﻓﺠﻬﻤﻬﻢ ﺃَﺑُﻮ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺃَﺣْﻤَﺪ ﺑﻦ ﻣُﺤَﻤَّﺪ ﺍﺑْﻦ ﺣَﻨْﺒَﻞ، ﻭَﺗَﺎﺑﻌﻪ ﻋَﻠَﻰ ﺗﺠﻬﻴﻤﻬﻢ ﻋُﻠَﻤَﺎﺀ ﺍﻷْﻣْﺼَﺎﺭ ﻃﺮﺍ ﺃَﺟْﻤَﻌُﻮﻥَ، ﻻَ ﺧﻼﻑ ﺑَﻴﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻷَْﺛﺮ ﻓِﻲ ﺫَﻟِﻚَ).ﺍﻫـ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﺤﺠﺔ ﻟﻸﺻﺒﻬﺎﻧﻲ.

وﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺒﺮ (ﺕ463ﻫـ) :(اﻥَّ ﺃَﺣْﻤَﺪَ ﺑْﻦَ ﺣَﻨْﺒَﻞٍ ﻛَﺎﻥَ ﻳَﻘُﻮﻝُ ﻣَﻦْ ﻗَﺎﻝَ ﺍﻟْﻘُﺮْﺁﻥُ ﻣَﺨْﻠُﻮﻕٌ ﻓَﻬُﻮَ ﺟَﻬْﻤِﻲٌّ ﻭَﻣَﻦْ ﻗَﺎﻝَ ﺍﻟْﻘُﺮْﺁﻥُ ﻛَﻼﻡُ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﻭَﻻ ﻳَﻘُﻮﻝُ ﻏَﻴْﺮُ ﻣَﺨْﻠُﻮﻕٍ ﻭَﻻ ﻣَﺨْﻠُﻮﻕٌ ﻓَﻬُﻮَ ﻭَﺍﻗِﻔِﻲٌّ ﻭَﻣَﻦْ ﻗَﺎﻝَ ﻟَﻔْﻈِﻲ ﺑِﺎﻟْﻘُﺮْﺁﻥِ ﻣَﺨْﻠُﻮﻕ ﻓَﻬُﻮَ ﻣُﺒْﺘَﺪﻉ، ﻭَﻛَﺎﻥَ ﺍﻟﻜﺮﺍﺑﻴﺴﻰ ﻭﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺑْﻦُ ﻛِﻼﺏٍ ﻭَﺃَﺑُﻮ ﺛَﻮْﺭٍ ﻭَﺩَﺍﻭُﺩُ ﺑْﻦُ ﻋَﻠِﻲٍّ ﻭﻃﺒﻘﺎﺗﻬﻢ ﻳَﻘُﻮﻟُﻮﻥَ ﺍﻥ ﺍﻟْﻘُﺮْﺁﻥ ﺍﻟﺬﻯ ﺗﻜﻠﻢ ﺑِﻪِ ﺍﻟﻠﻪ ﺻِﻔَﺔٌ ﻣِﻦْ ﺻِﻔَﺎﺗِﻪِ ﻻَ ﻳَﺠُﻮﺯُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﺍﻟْﺨَﻠْﻖُ ﻭَﺇِﻥَّ ﺗِﻼﻭَﺓَ ﺍﻟﺘَّﺎﻟِﻲ ﻭَﻛَﻼﻣِﻪِ ﺑِﺎﻟْﻘُﺮْﺁﻥِ ﻛَﺴْﺐٌ ﻟَﻪُ ﻭَﻓِﻌْﻞٌ ﻟَﻪُ ﻭَﺫَﻟِﻚَ ﻣَﺨْﻠُﻮﻕٌ، ﻭَﺇِﻧَّﻪُ ﺣِﻜَﺎﻳَﺔٌ ﻋَﻦْ ﻛَﻼﻡِ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﻭَﻟَﻴْﺲَ ﻫُﻮَ ﺍﻟْﻘُﺮْﺁﻥُ ﺍﻟَّﺬِﻱ ﺗَﻜَﻠَّﻢَ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﺑِﻪِ).ﺍﻫـ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﺀ.

ﻭﻗﺎﻝ ﻣﺴﻠﻤﺔ ﺑﻦ ﻗﺎﺳﻢ (ت353هـ):(ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻜﺮﺍﺑﻴﺴﻲ ﻏﻴﺮ ﺛﻘﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ، ﻭﻛﺎﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﺑﺨﻠﻖ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ، ﻭﻛﺎﻥ ﻣﺬﻫﺒﻪ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﻣﺬﻫﺐ ﺍﻟﻠﻔﻈﻴﺔ) .ﺍﻫـ ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻤﻴﺰﺍﻥ ﻻﺑﻦ ﺣﺠﺮ.

𖣘𖣘 فَتَاوَىٰ أَهْلِ الِْإيمَانِ 𖣘𖣘

27 Aug, 19:26


🌀 ثانيًا: عقيدة ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ في القرآن :-
ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﻣﻮﻗﻒ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻓﻲ ﻏﺎﻳﺔ ﺍﻟﻮﺿﻮﺡ؛ ﺣﻴﺚ ﺻﺮَّﺡ ﺃﻥّ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻟﻔﻈًﺎ ﻭﻣﻌﻨﻰ ﻫﻮ ﻛﻼﻡ ﺍﻟﻠﻪ ﻏﻴﺮ ﻣﺨﻠﻮﻕ، بينما ﺻﻮﺕ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﻗﺮﺍﺀﺓ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻫﻮ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻕ، ﻣﻮﺍﻓﻘًﺎ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ لمذهب الإمام ﺃﺣﻤﺪ، لذا ﻣﻨﻊ الإمام ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ أيضًا ﻋﺒﺎﺭﺓ:(ﻟﻔﻈﻲ ﺑﺎﻟﻘﺮﺁﻥ ﻣﺨﻠﻮﻕ) ﻛﻤﺎ منعها ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﺣﻤﺪ من قبل؛ والسببُ في ذلك أنَّ ﻛﻠﻤﺔ "ﺍﻟﻠﻔﻆ" مشترك لفظي، وهي ﻣﺼﺪﺭ، ﻭﺍﻟﻤﺼﺪﺭ ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﻨﻴﻴﻦ:

📍ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻷﻭﻝ:
ﺍﻟﻤﺼﺪﺭ ﺑﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﻔﻌﻞ، ﺃﻱ اللفظ بمعنى ﺍﻟﺘﻠﻔﻆ وهو ﺻﻮﺕُ ﺍﻟﻌﺒﺪِ ﻭﺣﺮﻛﺎﺗﻪ، وهو ﻣﺨﻠﻮﻕٌ ﺑﻼ ﺷﻚ.

📍ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ : ﺍﻟﻤﺼﺪﺭ ﺑﻤﻌﻨﻰ ﺍﺳﻢ ﺍﻟﻤﻔﻌﻮﻝ، ﻛﻘﻮﻟﻚ ﺷﺮﺍﺏ ﺑﻤﻌﻨﻰ ﻣﺸﺮﻭﺏ ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ:(ﻟﻬﻢ ﺷﺮﺍﺏٌ ﻣﻦ ﺣﻤﻴﻢٍ) أي مشروب، ومنه كذلك ﺍﻟﻠﻔﻆ ﺑﻤﻌﻨﻰ الملفوظ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﻭﻫﻮ ﻏﻴﺮ مخلوق.

ﻭبهذا يتبين أنَّ ﻋﺒﺎﺭﺓ:(ﻟﻔﻈﻲ ﺑﺎﻟﻘﺮﺁﻥ ﻣﺨﻠﻮﻕ) ﻣﻮﻫﻤﺔ ﻣﺤﺘﻤﻠﺔ؛ إذ قد يُراد بها صوت العبد وهذا حق، وقد يُراد بها القرآن الكريم وهذا باطلٌ، لذا منعها الأئمة؛ دفعًا لهذا الالتباس.

ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻷﺑﻲ ﻋﻤﺮﻭ ﺍﻟﺨﻔﺎﻑ: (ﻳﺎ ﺃﺑﺎ ﻋﻤﺮﻭ ﺍﺣﻔﻆ ﻣﺎ ﺃﻗﻮﻝ ﻟﻚ، ﻣﻦ ﺯﻋﻢ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﻧﻴﺴﺎﺑﻮﺭ، ﻭﻗﻮﻣﺲ، ﻭﺍﻟﺮﻱ، ﻭﻫﻤﺬﺍﻥ، ﻭﺣﻠﻮﺍﻥ، ﻭﺑﻐﺪﺍﺩ، ﻭﺍﻟﻜﻮﻓﺔ، ﻭﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ، ﻭﻣﻜﺔ، ﻭﺍﻟﺒﺼﺮﺓ ﺃﻧﻲ ﻗﻠﺖ: ﻟﻔﻈﻲ ﺑﺎﻟﻘﺮﺁﻥ ﻣﺨﻠﻮﻕ ﻓﻬﻮ ﻛﺬﺍﺏ، ﻓﺈﻧﻲ ﻟﻢ ﺃﻗﻞ ﻫﺬه، ﺇﻻ ﺃﻧﻲ ﻗﻠﺖُ ﺃﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ﻣﺨﻠﻮﻗﺔ).ﺍﻫـ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺑﻐﺪﺍﺩ.

وﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ:(ﻭَﺍﻟْﻘِﺮَﺍﺀَﺓُ ﻭَﺍﻟْﺤِﻔْﻆُ ﻭَﺍﻟْﻜِﺘَﺎﺑَﺔُ ﻣَﺨْﻠُﻮﻕٌ، ﻭَﻣَﺎ ﻗُﺮِﺉَ ﻭَﺣُﻔِﻆَ ﻭَﻛُﺘِﺐَ ﻟَﻴْﺲَ ﺑِﻤَﺨْﻠُﻮﻕٍ....َﻭﻳُﻘَﺎﻝُ ﻟَﻪُ: ﺃَﺗَﺮَﻯ ﺍﻟْﻘُﺮْﺁﻥَ ﻓِﻲ ﺍﻟْﻤَﺼَﺎﺣَﻒِ؟ ﻓَﺈِﻥْ ﻗَﺎﻝَ:ﻧَﻌَﻢْ، ﻓَﻘَﺪْ ﺯَﻋَﻢَ ﺃَﻥَّ ﻣِﻦْ ﺻِﻔَﺎﺕِ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﻣَﺎ ﻳُﺮَﻯ ﻓِﻲ ﺍﻟﺪُّﻧْﻴَﺎ، ﻭَﻫَﺬَﺍ ﺭَﺩٌّ ﻟِﻘَﻮْﻝِ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﻋَﺰَّ ﻭَﺟَﻞَّ: {ﻻَ ﺗُﺪْﺭِﻛُﻪُ ﺍﻷْﺑْﺼَﺎﺭُ} ﻓِﻲ ﺍﻟﺪُّﻧْﻴَﺎ {ﻭَﻫُﻮَ ﻳُﺪْﺭِﻙُ ﺍﻷْﺑْﺼَﺎﺭَ} ﻭَﺇِﻥْ ﻗَﺎﻝَ ﻳَﺮَﻯ ﻛِﺘَﺎﺑَﺔَ ﺍﻟْﻘُﺮْﺁﻥِ ﻓَﻘَﺪْ ﺭَﺟَﻊَ ﺇِﻟَﻰ ﺍﻟْﺨَﻠْﻖِ).ﺍﻫـ ﺧﻠﻖ ﺃﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ.

ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﺃﻳﻀًﺎ :(ﻗَﺎﻝَ ﺃَﺣْﻤَﺪُ ﺭَﺣِﻤَﻪُ ﺍﻟﻠَّﻪُ: «ﻻَ ﻳُﻌْﺠِﺒُﻨِﻲ ﻗِﺮَﺍﺀَﺓُ ﺣَﻤْﺰَﺓَ» ﻭَﻻَ ﻳُﻘَﺎﻝُ: ﻻَ ﻳُﻌْﺠِﺒُﻨِﻲ ﺍﻟْﻘُﺮْﺁﻥُ.. {ﺣَﺘَّﻰ ﻳَﺴْﻤَﻊَ ﻛَﻼَﻡَ ﺍﻟﻠَّﻪِ} ﻻَ ﻛﻼَﻣَﻚَ ﻭَﻧَﻐَﻤَﺘَﻚَ ﻭَﻟَﺤْﻨَﻚَ...ﻭَﺇِﻥِ ﺍﺩَّﻋَﻴْﺖَ ﺃَﻧَّﻚَ ﺗُﺴْﻤِﻊُ ﺍﻟﻨَّﺎﺱَ ﻛَﻼَﻡَ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﻛَﻤَﺎ ﺃَﺳْﻤَﻊَ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﻛَﻼَﻣَﻪُ ﻟِﻤُﻮﺳَﻰ، ﻗَﺎﻝَ ﻟَﻪُ: {ﺇِﻧِّﻲ ﺃَﻧَﺎ ﺭَﺑُّﻚَ} ﻓﻬﺬَﺍ ﺩَﻋْﻮﻯ ﺍﻟﺮُّﺑﻮﺑِﻴَﺔِ ﺇِﺫَﺍ ﻟَﻢْ ﺗُﻤَﻴِّﺰْ ﺑَﻴْﻦَ ﻗِﺮَﺍﺀَﺗِﻚَ ﻭَﺑَﻴْﻦَ ﻛَﻼَﻡِ ﺍﻟﻠَّﻪِ".ﺍﻫـ ﺧﻠﻖ ﺍﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ.

🔘 ﻭﻗﺪ أشكل ﻣﻮﻗﻒ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻈﻨّﻮﺍ ﺃﻥّ ﻗﻮﻟﻪ ﻫﻮ ﻧﻔﺲ ﻗﻮﻝ اللفظية ﺍلكلابية:(ﺃﻟﻔﺎﻇﻨﺎ ﺑﺎﻟﻘﺮﺁﻥ ﻣﺨﻠﻮﻗﺔ)، ﻭﺍلحقُ ﺃﻥّ الإمام براءٌ من مذهب الكلابية، وأنّ حربَه كانت على من زعموا أنَّ صوت العبد أثناء قراءة القرآن غير مخلوقٍ، ولذلك صنّف ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺍﻟﺸﻬﻴﺮ ﺧﻠﻖ ﺃﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ؛ لبيان هذه المسألة.

ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ:( ﻭَﺻَﺎﺭَ ﺍﺑْﻦُ ﻛُﻼَّﺏٍ ﻳُﺮِﻳﺪُ ﺑِﺎﻟﺘِّﻼَﻭَﺓِ ﺍﻟْﻘُﺮْﺁﻥَ ﺍﻟْﻌَﺮَﺑِﻲَّ ﻭَﺑِﺎﻟْﻤَﺘْﻠُﻮِّ ﺍﻟْﻤَﻌْﻨَﻰ ﺍﻟْﻘَﺎﺋِﻢِ ﺑِﺎﻟﺬَّﺍﺕِ ﻭَﻫَﺆُﻻَﺀِ ﺇﺫَﺍ ﻗَﺎﻟُﻮﺍ ﺍﻟﺘِّﻼَﻭَﺓُ ﻏَﻴْﺮُ ﺍﻟْﻤَﺘْﻠُﻮِّ ﻭَﻫِﻲَ ﻣَﺨْﻠُﻮﻗَﺔٌ، ﻛَﺄَﻥَّ ﻣُﺮَﺍﺩَﻫُﻢْ ﺃَﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻟَﻢْ ﻳَﺘَﻜَﻠَّﻢْ ﺑِﺎﻟْﻘُﺮْﺁﻥِ ﺍﻟْﻌَﺮَﺑِﻲِّ ﺑَﻞْ ﻋِﻨْﺪَﻫُﻢْ ﺃَﻥَّ ﺍﻟْﻘُﺮْﺁﻥَ ﺍﻟْﻌَﺮَﺑِﻲَّ ﻣَﺨْﻠُﻮﻕٌ، ﻭَﻫَﺬَﺍ ﻟَﻢْ ﻳَﻘُﻠْﻪُ ﺃَﺣَﺪٌ ﻣِﻦْ ﺃَﺋِﻤَّﺔِ ﺍﻟﺴُّﻨَّﺔِ ﻭَﺍﻟْﺤَﺪِﻳﺚِ، ﻭَﻳَﻈُﻦُّ ﻫَﺆُﻻَﺀِ ﺃَﻧَّﻬُﻢْ ﻳُﻮَﺍﻓِﻘُﻮﻥَ ﺍﻟْﺒُﺨَﺎﺭِﻱَّ ﺃَﻭْ ﻏَﻴْﺮَه ﻣِﻤَّﻦْ ﻗَﺪْ ﻳُﻔَﺮِّﻕُ ﺑَﻴْﻦَ ﺍﻟﺘِّﻼَﻭَﺓِ ﻭَﺍﻟْﻤَﺘْﻠُﻮِّ ﻭَﻟَﻴْﺲَ ﺍﻷْﻣْﺮُ ﻛَﺬَﻟِﻚَ).ﺍﻫـ ﻣﺠﻤﻮﻉ ﺍﻟﻔﺘﺎﻭﻯ.

𖣘𖣘 فَتَاوَىٰ أَهْلِ الِْإيمَانِ 𖣘𖣘

27 Aug, 19:24


📌السؤال رقم (54/24) : ﻫﻞ ﻛﺎﻥ الإمام ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ على عقيدة اللفظية الجهمية في القرآن؟ وهل كان ﻳﻘﻮﻝ ﺑﻘﻮﻝ ﺍﻟﻜﺮﺍﺑﻴﺴﻲ؟ ﻭﻣﺎ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻭﺑﻴﻦ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﺠﻬﻤﻴﺔ؟

======================

📌الجواب:-
ﺑﺴﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻰ ﺭﺳﻮﻝ الله، ﺃﻣﺎ ﺑﻌﺪ:
ﻟﻘﺪ ﻭﻗﻌﺖْ ﻣﺤﻨﺔ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﺣﻤﺪ بن حنبل رحمه الله تعالى ﻓﻲ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺧﻠﻖ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻓﻲ ﺭﺑﻴﻊ ﺍﻷﻭﻝ ﻋﺎﻡ 218 هـ ، ﺣﻴﺚُ ذهب ﺍﻟﻤﻌﺘﺰﻟﺔ ﻭﺍﻟﺠﻬﻤﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﺨﻠﻖِ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ، فتصدى ﻟﻬﻢ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﺣﻤﺪ بكلِ قوةٍ مبيِّنًا ﺃﻥّ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻛﻼﻡ ﺍﻟﻠﻪ ﻏﻴﺮ ﻣﺨﻠﻮﻕ…

ﻭﻗﺪ ﺍﻧﻘﺴﻢَ ﺍﻟﻤﺨﺎﻟﻔﻮﻥ ﻓﻲ ﻣﺴﺄﻟﺔِ ﺧﻠﻖ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺇﻟﻰ ﺛﻼﺙِ ﻓﺮﻕ:

📍ﺍﻟﻔﺮﻗﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ: الجهمية: وهؤلاء ﻳﺼﺮﺣﻮﻥ ﺑﺨﻠﻖِ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻟﻔﻈًﺎ ﻭمعنى.

📍ﺍﻟﻔﺮﻗﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ: اللفظية: وهؤلاء يُفرِّقون ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻠﻔﻆِ ﻭﺍﻟﻤﻌﻨﻰ، فيعتبرون ﺃﻥَّ اللفظ مخلوق والمعنى غير مخلوق، ولذلك يقولون:(ﺃﻟﻔﺎﻇﻨﺎ ﺑﺎﻟﻘﺮﺁﻥ ﻣﺨﻠﻮقة)

📍ﺍﻟﻔﺮﻗﺔ الثالثة: ﺍﻟﻮﺍﻗﻔﺔ: وهؤلاء ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ﻻ ﻧﺪﺭﻱ هل ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻣﺨﻠﻮﻕ ﺃﻡ ﻻ، ﻭﺣﻘﻴﻘﺔ ﻗﻮﻟﻬﻢ هو ﻧﻔﺲ ﻗﻮﻝ الجهمية، ﻟﻜﻦ ﺗﺴﺘﺮﻭﺍ ﺑﺎﻟﺘﻮﻗﻒ.

ﺭﻭﻯ ﺍﺑﻦ ﺑﻄﺔ ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻃَﺎﻟِﺐٍ ﺃَﺣْﻤَﺪُ ﺑْﻦُ ﺣﻤﻴﺪٍ ﻋﻦ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ ﻗﺎﻝ:
(ﺻَﺎﺭُﻭﺍ ﺛَﻼَﺙَ ﻓِﺮَﻕٍ ﻓِﻲ ﺍﻟْﻘُﺮْﺁﻥِ، ﻗُﻠْﺖُ: ﻧَﻌَﻢْ، ﻫُﻢْ ﺛَﻼَﺙٌ: ﺍﻟْﺠَﻬْﻤِﻴَّﺔُ، ﻭَﺍﻟْﻮَﺍﻗِﻔَﺔُ، ﻭَﺍﻟﻠَّﻔْﻈِﻴَّﺔُ، ﻓَﺄَﻣَّﺎ ﺍﻟْﺠَﻬْﻤِﻴَّﺔُ ﻓَﻬُﻢْ ﻳَﻜْﺸِﻔُﻮﻥَ ﺃَﻣْﺮَﻫُﻢْ، ﻳَﻘُﻮﻟُﻮﻥَ: ﻣَﺨْﻠُﻮﻕٌ، ﻛُﻠُّﻬُﻢْ ﺟَﻬْﻤِﻴَّﺔٌ، ﻫَﺆُﻻَﺀِ ﻳَﺴْﺘَﺘِﺮُﻭﻥَ، ﻓَﺈِﺫَﺍ ﺃَﺣْﺮَﺟْﺘَﻬُﻢْ، ﻛَﺸَﻔُﻮﺍ ﺍﻟْﺠَﻬْﻤِﻴَّﺔَ، ﻓَﻜُﻠُّﻬُﻢْ ﺟَﻬْﻤِﻴَّﺔٌ، ﻗَﺎﻝَ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﻋَﺰَّ ﻭَﺟَﻞَّ"ﻭَﻛَﻠَّﻢَ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﻣُﻮﺳَﻰ ﺗَﻜْﻠِﻴﻤًﺎ"ﻭَﻗَﺎﻝَ:"ﻭَﺇِﻥْ ﺃَﺣَﺪٌ ﻣِﻦَ ﺍﻟْﻤُﺸْﺮِﻛِﻴﻦَ ﺍﺳْﺘَﺠَﺎﺭَﻙَ ﻓَﺄَﺟِﺮْه ﺣَﺘَّﻰ ﻳَﺴْﻤَﻊَ ﻛَﻼَﻡَ ﺍﻟﻠّﻪ" ﻓَﻴَﺴْﻤَﻊُ ﻣَﺨْﻠُﻮﻗًﺎ، ﻭَﺟِﺒْﺮِﻳﻞُ ﺟَﺎﺀَ ﺇِﻟَﻰ ﺍﻟﻨَّﺒِﻲِّ ﺻَﻠَّﻰ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢَ ﺑِﻤَﺨْﻠُﻮﻕٍ).ﺍﻫـ ﺍﻹﺑﺎﻧﺔ الكبرى.

وقد اختلط على بعضِ الجهال اليومِ التفريق بين عقيدة اللفظية، وعقيدة الإمام البخاري، وعقيدة الكرابيسي؛ ودونك التبيان…

🌀 أولًا: عقيدة اللفظية في القرآن:-
زعم اللفظية أنَّ معاني القرآن أزلية، بينما ألفاظه وحروفه حادثة مخلوقة، ومن ثمَّ قالوا : (ألفاظنا بالقرآن مخلوقة) ومقصودهم أنَّ ألفاظ القرآن الكريم وحروفه مخلوقة، بينما الملفوظ عندهم وهو المعنى الأزلي غير مخلوق، وهو مذهب الكلابية.

جاء في ﻛﺘﺎﺏ ﻣﺴﺎﺋﻞ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﺣﻤﺪ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﺃﺑﻲ ﺩﺍﻭﺩ ﺍﻟﺴﺠﺴﺘﺎﻧﻲ:
(ﺛَﻨَﺎ ﻳَﻌْﻘُﻮﺏُ ﺑْﻦُ ﺇِﺑْﺮَﺍﻫِﻴﻢَ ﺃَﻥَّ ﺃَﺣْﻤَﺪَ ﺑْﻦَ ﻣُﺤَﻤَّﺪِ ﺑْﻦِ ﺣَﻨْﺒَﻞٍ ﻗَﺎﻝَ ﻟَﻪُ: ﺍﻟﻠَّﻔْﻈِﻴَّﺔُ ﺇِﻧَّﻤَﺎ ﻳَﺪُﻭﺭُﻭﻥَ ﻋَﻠَﻰ ﻛَﻼَﻡِ ﺟَﻬْﻢٍ، ﻳَﺰْﻋُﻤُﻮﻥَ ﺃَﻥَّ ﺟِﺒْﺮِﻳﻞَ ﺻَﻠَّﻰ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢَ ﺇِﻧَّﻤَﺎ ﺟَﺎﺀَ ﺑِﺸَﻲْﺀٍ ﻣَﺨْﻠُﻮﻕٍ).ﺍﻫــ

وﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﺩﺍﻭﺩ: (ﺛَﻨَﺎ ﺃَﺣْﻤَﺪُ ﺑْﻦُ ﺇِﺑْﺮَﺍﻫِﻴﻢَ ﻗَﺎﻝَ: ﺳَﺄَﻟْﺖُ ﺃَﺣْﻤَﺪَ ﺑْﻦَ ﺣَﻨْﺒَﻞٍ: ﻫَﺆُﻻَﺀِ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﻳَﻘُﻮﻟُﻮﻥَ: ﺇِﻥَّ ﺃَﻟْﻔَﺎﻇَﻨَﺎ ﺑِﺎﻟْﻘُﺮْﺁﻥِ ﻣَﺨْﻠُﻮﻕٌ؟ ﻓَﻘَﺎﻝَ: ﻫَﺬَﺍ ﺷَﺮٌّ ﻣِﻦْ ﻗَﻮْﻝِ ﺍﻟْﺠَﻬْﻤِﻴَّﺔِ، ﻣَﻦْ ﺯَﻋَﻢَ ﻫَﺬَﺍ، ﻓَﻘَﺪْ ﺯَﻋَﻢَ ﺃَﻥَّ ﺟِﺒْﺮِﻳﻞَ ﺻَﻠَّﻰ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢَ ﺟَﺎﺀَ ﺑِﻤَﺨْﻠُﻮﻕٍ ﻭَﺃَﻥَّ ﺍﻟﻨَّﺒِﻲَّ ﺻَﻠَّﻰ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢَ ﺗَﻜَﻠَّﻢَ ﺑِﻤَﺨْﻠُﻮﻕٍ).ﺍﻫـ ﺍﻟﺠﺎﻣﻊ ﻟﻌﻠﻮﻡ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ.

🔘 وقد ظهرتْ طائفةٌ أخرى أرادتْ أنْ ترد على ضلالة اللفظية، فأتوا بضلالةٍ أشد من ضلالتهم، فقالوا :(ﺃﻟﻔﺎﻇﻨﺎ ﺑﺎﻟﻘﺮﺁﻥ ﻏﻴﺮ ﻣﺨﻠﻮﻗﺔ) ﻭﻣﻘﺼﻮﺩﻫﻢ من ذلك ﺃﻥّ ﺻﻮﺕَ ﺍﻟﻌﺒﺪِ أثناء قراءة القرآن ﻏﻴﺮ ﻣﺨﻠﻮﻕ، وهذا بعينه هو قول القدرية المجوسية، ولأجل ذلك ﻣﻨﻊ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﺣﻤﺪ إطلاق ﻛﻼ ﺍﻟﻄﺎﺋﻔﺘﻴﻦ.

ﺭﻭﻯ ﺃﺑﻮ ﻋﻤﺮو ﺍﻟﺪﺍﻧﻲ ﻋﻦ أحمد ﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ:(ﻣﻦ ﻗﺎﻝ ﻟﻔﻈﻲ ﺑﺎﻟﻘﺮﺁﻥ ﻣﺨﻠﻮﻕ، ﻓﻬﻮ ﺟﻬﻤﻲ، ﻭﻣﻦ ﻗﺎﻝ ﻟﻔﻈﻲ ﺑﻪ ﻏﻴﺮ ﻣﺨﻠﻮﻕ ﻓﻬﻮ ﻗﺪﺭﻱ).ﺍﻫـ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﻮﺍﻓﻴﺔ.

قال ابن تيمية:(وطائفة أخرى قالت نقول كلام الله الذي لم ينزله غير مخلوق وأما القرآن الذي أنزله على رسوله وتلاه جبريل ومحمد والمؤمنون فهو مخلوق وهؤلاء هم"اللفظية" ، فصارت الأمة تفزع إلى إمامها إذ ذاك فيقول لهم أحمد: افترقت الجهمية على ثلاث فرق، فرقة تقول القرآن مخلوق، وفرقة تقول كلام الله وتسكت، وفرقة تقول ألفاظنا وتلاوتنا للقرآن مخلوقة، فإن حقيقة قول هؤلاء أن القرآن الذي نزل به جبريل على قلب هو قرآن مخلوق لم يتكلم الله بهفقابلهم قوم أرادوا تقويم السنة فوقعوا في البدعة، وردوا باطلا بباطل وقابلوا الفاسد بالفاسد فقالوا تلاوتنا للقرآن غير مخلوقة وألفاظنا به غير مخلوقة…فأنكر الإمام أحمد أيضا على من قال إن تلاوة العباد وقراءتهم وألفاظهم وأصواتهم غير مخلوقة وأمر بهجران هؤلاء كما جهم الأولين).اهـ مجموع الفتاوى.

ﻗﺎﻝ إسماعيل ﺍﻟﺘﻴﻤﻲ ﺍﻷﺻﺒﻬﺎﻧﻲ ﺍﻟﻤُﻠﻘﺐ ﺑﻘِﻮَﺍﻡ ﺍﻟﺴُﻨَّﺔ :(ﻣﺬﻫﺐ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺴّﻨﺔ ﺃَﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺗَﻌَﺎﻟَﻰ ﺃﻇﻬﺮ ﻟﻠﺴﺎﻣﻌﻴﻦ ﻣﻦ ﺃَﻟْﺴِﻨَﺔ ﻣﺨﻠﻮﻗﺔ ﻭﺃﻓﻌﺎﻝ ﻣﺨﻠﻮﻗﺔ ﻭَﻫِﻲ ﺣﺮﻛﺎﺕ ﺍﻷْﻟْﺴِﻨَﺔ: ﻛﻼَﻣﺎ ﻏﻴﺮ ﻣَﺨْﻠُﻮﻕ، ﻭَﻛَﺬَﻟِﻚَ ﻳﻈْﻬﺮ ﻣﻦ ﺣﺒﺮ ﻣَﺨْﻠُﻮﻕ ﻭﻛﺎﻏﺪٍ ﻣَﺨْﻠُﻮﻕ، ﻭَﺃَﻗْﻼَﻡ ﻣﺨﻠﻮﻗﺔ: ﻛﻼﻣﺎ ﻏﻴﺮ ﻣَﺨْﻠُﻮﻕ).ﺍﻫـ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﺤﺠﺔ.

𖣘𖣘 فَتَاوَىٰ أَهْلِ الِْإيمَانِ 𖣘𖣘

17 Aug, 20:25


📍أما عن سؤال السائل: هل يوجد بعض الموحدين يومئذٍ أم لا؟

قلتُ: نعم، يوجد.

▪️قال البغوي في تفسيره:("أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ"...قَالَ بَعْضُهُمْ: كَلَامُهَا أَنْ تَقُولَ لِوَاحِدٍ: هَذَا مُؤْمِنٌ، وَتَقُولَ لِآخَرَ: هَذَا كَافِرٌ).اهـ

وأخرج الحاكم في مستدركه أنّ المؤمنين سوف يعيشون بعد خروج الدابة أربعين سنة.

▪️عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قال النَّبِيِّ ﷺ: (خُرُوجُ الدَّابَّةِ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَإِذَا خَرَجَتْ قَتَلَتْ إِبْلِيسَ وَهُوَ سَاجِدٌ، وَيَتَمَتَّعُ الْمُؤْمِنونَ فِي الأَرْضِ بَعْدَ ذَلِكَ أَرْبَعِينَ سَنَةً...)

وبعد أربعين سنة يتسارع الموتُ في المؤمنين، ولن يتبقَ إلا شرار الخلق من الكفار، وفيهم يزداد الهرج وزنا المحارم، حتى يكونوا جميعًا أولاد زنا (شرار الخلق)، ثم يعقر اللهُ أرحامَ النساءِ ثلاثين سنة، فلا يكون في الأرض طفلٌ، وعلى هؤلاء تقوم الساعة.

▪️عن عبد الله بن مسعود قال النبيﷺ: (لا تقومُ السَّاعةُ إلَّا على شِرارِ الخَلْقِ) رواه مسلم.

📍أما عن سؤال السائل: هل يَنْسى الناسُ وقتئذٍ لفظ لا إله إلا اللهُ أم معناها؟

قلتُ: الظاهر من الآثار أنّ الكفار سوف ينسون"يتركون" اللفظ والمعنى، مع وجودهما وعدم ارتفاعهما مع القرآن؛ وذلك لسببين:
الأول: وجود الموحدين يومئذٍ، وهذا يدل على وجود اللفظ والمعنى حينها.

الثاني: محاولة بعض الكفار أنْ يؤمنوا، ولن ينفعهم إيمانهم وقتئذٍ، مما يدل إتيانهم باللفظ والمعنى ولكن دون جدوى.

ومن هنا يتضح بطلان الاستدلال بقول ابن مسعود:(وَيَنْسَوْنَ قَوْلَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ) على إعذار جاهل التوحيد؛ لأن النسيان ههنا لا يخلو من احتمالين:

1- إمّا إنَّهم نسوا (=تركوا) لفظ ومعنى"لا إله إلا الله"، فكفروا.

2- وإما أنّهم نسوا المعنى فقط مع إتيانهم باللفظ، فكفروا، وحينئذٍ يكون الحديث حجة على عدم الإعذار بالجهل!

وعلى كلا الوجهين فلا حجة في الحديث لمن يعذر فاعل الشرك الأكبر بالجهل، والله أعلى وأعلم .

┄┄༻💥💥💥🌷🌷💥💥💥༺┄┄

✍️ كتبه: أبو هريرة التميمي.
بوت التواصل: @Twhied_bot
رابط القناة: t.me/fatawa2all
ٰ

𖣘𖣘 فَتَاوَىٰ أَهْلِ الِْإيمَانِ 𖣘𖣘

17 Aug, 20:24


📌السؤال رقم (53/24) :-

وجدتُ أثرًا في تفسيرِ القرطبي عن ابن مسعودٍ أنّه سيأتي زمانٌ ينسى الناس فيه "لا إله إلا الله"
1) فمتى سوف يحدث هذا؟ وهل زماننا هو المقصود؟
2) وهل سوف يُنْسَى اللفظ أم المعنى؟
3) وهل يوجد بعض الموحدين وقتئذٍ أم لا؟
4) وهل هذا دليل على العذر بالجهل في الشرك الأكبر؟

======================

📌الجواب:-
يُشير السائلُ إلى الأثر الذي أورده الدارميُ في مسندهِ وابن أبي حاتمٍ في تفسيرهِ عن ابن مسعود قال:
( أَكْثِرُوا تِلَاوَةَ الْقُرْآنِ قَبْلَ أَنْ يُرْفَع، قَالُوا:هَذِهِ الْمَصَاحِفُ تُرْفَعُ، فَكَيْفَ بِمَا فِي صُدُورِ الرِّجَالِ؟، قَالَ يُسْرَى عَلَيْهِ لَيْلًا فَيُصْبِحُونَ مِنْهُ فُقَرَاءَ، وَيَنْسَوْنَ قَوْلَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَيَقَعُونَ فِي قَوْلِ الْجَاهِلِيَّةِ وَأَشْعَارِهِمْ، وَذَلِكَ حِينَ يَقَعُ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ)

📍وقول ابن مسعود:(حِينَ يَقَعُ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ) هو إشارة لآية سورة النمل82:
(وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ)

فمن علامات الساعة الكبرى: خروج دابة تكلم الناس وتخبرهم بكفرهم وعدم إيمانهم كما جاء في أخر الآية:(تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ)، ولن يحدث هذا إلا بعد التيقن من انقطاع الخير من الناس واستحالة قبولهم للإيمان، وهذا معنى قوله تعالى :(وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ)، وهو في نفس المعنى الوارد في قوله تعالى :(وَأُوحِيَ إِلَىٰ نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلَّا مَن قَدْ آمَنَ).

▪️قال مُجَاهِدٌ:( "وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ"....أَيْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِأَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ).اهـ تفسير ابن أبي حاتم.

وأثر ابن مسعود أعلاه يُشير إلى علامتين من علامات الساعة الكبرى…

📍العلامة الأولى:
إنّ الناس سوف يتركون التوحيد جزمًا، وهذا معنى قول ابن مسعود:(وَيَنْسَوْنَ قَوْلَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ)، فالنسيان هنا بمعنى الترك كما في قوله تعالى:(نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ)، أي تركهم.

ونفس تلك العلامة رواها الإمام أحمد بسندٍ صحيح، عَنْ أَنَس قال رَسُولُ ﷺ:(لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى لَا يُقَالَ فِي الْأَرْضِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ)

📍العلامة الثانية:
إنَّ القرآن سيُرفع من الصدور والمصاحف في أخر الزمان، ولأجلِّ ذلك قال بعض السلف عن القرآن:(إنَّه بدأ من الله وإليه يعود)

▪️قال ابن تيمية:( "إِلَيْهِ يعود" فَإِنَّهُ يسري بِهِ فِي آخر الزَّمَان من الْمَصَاحِف والصدور، فَلَا يبْقى فِي الصُّدُور مِنْهُ كلمة، وَلَا فِي الْمَصَاحِف مِنْهُ حرف).اهـ مجموع الفتاوى.

🔘 وفي مثل تلك العلامة جاء قوله تعالى في سورة الإسراء 86:
(وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلًا)

▪️روى الطبراني عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: (لَيُنْتَزَعَنَّ هذا القرآن من بين أظهركم، قيل له: كيف يُنتزع وقد أثبتناه في قلوبنا وأثبتناه في مصاحفنا؟ قال: يُسْرَى عليه في ليلة فلا يبقى في قلب عبد ولا مصحف منه شيء، ويصبح الناس كالبهائم، ثم قرأ قوله تعالى:"ولئن شئنا لَنَذْهَبَنَّ بالذي أوحينا إليك")

🔘 وفي مثل تلك العلامة جاء أيضًا قوله تعالى في سورة الأنعام 158 :
(يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا)

أي بعد أن يترك الناسُ التوحيد ويُرفع القرآنُ وتظهر الدابةُ، لا ينفع أحدًا إيمانُه في تلك الأثناء وإن تاب من الشرك؛ لأن خروج الدابة من علامات الساعة الكبرى التي ينقطع معها قبول الإيمان، وسيكون خروجها بعد خروج الدجال، ثم طلوع الشمس من مغربها، ثم الدابة.

▪️عن أبي هريرة قال رسول ﷺ:(ثلاثٌ إذا خَرَجْنَ لا يَنفعُ نفسًا إيمانُها لمْ تَكُنْ آمَنَتْ من قبلُ أو كَسبَتْ في إيمانِها خيرًا : طُلوعُ الشمسِ من مَغرِبِها، و الدَّجَّالُ، ودابَّةُ الأرضِ).صحيح مسلم.

𖣘𖣘 فَتَاوَىٰ أَهْلِ الِْإيمَانِ 𖣘𖣘

16 Aug, 00:22


📍أما عن ادعاءِ السائل أنَّ الأخفش وافقَ الحسن في المعنى الكفري المنسوب اليه؟

قلتُ: هذا الادعاء ذكره الواحدي فعلًا، لكنه محل نظر.

▪️قال الواحدي:" وقد ذهب الأخفش إلى مثل ما روي عن الحسن، فقال: فظَنَّ أَن يَفُوتَنا ".اهـ التفسير البسيط.

وقول الأخفش:(فظَنَّ أَن يَفُوتَنا) لا إشكال فيه، ومعناه: أنَّه ظنَّ أن الله سَيُفَوت عقابه، أي لن يعاقبه، والدليل على ذلك هو كلام الأخفش نفسه في كتابه معاني القرآن.

▪️قال الأخفش (ت215هـ) في كتابه المذكور :"(فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ) أي لن نُقَدِّر عليه العقوبة، لأنه قد اذنب بتركه قومه وانما غاضب بعض الملوك ولم يغاضب ربه، كان بالله عز وجل أعلم من ذلك".اهـ .

وكلام الأخفش ههنا موافقٌ لقول الحسن في رواية البيهقي أعلاه:(فَظَنَّ أَنْ لَنْ نُعَاقِبَهُ)، مما يؤكد بطلان نسبة المعنى الكفري إلى الأخفش والحسن.

لكنّي وجدتُ اعتراضًا لأبن أبي حاتم السِّجِسْتَانِيّ على كلام الأخفش ..

▪️قال أبو حاتم(ت254هـ): "(فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ) أَي: لن نضيّق عَلَيْهِ، قَالَ: وَلم يدر الأخفشُ مَا معنى "نَّقْدِرَ" وَذهب إِلَى مَوضِع القُدرة، إِلَى معنى فظنّ أَن يفوَّتنا، وَلم يَعلَم كلامَ الْعَرَب...وَلَو علم أنّ معنى نَقْدِرُ: نُضيِّق، لم يَخْبِط هَذَا الخَبْط وَلم يكن عَالما بِكَلَام الْعَرَب".اهـ تهذيب اللغة.

قلتُ: لربما أشْكَل على ابن أبي حاتم كلام الأخفش والمعنى الذي كان يقصده، ولربما كان اعتراضه فقط على تفسير الأخفش لــ "القدرة" بالتقدير، ورأى أنَّ الراجح تفسير "القدرة" بالتضييق كما هو قول الجمهور، وأنَّ الآية لا تَحْتمل إلا هذا المعنى عند العرب، ولأجلّ ذلك اعترض على الأخفش، ولعل الواحدي تعذر عليه فهم اعتراض ابن أبي حاتم…

📍والخلاصة:
1- إنَّ المعنى الكفري المذكور في تفسير الآية لم يُنسب إلا لأربعة أشخاص فقط وهم: الحسن البصري، وسعيد بن جبير، وإياس بن معاوية المدني، وسعيد ابن أبي الحسن.

2- كل الرويات المنسوبة إلى هؤلاء محتملة ويُمكن تأويلها، لكن تعذر التأويل على قلة من العلماء، فأنكروا معناها ولم يأخذوا بتلك الروايات.

3- وردت روايات أخرى عن سعيد بن جبير والحسن البصري تؤكد نفي القول الكفري المنسوب إليهما، أما إياس المدني وسعيد بن أبي الحسن فلم ترد عنهما أي روايات مُشْكَلة أصلًا .

📍النتيجة :
أنَّ المسألة إجماعية، والكل يتفق على تبرئة نبي الله يونس من هذا القول الكفري المنسوب إليه، والكل اتفق على عدم العمل بالروايات المُشْكَلةِ.
وي
ُعضد ما حرَّرناه في هذا الموضع أنَّ العلماء اختلفوا في جواز وقوع الأنبياء في الصغائر، بينما أجمعوا على عدم وقوعهم في الكبائر فضلًا عن الكفر، فإنْ ثبتَتْ تلك الروايات المُشْكَلة فكيف انعقد هذا الإجماع إذنْ؟

والكلام يطول، وما ذكرته يكفي للجواب على أي اعتراضٍ آخر لمن فَقِهَ، ومنْ رامَ الضلالَ فلن يَعدم أن يجد سقطةً.

والله أعلى وأعلم، وبالله التوفيق.

┄┄༻💥💥💥🌷🌷💥💥💥༺┄┄

✍️ كتبه: الشيخ صفي الدين الشامي.
بوت التواصل: @Twhied_bot
رابط القناة: t.me/fatawa2all
ٰ

𖣘𖣘 فَتَاوَىٰ أَهْلِ الِْإيمَانِ 𖣘𖣘

16 Aug, 00:21


📍والسؤال الآن: هل وافق أحدٌ الحسن البصري على المعنى الكفري المنسوب إليه؟

قلتُ: نُسِبَ هذا القول إلى ثلاثة آخرين غير الحسن.
▪️الأول: سعيد بن جبير، حكاه عنه القرطبي.
▪️الثاني والثالث: إياس بن معاوية المدني، وسعيد بن أبى الحسنِ، حكاه ابن جريرٍ عنهما.

والثلاثة لم يثبت عنهم هذا القول، فأما رواية إياس بن معاوية ورواية سعيد بن أبي الحسن، فقد نقلهما الطبري في تفسيره، والروايات لا إشكال فيها، لكن الطبري هو من فهم منها هكذا ! ، وكذلك لم يرد عنهما أي نقلٍ مُشْكل في موضعٍ آخر.
أما رواية سعيد بن جبير، فقد ردَّها القرطبي نفسه.

▪️قال القرطبي:"(فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ) قيل معناه استنزله إبليس ووقع في ظنه إمكان ألا يقدر الله عليه بمعاقبته، وهذا قول مردود مرغوب عنه؛ لأنه كفر، روي عن سعيد بن جبير حكاه عنه المهدوي، والثعلبي -عن عوف- عن الحسن .
وقال عطاء وسعيد بن جبير وكثير من العلماء معناه: فظن أن لن نضيق عليه، قال الحسن: هو من قوله تعالى:"اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ" أَيْ يُضَيِّقُ…وهذا الأشبه بقول سعيد والحسن، وَقَدَرَ وَقُدِرَ وَقَتَرَ وَقُتِرَ، بمعنى أَيْ ضُيِّقَ".اهـ أحكام القرآن.

فتأمل كيف نقل القرطبي الرواية الأولى عن سعيد بن جبير والحسن من طريق عوف وفيها:( أَلَّا يَقْدِرَ اللَّهُ عليه بمعاقبته) ثم ظنَّ أنها كفرٌ، لذا نقل رواية أخرى عن سعيد بن جبير والحسن يقولان فيها:(فظن أن لن نضيق عليه)، ورجَّحَها.
والتحقيق أنَّه كان يمكن الجمع بين الروايتين، فقول ابن جبير والحسن في الرواية الأولى:(أَلَّا يَقْدِرَ اللَّهُ عليه بمعاقبته) كان يمكن تأويله أيضًا بــ (ألا يُضَيق الله عليه بمعاقبته) !، لكن تعذر هذا الجمع على القرطبي، فلم يُفسر رواية عوف في ضوء الروايات الأخرى عن الحسن وابن جبير، وتوهم التعارض بين الروايات! ، فرفض بعضها، وقَبِلَ بعضها، ونسب إلى الحسن وابن جبير ما هم برآء منه.

📍فإن قيل: إنْ كان القرطبي والطبري نسبوا هذا القول إلى الحسن البصري وسعيد بن جبير وإياس المدني وأبي الحسن، فلماذا لم يكفروهم؟

قلتُ: لم يكفروهم إما شكًا منهم في ثبوت تلك الروايات المُشْكلة، وإمّا ترجيحًا لروايات أخرى أصح عندهم كما فعل القرطبي أعلاه مع الحسن وسعيد ابن جبير، وإما لأنَّهم أخذوا بظواهر تلك الروايات المُشْكَلة مع علمهم أنَّ لها معنى أخر بعيد محتمل...

📍أما عن ادعاء السائل أنَّ الشعبي وافق الحسن في المعنى الكفري المنسوبة اليه؟ وسؤاله عن الرواية القائلة أنَّ سيدنا يونس:(استزله الشيطان) ؟

قلتُ : الشعبي لم يُنسب إليه موافقة الحسن في المعنى الكفري محل الإشْكال، بل هو وافق الحسن في أمرٍ أخر.
حيث فَسّر الحسن قوله تعالى:(وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا)، أي مغاضبًا لربه واستزله الشيطان، وقد وافقه الشعبي على هذا التفسير، وهذا التفسير وَرَدَ أيضًا عن ابن مسعود وسعيد بن جبير وعروة وَالْقُتْبي والمهدوي والطبري ...

▪️قال مكي بن أبي طالب:" قال الحسن: بلغني أن يونس لما أصاب الذنب، انطلق مغاضباً لربه، فاستزله الشيطان، وقاله الشعبي".اهـ تفسير الهداية.

🔘 فما معنى قولهم :(انطلق مغاضبًا لربه واستزله الشيطان) ؟

يحتمل ثلاثة معان…

📍المعنى الأول:
أي إنَّ سيدنا يونس انطلق خارجًا من قريته بدون إذن ربه، وقد استزله الشيطان بذلك.

▪️قال الماوردي:" (إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا)...مغاضباً لربه، قاله الشعبي، ومغاضبته ليست مراغمة، لأن مراغمة الله كفر لا تجوز على الأنبياء، وإنما هي خروجه بغير إذن، فكانت هي معصيته".اهـ تفسير النكت والعيون

▪️قال ابن عجيبة:" وأما قول الحسن: مغاضبًا لربه، فلا يليق بمقام الأنبياء عليهم السلام إلا أن يُحمل على أن خروجه بلا إذن".اهـ تفسير البحر المديد.

📍المعنى الثاني :
مغاضبًا لربه، أي مغاضبًا لأجل ربه، وقد استزله الشيطان؛ لأنَّه غضب من قومه فتركهم وخرج مخالفًا للأمر.

▪️قال ابن الجوزي:" أنه خرج مغاضباً لربِّه، قاله الحسن، وسعيد بن جبير، والشعبي، وعروة، وقال المعنى : مغاضباً من أجل ربِّه، وإِنما غضب لأجل تمرُّدهم وعصيانهم".اهـ تفسير زاد المسير.

▪️قال القرطبي:"(إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا) قال الحسن والشعبي وسعيد بن جبير : مغاضبا لربه عز وجل، واختاره الطبري والقتبي واستحسنه المهدوي، وروي عن ابن مسعود ... المعنى مغاضبا من أجل ربه، كما تقول غضبت لك أي من أجلك، والمؤمن يغضب لله عز وجل إذا عُصِى".أهــ أحكام القرآن.

📍المعنى الثالث:
مغاضبًا لربه، أي غضب لما عفا الله عنهم، وهذه بلا شك زلة من الشيطان، ولكنها لا تعني الاعتراض على حكم الله، بل هو كَرِهَ مشقة أثر الحكم، كما في قوله تعالى:"كتب عليكم القتال وهو كُرْهٌ لكم"

🔹والحاصل أنَّه على كل تلك الأوجه: فلا إشكال في تفسير:(مغاضبًا لربه...فاستزله الشيطان) ، وههنا فقط وردتْ موافقة الشعبي للحسن وابن مسعود وسعيد بن جبير وابن جرير وغيرهم ...

𖣘𖣘 فَتَاوَىٰ أَهْلِ الِْإيمَانِ 𖣘𖣘

16 Aug, 00:20


📌السؤال رقم (52/24) :-

📍1) في فتواكم السابقة لماذا أخذتم برواية الحسن البصري أنَّ القدرة هي العقوبة، ورددتم روايته الأخرى مع أنَّ الطبري حكاها وحكى غيرها؟

📍2) ثمَّ إنّي وجدتُ الشعبي وسعيد بن جبير والأخفش وافقوا الحسن على روايته المردودة، فما التوجيه؟

📍3) وما توجيهكم للرواية القائلة أنَّ سيدنا يونس:(استزله الشيطان) ؟

======================

📌الجواب:-

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله، أمَّا بعد:
تعرضنا في الفتوى السابقة رقم(51/24) للإشكال الوارد حول قوله تعالى:(وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ)، حيث روى عوف عن الحسن البصري: أنَّ سيدنا يونس ظنّ أنَّ اللهَ لا يقدر عليه، أي يعجز عنه!، وهذا المعنى كفري بلا شك.

فلماذا رفضنا رواية عوف عن الحسن؟
لعدة أسباب…
📍السبب الأول:
كما قلنا سابقًا أنَّ الحسن ثبت عنه رواية أخرى، فسَّر فيها القدرة بالعقوبة، والأصلُ أن نحمل كلام العلماء على أفضل ما ورد عنهم.

▪️قال البيهقي:"عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ:(فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ) قَالَ فَظَنَّ أَنْ لَنْ نُعَاقِبَهُ".اهـ كتاب الأسماء والصفات.

📍السبب الثاني :
أنَّه وَرَدَ عن الحسن قراءة أخرى بالتشديد :(نُقَدِّرَ)، ومعناها التضييق كما في قوله تعالى:(وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ)، وهذه القراءة تُرجح بطلان الرواية المنسوبة إلى الحسن.
كما ورد عن الحسن قراءة ثانية بالتخفيف :(يُقْدَرُ) بمعنى التقدير، أي إنَّ الله لن يُقَدِّر عليه العقوبة، وهذه القراءة أيضًا تؤكد بطلان الرواية المنسوبة إلى الحسن.

▪️قال ابن خالويه الهمذاني (ت370) :"وأمَّا قولُه (فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَّقْدِرَ عَلَيْهِ) فقرأ الحَسَنُ:(أنْ لَنْ نُّقَدِّرَ عَلَيْهِ) بالتَّشديد، أي أن لن نضيِّق عليه".اهـ إعراب القراءات السبع.

▪️قال القرطبي:"وَقَرَأَ يَعْقُوبُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ وَالْحَسَنُ وَابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا (يُقْدَرُ عَلَيْهِ) بِيَاءٍ مَضْمُومَةٍ...بِمَعْنَى التَّقْدِيرِ".اهـ أحكام القرآن.

▪️قال ابن عطية في تفسيره:"وقرأ الحسن (يُقْدَرُ) وعنه أيضًا (نُقَدِّرَ)".اهـ

📍السبب الثالث:
إنَّ رواية عوف عن الحسن مضطربة، وقد نقلها ابن الجوزي بلفظ الاستفهام.

▪️قال ابن الجوزي:"المعنى: أفظنّ أنه يعجز ربه فلا يقدر عليه، رواه عوف عن الحسن.. وهذا الوجه يدل على أنه من القدرة... استفهام إِنكار تقديره: ما ظنّ عجزنا فأين يهرب منا؟!".اهـ زاد المسير.

والذي يظهر لي أنَّ الحسن له قولٌ واحد في المسألة، وأنَّه كان يمكننا فهم رواية عوف المُشْكَلة في ضوء رواية البيهقي أعلاه عن الحسن، وكذا في ضوء القراءتين الأُخْرَيَيْنِ عن الحسن، لكن بعض العلماء أشْكَلَ عليهم فهم ألفاظ رواية عوف، فنقلوها لنا بالمعنى الكفري الذي فهموه، لا بألفاظها، ثم أنكروا هذا المعنى..

𖣘𖣘 فَتَاوَىٰ أَهْلِ الِْإيمَانِ 𖣘𖣘

14 Aug, 09:06


هذا الكتاب من أهم الكتب التي قد تقرأها في حياتك، وبخاصة الجزء الأول منه، لذا ننصح وبشدة بقراءة الكتاب.👆

6,527

subscribers

55

photos

4

videos